عماد الدوله ابن بويه

عماد الدولة أبو الحسن علي بن بويه بن فناخسرو الديلمي صاحب بلاد فارس - وقد تقدم تمام نسبه في ترجمة أخيه معز الدولة أحمد بن بويه في حرف الهمزة فأغنى عن الإعادة؛ وعماد الدولة المذكور أول من ملك من بني بويه، وكان أبوه صياداً وليست له معيشة إلا من صيد السمك، وكانوا ثلاثة إخوة: عماد الدولة أكبرهم، ثم ركن الدولة الحسن وهو والد عضد الدولة - وقد تقدم ذكره في حرف الحاء - ثم معز الدولة، والجميع ملكوا. وكان عماد الدولة سبب سعادتهم وانتشار صيتهم، واستولوا على البلاد وملكوا العراقين والأهواز وفارس وساسوا أمور الرعية أحسن سياسة، ثم لما ملك عضد الدولة بن ركن الدولة اتسعت مملكته، وزادت على ما كان لأسلافه، ولولا خوف الإطالة لذكرت طرفاً من سبب تملك عماد الدولة المذكور وكيفية أمره من أول الحال.

وذكر أبو محمد هارون بن العباس المأموني في تاريخه أن عماد الدولة المذكور اتفقت له أسباب عجيبة كانت سبباً لثبات ملكه: منها أنه لما ملك شيراز في أول ملكه اجتمع أصحابه وطالبوه بالأموال، ولم يكن معه ما يرضيهم به وأشرف أمره على الانحلال، فاغتم لذلك، فبينما هو مفكر قد استلقى على ظهره في مجلس قد خلا فيه للفكرة والتدبير إذ رأى حية قد خرجت من موضع من سقف ذلك المجلس ودخلت موضعاً آخر منه، فخاف أن تسقط عليه، فدعا الفراشين وأمرهم بإحضار سلم، وأن تخرج الحية، فلما صعدوا وبحثوا عن الحية وجدوا ذلك السقف يفضي إلى غرفة بين سقفين، فعرفوه ذلك، فأمرهم بفتحه ففتحت فوجد فيها عدة صناديق من المال والمصاغات قدر خمسمائة ألف دينار، فحمل المال إلى بين يديه، فسر به وأنفقه في رجاله، وثبت أمره بعد أن كان قد أشفى على الانخرام. ثم أنه قطع ثياباً وسأل عن خياط حاذق، فوصف له خياط كان لصاحب البلد قبله، -فأمر بإحضاره، وكان أطروشاً، فوقع له أنه قد سعي به إليه في وديعة كانت عنده لصاحبه، وأنه طلبه لهذا السبب، فلما خاطبه حلف أنه ليس عنده إلا اثنا عشر صندوقاً لا يدري ما فيها، فعجب عماد الدولة من جوابه، ووجه معه من حملها، فوجد فيها أموالاً وثياباً بجملة عظيمة، فكانت هذه الأسباب من أقوى دلائل سعادته، ثم تمكنت حاله واستقرت قواعده.

وكانت وفاته يوم الأحد لأربع عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى سنة ثمان وثلاثين، وقيل تسع وثلاثين وثلثمائة بشيراز، ودفن في دار المملكة، وأقام في المملكة ست عشر سنة، وعاش سبعاً وخمسين سنة ولم يعقب، رحمه الله تعالى.

وأتاه في مرضه أخوه ركن الدولة واتفقا على تسليم بلاد فارس إلى عضد الدولة بن ركن الدولة فتسلمها.