عبد الله بن لهيعة

أبو عبد الرحمن عبد الله بن لهيعة بن عقبة بن لهيعة الحضرمي الغافقي المصري، كان مكثراً من الحديث والأخبار والرواية. قال محمد بن سعد في حقه: إنه كان ضعيفاً، ومن سمع منه في أول أمره أقرب حالاً ممن سمع منه في آخره. وكان يقرأ عليه ما ليس من حديثه فيسكت، فقيل له في ذلك فقال: ما ذنبي؟ إنما يجيئونني بكتاب يقرأونه عليّ ويقومون، ولو سألوني لأخبرتهم أنه ليس من حديثي.

وكان أبو جعفر المنصور قد ولاه القضاء بمصر في مستهلّ سنة خمس وخمسين ومائة، وهو أول قاض ولي بمصر من قبل الخليفة، وصرف عن القضاء في شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة، وهو أول قاض حضر لنظر الهلال في شهر رمضان واستمر القضاة عليه إلى الآن.

ذكر ابن الفراء في تاريخه في سنة اثنتين وخمسين ومائة فقال: وفيها توفي أبو خزيمة إبراهيم بن يزيد القاضي الحميري وولي مكانه عبد الله بن لهيعة الحضرمي، وكان سبب ولايته أن ابن حديج كان بالعراق، قال: فدخلت على أبي جعفر المنصور فقال لي: يا ابن حديج، لقد توفي ببلدك رجل أصيب به العامة، قلت: يا أمير المؤمنين ذاك إذاً أبو خزيمة، قال: نعم، فمن ترى أن نولي القضاء بعده؟ قلت: أبا معدان " عامر بن مرة " اليحصبي يا أمير المؤمنين، قال: ذاك رجل أصم، لا يصلح للقاضي أن يكون أصم. قال فقلت: فابن لهيعة يا أمير المؤمنين، قال: فابن لهيعة على ضعف فيه، فأمر بتوليته، وأجرى عليه في كل شهر ثلاثين ديناراً، وهو أول قضاة مصر أجري عليه ذلك، وأول قاض بها استقضاه خليفة، وإنما كان ولاة البلد هم الذين يولون القضاة.

وتوفي بمصر يوم الأحد منتصف شهر ربيع الأول سنة أربع وسبعين، وقيل سنة سبعين ومائة، وعمره إحدى وثمانون سنة، رحمه الله تعالى.

قال أبو موسى العنزي في تاريخه: وكان الليث بن سعد أكبر من ابن لهيعة بسنة أو بسنتين.

" وذكره ابن يونس في تاريخه فقال: عبد الله بن لهيعة بن عقبة بن فرعان بن ربيعة الحضرمي ثم الأعدولي، من أنفسهم، قاضي مصر، يكنى أبا عبد الرحمن وروى عنه عمرو بن الحارث والليث بن سعد وعثمان بن الحكم الجذامي وابن المبارك، وذكر تاريخ وفاته، ثم قال: وكان مولده سنة سبع وتسعين، ثم روى بإسناد متصل إليه أنه قال: كنت إذا أتيت يزيد بن أبي حبيب يقول لي: كأني بك وقد قعدت على الوسادة، يعني وسادة القضاة، فما مات ابن لهيعة حتى ولي القضاء".

ولهيعة: بفتح اللام وكسر الهاء وسكون الياء المثناة من تحتها وفتح العين المهملة وبعدها هاء ساكنة.

والحضرمي: بفتح الحاء المهملة وسكون الضاد الموحدة وفتح الراء وبعدها ميم، هذه النسبة إلى حضرموت، وهي من بلاد اليمن في أقصاها.