ابن ماكولا

الأمير سعد الملك أبو نصر علي بن هبة الله بن علي بن جعفر بن علكان بن محمد بن دلف بن أبي دلف القاسم بن عيسى بن إدريس بن معقل بن عمير العجلي، المعروف بابن ماكولا -وبقية نسبه مستوفاة في ترجمة جده أبي دلف القاسم بن عيسى في حرف القاف - وأصله من جرباذقان من نواحي أصبهان، ووزر أبوه أبو القاسم هبة الله للإمام القائم بأمر الله، وتولى عمه أبو عبد الله الحسين بن علي قضاء بغداد.

سمع الحديث الكثير وصنف المصنفات النافعة، وأخذ عن مشايخ العراق وخراسان والشام وغير ذلك. وكان أحد الفضلاء المشهورين، تتبع الألفاظ المشتبهة في الأسماء الأعلام وجمع منها شيئاً كثيراً، وكان الخطيب أبو بكر صاحب " تاريخ بغداد " قد أخذ كتاب الحافظ أبي الحسن الدارقطني المسمى" المختلف والمؤتلف " وكتاب الحافظ عبد الغني بن سعيد الذي سماه " مشتبه النسبة " وجمع بينهما، وزاد عليهما، وجعله كتاباً مستقلاً سماه " المؤتنف تكملة المختلف "؛ وجاء الأمير أبو نصر المذكور وزاد على هذا " المؤتنف " وضم إليه الأسماء التي وقعت له، وجعله أيضاً كتاباً مستقلاً سماه " الإكمال " وهو في غاية الإفادة في رفع الالتباس والضبط والتقييد، وعليه اعتماد المحدثين وأرباب هذا الشأن، فإنه لم يوضع مثله ولقد أحسن فيه غاية الإحسان. ثم جاء ابن نقطة - الآتي ذكره إن شاء الله تعالى - وذيله وما أقصر فيه أيضاً، وما يحتاج الأمير المذكور مع هذا الكتاب إلى فضيلة أخرى، وفيه دلالة على كثرة اطلاعه وضبطه وإتقانه.

ومن الشعر المنسوب إليه:

قوض خيامك عن أرضٍ تهان بهـا              وجانب الذل إن الـذل يجـتـنـب
وارحل إذا كان في الأوطان منقصةٌ           فالمندل الرطب في أوطانه حطب

وكانت ولادته في عكبرا في خامس شعبان سنة إحدى وعشرين وأربعمائة، وقتله غلمانه بجرجان في سنة نيف وسبعين وأربعمائة. وذكر أبو الفرج ابن الجوزي في كتاب " المنتظم " أنه قتل في سنة خمس وسبعين وأربعمائة، وقيل في سنة سبع وثمانين، وقال غيره: في سنة تسع وسبعين بخوزستان، وقيل بالأهواز. وقال الحميدي: خرج إلى خراسان ومعه غلمان له أتراك فقتلوه بجرجان وأخذوا ماله وهربوا، وطاح دمه هدراً، رحمه الله تعالى.

ومدحه الشاعر المعروف بصر در - الآتي ذكره إن شاء الله تعالى - ومدحه في ديوانه موجود.

وماكولا: بفتح الميم وبعد الألف كاف مضمومة وبعدها واو ساكنة ثم لام ألف، ولا أعرف معناه، ولا أدري سبب تسميته بالأمير، هل كان أميراً بنفسه أم لأنه من أولاد أبي دلف العجلي - وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
وعكبرا قد تقدم القول عليها في ترجمة الشيخ أبي البقاء.