الكتاب الثالث: الأمراض الجزئية - الفن الثالث عشر: المريء والمعدة وأمراضهما - المقالة الرابعة: الأمراض الآتية والمشتركة العارضة للمعدة

المقالة الرابعة

الأمراض الآتية والمشتركة العارضة للمعدة

فصل في الأورام الحارة في المعدة: المعدة تعرض لها الأورام الحارة للأسباب المعروفة في إحداث الأورام الحارة، ومن تلك الأسباب الأوجاع المتطاولة، وقد تكون أورامها الحارة دموية، وقد تكون صفراوية.

العلامات: أنه إذا طال بالمعدة وجع لا يزول مع حسن التدبير، فاحدس أن هناك ورماً. وأما الحار من الأورام، فقد يدلّ عليه مع ذلك التهاب شديد، وحرقة قوية، وعطش، وحمّى لازمة، ووجع ناخس، ونتوء، وربما أدى إلى اختلاط الذهن وإلى السرسام، والمالنخوليا. فإذا نحف البدن، وغارت العين، وانحلت الطبيعة، وكثر الاختلاف والقيء، وأقلعت الحمّى، وقلّ البول، وصارت المعدة للصلابة بحيث لا تنغمز تحت الأصابع، فقد صار خرّاجاً. وإذا حدث مع وجع المعدة برد الأطراف، فذلك دليل رديء.

المعالجات: إذا توهمت أن ورماً حاراً ظهر أو يظهر بالمعدة لشدة الحرقة. والالتهاب، فالأحوط في الابتداء أن تبادر إلى الردع، فتمرّخ المعدة بمثل دهن السفرجل، وتضمدها بالسفرجل، وقشور القرع، والبقلة الحمقاء، ودقيق الشعير، وما يجري هذا المجرى. على أن الإمساك وتلطيف الغذاء والتدبير أنفع لهم. وإذا عالجت أورام المعدة الحارة، فإياك أن تسقي مسهّلاً قوياً أو مقيئاً، فإن استعمال القيء خطر. وأما الفصد فما لا بدّ منه في أكثر الأوقات، واجتنب الإسهال بالعنف والقيء، واقتصر على الأغذية والأدوية الملينة مثل الشعير، والماش، والقطف، والقرع، ولتكن الأدوية الملينة مثل الخيار شنبر، فإنه لا بأس فيه بأن يستفرغ بالخيار الشنبر، فإنه ينفع الورم، ويجفف المادة، وربما مزج به من الأيارج، أو الصبر وزن دانق وإلى نصف درهم. وأفضل ذلك أن يسقى الخيار شنبر بماء الهندبا، وربما جعل فيه أفسنتين قليل، فإنه نافع يقبضه.

وربما استعمل فيه قوم الهليلج، وأما أنا فلست أميل إليه، اللهم إلا أن يكون الورم في طريق الشك، وإذا ظهر، فلا ينبغي أن يستعمل. وربما سقوهم السكنجبين، بالسقمونيا وأنا أكرهه.

وإن لم يكن من مثله بدّ، فالصبر مقدار مثقال، أو ما يقرب منه بالسكنجبين منه على أن تركه ما أمكن أفضل.

ومن المسهلات النافعة في ابتداء الأمر، أن يؤخذ ماء عنب الثعلب، وماء الهندباء أوقيتين، ولبّ الخيار شنبر ثلاثة دراهم، ومن دهن اللوز والقرع من كل واحد وزن درهمين، ويسقى، ولا يزال يلين الطبيعة بذلك إن كانت يابسة إلى اليوم السابع، ويجب أن لا يقدّموا عن الطعام مما ينفعهم جداً. وإن اشتد الوجع، سقيتهم وزن ثلاثة دراهم بزر قثاء بماء بارد، أو بماء الثلج، ويسقى ماء الطبرزذ، فإنه نافع جداً. وماء الطرحشقوق أيضاً، والأضمدة المتخذة من الملح، والشبث، والجلنار، والهيوفا قسطيداس، والأفسنتين إذا ضمد به، منع الورم أن يفشو في جميع أجزاء المعدة. وما دامت الحرارة باقية، ولو بعد السابع، فلا تقطع ماء الهندبا، وماء عنب الثعلب، وماء الكاكنج، وماء الطرحشقوق، وأخلط بذلك إذا جاوز السابع أقراص الورد إلى نصف درهم، وشيئاً من عصارة الأفسنتين، والمصطكي، واخلط به أيضاً ماء الرازِيانج، والكرفس، ويكون الغذاء إلى السابع من الماش المقشر بقطف، وسرمق، وقرع بدهن اللوز، أو زيت الأنفاق، وشراب الجلاب، وماء الإجاص، وعصارة الهندبا، والطرحشقوق، وفي آخره يخلط بمصطكي، وعصارة الأفسنتين.

وأما بعد السابع، فيخلط بها ما يجلو، أو ينضج يسيراً مثل السلق، واللبلاب، وحينئذ أيضاً يسقون السكنجبين، وربما سقوا قبل ذلك بأيام، وربما سقوه مع ماء البنفسج المربى إن لم يكن غثيان شديد مؤذٍ ، وذلك إلى الرابع عشر، وإذا سكن اللهيب، وتليّن الورم حان وقت التحليل، فإذا انحطّ قليلاً أدخلت في الضمادات مثل المصطكي، والأفسنتين، وجعلت الشراب من السكنجبين بغير بقية، وربما كفى سقي الخيار شنبر في ماء الرازيانج، والكرفس، ودهن اللوز الحلو إلى آخره.

والصواب لك إذا بلغ العلاج وقت الإرخاء والتحليل، أن لا تقدم عليها إقدام مجرد إياهما، بل اخلط الأدوية المرخية بالقابضة، فإن في الاقتصار على المرخيات خطراً عظيماً، وربما أشفى بصاحبه على الهلاك، سواء كانت الأدوية مشروبة، أو موضوعة عليها من خارج. والمعدة أولى بذلك من الكبد، والقوابض الصالحة لهذا الشأن ما فيه عطرية مثل المصطكي، والورد، وأيضاً العفص، والسك، والجلنار، وأطراف الأشجار. ومن الأدهان مثل دهن السفرجل، ودهن المصطكي، ودهن النارين، ودهن التفاح، وزيت الأنفاق، بل يجب في الصيف وفي الابتداء، أن يستعمل في مراهمها دهن الورد، وزيت الأنفاق، ودهن السفرجل، ودهن التفاح. وفي الشتاء، أو في أوان التحليل دهن الناردين، ودهن الشبث، ودهن البابونج، ودهن السوسن، ودهن المصطكي، بين بين.

صفة أضمدة جيدة في الابتداء والتزيّد والانتهاء: ضمّاد نافع هذا الوقت، وبعده يؤخذ دقيق الشعير، وفوفل، ونيلوفر من كل واحد أوقية، ورد أوقية ونصف، زعفران نصف أوقية، بنفسج خمسة عشر، كثيراً خمسة، خطمي، بابونج من كل واحد عشرة، صندل خمسة عشر، مصطكي، وجلّنار، وأقاقيا من كل واحد خمسة خمسة، شمع دهن ورد ما يجمعه. ومن الأضمدة الجيدة في ابتداء الورم، أن يؤخذ أصل السوسن بإكليل الملك، وشمع، ودهن البنفسج، ولا يجب أن يضمد مع استطلاق شديد من البطن، بل يعدّل البطن أولاً، ثم يستعمل الضمّاد.

ومن الأضمدة الجيدة في وقت المنتهى إلى الانحطاط، أن يؤخذ فقاح الأذخر، إكليل الملك، وأفسنتين رومي، وسنبل، وأصل الخطمي، وصندل، وفوفل، وزعفران، وحبّ الغار، وما أشبه ذلك، يزاد في القابضة في الأوائل، وفي المحللة في الأواخر، فإنه نافع.

ومن الأضمدة الجيدة في إنضاج ما يراد تحليله من الورم الحار والماشراء، أن يؤخذ طراف الورد، وأطراف الأفسنتين، وأطراف حي العالم، وقشر الأترج الخارج، والمصطكي، والكندر، من كل واحد جزء ونصف، ومن السفرجل، والبسر، والزعفران، والصبر، والمر، من كل واحد جزء، ومن الشمع، ودهن البابونج، ودهن الناردين، من كل واحد عشرة أجزاء.

وإذا كان السبب في حدوث الأورام الأوجاع المتقادمة التي من حقها أن تعالج بالملطفات، فإذا تأدت إلى التورّم، فيجب أن تقطع الملطفات عنها، وتقتصر على المسكّنة للأوجاع مثل شحوم البط، والدجج. وإذا أعتق الورم، سقي أقراص السنبل، ويضمد بضماد المقل بحب البان المذكور في الأقراباذين.

ومما ينفع من ذلك قيروطي بدهن بلسان، والصبر، والشمع الأبيض، ويجب أن يستعمل القيروطي الجالينوسي المذكور في باب ضعف المعدة. وضماداً إكليل الملك نافع جداً، وهو أن يؤخذ بابونج، وجلنار، وبزر الكتان، وإكليل الملك، وخطمي، يجعل منه ضمّاد، ويكمّد وينطل بطبيخه. ومما يسقى في ذلك الورد عشرة، العود درهمين، المصطكي ثلاثة دراهم، بزر الهندباء والكشوت ثلاثة، يسقى في الورم الملتهب مع كافور، أو يؤخذ ثلاثة أساتير خيار شنبر، ويطبخ في رطل ماء حتى يعود إلى النصف، ثم يصفى ويلقى عليه من ماء عنب الثعلب، وماء الكاكنح اسكرجة، ويغلى إغلاءة، ويلقى عليه نصف درهم أيارج فيقرا، ويسقى القوي منه بتمامه، والضعيف نصفه، وإن احتجت إلى أقوى من ذلك زدت فيها الشبت، وبزر الكتان، والحلبة، وإذا احتجت إلى أقوى من ذلك، زدت من بزر الكرنب، وأشق، ومخ الأيل، وشحم الدجاج، وربما احتجت إلى ضماد فيلغريوس، والضمّاد الأصفر، وفي هذا الوقت ربما احتيج إلى أن يسقى أقراص المقل.

ومن المراهم النافعة في هذا الوقت، مرهم بهذه الصفة: يؤخذ من الشمع، ومن دهن الناردين، أوقية أوقية، ومن المصطكي، والصبر، والسعد، والأذخر، من كل واحد مثقال، ومن مثل وزن ثلاثة دراهم، يحل في الشراب ويجمع بين الأدوية على سبيل اتخاذ المراهم.

وإن كان هناك إسهال، فربما احتجت إلى أن تجعل مع هذه عصارة الحصرم أو عصارة الأفسنتين، أو تجمع بينهما. ومن الخطأ العظيم أن يطول زمان مقاساة الورم، ولا يزال يعالج بالمبرّدات، ويكون الورم في طريق كونه خراجاً، وقد منع عن النضج، فيجب أن يراعى هذا.

وقد قيل أن القلادة المتخذة من حجارة أناسليس، إذا علقت بحيث تلامس المعدة، كانت عظيمة المنفعة في أوجاعها، وأورامها. وأما إذا صار الورم دبيلة أو خراجاً، فقد أفردنا له باباً، وأما إذا كان الورم صفرارياً، فيجب في ابتدائه أن يبرّد جداً بالضمادات المبرد المعروفة المخلوطة بالصندل، والكافور، والورد، ونحوه، ويسقى ماء الشعير بماء الرمان المزّ المطبوخ، وبالسرطانات، ثم بعد ذلك بأيام يستعمل ماء عنب الثعلب، وماء الهندباء، وبعد ذلك، وعند القرب من المنتهى يمزج بماء عنب الثعلب، وماء الهندبا قليل ماء الرازيانج، فإن ذلك ينفع منفعة بينة.

فصل في الأورام الباردة البلغمية: هذه الأورام تتولّد من رطوبة، وسوء هضم، وقلة رياضة، ومن سائر الأسباب المولدة للمواد الرطبة الخافية إياها في الأوعية والأغشية مما سلف تعريفه.

العلامات: إذا وجدت علامة الورم من وجع راسخ في كل حال وتنويم، ثم لم يكن حمى، ولا التهاب، ولا وسواس، بل كان رطوبة ريق، ورصاصية لون، وقلة عطش، وسوء هضم، وقلّة شهوة، فذلك ورم بلغمي، واستدل بسائر الدلائل المذكورة لرطوبة مزاج المعدة.

المعالجات: من القانون في هذا أيضاً أن لا تخلي المحلّلة من القابضة، فإن المحللة التي يحتاج إليها في هذه هي القوية التحليل، يبتدأ من علاج هؤلاء، بأن يسقوا ماء الكرفس، وماء الرازيانج، من كل واحد أوقيتين، بورق ثلاثة دراهم، دهن لوز حلو مقدار الكفاية، ثم من بعد ذلك يسقون درهمين من دهن الخروع، مع ثلاثة دراهم من دهن اللوز الحلو بطبيخ إكليل الملك. وصفته: إكليل الملك عشرة، أصل الرازيانج عشرة، الماء أربعة أرطال، يطبخ حتى يبقى رطل، ويسقى منه أربع أواق. وينفع هؤلاء طبيخ الزوفا الذي طبخ فيه إكليل الملك، وجعل على الشربة منه ثلاثة دراهم دهن الخروع، وقيل نصف درهم إلى درهمين دهن اللوز الحلو.

وأما المسوحات والأضمدة، فمن ذلك دواء مجرب بهذه الصفة. يؤخذ جعدة، وإكليل الملك، وحماماً، وبابونج، وشبت، ومن كل واحد عشرة دراهم، أفسنتين، وسنبل من كل واحد سبعة دراهم صبر وزن ثمانية دراهم، مصطكي عشرة دراهم، كندر ستة دراهم، أصل الخطمي خمسة عشر درهماً، أشق، وجاوشير، وميعة، من كل واحد عشرة دراهم، شحم الوز، وشحم دجاج، من كل واحد أوقيتين، شمع أحمر نصف رطل. وأفضل المسوحات دهن النادرين، ودهن السنبل، قد جعل فيه المر، والقردمانا. وينفع أيضاً الهليون، واللبلاب بدهن اللوز الحلو، والسلق، والكرنب بالزيت، وما يجفف الدم من الأغذية، ويسهل هضمه، ويجب أن يجتنبوا القيء أصلاً.

فصل في الأورام الصلبة الغليظة: قد يكون ابتداء، وقد يكون عن انتقال من الأورام الحارة، وعلى ما قد عرفته في الأصول، وفي النادر يكون عن ورم بلغمي عرض له أن يصلب، ويدل عليه مع دلالة الأورام صلابة المجس، وكثرة اليبوسة، ونحافة البدن.

المعالجات: القانون في هذا أيضاً أن لا تخلي الأدوية المحللة عن القابضة، وكل الأدوية التي كانت شديدة التحليل في آخر الأورام الحارة، فإنها نافعة ههنا، ويجب أن يسقوا لبن اللقاح دائماً. ومما ينفعهم أن يؤخذ ثلاثة مثاقيل من دهن الخروع بطبيخ الخيارشنبر، وهو ممروس في ماء الأصول، وان احتيج إلى ما هو أقوى، جعل في ماء الأصول من فقاح الأذخر، والمصطكي، والبرشارشان، مع سائر الأدوية جزء جزء.

وإذا جعل مع دهن الخروع من دهن السوسن مقدار درهم، ومن دهن اللوز مقدار درهمين، كان نافعاً، وكذلك إذا سقيت هذه الأثمان بماء العسل. ويجب أن يستعمل في ضماداته مخّ عظام الإبل، ومخ ساق البقر، وإهال سنام البعير.

ومن الأدوية النافعة في ذلك وفي الدبيلات، أن يؤخذ إكليل الملك، وحلبة، وبابونج، وحب الغار، والخطمي، وأفسنتين، من كل واحد جزء، أشق، قفر، من كل واحد ثلثا جزء، تحل هذه الصموغ في طبيخ عشرين تينة بالطلاء، ويسحقه كالعسل، ثم يجمع به الأدوية، ويتخذ منه ضمّاد، فإنه عجيب.

ضماد آخر: يؤخذ وسخ الكوارة ستة أجزاء، ميعة جزأين، مصطكي جزء، علك البطم نصف جزء، دردي دهن الناردين قدر ما يجمع.

ضماد آخر: يؤخذ أشق مائة، شمع مائة، إكليل الملك أثني عشر، زعفران، مرّ، مقل اليهودي من كل واحد ثمانية، دهن البلسان رطل. ومما هو نافع لهم جداً دهن عصير الكرم. ومما ينفعهم جداً طبيخ الايرسا بالخيارشنبر، والضماد الذي ذكرناه في باب ضعف المعدة مع صلابة.

نسخة ضماد جيّد: يؤخذ مصطكي، كندر، أفسنتين، من كل واحد جزء، أشق زعفران جزأين جزأين، سعد ثلاثة، قيروطي بدهن الناردين قدر الكفاية، وإذا اتفق ما هو قليل الاتفاق من انتقال الورم البلغمي إلى الورم الصلب، فأوفق علاجه ضماد بهذه الصفة: يؤخذ أشق، ومقل، وبزر الكرنب، ميعة سائلة، ولوز مرّ، ومصطكي، وسنبل، وأذخر، وسعد، تحل الصموغ، ويسحق غيرها، ويجمع ضمّاداً، وغذاؤهم مثل الهليون، واللبلاب، ودهن لوز حلو، وخصوصاً لما كان انتقل من الورم الحار.

فصل في الدبيلة في المعدة: كثيراً ما يحرف الأطباء عن تدبير الورم في المعدة، فينتقل خرّاجاً، وكثيراً ما يبتدئ.

العلامات: قد ذكرنا علامات ابتدائها في باب أورام المعدة الحارة.

المعالجات: يجب أن تبادر إلى الفصد، وإلى تبريد المعدة المورمة ورماً حاراً خارجاً وداخلاً بما يمكن، ليمنع صيرورته دبيلة. فإن صار دبيلة، وأخذ في طريق النضج، فيجب حينئذ، إن كان الأمر خفيفاً، وتوهّمت نضجاً قريباً، أن تسقيه اللبن الحليب مرة بعد أخرى مع الماء الحار، وتجسّ الصلابة، وتنظر هل تنغمز، وتترقّب هيجاناً، وقشعريرة، وانغماز ورم، فإن لم يغن ذلك، فيجب أن تسقيه ماء الحلبة، والحسك، ودهن اللوز الحلو. فإن احتجت إلى أقوى من ذلك، وكان الأخذ في طريق النضج قد زاد على الأول، جعلت فيه دهن الخروع.

ومما هو مجرب في ذلك، أن يسقى صاحبه طرحشقوق يابس وزن درهم ونصف، بزر المرّ وحلبة درهم درهم، يسحق ذلك، ويشرب ببعض الألبان الحليب الحارة مثل لبن الأتان، والماعز، ومقدار اللبن ثلاثة أواق، ويخلط معه من السكر وزن ثلاثة درهم. ومما هو مجرّب أيضاً، أن يؤخذ من ورق الطرحشقوق اليابس أوقية، الحلبة أوقيتان، بزر المرو أربع أواق، يدقّ وينخل ويعجن بلبن الماعز، ودهن السمسم، ويتخذ ضمّاداً. وينبغي أن يحمّم بالماء الفاتر، ويخبّص على الدبيلة بشيء متخذ من التين، والبابونج، والحلبة مطبوخة، وفيها أفسنتين ليقوّي.

والمراد من جمع ذلك أن ينضج الورم، وينفجر، فإذا حدست نضجاً، وكنت قد استعملت التحميم المذكور والضمادات، وأعقبتها بضمّاد التين المذكور، فرشت له فرشاً مضاعفة في غاية الوطاء والدفاء، وأمرته أن ينام عليها منبطحاً حتى ينفجر تحت هذا الانضغاط ورمه، وأنت تعرف أنه قد انفجر بالضمور والتطامن، وبما يقذف ويختلف به من القيح والدم، ويجب أن يسقى حينئذ الصبر بماء الهندبا، فإذا انفجر سقي الملحمات. على أن من قاء القيح من معدته كان إلى اليأس أقرب منه إلى الرجاء، فإذا حدست أن في المعدة قيحاً، فأخرجه بالإسهال، ولا تحرّكه إلى القيء، وإذا لم ينجع مثل هذه الأشياء، استعملت الأدوية المذكورة في باب الأورام الصلبة. وأما الأغذية الموافقة لهم في أوائل الأمر، فالاحساء المتخذة بالنشاء، والشعير المقشّر، وصفرة البيض، وفي آخره ما يقع فيه شبث وحلبة بمقدار حسب ما تعلم قانون ذلك.

فصل في القروح في المعدة: إن القروح والبثور قد تعرض للمعدة لحدّة ما يتشرب جرمها من الأخلاط، وما يلاقيه منها، وكثيراً ما يكون بسبب ما يأتيها من غيرها، فإنه كثيراً ما تتقرح المعدة من نوازل تنزل إليها من الرأس حادة لذّاعة قابلة للعفونة تتعفن فتتأكّل إذا طال النزول.

العلامات: كثيراً ما تؤدي قروح المعدة خصوصاً في أسفلها إلى صغر النفس، ودرور العرق، والغشي، وبرد الأطراف. وقد يدل على القروح في المعدة، نتن الجشاء، وارتفاع بخار يورث يبس اللسان، وجفافه، ويكون القيء كثيراً، وإذا كان في المعدة بثور، كثر الجشاء جداً. وقد يفرق بين القرحة الكائنة في المريء، وبين الكائنة في فم المعدة، أن الكائنة في المريء يحس الوجع فيها إلى خلف بين الكتفين، وفي العنق إلى أوائل الصدر ، ويحقق حالها نفوذ المزدرد، فإنه يدل على الموضع الألم باجتيازه، فإذا جاوز هذا الوجع يسيراً.

وأما الكائنة في فمّ المعدة، فيدل عليها أن الوجع يكون في أسافل الصدر أو أعالي البطن، ويكون أشد والمزدرد يدل عليها عند مجاوزة الصدر، وأكثره يميل إلى جهة المراق، ويصغر معه النفس، ويبرد الجسد، ويؤدي إلى الغشي أكثر.

وأما الكائنة في قعر المعدة، فستدلّ عليها بخروج قشر قرحة في البراز من غير سحج في الأمعاء، ووجود وجع بعد استقرار المتناول في أسفل المعدة، ويكون الوجع يسيراً. ويفرق بين القرحة في المعدة، والقرحة في الأمعاء موضع الوجع عند دخول الطعام على البدن، ويكون خروج القشرة التي تخرج في البراز نادراً، وتكون قشرة رقيقة من جنس ما تخرج من الأمعاء العليا. ويستدل على أنها من المعدة، بأن الوجع ليس في نواحي الأمعاء، بل فوق، إلا أنه كثيراً ما يلتبس، فتشبه الدوسنطاريا العالي، وهو الكائن في الأمعاء العليا، فيجب أن تتفرّس فيه جيداً. وأما في القيء، فإن القشرة إذا خرجت لم يكن إلا لقرحة في المريء، أو المعدة، ويجب إذا أردت أن تمتحن ذلك أن تطعم العليل شيئاً فيه خل، وخردل.

المعالجات: الجراحة الطرية التي تقع فيها، يجب أن تعالج بالأدوية القابضة، وتجعل الأغذية سريعة الهضم أيضاً، وتبعد الأدوية القرحية التي يقع فيها زنجار، وأسفيداج، ومرتك، وتوتيا، وأمثال ذلك، بل يجب أن تعالج قروح المعدة والأكلة فيها، أولاً بالتنقية بمثل ماء العسل، والجلاب، ولا يجب أن يكون في المنقّي قوة من التنقية، فيؤذي ويقرح أكثر مما ينقّي، وينفع بما يزعزع، بل يجب أن يكون جلاؤها وغسلها إلى أسفل. فإن كان هناك تأكل، ولحم ميت، فيجب أن يداوى بدواء ينقّي اللحم الميت، ويلحم وينبت. وما أوفق أيارج فيقرا لذلك، فإذا نقى، وجب أن يسقى مخيض البقر المنزوع الزبد، وشراب السفرجل، والرمان، ونحوه، ويسقى أيضاً ماء الشعير بماء الرمان، وجلاب الفواكه القابضة، وربما احتاجوا إلى التغذية ببطون العجاجيل، والجداء المحللة.

واعلم أنك ما لم تنق الوضر أجمع، فلا منفعة في علاج آخر، ولا استعمال مدملات. وإذا استعملت الملحمات، وكانت العلة في ناحيتي المريء وفم المعدة، فاجعل فيها من المغريات شيئاً صالحاً مثل الصمغ، والكثيراء، وقد ينفع من قروح المعدة الفلونيا، وينفع أيضاً أقراص الكهرباء لا سيما إذا كان هناك قيء دم، وينفع منه جميع ربوب الفواكه القابضة، وقد ينقع رب الغافت، وربّ الأفسنتين، وإذا كان في المعدة قروح، ولم يكن بد من الإسهال لداعٍ من الدواعي، فيجب أن يسهل بمثل الخيارشنبر، وإن عرض من القروح إسهال، فيجب أن يعالج بأقراص الطباشير، والربوب القابضة بماء السويق المطبوخ. وإذا كان هناك أكلة، فيعالج بما ذكرناه في علاج نفث الدم، وأنت تعلم ذلك.

فصل في علاج البثور في المعدة: ينفع منها التنقية بمداراة ما يرخص في الاستسهال به في قروح المعدة حب الرمان بالزبيب، واللبن، المنضج بالحديد المحمى. وأما من عرض له انخراق معدته، فلا يتخلص إلا قليلاً من خرق قليل، ومع ذلك، فينبغي أن لا يهمل حاله، وتشتغل بعلاجه فعسى أن يتخلص منه