أبو شجاع شاور بم مجير بن نزار بن عشائر بن شأس بن مغيث بن حبيب ابن الحارث بن ربيعة بن يخنس بن أبي ذؤيب عبد الله-وهو والد حليمة مرضع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن الكلبي في "جمهرة النسبة": حليمة مرضع النبي صلى الله عليه وسلم ابنة أبي ذؤيب وهو الحارث بن عبد الله بن شجنة بن جابر ابن ناصرة، أرضعته بلبن ابنتها الشيماء بنت الحارث بن عبد العزى بن رفاعة ابن ملان، وهو الذي حضن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان عنده حليمة، والشيماء المذكورة كانت تحمل النبي صلى الله عليه وسلم فعضها وهي تحمله فلما وفدت عليه أرته الأثر، والله أعلم-ابن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناصرة بن قصية بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن السعدي.
كان الصالح بن رزيك وزيراً العاضد صاحب مصر قد ولاه الصعيد الأعلى من ديار مصر، ثم ندم على توليته، ولما جرح الصالح وأشرف على الوفاة-كما سيأتي في ترجمته في حرف الطاء إن شاء الله تعالى-كان يعد لنفسه زويلة، فإنه كان قد بقي عوناً لم يحاصر القاهرة، وثالثتها خرجه إلى بلبيس بالعساكر ورجوعه بعد أن أنفق فيهم أكثر من مائتي ألف دينار حيث لم يتم إلى بلاد الشام ويفتح بيت المقدس ويسأصل شأفة الفرنج.
ثم إن شاور تمكن في الصعيد، وكان ذا شهمة وفروسية، وكان الصالح قد أوصى ولده العادل رزيك أن لا يتعرض لشاور بمساءة ولا يغير عليه حاله، فإنه لا يأمن عصيانه والخروج عليه، وكان كما أشار، والشرح يطول. وقدم من الصعيد على واحات، واخترق تلك البراري إلى أن خرج عند تروجة بالقرب من الإسكندرية، وتوجه إلى القاهرة ودخلها يوم الأحد الثاني والعشرين من المحرم سنة ثمان وخمسين وخمسمائة. وهرب العادل رزيك وأهل من القاهرة ليلة العشرين من المحرم المذكور، وقتل العادل بن الصالح، وأخذ موضعه من الوزارة واستولى. ثم توجه في سنة ثمان وخمسين وخمسمائة في شهر رمضان منها إلى الشام مستنجداً بالملك العادل نور الدين محمود بن زنكي في شهر رمضان منها إلى الشام مستنداً بالملك العادل نور الدين محمود بن زنكي صاحب الشام لما خرج عليه أبو الأشبال ضرغام بن عامر بن سوار الملقب فارس المسلمين اللخمي المنذري نائب الباب بجموع كثيرة وغلبه وأخرجه من القاهرة، وقتل ولده طياً، وولي الوزارة مكانه-كعادة المصريين-فأنجده بالأمير أسد الدين شيركوه، والقصة مشهورة فلا حاجة إلى الإطالة فيها، وآخر الأمر أن أسد الدين تردد إلى الديار المصرية ثلاث دفعات-كما سيأتي في ترجمته من هذا الحرف إن شاء الله تعالى-.
وقتل شاور يوم الأربعاء سابع عسر، وقيل ثامن عشر شهر ربيع الآخر سنة أربع وستين وخمسمائة، ودفن في تربه ولده طي، وتربته بالقرافة الصغرى بالقرب من تربة القاضي الفاضل، وكان المباشر لتفة الأمير عز الدين جرديك عتيق نور الدين صاحب الشام. وقال الروحي في كتاب "تحفة الخلفاء": إن السلطان صلاح الدين أوقع به، وكان إذ ذاك في صحبة عمه أسد الدين وإن قتله كان يوم الست منتصف جمادى من السنة المذكورة، رحمه الله تعالى. وذكر ابن شداد في سيرة صلاح الين" أن شاور المذكور خرج إلى أسد الدين في موكبه، فلم يتجاسر أحد عليه إلا صلاح الدين، فإنه تلقاه وسار إلى جانبه وأخذ بتلابيبه وأمرالعسكر بقصد أصحابه، ففروا ونهبهم العسكر، وأنزل شاور في خيمة مفرده، وفي الحال جاء توقيع على يد خادم خاص من جهة المصريين يقول: لابد من رأسه، جرياً على عادتهم مع وزرائهم، فحز رأسه وأنقذه إليهم، وسير إلى أسد الدين خلع الوزارة فلبسها، وسار ودخل القصر وترتب وزيراً، وذلك في سابع عشر شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة.
وذكر الحافظ ابن عساكر في تاريخه أن شاور وصل إلى نور الدين مستجيراً فأكرمه واحترمه وبعث معه جيشاً فقتلوا خصمه ولم يقع منه الوفاء بما ورد من جهته، ثم إن شاور بعث إلى ملك الفرنج واستنجده وضمن له أمولاً، فرجع عسكر نور الدين إلى الشام، وحدث ملك الفرنج نفسه بملك مصر، فحضر إلى بلبيس وأخذها وخيم عليهان فلما بلغ نور الدين ذلك جهز عسكراً إليها، فلما سمع العدو بتوجه الجيش رجعوا خائبين، واطلع من شاور على المخامرة، وأنفذ يراسل العدو طمعاً منه في المظافرة، فلما خيف من شره تمارض أسد الدين فجاءه شاور عائداً له فوثب جرديك وبرغش موليا نور الدين فقتلا شاور، وكان ذلك برأي الملك الناصر صلاح الدين، فإنه أول من تولى القبض عليه ومد يده بالمكروه إليه، وصفا الأمر لأسد الدين، وظهرت السنة بالديار المصرة، وخطب فيها بعد اليأس للدولة العباسية.
وللفقيه عمارة اليمني-الآتي ذكره-فيه مدائح، من جملتها قوله من جملة قصيد:
ضجر الحديد من الحديد وشاور |
|
من نصر دين محمد لم يضجر |
حلف الزمان ليأتين بمـثـلـه |
|
حنثت يمينك يا زمان فكفـر |
وحكى الفقيه عمارة المذكور أنه لما تم الأمر لشاور وانقرضت دولة بني زيك جلس شاور وحوله جماعة من أصحاب بني رزيك وممن لهم عليهم إحسان وإنعام، فوقعوا في بني رزيك تقرباً إلى قلب شاور، وكان الصالح بن رزيك وابنه العادل قد أحسنا إلى عمارة عند دخوله إلى الديار المصرية، قال: فأنشدته:
صحت بدولتك الأيام مـن سـقـم |
|
وزال ما يشتكيه الدهر مـن ألـم |
زالت ليالي بني رزيك وانصرمت |
|
والحمد والذم فيها غير منـصـرم |
كأن صالحهم يومـاً وعـادلـهـم |
|
في صدر ذا الدست لم يقعد ولم يقم |
هم حركوها عليهم وهي سـاكـنة |
|
والسلم قد ينبت الأوراق في السلم |
كما نظن وبعض الظـن مـأثـمة |
|
بأن ذلك جمع غـير مـنـهـزم |
فمذ وقعت وقوع النسر خـانـهـم |
|
من كان مجتمعاً من ذلك الرخـم |
ولم يكونـوا عـدواً ذل جـانـبـه |
|
وإنما غرقوا في سيلـك الـعـرم |
وما قصدت بتعظيمي عداك سـوى |
|
تعظيم شأنك فاعذرنـي ولا تـلـم |
ولو شكرت لياليهـم مـحـافـظة |
|
لعهدها لم يكن بالعهـد مـن قـدم |
ولو فتحت فمي يومـاً بـذمـهـم |
|
لم يرض فضلك إلا أن يسد فمـي |
والله يأمر بـالإحـسـان عـارفة |
|
منه وينهى عن الفحشاء في الكلـم |
قال عمارة: فشكرني شاور وولداه على الوفاء لبني رزيك.
وأما الملك المنصور أبو الأشبال ضرغام بن سوار اللخمي المذكور فإنه لما وصل شاور من الشام بالعساكر خرج من القاهرة وقتل يوم الجمعة الثامن والعشرين من شهر جمادى الآخرة، وقيل في رجب سنة تسع وخمسين وخمسمائة، وكان قتله عند مشهد السيد نفيسة رضي الله عنها، فيما بين القاهرة ومصر، وحزوا رأسه وطافوا به على رمح، وبقيت جثته هناك ثلاثة أيام تأكل منها الكلاب، ثم دفن عند بركة الفيل وعمر عليه قبة، هكذا وجدته في بعض التواريخ، وعلى البركة قبة، وغالب ظني أنها هي المذكورة.
وواحات: بفتح الواو وبعد الألف حاء مهملة وبعد الألف الثانية تاء مثناة من فوقها، وهي بلاد بنواحي الديار المصرية مستطيلة في طول صعيدها داخل البرية مما يلي أرض برقة وطريق المغرب.
وتروجة: بفتح التاء المثناة من فوقها والراء وبعد الواو الساكنة جيم ثم هذه ساكنة، وهي قرية بالقرب من الإسكندرية أكثر زراعة أهلها الكرويا.
ونقلت نسبه على هذه الصورة من شجرة أحضرها إلي أحد حفدته.