الأوزاعي

أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد الأوزاعي إمام أهل الشام؛ لم يكن بالشام أعلم منه، قيل إنه أجاب في سبعين ألف مسألة، وكان يسكن بيروت. روي أن سفيان الثوري بلغه مقدم الأوزاعي فخرج حتى لقيه بذي طوى، فحل سفيان رأس بعيرة عن القطار ووضعه على رقبته، فكان إذا مر بجماعة قال: الطريق للشيخ. سمع من الزهري وعطاء وروى عنه الثوري وأخذ عنه عبد الله بن المبارك وجماعة كبيرة.

وكانت ولادته ببعلبك سنة ثمان وثمانين للهجرة، وقيل سنة ثلاث وتسعين.

ومنشؤه بالبقاع، ثم نقلته أمه إلى بيروت. وكان فوق الربعة خفيف اللحية به سمرة، وكان يخضب بالحناء. وتوفي سنة سبع وخمسين ومائة يوم الأحد لليلتين بقيتا من صفر، وقيل في شهر ربيع الأول بمدينة بيروت، رحمه الله تعالى، ورثاه بعضهم بقوله:

 

جاد الحيا بالشام كـل عـشـيةٍ

 

قبراً تضمن لحـده الأوزاعـي

قبرٌ تضمن فيه طـود شـريعةٍ

 

سقيا له مـن عـالـمٍ نـفـاع

عرضت له الدنيا فأعرض مقلعاً

 

عنهـا بـزهـدٍ أيمـا إقـلاع

وقبره في قرية على باب بيروت يقال لها حنتوس، وأهلها مسلمون، وهو مدفون في قبلة المسجد، وأهل القرية لا يعرفونه، بل يقولون: ها هنا رجل صالح ينزل عليه النور؛ ولا يعرفه إلا الخواص من الناس.

"ذكر الحافظ ابن عساكر في " تاريخ دمشق " أن الأوزاعي دخل الحمام ببيروت وكان لصاحب الحمام شغل، فأغلق الحمام عليه وذهب، ثم جاء ففتح الباب فوجده ميتاً، قد وضع يده اليمنى تحت خده وهو مستقبل القبلة؛ وقيل أن امرأته فعلت ذلك، ولم تكن عامدة لذلك، فأمرها سعيد بن عبد العزيز بعتق رقبة ".

ويحمد: بضم الياء المثناة من تحتها وسكون الحاء المهملة وكسر الميم وبعدها دال مهملة.

والأوزاعي: بفتح الهمزة وسكون الواو وفتح الزاي وبعد الألف عين مهملة هذه النسبة إلى الأوزاع، وهي بطن من ذي الكلاع من اليمن، وقيل بطن من همدان، واسمه مرثد بن زيد، وقيل الأوزاع قرية بدمشق على طريق باب الفراديس، ولم يكن أبو عمرو منهم، وإنما نزل فيهم فنسب إليهم وهو من سبي اليمن.

وبيروت: بفتح الباء الموحدة وسكون الياء المثناة من تحتها وضم الراء وسكون الواو وفي آخرها تاء مثناة، وهي بليدة بساحل الشام أخذها الفرنج من المسلمين يوم الجمعة عاشر ذي الحجة سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة.

" وحنتوس: بفتح الحاء المهملة وسكون النون وضم التاء المثناة من فوقها وسكون الواو ثم سين مهملة ".