شعبة بن الحجاج

أبو بسطام شعبة بن الحجاج بن الورد مولى الأشاقر؛ واسطي الأصل بصري الدار، رأى الحسن ومحمد بن سيرين وسمع قتادة ويونس بن عبيد وأيوب خالداً الحذاء وعبد الملك بن عمير وأبا اسحاق السبيعي وطلحة بن مصرف وخلقاً غيرهم من طبقتهم؛ روى عنه أيوب السختياني والأعمش ومحمد بن اسحاق وإبراهيم بن سعد وسفيان الثوري وشريك بن عبد الله وسفيان بن عيينة وغيرهم.

قدم شعبة بغداد مرتين وكان قدومه إحدى المرتين بسبب أخ له كان قد حبس في دين كان عليه، فجاء إلى المهدي في شأن أخيه. فقال سفيان الثوري: هوذا شعبة قد جاء إليهم، فبلغ شعبة فقال: هو لم يحبس أخوه. وكان أخوه اشترى طعاماً من طعام السلطان، فخسر هو وشركاؤه، فحبس بستة آلاف دينار بحصته، فلما دخل شعبة على المهدي قال لهك يا أمير المؤمنين، أنشدني قتادة لأمية بن أبي الصلت بقول لعبد الله بن جدعان:

 

أأذكر حاجتي أم قد كفانـي

 

حياؤك ان شيمتك الحـياء

كريم لا يعطلـه صـبـاح

 

عن الخلق الكريم ولا مساء

فأرض أرض مكرمة بنوها

 

بنو تيم وأنت لهم سـمـاء

فقال المهدي: لا يا أبا بسطام، لا تذكرها، قد عرفناها وقضيناها لك؛ ادفعوا إليه أخاه ولا تلزموه شيئاً، ووهب له ثلاثين ألف درهم فقسمها، وأقطعه ألف جريب بالبصرة، فقدم فلم يجد شيئاً يطيب له فتركها.

وقال النضر بن شميل: ما رأيت أرحم بمسكين من شعبة؛ كان إذا رأى المسكين لا يزال ينظر إليه حتى يعطى. وكان يقول: والله لأنا في الشعر اسلم مني في الحديث، ولو أردت الله لما خرجت اليكم، ولو أردتم الله ما حييتموني، ولكنا نحب المدح ونكره الذم.

ركب شعبة يوماً حماره فلقيه سليمان بن المغيرة فشكا إليه الفقر والحاجة، فقال: والله ما أملك غير هذا الحمار، ثم نزل عنه ودفعه إليه فابتيع بستة عشر درهماً.

توفي بالبصرة سنة ستين ومائة وهو ابن خمس وسبعين سنة، رحمه الله تعالى.