عز الدين مسعود صاحب الموصل

عز الدين مسعود صاحب الموصل

أبو الفتح وأبو المظفر، مسعود بن قطب الدين مودود بن عماد الدين زنكي ابن آق سنقر، أتابك صاحب الموصل، الملقب عز الدين - قد تقدم خبر جده وجد أبيه، وخبر ولده نور الدين أرسلان شاه وغيرهم من أهل بيته، وسيأتي ذكر أبيه في هذا الحرف إن شاء الله تعالى - ولما توفي والده قام بالملك ولده سيف الدين غازي - المقدم ذكره -أنه أكبر الإخوة، وكان قد خلف هذين الولدين، وعماد الدين زنكي صاحب سنجار المذكور عقيب ترجمة جده عماد الدين زنكي.

وكان عز الدين المذكور مقدم الجيوش في أيام أخيه غازي؛ ولما خرج السلطان صلاح الدين من الديار المصرية بعد وفاة الملك العادل نور الدين محمود - المقدم ذكره - وأخذ دمشق وتقدم إلى حلب وحاصرها، خاف غازي منه، وعلم أنه قد استفحل أمره وعظم شأنه، واستشعر أنه متى استحوذ على الشام تعدى الأمر إليه، فجهز جيشاً عظيماً وقدم عليه أخاه عز الدين مسعوداً المذكور، وسار يريد لقاء السلطان، وضرب المصاف معه ليرده على البلاد فلما بلغ السلطان خروجه رحل عن حلب، وذلك في مستهل رجب الفرد سنة سبعين وخمسمائة، وسار إلى حمص وأخذ قلعتها. وكان قد أخذ البلد في جمادى الأولى من السنة المذكورة بعد خروجه من دمشق قاصداً حلب، ووصل عز الدين مسعود إلى حلب لينجد ابن عمه الملك الصالح إسماعيل ابن نور الدين، صاحب حلب.

هذا كان في الصورة الظاهرة، وفي الباطن كان غرضهم ما ذكرناه من خوفهم على بلادهم، فانضم إلى عز الدين مسعود عسكر حلب وخرج في جمع كثير.

ولما عرف السلطان مسيرهم سار حتى وافاهم على قرون حماة، وراسلهم وراسلوه، واجتهد في أن يصالحوه فلم يفعلوا، ورأوا أن ضرب المصاف معه ربما نالوا به الغرض الأكبر والمقصود الأوفر، والقضاء يجر إلى أمور لا يشعرون بها، فقام المصاف بين العسكرين، وقضى الله تعالى أن انكسر جيش عز الدين وأسر السلطان جماعة من أمرائه ثم أطلقهم، وذلك يوم الأحد التاسع عشر من شهر رمضان المعظم من السنة المذكورة، وهذه الواقعة من الوقائع المشهورة.

ثم سار السلطان عقيب الكسر إلى حلب ونزل عليها، وهي الدفعة الثانية، فصالحه الملك الصالح إسماعيل على أخذ المعرة وكفرطاب وبارين ثم رحل عنها.

وشرح ذلك يطول، وتتمة هذه القضية مذكورة في ترجمة أخيه سيف الدين غازي.

ولما توفي أخوه سيف الدين في التاريخ المذكور في ترجمته، استقل عز الدين المذكور بالملك من بعده، ولم يزل إلى أن حضرت الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين الوفاة - في التاريخ المذكور في ترجمة أبيه نور الدين - فأوصى بمملكة حلب وما معها لابن عمه عز الدين مسعود المذكور، واستخلف له المراء والأجناد، فلما توفي وبلغ الخبر عز الدين مسعوداً، بادر متوجهاً إليها خوفاً من صلاح الدين أن يسبقه فيأخذه، وكان وصوله إليها في العشرين من شعبان سنة سبع وسبعين وخمسمائة، وصعد القلعة واستولى على ما بها من الخزائن والحواصل، وتزوج أم الملك الصالح في خامس شوال من السنة، وأقام بها إلى سادس عشر شوال.

ثم علم أنه لا يمكنه حفظ الشام والموصل، وخاف من جانب صلاح الدين، وألح عليه الأمراء في طلب الزيادات، وتبسطوا عليه في المطالب، وضاق عنهم عطنه. وكان المستولي على أمره مجاهد الدين قايماز الزيني - المقدم ذكره في حرف القاف - فرحل عن حلب وخلف بها مظفر الدين ولده، ومظفر الدين بن زين الدين صاحب إربل - المذكور في حرف الكاف؛ ولما وصل إلى الرقة لقيه بها أخوه عماد الدين زنكي صاحب سنجار، فقرر معه مقايضة حلب بسنجار وتحالفا على ذلك، وسير عماد الدين من يتسلم حلب، وسير عز الدين من يتسلم سنجار.

وفي ثالث عشر المحرم سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، صعد عماد الدين إلى قلعة حلب، وكان قد تقرر الصلح بين عز الدين المذكور وابن عمه الملك الصالح، وبين صلاح الدين، على يد قليج أرسلان صاحب الروم، وصعد السلطان صلاح الدين إلى الديار المصرية، واستناب بدمشق ابن أخيه عز الدين فروخ شاه بن شاهان شاه بن أيوب، فلما بلغه خبر وفاة الملك الصالح وهذه الأمور المتجددة عاد إلى الشام. وكان وصوله إلى دمشق في سابع عشر صفر سنة ثمان وسبعين، وبلغه بها أن رسول عز الدين مسعود وصل إلى الفرنج يحثهم على قتال السلطان ويبعثهم على قصده، فعلم أنه قد غدر به ونكث اليمين، فعزم على قصد حلب والموصل وأخذ في التأ هب للحرب، فبلغ عماد الدين صاحب حلب ذلك، فسير إلى أخيه صاحب الموصل يعلمه ذلك ويستدعي منه العساكر.

فسار السلطان صلاح الدين من دمشق ونزل على حلب، في ثاني عشر جمادى الأولى سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، وأقام عليها ثلاثة أيام. ثم رحل في الحادي والعشرين من الشهر، ثم جاءه مظفر الدين بن زين الدين صاحب إربل، وكان يوم ذلك في خدمة صاحب الموصل وهو صاحب حران، وكان قد استوحش من عز الدين مسعود صاحب الموصل وخاف من مجاهد الدين قايماز الزيني - المذكور في حرف القاف - فالتجأ إلى السلطان صلاح الدين وقطع الفرات وعبر إليه، وقوى عزمه على قصد بلاد الجزيرة وسهل أمرها عليه، فعبر السلطان صلاح الدين الفرات، وأخذ الرها والرقة ونصيبين وسروج، ثم أشحن على بلاد الخابور وأقطعها، وتوجه إلى الموصل، ونزل عليها يوم الخميس حادي عشر رجب سنة ثمان وسبعين وخمسمائة ليحاصرها، فأقام أياماً، وعلم أنه بلد عظيم لا يتحصل منه شيء بالمحاصرة، وان طريق أخذه أخذ قلاعه وبلاده وإضعاف أهله على طول الزمان، فرحل عنها ونزل على سنجار في سادس عشر شعبان من السنة، وأخذها في ثاني شهر رمضان المعظم، وأعطاها لابن أخيه الملك المظفر تقي الدين عمر - المقدم ذكره - وشرح ذلك يطول.

وخلاصة الأمر أنه رجع إلى الشام فكان وصوله إلى حران في أول ذي القعدة ثم عاد إلى منازلة الموصل، وكان وصوله إليها في أول شهر ربيع الأول سنة إحدى وثمانين، ونزلت إليه والدة عز الدين ومعها جماعة من نساء بني أتابك وابنه نور الدين أرسلان شاه بن مسعود - وقد سبق ذكره في حرف الهمزة - وطلبت منه المصالحة، فردها خائبة ظناً منه أن عز الدين أرسلها عجزاً عن حفظ الموصل، واعتذر بأعذار ندم عليها بعد ذلك، وبذل أهل الموصل نفوسهم في القتال لكونه رد النساء والولد بالخيبة، فأقام عليها إلى أن أتاه خبر وفاة شاه أرمن ناصر الدين محمد بن إبراهيم بن سكمان القطبي صاحب خلاط، وقيام مملوكه بكتمر بالأمر من بعده، وطمع في خلاط، وقرر معه تسليمها إليه وأن يعوضه عنها ما يرضيه. وكانت وفاة شاه أرمن يوم الخميس تاسع شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة.

فرحل السلطان صلاح الدين عن الموصل لهذا السبب في العشرين من الشهر المذكور وتوجه نحو خلاط، وفي مقدمته مظفر الدين صاحب إربل وهو يوم ذاك صاحب حران وناصر الدين محمد بن أسد الدين شيركوه وهو ابن عم صلاح الدين، فنزلوا بالطوانة، البليدة التي هي بالقرب من خلاط، وسير الرسل إلى بكتمر لتقرير القاعدة، فوصلت الرسل إليه وشمس الدين بهلوان بن الذكر صاحب أذربيجان وعراق العجم قد قرب من خلاط ليحاصرها، فبعث إليه بكتمر يعرفه أنه إن لم يرجع عنه وإلا سلم البلاد إلى السلطان صلاح الدين فصالحه وزوجه ابنته ورجع عنه، وسير بكتمر إلى السلطان صلاح الدين يعتذر عما قاله من تسليم خلاط، وكان السلطان قد نزل على ميافارقين يحاصرها، فقاتلها قتالاً شديداً، ثم أخذها عن صلح بالخديعة في التاسع والعشرين من جمادى الأولى من السنة المذكورة، وكان صاحبها قطب الدين ايغازي بن البي بن كرماس بن غازي بن أرتق، فمات وتركها لولده حسام الدين بولق أرسلان، وهو طفل صغير، فطمع في أخذها من واليها فأخذها.

ولما أيس السلطان من خلاط عاد إلى الموصل، وهي الدفعة الثالثة، ونزل بعيداً عنها بموضع يقال له كفر زمار، فأقام به مدة، وكان الحر شديداً، فمرض السلطان مرضاً شديداً أشفى على الموت، فرحل طالباً حران في مستهل شوال من السنة. ولما علم عز الدين مسعود المذكور بمرض السلطان وأنه رقيق القلب، انتهز الفرصة وسير القاضي بهاء الدين بن شداد - الآتي ذكره إن شاء الله تعالى في حرف الياء - ومعه بهاء الدين الربيب، فوصلا إلى حران في الرسالة والتماس الصلح، فأجاب إلى ذلك، وحلف يوم عرفة من السنة وقد تماثل للصحة، ولم يتغير عن تلك اليمين إلى أن مات رحمه الله تعالى، ثم رحل إلى الشام.

وأمن حينئذ عز الدين مسعود وطابت نفسه، ولم يزل على ذلك إلى أن توفي في السابع والعشرين من شعبان سنة تسع وثمانين وخمسمائة بعلى الإسهال. وكان قد بنى بالموصل مدرسة كبيرة وقفها على الفقهاء الشافعية والحنفية، فدفن بهذه المدرسة في تربة هي بداخلها، رحمه الله تعالى؛ ورأيت المدرسة والتربة، وهي من أحسن المدارس والترب، ومدرسة ولده نور الدين أرسلان شاه في قبالتها، وبينهما ساحة كبيرة.

ولما مات خلف ولده نور الدين المذكور - وقد تقدم ذكره في حرف الهمزة - ولما مات نور الدين - في التاريخ المذكور في ترجمته - خلف ولدين أحدهما الملك القاهر عز الدين أبو الفتح مسعود، والآخر الملك المنصور عماد الدين زنكي ولما حضرته الوفاة قسم البلاد بينهما، فأعطى الملك القاهر - وهو الأكبر - الموصل وأعمالها، وأعطى عماد الدين الشوش والعقر وتلك النواحي.

فأما الملك القاهر فكانت ولادته في سنة تسعين وخمسمائة بالموصل، وتوفي بها فجأة ليلة الاثنين لثلاث بقين من شهر ربيع الآخر سنة خمس عشرة وستمائة، وكان قد بنى مدرسة أيضاً فدفن بها.

وأما عماد الدين فإنه أخذ بعد موت أخيه الملك القاهر قلعة العمادية، ثم أخذت منه، وهي من أحسن القلاع بجبل الهكارية من أعمال الموصل، وكذلك عدة قلاع مما يجاورها، وانتقل إلى إربل، وكان زوج ابنه مظفر الدين صاحب إربل، فأقام بها زماناً، وكنا في جواره، وكان من أحسن الناس صورة، ثم قبض عليه مظفر الدين لأمر يطول شرحه، وسيره إلى سنجار الملك الأشرف ابن الملك العادل - الآتي ذكره إن شاء الله تعالى - فأفرج عنه الملك الأشرف، وعاد إلى أربل، وقايضه مظفر الدين عن العقر بشهرزور وأعمالها، فانتقل إليها، وأقام إلى أن توفي في حدود سنة ثلاثين وستمائة، وخلف ولداً أقام بعده قليلاً ثم مات، رحمهما الله تعالى.

ولما مات عز الدين مسعود بن أرسلان شاه خلف ولدين نور الدين أرسلان شاه، وكان سمي عليا في حياة جده أرسلان شاه، فلما مات جده نور الدين سموه باسمه، وناصر الدين محمد.

فتولى بعده نور الدين المذكور، وكان تقدير عمره عشر سنين، وبقي بعد أبيه قليلاً وتوفي في بقية السنة.

وتولى أخوه بعده ناصر الدين محمود، واملدبر لأمر المملكة بدر الدين لؤلؤ الذي ملك الموصل فيما بعد.

وتوفي بهلوان بن الذكر المذكور، في سلخ ذي الحجة سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، رحمه الله تعالى.

وتوفي والده شمس الدين الذكرالأتابك في أواخر شهر ربيع الآخر سنة سبعين وخمسمائة، بنقجوان، ودفن بها رحمه الله تعالى؛ وكان أتابك السلطان أرسلان شاه بن طغرلبك بن محمد بن ملكشاه بن محمد السلجوقي.

وبعد الذكر بمقدار شهر توفي أرسلان شاه المذكور بهمذان ودفن بها رحمه الله تعالى.

وقتل قزل بن الذكر المذكور في أوائل شعبان سنة سبع وثمانين وخمسمائة، وكان ملكاً كبيراً، وهو ابن الذكر المذكور، رحمهم الله تعالى أجمعين. والله تعالى أعلم بالصواب.

مطرف الصنعاني أبو أيوب مطرف بن مازن، الكناني بالولاء، وقيل القيسي بالولاء، اليماني الصنعاني؛ ولي القضاء بصنعاء اليمن، وحدث عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريح وجماعة كثيرة، وروى عنه الإمام الشافعي رضي الله عنه، وخلق كثير.

واختلفوا في روايته: فنقل عن يحيى بن معين أنه سئل عنه فقال: كذاب. وقال النسائي: مطرف بن مازن ليس بثقة. وقال السعدي: مطرف بن مازن الصنعاني يتثبت في حدثه حتى يبلى ما عنده. وقال أبو حاتم محمد بن حبان البستي: مطرف بن مازن الكناني قاضي اليمن يروي عن معمر وابن جريح، روى عنه الشافعي وأهل العراق، وكان يحدث بما لم يسمع، ويروي ما لم يكتب عمن لم يره، ولا تجوز الرواية عنه إلا عند الخواص للإعتبار فقط. وقال حاجب ابن سليمان: كان مطرف بن مازن قاضي صنعاء وكان رجلاً صالحاً، وذكر عنه حكاية في إبراره قسم من أقسم على أمر شنيع يفعله به. وذكر أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني أحاديث من رواية مطرف بن مازن وقال: لمطرف غير ما ذكرت أفراد يتفرد بها عمن يرويها عنه، ولم أر فيما يرويه شيئاً منكراً.

وقال أبو بكر أحمد بن الحسين البهقي: أخبرنا أبو سعيد قال، حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال الشافعي رضي الله عنه: وقد كان من حكام الآفاق من يستحلف على المصحف وذلك عندي حسن، وقال: وأخبرني مطرف بن مازن بإسناد لا أحفظه أن ابن الزبير أمر بأن يحلف على المصحف قال الشافعي؛ رضي الله عنه: ورأيت مطرفاً بصنعاء اليمن يحلف على المصحف، وقال غيره، قال الشافعي رضي الله عنه ورأيت ابن مازن - وهو قاضي صنعاء - يغلط باليمين بالمصحف.

وتوفي مطرف المذكور بالرقة، وقيل بمنبج، وكانت وفاته في أواخر خلافة هارون الرشيد، وتوفي هارون الرشيد ليلة السبت لثلاث خلون من جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين ومائة بطوس، وكانت ولايته يوم الجمعة لأربع عشرة ليلة بقيت من ربيع الأول سنة سبعين ومائة، رحمه الله تعالى.

وهذا مطرف ليس من المشاهير الذين أحتاج إلى ذكرهم، والذي حملني على ذكره أن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي، رحمه الله تعالى، ذكره في كتاب ذكره في كتاب "المهذب" في باب اليمين في الدعاوى في فصل التغليظ، فقال: "وإن حلف بالمصحف وما فيه من القرآن فقد حكى الشافعي رضي الله عنه عن مطرف أن ابن الزبير كان يحلف على المصحف، قال: ورأيت مطرفاً بصنعاء يستحلف على المصحف، قال الشافعي رضي الله عنه: وهو حسن" انتهى كلام صاحب "المهذب". ورأيت الفقهاء يسألون عن مطرف المذكور ولا يعرفه أحد، حتى غلط فيه صاحبنا عماد الدين أبو المجد إسماعيل بن أبي البركات هبة الله بن أبي الرضى بن باطيش الموصلي الفقيه الشافعي في كتابه الذي وضعه على "المهذب" في أسماء رجاله والكلام على غريبه فقال: "مطرف بن عبد الله بن الشخير" ثم قال "وتوفي سنة سبع وثمانين" يعني للهجرة، فيا لله العجب! شخص يموت في هذا التاريخ كيف يمكن أن يراه الشافعي رضي الله عنه؟ ومولد الشافعي سنة خمسين ومائة بعد موت ابن الشخير بثلاث وستين سنة، وما أدري كيف وقع هذا الغلط؟ فلو أنه ما حكى تاريخ وفاته كان يمكن أن يقال: ظن أنه أدركه الشافعي.

ولما انتهيت في هذه الترجمة إلى هذا الموضع رأيت في تاريخ أبي الحسين عبد الباقي بن قانع الذي جعله مرتباً على السنين أن مطرف بن مازن توفي سنة إحدى وتسعين ومائة، وهذا يوافق ما قاله الأول من أنه توفي في أواخر خلافة هارون الرشيد.

والذي أفادني هذه الترجمة على الصورة المحكية في الأول هو الشيخ الحافظ زكي الدين أبو محمد عبد العظيم المنذري، نفع الله به.

ومطرف: بضم الميم وفتح الطاء المهملة وتشديد الراء المكسورة وبعدها فاء. والباقي معروف فلا حاجة إلى ضبطه وتقييده.

وأما مطرف الذي ذكره عماد الدين فهو أبو عبد الله مطرف بن عبد الله بن الشخير بن عوف بن كعب بن رقدان بن الحريش بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس عيلان بن مضر بن معد بن عدنان، الحرشي، كان فقيهاً، وكان لوالده عبد الله صحبة، وكان مطرف من أعبد الناس وأنسكهم، فذكروا أنه وقع بينه وبين رجل منازعة، فرفع يديه، وكان ذلك في مسجد البصرة، وقال: اللهم إني أسألك ألا يقوم من مجلسه حتى تكفيني إياه، فلم يفرغ مطرف من كلامه حتى صرع الرجل فمات، وأخذ مطرف وقدموه إلى القاضي، فقال القاضي: لم يقتله، وإنما دعا عليه فأجاب الله دعوته، فكان بعد ذلك تتقى دعوته، ومات في سنة سبع وثمانين للهجرة وقيل غير ذلك وقال ابن قانع: سنة خمس وتسعين، والله تعالى أعلم بالصواب.