ابن جزلة صاحب المنهاج

أبو علي يحيى بن جزلة الطبيب، صاحب كتاب " المنهاج " الذي رتبه على الحروف، وجمع فيه أسماء الحشائش والعقاقير والأدوية وغير ذلك شيئاً كثيراً، كان نصرانياً ثم أسلم وصنف رسالة في الرد على النصارى وبيان عوار مذاهبهم، ومدح فيها الإسلام وأقام الحجة على أنه الدين الحق، وذكر فيها ما قرأه في التوراة والإنجيل من ظهور النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه نبي مبعوث وأن اليهود والنصارى أخفوا ذلك ولم يظهروه، ثم ذكروا فيها معايب اليهود والنصارى. وهي رسالة حسنة أجاد فيها وقرئت عليه في ذي الحجة سنة خمس وثمانين وأربعمائة. وكان سبب إسلامه أنه كان يقرأ على أبي علي ابن الوليد المعتزلي ويلازمه، فلم يزل يدعوه إلى الإسلام ويذكر له الدلائل الواضحة حتى هداه الله تعالى، وحسن إسلامه، وهو تلميذ أبي الحسن سعيد بن هبة الله بن الحسن، وبه انتفع في الطب، وكان له نظر في علم الأدب، وكتب الخط الجيد.

وصنف للإمام المقتدي بأمر الله كثيراً من الكتب، فمن ذلك كتاب " تقويم الأبدان " وكتاب " منهاج البيان فيما يستعمله الإنسان "، وكتاب " الإشارة في تلخيص العبارة " ورسالة في مدح الطب وموافقته للشرع والرد على من طعن عليه، ورسالة كتبها إلى إليا القس لما أسلم، وغير ذلك من التصانيف. وهو من المشاهير في علم الطب وعمله، وذكره أبو المظفر يوسف سبط أبي الفرج ابن الجوزي في تاريخه الذي سماه " مرآة الزمان " فقال: إنه لما أسلم استخلفه أبو الحسن القاضي ببغداد في كتب السجلات، وكان يطبب أهل محلته ومعارفه بغير أجرة، ويحمل إليهم الأشربة والأدوية بغير عوض، ويتفقد الفقراء ويحسن إليهم. ووقف كتبه قبل وفاته، وجعلها في مشهد أبي حنيفة رضي الله عنه، ذكر هذا كله في سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة، وعادته أن يذكر الإنسان ويشرح أحواله في سنة وفاته، فإن كتابه مرتب على السنين.

وذكر صاحب كتاب " البستان الجامع لتواريخ الزمان " أن ابن جزلة مات سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة، وزاد أبو الحسن الهمذاني: في أواخر شعبان، نقله عنه ابن النجار في " تاريخ بغداد "، وذكره غيره أن إسلامه كان في سنة ست وستين وأربعمائة، زاد ابن النجار في تاريخ: يوم الثلاثاء حادي عشر جمادى الآخر، رحمه الله تعالى.

وجزلة: بفتح الجيم وسكون الزاي وفتح اللام وبعدها هاء ساكنة، والله تعالى أعلم.