هشام بن عروة

أبو المنذر هشام بن عروة بن الزبير بن العوام، القرشي الأسدي، - قد تقدم ذكر أبيه في حرف العين، وكان هشام أحد تابعي المدينة المشهورين المكثرين في الحديث، المعدودين من أكابر العلماء وجلة التابعين، وهو معدود في الطبقة الرابعة من أهل المدينة، رضي الله عنهم.

وسمع عمه عبد الله بن الزبير وابن عمر، رضي الله عنهما، ورأى جابر بن عبد الله الأنصاري وأنس بن مالك وسهل بن سعد، وقيل أنه رأى ابن عمر ولم يسمع منه، وروى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري وسفيان الثوري ومالك بن أنس وسفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد القطان ووكيع وغيرهم. وقدم الكوفة أيام أبي جعفر المنصور فسمع منه الكوفيون.

وكانت ولادته سنة إحدى وستين للهجرة، وقال أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن محمد الذهلي: ولد عمر بن عمر بن عبد العزيز وهشام بن عروة والزهري وقتادة والأعمش ليالي قتل الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وكان قتله يوم عاشوراء سنة إحدى وستين للهجرة. وقدم بغداد على المنصور، وتوفي بها سنة ست وأربعين ومائة، وقيل سنة خمس وأربعين، وقيل سنة سبع، رضي الله عنه، وصلى عليه المنصور، ودفن بمقبرة الخيزران بالجانب الشرقي، وقيل بل قبره بالجانب الغربي خارج السوق نحو باب قطربل وراء الخندق على مقابر باب حرب، وهو ظاهر هناك معروف، وعليه لوح منقوش أنه قبر هشام بن عروة، ومن قال إنه بالجانب الشرقي قال: إن القبر الذي بالجانب الغربي هو قبر هشام بن عروة المروزي صاحب عبد الله بن المبارك. والله أعلم.

وله عقب بالمدينة وبالبصرة.

وذكر الخطيب في " تاريخ بغداد " أن المنصور قال له يوماً: يا أبا المنذر، تذكر يوم دخلت عليك أنا وإخوتي الخلائف وأنت تشرب سويقاً بقصبة يراع، فلما خرجنا من عندك قال لنا أبونا: اعرفوا لهذا الشيخ حقه، فإنه لا يزال في قومكم بقية ما بقي، فقال: لا أذكر ذلك يا أمير المؤمنين. فلما خرج هشام قيل له: يذكرك أمير المؤمنين ما تمت به إليه فتقول لا أذكره! فقال: لم أكن أذكر ذلك، ولم يعودني الله في الصدق إلا خيراً.

وروي عنه أنه دخل على المنصور فقال: يا أمير المؤمنين، اقض عني ديني، قال: وكم دينك؟ قال: مائة ألف، قال: وأنت في فقهك وفضلك تأخذ ديناً مائة ألف ليس عندك قضاؤها؟ فقال: يا أمير المؤمنين شب فتيان من فتياننا، فأحببت أن أبوئهم، وخشيت أن ينتشر علي من أمرهم ما أكره، فبوأتهم واتخذت لهم وأولمت عنهم ثقة بالله وبأمير المؤمنين، قال: فردد عليه مائة ألف!! استعظاماً لها، ثم قال: قد أمرنا لك بعشرة آلاف، فقال: يا أمير المؤمنين، أعطني ما أعطيت وأنت طيب النفس، فإنني سمعت أبي يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " من أعطى عطية وهو بها طيب النفس بورك للمعطي وللمعطى " قال: فإني طيب النفس بها، وأهوى إلى يد المنصور يريد أن يقبلها فمنعه وقال: يا بن عروة، إنا نكرمك عنها ونكرمها عن غيرك.

وأخباره كثيرة. رضي الله عنه.