القائم ابن المهدي

أبو القاسم محمد، ويدعى نزار، ابن المهدي أبي محمد عبيد الله القائم بالمغرب، كان أبو القاسم المذكور يلقب بالقائم- وقد تقدم ذكر والده المهدي في حرف العين وذكر ولده المنصور إسماعيل في حرف الهمزة - وكان أبوه المهدي قد بايع بولاية العهد في حياته بإفريقية وما معها، وكانت الكتب تكتب باسمه، والمظلة تحمل على رأسه، ولما توفي أبوه في التاريخ المذكور في ترجمته جددت له البيعة. وكان جهزه أبوه إلى مصر ليأخذها مرتين: المرة الأولى في الثامن عشر من ذي الحجة سنة إحدى وثلثمائة، فوصل إلى الإسكندرية وملكها والفيوم، وصار في يده أكثر خراج مصر، وضيق على أهلها، والمرة الثانية وصل إلى الإسكندرية في شهر ربيع الأول من سنة سبع وثلثمائة في عسكر عظيم، فخرج عامل الإمام المقتدر عنها ودخلها القائم المذكور، ثم خرج إلى الجيزة في خلق عظيم ووردت الأخبار بذلك إلى بغداد، فجهز المقتدر مؤنساً الخادم إلى محاربته بالرجال والأموال، فجد في السير، فلما وصل إلى مصر كان القائم قد ملك الجيزة والأشمونين وأكثر بلاد الصعيد، فتلاقيا، وجرت بين العسكرين حروب لا توصف، ووقع عسكر القائم الوباء والغلاء فمات الناس والخيل، فرجع إلى إفريقية وتبعه عسكر مصر إلى أن تباعد عنهم: وكان وصوله إلى المهدية يوم الثلاثاء الثالث من رجب من السنة المذكورة، وفي أيامه خرج أبو يزيد مخلد بن كيداد الخارجي- وقد تقدم ذكره وما جرى له وكيف مات في الأسر في ترجمة المنصور- والشرح في ذلك يطول.

وكانت ولادة القائم بمدينة سليمة- المذكورة في ترجمة والده المهدي- في المحرم سنة ثمانين، وقيل سنة اثنتين وثمانين، وقيل سبع وسبعين ومائتين، واستصحبه والده معه عند توجهه إلى بلاد المغرب؛ وتوفي يوم الأحد ثالث عشر شوال سنة أربع وثلاثين وثلثمائة، رحمه الله تعالى بالمهدية وأبو يزيد الخارجي محاصر له، فقام بالأمر ولد المنصور إسماعيل، وكتم خبر موته خوفاً من الخارجي أن يطلع عليه فيطمع فيه، وكان بالقرب منه على مدينة سوسة، فأبقى الأمور على حالها وأكثر من العطايا والصلات ولم يتسم بالخليفة، وكانت كتبه تنفذ من الأمير إسماعيل ولي عهد المسلمين، والله أعلم.