الكتاب الثالث: الأمراض الجزئية - الفن السادس عشر: أحوال الأمعاء والمقعدة - المقالة الخامسة: الديدان

المقالة الخامسة

الديدان

فصل في الديدان: إذا تحصلت مادة - وليست مزاجاً ما - أوتيت أصلح ما تحتمله من هيئة وصورة، ولم يحرم استعدادها الكمال الطبيعي الذي تحسبه من الصانع القدير، ولذلك ما تتخلق الديدان، والذباب، وما يجري مجراها عن المواد العفنة الرديئة الرطبة، لأن تلك المواد أصلح ما تحتمل أن تقبله من الصور، هو حياة دودية، أو حياة ذبابية، وذلك خير من بقائها على العفونة الصرفه، وهي مع ذلك تتسلط على العفونات المتفرقة في العالم، فتغتذي بها للمشاكلة، وتأخذها عن مساكن الناس وعن الهواء المحيط بهم.

وديدان البطن من هذا القبيل، وليس تولدها من كل خلط، فإنها لن تتولد عن المرار الأحمر والأسود، لأن أحدهما شديد الحرارة فلا يتولد منه المود الرطب، بل هو مضاد لمزاجه، والآخر بارد يابس بعيد عن مناسبة الحياة. وأما الدم، فإن الصيانة متسلطة عليه والحاجة للأعضاء شديدة إليه، وهو مناسب للحمية الإنسان وعظميته، لا للدود، ولا هو أيضاً مما ينصبّ إلى الأمعاء ويبقى فيها، ويتولد عنه الدود، ولا هيئة الدود. ولونه لا يمل على أنه من مثل المادة الدموية، بل مادة الديدان هي البلغم إذا سخن، وأكثر وعفن في الأمعاء، وبقي فيها. وأنت تعلم أسباب أكثرة تولد البلغم من المكولات، والتخم، وضعف الهضم بأي سبب كان، ومن مزاج الأعضاء الباردة، وما تولده الأغذية اللينة اللزجة، مثل الحنطة، واللوبيا، والباقلا، ومن سفّ الدقيق، وأكل اللحم الخام ، والألبان، والبقول، والفواكه الرطبة، والرواصيل، والدسم، والاغتسال بالماء الحار بعد الأكل، وكذلك الاستحمام بعد الأكل، والجماع على الامتلاء. وأصناف الديدان أربعة: طوال عظام، ومستديرة، ومعترضة، وهي حب القرع ، وصغار. وإنما اختلف تولّدها بحسب اختلاف ما منه تتولد، واختلاف ما فيه تتولد. أما اختلاف ما منه تتولد، فلأن بعضها يتولد عن رطوبة لم يستول عليها الانقسام والتفرق من جهة جذب الكبد، ومن جهة شدّة العفونة. وبعضها يتولد عن رطوبة فرّقها وقللها وصغرها جذب الكبد المتصل، والعفونة، وكثرة مخاوضة الثفل، وإذا تولدت أعان على نقائها صغيرة إخراج الثفل لها قبل أن تعظم لقربها من مخرج ضيق.

وبعضها يتولد عن رطوبة بين الرطوبتين، فما كان من الرطوبة في الأمعاء العالية يكون من قبيل الرطوبة المذكورة أولاً، وما كان من الرطوبة في المعي المستقيم كان من الرطوبة المذكورة ثانياً، وما كان في الأعور ومعي قولون، فهو من قبيل الرطوبة المذكورة ثالثاً. فالطوال من قبيل الأول، وربما بلغت قدر ذراع، والمستديرة والعراض من قبيل الثالث، وإن كانت قد تتولد أيضاً في الأمعاء العليا، خصوصاً الغلاظ العظام منها، وربما لم تتولد إلا في قولون والأعور، ثم انتشرت من جانب إلى المقعدة، ومن جانب إلى المعدة. والصغار من قبيل الثاني. وهذه العراض والمستديرة كأنها تتولّد من نفس اللزوجات المتشبثة بسطح المعي، ويجري عليها غشاء مخاطي يجنها، كأنها منه تتولد، وفيه تعفن. وأقلها ضرر الصغار، لأنها صغار، ولأنها بعيدة عن الأصول، ولأنها، بعرض الاندفاع بثفل قوي كثيف، لكنها - إن عظمت، واتفق لها أن بقيت مدة تعظم فيها - كانت شرّ الجميع، لأنها من شرّ مادة. ثم الطوال فإنها ليست في رداءة العراض، لأن مادتها أي مادة العراض أشد عفونة.

والعراض والصغار أكثر خروجاً من المقعدة للقرب منها، وللضعف فلا تستطيع أن تتشبّث بالمعي تشبّث الطوال. وكما أن الطوال أشد تشبّثاً، فإن الصغار أسهل اندفاعاً.

وِاذا كان بصاحب الديدان حمّى، كانت الأعراضى قوية خبيثة، لأن الحقى تبيد غذاءها، فتتحرك لطلبه، وتتشبث بالمعي، ولأن الحمى تؤذيها في جوهرها وتقلقها، ولأن الحمّى تزيد طبيعتها عفونة وحدة وقلقاً، ولأن المرار إذا انصب إليها هي الحمى آذاها، فإذا التوت هي في الأمعاء ولذعتها آذت أذى شديداً.

وقد حكى بعضهم أنها ثقبت البطن وخرجت منه، وذلك عندي عظيم . وكذلك يرتفع منها أبخرة رديئة إلى الدماغ فتؤذي، وربما كان احتباسها في الأمعاء وإحداثها للعفونات سبباً للحمى، وليس حالها في أنها ينتفع بها في تنقية الأمعاء الانتفاع بالديدان ونحوها في تنقية عفونات العالم، لأن الأمعاء لها منق دافع من الطباع، ولأن نسبة ما يتولّد من هذه إلى العفونات التي في الأمعاء الفاضلة عن دفع الطبيعة أعظم من نسبة الديدان ونحوها، إلى هواء العالم وأرضه، ولأن هذه تتولد منها آفاات آخرى من سبيلها المحتاج إليه من الغذاء، ومن مضاد حركاتها، ومن إحداثها القولنج، ومن مضادة الكيفية التي تنبت عنها لمزاج البدن وغير ذلك. وقد يتولّد بسبب الديدان والحيّات صرع، وقولنج.

وقد يتولّد جوع كلبي لشدّة خطفها للغذاء، وربما ولدت بوليموس، وأسقطت القوة من فمّ المعدة بصعودها إليه، وتقديرها له. وربما تبع الحالين خفقان عظيم، وأكثر ما تتولّد في سن الصبا، والترعرع، والحداثة. وحبّ القرع في الأكثر يتولد فيمن فارق سن الصبا. وأما المدورة فيكون أكثر ذلك في الصبيان، ثم الشباب، ويقل في الشيوخ على أن كل ذلك يكون - وفي تتولد في الخريف - أكثر من سائر الفصول لتقدّم تناول الفواكه ونحوها. وللعفونة، وهي تهيج عند المساء ووقت النوم أكثر. والتعب والرياضة الشديدة قد تسهل الديدان. وإذا خرجت الديدان من صاحب الحميات الحادة حية لم تكن بشديدة الرداءة، ودلت على صحة من القوة، واقتدار على الدفع، وخصوصاً بعد الانحطاط، وإن خرجت ميتة كانت علامة رديئة. وبالجملة فإن خروجها في الحميات مع البراز ليس بدليل جيد، وخصوصاً قبل الانحطاط، ولكن الحي أجود. وأما خروجها، لا في حال الحمى إذا كان معها دم، فهو رديء أيضاً، ومنذر بآفة في البدن، أو الأمعاء. وأما خروجها بالقيء، فيدل على أخلاط رديئة في المعدة.

في العلامات: أما العلامات المشتركة، فسيلان اللعاب، ورطوبة الشفتين بالليل، وجفوفهما بالنهار، بسبب أن الحرارة تنتشر في النهار، وتنحصر في الليل. فإذا انتشرت الحرارة إنجذبت الرطوبة معها، فجاعت الديدان، وجذبت من المعدة، فجفّفت السطح المتصل بها من سطح الفم والشفة، وأعانها على تجفيف الشفة الهواء الخارج، فيظلّ المريض يرطب شفتيه بلسانه.

وقد يعرض لصاحب الديدان ضجر، واستثقال للكلام، ويكون في هيئة المغضب السيىء الخلق، وربما تأذى إلى الهذيان لما يرتفع من بخاراته الرديئة، ويعرض له أعراض فرانيطس سوى أنه لا يلقط الزئبر، ولا يصدع، ولا تطن أذنه. ويعرض له تصريف الأسنان، وخصوصاً ليلاً، ويكون في كثير من الأوقات كأنه يمضغ شيئاً، وكأنه يشتهي دلع اللسان، ويعرض له تثويب في النوم، وصراخ فيه، وتملل، واضطراب هيئة، وضيق صدر على من ينبّهه. ويعرض له على الطعام غثيان وكرب، وينقطع صوته، ويضعف نبضه. وعند الهيجان يكون كالساقط، ويكون برازه في أكثر الأحوال رطباً.

وأما سقوط الشهوة واشتدادها، فعلى ما ذكرناه في باب الآسباب، وربما عرض لهم عطش لا ريّ معه، وكذلك قد تعرض لهم أمراض ذكرناها هناك. وإذا اشتدّت العلة والوجع سقطوا، وتشنجوا، والتووا كأنهم مصروعون، وربما عرض لهم في مثل هذا الوقت أن يتقيئوها، وتختلف ألوانهم وألوان عيونهم، فتارة تزول ألوان عيونهم ووجوههم، وتارة ترجع. وربما انتفخوا أو تهيّجوا أو تمددت بطونهم كالمستسقين، وكأنما بطونهم جاسية، وربما ورمت خصاهم، ويعرقون عرقاً بارداً شديداً مع نتن شديد.

وأما العلامات لتفصايلها، فمنها مشتركة التفاصيل، وهي خروج ذلك الصنف من المخرج، ثم الطوال يدل عليها دغدغة فمّ المعدة، ولذغها، ومغص يليها، وعسر بلع، وسقوط شهوة في الاأكثر، وتقرز من الطعام، وفواق. وربما تأذت الرئة والقلب بمجاورتها، فحدث سعال يابس، وخفقان، واختلاف نبض، ويكون النوم والانتباه لا على الترتيب، ويكون كسل، وبغض للحركة، وللنظر، وللتحديق، وفتح العين، بل يميل إلى التغميض. ويعرض لعيونهم أن تحمر تارة، ثم تكمد آخرى. وربما تمددت بطونهم وصاروا كالمستسقين، وربما عرض لهم إسهال. وأما العراض والمستديرة، فإن الشهوة في الأكثر تكثر معها لأنها في الأكثر تبعد عن المعدة، فلا تنكأ فيها، وتختطف الغذاء، وتتحرك عند الجوع حركات مؤذية، قارصة، منهكة للقوة، مرخية مقطعة فيما يلي السرة.

وأما الصغار، فيدل عليها حكة المقعدة، ولزوم الدغدغة عندها، وربما اشتدت حتى أحدثت الغشي، ويجد صاحبها عند اجتماعها في إمعائه ثقلاً تحت شراسيفه وفي صلبه، ومما ينفع هؤلاء كلهم أن يتحسوا عند النوم شيئاً من الخل.

العلاج: الغرض المقصود من معالجات الديدان أن يمنعوا من المادة المولدة لها من المأكولات المذكورة، وأن تنقّى البلاغم التي في الأمعاء التي منها تتولد، وأن تقتل بأدوية هي سموم بالقياس إليها، وهي المرة الطعم. فمنها حارة، ومنها باردة، نذكرها. والأدوية التي تفعل بالخاصية، ثم تسهّل بعد القتل، إن لم تدفعها الطبيعة بنفسها. ولا يجب أن يطول مقامها في البطن بعد الموت والتجفيف، فيضر بخارها ضرراً سمياً.

والأدوية الحارة التي إلى الدرجة الثالثة أوفق في تدبيرها كل وقت، إلا أن تكون حمى، أو ورم فإن الحارة المرة تضاد مزاجها بالحرارة، وتضاد الكيفية التي هي آخرص عليها، أعني الدسم والحلو، وقد يوجد من المشروبات والحقن ما يجمع الخصال الثلاث.

وأما الحمولات، فهي أولى بأن تخرج من أن تقتل، إلا ما كان في المستقيم من صغار الديدان، وربما جعلت من جنس الدسم والحلو، لينجذب إليها الدود للمحبة ويخرج معها إذا خرجت. وأولى ما تعالج بالمشروبات وقت خلاء البطن، إذا دسّت السموم القتال لها في الألبان، وفي الكباب ونحوه، كانت هي على التناول منها أحرص، وكان ذلك لها أقتل، وربما سقي صاحب الديدان مثل اللبن يومين، ثم سقي في اليوم الثالث في اللبن دواء قتالاً لها وربما مص قبله الكباب، فإذا وجدت رائحته أقبلت على المص لما ينحدر إليها. فإذا اتبع ذلك هذه الأدوية كان أقتل لها. وإذا استعملت الحقن السمّية القاتلة لها، فالأولى أن تطلى المعد ة بالقوابض، وخصوصاً ما فيه قوة قاتلة للدود مثل السمّاق، والطراثيث، والأقاقيا مدوفة في شراب، وكذلك المغرّة، وكذلك الكبر، والشبث بالشراب فإن لم يحتملوا قبض مثل هذه، فالطين المختوم بالشراب.. وإذا شرب الأدوية الدودية، فيجب أن يسدّ المنخرين سدُّا شديداً، ولا يكثر من إخراج النفس وإدخاله ما أمكنه، فإن الأصوب أن لا يختلط في النفس شيء من روائحها.

ومن العلاج المتصل بعلاج الديدان، إصلاح الشهوة إذا سقطت، وربما وجدت في الضمّادات والمشروبات ما يجمع إلى تقوية الشهوة قتلاً لها، وإخراجاً لها مثل الأفسنتين مع الصبر شرباً للحب المتخذ منهما، وطلاء منهما وكذلك الصبر مع الربوب الحامضة. وربما اجتمع مع الديدان إسهال، فاحتيج إلى أن تقتل فقط، فإن حركة الطبيعة تخرجها، وربما اقتضت الحال أن تقتل بالقوابض المرة لتجمع موتها، وإمساك الطبيعة إذا اجتمع الديدان، والإسهال، وخيف سقوط القوة، وخصوصاً بالأضمدة القابضة التي فيها قتل للديدان، فلا تسقط القوة. ثم إنها لتخرج بعد ذلك، إما بدفع الطبيعة، إما بدواء مشروب، أو محمول. وربما كان معها أورام في الأحشاء، فاحتيج إلى تدبير لطيف. والأدوية التي تقتل حب القرع، أقوى من التي تقتل الطوال. فالتي تقتل حب القرع والمستديرة، تقتل أيضأ الطوال. والسبب في ذلك أن حب القرع أبعد مما يشرب وأشد اكتناناً بالرطوبات الواقعة لها. وربما كانت في كيس، ولأنها متولده عن مادة أغلظ، وأكثف، وأقرب إلى المزاج الحار، وأشبه بما هو سمّ، فلا تنفعل عن شكلها ما لم تفرط.

فصل في الأدوية الحارة القتالة للديدان وخصوصاً الطوال: أما المفردة، فمثل الفراسيون، والقردمانا، يشرب منه مثقال، والشيح، والترمس المر، والسليخة، والفودنج، وعصارته، وحب الدهمست، والقسط المر، والأفتيمون، والقرطم، والنعنع، والقنبيل، والكمافيطوس، والقنطوريون، والمشكطرا مشيع، والثوم خاصة، وربما قتل حبّ القرع، وبزر الرازيانج، والآس، والصعتر، والفوفل، والأفسنتين وبزر كرنب، وقشور الغربَ وأصل الراسن المجفف، يشرب منه ثلاث أواق. أو الكمون المقلو، والقيصوم، والعزيزن، والأنيسون، وبزر الكرفس. والحرف قوي في بابه، والشونيز، وبزر السرمق يسهلها مع القتل. وكذلك اللبلاب، والبسفايج. وأولى ما يسهل به بعد القتل الصبر.

وإذا شرب إنسان من الزيت شربة وافرة مقدار ما يمكن شربه قتلها وأخرجها، وخصوصاً بزيت الأنفاق، وهو يقتل العراض أيضاً، ويقتل بمرارته، ويزلق بلزوجته.

إن لم يمكن شربه دفعة، شرب شرباً بعد شرب ملعقتين ملعقتين. وحب النيل قتّال للحميات، مخرج لها. وربما نفع في العراض. وأما المركبة، فمنقسمة، فأما القتالة لها فكالترياق الفاروق، والذي يجمع القتل والإخراج فمثل أيارج فيقرا، ومثل أن يؤخذ من الشيح، ومن الأفسنتين، من كل واحد وزن درهم وثلث، ومن شحم الحنظل ربع درهم، ومن الملح الهندي دانق، ويسقى.

وربمات لها سقي الكمّون، والنطرون مناصفة من الجملة وزن مثقالين، وأيضاً نطرون فلفل قردمانا أجزاء سواء. الشربة إلى درهم ونصف، وأيضاً فلفل، حب الغار، كمون هندي، مصطكي، يعجن بعسل. والشربة منه بالغداة ملعقة، وعند النوم مثلها. أو راسن، وشيح، وفلفل، وسرجس أجزاء سواء، يسقى من درهم ونصف، إلى ثلاث دراهم. وحب الأفسنتين يخرج الطوال.

وأما العراض، فيحتاج إلى أقوى من ذلك .

فصل في الأدوية التي هي أخص بحبّ القرع: هي القطران، يستعمل في الحقن، والأطلية، والبرنج ولبه، والسرخس، والقسطالمر، وقشور أصل التوت وعصارته، والقنبيل، وشحم الحنظل، والصبر. والشنجار عجيب في العراض، وقشور اللبخ من الأشجار. وأظن أنه ضرب من السدر، والأزادرخت، ومما يخرجها بلا أذى، أن يشرب ثلاث أواق من عصارة الراسن الطري، فإنه عجيب جداً. وقد ذكر العلماء أن الأربيان يخرج حب القرع. ومن الأدوية العجيبة في جميع ضروب الديدان، شعر الحيوان المسمى أحريمون. والقلقديس مما يقتلها مع منفعة، إن كان هناك إسهال. وقد ذكرنا لها في الأقراباذين مطبوخاً منه، ومن القنطريون. وأما المركّبات، فإما القتّالة كالترياق. وإما الجامعة، فمثل أن يؤخذ من لبّ البرنج، ومن التربد، والسرخس من كل واحد أربعة دراهم، ملح هندي درهمان، قسط مر ستة دراهم. والشربة خمسة دراهم، وأيضاً من لبّ البرنج، سرخس، قنبيل من كل واحد خمسة دراهم، تربد خمسة عشر درهماً. الشربة منه إلى خمسة دراهم.

وأيضاً يشرب اللبن الحليب ثلاثة أيام بالغداة، ويتحسّى بعده الآسفيدباج، ثم تؤخذ ستة مثاقيل برنج، وثلاثةدراهم سرخس، وثلاثةدراهم قنبيل، يدقّ ويداف في خل حامض، أو سكنجبين، ويمص شيئاَ من الكباب لتحرص الديدان عليه، ثم يشرب منه مقدار وزن ما يوجبه الحدس والتجربة.

فصل في الأدوية الباردة والقليلة الحرارة: هي مثل بزر الكزبرة، إذا شرب ثلاثة أيام بالميبختج، وبزر الكرفس، فإنه قوي جداً يقتل كل دود، ويسقى في سكنجبين، أو رائب، أو يشرب طبيخها. والنشاستج قد يقتل أيضاَ. والفوفل، وورق الخوخ، وعصارة الشوكة المصرية، وهي غير كثيرة الحرارة، والعلّيق، وسلاقة قشور شجرة الرمان الحامض، أو المز، يطبخ ليلة جميعاً في الماء، ثم يصفّى، ويشرب. فإنه يقتل. وكذلك ماء طبخ فيه أصله، وعصارة لسان الحمل، يصلح لمن به دود وإسهال جميعاً. أو لسان الحمل يابساً. وأيضاً السماق المغروس في الماء عجيب. والطراثيث، والطين المختوم بالشراب عجيب. والمغرة عجيب أيضاَ، وبزره البقلة الحمقاء إذا استكثر منها قتلها، وكذلك الهندبا المر، والخس المر، والكرفس المخلّل، والكبر المخلّل. وقيل أن البطيخ يقتلها، ويسهلها. والحسك قريب من هذه الأدوية، ويبلغ من قوة هذه أنها تخرج العراض أيضاً، أعني مثل بزر الخلاف، وعصارة الخوخ، والكزبرة، والهندبا المر، والجعدة، وغير ذلك. وهذه تسقى، إما مع مخيض، أو ماء حار أو سكنجبين.

فصل في تدبير الديدان الصغار: قد يقتلها احتمال الملح، والاحتقان بالماء الحار. والملح يقلع مادتها، وأقوى من ذلك حقنة يقع فيها القنطوريون، والقرطم، والزوفا، وقوة من شحم الحنظل. وتستعمل حارة. وأقوى من ذلك احتمال القطران والحقنة به، وخصوصاً في دهن المشمش المر، أو لبّ الخوخ المرّ، وقد طبخت فيه الأدوية القتّالة لها. وقد يحقن أيضاً بالقطران، ومما يحتمل به العرطنيثا، وبخور مريم، وقشور أصل اللبخ. ومما يلقط هذه الصغار، أن يدس في المقعدة لحم سمين مملوح، وقد شد عليه مجذب من خيط، فإنها تجمع عليه بحرص، ثم تجذب. بعد صبر عليه ساعة ما أمكن، فتخرجها وتعاود إلى أن تستنقي.

فصل في الحقن لأصحاب الديدان: يحقنون بسلاقات الأدوية المذكورة لهم، وقد جعل فيها مسهّلات مثل الشحم، والصبر، والتربد، وقثاء الحمار بحسب القوة والوقت. ويصلح أن يستعمل القطران في حقنهم، فينفعهم نفعاً عظيماَ، وتراعى حينئذ المقعدة لئلا تنزحر بالشيافات الزحيرية، والمعدة بالأشربة، والأضمدة المعدية لئلا تضعف. وقد عرفت جميع ذلك، وربما نفعت الحقنة بالمياه المالحة، أو المياه المملحة بالنطرون ونحوه، وخصوصاً بالقطران. وقد يقع في حقنهم عصارة ورق الخوخ، وسلاقة أصول التوث، وقشور الرمان، وخاصة إذا كانت حرارة.

فصل في الضمّادات لأصحاب الديدان: والضمادات أيضاَ تتخذ من الأدوية القوية من هذه، وتقوّى بمثل شحم الحنظل، ومرارة البقر، وعصارة قثاء الحمار، وبالقطران، والصبر. وإذا ضمّد بالصبر، والأفسنتين، أو بالصبر، وربّ السفرجل، أو ربّ التفاح قتل، وفتق الشهوة. وإذا جمع الجميع فهو أصوب. ضماد جيد: يسحق الشونيز بماء الحنظل الرطب، أو بسلاقة شحمه، ويطلى على البطن والسرة. ويقال أن مخ الأيل إذا ضمّد به السرّة نفع من ذلك. وكذلك أدهان الأدوية المذكورة، إذا طلي بها نفعت، ودهن البابونج والأفسنتين خاصة.

فصل في تغذيتهم: وأما الغذاء الذي يجب بحسب مقابلة السبب، فأن يكون حاراً يابساً لا لزوجة فيه، ويكون فيه جلاء ما يجلوها، فيخرجها. ويدخل في أغذيتهم ماء الحمص، وورق الكرنب. ولحوم الحمام أيضاً نافعة لهم، وشرب الماء المالح ينفع جميعهم. وإذا كان إسهال وحرارة، غذّوا بإحساء محمّضة بالسمّاق، فإنه قاتل لها حابس. وكذلك ماء الرمان الحامض. وإذا أضعف الإسهال، احتيج إلى ما يغذو بقوة، فإنه لم يهضم جعل من جنس الاحساء، ومياه اللحوم. وأما الوقت والترتيب، فيجب أن لا تجاع، فتهيج هي، وتلذع المعدة، وربما أسقطت الشهوة، بل يجب أن يتغذّى قبل حركتها في وقت الراحة، وأن يفرق غذاؤهم، فيطعمون كل قليل. وإذا خيف الإسهال، استعمل على البطن أضمدة قابضة مما تعلمه. وأما أصحاب الديدان الصغار، فالأولى أن تجعل غذاءهم من جنس الحسن الكيموس، السريع الانهضام، فإن قوّته على سبيل المضادة لا يصل إليها البتّة، وإذا كان حسن الكيموس قل الكيموس الفاسد الذي هو مادة لها.

فصل في علاج السقطة والصدمة على البطن: الصواب في جميع ذلك أن يخرج الدم إن أمكن، ويسقى بعد ذلك من الكندر، ودمّ الأخوين، والطين الأرمني، والكهربا من كل واحد درهم، بمثلث رقيق. وإن كان حدث نزف دم، أو إسهاله، أو قيئه جعل فيه قيراط من أفيون، وبعد هذا يجب أن تتأمل ما ذكرنا في باب الصدمات في الكتاب الذي بعد هذا.