الزاهي الشاعر

أبو القاسم بن علي بن إسحاق بن خلف البغدادي المعروف بالزاهي الشاعر المشهور؛ وكان وصافاً محسناً كثير الملح، ذكره الخطيب في " تاريخ بغداد " فقال: إنه حسن الشعر في الشبيهات وغيرها، وأحسب شعره قليلاً، وأشار إلى أنه كان قطاناً، وكان دكانه في قطيعة الربيع.

وذكره عميد الدولة أبو سعد ابن عبد الرحيم في " طبقات الشعراء " فقال: ولد يوم الاثنين لعشر ليال بقين من صفر سنة ثماني عشرة وثلثمائة، وتوفي يوم الأربعاء لعشر بقين من جمادى الآخرة سنة اثنتين وخمسين وثلثمائة ببغداد، ودفن في مقابر قريش؛ وشعره في أربعة أجزاء، وأكثر شعره في أهل البيت، ومدح سيف الدولة والوزير المهلبي وغيرهما من رؤساء وقته، وقال في جميع الفنون؛ وذكر له:

صدودك في الهوى هتك استتاري

 

وعاونه البكاء على اشتـهـاري

ولم أخـلـع عـذاري فـيك إلا

 

لما عاينت من حسن الـعـذار

وكم أبصرت من حسنٍ ولـكـن

 

عليك لشقوتي وقع اخـتـياري

 

وللزاهي المذكور في تشبيه البنفسج:

ولازورديةٍ أوفت بـزرقـتـهـا

 

بين الرياض على زرق اليواقيت

كأنها فوق قامات ضعفن بـهـا

 

أوائل النار في أطراف كبـريت

 

وله:

ومدامةٍ لضيائها في كـأسـهـا

 

نورٌ على فلك الأنامـل بـازغ

رقت وغاب عن الزجاجة لطفها

 

فكأنما الإبريق منـهـا فـارغ

 

ومن محاسن شعره قوله:

وبيضٍ بألحاظ العيون كأنمـا

 

هززن سيوفاً واستللن خناجرا

تصدين لي يوماً بمنعرج اللوى

 

فغادرن قلبي بالتصبر غادرا

سفرن بدوراً وانتقبـن أهـلة

 

ومسن غصوناً والتفتن جآذرا

وأطلعن في الأجياد بالدر أنجماً

 

جعلن لحبات القلوب ضرائرا

 

وهذا تقسيم عجيب، وقد استعمله جماعة من الشعراء، ولكنهم ما أتوا به على هذه الصورة، فإنه أبدع فيه، وهو مثل قول المتنبي:

بدت قمراً ومالت خوط بان

 

وفاحت عنبراً ورنت غزالا

 

وذكر الثعالبي لبعض شعراء عصره على هذا الأسلوب في وصف مغنٍ:

فديتك يا أتم النـاس ظـرفـاً

 

وأصلحهم لمتخـذ حـبـيبـا

فوجهك نزهة الأبصار حسنـاً

 

وصوتك متعة الأسماع طيبـا

وسائلة تسائل عنـك قـلـنـا

 

لها في وصفك العجب العجيبا

رنا ظبياً وغنى عـنـدلـيبًـا

 

ولاح شقائقاً ومشى قضـيبـا

 

ولولا خوف التطويل لذكرت له نظائر.

 

وللزاهي أيضاً:

من عذيري من عذاري قمر

 

عرض القلب لأسباب التلف

علم الشعر الذي عـاجـلـه

 

أنه جار علـيه فـوقـف

والزاهي: بفتح الزاي وكسر الهاء بعد الألف قال السمعاني: هذه النسبة إلى قرية من قرى نيسابور ونسب إليها جماعة، ثم قال: وأما أبو الحسن علي بن إسحاق بن خلف الشاعر البغدادي المعروف بالزاهي فلا أدري نسب إلى هذه القرية أم لا، غير أنه بغدادي، وكان حسن الشعر.