أبو يزيد وثيمة بن موسى بن الفرات الوشاء، الفارسي الفسوي، كان قد خرج من بلده إلى البصرة ثم سافر إلى مصر، وارتحل منها إلى الأندلس تاجراً وكان يتجر في الوشي.
وصنف كتاباً في أخبار الردة، وذكر فيه القبائل التي ارتدت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، والسرايا التي إليهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وصورة مقاتلتهم وما جرى بينهم وبين المسلمين في ذلك ومن عاد منهم إلى الإسلام، وقتال مانعي الزكاة، وما جرى لخالد بن الوليد المخزومي، رضي الله عنه مع مالك بن نويرة اليربوعي أخي متمم بن نويرة الشاعر المشهور صاحب المرائي المشهورة في أخيه مالك، وصورة قتله، وأم قاله متمم من الشعر في ذلك وما قاله غيره، وهو كتاب جيد يشتمل على فوائد كثيرة، وقد تقدم في ترجمة أبي عبد الله محمد الواقدي أنه صنف في الردة كتاباً أيضاً أجاد فيه، ولم أعرف لوثيمة المذكور من التصانيف سوى هذا الكتاب.
وهو رجل مشهور ذكره أبو الوليد بن الفرضي صاحب " تاريخ الأندلس " في كتابه، وذكره الحافظ أبو عبد الله الحميدي في كتاب " جذوة المقتبس " وأبو سعيد بن يونس في تاريخ مصر، وأبو سعد السمعاني في كتاب " الأنساب " في ترجمة الوشاء فقال: كان يتجر في الوشي، وهو نوع من الثياب المعمولة من الإبريسم، فعرف به جماعة منهم وثيمة المذكور.
ثم إن
وثيمة عاد من الأندلس إلى مصر ومات بها يوم الاثنين لعشر خلون من جمادى
الآخرة سنة سبع وثلاثين ومائتين، رحمه الله تعالى.
وقال أبو سعيد بن يونس المصري في تاريخه: كان لوثيمة ولد يقال له أبو
رفاعة عمارة بن وثيمة، حدث عن أبي صالح كاتب الليث بن سعد وعن أبيه
وثيمة وغيرهما، وصنف تاريخاً على السنين وحدث به، ومولده بمصر، وتوفي
ليلة الخميس لست بقين من جمادى الآخرة سنة تسع وثمانين ومائتين.
ووثيمة بفتح الواو وكسر الثاء المثلثة وسكون الياء المثناة من تحتها وفتح الميم وبعدها هاء ساكنة، والوثيمة في الأصل الجماعة من الحشيش والطعام، والوثيمة الصخرة، وبها سمي الرجل، والله أعلم بالصواب، والوثيمة أيضاً الحجر الذي يقدح النار. تقول العرب في أيمانها: والذي أخرج العذق من الجريمة، والنار من الوثيمة: العذق - بفتح العين المهملة - النخلة، والجريمة النواة.
وأم
الفارسي والفسوي فقد تقدم الكلام عليهما في ترجمة الشيخ أبي علي
الفارسي النحوي وأرسلان البساسيري فأغنى عن الإعادة.
وإذ ذكرنا متمم بن نويرة وأخاه فلا بد من ذكر طرف من أخبارهما، فإنها
مستملحة.
كان مالك بن نويرة المذكور رجلاً سرياً نبيلاً يردف الملوك، وللردافة موضعان أحدهما: أن يردفه الملك على دابته في صيد أو غيره من مواضع الأنس، والموضع الثاني أنبل، وهو أن يخلف الملك إذا قام عن مجلس الحكم فينظر بين الناس بعده. وهو الذي يضرب به المثل فيقال: مرعى ولا كالسعدان، وماء ولا كصداء، وفتى ولا كمالك. وكان فارساً شاعراً مطاعاً في قومه، وكان فيه خيلاء وتقدم، وكان ذا لمة كبيرة، وكان يقال له الجفول، وقدم النبي صلى الله عليه وسلم فيمن قدم من العرب فأسلم، فولاه النبي صلى الله عليه وسلم صدقه قومه. ولما ارتدت العرب بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بمنع الزكاة كان مالك المذكور من جملتهم، ولما خرج خالد بن الوليد رضي الله عنه لقتالهم في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه نزل على مالك وهو مقدم قومه بني يربوع وقد أخذ زكاتهم وتصرف فيها، فكلمه خالد في معناها، فقال مالك: إني آتي الصلاة دون الزكاة، فقال له خالد: أما علمت أن الصلاة والزكاة معاً لا تقبل واحدة دون أخرى، فقال مالك: قد كان صاحبك يقول ذلك، قال خالد: وما تراه لك صاحباً؟ والله لقد هممت أن أضرب عنقك، ثم تجاولا في الكلام طويلاً فقال له خالد: إنني قاتلك، قال: أو بذلك أمرك صاحبك؟ قال: وهذه بعد تلك والله لأقتلنك. وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وأبو قتادة الأنصاري رضي الله عنه حاضرين فكلما خالداً في أمره، فكره كلامهما، فقال مالك: يا خالد، ابعثنا إلى أبي بكر فيكون هو الذي يحكم فينا، فقد بعثت إليه غيرنا ممن جرمه أكبر من جرمنا، فقال خالد: لا أقالني الله إن أقلتك، وتقدم إلى ضرار بن الأزور الأسدي بضرب عنقه، فالتفت مالك إلى زوجته أم متمم وقال لخالد: هذه التي قتلتني، وكانت في غاية الجمال، فقال له خالد: بل الله قتلك برجوعك عن الإسلام، فقال مالك: أنا على الإسلام، فقال خالد: يا ضرار اضرب عنقه، فضرب عنقه وجعل رأسه أثفية لقدر، وكان من أكثر الناس شعراً - كما تقدم ذكره - فكانت القدر على رأسه حتى نضج الطعام، وما خلصت النار إلى شواه من كثرة شعره.
قال ابن الكلبي في جمهرة النسب: قتل مالك يوم البطاح، وجاء أخوه متمم فكان يرثيه.
وقبض خالد امرأته، فقيل إنه اشتراها من الفيء وتزوج بها، وقيل إنها اعتدت بثلاثة حيض ثم خطبها إلى نفسه فأجابته، فقال لابن عمر وأبي قتادة رضي الله عنهما يحضران النكاح فأبيا، وقال له ابن عمر رضي الله عنه: تكتب إلى أبي بكر رضي الله عنه وتذكر أمرها فأبى وتزوجها، فقال في ذلك أبو زهير السعدي:
ألا قل لحي أوطئوا بالسـنـابـك |
|
تطاول هذا الليل من بعد مالـك |
قضى خالد بغياً عليه لعـرسـه |
|
وكان له فيها هوىً قبـل ذلـك |
فأمضى هواه خالد غير عاطـف |
|
عنان الهوى عنها ولا متمـالـك |
وأصبح ذا أهل، وأصبح مـالـك |
|
إلى غير شيء هالكاً في الهوالك |
فمن لليتامى والأرامـل بـعـده |
|
ومن للرجال المعدمين الصعالك |
أصيبت تميم غثها وسـمـينـهـا |
|
بفارسها المرجو تحت الحوارك |
ولما بلغ الخبر أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، قال عمر لأبي بكر رضي الله عنه: إن خالداً قد زنى فارجمه، قال: ما كنت لأرجمه فإنه تأول فأخطأ، قال: فإنه قتل مسلماً فاقتله به، قال: ما كنت لأقتله به، إنه تأول فأخطأ، قال فاعزله، قال: ما كنت لأشيم سيفاً سله الله عليهم أبداً، هكذا سرد هذه الواقعة وثيمة المذكور والواقدي في كتابيهما، والعهدة عليهما.
وكان أخوه متمم بن نويرة، وكنيته أبو نهشل الشاعر المشهور، كثير
الانقطاع في بيته قليل التصرف في أمر نفسه اكتفاء بأخيه مالك، وكان
أعور دميماً، فلما بلغه مقتل أخيه حضر إلى مسجد رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وصلى الصبح خلف أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فلما فرغ من
صلاته واستند في محرابه قام متمم فوقف بحذائه واتكأ على سية قوسه ثم
أنشد:
نعم القتيل إذا الرياح تنـاوحـت |
|
خلف البيوت قتلت يا ابن الأزور |
أدعوته بـالـلـه ثـم غـدرتـه |
|
لو هو دعاك بـذمة لـم يغـدر |
وأومأ إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقال: والله ما دعوته ولا غدرته:
ولنعم حشو الدرع كان وحاسراً |
|
ولنعم مأوى الطارق المتنور |
لا يمسك الفحشاء تحت ثيابـه |
|
حلو شمائله عفيف الـمـئزر |
ثم بكى وانحط على سية قوسه، فما زال يبكي حتى دمعت عينه العوراء، فقام إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: لوددت أنك رثيت زيداً أخي بمثل ما رثيت به مالكاً أخاك، فقال: يا أبا حفص، والله لو علمت أن أخي صار بحيث صار أخوك ما رثيته، فقال عمر رضي الله عنه: ما عزاني أحد عن أخي بمثل تعزيته. وكان زيد بن الخطاب رضي الله عنه قتل شهيداً يوم اليمامة، وكان عمر رضي الله عنه يقول: إني لأهش للصبا أنها تأتيني من ناحية أخي زيد، ويروى عن عمر رضي الله عنه أنه قال: لو كنت أقول الشعر كما تقول لرثيت أخي كما رثيت أخاك. ويروى أن متمماً رثى زيداً فلم يجد، فقال له عمر رضي الله عنه: لم ترث زيداً كما رثيت مالكاً، فقال: إنه والله ليحركني لمالك ما لا يحركني لزيد.
وقال له عمر رضي الله عنه يوماً: إنك لجزل فأين كان أخوك منك، فقال:
كان أخي في الليلة ذات الأزيز والصراد يركب الجمل الثفال،
ويجنب الفرس الجرور، وفي يده الرمح الثقيل، وعليه الشملة الفلوت، وهو
بين المزادتين، حتى يصبح وهو متبسم.
والأزيز: بفتح الهمزة وزاءين الأولى منهما مكسورة وبينهما ياء مثناة من
تحتها، صوت الرعد.
والصراد: بضم الصاد المهملة وتشديد الراء وفتحها وبعد الألف دال مهملة،
غيم رقيق لا ماء فيه.
والثفال: بفتح الثاء المثلثة والفاء، وهو الجمل البطيء في سيره لا يكاد
يمشي من ثقله.
والجرور: بفتح الجيم على وزن فعول، الفرس الذي يمنع القياد.
والشملة الفلوت: التي لا تكاد تثبت على لابسها.
والمزادة: الراوية، وهي معروفة.
وقال له عمر رضي الله عنه يوماً: خبرنا عن أخيك، قال: يا أمير
المؤمنين، لقد أسرت مرة في حي من أحياء العرب، فأخبر أخي، فأقبل، فلما
طلع على الحاضر ما كان أحد قاعداً إلا قام على رجليه، وما بقيت امرأة
إلا وتطلعت من خلال البيوت، فما نزل عن جمله حتى لقوه بي برمتي فحلني
هو، فقال عمر رضي الله عنه: إن هذا لهو الشرف.
والرمة: بضم الراء المهملة، الحبل البالي، ومنه قولهم " دفع إليه الشيء
برمته " أصله: أن رجلاً دفع إلى رجل بعيراً بحبل في عنقه، فقيل ذلك لكل
من دفع شيئاً بجملته.
وقال متمم أيضاً لعمر رضي الله عنه: أغار حي من أحياء العرب على حي أخي
مالك وهو غائب، فجاءه الصريخ، فخرج في آثارهم على جمل يسوقه مرةً
ويركبه أخرى، حتى أدركهم على مسيرة ثلاث وهم آمنون، فما هو إلا أن رأوه
فأرسلوا ما في أيديهم من الأسرى والنعم وهربوا، فأدركهم أخي، فاستسلموا
جميعاً حتى كتفهم، وصدر بهم إلى بلاده مكتوفين، فقال عمر رضي الله عنه:
قد كنا نعلم سخاءه وشجاعته، ولم نعلم كل ما تذكره.
وله فيه المراثي النادرة، فمن ذلك أبياته الكافية، وهي في كتاب "
الحماسة " في باب المراثي:
لقد لامني عند القبور على البكا |
|
رفيقي لتذراف الدموع السوافك |
فقال أتبكي كل قـبـر رأيتـه |
|
لقبر ثوى بين اللوى والدكادك؟ |
فقلت له إن الشجا يبعث الشجـا |
|
فدعني فهذا كله قبر مـالـك |
وله فيه قصيدته العينية، وهي طويلة بديعة، ومن جملتها:
وكنا كندماني جـذيمة حـقـبة |
|
من الدهر حتى قيل لن يتصدعا |
وعشنا بخير في الحياة، وقبلنـا |
|
أصاب المنايارهط كسرى وتبعا |
فلما تفرقنا كأنـي ومـالـكـا |
|
لطول اجتماع لم نبت ليلة معـا |
وقد يتشوف الواقف على هذا الكتاب إلى الوقوف على شيء من أخبار جذيمة المذكور ونديميه - وهو بفتح الجيم وكسر الذال المعجمة وسكون الياء المثناة من تحتها وفتح الميم وبعدها هاء ساكنة - وكنيته أبو مالك جذيمة بن مالك بن فهم بن دوس بن الأزد الأزدي، صاحب الحيرة وما والاها، وهو الأبرش والوضاح، وإنما قيل ذلك لأنه كان أبرص، فكانت العرب تهابه أن تنسبه إلى البرص فعرفته بأحد هذين الوصفين. وهو من ملوك الطوائف، وكان بعد عيسى عليه السلام بثلاثين سنة، وكان من تيهه لا ينادم إلا الفرقدين. وكان له ابن أخت يقال له عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة بن الحارث بن مالك اللخمي، ويقال له عمم لأنه أول من اعتم، ابن تمارة بن لخم، وبقية النسب معروف، واسم الأخت المذكورة رقاش، وكان جذيمة شديد المحبة له، فاستهوته الجن، وأقام زماناً يتطلبه فلم يجده، فأقبل رجلان من بني القين يقال لأحدهما مالك والآخر عقيل ابنا فارح بن مالك بن كعب بن القين، واسمه النعمان، ابن جسر بن شيع بن أسد بن وبرة بن ثعلبة بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة، وسمي القين بعبد كان له فحضنه فاشتهر به فصادفا عمراً في البرية وهو أشعث الرأس طويل الأظفار سيء الحال، فعرفاه وحملاه إلى خاله جذيمة بعد أن لما شعثه وأصلحا حاله، فقال لهما جذيمة من فرط سروره به: احتكما علي، فقالا: منادمتك ما بقيت وبقينا، فقال: ذلك لكما، فهما نديماه اللذين يضرب بهما المثل، ويقال: إنهما نادماه أربعين سنة لم يعيدا عليه حديثاً حدثاه به، وإياهما عن أبو خراش الهذلي بقوله في مرثية أخيه عروة:
تقول أراه بعد عروة لاهـياً |
|
وذلك رزء لو علمت جلـيل |
فلا تحسبني أني تناسيت عهده |
|
ولكن صبري يا أميم جمـيل |
ألم تعلمي أن قد تفرق قبلنـا |
|
نديماً صفاء: مالك وعقـيل |
هذه خلاصة حديثهم، وإن كان فيه طول، وإنما قصدت الإيجاز.
وذكر أبو علي القالي في كتابه الذي جعله ذيلاً على أمياله أن متمماً
المذكور قدم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان به معجباً، فقال: يا
متمم، ما يمنعك من الزواج لعل الله تعالى أن ينشر منك ولداً، فإنكم أهل
بيت قد درجتم؟ فتزوج امرأة من أهل المدينة، فلم تحظ عنده ولم يحظ
عندها، فطلقها ثم قال:
أقول لهند حين لم أرض عقلهـا |
|
أهذا دلال العشق، أم أنت فارك؟ |
أم الصرم تهوين فكل مـفـارقٍ |
|
علي يسير بعد ما بـان مـالـك |
فقال له عمر رضي الله عنه: ما تنفك تذكر مالكاً على كل حال، فلم يمض على هذا الأمر إلا قليل حتى طعن عمر رضي الله عنه، ومتمم بالمدينة، فرثى عمر رضي الله عنه. وبالجملة فإنه لم ينقل عن أحد من العرب ولا غيرهم أنه بكى على ميته ما بكى متمم على أخيه مالك.
حكى الواقدي في كتاب " الردة " أن عمر رضي الله عنه قال لمتمم: ما بلغ
من حزنك على أخيك؟ فقال له: لقد مكثت سنة لا أنام بليل حتى أصبح، ولا
رأيت ناراً رفعت بليل إلا ظننت نفسي ستخرج، أذكر بها نار أخي، كان يأمر
بالنار فتوقد حتى يصبح مخافة أن يبيت ضيفه قريباً منه، فمتى يرى النار
يأوي إلى الرحل، ولهو بالضيف يأتي مجتهداً أسر من القوم يقدم عليهم
القادم لهم من السفر البعيد، فقال عمر رضي الله عنه: أكرم به.
وحكى الواقدي أيضاً أنه قال له: ما لقيت على أخيك من الحزن والبكاء؟
قال: كانت عيني هذه قد ذهبت، وأشار إليها، فبكيت بالصحيحة وأكثرت
البكاء حت ى أسعدتها العين الذاهبة وجرت بالدموع، فقال عمر رضي الله
عنه: إن هذا لحزن شديد، ما يحزن هكذا أحد على هالكه.
وقد ضربت الشعراء الأمثال بمالك وأخيه متمم في أشعارهم، فمن ذلك قول
ابن حيوس المقدم ذكره من جملة قصيدة:
وفجعة بين مثل صرعة مالك |
|
ويقبح بي أن لا أكون متمما |
ومنه قول أبي بكر محمد بن عيسى الداني المعروف بابن اللبانة في قصيدته التي يرثي بها المعتمد بن عباد صاحب إشبيلية لما قبض عليه يوسف بن تاشفين - حسبما شرحناه في ترجمة المعتمد - وهو قوله:
حكيت وقد فارقت ملكك مالكا |
|
ومن ولهي أحكي عليك متمما |
ومن ذلك أيضاً قول بعضهم، وأظنه ابن منير - المذكور في حرف الهمزة - وهو أيضاً من جملة أبيات، ثم حققت قاءله وهو نجم الدين أبو الفتح يوسف بن الحسين بن محمد، عرف بابن المجاور الدمشقي:
أيا مالكي في القلـب نـويرة |
|
وإنسان عيني في هواك متمم |
ومنه قول أبي الغنائم ابن المعلم الشاعر - المقدم ذكره - من جملة أبيات يصف فيها منزلاً ويدعو له بالسقيا، فقال:
سقاه الحيا قبلي وجئت متمما |
|
فلو مالك فيه دعيت متمما |
ومنه قول القاضي السعيد ابن سناء الملك:
بكيت بكلتا مقلتي كأننـي |
|
أتمم ما قد فات عين متمم |
وهذا باب يطول شرحه، وقد جاوزنا الحد بالخروج عما بالخروج نحن بصدده.
ومتمم: بضم الميم وفتح التاء المثناة من فوقها، وبعدها ميمان الأولى منما مشددة مكسورة.
وصداً في قولهم " ماء ولا كصدأ " فيه ثلاث لغات: صدا: بضم الصاد المهملة وتشديد الدال المهملة وألف مقصورة، وصداء مثل الأول لكن الصاد مفتوحة والألف ممدودة، فمن ضم قصر ومن فتح مد، واللغة الثالثة صدءاء: بتخفيف الدال وهمزتين متواليتين والصاد مفتوحة، وهي بئر معروفة مشهورة ماؤها عذب نمير، والله أعلم.