محمد بن طاهر المقدسي

أبو الفضل محمد بن طاهر بن علي بن أحمد المقدسي الحافظ المعروف بابن القيسراني؛ كان أحد الرحالين في طلب الحديث،سمع بالحجاز والشام ومصر والثغور والجزيرة والعراق والجبال وفارس وخوزستان وخراسان. واستوطن همذان وكان من المشهورين بالحفظ والمعرفة بعلوم الحديث، وله في ذلك مصنفات ومجموعات تدل على غزارة علمه وجودة معرفته.

وصنف تصانيف كثيرة: منهاأطراف الكتب الستة وهي: صحيح البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وأطراف الغرائب تصنيف الدار قطني، وكتاب الأنساب في جزء لطيف، وهو الذي ذيله الحافظ أبو موسى الأصبهاني المذكور قبله، وغير ذلك من الكتب وكانت له معرفة بعلم التصوف وأنواعه متفننا فيه وله فيه تصنيف أيضا، وله شعر حسن، وكتب عنه غير واحد من الحفاظ: منهم أبو موسى المذكور.

وكانت ولادته في السادس من شوال سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، ببيت المقدس، وأول سماعه سنة ستين وأربعمائة، ودخل بغداد سنة سبع وستين وأربعمائة ثم رجع إلى بيت المقدس فأحرم من ثم إلى مكة؛ وتوفي عند قدومه من الحج آخر حجاته، يوم الجمعة لليلتين بقيتا من شهر ربيع الأول سنة سبع وخمسمائة ببغداد، ودفن في المقبرة العتيقة بالجانب الغربي، وقيل توفي يوم الخميس العشرين من الشهر المذكور، رحمه الله تعالى.

وكان ولده أبو زرعة طاهر بن محمد من المشهورين بعلو الإسناد وكثرة السماع، ولم يكن له معرفة بالعلم، لكن كان والده قد أسمعه في صباه من جماعة منهم أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد الدوني بالري وأبو الفتح عبدوس بن عبد الله بهمذان وأبو عبد الله محمد بن عثكان الكامخي وأبو الحسن مكي ابن منصور السلار. وقدم به بغداد فسمع بها من أبي القاسم علي بن أحمد بن ريان وغيره. وسكن بعد وفاة أبيه بهمذان، وكان يقدم بغداد للحج،فحدث بها بأكثر سماعاته، وسمع منه الوزير ابو المظفر يحيى بن هبيرة وغيره، وكان مولده بالري في سنة إحدى وثمانين وأربعمائة، وتوفي يوم الأربعاء سابع شهر ربيع الآخر سنة ست وستين وخمسمائة بهمذان، رحمه الله تعالى.
والقيسراني: بفتح القاف والسين المهملة بينهما ياء مثناة من تحتها ثم راء مفتوحة وبعد الألف نون، هذه النسبة إلى قيسرية، وهي بليدة بالشام على ساحل البحر، وهي الآن بيد الفرنجن خذلهم الله تعالى.

قلت: ثم استنفذها من أيديهم الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحي في شهور سنة ثلاث وستين وستمائة وخربها، وهي الآن خراب.