ابن درستويه

الرياشي

أبو الفضل العباس بن الفرج الرياشي النحوي اللغوي البصري؛ كان عالماً راوية ثقة عارفاً بأيام العرب كثير الاطلاع، روى عن الأصمعي وأبو عبيدة معمر بن المثنى وغيرهما، وروى عنه إبراهيم الحربي وابن أبي الدنيا وغيرهما.

ومما رواه عن الأصمعي قال: مر بنا أعرابي ينشد ابناً له، فقلنا له: صفه لنا، فقال: كأنه دنينير، فقلنا له لم نره، قال: فلم يلبث أن جاء بصغير أسيد كأنه جعلٌ قد حمله على عنقه، فقلنا: لو سألتنا عن هذا لأرشدناك، فإنه ما زال اليوم بين أيدينا. ثم أنشد الأصمعي:

 نعم ضجيع الفتى إذا برد اللي         ل سحيراً وقرقف الصـرد

زينها الله في الفـؤاد كـمـا               زين في عـين والـد ولـد

قتل الرياشي المذكور بالبصرة أيام العلوي البصري صاحب الزنج في شوال سنة سبع وخمسين ومائتين، رحمه الله تعالى.

وسئل في عقب ذي الحجة سنة أربع وخمسين ومائتين: كم يعد سنه؟ فقال: أظن سبعاً وسبعين، وذكر شيخنا ابن الأثير في تاريخه الكبير أنه قتل في سنة خمس وستين ومائتين، قتله الزنج بالبصرة، وهو غلط، إذ لا خلاف بين أهل العلم بالتاريخ أن الزنج دخلوا البصرة وقت صلاة الجمعة لثلاث عشرة ليلة بقيت من شوال سنة سبع وخمسين، فأقاموا على القتل والإحراق ليلة السبت ويوم السبت ثم عادوا إليها يوم الإثنين، فدخلوها وقد تفرق الجند وهربوا فنادوا بالأمان، فلما ظهر الناس قتلوهم، فلم يسلم منهم إلا النادر، واحترق الجامع ومن فيه، وقتل العباس المذكور في أحد هذه الأيام فإنه كان في الجامع لما قتل.

والرياشي: بكسر الراء وفتح الياء المثناة من تحتها وبعد الألف شين معجمة، هذه النسبة إلى رياش، وهو اسم لجلد رجل من جذام كان والد المنسوب إليه عبداً له فنسب إليه وبقي عليه.