ابن القاسم المالكي

أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة العتقي بالولاء، الفقيه المالكي؛ جمع بين الزهد والعلم وتفقه بالإمام مالك رضي الله عنه ونظرائه، وصحب مالكاً عشرين سنة، وانتفع به أصحاب مالك بعد موت مالك، وهو صاحب " المدونة" في مذهبهم، وهي من أجل كتبهم، وعنه أخذها سحنون.

وكانت ولادته في سنة اثنتين، وقيل ثلاث وثلاثين ومائة، وقيل ثمان وعشرين وتوفي سنة إحدى وتسعين ومائة، ليلى الجمعة لسبع ليال مضين من صفر بمصر، ودفن خارج باب القرافة الصغرى قبالة قبر أشهب الفقيه المالكي، وزرت قبريهما، وهما بالقرب من السور، رحمهما الله تعالى.

وجنادة: بضم الجيم وفتح النون وبعد الألف دال مهملة مفتوحة ثم هاء ساكنة.

والعتقي: بضم العين وفتح التاء المثناة من فوقها وبعدها قاف، هذه النسبة إلى العتقاء، وليسوا من قبيلة واحدة بل هم من قبائل شتى، منهم حجر حمير، ومن سعد العشيرة، ومن كنانة مضر وغيرهم، وعامتهم بمصر. وعبد الرحمن المذكور مولى زبيد بن الحارث العتقي، وكان زبيد من حجر حمير، وقال عبد الله القضاعي: وكانت القبائل التي نزلت الظاهر العتقاء، وهم جماع من القبائل كانوا يقطعون على من أراد النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث إليهم فأتى بهم أسرى فأعتقهم، فقيل لهم العتقاء.

ولما فتح عمرو بن العاص مصر، وكان ذلك يوم الجمعة مستهل المحرم سنة عشرين للهجرة، كان العتقاء معه معدودين في أهل الراية، وإنما قيل له أهل الراية لأن العرب كانوا يجعلون لكل بطن منهم راية يعرفون بها، ولم يكن لكل بطن من بطون أهل الراية من العدد ما يجعلون لكل بطن راية، فقال عمرو بن العاص: أنا أجعل راية لا أنسبها إلى أحد، فتكون دعوتكم عليها، ففعلوا، فكان هذا الاسم كالنسب الجامع، وعليها كان ديوانهم. ولما فتحوا الإسكندرية ورجع عمرو إلى الفسطاط اختط الناس بها خططهم، ثم جاء العتقاء بعدهم فلم يجدوا موضعاً يختطون فيه عند أهل الراية، فشكوا ذلك إلى عمرو، فقال معاوية ين حديج، وكان يتولى أمر الخطط: أرى لكم أن تظهروا على هذه القبائل فتتخذونه منزلاً وتسمونه الظاهر، ففعلوا ذلك، فقيل له " أهل الظاهر " لذلك، ذكر هذا كله أبو عمرو محمد بن يوسف بن يعقوب التجيبي في كتاب " خطط مصر " وهي فائدة غريبة يحتاج إليها، فأحببت ذكرها.