قطرب

أبو علي محمد بن المستنير بن أحمد النحوي اللغوي البصري، مولى سالم بن زيادة، المعروف بقطرب؛ أخذ الأدب عن سيبويه وعن جماعة من العلماء البصريين، وكان حريصا على الاشتغال والتعلم، وكان يبكر إلى سيبويه قبل حضور أحد من التلامذة، فقال له يوما: ما أنت إلا قطرب ليل، فبقي عليه هذا اللقب، وقطرب: اسم دويبة لا تزال تدب ولا تفتر، وهو بضم القاف وسكون الطاء المهملة وضم الراء وبعدها باء موحدة.

وكان من أئمة عصره؛ وله من التصانيف كتاب معاني القرآن وكتاب الاشتقاق وكتاب القوافي وكتاب النوادر وكتاب الأزمنة وكتاب الفرق وكتاب الأصوات وكتاب الصفات وكتاب العلل في النحو وكتاب الأضداد وكتاب خلق الفرس وكتاب خلق الإنسان وكتاب غريب الحديث وكتاب الهمز وفعل وأفعل والرد على الملحدين في تشابه القرآن وغير ذلك.

وهو أول من وضع المثلث في اللغة، وكتابه وإن كان صغيرا لكن له فضيلة السبق، وبه اقتدى أبو محمد عبد اله بن السيد البطليوسي - المقدم ذكره- وكتابه كبير،ورأيت مثلثاآخر لشخص آخر تبريزي، وليس هو الخطيب أبو زكريا التبريزي - الآتي ذكره إن شاء الله تعالى - بل غيره، ولا أستحضر الآن اسمه، وهو كبير أيضا واأقصر فيه، وما نهج لهم الطريق إلا قطرب المذكور. وكان قطرب معلم أولاد أبي دلف العجلي - المقدم ذكره وروى له ابن المنجم في كتاب البارع بيتين وهما:

إن كنت لست معي فالذكر منك معي

 

يراك قلبي وإن غيبت عن بصـري

والعين تبصر من تهوى وتـفـقـده

 

وباطن القلب لا يخلو من النـظـر

هذان البيتان مشهوران ولاأعلم أنهما إلا من هذا الكتاب.

وتوفي سنة ست ومائتين، رحمه الله تعالى؛ ويقال إن اسمه محمد، وقيل الحسن بن محمد، والأول أصح، والله أعلم بالصواب. والمستنير: بضم الميم وسكون السين المهملة وفتح التاء المثناة من فوقها وكسر النون وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها راء.