الشريف أبو جعفر مسعود بن عبد العزيز بن المحسن بن الحسن بن عبد الرزاق البياضي، الشاعر المشهور، هكذا وجدته بخط بعض الحفاظ المتقينن، ورأيت في أول ديوانه أنه أبو جعفر مسعود بن المحسن بن العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي، والله أعلم بالصواب.
وهو من الشعراء الممجيدين في المتأخرين، وديوان شعره صغير، وهو في غاية الرقة، وليس فيه من المدائح إلا اليسير، فمن أحسن شعره قصديته القافية التي أولها:
إن غاض دمعك والركاب تساق |
|
مع ما بقلبك فهو منك نفـاق |
لا تحبسن ماء الجفون فـإنـه |
|
لك يا لديغ هـواهـم تـرياق |
واحذر مصاحبة العذول فإنـه |
|
مغر، وظاهر عذله إشـفـاق |
لا يبعدن زمن مضـت أيامـه |
|
وعلى متون غصونهـا أوراق |
أيام نرجسنا العيون ووردنـا ال |
|
غض الخود وخمرنـا الأرياق |
ولنا بزوراء العراق مـواسـم |
|
كانت تقام لطيبـهـا أسـواق |
فلئن بكت عيني دماً شوقاً إلـى |
|
ذاك الزمان فمثلـه يشـتـاق |
ومنها:
أين الأغيلمة الأولى لـولاهـم |
|
ما كان طعم هوى الملاح يذاق |
وكأنما أرماحهم بـأكـفـهـم |
|
أجسامهم ونصولهـا الأحـداق |
شنوا الإغارة في القلوب بأعين |
|
لا يرتجى لأسـيرهـاإطـلاق |
واستعذبوا ماء الجفون فعذبوا ال |
|
أسراء حـتـى درت الآمـاق |
ونمى الحديث بأنهم نذروا دمي |
|
أو لي دم يوم الـفـراق يراق |
وله، وهو مما يغني به:
كيف يذوي عشب أشوا |
|
قي ولي طرف مطير |
إن يكن في العشق حر |
|
فأنا العـبـد الأسـير |
أو على الحسن زكـاة |
|
فأنا ذاك الـفـقـير |
وله وكتبها على مروحة:
وارحمتا لي أن حللت بمجلس |
|
إن لحنوا فيه يكون كسـادي |
وله أيضاً:
يا ليلة بات فيها البدر معتنـقـي |
|
إلى الصباح بلا خوف ولا حـذر |
كلامه الدر يغني عن كواكبـهـا |
|
ووجهه عوض فيها عن القمـر |
فبينما أنا أرعي في محـاسـنـه |
|
سمعي وطرفي إذ أنذرت بالسحر |
ولم يكن عيبها إلا تقـاصـرهـا |
|
وأي عيب لها أشنى من القصـر |
وودت لو أنها طالت علـي ولـو |
|
أمددتها بسواد القلب والبـصـر |
والبيت الأخير منها ينظر إلى قول أبي العلاء بن سليمان المعري، وهو:
يود أن ظلام الـلـيل دام لـه |
|
وزيد فيه سواد القلب والبصر |
وشعره كله
على هذا الأسلوب، وقد تقدم له بيتان في ترجمة صر در الشاعر. وتوفي
الباضي المذكور يوم الثلاثاء سادس عشر ذي القعدة سنة ثمان وستين
وأربعمائة ببغداد، ودفن بمقبرة باب أبرز. وإنما قيل له البياضي لأن أحد
أجداداه كان في مجلس بعض الخلفاء مع جماعة من العباسيين، وكانوا قد
لبسوا سواداً، ما عداه، فإنه كان قد لبس بياضاً فقال الخليفة: من ذلك
البياضي؟ فثبت الإسم عليه واشتهر به.
وذكر ابن الجوزي في كتاب "الألقاب" أن صاحب هذه الواقعة هو محمد ابن
عيسى بن محمد بن عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب،
رضي الله عنهم أجمعين، وهو الذي يقال له البياضي. ورأيت بخط أسامة بن
منقذ - المقدم ذكره - أن الذي لقبه بهذا اللقب هو الخليفة الراضي
بالله، والله