ابن وهب الفقيه المالكي

أبو محمد عبد الله بن وهب بن مسلم، القرشي بالولاء الفقيه المالكي المصري مولى ريحانة مولاة أبي عبد الرحمن يزيد بن أنيس الفهري، كان أحد أئمة عصره وصحب الإمام مالك بن أنس، رضي الله عنه، عشرين سنة، وصنف " الموطأ الكبير " و" الموطأ الصغير " وقال مالك في حقه: عبد الله بن وهب إمام. وقال أبو جعفر ابن الجزار: رحل ابن وهب إلى مالك في سنة ثمان وأربعين ومائة ولم يزل في صحبته إلى أن توفي مالك، وسمع من مالك قبل عبد الرحمن بن القاسم ببضع عشرة سنة. وكان مالك يكتب إليه إذا كتب في المسائل: إلى عبد الله بن وهب المفتي، ولم يكن يفعل هذا مع غيره. وأدرك من أصحاب ابن شهاب الزهري أكثر من عشرين رجلاً. وذكر ابن وهب وابن القاسم عند مالك، فقال: ابن وهب عالم وابن القاسم فقيه.

قال القضاعي في كتاب " خطط مصر ": قبر عبد الله بن وهب مختلف فيه، وفي مجرّ بني مسكين قبر صغير مخلق يعرف بقبر عبد الله، وهو قبر قديم يشبه أن يكون قبره.

وكان مولده في ذي القعدة سنة خمس، وقيل أربع وعشرين ومائة بمصر. وتوفي بها يوم الأحد لخمس بقين من شعبان سنة سبع وتسعين ومائة، رضي الله عنه.

وله مصنفات في الفقه معروفة، وكان محدثاً. وقال يونس بن عبد الأعلى صاحب الإمام الشافعي، رحمه الله تعالى: كتب الخليفة إلى عبد الله بن وهب في قضاء مصر، فجنّن نفسه، ولزم بيته، فاطلع عليه رشدين بن سعد، وهو يتوضأ في صحن داره، فقال له: ألا تخرج إلى الناس فتقضي بينهم بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلّم؟ فرفع إليه رأسه وقال: إلى ها هنا انتهى عقلك؟ أما علمت أن العلماء يحشرون مع الأنبياء وأن القضاة يحشرون مع السلاطين؟ وكان عالماً صالحاً خائفاً لله تعالى.

وسبب موته أنه قرئ عليه كتاب " الأهوال " من جامعه، فأخذه شيء كالغشي، فحمل إلى داره فلم يزل كذلك إلى أن قضى نحبه.

قال ابن يونس المصري في تاريخه: هو مولى يزيد بن رمانة مولى أبي عبد الرحمن يزيد بن أنيس الفهري، والذي ذكرته أولاً قاله ابن عبد البر، والله أعلم. "وقال عبد الله بن وهب المصري: كان حيوة بن شريح يأخذ عطاءه في كل سنة ستين ديناراً. قال: وكان إذا أخذه لم يطلع إلى منزله حتى يتصدق به. قال: ثم يجيئ إلى منزله فيجدها تحت فراشه. قال: وكان له ابن عم، فلما بلغه ذلك أخذ عطاءه فتصدق به، ثم جاء يطلبه تحت فراشه فلم يجد شيئاً. قال: فشكا إلى حيوة، فقال له حيوة: أنا أعطيت ربي بيقين، وأنت أعطيت ربك تجربة ".