مسعود الطريثيثي

أبو المعالي مسعود بن محمد بن مسعود بن طاهر النيسابوري الطريثيثي الفقيه الشافعي، الملقب قطب الدين؛ تفقه بنيسابور ومرو على أئمتها، وسمع الحيث من غير واحد، ورأى الاستاذ أبا نصر القشيري، ودرس بالمدرسة الناظمية بنيسابور نيابة عن الجويني. وكان قد قرأ القرآن الكريم والأدب على والده، وقدم بغداد ووعظ بها وتكلم في المسائل فأحسن، وقدم دمشق سنة أربعين وخمسمائة، ووعظ بها وحصل له قبول، ودرس بالمدرسة المجاهدية ثم بالزاوية الغربية من جامع دمشق بعد موت الفقيه أبي الفتح نصر الله المصيصي؛ وذكره الحافظ ابن عساكر في "تاريخ دمشق".

ثم خرج إلى حلب وتولى التدريس مدة في المدرستين اللتين بناهما له نور الدين محمود وأسد الدين شيركوه، ثم مضى إلى همذان وتولى التدريس بها، ثم رجع إلى دمشق ودرس بالزاوية الغرية وحدث، وتفرد برئاسة أصحاب الشافعي رضي الله عنه.

وكان عالماً صالحاً، صنف كتاب "الهادي" في الفقه، وهو مختصر نافع لم يأت فيه إلا بالقول الذي عليه الفتوى، وجمع للسلطان صلاح الدين عقيدة تجمع جميع ما يحتاج إليه في أمور دينه، وحفظها أولاده الصغار حتى تترسخ في أذهانهم من الصغر، قال بهاء الدين ابن شداد في "سيرة السلطان ": ورأيته - يعني السلطان - وهو يأخذها عليهم، وهو يقرؤونها بين يديه من حفظهم.

وكان متواضعاً قليل التصنع. مطرحاً للتكليف؛ وكانت ولادته سنة خمس وخمسمائة، في الثالث عشر من شهر رجب الفرد؛ وتوفي في آخر يوم من شهر رمضان المعظم، سنة ثمان وسبعين وخمسمائة بدمشق، وصلي عليه يوم العيد، وكان نهار الجمعة، ودفن بالمقبرة التي أنشأها جوار مقبر الصوفية غربي دمشق، وزرت قبره غير مرة، رحمه الله تعالى.

وكان والده من طريثت، وقد تقدم الكلام عليها في ترجمة عميد الملك الكندري فلا حاجة إلى إعادته، وهي من نواحي نيسابور.
وقال بعض أصحابه: أنشدنا الشيخ قطب الدين لبعضهم:

يقولون إن الحب كالنار في الحشا         ألا كذبوا فالنار تذكو وتخـمـد
وما هي إلا جذوة مس عودهـا              ندى فهي لا تخبو ولا تتـوقـد

والله تعالى أعلم بالصواب.