العلم السخاوي

أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الصمد بن عبد الأحد بن عبد الغالب الهمداني المصري السخاوي المقرىء النحوي، الملقب علم الدين؛ كان قد اشتغل بالقاهرة على الشيخ أبي محمد القاسم الشاطبي المقرىء - المذكور في حرف القاف - وأتقن عليه علم القراءات والنحو واللغة، وعلى أبي الجود غياث بن فارس بن مكي المقرىء، وسمع بالإسكندرية من السلفي وابن عوف، وبمصر من البوصيري وابن ياسين، ثم انتقل إلى مدينة دمشق وتقدم بها على علماء فنونه واشتهر، وكان للناس اعتقاد عظيم، وشرح " المفصل " للزمخشري في أربع مجلدات، وشرح القصيدة الشاطبية في القراءات، وكان قد قرأها على ناظمها، وله خطب وأشعار، وكان متعيناً في وقته.

ورأيته بدمشق والناس يزدحمون عليه في الجامع لأجل القراءة، ولا تصح لواحد منهم نوبة إلا بعد زمان، ورأيته مراراً يركب بهيمة وهو يصعد إلى جبل الصالحين وحوله اثنان وثلاثة وكل واحد يقرأ ميعاده في موضع غير الآخر، والكل في دفعة واحدة، وهو يرد على الجميع. ولم يزل مواظباً على وظيفته إلى أن توفي بدمشق ليلة الأحد ثاني عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين وستمائة، وقد نيف على تسعين سنة، رحمه الله تعالى.

ولما حضرته الوفاة أنشد لنفسه:

قالوا غداً نأتي ديار الحمى

 

وينزل الركب بمغنـاهـم

وكل من كان مطيعاً لهـم

 

أصبح مسروراً بلقـياهـم

قلت: فلي ذنبٌ فما حيلتـي

 

بأي وجـه أتـلـقـاهـم

قالوا: أليس العفو من شانهم

 

لا سيما عمن ترجـاهـم

ثم ظفرت بتاريخ مولده في سنة ثمان وخمسين وخمسمائة بسخا، والله أعلم.

والسخاوي: بفتح السين المهملة والخاء المعجمة وبعدها ألف، هذه النسبة إلى سخا، وهي بليدة بالغربية من أعمال مصر، وقياسه سخوي، لكن الناس أطبقوا على النسبة الأولى.