الكتاب الثالث: الأمراض الجزئية - الفن الثامن: أحوال اللثة والشفتين

الفن الثامن

أحوال اللثة والشفتين

وهو مقالة واحدة فصل في أمراض اللثّة: اللثة تعرض لها الأورام بسبب مادة تنزل إليها في أكثر الأمر من الرأس، وقد يكون بمشاركة المعدة، وقد يعرض لها أورام في ابتداء الاستسقاء، وعروض سوء القنية لما يتصعد إليها من الأبخرة الفاسدة. ويستدل على جنس المادة باللون واللمس. وقد يكون منه ظاهر قريب سريع القبول للعلاج، وغائر بعيد بطيء القبول للعلاج، وقد يكون مع حمى.

المعالجات: إن كانت المادة فضلة حارة استعمل الاستفراغ، وفصد الجُهارك، وعولج في الابتداء بالمضمضات المبردة، وفيها قبض مثل ماء الورد، واللبن الحامض، وماء الآس، ومياه أوراق القوابض الباردة، وسلاقة الجلنار، وماء لسان الحمل، ونقيع البلوط، وعصارة بقلة الحمقاء، ثم بعد ذلك يتمضمض بزيت انفاق، ودهن شجرة المصطكى، ودهن الآس، في كل أوقية منه ثلاثة دراهم مصطكى، أو دهن ورد، قد أغلي فيه سنبل، وورد يابس، ومصطكى.

ولدهن شجرة المصطكي قوة عجيبة شديدة في تسكين أوجاع أورام اللثة، وخصوصاً الحديث. فإنه يقمع ولا يخشن، وأخصّ منافعه في حال الوجع، ثم بعد ذلك يستعمل مثل عصارة إيرسا الرطب، فإنه يسيل الدم ويريح، أو عصارة ورق الزيتون، أو عكر الخمر، أو عصارة السذاب، أو دهن الحبّة الخضراء مغلي بماء فيه ورقه، أو سلاقة الزراوند الطويل، فإن كان الورم الحار غائراً ويسمى باروليسر ولا يتحلّل بالأدوية، بل يتقيّح، فربما احتيج إلى علاج الحديد، وربما أدّى جوهره إلى إنبات لحم جديد. فإذا قاح استعمل عليه الزنجار، والعفص، أو قشور النحاس بالخلّ أياماً، أو سوري محرق مع عفص. وإذا كانت اللثة لا تزال تنتفخ وترم ولا تبرأ، احتيج إلى كي. وأجوده أن يؤخذ الزيت المغلي بصوفة ملفوفة على ميل مراراً حتى تضمر وتبيضّ. وإذا كان الورم من رطوبة فضلية، وجب في الابتداء أن يتمضمض بالأدهان الحارة وبالعسل والزيت والربّ، ثم يستعمل المحلّلات القوية المذكورة كثيراً.

فصل في اللثّة الدامية: ينفع منها الشبّ المحرق المطفأ بالخل مع ضعفه ملح الطعام، ومثله ونصفه سوري ينثر عليه، وأيضاً يحرق الطريخ المملوح إلى أن يصير كالجمر فيؤخذ من رماده جزء، ومن الورد اليابس جزءان، وأيضاً يؤخذ الآس والعدس المحرق جزء جزء، والسمّاق والسوري جزءان، فقّاح الأذخر ثلاثة أجزاء، يخلط ويستعمل.

فصل في شقوق اللثّة: يجري في علاجها مجرى شقوق الشفة وسيذكر.

فصل في قروح اللثّة وتآكّلها ونواصيرها: قروح اللثة بعضها ساذجة، وبعضها مبتدئة في التعفّن، وبعضها آخذ في التآكل.

المعالجات: أمَّا الساذجة، فعلاجها علاج القُلاع، وأما الآخذة في التعفّن، فيجب أن تعالج بمثل الأبهل، والحسك، فإن نفع، وإلا أخذ من العفص جزء، ومن المرّ نصف جزء، وجمع بدهن الورد، واستعمل. ومن أصناف المضمضات النافعة المضمضة بخلّ العنصل، والمضمضة بألبان الأتن، والمضمضة بسلاقة ورق الزيتون، وسلاقة الورد، والعدس، والعفص، وأقماع الرمان.

وأما المتآكل، فإن كان ممعناً فيه، فيحتاج أن يعالج بالقلقنديون الخاص به المذكور في الأقراباذين، وكذلك النواصير، ثم تنثر عليه الأدوية القابضة. ومما جرّب حينئذ ثمرة الطرفاء وعاقرقرحا، من كل واحد ثلاثة دراهم، ماميران درهم، هليلج أصفر درهمان، ورد يابس درهمان، باقلى، ونوشادر، وكبابة، وزبد البحر، من كل نصف درهم، جلنار، وزعفران، وعفص، من كل واحد درهم، كافور ربع درهم، ويتّخذ منه سنون. وأيضاً السنونات الواقع فيها الزراوند، والقلقطار، والتوبالات، والزرانيخ.

وأما المتوسّط، فيؤخذ عاقرقرحا، وأصل السوسن، من كل واحد جزء، ومن الجلّنار، والسمّاق، والعفص الغير المثقوب، والشبّ من كل واحد درهمان، يسحق، ويتخذ منه سنون، ويستعمل على المتوسط من التآكل والناصور، وكذلك الجلنار وخبث الحديد، يكبس به اللثّة، ثم يتمضمض بخل العنصل، أو خل طبخ فيه ورق الزيتون، وأيضاً يستعمل فلونيا في الموضع المتآكل، فيكون جيداً، والفودنجي والمعاجين المانعة للعفونة المحللة لما حصل. ومنها المعجون الحرملي، فإن لم ينجع، فلا بد من قلقنديون.

ومما يقرب منه أن يؤخذ شب، ونورة، وعفص، وزرنيخان، أجزاء سواء، يؤخذ منه دانق بعد السحق الشديد، ويدلك به دلكاً جيداً، ثم يصبر عليه ساعة، ثم يتمضمض بدهن الورد، وربما جعل فيه أقاقيا، ويصلح أن يتخذ منه أقراص، وتجفف وتعدّ للحاجة، وربما اقتصر على الزرنيخين، والنورة، وأقاقيا، وقرص. وقد ينفع الكي المذكور، وهو مما يسقط التآكل، وينبت اللحم الصحيح، ثم يستعمل سنون من العفص مع ثلاثة من المر، فإنه ينبت اللحم، ويشد اللثة، وفصد الجُهارك نافع فيه.

فصل في نتن اللثة: علاجه مذكور في باب البخر.

فصل في نقصان لحم اللثة: يؤخذ من الكندر الذكر، ومن الزراوند المدحرج، ومن دم الأخوين، ومن دقيق الكرسنة، وأصل السوسن أجزاء سواء، يعجن بعد السحق بعسل وخلّ العنصل، ويستعمل دلوكاً، وقد يؤخذ دقيق الكرسنّة عشرة دراهم، فيعجن بعسل ويقرّص ويوضع على آجرة أو خزفة موضوعة في أسفل تنور أو يخبز في تنور حتى يبلغ أن ينسحق ويكاد أن يحترق. ولما يحترق فيسحق، ويلقى عليه من دم الأخوين أربعة ومن الكندر الذكر مثله ومن الزراوند المدحرج والايرسا من كل واحد درهمان ويستن به على الوجه المذكور.

فصل في استرخاء اللثة: أما إن كان يسيراً، فيكفي فيه التمضمض بما يطبخ فيه القوابض الحارة، أو الباردة بحسب المزاج. ومما هو شديد النفع في ذلك، الشبّ المطبوخ في الخلّ. وأما إن كان كثيراً، فالصواب فيه أن يشرط ويترك الدم يجري، ويتفل ما يجري منه، ثم يتمضمض بعده بسلاقة القوابض على الوجه المذكور في ما سلف. ومما هو موافق لذلك من السلاقات، أن يؤخذ من ثمر الطرفاء المدقوق ثلاثة دراهم، ورق الحناء درهمين، زراوند درهمين، يفتّر ويستعمل.

أو يؤخذ من الجلّنار، وقشور الرمان ستّة ستّة، ومن الزرنيخين والشبّ اليماني ثلاثة ثلاثة، ومن الورد والسمّاق البغدادي ثمانية ثمانية، ومن سنبل الطيب وفقّاح الأذخر عشرة عشرة، يتخذ منه لطوخ لاصق. وفصد الجُهارك نافع منه.

صفة لصوق لذلك، يستعمل بعد المضمضة نافع، ورد بأقماعه، فلفل سبعة سبعة، جفت البقوط، جلّنار، حبّ الآس الأخضر أربعة أربعة، الخرنوب النبطي، والسمّاق المنقّى، الأرماك خمسة خمسة، أو بدل الأرمام آس ثمانية، وقد ينفع التحنيك بالأيارج الصغير، ويتمضمض بعده بخلّ العنصل، وبخلّ الحنظل، ويستعمل السنونات القوية.

فصل في اللحم الزائد: يجعل عليه قلقنت ومرّ، فإنه يذهبه ويذيبه.

فصل في الشفتين وأمراضهما: الشفتان خلقتا غطاء للفم والأسنان، ومحبساً للعاب، ومعيناً في الناس على الكلام، وجمالاً، وقد خلقتا من لحم وعصب، هي شظايا العضل المطيف به.

فصل في شقوق الشفتين: الأدوية المحتاج إليها في علاج الشقوق، هي التي تجمع إلى القبض والتجفيف تلييناً. ومن الأدوية النافعة في ذلك الكثيراء إذا أمسكه في الفم، وقلبه باللسان. ومن التدبير النافع فيه، تدهين السرة والمقعدة، وأن يطلى عليه الزبد الحادث من ذلك قطعة قثاء على أخرى، ويطلى عليه ماء السبستان، أو ماء الشعير، أو لعاب بزرقطونا. ومن الدسومات، الزبد، والمخّ. والشحوم، شحوم العجاجيل والأوز بعسل، ودهن الحبة الخضراء، أو دهن الورد وفيه بياض البيض، ودقيق، وخصوصاً دقيق الكرسنّة، والقيروطي بدهن الورد، وربما جعل فيه مرداسنج.

ومن الأدوية المجرّبة، عفص مسحوق، وإسفيذاج الرصاص، ونشا، وكثيراء، وشحم الدجاج. وأيضاً العفص مسحوقاً بالخل، وأيضاً المصطكى، وعلك البطم، وزوفا، والعسل، يتخذ منها كالمرهم، وأيضاً مرداسنج، ساذنج، عروق الكرم، من كل واحد نصف جزء، دهنج نصف جزء، وأظلاف المعز مسحوقة زعفران، من كل واحد ثلث جزء وكافور سدس جزء، يجمع بستّة أجزاء شمع، وستّة عشر جزءاً دهن ورد. وأيضاً العنبر المذاب بدهن البان، أو دهن الأترج ربع جزء، ويستعمل قيروطياً، ويجعل غذاءه الأكارع والنمبرشت.

فصل في أورام الشفتين وقروحهما: يجب أن يبتدأ فيها باستفراغ الخلط الغالب، ثم يستعمل الأدوية الموضعية، أما الأورام، فهي قريبة الأحكام من أورام اللثة وحاجتها إلى علاج أقوى قليلاً أمسّ. وأما الأدوية الموضعية للقروح، فيتخذ من القوابض، مثل الهليلج، والحضض، وبزر الورد، وجوز السرو، وأصل الكركم. وربما وقع فيها دهنج، وأظلاف المعز محرقة، وسعتر محرق، ودخان مجموع، والأشنة. وأما الأدهان التي تستعمل فيها، فدهن المشمش، ودهن الجوز الهندي.

فصل في البواسير: فإن كان هناك بواسير، فما ينفع منها، خبث الحديد، ومرداسنج، وأسفيذاج، وزعفران، وشب أجزاء سواء، يتخذ منها مرهم بشمع ودهن الجوز الهندي، أو دهن للوز.

فصل في اختلاج الشفة: أكثر ما يعرض، يعرض لمشاركة فمّ المعدة، وخصوصاً إذا كان بها غثيان، وحركة نحو دفع شيء بالقذف، لا سيما في الأمراض الحادة، وأوقات البحارين. وقد يكون بمشاركة العصب الجائي إليها من الدماغ والنخاع بمشاركتها للدماغ.