شاهنشاه بن أيوب

الأمير نور الدولة شاهنشاه بن نجم الدين أيوب بن شاذي بن مروان، أخو السلطان صلاح الدين رحمه الله تعالى؛ كان أكبر الاخوة، وهو والد عز الدين فروخ شاه والد الملك الأمجد صاحب بعلبك ووالد الملك المظفر تقي الدين عمر صاحب حماة-وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى-.

وقتل شاهنشاه المذكور في الواقعة التي اجتمع فيها الفرنج سبعمائة ألف ما بين فارس وراجل على ما يقال، وتقدموا إلى باب دمشق، وعزموا على قصد بلاد المسلمين قاطبة، ونصر الله سبحانه وتعالى عليهم، وكان قتله في شهر ربيع الأول سنة ثلاث واربعين وخمسمائة، رحمه الله تعالى.

وفي من خرج إلى القتال واستشهد الفقيه حجة الدين يوسف بن درباس الفندلاوي الغربي، وكان شيخاً كبيراً فقيهاً عالماً زاهداً صالحاً، فلما رآه معين الدين مقدم العسكر وهو راجل قصده وسلم عليه وقال: يا شيخ، أنت معذور لكبر سنك، ونحن نقوم بالذب عن المسلمين، وسأله أن يعود فلم يفعل وقال له: قد بعت واشترى مني، فو الله لا أقيله ولا أستقليه، يريد قوله تعالى: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة)، وتقدم فقاتل ا لفرنج إلى أن قتل عند النيرب. ورئي الفندلاوي في النوم فقيل له: ما فعل الله بك وأين أنت؟ فقال: غفر لي وأنا في جنات عدن على سرر متقابلين، رحمه الله تعالى.

وأما عز الدين أبو سعيد فروخشاه فكان ينعت بالملك المنصور، وكان سرياً نبيلاً جليلاً، وساتخلفه السلطان صلاح الدين بدمشق لما عاد إلى الديار المصرية من الشام، فقام بضبط أمورها وإصلاح أحوالها أحسن قيام، ثم توفي في آخر جمادى الأولى سنة ثمان وسبعين وخمسمائة بدمشق، وهكذا قال العماد الأصبهاني في البرق الشامي، وقال ابن شداد في "سيرة صلاح الدين": إن السلطان بلغة وفاة ابن أخيه عز الدين فروخ شاه في رجب سنة سبع وسبعين والعماد أخبر بذلك، والله أعلم.

وكان لشاهنشاه المذكور بنت تسمى عذرا وهي التي بنت المدرسة العذراوية بمدينة دمشق، وإليها تنسب، وماتت عذرا المذكورة عاشر المحرم سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة.

وأما الملك الأمجد مجد الدين أبو المظفر بهرام شاه بن فروخ شاه فإن صح الدين أ بقى عليه بعلبك، وكان فيه فضل وله ديوان شعر، وأخذ الأشرف بن العادل منه بعلبك فانتقل إلى دمشق، وقتله مملوكه في داره ليلة الأربعاء ثاني عشر شوال سنة ثمان وعشرين وستمائة.