سيف الإسلام طغتكين

سيف الإسلام أبو الفوارس طغتكين بن أيوب بن شاذي بن مروان المنعوت بالملك العزيز ظهير الدين، صاحب اليمن؛ كان أخوه السلطان الملك الناصر صلاح الدين، رحمه الله تعالى، لما ملك الديار المصرية قد سير أخاه شمس الدولة توران شاه-المقدم ذكره في حرف التاء-الى بلاد اليمن، فملكها واستولى على كثير من بلادها، ورجع عنها-حسبما هو مذكور في ترجمته-ثم سير السلطان إليها بعد ذلك أخاه سيف ا لإسلام المذكور، وذلك في سنة سبع وسبعين وخمسمائة. وكان رجلاً شجاعاً كريماً مشكور السيرة حسن السياسة مقصوداً من البلاد الشاسعة لإحسانه وبره، ودخل إليه شرف الدين أبو المحاسن ابن عنين الدمشقي-الآتي ذكره في حرف الميم إن شاء الله تعالى-ومدحه بغر القصائد، فأحسن إليه وأجزل صلته، واكتسب من جهته مالاً وافراً وخرج به من اليمن، فلما وصل إلى الديار المصرية وسلطانها يومئذ الملك العزيز عماد الدين عثمان ابن السلطان صلاح الدين، رحمه الله تعالى، ألزمه أرباب ديوان الزكاة بدفع الزكاة من المتاجر التي وصلت صحبته، فعلم:

 

ما كل من يتمسى بالعزيز لهـا

 

أهل ولا كل برق سحبه غدقه

بين العزيزين بون في فعالهما

 

هذا يعطي، وهذا يأخذ الصدقة

 

وكانت وفاة سيف الإسلام في شوال تاسع عشر سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة بالمنصورة، وهي مدينة اختطها بالمين، رحمه الله تعالى.


وتولى بعده ولده الملك المعز فتح الدين إسماعيل، وللمعز المذكور صنف أبو الغنائم مسلم بن محمود بن نعمة بن أرسلان الشيزري كتابه الذي سماه "عجائب الأسفار وغرائب الأخبار" وأودع فيه من أشعاره وأخبار الناس كثيراً، وذكر العز بن عساكر أنه مات بالحمراء من بلاد اليمن، وذكر أبو الغنائم المذكور في كتابه الذي سماه "جمهرة الإسلام ذات النثر والنظام" أنه مات بتعز، ودفن بها بالمدرسة. ثم قال: وقتل ولده فتح الدين أبو الفداء إسماعيل في رجب سنة ثمان وتسعين، بمكان يقال له عجي شامي زبيد، وتولى مكانه أخوه الملك الناصر أيوب.


وكان الملك المعز اسماعيل اهوج كثير التخليط بحيث أنه ادعى أنه قرشي من بني أمية وخطب لنفسه بالخلافة وتلقب بالهادي، فلما سمع عمه الملك العادل ذلك ساءه وأهمه وكتب إليه يلومه ويوبخه ويأمره بالعودة إلى نسبه الصحيح، ويترك ما ارتكبه مما يضحك الناس منه، فلم يلتفت ولم يرجع؛ وانضاف إلى ذلك أنه أساء السيرة مع اجناده وامرائه، فوثبوا عليه فقتلوه وملكوا عليهم أخاه الملك الناصر محمداً.


وكان أبو الغنائم المذكور أديباً شاعراً، وكان موجوداص في سنة سبع عشرة وستمائة. فقد توفي في هذه السنة أو بعدها.


وكان أبوه أبو الثناء محمود نحوياً متصدراً بجامع دمشق لإقراء النحور، وذكره الحافظ ابن عساكر في تاريخه الكبير، وذكره العماد الكاتب في كتاب "الخريدة" وقال: توفي بعد سنة خمس وستين وخمسمائة. وقال شرف الدين ابن عنين: أنشدني محمود المذكور لنفسه:

 

يقولون كافات الشتـاء كـثـيرة

 

وما هي إلا واحد غير مفتـرى

إذا صح كان الكيس فالكل حاصل

 

لديك، وكل الصيد يوجد في الفرا

وكان جده أرسلان مملوك ابن منقذ صاحب شيزر، والله أعلم.

وطغتكين: بضم الطاء المهملة وسكون الغين المعجمة وكسر التاء المثناة من فوقها والكاف وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها نون، وهو اسم تركي لا أعرف معناه.