ابن الفرضي

أبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف بن نصر الأزدي الأندلسي القرطبي الحافظ المعروف بابن الفرضيّ؛ كان فقيها عالماً في فنون من العلم: الحديث وعلم الرجال والأدب البارع وغير ذلك. وله من التصانيف " تاريخ علماء الأندلس " وهو الذي ذيّل عليه ابن بشكوال بكتابه الذي سماه "الصلة "، وله كتاب حسن في " المؤتلف والمختلف " وفي " مشتبه النسبة " وكتاب في أخبار شعراء الأندلس وغير ذلك.

ورحل من الأندلس إلى المشرق في سنة اثنتين وثمانين وثلثمائة، فحج وأخذ عن العلماء وسمع منهم وكتب من أماليهم.
ومن شعره:

أسير الخطايا عند بـابـك واقـف

 

على وجلٍ مما به أنـت عـارف

يخاف ذنوبا لم يغب عنك غيبـهـا

 

ويرجوك فيها فهو راجٍ وخـائف

ومن ذا الذي يرجو سواك ويتقـي

 

ومالك في فصل القضاء مخالف

فيا سيدي لا تخزني في صحيفتـي

 

اذا نشرت يوم الحساب الصحائف

وكن مؤنسي في ظلمة القبر عندما

 

يصدُّ ذوو القربى ويجفو الموالف

لئن ضاق عني عفوك الواسع الذي

 

أرجي لإسرافي فإني لـتـالـف

 

ومن شعره أيضا:

إن الذي أصبحت طوع يمينـه

 

إن لم يكن قمرا فليس بدونـه

ذلّي له في الحب من سلطانه

 

وسقام جسمي من سقام جفونه

وله شعر كثير. ومولده في ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وثلثمائة. وتولى القضاء بمدينة بلنسية. وقتلته البربر يوم فتح قرطبة، وهو يوم الاثنين لست خلون من شوال سنة ثلاث وأربعمائة، رحمه الله تعالى، وبقي في داره ثلاثة أيام ودفن متغيراً من غير غسل ولا كفن ولا صلاة؛ روي عنه أنه قال: تعلقت بأستار الكعبة وسألت الله تعالى الشهادة، ثم انحرفت وفكرت في هول القتل، فندمت وهممت أن أرجع فأستقيل الله سبحانه ذلك، فاستحييت. وأخبر من رآه بين القتلى ودنا منه فسمعه يقول بصوت ضعيف: لا يكلم أحد في سبيل الله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله، إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دماً اللون لون دم والريح ريح مسك، كأنه يعيد على نفسه الحديث الوارد في ذلك، قال: ثم قضى على أثر ذلك، وهذا الحديث أخرجه مسلم في حديثه.