الكلبي

أبو النضر محمد بن السائب بن بشر، وقيل مبشر، بن عمرو الكلبي وقال محمد بن سعد: هو محمد بن السائب الكلبي بن بشر بن عمرو بن الحارث بن عبد الحارث بن عبد العزى بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان بن عامر ابن عبدون بن كنانة بن عوف بن عذرة بن زيد بن عبد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب، ثم كشفت كتاب النسب لهشام بن الكلبي فساق نسبهم على هذه الصورة إلا أنه أسقط منه عبد الحارث فقط، والباقي صحيح الكوفي، صاحب التفسير وعلم النسب؛ كان أماما في هذين العلمين.حكى ولده هشام عنه قال: دخلت على ضرار بن عطارد بن حاجب بن زرارة التميمي بالكوفة، وإذا عنده رجل كأنه جرذ يتمرغ في الحر، وهو الفرزدق الشاعر، فغمزني ضرار وقال: سله ممن أنت، فسألته فقال: إن كنت نسابا فانسبني، فإني من بني تميم، فابتدأت أنسب تميما حتى بلغت إلى غالب، وهو والد الفرزدق، فقلت: وولد غالب هماما - وهو اسم الفرزدق، كما سيأتي ترجمته في حرف الهاء إن شاء الله تعالى - فاستوى الفرزدق جالسا وقال: والله ماسماني به أبواي ولاساعة من النهار، فقلت: والله إني لأعرف اليوم الذي سماك فيه أبوك الفرزدق، فقال: وأي يوم؟ فقلت: بعثك في حاجة فخرجت تمشي وعليك مستقة، فقال: والله لكأنك فرزدق، دهقان قرية قد سماها بالجبل، فقال: صدقت والله، ثم قال: أتروي شيئا من شعري؟ فقلت: لا، ولكن أروي لجرير مائة قصيدة، فقال: تروي لابن المراوغة ولاتروي لي؟والله لآهجون كلبا سنة أو تروي لي كما رويت لجرير، فجعلت أختلف إليه أقرأعليه النقائض خوفا منه،وما لي في شيء منها حاجة.

قلت: المستقة، بضم الميم وسكون السين المهملة وضم التاء المثناة من فوقها وهي الفروة الطويلة الكم،والجمع مساتق وفيها لغة أخرى بفتح التاء، وروي عن عمر رضي الله عنه، انه كان يصلي وعليه مستقة من سندس وروي عن أنس بن مالك أن ملك الروم أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مستقة من سندس فلبسها فكأني أنظر إلى يديه قد بدتا، ثم بعث بها إلى جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال: ابعث بهاإلى أخيك النجاشي، وقال النضر بن شميل: المستقة: الجبة الوسعة.

وكان الكلبي المذكور من أصحاب عبد بن سبأالذي يقول إن علي بن أبي طالب رضي الله عنه لم يمت وإنه راجع إلى الدنيا. وروى عنه سفيان الثوري ومحمد بن إسحاق، وكانا يقولان: حدثنا أبو النضر حتى لايعرف؛ وشهد الكلبي المذكور دير الجماجم مع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي،وشهد جده بشر وبنوه السائب وعبيد وعبد الرحمن وقعة الجمل وصفين مع علي ابن أبي طالب رضي الله عنه، وقتل السائب مع مصعب بن الزبير، وفيه يقول ابن ورقاء النخعي:

فمن مبلغ عني عبيدا بـأنـنـي

 

علوت أخاه بالحسام المهـنـد

فإن كنت تبغي العلم عنه فإنـه

 

مقيم لدى الديرين غير موسـد

وعمدا علوت الرأس منه بصارم

 

فأثكلته سفيان بعـد مـحـمـد

 

سفيان ومحمد ابنا السائب.


وذكر هشام بن الكلبي المذكور في كتابجمهرة النسب أن جدهم عبد العزى كان جميلا شريفا، وقد وفد على بعض بني جفنة بأفراس فقبلها وأعجبه حديثه، وكان يسامره، فقتلت بنو كنانة ابنا له، فقال لعبد العزى: ائتني بهم فقال: إنهم قوم احرار ليس لي عليهم فضل، وكتب إلى قومه ينذرهم، فقال في شعر له طويل:

جزاني جزاه الله شر جـزائه

 

جزاء سنمار وما كان ذا ذنب

وسنمار هو الذي بنى الخورنق على باب الحيرة للنعمان الأكبر ابن امرئ القيس ملك الحيرة فألقاه من أعلاه فقتله، وقصته طويلة مشهورة فلا حاجة إلى ذكرها.

وتوفي محمد الكلبي المذكور سنة ست وربعين ومائة بالكوفة، رحمه الله تعالى.-وسيأتي ذكر ولده أبي المنذر هشام النسابة في حرف الهاء، إن شاء الله تعالى-.والكلبي بن وبرة، وهي قبيلة وسكون اللام وبعدها باء موحدة، هذه النسبة إلى كلب بن وبرة، وهي قبيلة كبيرة من قضاعة، ينسب إليها خلق كثير. والمستقة: لفظة فارسية معربة.