غازي بن زنكي

سيف الدين غازي بن عماد زنكي بن آق سنقر، صاحب الموصل - وقد تقدم ذكر والده في حرف الزاي - وأنه قتل على حصار قلعة جعبر، فلما قتل وكان معه ألب أرسلان بن السلطان محمود المعروف بالخفاجي السلجوقي، المذكور في ترجمة عماد الدين زنكي، اجتمع أكابر الدولة، وفيهم الوزير جمال الدين محمد الأصبهاني، المعروف بالجواد، والقاضي كمال الدين أبو الفضل محمد بن الشهروزي-وسيأتي ذكرهما إن شاء الله تعالى - وقصدوا خيمة ألب أرسلان المذكور، وقالوا له: كان عماد الدين زنكي غلامك ونحن غلمانك، والبلاد لك، وطمنوا الناس بهذا الكلام.

ثم إن العسكر افترق فرقتين: فطائفة منهم توجهت صحبة نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي - الآتي ذكره إن شاء الله تعالى-إلى الشام، والطائفة الثانية سارت مع ألب أرسلان وعساكر الموصل وديار ربيعة إلى الموصل، فلما انتهوا إلى سنجار تخيل ألب أرسلان منهم الغدر فتركهم وهرب، فلحقه بعض العسكر وردوه، فلما وصلوا إلى الموصل وصلهم سيف الدين غازي المذكور، وكان مقيما بشهرزور لأنها كانت إقطاعه من جهة السلطان مسعود السلجوقي - الآتي ذكره إن شاء الله بعض القلاع، وملك الموصل وما كان لأبيه من ديار ربيعة، وترتبت أحواله، وأخذ أخوه نور الدين محمود - وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى - حلب وما والاها من بلاد الشام، ولم تكن دمشق يومئذ لهم.

وكان غازي المذكور منطويا على خير وصلاح يحب العلم وأهله، وبنى بالموصل المدرسة المعروفة بالعتيقة، ولم تطل مدته في المملكة حتى توفي أربعين سنة، ودفن في مدرسته المذكورة، رحمه الله تعالى، وتولى بعده أخوه قطب الدين مودود - وسيأتي ذكره في حرف الميم إن شاء الله تعالى.