صردر الشاعر

الرئيس أبو منصور علي بن الحسن بن علي بن الفضل الكاتب المعروف بصردر الشاعر المشهور؛ أحد نجباء شعراء عصره، جمع بين جودة السبك وحسن المعنى، وعلى شعره طلاوة رائقة وبهجة فائقة، وله ديوان شعر وهو صغير، وما ألطف قوله من جملة قصيدة:

نسائل عن ثمامات بحزوى

 

وبان الرمل يعلم ما عنينـا

فقد كشف الغطاء فما نبالي

 

أصرحنا بذكرك أم كنينـا

ولو أني أنادي يا سلـيمـى

 

لقالوا ما أردت سوى لبينى

ألا لله طيفٌ منك يسـقـي

 

بكاسات الكرى زوراً ومينا

مطيته طوال الليل جفنـي

 

فكيف شكا إليك وجىً وأينا

فأمسينا كأنا ما افتـرقـنـا

 

وأصبحنا كأنا ما التقـينـا

 

وقوله في الشيب:

لم أبك أن رحل الشباب، وإنما

 

أبكي لأن يتقارب المـيعـاد

شعر الفتى أوراقه، فإذا ذوى

 

جفت على آثـاره الأعـواد

 

وله في جارية سوداء، وهو معنى حسن:

علقتها سوداء مصقـولةً

 

سواد قلبي صفةٌ فيهـا

ما انكسف البدر على تمه

 

ونوره إلا ليحـكـيهـا

لأجلها الأزمان أوقاتهـا

 

مؤرخات بـلـيالـيهـا

 

وإنما قيل له " صردر " لأن أباه كان يلقب " صربعر " لشحه، فلما نبغ ولده المذكور وأجاد في الشعر قيل له: صردر، وقد هجاه بعض الشعراء وقته وهو الشريف أبو جعفر مسعود المعروف بالبياضي الشاعر - وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى:

لئن لقب الناس قدماً أبـاك

 

وسموه من شحه صر بعرا

فإنك تنـثـر مـا صـره

 

عقوقاً له وتسميه شـعـرا

ولعمري ما أنصفه هذا الهاجي، فإن شعره نادر، وإنما العدو لا يبالي بما يقوله.

وكانت وفاة صردر في سنة خمس وستين وأربعمائة، وكان سبب موته أنه تردى في حفرة حفرت للأسد في قرية بطريق خراسان. وكانت ولادته قبل الأربعمائة - وسيأتي ذكره في ترجمة الوزير فخر الدولة بن جهير، واسمه محمد، وله هناك شعر بديع.