القاسم بن الشهرزوري

أبو أحمد القاسم بن المظفر بن علي بن القاسم الشهرزوري، والد قاضي الخافقين أبي بكر محمد والمرتضى أبي محمد عبد الله وأبي منصور المظفر، وهو جد بيت الشهرزوري قضاة الشام والموصل والجزيرة، وكلهم إليه ينتسبون، كان حاكما بمدينة إربل مدة ومدينة سنجار مدة، وكان من أولاده وحفدته علماء نجباء كرماء نالوا المراتب العلية وتقدموا عند الملوك وتحكموا وقضوا ونفقت أسواقهم، خصوصا حفيده القاضي كمال الدين محمد ومحيي الدين بن كمال الدين - وسيأتي ذكرهما إن شاء الله تعالى - وإلى الآن من نسله جماعة من الأعيان والقضاة بالموصل. وقدم بغداد غير مرة، وذكره الحافظ أبو سعد السمعاني في كتاب الذيل ثم ذكره في كتاب الأنساب في موضعين: أحدهما في نسبة الإربلي، وقال: كان منها - يعني إربل - جماعة من العلماء، منهم أبو أحمد القاسم المذكور، وقال: إنه شيباني، والثاني في نسبة الشهرزوري، ذكره وذكر ولده قاضي الخافقين المذكور، وأثنى عليه، وذكره أبو البركات ابن المستوفي في تاريخ إربل وأورد له شعرا، فمن ذلك قوله:

همتي دونها السها والزبانى

 

قد علت جهدها فما تتدانى

فأنا متعب معنى إلـى أن

 

تتفانى الأيام أو نتفـانـى

ورأيت في كتاب الذيل للسمعاني هذين البيتين منسوبين إلى ولده أبي بكر محمد المعروف بقاضي الخافقين، والله أعلم لمن هما منهما.

وتوفي القاسم المذكور سنة تسع وثمانين وأربعمائة بالموصل، ودفن في التربة المعروفة به الآن المجاورة لمسجد جده أبي الحسن بن فرغان، رحمه الله تعالى.

وأما ولده المرتضى عبد الله فهو والد القاضي كمال الدين - وقد تقدم ذكره في العبادلة، وأوردت قصيدته اللامية المعروفة بالموصلية.

وأما قاضي الخافقين فقد قال السمعاني: إنه اشتغل بالعلم على أبي إسحاق الشيرازي، وولي القضاء بعدة بلاد، ورحل إلى العراق وخراسان والجبال وسمع الحديث الكثير، وسمع منه السمعاني، وكانت ولادة قاضي الخافقين بإربل سنة ثلاث، أو أربع وخمسين وأربعمائة، وتوفي في جمادى الآخرة سنة ثمان وثلاثين وخسمائة ببغداد، ودفن في باب أبرز، رحمه الله تعالى، وإنما قيل له قاضي الخافقين لكثرة البلاد التي ولي فيها.

وأما المظفر فإن السمعاني ذكره أيضا في الذيل فقال: ولد بإربل، ونشأ بالموصل، وورد بغداد وتفقه بها على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، ورجع إلى الموصل، ثم ولي قضاء سنجار على كبر سنه وسكنها، وكان قد أضر. ثم قال: سألته عن مولده فقال: ولدت في جمادى الآخرة - أو رجب - سنة سبع وخمسين وأربعمائة بإربل، ولم يذكر وفاته. والشهرزوري: بفتح الشين المعجمة وسكون الهاء وضم الراء والزاي وسكون الواو وبعدها راء، هذه النسبة إلى شهرزور، وهي بلدة كبيرة معدودة من أعمال إربل، بناها زور بن الضحاك، وهي لفظة عجمية معناها بالعربي بلدة زور، ومات بها الإسكندر ذو القرنين عند عوده من بلاد المشرق، وحكى لي بعض أهلها وقد سألته عن قبره فقال: هنك قبر يعرف بقبر إسكندر، ولا يعرف أهلها من هو، وهي مدينة قديمة، وحكى الخطيب في تاريخ بغداد أن الإسكندر جعل المدائن دار إقامته، أعني مدائن كسرى، ولم يزل بها إلى أن توفي هناك، وحمل تابوته إلى الإسكندرية لأن أمه كانت مقيمة هناك، ودفن عندها، والله أعلم.