المرزباني

أبو عبيد الله محمدبن عمران بن موسى بن سعيد بن عبيد الله، الكاتب المرزباني الخراساني الأصل البغدادي المولد، صاحب التصانيف المشهورة والمجاميع الغربية؛ كان راوية للأدب صاحب اأخبار، وتواليفه كثيرة، وكان ثقة في الحديث ومائلا إلى التشيع في المذهب، حدث عن عبد الله بن محمد البغوي وأبي بكر ابن داود السجستاني في آخرين.

وهو أول من جمع ديوان يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي واعتنى به، وهو صغير الحجم يدخل في مقدار ثلاث كراريس، وقد جمعه من بعده جماعة وزادوا فيه أشياء كثيرة ليست له وكنت حفظت جميع ديوان يزيد لشدة غرامي به، وذلك في سنة ثلاث وثلاثين وستمائة بمدينة دمشق وعرفت صحيحه من المنسوب إليه الذي ليس له، وتتبعته حتى ظفرت بصاحب كل أبيات، ولولا خوف التطويل لبينت ذلك. وشعر يزيد، مع قلته، في نهاية الحسن، ومن أطايب شعره الأبيات العينية التي منها:

إذا رمت من ليلى على البعد نظـرة

 

تطفي جوى بين الحشا والأضـالـع

تقول نساء الحي تطـمـع أن تـرى

 

محاسن ليلى؟ مت بداء المطـامـع

وكيف ترى ليلى بعين تـرى بـهـا

 

سواها؟ وما طهرتها بالـمـدامـع

وتلتذ منها بالحديث بالحديث وقد جرى

 

حديث سواها في خروق المسامـع

أجلك ياليلى عـن الـعـين إنـمـا

 

أراك بقلب خاشع لـك خـاضـع

 

ومن لطيف شعره قوله:

ولي ولها إذا الكاسـات دارت

 

رقى سحر يفك عرى الهموم

معاتبة ألـذ مـن الأمـانـي

 

وبث جوى أرق من النسـيم

 

ومن شعره:

وداع دعاني والثـريا كـأنـهـا

 

قلائص قد أعنقن خلف فنـيق

وناولني كأسـا كـأن بـنـانـه

 

مخلقة من نورها بـخـلـوق

إذا ما سما فيها المزاج حسبتهـا

 

نجوم لآل في سمـاء عـقـيق

وقال اغتنم من دهرنا غفـلاتـه

 

فعقد نظام الدهر غـير وثـيق

وإني من لذات دهري لقـانـع

 

بحلو حديث صديق أو بمر عتيق

هما ما هما لم يبق شيء سواهما

 

حديث صديق أو عتيق رحـيق

وكانت ولادة المرزباني المذكور في جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين ومائتين، وقيل سنة ست وتسعين. وتوفي يوم الجمعة ثاني شوال سنة أربع وثمانين، وقيل سنة ثمان وسبعين وثلثمائة، والأول أصح، رحمه الله تعالى، وصلى عليه الفقيه أبو بكر الخوارزمي ودفن في داره بشارع عمرو الرومي ببغداد في الجانب الشرقي.

 وروى عن أبي القاسم البغدادي وأبي بكر ابن دريد وأبي بكر ابن الأنباري، وروى عنه أبو عبد الله الصيمري وأبو القاسم التنوخي وأبو محمد الجوهري وغيرهم.

والمرزباني: بفتح الميم وسكون الراء وضم الزاي وفتح الباء الموحدة وبعد الألف نون، هذه النسبة إلى بعض أجداده، وكان اسمه المرزبان، وهذا الاسم لايطلق عند العجم إلا على الرجل المقدم العظيم القدر، وتفسيره بالعربية حافظ الحد، قاله ابن الجواليقي في كتابهالمعرب