الكتاب الثالث: الأمراض الجزئية - الفن السابع: أحوال الأسنان

الفن السابع

أحوال الأسنان

وهو مقالة واحدة فصل في الكلام في الأسنان: قد علمتَ أنَّا تكلمنا في الأسنان وتشريحها ومنافعها، فيجب أن يتأمّل ما قيل هناك، وليعلم أن الأسنان من جملة العظام التي لها حسّ لما يأتيها من عصب دماغي لين، فإذا أَلِمَتْ أحسّ بما يعرض فيها من ضربان واختلاج، وربما أحست بحكّة ودغدغة.

وقد يعرض فيها أعراض من الاسترخاء، والقلق، والانقلاع، والنتوّ ومن تغير اللون في جوهرها، وفي الطليان المركب عليها، ويعرض لها التألم، والتأكل، والتعفّن، والتكسّر. وقد يعرض لها الأوجاع الشديدة، والحكة، ويعرض لها الضرس، وهو صنف من أوجاعها، ويعرض لها العجز عن مضغ الحلو، والحامض، والتضرّر من الحار، والبارد، وقلة الصبر عن لقاء أحدهما، أو كلاهما. وقد يعرض لها تغير في مقاديرها بالطبع، بأن تطول، وتعظم، أو تنسحق، وتصغر. وقد يعرض فيها أنواع من الورم -ولا عجب من ذلك- فإن كل ما يقبل التمدد بإنماء الغذاء، يقبل التمدد بالعضل، ولو لم تكن قابلة للمواد النافذة فيها المزيدة إياها ما كانت تخضر وتسودّ، فإن ذلك لنفوذ الفضل فيها.

وقد خلقت الأسنان قابلة للنمو والزيادة دائماً ليقوم لها ذلك بدل ما ينسحق، حتى إن السنّ المحاذية لموضع السنّ الساقطة أو المقلوعة، تزداد طولاً إذا كانت الزيادة ترد عليها ولا يقابلها الانسحاق.

واعلم أن الأسنان قد يستدل على مزاجها من اللثة، ولونها، هل هي صفراء مرّية، أو بيضاء بلغمية، أو حمراء دموية، وهل هي إلى كمودة وسواد سوداوي.

فصل في حفظ صحة الأسنان: من أحب أن تسلم أسنانه، فيجب أن يراعي ثمانية أشياء: منها أن يتحرّز عن تواتر فساد الطعام والشراب في المعدة لأمر في جوهر الطعام، وهو أن يكون قابلا للفساد سريعاً، كاللبن، والسمك المملوح، والصحناة، أو لسوء تدبير تناوله مما قد عرف في موضعه.

ومنها: أن لا يلح على القيء، وخصوصاً إذا كان ما يتقيأ حامضاً.

ومنها: أن يجتنب مضغ كل علك، وخصوصاً إذا كان حلواً، كالناطف، والتين العلك.

ومنها: اجتناب كسر الصلب.

ومنها: اجتناب المضرسات.

ومنها: اجتناب كل شديد البرد، وخصوصاً على الحار، وكل شديد الحرّ، وخصوصاً على البارد.

ومنها: أن يديم تنقية ما يتخلّل الأسنان من غير استقصاء وتعد، إلى أن يضرّ بالعمور وباللحم الذي بين الأسنان، فيخرجه أو يحرّك الأسنان.

ومنها: اجتناب أشياء تضرّ الأسنان بخاصيتها مثل الكرّات، فإنه شديد الضرر بالأسنان، واللثِّة، وسائر ما ذكرنا في المفردات.

وأما السواك: فيجب أن يستعمل بالاعتدال ولا يستقصى فيه استقصاء يذهب ظلم الأسنان وماءها، ويهيئها لقبول النوازل، والأبخرة الصاعدة من المعدة، وتصير سبباً للخطر. وإذا استعمل السواك باعتدال جلا الأسنان، وقوّاها، وقوى العمور، ومنع الحفر، وطيَّب النكهة. وأفضل الخشب بالسواك ما فيه قبض ومرارة، ويجب أن يتعهّد تدهين الأسنان عند النوم، وقد يكون ذلك الدهن، إما مثل دهن الورد إن احتيج إلى تبريد، وأما مثل دهن البان والناردين، إن احتيج إلى تسخين. وربما احتيج إلى مركَب منهما، والأولى أن يدلك أولاً بالعسل إن كان هناك برد، أو بالسكّر إن كان هناك ميل إلى برد أو قلة حرّ، وكل واحد منهما يجمع خلالاً، محمودة الجلاء، والتغرية، والتسخين، والتنقية. والسكر في ذلك كله دون العسل وإن سحق الطبرزذ وخلط بالعسل واستعمل، جلّى، ونقّى، وشد اللثة. ثم يجب أن يتبع بالدهن.

ومما يحفظ صحة الأسنان أن يتمضمض في الشهر مرتين بشراب طبخ فيه أصل اليتّوع، فإنه غاية بالغ لا يصيب صاحبه وجع الأسنان، وكذلك رأس الأرنب المحرق إذا استنّ به، وكذلك الملح المعجون بالعسل إذا أحرق، أو لم يحرق. والمحرق أصوب، ويجب أن يتخذ منه بندقة، ويجعل في خرقة، ويدلك به الأسنان، وكذلك الدلك بالترمس، وكذلك الشبّ اليماني بشيء من المرّ، وخصوصاً الشبّ المحرق بالخلّ.

وإذا اندبغت الأسنان بهذه الأدوية، فيجب أن يستعمل بعدها العسل والدلك به، أو بالسكر، ثم يستعمل الدلك بالأدهان على نحو ما وصفناه. وإذا كانت السن عرضة للنوازل، وجب أن يمسك في الفم طبيخ الأشياء القابضة إمساكاً طويلاً، ويدام ذرّ الشب والملح المحرقين عليها.

قول كلّي في علاج الأسنان والأدوية السنية: الأدوية السنية، منها حافظة، ومنها معالجة، لأن جوهر الأسنان يابس والأدوية الحافظة لصحة الأسنان ولردّها في أكثر الأمر إلى الواجب هي الأدوية المجففة، وأما الحارة أو الباردة، فيحتاج إليها عند عارض من إحدى الكيفيتين قد زالت بها عن المزاج الطبيعي زوالاً كبيراً، فأشدّ الأدوية مناسبة لمصالح الأسنان هي المجففة المعتدلة في الكيفتين الأخريين، وكل سنّي يجفف إما ليس للسنّ لا لأنه سني، بل لأجل عارض يعرض له، ثم المجففات باردة يابسة، وحارة يابسة. وأجود أدوية الأسنان ما يجمع إلى التجفيف والنشافة جلاء، وتحليل فضل إن اندفع إلى السنّ تحليلاً باعتدال ومنع مادة تنجلب إليها، فالمجففات الباردة والتي إلى برد ما لا تضرس بحموضتها، أو عفوصتها تضريس الحصرم، وحماض الأترج، وهي السكّ، والكافور، والصندل، والورد، وبزره، والجلنار، ودم الأخوين، وثمرة الطرفاء، والعفص، والكهرباء، واللؤلؤ، والفوفل، ودقيق الشعير، ولحاء شجرة التوت وورق الطرفاء، وأصل الحماض.

و الحارة والتي، إلى، حرّ ما، فمنها ما حره في جوهره، ومنها ما حرّه مكتسب. والذي الحر في جوهره، مثل الملح المحرق، والشيح المحرق، والسعد الحيّ والمحرق، والدارصيني، والزوفاء، وفقّاح الأذخر، وثمرة الكبر. وأقوى منها قشر أصله، والعود، والمسك والبرشاوشان الحي والمحرق، وورق السرو، والأبهل، والساذج، وقرن الأيل المحرق وغير المحرق، ورماد قشر الكرم، ورماد رأس الأرنب، والتمر المحرق، والحارة بقوّة مكتسبة كرماد العفص، وإذا طفئ بالخلّ كان إلى الاعتدال أقرب، ورماد قضبان الكرم، ورماد القصب وما أشبه ذلك. وأما المعتدلة، فمثل قرن الأيل المحرق إذا غسل، ومثل جوز الدلب، ومنها لحاء شجرة الصنوبر ومنها أدوية جاءت من طريق التركيب، وهي مثل دقيق الشعير إذا عجن بملح وميسوسن، ثم أحرق والتمر المعجون بالقطران يحرق حتى يصير جمراً، ثم يرشّ عليه ميسوسن.

ومن السنونات المجرّبة سنون مجرّب، ونحن واصفوه، ونسخته: قرن الأيل المحرق عشرة دراهم، ورق السرو عشرة دراهم، جوز الدلب بحاله خمسة دراهم، أصل فيطايلون عشرة، برشياوشان محرق خمسة، ورد منزوع الأقماع ثلاثة، سنبل ثلاثة ينعّم سحقه، ويتخذ منه سنون. وأيضاً سنون أخر جيّد، نسخته: يؤخذ قرن الأيل محرق، كزمازك وهو ثمرة الطرفاء، وسعد، وورد، وسنبل الطيب من كل واحد درهم، ملح إندراني ربع درهم، يتخذ منها سنون.

وسنذكر أيضاً سنونات أخرى في أبواب مستقبلة، وسنونات أخرى في القراباذين. ونبتدئ فنقول: إنَّ علاج الأسنان بالمجففات علاج كما علمت مناسب، وبالمسخّنات والمبرّدات علاج يحتاج إليه عند شدّة الزوال عن الاعتدال الخاص. والأدوية السنيّة منها سنونات، ومنها مضوغات، ومنها لطوخات، ومخبّصات على الأسنان، أو على الفكّ، ومنها مضمضات، ومنها دلوكات، ومنها أشياء تحشى، ومنها كمادات، ومنها كاويات، ومنها قالعات، ومنها بخورات، ومنها سعوطات، ومنها قطورات في الأذن، ومنها استفراغات للمادة بفصد، أو حجامة من أقرب المواضع.

ومن أدوية الأسنان ما هي محلّلة، ومنها ما هي مبردة، ومنها ما هي مخدرة. والمخدرات إذا استعملت في الأسنان كانت أبعد شيء من الخطر، لكن إكثارها ربما أفسد جوهر الأسنان.

وكذلك الأدوية الشديدة التحليل والتسخين، يجب أن لا تستعمل إلا عند الضرورة، وهي مثل الحنظل، والخربق، وقثاء الحمار، وغير ذلك، وأن يتوفى وصول شيء منها ومن المخدرات إلى الجوف. وكثيراً ما يحتاج إلى ثقب السن بمثقب دقيق لينفس عنه المادة المؤدية، ولتجد الأدوية نفوذاً إلى قعره. والخل مع كونه مضراً بالأسنان، قد يقع في أدوية الأسنان المبردة والمسخنة معاً. أما المبردة، فلأنه يبرد بجوهره ولأنه ينفذ، وأما في المسخنة، فلأنه ينفذ، ولأنه يعين بالتقطيع على التحليل وأما مضرّته حينئذ، فتكون مكسورة بالأدوية السنيّة التي تخالطه.
فصل في أوجاع الأسنان: اعلم أن الأسنان قد توجع بسبب وجع يكون في جوهرها على ما أخبرنا به سالفاً، وقد يكون لسبب وجع يكون في العصبة التي في أصلها، وقد يكون لسبب وجع يكون في اللثّة، وورم وزيادة لحم نابت فيها يقبل المادة، أو لاسترخائها وترهّلها، فتقبل المواد الرديئة، فتعفن فيها وتؤذي الأسنان، وأيضاً تجعل الأسنان قلقة. وقد يعسر على كثير من المتألمين في أسنانهم الوجعة التمييز بينها. وأنواع علاجها مختلفة. وأسباب أوجاع الأسنان: إما سوء مزاج ساذج من برد، أو حرّ، أو جفاف لعدم الغذاء، كما في المشايخ دون الرطب على ما علم في موضعه، أو مع مادة، أو ريح. والمادة، إما أن توجع بالكثرة، أو بالغلظ، أو بالحدّة.َ وقد تكون المادة مورمة للسنّ نفسها، وقد تكون مؤكلة، وربما ولدت دوداً. ومبدأ المادة، إما من المعدة، أو من الرأس، أو من الموضعين جميعاً، وإن كان البدن كله ممتلئاً من تلك العادة، فإن المجرى من البدن إلى الأسنان من هذين الطريقين. وقد توجع الأسنان في الحميات الحادة على سبيل المشاركة في سوء المزاج. وإذا حدث تحت المتكل من الأسنان وجع وضربان، ففي أصله فضل لم تنضج، فيعالج الوجع والورم، ثم ليقلع.

العلامات: يجب أن تتأمل، فتنظر هل مع وجع السن مرض في اللثة، أو في نواحيها، فإن وجدت ورماً في اللثة، حدست، وحكمت أنه ربما لم يكن السبب في نفس السن، وكذلك إن كان الغمز على نفس اللثة يؤلم. وإن لم تجد ورماً في اللثة، فالسبب، إما في نفس السن، وإما في العصب الذي في أصله. فإن أحسست ورماً في السن، أو تأكلاً، فالسبب في جوهره. وكذلك إذا أحسست الألم يمتد طول السن. وإما إن لم تحس ألماً، إلا في الغور، فالسبب في العصبة التي في أصله، وخصوصاً إذا وجدت وجَعاً فاضياً في العمور، أو في الفك، وأحسست كالضرس.

وأنت تستدل على الأمزجة الحارة والباردة بما عملته وعلى اليابس بضمور السن وقلقه، وعلى الريح بانتقال الوجع الممدد، وعلى الخلط الغليظ برسوخ الوجع من غير حرارة وبرودة ظاهرتين جداً، وعلى الخلط الحار الدموي أو الصفراوي بسرعة التأذي بما يوجع، وبغرز يكون في الوجع، وتغير لون إلى مشاكلة الخلط، وحرارة حادة عند اللمس. ويعرف أن مبدأ الخلط من الدماغ، أو من المعدة بما يجد في أحدهما، أو كليهما من الامتلاء، وإذا كان سبب الوجع في اللثة، لم يغن القلع، ولم يحتج إليه.

وإذا كان في السنّ زال الوجع بالقلع، وإذا كان في العصبة، فربما زال بالقلع، وربما لم يزل وإنما يزول بسبب وجدان المادة التي تطلب الطيعة، أو المواء تحليلها مكاناً واسعاً، تندفع فيه بعدما كانت مخنوقة محبوسة في السن.
المعالجات: أما إن كان الوجع بمشاركة عضو فابدأ بتنقية العضو المشارك بفصد، أو بإسهال بمثل الأيارج، وشحم الحنظل، أو بمثل السقمونيا، أو بمثل النقوعات، أو بالغرافرات المنقية للرأس، إن كان السبب في الرأس.

وأما إذا كان هناك ورم محسوس في اللثة والعمور، فيجب أن تبدأ بالفصد في الإسهال بحسب القوة والشرائط، وأن تمسك في الابتداء في جميعها المبردات من العصارات والسلاقات ونحوها في الفخ، مقواة بالكافور من غير إفراط في القبض، وكثيراً ما يكفي الاقتصار على دهن الورد والمصطكي، أو على زيت الأنفاق، أو على مثل دهن الآس، وينفع من ذلك أن يؤخذ نبيذ عتيق، ودهن ورد خام يطبخ نبيذ الزبيب فيه طبخاً جيداً، ويمسك في الفم، ثم بعد ذلك يتمزج إلى المحللات المنضجة، ويتوقّى أن يسيل من القوية منها شيء إلى الجوف، ويتدرج أيضاً إلى استفراغ من نفس العضو بأن يرسل على أصول الأسنان العلق، أو يفصد كعرق الذي تحت اللسان، أو يحجم تحت اللحية بشرط. وإذا اشتد الوجع، فيجب أن يلصق على أصل السن عاقرقرحا مع كافور، ويعيدهما كلّما انحلا، وإن زادت الشدة من الوجع احتيج كثيراً إلى استعمال أفيون مع دهن الورد.

وكلما وجد عن ذلك محيص، فتركه أولى، بل يجب أن يستعمل بالإنضاج، وأما إذا كان السبب في نفس السن، أو في العصبة، ولم يكن مادة، بل سوء مزاج، عولج مما يضاده من الأدوية السنية المعلومة. فإن كان سبب سوء مزاجه وضعفه عضا على حار، تمضمض بدهن بارد المزاج مفتر، ثم تصيره بارداً بالفعل. وإن كان سبب سوء مزاجه عضاً على بارد استعمل بدل ذلك من الأدهان الحارة مثل دهن النادرين، ودهن البان، وعضّ على صفرة البيض المشوية الحارة، أو على خبز حار.

وقد ينفع التدبير أن في كل الأصناف لسوء المزاجين المذكورين. وأما إذا كان السبب الساذج يبساً، فينفع منه أن يدلك بمثل الزبد، وشحم البط، وإن كان مع مادة أي مادة كانت حارة، أو غليظةً، أو كثيرة، وجب أن يستفرغ بحسبها، ويجب أن تبدأ في الابتداء بما يبرد ويردع في جميع ذلك، وإن كان ذلك في المادة الحارة أزيد وجوباً، وفي الغليظة أقلّ. ومن الأشياء القوية الردع، وخصوصاً في المواد الباردة، الشبّ المحرق، والمطفئ بالخل مع مثله ملح، يسحقان جيداً، ثم يستعملان، ثم يتمضمض بعدهم بالخمر.

ومما يصلح للردع العفص بالخل، فإن كانت المادة حارة، عولجت بالعصارات المبردة ودبر في تعديلها، فإن لم ينجع ذلك دبر، إما في تحليلها، وإما في تحديرها وإن كانت المادة غليظة أو كثيرة دبر بعدما ذكرناه من علام الابتداء بالتحليل أيضاً، والأولى أن يكون في المضمضة بالخل ودهن الورد، فإنه ربما جذب الخل الرطوبات الأصلية بعد الفضول، وربما أحتجت أنتجمع إلى المحلّلات أدوية قوابض لأن العضو يابس. وأما إن كان السبب ريحاً، فالعلاج المحللات التي تذكر، وخصوصاً السكبينج، وحب الحرمل، والقنّة.

فصل في الأدوية المحلّلة المستعملة في أوجاع الأسنان المحتاجة إلى التحليل: منها مضمضات يجب في جميعها أن تمسك في الفم مدة طويلة، مثل خلّ طبخ فيه سلخ الحية، أو خلّ طبخ فيه حنظل، وهو قوي نافع جداً، وإذا كان البرد ظاهراً، فبالشراب، أو زرنباد، أو عاقرقرحا، أو حلتيت مع خردل، أو قشور الكبر، أو قشور الصنوبر، أو فوذنج، أو ورق الدلب، أو الجعدة وقشوره بخل، أو ماء، وكذلك ورق الغار، والشيلم، وكذلك عيدان الثوم، مع عاقرقرحا، أو خل، جعل فيه كندس، يمسك في الفم، أو عاقرقرحا، وثمر الطرفاء في الخلّ، أو مرزنحوش يابس، أو أصل قثاء الحمار، أو عصارته في الخل، أو مع حرمل مطبوخين في الخل، أو كبيكج مطبوخاً في الخلّ. وللوجع الضرباني طبخ العفص الفج بالخل، أو عنب الثعلب بالخل، وطبيخ البنج بالخلّ، أو قرن الأيل المحرق مطبوخاً بالخلّ العنصلي، أو مسحوقاً مجعولاً في سكنجبين، ومنها غرغرات بمثل ما ذكرنا من المضمضات، ومن ذلك أن يطبخ الزبيب الجبلي، والثوم في الماء ويتغرغر به، ويترك الفم مفتوحاً ليسيل لعاب كثير.

ومنها مضوغات تتخذ من الأدوية المذكورة وأمثالها، من ذلك: أن يؤخذ فوتنج جبلي، وعاقرقرحا، وفلفل أبيض، ومر، ويعجن بلحم الزبيب، وببندق، ويمضغ منه بندقة بندقة. ومنها لطرخات، وأطلية، ونضوخات، وأضمدة، تتخذ من الأدوية المحللة المعروفة، وتجمع بما له قوام، مثل عسل، أو قطران، أو شيء محلول في الماء ينحل به، أو عجناً بالماء وحده، أو يؤخذ كرنب بحضض، ويطلى، أو يؤخذ للضربان خردل مسحوق، ويوضع على أصل السن. ومما جرّب أن يؤخذ لبّ نوى الخوخ، ونصفه فلفل، يعجن بقطران، ويدلك بالسنّ، أو يلصق عليه، أو يلطخ بالترياق وحده، أو الحلتيت وحده، أو الشجرنا أو أراسطنحان أو سورطنحان أو شونيز مسحوقاً معجوناً بزيت يلطخ به.

مما جرب أن يؤخذ مر، فلفل، وعاقرقرحا، وميويزج، وزنجبيل من كل واحد جزء، وبورق أرمني جزء ونصف، ينعّم سحقها، وتطلى به الأسنان واللثّة، فإنه شديد النفع. وقد تضمّد اللحى بمثل الخطمي، والبابونج، والشبث، والحلبة، وبزر الكتان بطبيخ الشبث ودهنه، ويستعمل. وقد. زعم جالينوس أن كبد سام أبرص إذا جعلت على السنّ الوجعة المتألمة سكن وجعها وقتها.

ومنها كمّادات من خارج، ويجب أن يستعمل إمّا قبل الطعام بساعتين، أو بعده بأربع ساعات. وهذا يحتاج إليه لشدة الوجع، مثل أن يكمّد بالملح، والجاورش، أو بالزيت المسخّن، أو بالشمع الذائب، وقد تكمّد اللحى تكميداً بعد تكميد ليجذب إليه المادة، فإذا ورم اللحى، سكن الوجع، وخصوصاً إذا كويت السن بدهن يغلي في الوقت.

ومنها كاويات وتدبير بالكي، مثل أن يطبخ الزيت ببعض الأدوية المحلّلة المذكورة، أو وحده، وتؤخذ مسلّة تحمّى، وتغمس في ذلك الزيت، وتنفذ في تجويف أنبوب متهندم على السنّ الوجعة حتى تبلغ السن وتكويه، وقد جعل على ما حواليه شمع، أو عجين، أو شيء آخر يحول بين السنّ وما حواليه من الأسنان والعمور. ونفع هذا لما تكون المادة فيه في نفس السن أكثر، وقد يقطر أيضاً في الأنبوب الدهن المغلي بعد الاحتياط المذكور، والزيت أوفق من أدهان أخرى. وربما احتيج في الكاويات إلى أن تثقب السن بمثقب دقيق لتنفذ فيه القوة الكاوية.

وإذا لم تنجع المعالجات، كويت السن بالمسلّة المحمّاة مرات حتى تكون قد بالغت في كيه، فيسكن الوجع، وتفتت السن. ومنها دلوكات تتخذ مما سلف، والزنجبيل بالعسل دلوك جيد. وأيضاً الخل والملح، وأيضاً الخل وشحم الحنظل مع عاقرقرحا. ومنها دخن وبخورات، وأجودها أن تكون في القمع. وقد يتخذ من المحلّلات، مثل عروق الحنظل، أو حبّه، أو حبّ الخردل، أو حافر حمار، أو بزر البصل -وخصوصاً الدود- أو ورق الآس، أو جعدة، أو ورق السذاب، أو عاقرقرحا. ومنها سعوطات محللة مثل ماء قثاء الحمار، وعصارة أصول السلق، أو الرطبة، أو ماء المرزنجوش. ومنها قطورات في الأذن التي للوجع، مثل أن تستعمل هذه السعوطات قطوراً في الأذن أو عصارة الكبر الرطب.

ومنها حشو للتأكل، إن كان سبب الوجع من التأكّل، ويجب أن يرفق ولا يحشى بعنف وشدّة، فيزيد في الوجع، مثل سكّ مع سعد، أو مع مصطكى. وأقوى من ذلك الحلتيت مع كبيكج، أو شونيز مسحوقاً بزيت، أو فلفل، أو درديّ محرق، أو فربيون، أو عاقرقرحا، أو يحشى بدواء لب الخوخ، أو الفلفل المذكور، بل يحشى الحار بالباردات، والبارد بالحارات. ومنها قلوعات نفرّد لها باباً، ولا يجوز استعمالها إلا أن يكون الوجع في نفس السنّ لا غير.

فصل في الأدوية المخدرة: قد تستعمل على الوجوه المذكورة في التحليل، لكن الأولى أن تكون ملطوخة، أو ملصقة، أو محشوة، على أنها قد تستعمل مضمضات وبخورات، فمنها أن يؤخذ بزر البنج، والأفيون، والميعة، والقنّة من كل واحد درهمان، فلفل، وحلتيت شامي، من كل واحد درهم، يتخذ منه شياف بعقيد العنب، ويوضع على السنّ الوجعة.

أو يؤخذ أفيون، وجندبيدستر بالسواء، ويقطر منهما حبة، أو حبتان في دهن الورد في الأذن من الجانب الوجع، أو يتخذ لصوق من أصل اليبروح بماء يمسكه، أو يبخر على ما بين من صفة التبخير ببزر البنج، أو بطبيخ أصل اليبروح وحده، أو مع البنج بشراب، ويمسك أيضاً في الفم، وقد يسقى أيضاً المخدرات، مثل الفلونيا، فإنه يسقاه المشتكي سنه، ويأخذ منه في فمه فينام، فينضج مرضه، ويسكن ألمه.

ومن جملة ما يخدّر من غير أذى الماء المبرد بالثلج تبريداً بالغاً، ويؤخذ بالفم أخذاً بعد أخذ حتى يخدر السنّ، فيسكن الوجع البتة، وإن كان ربما زاد في الابتداء.

فصل في السن المتحرّكة: قد تفلق السن بسبب باد من سقطة أو ضربة، وقد يقع من رطوبة ترخي العصب الشادّ للسن، وتكون السنّ مع ذلك سمينة لم تقصف، وقد يقع لتأكل يعرض لمنابت الأسنان، فيوسّعها، أو يدقق السن بما ينقص منها، أو لانثلام الدردر، وقد يقع لضمور يعرض في الأسنان ليبس غالب، كما يعرض للناقهين والمشايخ، الذين جاعوا جوعاً متوالياً، وقصّر عنهم الغذاء، وقد يقع لقصور لحم العمور.

المعالجات: يجب أن يجتنب المضغ بتلك السنّ، ويقل الكلام ولا يولع بها بيد أو لسان، وبالجملة يترك المضغ إلى الحسو ما أمكن. فإن كان السبب تأكلاً، وعولج التآكل، واستعمل القوابض المسددة من الأدوية السنية، مضمضات، ودلوكات، وغير ذلك. وإن كان السبب ضموراً، تدورك بالأغذية، على أن هذا مما يعسر تلافيه. ثم تعالج بالمرطبات إلصاقاً، ودلكاً، وقطوراً في الأذن مثل دهن الورد والخلاف، وعصارة ورق عنب الثعلب، بل بالقوابض، وإن كان لضمور السن لم تنجع الأدوية، فإنها لا تكاد تسمتها مسرعة، بل يجب أن تعالج بالأدوية القابضة الباردة، وكذلك إن حدث عن ضربة. فإن حدث عن رطوبة مرخية، وجب أن تعالج بالقوابض المسخّنة، كالمضمضة بماء طبخ فيه السحر، وورق السرو، أو نبيذ زبيب طبخ فيه الشب بنصفه ملحاً، أو ماء طبخ فيه السكبينج.

ومن اللصوقات: شبّ درهمان، ملح درهم، يلصق على أصله، أو قشور النحاس مع الزيت، وأصل السوسن، وقشور السرو، من كل واحد أربعة دراهم، ومن الشبّ جزء، أو يؤخذ رماد الطرفاء وملح سواء، أو قرن أيل محرق، وملح معجون بعسل محرق، تمر محرق، من كل واحد عشرة دراهم، ومن المر، والزعفران، والسنبل، والمصطكي، من كل واحد جزءان سذاب يابس، سمّاق، وجلنار، ومن كل واحد ثلاثة، يتخذ منه سنون ولصوق. وأيضاً القوابض مخلوطة بالصبر بالقلقطار وقليميا.

سنون: صالح لهذا الباب وغيره: ونسخته: سعد، وورد، وسنبل الطيب، ملح إندرتي، كزمازك، قرن أيل محرق أجزاء سواء. والذي يكون بسبب نقصان لحم العمور، يؤخذ له شبّ يمان، وعود محرق، وسعد، وجلنار، وسمّاق.

فصل في تثقّب الأسنان وتآكلها: يعرض ذلك كله من رطوبة رديئة تعفن فيها. المعالجات: الغرض في علاج التآكل منع الزيادة على ما نأكل، وذلك بتنقية الجوهر الفاسد منه، وتحليل المادة المؤدية إلى ذلك، ويمنع السنّ أن تقبل تلك المواد، وتصرف تلك المواد عنها بالاستفراغات إن احتيج إليها. والأدوية المانعة من التآكل هي المجفّفة، فإن كان قوياً احتاج إلى قوي شديد التجفيف والإسخان، وإن كان ضعيفاً كفى ما فيه تجفيف وقبض، مثل الآس، والحضض، والناردين. واستعمالها يكون من كلّ صنف ما ذكر، وأكثرها من باب الحشو، فمن ذلك تحشى بسكّ، وسعد، أو بسكّ ممسك وحده، فإنه يمنع التآكل، ويسكّن الوجع، أو يحشى بمصطكى، وسعد، أو بمرّ، أو بميعة، أو بعفص وحضض، أو بميعة وأفيون، أو بقنّة وكبريت أصفر وحضض، أو بعلك البطم والفلفل، أو بسك وعلك البطم والفوتنج، أو بالشونيز المدقوق المعجون بالخلّ والعسل، أو بالكبريت حشواً وطلاءً، أو بزنجبيل مطبوخاً بعسل وخلّ، فإنه غاية. أو بحلتيت وقطران، أو بحلتيت وشيح، أو بحلتيت وحده، ويغلى بموم لئلا يتحلّل، فإنه شديد التسكين للوجع، أو بالقير وحده، أو مع الأدوية، أو بالحضض والزاج، وقد جرّب الكافور في الحشو فكان نافعاً غاية، ويمنع زيادة التآكل، ويسكّن الألم، ويجب أن يستعين بما مضى في باب وجع الأسنان. وقد يستعمل في ذلك أطلية من جندبيدستر، وعاقرقرحا، وأفيون وقنة أجزاء سواء، وبفلفل وقاقلة بعسل، أو عاقرقرحا ومر بعسل، وحبة الخضراء بعسل، أو تراب طيب صب عليه خل مغلي، أو كبد عظاية، أو كبريت حي بمثله حضض، أو فلفل ولبن اليتّوع، أو بورق وعاقرقرحا، أو قنة وبزرينج، أو ميعة وأفيون.

دواء جيد وصفته: يؤخذ من البورق والبنج من كل واحد جزآن، ومن العاقرقرحا والفلفل من كل واحد جزء، من الأفيون ثلاثة أجزاء، يوضع على الموضع.

وأيضاً: يؤخذ من ميعة الرمان، ومن الفلفل، ومن الأبهل، من كل واحد جزء، ومن الميويزج، وبزر الأنجرة، والأفيون، من كل واحد نصف جزء، وقد يستعمل الحشو والطلاء معاً، وقد يجعل على الموضع فلفنديون قوي، أو سورنجان، أو نورة جزآن، نوشادر وشب ومرّ وعفص وأقاقيا وإيرسا جزء جزء، وسعتر محرق، وزبد البحر، وربما زيد فيه قنة، وقد ينفع من المضمضات الممسكة في الفم نفعاً عظيماً أن يطبخ أصول الكبر بالخل حتى يذهب نصف الخل، ويمسك في الفم، وقد يستعمل قطورات في نفس التآكل مثل الزرنيخ المذاب في الزيت يغلى فيه، ويقطر في الأكحّال، ومما ينفع أن يقطر في جانب السن المأكولة دهن اللوز.

فصل في تفتت الأسنان وتكسرها: يكون السبب في ذلك في الأكثر استحالة مزاجها إلى رطوبة، وقد يعرض أن تيبس يبساً شديداً. والفرق بينهما الضمور وضدّه، فإن كان هناك دليل تغيّر لون أو تأكل، دلّ على مزاج رطب ذي مادة. وعلاج: الأول، منع المادة، وتقوية السن بالقوابض القوية المذكورة، والشب. والنوشادر قوي التأثير في ذلك، فإن كانت مسخنة مع ذلك لم يغن إلا مثل الخربق الأسود معجوناً بالعسل. وأما إن كان عن يبس، فعلاجه علاج اليبس المذكور.

فصل في تغير لون الأسنان: قد يكون ذلك لتغير لون ما يركبها من الطلاوة، فيحدث قلح، وربما تحجر في أصول السن تحجّراً يعسر قلعه، وقد يكون لمادة رديئة تنفذ في جوهر السن، وتتغير فيها، ويفسد لونها إلى باذنجية ونحوها من غير أن يكون عليها قلح.

المعالجات: أما الأوّل: فيعالج بما يجلو وينقي مثل زبد البحر، والملح، والحرف المسحوق، ورماد الصدف، ورماد أصل القصب، والزرواند المدحرج، والصعتر المحرق، والملح الأندراني أجزاء سواء، وإن شئت زدت فيه صدف الحلزون محرقاً، أو يؤخذ من القيشور المحرق جزء. ومن الفلفل جزء، ومن الحماما ثلاثة أجزاء، ومن الساذج اثنان، ومن الجصّ المحرق عشرة، يدقّ ويستعمل. فإن كان مفرطاً فالزنجار بالعسل، ومما يبيض في الحال سحيق الغضار الصيني، أو سحيق الزجاج أو المسحقونيا، أو السنباذج، وحجر الماس.

وأما الثاني: فيعالج بما يحلل المادة ويخرجها ويجلو معاً، مثل الفلفل والفوذج والقسط، والزراوند المدحرج والحلتيت يخلط بالجالية المذكورة، ومثل السنون الذي ذكرناه قبل هذا الباب. سنون جيّد وصفته: أصل الزراوند جزء، قرن الأيل المحرق جزآن، مصطكي ثلاثة أجزاء، دهن الورد خمسة أجزاء، يسحق ويستعمل. آخر: يؤخذ القيشور، والملح المشوي، والسوسن من كل واحد أربعة، سعد خمسة، سنبل واحد، فلفل ستة. آخر: يؤخذ من الملح الذي صيّر في الإحراق كالجمر ثلاثة، ومن الساذج جزآن، ومن السنبل جزء، وأيضاً رماد الصدف أربعة، ورد يابس خمسة، سعد ثلاثة، فقاح الأذخر واحد.

فصل في تسهيل نبات الأسنان: قد يعرض للصبيان أن يعسر نبات أسانهم، فيألمون وربما شاركه استطلاق الطبيعة، فيحتاج أن تعدل بالأطلية على البطن، والعصارات المسقاة لإمساكها، فيحتاج أن تطلى بالشيافات المذكورة في الكتاب الكلّي. فمما يسهّل نبات الأسنان الدلك بالشحوم والأدمغة، وخصوصاً بدماغ الأرنب مستخرجاً من رأسه بعد الطبخ، والحنّاء، والسمن، ودهن السوسن.

وقد قيل أن لبن الكلبة ينفع في ذلك منفعة شديدة بالخاصية. وإن اشتدّ الوجع، طلي بعصارة عنب الثعلب بدهن ورد مسخّن، ويجب أن يمنع المضغ على شيء له قوام، بل يجب أن تدخل الظئر أصبعها في فمه حين ما يبتدئ بوجع لنبات الأسنان، فتدلك لثّته دلكاً شديداً لتسيل عنه الرطوبة من طريق اللثّة، ثم يمسح بالأدوية المذكورة. وإذا ظهرت الأسنان يسيراً، وجب أن يضمّد الرأس والعنق والفكّان بصوف مغموس في دهن مفتَر، ويمطر أيضاً في أذنه الدهن، وقد ذكرنا نحواً من هذا الباب في الكتاب الأول.

فصل في تدبير قلع الأسنان: إنه قد يتأدّى أمر السنّ الوجعة إلى أن لا تقبل علاجاً البتّة، أو تكون كلما سكن ما يؤذيها من الآفة عاد عن قريب، ثم تكون مجاورتها لسائر الأسنان مضرّة بها يعديها ما بها، فلا يوجد إلى استصلاحها سبيل، فيكون علاجها القلع. وقد يقلع بالكلبتين بعد كشط ما يحيط بأصلها عنها. ويجب أن يتأمّل قبل القلع فينظر، هل العلّة في نفس السنّ، فإنه لم تكن، لم يجب أن تقلع، فلا تقلعنّ، وذلك حين يكون السبب في اللثّة، أو في العصبة التي تحت السنّ، فإن ذلك وإن خفّف الوجع قليلاً فليس يبطله، بل يعود، وإنما يخفّفه، بما تحلّل من المادة في الحال، وبما يوصل من الأدوية إليه. وفي قلع ما لا يتحرّك من الأسنان خطر في أوقات كثيرة، فربما كشف عن الفكّ، وعفن جوهراً، وهيّج وجعاً شديداً، وربما هيّج وجع العين والحمّى.

وإذا علمت أن القلع يعسر ولا يحتمله المريض، فليس من الصواب أن تُحرك بشدة، فإن ذلك مما يزيد في الوجع، على أنه يتفق أحياناً أن تكون العلة ليست في السنّ، فإذا زعزعت انحلّت المادة التي تحتها، وسكن الوجع.

وقد تقلع بالأدوية، والأصوب أن يشرط حوالي السنّ بمبضع، ويستعمل عليه الدواء. فمن ذلك أن يؤخذ قشور أصل التوت، وعاقرقرحا، ويسحق في الشمس بخلّ ثقيف حتى يصير كالعسل، ثم يطلى به أصل السن في اليوم ثلاث مرات، أو يسحق العاقرقرحا، ويشمس في الخلّ أربعين يوماً، ثم يقطر على المشروط، ويترك عليه ساعة أو ساعتين وقد درعت الصحيحة موماً، ثم يجذب فيقلع. أو يجعل بدل العاقرقرحا، أصول قثاء الحمار، أو تطلى بالزرنيخ المربى بالخلّ، فإنه يرخيه، أو يؤخذ بزر الأنجرة وقنه بالسوية، أو بزر الأنجرة، ومن الكندر ضعفه، فيوضع في أصل الضرس. وربما أغلي بورق التين، فإنه يرخّيه، ويقلعه بسهولة. ودرديّ الخلّ نفسه عجيب. أو يؤخذ قشور التوت، وقشور الكبر، والزرنيخ الأصفر، والعاقرقرحا، والعروق، وأصول الحنظل، وشبرم، ويعجن بماء الشب، أو بالخل الثقيف، ويترك ثلاثة أيام، ثم يطلى. أو يؤخذ عروق صفر، وقشور التوت من كل واحد جزء، ومن الزرنيخ الأصفر جزءان، يعجن بالعسل، ويجعل حوالي الضرس مدة، فإنه يقلعه. أو يؤخذ أصل القيصوم، ولبن اليتوع جزء، وأصل اليتوع جزءان، ويوضع عليه. وإن كانت السنّ ضعيفة، فأذب الشمع مع العسل في الشمس، ثم قطّر عليه زيتاً، ومره ليمضغه.

فصل في تفتيت السنّ المتآكلة وهو كالقلع بلا وجع: يعجن الدقيق بلبن اليتوع ويوضع عليه ساعات، فإنه يفتّت، ويجب أن يوضع فيه ورق اللبلاب العظيم الحاد. وشحم الضفدع الشجري قاطع مفتت، وهو الضفدع الأخضر الذي يأوي النبات، والشجر، ويطفر من شجرة إلى شجرة.

فصل في دود الأسنان: يؤخذ بزور البنج، وبزر كراث من كل واحد أربعة، بزر بصل اثنان ونصف، يعجن بشحم الماعز دفا، ويحبب كلَ حبة وزن درهم، ويبخّر منه بحبة مع تغطية لرأس القمع.

فصل في سبب صرير الأسنان: صرير الأسنان في النوم يكون لضعف عضل الفكين، وكالتشنج لها، ويعرض للصبيان كثيراً ويزول إذا أدركوا. وإذا كثر صرير الأسنان وصريفها في النوم، أنذر بسكتة، أو صرع، أو تشنّج، أو دلّ على ديدان في البطن. والذي من الديدان يكون ذا فترات، ويجب أن يعالج المبتلي بذلك بتنقية الرأس، وتدهين العنق بالأدهان الحارة العطرة التي فيها قوّة القبض.

فصل في السنّ التي تطول: يجب أن تؤخذ بالأصبعين، أو بالآلة القابضة، ثم تُبْرَدُ بالمبرد، ثم يؤخذ حبّ الغار والشبّ والزراوند الطويل، ويستنّ به.

فصل في الضَرَس: الضَرَس خدر ما يعرض للسنّ بسبب مخشن، وهو، إما قابض، وإمّا عفص، وقد يكون مما لاقى السنّ وارداً من خارج أو مقيئاً. وقد يكون مما يتصعّد إليه من المعدة إذا كان هناك خلط حامض، وقد يتبع التصوّر الوهمي عند مشاهدة من يقضم الحامض جداً قضماً باسترسال.

المعالجات: ينفع منه مضغ البقلة الحمقاء جداً، أو الحوك، أو بزر البقلة الحمقاء مدقوقاً مبلولاً بالماء وعلك الأنباط، أو لوز، أو جوز ملكي، والنارجيل خاصة، أو البندق، أو زيت الأنفاق دلكاً، أو عكر الزيت المغلظ في إناء نحاس كالعسل في الشمس، أو على النار، أو المضمضة بلبن الأتن والدهن المفتر، أو قير دنان الشراب، أو حبّ الغار، أو زراوند طايل، أو حلتيت، أو لبن اليتّوع، أو العنصل، والملح لمضادته للحموضة نافع جداً من الضَرَس.

فصل في ذهاب ماء الأسنان: هو أن يكون السنّ لا يحتمل شيئاً بارداً، أو حاراً، أو صلباً، وأكثره من برد، وهو مقدمة لوجع الأسنان.

المعالجات: إذا كان السبب في ذلك برداً: استعمل حب الغار، والشب، والزراوند الطويل، والتكميد الدائم بصفرة بيض، فإن لم يسكن بذلك، دلك بأيارج فيقرا. فإن لم ينجع، فالترياق، ودهن الخردل نافع جداً، والقطران المسخن إذا مسح به مراراً فهو نافع جداً. وإن كان السبب مزاجاً حاراً -وهو قليل- يدلّ عليه لون اللثّة وملمسها، وملمس الأسنان، فيجب أن يدام تمريخها بدهن الورد المفتت فيه كافور، وصندل ويستعمل عليه لعاب بزرقطونا بماء الورد، ومضغ البقلة الحمقاء، أو بزرها خاصة فصل في ضعف الأسنان: ينفع منه القوابض المذكورة، والعفص المحرق المطفأ بالخلّ، وحبّ الآس الأبيض، والملح الدراني المقلي، والمطفأ بالخلّ، والرامك والسنونات الفاضلة.

سنون جيّد: يؤخذ سعد ثلاثة دراهم، هليلج أصفر منزوع خمسة دراهم، قرفة خمسة دراهم، دارصيني ثلاثة دراهم، شبّ درهمان، عاقرقرحا سبعة دراهم، نوشادر درهم، دارفلفل درهم، وسك درهم، زعفران درهم، ملح خمسة دراهم، سمّاق درهمين، ثمرة الطرفاء ثلاثة، قاقلة أربعة، زرنياد ستة عشر، جلّنار أربعة، يسحق الجميع ويجمع.

سنون جيد: يؤخذ صندل أحمر كباية، فوفل من كل واحد خمسة دراهم، قرفة خمسة دراهم، دارصيني درهم، بقم أربعة، يعجن بنشاستج الحنطة.

سنون: لهذا الشأن جيد، يؤخذ كشك الشعير، فيرضّ ويلتّ بعسل، وقطران يسير شامي، ويقرص، ويقمص قرطاساً، ويوضع على آجرة موضوعة في أصل تنور، فإذا أسودّ لونه أخرج، فأخذ منه جزء، ومن فتات العود، والجلنار، والسعد، وقشر الرمان، والملح من كل واحد جزء، يسحق ويتخذ منه سنون.

وربما أخذ من الشعير المحرق الموصوف عشرون جزءاً، ومن السعد، والفول، والمزمازك، من كل واحد أربعة أجزاء، ومن الزنجبيل جزء، ويتخذ منه سنون.