ابن سيده

الحافظ أبو الحسن علي بن إسماعيل المعروف بابن سيده المرسي؛ كان إماماً في اللغة والعربية حافظاً لهما وقد جمع في ذلك جموعاً، من ذلك كتاب " المحكم " في اللغة، وهو كتاب كبير جامع مشتمل على أنواع اللغة، وله كتاب " المخصص " في اللغة أيضاً وهو كبير، وكتاب " الأنيق " في شرح الحماسة في ست مجلدات، وغير ذلك من المصنفات النافعة.

وكان ضريراً، وأبوه ضريراً، وكان أبوه أيضاً قيماً بعلم اللغة، وعليه اشتغل ولده في أول أمره، ثم على أبي العلاء صاعد البغدادي - المقدم ذكره - وقرأ أيضاً على أبي عمر الطلمنكي، قال الطلمنكي: دخلت مرسية فتشبث بي أهلها يسمعون علي " غريب المصنف " فقلت لهم: انظروا لي من يقرأ لكم وأمسك أنا كتابي، فأتوني برجل أعمى يعرف بابن سيده، فقرأه علي من أوله إلى آخره، فتعجبت من حفظه. وكان له في الشعر حظ وتصرف. وتوفي بحضرة دانية عشية يوم الأحد لأربع بقين من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، وعمره ستون سنة أو نحوها. رأيت على ظهر مجلد من " المحكم " بخط بعض فضلاء الأندلس أن ابن سيده المذكور كان يوم الجمعة قبل يوم الأحد المذكور صحيحاً سوياً إلى وقت صلاة المغرب، فدخل المتوضأ فأخرج منه وقد سقط لسانه وانقطع كلامه، فبقي على تلك الحال إلى العصر من يوم الأحد ثم توفي، رحمه الله تعالى؛ وقيل سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، والأول أصح وأشهر.

وسيده: بكسر السين المهملة وسكون الياء المثناة من تحتها وفتح الدال المهملة وبعدها هاء ساكنة.

والمرسي: بضم الميم وسكون الراء وبعدها سين مهملة، هذه النسبة إلى مرسية، وهي مدينة في شرق الأندلس.

والطلمنكي: بفتح الطاء المهملة واللام والميم وسكون النون وبعدها كاف، هذه النسبة إلى طلمنكة وهي مدينة في غرب الأندلس.

ودانية: بفتح الدال المهملة وبعد الألف نون مكسورة ثم ياء مثناة من تحتها مفتوحة وبعدها هاء ساكنة، وهي مدينة في شرق الأندلس أيضاً.