الواعظ الروزي

أبو منصور المظفر بن أبي الحسين أزدشير بن أبي منصور العبادي، الواعظ المروزي الملقب قطب الدين، المعروف بالأمير؛ كان من أهل مرو، وله اليد الطولى في الوعظ والتذكير وحسن العبارة، ومارس هذا الفن من صغره إلى كبره، ومهر فيه حتى صار ممن يضرب به المثل في ذلك وصار عين ذلك العصر، وشهد له الكل بالفضل وحيازة قصب السبق.

وقدم بغداد فأقام بها قريباً من ثلاث سنين يعقد له فيها مجالس الوعظ، ولقي من الخلق قبولاً تاماً، وحظي عند الإمام المقتفي لأمر الله، ثم خرج منها رسولاً إلى جهة السلطان سنجر بن ملك شاه السلجوقي- المقدم ذكره - فوصل إلى خراسان، ثم عاد إلى بغداد، وخرج منها إلى خوزستان في رسالة فمات بعسكر مكرم في سلخ ربيع الآخر يوم الخميس، وقيل الاثنين، سنة سبع وأربعين وخمسمائة، وحمل تابوته إلى بغداد، ودفن بها في الشونيزية في حظيرة الشيخ الجنيد بن محمد العبد الصالح، رضي الله عنه.

ومولده في شهر رمضان سنة إحدى وتسعين وأربعمائة، وسمع الحد يث الكثير بنيسابور من أبي علي نصر الله بن أحمد بن عثمان الخشنامي وأبي عبد الله إسماعيل بن الاحفظ عبد الغافر الفارسي وغيرهما، وروي عنه الحافظ أبو سعد السمعاني، وقال عنه: كان صحيح السماع، ولم يكن موثوقاً به في دينه، رأيت منه أشياء، وطالعت بخطه رسالة جمعها في إباحة شرب الخمر، سامحه الله تعالى وعفا عنه.

وكان والده أبو الحسين يعرف بالأمير أيضاً، وكان مليح الوعظ حسن السيرة توفي سنة نيف وتسعين وأربعمائة، رحمهما الله تعالى.

والعبادي: بفتح العين المهملة وتشديد الباء الموحدة وبعد الألف دال مهملة هذه النسبة إلى سنج عباد، وهي قرية من قرى مرو.

وسنج: بكسر السين المهملة وسكون النون وبعدها جيم؛ وبأعمال مرو أيضاً قرية كبيرة يقال لها سنج، منها الفقيه أبو علي النجي - وقد تقدم ذكره في حرف الحاء - وتكلمنا على سنج هناك، فلا يظن ظان أنهما موضع واحد، بل هما قريتان، وقد نبه على ذلك جماعة من أرباب هذا الفن.

وأما أزدشير فقد تقدم الكلام على ضبطه في ترجمة الوزير سابور، فلا حاجة إلى إعادته، والله تعالى أعلم.