علي بن هارون المنجم

أبو الحسن علي بن أبي عبد الله هارون بن علي بن يحيى بن أبي منصور المنجم الشاعر المشهور؛ ذو نسب عريق في ظرفاء الأدباء وندماء الخلفاء والوزراء، وله مع الصاحب ابن عباد مجالس، وفي تشريفه يقول الصاحب:

لبني المنجم فطـنةٌ لـهـبـيه

 

ومحاسن عجمـيةٌ عـربـيه

وما زلت أمدحهم وأنشر فضلهم

 

حتى عرفت بشدة العصـبـيه

 

ولأبي الحسن المذكور أشعار نادرة، ومما يتغنى به من شعره قوله:

بيني وبينك في الهوى أسبـاب

 

وإلى المحبة ترجع الأنسـاب

بيني وبين الدهر فيك عتـاب

 

سيطول إن لم يمحه الإعتاب

يا غائباً بوصالـه وكـتـابـه

 

هل يرتجى من غيبتـيك إياب

لولا التعلل بالرجا لتقطـعـت

 

نفسٌ عليك شعارها الأوصاب

لا يأس من روح الإله فربمـا

 

يصل القطوع وتحضر الغياب

 

وكتب إلى ابن الخوارزمي وقد وثئت رجله من عثرة لحقته:

كيف نال العثار من لم يزل من

 

ه مقيلاً في كل خطب جسـيم

أو ترقى الردى إلى قـدم لـم

 

تخط إلا إلى مـقـام كـريم

وأشعاره ونوادره كثيرة. وله من التصانيف كتاب " شهر رمضان " عمله للإمام الراضي، وكتاب " النيروز والمهرجان " وكتاب " الرد على الخليل " في العروض، وكتاب ابتدأ فيه بنسب أهله، عمله للوزير المهلبي ولم يتمه، وكتاب رسالة في الفرق بين إبراهيم بن المهدي وإسحاق الموصلي في الغناء وكتاب " اللفظ المحيط بنقض ما لفظ به اللقيط " وهو يعارض كتاب أبي الفرج الأصبهاني الذي سماه " الفرق والعيار بين الأوغاد والأحرار ". وهو ولد صاحب كتاب " البارع في اختيار شعر المحدثين " - وسيأتي ذكره في حرف الهاء إن شاء الله تعالى - وحفيد أبي الحسن المذكور قبله.

وكانت ولادته لتسع خلون من صفر سنة ست، وقيل سنة سبع وسبعين ومائتين. وتوفي يوم الأربعاء لثلاث عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة سنة اثنتين وخمسين وثلثمائة، رحمه الله تعالى، وكان يخضب إلى أن توفي.