الوجيه ابن الدهان

أبو بكر المبارك بن أبي طالب المبارك بن أبي الأزهر سعيد، الملقب الوجيه، المعروف بابن الدهان، النحوي الضرير الواسطي، ولد ببلده ونشأ به، وحفظ القرآن هناك وقرأ القراءات، واشتغل بالعلم وسمع بها من أبي سعيد نصر بن محمد بن سالم الأديب وأبي الفرج العلاء بن علي المعروف بابن السوادي الشاعر - وقد تقدم ذكره - وغيرهما، ثم قدم بغداد واستوطنها، وكان يسكن بالظفرية، وجالس أبا محمد ابن الخشاب النحوي وصحب أبا البركات ابن الأنباري - المقدم ذكرهما - ولازم أبا البركات، وجل ما أخذ عنه، وسمع الحديث من أبي زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي، وتفقه على مذهب أبي حنيفة بعد أن كان حنبليا، ثم شغر منصب تدريس النحو بالمدرسة النظامية، وشرط الواقف أن لا يفوض إلا إلى شافعي المذهب، فانتقل الوجيه المذكور إلى مذهب الشافعي وتولاه، وفي ذلك يقول المؤيد أبو البركات بن زيد التكريتي:

ومن مبلغ عني الوجيه رسـالة

 

وإن كان لا تجدي إليه الرسائل

تمذهبت للنعمان بعد ابن حنبـل

 

وذلك لما أعوزتك المـآكـل

وما اخترت قول الشافعي تدنيا

 

ولكنما تهوى الذي منه حاصل

وعما قليل أنت لا شك صـائر

 

إلى مالك فافطن لما أنا قـائل

 

وللوجيه المذكور تصنيف في النحو، وأقرأ القرآن الكريم كثيرا، وكان كثير الهذر، وفيه شره نفس وتوسع في القول، وكان كثير الدعاوى، وله شعر فمنه:

لست استقبح اقتضاءك بالوع

 

د وإن كنت سيد الكرمـاء

فإله السماء قد ضمن الرز

 

ق عليه ويقتضي بالدعـاء

وكانت ولادته سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة بواسط. وتوفي ليلة الأحد السادس والعشرين من شعبان سنة اثنتي عشرة وستمائة ببغداد، ودفن من الغد بالوردية، رحمه الله تعالى.