أبو محمد التستري

أبو محمد سهل بن عبد الله بن يونس بن عيسى بن عبد الله بن رفيع التستري الصالح المشهور؛ لم يكن له في وقته نظير في المعاملات والورع؛ وكان صاحب كرامات، ولقي الشيخ ذا النون المصري رحمه الله تعالى بمكة حرسها الله تعالى، وكان له اجتهاد وافر ورياضة عظيمة، وكان سبب سلوكه هذا الطريق خاله محمد بن سوار، فإنه قال: قال لي خالي يوماً: ألا تذكر الله الذي خلقك؟ فقلت له: كيف أذكره؟ قال: قل بقلبك عند تقلبك في ثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك؟ الله معي، الله ناظر إلي، الله شاهدي، فقلت ذلك ليالي، ثم أعلمته، فقال: قلها في كل ليلة سبع مرات، فقلت ذلك، ثم أعلمته، فقال: قلها في كل ليلة إحدى عشرة مرة، فقلت ذلك، فوقع في قلبي حلاوة، فلما كان بعد سنة قال لي خالي: احفظ ما علمتك ودم عليه إلى أن تدخل القبر فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة، فلم أزل على ذلك سنين، فوجدت لها حلاوة في سري.

ثم قال لي خالي يوماً: يا سهل، من كان الله معه وهو ناظر إليه وشاهده بعصيه؟ إياك والمعصية. فكان ذلك أول أمره، وسكن البصرة زماناً وعبادان مدة.

وكان قد اعتقل بطن يعقوب بن الليث في بلد فارس، فجمع له الأطباء فلم يغنوا عنه، فوصف له سهل بن عبد الله، فأمر بإحضاره فأحضر، فلما دخل عليه قعد عند رأسه وقال: اللهم أريته ذل المعصية فأره عز الطاعة، ففرج الله عنه من ساعته، فأخرج إليه بدراً وثياباً فردها وما قبل منها شيئاً، فلما رجع إلى تستر قال له بعض أصحابه: لو أخذت تلك الدراهم وفرقتها على الفقراء، فقال: انظر إلى الأرض، فإذا الأرض كلها ذهب؛ ثم قال: من كان حاله مع الله سبحانه هذا لا يستكثر هذا.

وكانت وفاته سنة ثلاث وثمانين في المحرم، وقيل سنة ثلاث وسبعين ومائتين، رضي الله عنه، بالبصرة. وذكر شيخنا ابن الأثير في تاريخه أن مولده في سنة مائتين، وقيل إحدى ومائتين بتستر.

والتستري: بضم التاء المثناة من فوقها وسكون السين المهملة وفتح التاء الثانية وبعدها راء، هذه النسبة إلى تستر، وهي بلدة من كور الأهواز من خوزستان، يقول لها الناس ششتر-بشينين معجمتين-بها قبر البراء بن مالك رضي الله عنه.