ابن يونس

ابن يونس صاحب تاريخ مصر

أبو سعيد عبد الرحمن بن أبي الحسن أحمد بن أبي موسى يونس بن عبد الأعلى بن موسى بن ميسرة بن حفص بن حيان الصدفي المحدث المؤرخ المصري؛ كان خبيراً بأحوال الناس، ومطلعاً على تواريخهم عارفاً بما يقوله، جمع لمصر تاريخين: أحدهما وهو الأكبر يختص بالمصريين، والآخر وهو صغير يشتمل على ذكر الغرباء الواردين على مصر، وما أقصر فيهما، وقد ذيلهما أبو القاسم يحيى بن علي الحضرمي وبنى عليهما.

وهذا أبو سعيد المذكور هو حفيد يونس بن عبد الأعلى صاحب الإمام الشافعي رضي الله عنه، والناقل لأقواله الجديدة - وسيأتي ذكره في حرف الياء إن شاء الله تعالى - وقال أبو الحسن علي بن عبد الرحمن المذكور: كانت ولادة أبي في سنة إحدى وثمانين ومائتين.

وكانت وفاته يوم الأحد ودفن يوم الاثنين لست وعشرين ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة سبع وأربعين وثلثمائة، رحمه الله تعالى، وصلى عليه أبو القاسم ابن الحجاج، ورثاه أبو عيسى عبد الرحمن بن إسماعيل بن عبد الله بن سليمان الخولاني الخشّاب المصري النحوي العروضي بقوله:

بثثت علمك تشـريقـاً وتـغـريبـاً

 

وعدت بعد لذيذ العـيش مـنـدوبـا

أبا سعيد وما نـألـوك أن نـشـرت

 

عنك الدواوين تصديقاً وتـصـويبـا

ما زلت تلهج بالتـاريخ تـكـتـبـه

 

حتى رأيناك في التاريخ مكـتـوبـا

أرّخت موتك في ذكري وفي صحفي

 

لمن يؤرخني إذ كنت محـسـوبـا

نشرت عن مصر من سكانها علمـاً

 

مبجّلاً بجمال القوم مـنـصـوبـا

كشفت عن فخرهم للناس وما سجعت

 

ورق الحمام على الأغصان تطريبا

أعربت عن عرب نقّبت عن نجـبٍ

 

سارت مناقبهم في الناس تنـقـيبـا

أنشرت ميتهم حـيّاً بـنـسـبـتـه

 

حتى كأن لم يمت إذ كان منسـوبـا

إن المكارم لـلإحـسـان مـوجـبة

 

وفيك قد ركّبت يا عبـد تـركـيبـا

حجبت عنا وما الدنيا بـمـظـهـرة

 

شخصاً وإن جلّ إلا عاد محجـوبـا

كذلك الموت لا يبقي عـلـى أحـدٍ

 

مدى الليالي من الأحباب محبـوبـا

-وسيأتي ذكر ولده أبي الحسن علي بن المنجم صاحب الزيج إن شاء الله تعالى -.

والصدفي: بفتح الصاد والدال المهملتين وبعدهما فاء، هذه النسبة إلى الصدف بن سهل، وهي قبيلة كبيرة من حمير نزلت مصر. والصدف بكسر الدال، وإنما تفتح في النسب كما قالوا في النسب إلى نمرة نمري، وهي قاعدة مطردة، وفيه لغة أخرى أنه الصدف - بفتح الدال.
وتوفي أبو عيسى عبد الرحمن بن إسماعيل صاحب الأبيات المذكورة في صفر سنة ست وستين وثلثمائة، رحمه الله تعالى.