ابن قتيبة

أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، وقيل المروزي، النحوي اللغوي صاحب كتاب المعارف وأدب الكاتب؛ كان فاضلاً ثقة، سكن بغداد وحدث بها عن إسحاق بن راهويه وأبي إسحاق إبراهيم بن سفيان بن سليمان بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن زياد بن أبيه الزيادي وأبي حاتم السجستاني وتلك الطبقة، وروى عنه ابنه أحمد وابن دُر ستُويه الفارسي، وتصانيفه كلها مفيدة، منها ما تقدم ذكره، ومنها غريب القرآن الكريم وغريب الحديث وعيون الأخبار ومشكل القرآن ومشكل الحديث وطبقات الشعراء والأشربة وإصلاح الغلط وكتاب التقفية وكتاب الخيل وكتاب إعراب القراءات وكتاب الأنواء وكتاب المسائل والجوابات وكتاب الميسر والقداح وغير ذلك. وأقرأ كتبه ببغداد إلى حين وفاته، وقيل أن أباه مروزي، وأما هو فمولده ببغداد، وقيل بالكوفة، وأقام بالدِّينورِ مدةً قاضياً فنسب إليها. وكانت ولادته سنة ثلاث عشرة ومائتين، وتوفي في ذي القعدة سنة سبعين، وقيل سنة إحدى وسبعين، وقيل أول ليلة في رجب، وقيل منتصف رجب سنة ست وسبعين ومائتين، والأخير أصح الأقوال، وكانت وفاته فجأة، صاح صيحة سمعت من بُعد ثم أغمي عليه ومات، وقيل أكل هريسة فأصابه حرارة ثم صاح صيحة شديدة ثم أغمي عليه إلى وقت الظهر ثم اضطرب ساعة ثم هدأ فما زال يتشهد إلى وقت السحر، ثم مات رحمه الله تعالى.

وكان ولده أبو جعفر أحمد بن عبد الله المذكور فقيهاً، وروى عن أبيه كتبه المصنفة كلها وتولى القضاء بمصر، وقدمها في ثامن عشر جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وثلثمائة، توفي بها في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة، وهو على القضاء ومولده ببغداد.

والناس يقولون: إن أكثر أهل العلم يقولون: إن أدب الكاتب خطبة بلا كتاب، وإصلاح المنطق كتاب بلا خطبة، وهذا فيه نوع تعصب عليه، فإن أدب الكاتب قد حوى من كل شيء وهو مفنَّن، وما أظن حملهم على هذا القول إلا أن الخطبة طويلة، والإصلاح بغير خطبة، وقيل أنه صنف هذا الكتاب لأبي الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان وزير المعتمد على الله بن المتوكل على الله الخليفة العباسي، وقد شرح هذا الكتاب أبو محمد بن السيد البطليوسي - الآتي ذكره أن شاء الله تعالى - شرحاً مستوفى، ونبه على مواضع الغلط منه، وفيه دلالة على كثرة اطلاع الرجل، وسماه الاقتضاب في شرح أدب الكتَّاب.

وقتيبة: بضم القاف وفتح التاء المثناة من فوقها وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها باء موحدة ثم هاء ساكنة، وهي تصغير قتبة بكسر القاف، وهي واحدة الأقتاب، والأقتاب: الأمعاء، وبها سمي الرجل، والنسبة إليه قتبيّ. والدينوري: بكسر الدال المهملة، وقال السمعاني بفتحها وليس بصحيح وبسكون الياء المثناة من تحتها وفتح النون والواو وبعدها راء، هذه النسبة إلى دينور، وهي بلدة من بلاد الجبل عند قرميسين خرج منها خلق كثير.