ابن سمعون الواعظ

أبو الحسين محمد بن أحمد بن إسماعيل بن عنبس بن إسماعيل الواعظ البغدادي، المعروف بابن سمعون؛كان وحيد دهره في الكلام على الخواطر وحسن الوعظ وحلاوة الإشارة ولطف العبارة. أدرك جماعة من جلة المشايخ وروى عنهم: منهم الشيخ أبو بكر الشبلي، رحمه الله تعالى وأنظاره. ومن كلامه ما رواه الصاحب أبو القاسم إسماعيل بن عباد - المقدم ذكره-قال:سمعت ابن سمعون يوما، وهو على الكرسي في مجلس وعظه يقول: سبحان من أنطق باللحم، وبصر بالشحم، وأسمع بالعظم، إشارة إلى اللسان والعين والأذن، وهذه من لطائف الإشارات.ومن كلامه أيضا: رأيت المعاصي نذالة، فتركتهامروءة فاستحال ديانة؛ وله كل معنى لطيف.

وكان لأهل العراق فيه اعتقاد كثير، ولهم به غرام شديد، وإياه عني الحريري صاحب المقامات في المقامة الحادية والعشرين وهي الرازية بقوله في أوائلها:رأيت بها ذات بكرة، زمرة أثر زمرة، وهم منتشرون انتشار الجراد، ومستنون استنان الجياد، ومتواصفون واعظا يقصدونه، ويحلون ابن سمعون دونهولم يأت بعده في الوعاظ مثله.

وتوفي في ذي الحجة سنة سبع وثمانين وثلثمائة، وقيل بل توفي يوم الجمعة منتصف ذي القعدة من السنة المذكورة ببغداد، ودفن في داره بدرب العتابين، ثم نقل يوم الخميس حادي عشر رجب سنة ست وعشرين وأربعمائة، ودفن بباب حرب، وقيل إن أكفانه لم تكن بليت بعد، رحمه الله تعالى.

وسمعون:بفتح السين المهملة وسكون الميم وضم العين المهملة وسكون الواو وبعدها نون، قيل إن جده اسماعيل غير اسمه فقيل سمعون.

وعنبس:بفتح العين المهملة وسكون النون وفتح الباء الموحدة وبعدها سين مهملة، وهو في الأصل اسم الأسد وبه سمي الرجل وهو فنعل من العبوس، والنون زائدة.