أبو حفص وأبو القاسم عمر بن أبي الحسن علي بن المرشد بن علي، الحموي الأصل، المصري المولد والدار والوفاة، المعروف بابن الفارض، المنعوت بالشرف؛ له ديوان شعر لطيف، وأسلوبه فيه رائق ظريف ينحو منحى طريقة الفقراء؛ وله قصيدة مقدار ستمائة بيت على اصطلاحهم ومنهجهم، وما ألطف قوله في جملة قصيدة طويلة:
أهلاً بما لم أكن أهلاً لموقـعـه |
|
قول المبشر بعد اليأس بالفـرج |
لك البشارة فاخلع ما عليك فقـد |
|
ذكرت ثم على ما فيك من عوج |
وقوله من قصيدة أخرى:
لم أخل من حسدٍ عليك فلا تـضـع |
|
سهري بتشنيع الخيال المـرجـف |
واسأل نجوم الليل هل زار الكـرى |
|
جفني؟ وكيف يزور من لم يعرف؟ |
ومنها:
وعلى تفنن واصفيه بحـسـنـه |
|
يفنى الزمان وفيه ما لم يوصف |
وله دوبيت ومواليا وألغاز.
وسمعت أنه كان رجلاً صالحاً كثير الخير، على قدم التجرد، جاور بمكة،
زادها الله تعالى شرفاً، زماناً. وكان حسن الصحبة محمود العشرة، أخبرني
عنه بعض أصحابه أنه ترنم يوماً وهو في خلوة ببيت الحريري، صاحب "
المقامات " وهو:
من ذا الذي ما ساء قط |
|
ومن له الحسنى فقط |
قال: فسمع قائلاً ولم ير شخصه وقد أنشد:
محمد الهادي الذي |
|
عليه جبريل هبط |
وأنشدني له جماعة من أصحابه مواليا في غلام صنعته الجزارة، وهو كيس، ولم أره في ديوانه:
قلتو لجزر عشقتو كم تشرخني |
|
قتلتني قال ذا شغلي توبخنـي |
ومل إلي وبس رجلي يربخني |
|
يريد ذبحي فينفخني ليسلخني |
وقد كتبته على اصطلاحهم فإنهم لا يراعون فيه الإعراب والضبط بل يجوزون فيه اللحن، بل غالبه ملحون، فلا يؤاخذ من يقف عليه.
وكان يقول: عملت في النوم بيتين، وهما:
وحـياة أشـواقـي إلـي |
|
ك وحرمة الصبر الجميل |
لا أبصرت عينـي سـوا |
|
ك ولا صبوت إلى خليل |
وكانت ولادته في الرابع من ذي القعدة سنة ست وسبعين وخمسمائة بالقاهرة. وتوفي بها يوم الثلاثاء الثاني من جمادى الأولى سنة اثنتين وثلاثين وستمائة ودفن من الغد بسفح المقطم، رحمه الله تعالى.
والفارض: بفتح الفاء وبعد الألف راء مفتوحة وبعدها ضاد معجمة، وهو الذي يكتب الفروض للنساء على الرجال.