الظاهر العبيدي

أبو هاشم علي، الملقب الظاهر لإعزاز دين الله، ابن الحاكم بن العزيز بن المعز ابن المنصور بن القائم بن المهدي عبيد الله صاحب مصر، وقد تقدم ذكر جماعة من أهل بيته؛ كانت ولايته بعد فقد أبيه بمدة، لأن أباه فقد في السابع والعشرين من شوال سنة إحدى عشرة وأربعمائة - كما سيأتي في ترجمته إن شاء الله تعالى - وكان الناس يرجون ظهوره ويتتبعون آثاره إلى أن تحققوا عدمه، فأقاموا ولده المذكور في يوم النحر من السنة المذكورة، وكانت مملكته الديار المصرية وإفريقية وبلاد الشام، فقصد صالح بن مرداس الكلابي - المذكور في حرف الصاد - مدينة حلب وحاصرها، وفيها مرتضى الدولة بن لؤلؤ الجراحي غلام أبي الفضائل ابن شريف بن سيف الدولة الحمداني نيابة عن الظاهر المذكور، فانتزعها منه واستولى على ما يليها، وتغلب حسان بن مفرج بن دغفل البدوي صاحب الرملة على أكثر بلاد الشام، وتضعضعت دولة الظاهر وجرت أمور وأسباب يطول شرحها.

واستوزر نجيب الدولة أبا القاسم علي بن أحمد الجرجرائي، وكان أقطع اليدين من المرفقين، قطعهما الحاكم والد الظاهر في شهر ربيع الآخر سنة أربع وأربعمائة على باب القصر البحري بالقاهرة المحروسة، وحمل إلى داره، وكان يتولى بعض الدواوين فظهرت عليه خيانة قطع بسببها، ثم بعد ذلك ولي ديوان النفقات سنة تسع وأربعمائة، ثم وزر للظاهر سنة ثماني عشرة وأربعمائة، وهذا كله بعد أن تنقل في الخدم بالأرياف والصعيد. ولما استوزر كان يكتب عنه العلامة القاضي أبو عبد الله القضاعي صاحب كتاب " الشهاب " - وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى - وكانت علامته " الحمد لله شكراً لنعمته " واستعمل العفاف والأمانة الزائدة والاحتراز والتحفظ، وفي ذلك يقول جاسوس الفلك:

يا أحمقـاً اسـمـع وقـل

 

ودع الرقاعة والتحامـق

أأقمت نفسك في الـثـقـا

 

ت وهبك فيما قلت صادق

فمن الأمـانة والـتـقـى

 

قطعت يداك من المرافق

وهو منسوب إلى جرجرايا- بفتح الجيمين بينهما راء ساكنة ثم راء مفتوحة وبين الألفين ياء مثناة من تحتها - وهي قرية من أرض العراق.

وكانت ولادة الظاهر يوم الأربعاء عاشر شهر رمضان سنة خمس وتسعين وثلثمائة بالقاهرة. وتوفي أخر ليلة الأحد منتصف شعبان سنة سبع وعشرين وأربعمائة، رحمه الله تعالى.

وسمعت أنه توفي ببستان الدكة، وكان بالمقس في الموضع المعروف بالدكة، والله أعلم.

وتوفي وزيره الجرجرائي سنة ست وثلاثين وأربعمائة، رحمه الله تعالى، في سابع شهر رمضان، وكانت مدة وزارته للظاهر وولده المستنصر سبع عشرة سنة وثمانية أشهر وثمانية عشر يوماً.