الشهرستاني

أبو الفتح محمد بن أبي القاسم عبد الكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني المتكلم على مذهب الأشعري؛ كان إماما مبرزا فقيها تفقه على أحمد الخوافي - المقدم ذكره - وعلى أبي نصر القشيري وغيرهما، وبرع في الفقه، وقرأ الكلام على أبي القاسم الأنصاري وتفرد فيه، وصف كتبا منها كتابنهاية الإقدام في علم الكلام وكتاب الملل والنحلوالمناهج والبينات وكتاب المضارعة وتلخيص الإقسام لمذاهب الأنام وكان كثير المحفوظ حسن المحاورة يعظ الناس، ودخل بغداد سنة عشروخمسمائة وأقام بها ثلاث سنين، وظهر له قبول كثير عند العوام، وسمع الحديث من علي بن أحمد المديني بنيسابور ومن غيره، وكتب عنه الحافظ أبو سعد عبد الكريم السمعاني، وذكره في كتاب الذيل وكانت ولادته سنة سبع وستين وأربعمائة بشهرستان، هكذا وجدته بخطي في مسودتين وما أدري من أين نقلته، وقال ابن السمعاني في كتاب الذيل: سألته عن مولده فقال: في سنة تسع وسبعين وأربعمائة وتوفي بها أيضا في أواخر شعبان سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، وقيل سنة تسع وأربعين، والأول أصح، رحمه الله تعالى.

وذكر في أول كتاب نهاية الإقدام المذكور بيتين وهما:

لقد طفت في تلك المعاهد كلها

 

وسيرت طرفي بين تلك المعالم

فلم أر إلا واضعا كـف حـائر

 

على ذقن أو قارعا سن نـادم

 

ولم يذكر لمن هذان البيتان، وقال غيره: هما لأبي بكر محمد بن باجة المعروف بابن الصائغ الأندلسي - الآتي ذكره إن شاء الله تعالى.


وشهرستان:بفتح الشين المعجمة وسكون الهاء وفتح الراء وسكون السين المهملة وفتح التاء المثناة من فوقها وبعد الألف نون، وهو اسم لثلاث مدن: الأولى: شهرستان خراسان بين نيسابور وخوارزم في آخر حدود خراسان وأول الرمل المتصل بناحية خوارزم وهي المشهورة، ومنها أبو الفتح محمد المذكور، وأخرجت خلقا كثيرا من العلماء، وبناها عبدالله بن طاهر أمير خراسان - المقدم ذكره - في خلافة المأمون.


الثانية: شهراستان قصبة ناحية سابور من أرض فارس، كما ذكره ابن البناء البشاري.


الثالثة: مدينة جي بأصبهان يقال لها شهراستان، بينها وبين اليهودية مدينة أصبهان اليوم نحو ميل، بها أسواق، وهي على نهر زرندود وبها قبر الإمام الراشد بن المسترشد.


وشهراستان لفظة عجمية وهي مركبة، فمعنى شهر مدينة، ومعنى الاستان الناحية، فكأنه قال: مدينة الناحية - ذكر ذلك كله أبو عبد الله ياقوت الحموي في كتابه الذي سماهالمشترك وضعا المختلف صعقا وفي بعضه زيادة على ماذكره ياقوت. وكان الشهرستان المذكور يروي بالإسناد إلى الكظام البلخي العالم المشهور، واسمه إبراهيم بن سيار، أنه كان يقول: لو كان للفراق صورة لارتاع لها القلوب ولهد الجبال، ولجمر الغضى أقل توجها من حمله، ولو عذب الله أهل النار بالفراق لاستراحوا إلى ماقبله من العذاب. وكان يروى للدريدي أيضا باتصال الإسناد إليه قوله:

ودعـتـه حـين لاتـودعـه

 

روحي ولكنها تسير مـعـه

ثم افترقنا وفي القلوب لـنـا

&nnbsp;

ضيق مكان وفي الدموع سعة

 

وكان يروي للدريدي أيضا مسندا إليه:

يا راحلين بمـهـجة

 

في الحب متلفة شقيه

الحـب فـيه بـلـية

 

وبليتي فوق البـلـية

كل ذلك رواه الحافظ أبو سعد ابن السمعاني في كتاب الهذيل ثم قال في آخر الترجمة: وصل إلي نعيه وأنا ببخارا، رحمه الله تعالى.