نافع مولى ابن عمر

أبو عبد الله نافع مولى عبد الله بن عمر، رضي الله عنهم؛ كان ديلمياً، وأصابه مولاه عبد الله بن عمر في غزاته، وهو من كبار الصالحين التابعين، سمع مولاه وأبا سعيد الخدري، وروى عنه الزهري وأيوب السختياني ومالك بن أنس، رضي الله عنهم. وهو من المشهورين بالحديث، ومن الثقات الذين يؤخذ عنهم ويجمع حديثهم ويعمل به، ومعظم حديث ابن عمر عليه دار. وقال مالك: كنت إذا سمعت حديث نافع عن ابن عمر لا أبالي ألا أسمعه من أحد؛ وأهل الحديث يقولون: رواية الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر سلسلة الذهب لجلالة كل واحد من هؤلاء الرواة.

وحكى الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، رحمه الله تعالى، في كتاب "المهذب" في باب الوليمة والنثر عن نافع قال: كنت أسير مع عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، فسمع زمارة راع، فوضع إصبعيه في أذنيه ثم عدل عن الطريق، فلم يزل يقول: يا نافع أتسمع؟ حتى قلت: لا، فأخرج إصبعيه عن أذنيه ثم رجع إلى الطريق، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع. وفي هذا الأثر إشكال تسأل عنه الفقهاء، وهو أن عمر كيف سد أذنيه عن استماع صوت الزمارة، ولم يأمر مولاه نافعاً بفعل ذلك بل مكنه منه، وكان يسأله كل وقت: هل انقطع الصوت أم لا؟ وقد أجابوا عن الإشكال بأن نافعاً حينئذ كان صبياً، فلم يكن مكلفاً حتى يمنعه من الاستماع، ويرد على هذا الجواب سؤال آخر، وهو أن الصحيح أن أخبار الصبي غير مقبول، فكيف ركن ابن عمر إلى إخباره في انقطاع الصوت؟ وهذا الأثر يعضد حجة من قال: إن رواية الصبي مقبولة، وفي ذلك خلاف مشهور، وليس هذا موضع الكلام عليه.

وأخبار نافع كثيرة؛ وتوفي سنة سبع عشرة، وقيل سنة عشرين ومائة، رضي الله عنه.