الكتاب الثالث: الأمراض الجزئية - الفن التاسع عشر: أحوال المثانة والبول

الفن التاسع عشر

أحوال المثانة والبول

يشتمل على مقالتين:

المقالة الأولى
أحوال المثانة

فصل في تشريح المثانة: كما أن الخالق تعالى جل جلاله، وتقدست أسماؤه، ولا إله غيره خلق للثفل وعاء جامعاً يستوعبه كله إلى أن يجتمع جملة واحدة، ويستغنى بذلك عن مواصلة التبرز، يندفع وقتاً بعد وقت كما علمته في موضعه، كذلك دبر سبحانه وتعالى فخلق لما يتحلب من فضل المائية المستحقة للدفع والنفض، جوبة، وعيبة تستوعب كلِّيتها، أو أكثرها حتى يقام إلى إخراجها دفعةً واحدةً، ولا تكون الحاجة إلى نفضها متصلة، كما يعرض لصاحب تقطير البول.

وتلك الجوبة هي المثانة، وخلقت عصبية من عصب الرباط، لتكون أشد قوة، وتكون مع الوثاقة قابلة للتمدد، منبسطة مرتكزة لتمتلىء، مائية. فإذا امتلأت، أفرغ ما فيها بإرادة تدعو إليها الضرورة. وفي عنقها لحمية تحبس بها مجاوزة العضلة، وهي ذات طبقتين باطنتهما في العمق ضعف الخارجة، لأنها هي الملاقية المائية الحادة، فتلطّف الخالق بحكمته في جلب المائية إليها، وجذب المائية عنها، فأوصل إليها الحالبين الأنثيين من الكليتين، فلما وافياها فرق للمثانة طبقتين، وسلكهما بين الطبقتين يبتدئان أولاً، فيفذان في الطبقة الأولى ثاقبين لها، ثم يسلكان بين الطبقتين سلوكاً له قدر، ثم يغوصان، في الطبقة الباطنة مفجرين إياها إلى تجويف المثانة، فيصبان فيها الفضلة المائية، حتى إذا امتلأت المثانة، وارتكزت انطبقت الطبقة الباطنة على الطبقة الظاهرة، مندفعة إليها من باطن والقعر انطباقاً يظنان له أنهما كطبقة واحدة لا منفذ فيها، ولذلك لا ترجع المائية والبول عند ارتكاز المثانة إلى خلف وإلى الحالبين.

ثم خلق لها البارىء جلّت قدرته عنقاً دفاعاً المائية إلى القضيب معرّجاً كثير التعاريج، لأجلها لا تستنظف المائية بالتمام دفعة، خصوصاً في الذكران، فإنه فيهم ذو ثلاث تعاريج، وفي النساء ذو تعريج واحد لقرب مثاناتهن من أرحامهن، وحوط مبدأ ذلك العنق بعضلة تطيف بها كالخانقة العاصرة حتى تمنع خروج المائية عنها، إلا بالإرادة المرخية لتلك العضلة المستعينة بعضل البطن على ما عرفت في موضعه، إلا أن تصيب تلك العضلة اَفة، أو عضل البطن، ويتصل بكل واحد من جانبيها عصب له قدر وعروق ساكنة ونابضة، وكثر عصبها ليكون حسها بما يرتكز ويمتد أكثر.

فصل في أمراض المثانة: قد يعرض أيضاً في المثانة أمراض المزاج بمادة وغير مادة، والأورام، والسدد، ومنها الحصاة وقد يكون فيها أمراض المقدار في الصغر والكبر، ويعرض لها أمراض الوضع من النتوء والانخلاع، ويعرض لها أمراض انحلال الفرد بالانشقاق والانفتاح والانقطاع والقروح، وقد تشارك المثانة أعضاء أخر رئيسة وشريفة مثل الدماغ، فإنه يصدع معها، ويصيبها الدوار.

وربما تأدى إلى السرسام بسبب المشاركة لأمراض المثانة الحارة، ومثل الكبد أيضاً، فكثيراً ما يحدث الآستسقاء لبرد المثانة.

وأمراض المثانة تكثر في الشتاء، وقد تعالج أيضاً بمثل ما يعالج به الكلية، وبأدوية أقوى وأنقى تكون مشروبة ومزرقة، ومروخات، وضمادات يضمد بها الحالبان، وتحت السرة، وفي الدرزين الفردين، وأوجاع المثانة، وتكثر في الأهوية، والرياح، والبلدان الشمالية، وفي الفصول الباردة.

فصل فيما يسخن المثانة: المدرات الحارة كلها تسخن المثانة، والمروخات، والزروقات، من أدهان حارة، وصموغ حارة مثل دهن القسط، والناردين، واللبان، والكمادات، والضمادات من الآدوية المذكورة في باب الكلية الحارة يضمد بها حيث يدرك.

فصل فيما يبرد المثانة: قد يبردها شرب حليب الحمقاء، والخيار، والقرع، وشرب الطباشير المكفر بالماء البارد. ومن الأطلية الصندل، والكافور، والفوفل، بالدوع، وكذلك العصارات، واللعابات الباردة والأدهان الباردة، مثل دهن الورد الجيد، ودهن بزر الخس، ودهن الخشخاش مع الكافور ونحوه في الزراقات خاصة، وبول آلاتن أيضاً.

فصل في حصاة المثانة وعلاماتها: يجب أن تتأمل ما قلناه في حصاة الكلية، ثم تنتقل إلى تأمل هذا الباب، وقد علمت هنالك الفرق بين حصاة المثانة، وحصاة الكلية في الكيفية والمقدار. وبالفرق بين الحصاتين كانت الكلوية ألين يسيراً، وأصغر، وأضرب إلى الحمرة، والمثانية أصلب، وأكبر جداً، وأضرب إلى الدكنة والرمادية والبياض،وإن كان قد يتولد فيها حصاة متفتته والمثانية تتمتز في الأكثر بعد انفصال. وأكثر ما تصيبه حصاة المثانة نحيف، وفي الكلية بالعكس. والصبيان- ومن يليهم تصيبهم حصاة المثانة.

ونقول ههنا أيضاً، أن البول في حصاة المثانة إلى بياض ورسوب ليس بأحمر، بل إلى بياض أو رمادية، وربما كان بولاً غليظاً زيتي الثفل، وأكثره يكون رقيقاً، وخصوصاً في الابتداء. ولا يكون إيجاع حصاة المثانة كإيجاع حصاة الكلية، لأن المثانة مخلاة في فضاء، إلا عند حبس الحصاة للبول، فإن وجعه يشتد، وعند وقوعها في المجرى. والخشونة في حصاة المثانة أكثر لأنها في فضاء يمكن أن يتركب عليها ما يخشنها، ولذلك هي أعظم، لأن مكانها أوسع.

وقد يتفق أن يكون في مثانة واحدة حصياتان، أو أكثر من ذلك، فيتساحج ويكثر تفتّت الرملية. وقذ يكون مع الرملية ثفل نخالي لانجراد سطحها عن الحصاة الخشنة، ويدوم في حصاة المثانة الحكة والوجع في الذكر وفي أصله، وفي العانة مشاركة من القضيب للمثانة. ويكثر صاحبه العبث بقضيبه خصوصاً إن كان صبياً، ويدوم منه الانتشار، وربما تأدى ذلك إلى خروج المقعدة، وإلى الحبس والعسر مع أن ما يخرج بقوة لانحفازه عن ضيق، وعن حافز ثقيل وراءه، وربما بال في آخره بلا إرادة. وكلما فرغ من بول يبوله اشتهى أن يبول في الحال، والمتقاضي لذلك هي الحصاة المستدفعة استدفاع البول المجتمع.

وكثيراً ما يبو ل الدم لخدش الحصاة، خصوصاً إذا كانت خشنة كبيرة، وكثيراً ما تحبس، فإذا استلقى المحصو أشيل وركاه وهُز، زالت الحصاة عن المجرى. وإذا غمز حينئذ من العانة انزرق البول، وهذا دليل قوي على الحصاة. وربما سهل ذلك بروك المحصو على الركبتين، وضمّ أعضائه بعضها إلى بعض، وربما سهل بإدخال الإصبع في المقعدة، وتنحية الحصاة على مثل هذه النصبة، وربما سهل ذلك بأشكال آخرى من الغمز، والعصر، والآستلقاء، والبروك تخرجها التجربة.

فإذا لم ينفع مثل ذلك، استعمل القاثاطير لدفع الحصاة، فإذا كان هناك شيء تصكّه القاثاطير، وتدفعه وينزف البول، فهو دليل قوي. وكذلك إن عسر إدخاله، فالأرلى حينئذ أن لا يعنف بتكلف، وربما دل ألقاثاطير بما يصحبه على المادة التي منها تكونت الحصاة. والحصاة الصغيرة أحبس للبول من الكبيرة لأنها تنشب في المجرى، وأما الكبيرة فقد تزول عن المجرى بسرعة، واعلم أن حصاة المثانة تكثر في البلاد الشمالية وخصوصاً في الصبيان.

فصل في علاج حصاة المثانة: المثانة تحتاج إلى أدوية أقوى، لأنها أبرد، ولأنها أبعد، ولأن حجارتها أشد تمكناً من شدة الانعقاد. وأدويتها هي الأدوية القوية المذكورة في علاج حصاة الكلية، وينفعهم الشجرينا بالمثروديطوس، وإذا كانت الحصاة صغيرة أو لينة، وكذلك الأثاناسيا، وينفعهم أسقولوقندريون، مع محلب مقشّر نصف أوقية، يطبخ في ماء قدر غمره، وأصبع حتى ينطبخ جيداً ويصفى. وهذا نافع لهم، وهو قلت مرضوض خمسة عشر درهماً، برشاوشان سبعه دراهم، سقولوقندريون ثلاثة دراهم، حسك عشرة دراهم دوقو، قطراساليون، من كل واحد أربعة دراهم، تين أبيض سبع عدداً، يطبخ بأربعة أرطال ماء حتى يبقى رطل، ويشرب بعد الخروج من الحمام والشربة نصف رطل، ويحتاج إلى أن تكون الآبزنات التي يستعملونها فيها أقوى، ويجعل فيها مع الأدوية المعروفة مثل ورق الفنجنكشت، والبرشاوشان، والساذج، والشواصرا، وورد وشيء له قبض لئلا يفرط الإرخاء، ويجعل في مروخاتهم القنة، والزفت، والأشق، والفربيون، وأفضلها ضمّادالمقل المكي.

وخْير الأدهان دهن العقارب ضماداً، وقطوراً، وزرقاً، ويخلط بها شيء مقو. وأدوية ضماداتهم أصل سقولوقندريون وأصل الثيل، والجعدة، والساذج، والخطمي، والبرشاوشان، ويجعل فيها مثل ورق عصا الراعي، والعصفور المذكور في باب حصاة الكلية. وما ذكر معه من طبقته نافع جداَ منه.

ومما يخصهم في معالجاتهم أن يستعملوا أدوية الحصاة في الزراقة، فينتفعون به نفعاً شديداً. وإذا عسر البول أو احتبس بسبب حصاة المثانة، ولم يكن سبيل إلى الشق لحائل، أو لجبن، فمن الناس من يحتال، فيشق فيما بين الشرج والخصي شقاً صغيراً، ويجعل فيه أنبوباً ليخرج به البول، فيدفع الموت، وإن كان عيشاً غير هنيء. واذا لم تنجع الأدوية وأريد الشقّ، فيجب أن يختار لشقّه من يعرف تشريح المثانة، ويعرف المواضع التي تتصل به من عنقها أوعية المني، ويعرف موضع الشريان، وموضع اللحمي من المثانة ليتوقّى ما يجب أن يتوقّاه، فلا تحدث افة في النسل، أو نزفا للدم، أو ناصوراً لم يلتحم، ويجب أن يكمد المعي والمثانة قبل ذلك متسقلاً، ومع هذا فالاشتغال بالشق. خطر عظيم، وأنا لا آذن به.

فصل في التدبير الذي أمر به فيه: وهو أن يهيأ كرسي ويقعد عليه العليل، ويحضر خادم، ويدخل يده تحت ركبتيه، ثم يدبر الشق. ويجب أن يتقدم بحبس الحصاة وتحصيلها في الموضع الذي يجب أن يشقّ، وذلك بإدخال الأصبع الوسطى من الرجال والأبكار في المقعدة، ومن النساء المقتضّات في فم الفرج حتى تصاب الحصاة، وتعصر باليد الآخرى من فوق منحدراً من المراق والسرة حتى تنزل الحصاة إلى قرب فم المثانة، وتجتهد حتى تدفع الحصاة دفعاً يزول عن الدرز بقدر شعيرة. وإياك أن تشق عن الدرز، فإنه رديء. والدرز بالحقيقة مقتل، ويجب أن لا يقع في الدفع تقصير، فإنه يقطع الشقّ حينئذ واسعاً لا يبرأ.

فإذا دفعت ورأيت الشق غير نافذ، فبط إن لم يؤد عملك هذا القدر إلى ألم شديد، والتواء من العنق، وسقوط من القوة، وبطلان من الحركة والكلام، وانكسار من الجفن والعين. فإن أدى إلى ذلك، فحينئذ لا تبطه، فإنك إن بططته، مات في الحال، ثم شق عنها شقا إلى الوراب يسيراً مع تقية من أن تنال العصب مجتهداً أن يقع الشق في عنق المثانة، فإنه إن وقع في جرم المثانة لم يلتحم البتة.

واجتهد ما أمكنك أن تصغر الشق، فان كانت الحصاة صغيرة، فربما انقذفت بالعصر. وأما الكبيرة، فتحتاج إلى شق واسع، وربما احتاجت إلى مجر تجر به، وربما كانت الحصاة كبيرة جداً فلا يمكن أن تشق لها بحجمها، فحينئذ يجب أن تقبض عليها بالكلبتين، وتكسر قليلاً قليلاً، ويؤخذ ما انكسر، ولا يترك منه في المثانة شيء البتّة، فإنه إن ترك عظم وحجم. وقد يتفق كثيراً أن تظهر الحصاة إلى عنق المثانة وما يلي القضيب، فحينئذ يجب أن لا تزال تمسح العانة، وتغمز عليها ويكون معك معين، حتى إذا نشبت الحصاة في موضع شق من تحتها وآخرجت، وربما كان الصواب أن يشد وراءها إلى قدام بخيط حتى لا ترج. وإن نفذت إلى قرب رأس القضيب لم يجب أن يعنف عليها بإخراجها منه، فإن ذلك ربما أحدث جراحة ولا تندمل، بل يجب أن يسويها، ويشد ما وراءها، ويشق من تحت رأس القضيب لتخرج. فإذا فعلت بالحصاة جميع ما قيل من ذلك وآخرجتها، فربما حدث من عصر البطن بالقوة، ومن وجع الشق ورم، وهو الأمر المخوف منه. ومما يدفع ذلك أن تكون قد حقنت العليل، وآخرجت ثفله، ثم تسقيه بعد ذلك شيئاً يلين الطبيعة، ولا تطعمه إلا شيئاً قليلاً وإلا فمليناً.

وإن احتجت إلى الفصد للاستظهار فعلت، وإن أردت أن تستظهر أكثر، أو ظهرت. علامات الورم واشتد الوجع جداً، فيجب أن تجلس العليل في آبزن من ماء، أو طشت من ماء قد طبخ فيه الملينات مثل الملوخيا، وبزَر الكتان، والخطمي، والنخالة، وتكون قد مرخت بذلك الماء دهناً كثيراً ومخضتهما، فيكون ذلك الماء فاتراً. فإذا آخرجته من الآبزن مرخت نواحي العضو بالأدهان الملينة مثل دهن البابونج، والشبث، ووضعت على الجراحة سمناً مفتراً تصبه فيها، ويجعل فوقه قطنة قد غمست في دهن ورد، وقليل خل، ثم تّستعمل الأدوية المدملة، فإن عظم الورم أدمت إجلاسه في الآبزن المذكور في طبيخ الحلبة، وبزر الكتان. فإن اشتدّ الوجع أجلس في اليوم الثاني والثالث في الماء والدهن المفتر. ومن لم يوجعه الشق والجراحة وجعاً يعتد به حل في اليوم الثالث.

ويجب أن يدام تسخين المثانة بدهن السذاب، فإنها إذا سخنت كانت أصلح حالاً، و أقل وجعاً، وأقلّ بولاً. والبول مؤذ جداً للمبطوطين، ولذلك يجب أن لا يسقوا الماء كثيراً، وكَلما بالوا يجب أن يكون الخادم يحفظ بيده موع الرباط، ويغمزه لئلا يصيب البول موضع الشقّ، ثم لا يخلو، إما أن لا يسيل من الدم القدر الذي ينبغي، فيكون هناك خوف من الورم من فساد العضو، وخصوصاً إذا تغير لونه إلى فساد عن حمرة، وإما أن يسيل ويقطر فيخاف نزف الدم. والأول يجب أن يعالج كما ترى العلامة المذكورة بأن يشرط من ساعته ليسيل دم، وأن يوضع عليه ضمّاد من خل وملح في خرقة كتان حتى يمنع من الفساد. وأما الثاني وهو أن يخاف النزف فالصواب فيه أن يجلس في مياه القوابض المعروفة، ويجعل على الموضع كندر، وزاج مسحوقين، وفوقه قطنة، وفوق تلك القطنة آخرى عظيمة مبلولة بخل وماء. وإن علمت أنّ عِرقاً عظيماً أو شرياناً انبثر، دبرت في علاجه بالشد. وإن عصى الدم ولم يرقأ ولم يكن بثراً، فاجلسه في خل حاذق، وربما احتجت أن تفصد ليجذب الدم، وربما احتجت أن تجعل على العانة والإربيتين المخدرات.

ومما يعرض من الشق وسيلان الدم، أن تسيل قطعة من الدم إلى المثانة فتجمد على فمها، فيعسر البول وحينئذ لا بد من إدخال الإصبع في البط، وتنحية الأذى عن فم المثانة وعنقها، وإخراجها، ومعالجة الموضع بالخل والماء حتى تتحلل العلق الجامدة، وتخرج. ومما يعرض منه انقطاع النسل.

وأما العلامات الرديئهّ التي إذا عرضت أيقن الطبيب بالهلاك، فهي أن يشتد الوجع تحت السرة، وتبرد الأطراف، وتحتد الحضى، ويعرض النافض، وتسقط القوة، ثم إذا ازدادت شدة وجع الموضع المبطوط، وعرض الفواق، وتحرك البطن حركة منكرة، فقد قرب الموت. وأما العلامات الجيدة، فأن يثوب العقل، وتصحّ الشهوة، وأن يكون اللون والسحنة صحيحين جداً.

فصل في الورم الحار في المثانة والدبيلة فيها: قد يعرض وإان كان ليس في الكثير ورم حار في المثانة من المادة الدموية والصفراوية، أو المركّبة، وهي علة رديئة. وكثيراً ما يعرض ذلك وخصوصاً في الصبيان لسبب الحصاة وإايلامها وشدخها للمثانة.

فصل في العلامات: يدل على أن في المثانة ورماً حاراً، الحمى، واحتباس البول، أو عسره، أو تقطيره واحتباسه إذا اضطجعوا، وإنما يقدرون على إراقة شيء منه منتصبين، رربما كان حبس الغليظ، وانتفاخ العانة، والخاصرة مع وجع ناخس، وضربان. وربما ظهرت الحمرة من خارج. ويستدل عليه من استرواح العليل إلى الكماد.

ومن الأعراض التي تعرض معه، وهي عطش شديد، وقيء المرار الصرف، وربو، وبرد الأطراف، فلا تكاد تسخن وهذيان، وسواد اللسان، والآستضرار بكل حريف و مدر. وخصوصاً إذا كانت أخلاط البدن حارة، فيدلّ عليه السن، والآسباب السالفة والحاضرة مما تعلم. وأردؤ ما يتصل معه حرارة الحمى الحادة، ويشتد الاحتباس من البول و الغائط، ويشتدّ الوجع، لا يكون في البول نضج، وهو قتال. وأكثر ذلك إذا صار دبيلة، وأما إذا ظهر في البول ثفل راسب أبيض أملس فهو أرجى.

و أما الدبيلة، فيظهر معها من القشعريرات المختلفة، والحميات المختلفة ما قلنا في دبيلات الكلية، وكذلك يدل على نضجها اللين، وسكون من الأعراض. ونضج البول ورسوبه، ويدل على انفجارها البول القائح. فإن لم تظهر علامات النضج جر ولم ينفجر قتل في الآسبوع. وأكثر خراجات المثانة نحو عنقها، وقد تميل إلى نواح آخر، وقد تتفتّح إلى باطن المثانة، وقد تنفتح إلى جهة آخرى.

فصل في معالجات أورام المثانة: يجب في الأول أن يفصد الباسليق الأيسر فصداً بحسب القوة، فإنه أول علاجاته وأفضلها، ويستعجل إن كانت حرارة شديدة جداً إلى الضمّادات الرادعة مدة قصيرة، ولا يفرط فيها، ولا يطاول، فإن ذلك ضار ومصلب للورم بسرعة. بل إن ابتدأ بالمرخيات ولم يكن ذلك مانع من حسّ شديد فهو أولى لأن العضو عصبي. ولذلك يشتدّ استرواح العليل إلى الكمادات بتكميدات باسفنجات، وصوفات مغموسة في ماء طبخ فيه المليّنات المحللة، ومثانات منفوخ فيها، مملوءة ماء حاراً، وأدهاناً ملينة ملطّفة ونحوها مما قد عرفت في باب علاج الكلية. ومع ذلك، فليتلطف بأن يزر ق إن احتمل من القاثاطير في الأول،مثل لعاب بزر قطونا في لبن الأتان. أو ماء الشعير في لبن الآتن، فإنه أسلم. وبعد ذلك لبن الأتن والشحوم، وبعد ذلك الخيار شنبر في لبن النساء على الترتيب الذي تدري بحسب أوقات الورم. وربما نفع الحقن بها على مراتبها.

ومنن الأضمدة الجيدة بعد أول الابتداء الخبز السميذ، والسمسم المقشّر مع اللبن، ودهن البنفسج، ودهن البابونج ونحوه. وأيضاً السلجم المسلوق جيد جداً. وأيضاً الرطبة المسلوقة ضماد أو كماداً. فإن جاوز الآسبوع وشارف المنتهى، فدقيق الباقلا، وبزر الكتان والبابونج بالمثلث. وكما ينحطّ بفصد من الصافن، ويبسط في استعمال المحللات من الأضمدة، ومن المراهم المذكورة في باب الكلية، وربما احتيج إلى ضماد من الزوفا، والجندبادستر، والشمع، وخصوصاً بعد المخدرات، واعلم أن إدامة جلوسهم في الآبزن نافعة جداً، حتى إنه إذا جاءهم البول، فمن الصواب أن يبولوا فيه. وأجود مياه آبزاناتهم ما فيه إرخاء مما قد عرف مراراً. وقد يقع فيها الدارشيشعان، والسعد، والقردمانا، والسنبل، والحماما، والأذخر مع الحلبة، وبزر الكتان، فيسكن وجع الورم. وهذه المياه المرخية التي عرفتها مراراً هي مثل طبيخ بزر الكتان، والحلبة، وأيضاً ماء طبخ فيه السلجم، والحسك، والكرنب. وعلاج دبيلتها قريب من علاج دبيلة الكلية، بل يحتاج أن تكون أدويتها أقوى. وقد مدحوا الخشخاش الأبيض وزن درهم ونصف، ويسقى في طبيخ السنبل، والأذخر، خصوصاً إذا عَسُرَ البول وأوجع.

وإذا اشتد الوجع، وخيف الموت لم يكن بد من المخدرات أطلية وحمولات. أما الأطلية فمثل طلاء متخذ من البنج، واليبروح، والخشخاش، معجونة بزيت. أو يؤخذ ربع درهم أفيون، يداف فيه دهن البنفسج، مع قليل زعفران، ويشربه خرقة، ويحملها في دبره، فربما وجد له راحة ونام مكانه. وربما استعمل منه شيء في القاثاطير إن احتمل. وطلاء الأفيون من خارج قوي التخدير. وأما الأشربة وسائر العلاج، فعلاج السرسام والبرسام.

فصل في الورم الصلب في المثانة: قد يحدث عن مثل أسباب الورم الصلب في الكلية، وأكثره بعقب الحار، وبعقب ضربة، أو سقطة، وربما كان بعقب الشق.

فصل في العلامات: يعسر معه البول والغائط جميعاً، ويعرض معه أعراض صلابة الكلية من احتباس ثفل، وخدر في الساقين، واضطراب وضعف وتأد إلى الآستسقاء، وإن كان دون تأدي صلابة الكلية، وتميز بينهما بالموضع الذي فيه الثفل، والذي عرضت له الآسباب أولاً.

فصل في المعالجات: هي بعينها معالجات صلابة الكلية من التمريخ بالأدهان الحارة، والتكميد بها، وسقي المياه المطبوخ فيها البزور المدرة، مع العسل، والخيار شنبر، وإستعمال الأبزنات، على تلك الصفة، وعلى التدريجات المذكورة هناك. ومما يخصه أن يستعمل تلك الأدهان، والصموغ، والمياه في القاثاطير، أعني زراقة البول إن أمكن.

فصل في قروح المثانة: قد تكون عن أسباب القروح المعلومة، وقد عددناها في باب قروح الكلية. وأكثر ما تعرض قروح المثانة من سحج الحصاة، أو سحج خلط مراري. وقد تكون بعد ورم انفجر أو بثور تقرحت. ومن دام له بول حاد أعقب الجراحة والقروح، وهي أصعب كثيراً من قروح الكلية، لأنها قروح عضو عصبي. ومن انخرقت مثانته مات في الأكثر، وإن شقّ بشق لم تلتحم، إلا أن يقع في أجزاء من الجزء اللحمي.

فصل في العلامات: قد ذكرنا في باب قروح الكلية الفرق بين القرحتين، وذكرنا أن قروح المثانة تعسر البول، وتحبسه، وأن وجعها في موضع العانة والخاصرة، وأنه تخرج معها قشور بيض، وإما غلاظ كبار إن كانت في المثانة أو دقاق صغار إن كانت في المجاري وغير ذلك مما يجب أن تتعرفه من هناك. وعلامات ما فيه تأكل مثل ما قيل في باب الكلية. والعلامة العامة لقروح الكلي و المثانة، بول الدم، والمدة قليلاً قليلاً ليس دفعة، ثم يفترقان بما يفترقان به. وعلامات لإنتفاخ والإنشقاق والتأكل ونحو ذلك واحدة فيهما جميعاً.

فصل في المعالجات: يجب أن يجتنب الطعوم الحريفة، والمالحة، والحامضة، والشديدة الحلاوة والمستحيلة إلى المرارة، ويتناول الأغذية العذبة الكيموس الحسنة، واللواتي تُغرّي. والرياضة تضرهم بما تحدّر وتلهّب. فإن لم يفعل ذلك، فهي نافعة بما يقوي العضو فليجرب قليلاً قليلاً، وينظر في القوانين المعطاة في باب قروح الكلية، فلينقل أكثرها إلى هذا الموضع، وكذلك ينظر فيما رسمناه من شرب الألبان، فإنها على الشرط المذكور نافعة لقروح مجاري البول، خصوصاَ ألبان الخيل. واعلم أن الآستظهار في علاجها هو أن يستعمل أولاً تنقية بماء العسل، أو السكّر المطبوخ بالمدرّات شرباً أو زرقاً، ثم يتبع سائر الأدوية.وإن كانت المدة التي تبال كثيرة، وجب أن يزرق فيها ماء رُوِّقَ عن رماد شجرة التين، أورماد البلوط، أورماد الشيح حتى ينقّى تنقية تامة بالغة. وأما الأدوية المشروبة له، فمثل الافسنيوس بدهن الورد، ومثل لبن آلاتان، والماعز، والرماك يشرب على الدوام أياماً بمقدار الهضم. وأكثره إلى ثلاث أواق، وقد علفت بالقوابض المبرّدة، وأقراص الخشخاش، وأقراص الكاكنج، وزن مثقال بماء بارد.

ومن المراهم الجيدة التي يمرّخ بها، أن يؤخذ من الميعة السائلة درهم، ومن شحم الأوز ثلاثة إلى أربعة، ومن الشمع الأبيض إستاران ويضمّد به.

ومرهم نافع، وخصوصاً عند التأكّل يتخذ من التمر، والزبيب، والعفص، والأقاقيا، والشبّ، والطراثيث، وقد يجعل معه الزوفا، والميعة. وقد يستعمل قبل ذلك المرهم، وفيما ليس فيه تأكّل، الشمع، وشحم البطّ، ودهن الورد، واستعمال المجفّفات شرباً، وزرقاً. وقد يستعمل من هذه بعينها حقن، وتستعمل والعليل بارك وإذا لم تنفع المشروبات، وخصوصاً فيما كان أقرب من المجرى، وكان به تأكّل، فعلاجه الزراقات بالملحمات مدوفة في لبن النساء، ومن جملتها أقراص القراطيس، وأقراص أندروبيلس مع شيء من المرداسنج، والاسفيذاج، والنشاستج، والنورة المغسولة.

نسخة جيدة لها: يؤخذ من الطين المختوم، ومن قيموليا، ومن قرن الأيل المحرق جداً أجزاء سواء، ومن الساذنج، والشبّ من كل واحد ثلث جزء، ومن الأفيون نصف سدس جزء، ومرهم الآسفيذاج ثلاثة أجزاء، ومن الأنزروت جزء ونصف، ومن المرّ، والكندر، من كل واحد ثلثا جزء، يجمع الجميع بشيء من دهن الورد، والشمع، ويستعمل في الزرق. وربما زيد فيه زراوند جزء. وأخفّ من ذلك العنزروت، والنشا، والإسفيذاج يرزق باللبن، فإن قوّيته بالرصاص المحرقَ، والكندس كان قوياً.

قرص مجرّب: يؤخذ هيوفا فسطيداس، طين مختوم، وبسذ، كهرباء، نشا، بزر الخيار، بزر الخطمي، بزر البطيخ، أو منفذ كبزر الكرفس، أو دوقو، أو فطراساليون، وأ قراص الكاكنج.

دواء آخر: يؤخذ بزر خيار، بزر قثاء، بزر بطيخ، بزر القنّة، بزر القرع مقشّر من كلواحد خمسة دراهم، نشا أربعة دراهم، ومن رب السوس ثمانية دراهم، بزر البقلة الحمقاء ثلاثة دراهم ونصف، لوز حلو مقشر، بندق مشوي من كل واحد أربعة دراهم حب الصنوبر ثلاثة دراهم ونصف، بزر كرفس، دوقو، بزر الجرجير، حب المحلب مقشراً، من كل واحد درهمان ونصف، بزر الحماض، ولوز مقشر، من كل واحد ثلاثة دراهم، كثيراء وصمغ اللوز، وبزر البنج، أفيون من كل واحد ثلاثة دراهم، حمص أسود عشرة راهم، زعفران خمسة، يعجن بميبختج، ويقرّص درهمين درهمين، ويشرب بماء الفجل، أو ماء الكرفس، أو ماء الحمص الآسود، وخصوصاً على نقاء القرحة. ويجب أن يقل شرب الماء البارد.وإذا اشتد الوجع، أزرق فيه الشياف الأبيض الذي للعين في لبن النساء، وأيضاً يقرب منه خشخاش، وأفيون وشحم دجاج بحقنة، أو حمول، أو زرق.

فصل في جرب المثانة: يعلم جرب المثانة من حرقة البول ونتنه، ووجع شديد مع حكة ورسوب نخالي، وربما سال عن الورم رطوبات، وربما سال الدم.

فصل في العلاج: يجب أن يستعمل الجوالي المنقية، ثم المجففة بغير لذع، ويكون جميع ذلك بالجملة أقوى مما في سائر القروم. وتُستعمل أدوية جرب الكلية مزروقة فيها، ومشروبة، ويشرب أيضاَ المغريات المبردة مثل لعاب بزر السفرجل، وبزرقطونا بدهن اللوز، وتنفعه الأغذية العذبة الكيموس اللزجة مثل الأكارع، والأمراق الدسمة بدهن اللوز، وماء الشعير، والهريسة بلحم الطير، والألبان مثل لبن آلاتان والماعز، والنعاج، والبقر، وإدامة تنقية البدن.

فصل في جمود الدم في المثانة: يدل عليه عروض كرب، ومقارنة غشي، وبرد أطراف، وصغر نفس، ونبض مع التواتر، وعرق بارد وغثيان. وربما كان معه نافض مع سبوق بول دم، أو ضربة، أو سقطة على المثانة.

فصل في العلاج: علاجه علاج الحصاة، وربما كفى الخطب فيه شرب السكنجبين. وإن تقيأ به جاز، وخصوصاً العنصلي، وخصوصاً مع شيء من رماد حطب التين، أو المطبوخ فيه المقطعات، وأدوية الحصاة. وربما زرق في مثانته أنفحة أرنب، والأدوية الحصوية، ويجلس في الأبزن المطبوخ فيه الحشائش الحصوية. ومما مدح له شربة من حب البلسان وزن درهمين، أو مثلها عود الفاوانيا، أو حبها، وخصوصاً مع ماء عودها، أو مثله أظفار الطيب، اْو مثقال قردمانا، بماء حار، أو مع خلّ خمر، وزيت أنفاق. والسكنجبين الحامض العنصلي أحب إلي من الخل، فإن الخل الذي فيه يقطع، والعسل يحلّل ويجلو. وأيضاً أبهل، وحلتيت، وأشق، وفوة الصبغ أجزاء سواء، يتخذ منها بنادق. والشربة أربع دوانيق بنادق بماء الأصول يزر ق في الزراقات، أوغاريقون، أوسساليوس، أو مثقالان من الحلتيت، أو من الزراوند الطويل. ومن ذوات الخاصية كبد الحمار، ومرارة السلحفاة، وأنفحة الأرنب، وخصوصاً في رماد حطب الكرم. وحطب القيصوم في ذلك نافع. ولبن التين المجفف، إذا زرق منه شيء يسير، أو استعمل منه نطول قدر درهم. ومن مجففه أيضاً بشيء من المياه، وكذلك نطول من وزن مثقالين أنفحة أرنب، والمياه التي تشرب فيها هذه الأدوية مثل ماء الحمص الآسود، وماء الحسك، وماء رماد حطب التين، وماء رماد حطب الكرم، وحطب القيصوم، وطبيخ القيصوم بالسذاب.

فصل في خلع المثانة واسترخائها: يعرف خلعها من زوالها عن موضعها، ويعرف استرخاؤها من قبل خروج البول بغير إرادة. والخلع قد يكون بسبب الرطوبة، وبسبب الريح، وبسبب ضربة على الظهر، أو سقطة. والآسترخاء يكون لأسباب الآسترخاء المعلومة، وقد يتبع الآسترخاء، والخلع تارة عسر بول، وتارةً سلس بول بحسب ما يعرض للعضلة من التمدد والاتساع.

فصل في العلاج: أما الكائن عن ضربة، أو سقطة، فإن علاجه يعسر، وقد يكون بالبرد، والشد بالأدوية المسخنة المجففة التي سنذكرها. وأما الكائن عن المزاج الفالجي، فينفعه استفراغ المواد البلغمية الرقيقة، والامتناع عما يولّدها، وتدبير أصحاب الفالج في المأكول، والمشروب، والحركة، وغير ذلك. وينفعه القيء ولو بالخربق الأبيض مع تَوَق وحذر. وإن كان البول يخرج بلا إرادة، وجب أن يستعمل المقتضات أشد، ولا يرخي إرخاء كثيراً ة بل يجمع بين التحليل، وبين الشدّ. وعلى قياس معالجات الفالج، ويناول كل ما يغلظ المائية، ويدسمها، ويولد دماً محموداَ حاراً غليظاَ مثل الفالوذج. وأما إن كان البول بحاله أو إلى عسر، فالإقدام على المرخيات بقدر ما مع تحليل جيد وتقطيع بالغ إقدام واجب. ومن المشروبات النافعة لجميع أصنافه من الصرعي والفالجي. والترياق، و المثروديطوس، والسجزنيا، و الأمروسيا، وذبيدكركم، وقوقي. وأيضاً رّهرة الاقحوان، والسعد، والكندر معاً، وأفراداً، والمحلب. وأيضاً سلاقة بزر السذاب الرطب، وزهره مطبوخاً في الشراب، وأيضاً الفنجنكشت، وبزره، والجاوشير، والكمون. وربما نفع وخصوصاً الذي معه عسر أن يشرب من قشور البطيخ اليابسة حفنة مع السكر.

ومما أجري هذا المجرى، ونسب إلى الخواص خصي الأرنب اليابسة، تشرب مع شراب ريحاني. أو حنجرة الديك تحرق، وتشرب على الريق في ماء فاتر. وأما الأدوية المزرقة فمثل دهن السذاب، ودهن القسط، ودهن الغار، ودهن الناردين والزئبق، ودهن قثاء الحمار، ودهن الصنوبر مخلوطاً بها مثل الجندبادستر، والحلتيت، والقنّة، والجاوشير. وهذه أيضاً تصلح أن تكون مروخات على العانة والمراق، وخصوصاً دهن ثافسيا مخلوطاً بالأبازير الطيبة الرائحة.

فصل في الأضمدة: أما الأضمدة، فمن الأدوية الحارة، وفيها قبض ما كالسعد، والدارصيني، والسنبل، والبسباسة مع البابونج، والشيح، والعسل. وقد تعالج أيضاً بحقن مسخنة متخذة من القنطوريون، والحنظل، والخروع وغير ذلك مع الأدهان الحارة المذكورة. والسباحة في ماء البحر، والآستحمام في مياه الحمامات نافع جداً من ذلك.

فصل في أوجاع المثانة: قد تكون من سوء مزاج مختلف، ومن الحصاة، ومن القروح والجرب، ومن الأورام، ومن الرياح. وقد علم كل باب وعلاجه. وكثيراً ما يكون من دلائل البحران المتوقع ببول. وأوجاع المثانة تكثر عند هبوب الشمال، وإذا كان في المثانة وجع، فقد قيل أنه إذا ظهر بصاحب وجعها تحت إبطه الأيسر ورم كسفرجلة، واعتراه ذلك في السابع مات في خمسة عشر يوماً، خصوصاَ إن اعتراه السبات.

فصل في ضعف المثانة: قد يعرض للمثانة أنها تضعف من جهة المزاج. وأكثره البرد، ومن جهة ورم صلب، أو استرخاء، أو انخلاع. وعلامات الجميع ظاهرة، وعلاجاته معلومة. وإذا ضعفت المثانة لم تحتمل بولاً كثيراً، واشتاقت إلى إفراغها، وربما ضعفت عضلتها عن الملعونة على الإفراغ بإطلاقها نفسها، فكان من اجتماع الأمرين تقطير غير مضبوط.

فصل في الريح في المثانة: قد تكون محتبسة، وقد تكون منتقلة. والسبب أغذية نافخة، أو كثرة رطوبة في المثانة مع ضعف حرارة.

فصل في العلامات: علامة الريح تمدد بلا نقل، وخصوصاً إذا انتقل.

فصل في العلاج: أنفع علاجاتها بعد الحمية عن المنفّخات وعن سوء الهضم أن يشرب دهن الخروع على ماء الأصول، وتطلى العانة بالأدهان العطرة المحللة، والصموغ الحارة، وتضمد بالسذاب، والفوذنج، والشبث مع شيء قوي من جندبيدستر، أو الحلتيت، أو السك بأن تزرق هذه الأدهان مع شيء من جندبيدستر في الاحليل، أو تزرق فيه عصارة السذاب مع المسك، أو دهن البان مع المسك، أو الغالية في دهن الزئبق. ونذكر ما قيل لك في باب الكلية من أن الكلية والمثانة، إذا كانتا وجعتين أو معتلّتين، فلا يقرب بنادق البزور، فيزداد الوجع، ولا المخدرات، بل الماء الفاتر بقدر ما لا يجذب، ولا يخدر شيئاً.

المقالة الثانية
الأوقات التي تعرض البول

فصل في كيفية خروج البول الطبيعي: و المثانة تمغ البول بأن تنقبض عليه من جميع الجوانب كالعاصرة، وتنفتح عضلتها التي على فمها وتعصر عضل المراق.

فصل في آفات البول: هي حرقة البول، وعسر البول، واحتباسه، وسلسه، ومن جملتها كثرته وتقطيره، وديانيطس في جملة كثرته.

فصل في حرقة البول: حرقة البول سببها، إما حدة البول وبورقيته بسبب مزاجي، أو بسبب فقدان ما أعدَ لتعديله، وهو الرطوبة المغدة في اللحوم الغددية التي هناك، فإنها تجري على المجرى وتغريه، وتخالط البول أيضاً فتعدّله. فإذا فنيت، فقد الموضع التغرية، والبول التلزيج والتعديل، فحدثت حرقة البول. ومما يفنيها كثرة الجماع، فإن هذه الرطوبة قد تخرج مع الجماع، وبمحاورة المني خروجاً كثيراً، وأيضاً العلل المذيبة للبدن. وإما قروح تكون في مجاري البول القريبة من القضيب وجرب فتحرقَ.

وعلامة الأول حدة البول، وأن لا يكون مدّة. وعلامة الثاني بروز المدة والدم. وكثيراً ما يؤدي الأو ل إلى الثاني على ما علمت فيما سلف، فالأول كالمقدمة للثاني، مثل إسهال الصفراء، فإنه كالمقدمة لقروح الأمعاء.

فصل في علاج حرقة البول: إن كانت مع مدة ودم، فعلاجها علاج قروح المثانة ونواحيها، وقد فصل ذلك.

نسخة جيدة لذلك: تتخذ أقراص على هذه الصفة بزر البطيخ، والخيار، وحب القرع، من كل واحد عشرون درهماً، كندر، وصمغ، ودم أخوين من كل واحد عشرة دراهم، أفيون ثلاثة دراهم، بزر كرفس درهم، يسقى بشراب الخشخاش. والشربة درهمان بعد أن يجعل منها أقراص. فإن لم تكن قروح ولا مدة، فأفضل علاجها تعذيب البول باستفراغ الفضول بإسهال لطيف على ما علمت في أبواب أمراض المثانة، وبالقيء، والأغذية المبردة المرطبة من الأطعمة، والبقول، والفواكه، واجتناب كل مالح، وحريف، وشديد الحلاوة، واجتناب التعب، والجماع. ومما ينفع شرب اللعابات والزرق بها مثل لعاب بزر مرو، ولعاب بزرقطونا، وحب السفرجل، وشيء من الخشخاش، والبزور الباردة المدرة ويسقى ذلك كله في ماء بارد. واستعمال كشك الشعير ومائه، والنيمبرشت، والقرعية، والماشية، إما بمثل دهن اللوز، وإما بالفراريج، والدجج المسمنة.

وإن كان السبب فيها جفافاً عارضاً للغدد، فعلاجه ترطيب البدن، وترك ما يجففها من الجماع وغيره. ومن المزروقات المستعملة في ذلك لعاب بزرقطونا، ولعاب بزر مرو، ولعاب بزر السفرجل، والصمغ، والآسفيذاج، وبياض البيض الطري، ولبن النساء، يزرق فيه. وربما كفى إدامة زرق اللبن لبن آلاتن، ولبن النساء عن جارية، ولبن الماعز. وربما جعل فيها شيء من اللعابات الباردة، وشيء من الشياف الأبيض، وربما كفى زرق بياض البيض وحده، أو بشيء من المذكورات مع دهن ورد. وربما جعل فيها مخدرات، فإن اشتد الوجع- وخصوصاً حيث تبال المدة لم يكن بد من أن يجعل فيما يزرق شيء من المخدرات، وعلى النسخ المذكورة في باب القروح.

نسخة جيدة: يؤخذ قشنور الخشخاش، والنشا، ورب السوس، يتخذ منها زروق، وإن احتيج إلى تقوية جعل فيه شيء من الأفيون، ومن بزرالبنج.

فصل في قلة البول: يكون لقلة الشرب، أوكثرة التخلخل، أو كثرة الإسهال، أو لضعف الكلية عن الجذب، أو الكبد عن التمييز، وإرسال المائية كما في سوء القنية والآستسقاء، واعلم أن الحموضات تضرهم، والجماع يزيد في علتهم.

فصل في عسر البول واحتباسه: عسر البول،إما أن يكون لسبب في المثانة نفسها من ضعف، ويتبع مزاجاً رديئأً، وخصوصاً بارداً، كما يعرض في كثرة هبوب الشمال، أو ورماً وغير ذلك، فلا يجوز عند اشتمالها على البول لنخرجه عصراً على ما هو الأمر الطبيعي.

وربما كان السبب فيه برداً، أو حرا عن خارج، أو ضربةً، أو حبساً البول كثيراً. وإما آن يكون لسبب في المجرى الذي هو عنق المثانة والإحليل، وإما أن يكون لسبب في القوة، أو لسبب في الآلة وهي العضلة، أو لسبب العضو الباعث، أو لسبب في البول.

والسبب في المجرى، إما أولى، أو بمشاركة. والأولى، إما سدة فيها نفسها، أو سدة بالمشاركة. والسدة فيها نفسها، إما بسبب ورم حار، أو صلب فيها، أو شيء غليظ كرطوبة، أو علقة، أو مدة. فكثيراً ما تكون المدة سبباً للسدة، أو لحصاة، أو ريح معارضه، أو ثؤلول، أو التحام من قرحة، أو تقبض من برد، أو تقبض من حر شديد كما. يعرض في الحميات المحرقة، وفي علل الذويان.

وقد يكون لسبب قرحة فيها، وقد يكون بسبب تمدد يعرض لها شديد ساد، كما يعرض من عسر البول واحتباسه لمن أفرط في حبس البول، فارتكزت المثانة، وانطبق المجرى. والحبس يكون ليلاًالنوم، ونهاراً للشغل.

والذي يكون للسدة فيه على المشاركة، فمثل أن يكون في المعي، والرحم، وفي السرة، ورم حار أو صلب، أو يكون فيه ثفل يابس، أو بلغم كثير ممدد، أو ريح معارضة أو ممددة، أو ورم في المقعدة مبتدأ، أو بسبب زحير، أو قطع بواسير، أو ألم بواسير، أو شقاق مؤلم. ومثل أن يكون في ناحية أسفل الصلب ورم، أو التواء. ومثل أن يعرض للخصية ارتفاع إلى المراق، فيزاحم المجرى ويجف إلى فوق، ويضيقه ويعسر خروج البول، فيوجع ويخرج قليلاً قليلاً. وقد يكون السبب المعسرالبول أو الحابس له، وجعاً بسبب قروح في المجرى بلا سدًة ولا ورم. وكلما أراد أن يبول أوجع، فلا يعصر البائل مثانته بعضل البطن هرباً من الألم، وخصوصاً إذا كان مع ذلك في العضل ضعف، أو تشتج وما أشبه ذلك.

وإذا أجهد نفسه بال بوله الطبيعي في الكمً والكيف وسكن الوجع. وكذلك إذا قهر.

وربما كان صاحب هذا مع عسر بوله مبتلي بتقطيره كأنه إذا خرج قليلاً قليلاً خف واحتمل.

وأما السبب في القوة، فإما في قوة حساسة، أو محركة، أو طبيعية. فأما الكائن بسبب قوة حساسة، فهو أن يكون قد دخل حق المثانة أو عضلها آفة، فلا تقتضي من الدافعة الدفع القوي، أو الدفع أصلاً، أو دخل المبادي هذه الآفة مثل ما يعرض في قرانيطس وليثاغورس من النسيان وقلة الحس.

وأما الكائن بسبب قوة محركة، فلا يكون للعضلة أن تطلق نفسها وتتحرك عن انقباضها إلى انبساطها مخلاة عن انقباضها، وأن تكون عضل البطن غير مجيبة لقوتها إلى أن يعصر ما في المثانة بسبب ضعف القوة، أو بسبب حال ما فيها من تمدد ونحوه.

والكائن بسبب قوة طبيعية، فمثل أن تضعف الدافعة لسوء مزاج مختلف حار، وهو في الأقل، وبارد وهو في الأكثر، أو مع مادة كما يكن الحار مع حدة البول، والبارد مع رطوبات مرخيه أو ممددة. وقد يكون سبب هذا الضعف معارضة الإختيار للطبيعة بالحبس، فتضعف القوة الدافعة.
وأما السبب في العضلة، فإما اَفة مزاجية، أو ورم، أو اَفة عصبية من تشنج أو استرخاء، وبطلان قوة حركة لسقطة، أو ضربة، أو غير ذلك، إما منها نفسها، أو في مباديها من شعب العصب، أو النخاع، أوالدماغ. وأما الكائن بسبب العضو الباعث، فأن يكون في الكلية ورم حار، أو صلب، أو حصاة، أو ضعف جاذبة من فوق، أو ضعف دافعة إلى تحت، أو يكون الكبد غْير مقتدر على تمييز المائية، وإرسالها للأحوال الآستسقائية. وهذا القسم بشعبه لك أن تجعله باباً مفرداً، وتجعله من قبيل قلة البول.

وأما الكائن بسبب البول، فأن يكون حاداً يؤلم، وقد جرّب في كثير من الأوقات، وقيل من كان به عسر بول، فأصابه بعقبه زحير مات في السابع، إلا أن تعرض حمى، ويدر إدراراً كثيراً. واعلم أنه ربما عرض بعد حرقة البول وزوالها جفاف في غدة يزلق عليها البول، ويؤدي إلى تخثير بول واحتباسه. فيجب أن تستعمل الترطيب لئلا يعرض ذلك.

فصل في العلامات: أما علامات ما سببه برد المزاج، فبياض البول مغ غلظ أو رِقَّة، وكثرة الحاجة إلى القيام قبل ذلك، وكثرة الآستحمام، وإحساس البرد، والخلو عن سائر العلامات. وأما علامة ما يكون سببه حرارة، فحدة البول والالتهاب المحسوسان. وإن كان السبب بقبض عن برد، دل عليه نفع الإرخاء. وان كان عن ذوبان وحميات محرقة، دل عليه نفع الترطيب.

وأيضاً من علاماته أن القليل لا يخرج، والكثير يكون أسهل خروجاً مما يرطب ببلته المجرى ويوسعه. وأما علامة ما كان بسبب ورم في المثانة، أو ما يجاورها من الأعضاء أو خراج، فقد علمته مما سلف لك. وتجد لكل واحد منه باباً مستقلاً بنفسه، ثم من الفروق بين العسر الكائن عن الورم، والكائن عن غيره، أن الورمي يقع قليلاً قليلاً لا دفعة، إلا أن يكون أمراً عظيماَ جداً. وتعلم ما يكون عن سدد المثانة نفسها لمرض فيها، أو ضاغط لها بارتكاز المثانة، وانتفاخها، وتمددها، أو ضاغط يكون مع وجع. والذي يكون بسبب العضو الباعث، فلا يكون في المثانة ارتكاز أو انتفاخ، وجميع أصناف السدة التي تعرض في المثانة من نفسها، أو عن ضاغط يكون مع وجع، وتعرف الورم الساد بما علمت. ويتعرف الشيء السالح من غير ورم بالقاثاطير، وما يخرجه من، أو خلط، أو بما يقف في وجهه، فلا تدعه يسلك من ثؤلول أو حصاة أو التحام. والحصاة تعلمها بعلاماتها، أو بمس القاثاطير بشيء صلب جداً. والخلط قد يعرف أيضاً بالبول السالف. والدم نفسه قد يعرف بعلامات جمود الدم في المثانة من اصفرار اللون، وصغر النفس والنبض، وتواترهما، والعرق البارد، والحمى النافض، والغثيان، وهو رديء قلما يتخلص عنه. والخلط الغليظ قد يتعرّف أيضاَ من الثفل المحسوس، إن كان له مبلغ يعتد به، وأن يخرج في البول خام. وأما ما كان عن برد مقبض، أو برد مستحصف، فالآسباب المقارنة والمتقدمة هي الدلائل عليه. وعلامات ما يكون من الريح تمدّد بلا ثقل، وربما كان مع انتقال، وربما كان محتبساً في المثانة. وعلامة ما يكون عن ضعف الحس، أن لا يحس بلذع البول. وعلامة ما يكون عن ضعف الدافعة، أن يكون الغمز يخرج بسهولة.

وعلامة استرخاء العضلة ضعف الدرور بغير حفر، وأن يحس بأن شيئاً من الباطن لا يجيب إلى العصر، ويكون الغمز يخرجه. وعلامات تشنج العضلة، أن يكون القليل الذي يخرج، يخرج بحذر.

والكائن لضعف الكلية، يدل عليه ما سلف من علامات ذلك، وكذلك الكائن بسبب حصاتها وورمها. وبالجملة، فإنه إن كان الثقل والوجع من ناحية الكلى، فالعلة هنالك. فإن كان علامات الورم، ففيها. وان كان هناك ثقل شديد جداً، فهنالك بول محتبس، أو كان أقل من ذلك، فهنالك رطوبة سادّة بورم أو غير ورم. وإن لم يكن ثقل، بل وجع متمدد، فهو ريح في الكلية.

وإذا كان البطن ليّناً، ولم تكن علامات سدد الكلية والمثانة وضعف المثانة وغير ذلك موجودة، فالسبب ضعف جذب الكلية.

والكائن عن ضعف جذب الكلية أو دافعة الكبد، تدل عليه الأحوال الآستسقائية. والكائن بسبب وجع عارض من قرحة أو حدّة بول، أن الصبر على الوجع يخرج البول، ويسكّن الوجع. وكذلك القهر عليه. ويكون القرحي مع علامات القروح. وعلامات الكائن عن جفاف البلة في الأعضاء الغددية تقدم أسبابها المذكورة، وأن الترطيب يسلس البول.

فصل في العلاج لهما جميعاً: إن كان السبب مدة أو خلطاً، فيجب أن يعالج بالمفتّحات والمدرّات القوية التي تعرفها، إن لم يخف أن الأمر أعظم من أن ينفع فيه مدرّ، إذا استعمل أنزل مادة آخرى إلى المثانة، وزاد الوجع والتمدّد، ولم يخرج شيء. ولماء الفجل تأثير قوي في هذا الباب، حتى يجب أن يكون الإدام هو. وكذلك لماء الحمص الآسود. وأماالمدرات فمثل فطراساليون، و الأشق، و الدوقو، و المو، والفوة، و الحماما، و القسط، و السساليوس، والوج، والشبث وبزره. كل ذلك في ماء الفجل المطبوخ، أو ماء الحمص الآسود، أو في ماء الحسك، أو في عصارة الكرفس، والرازيانج، خصوصاً البري. والسكنجبين العنصلي نافع جداً، أو الترياق الفاروق، والمثروديطوس شديد المنفعة. ودواء الكركم، والأمررسيا، ودواء قباذ الملك. وأما الأطفال، فيسقون هذا في لبن الأمهات، أو تسقى مرضعاتهم ذلك.

فصل في صفة مدر قوي: يؤخذ الأبهل، والأسارون، والحماما، والنانخواه، وفطراساليون، وبزر كرفس، وفو ة الصبغ، واللوز المر، والسنبل، من كل واحد عشرون درهماً، بزر البطيخ عشرة دراهم، أجساد الذراريح المقطعة الرؤوس والأجنحة وزن درهم، يحل الأشق بمثلث رقيق، ويتخذ منه بنادق. الشربة إلى ثلاثة دراهم.

وأيضاً دواء الأبهل والحلتيت المذكور في باب جمود الم في المثانة شرباً وزرقاً.

وقد تؤلف أدوية يقع فيها الجندبيدستر، والفربيون، والزنجبيل، ودار فلفل، ودهن البلسان. وربما جعل فيه أفيون، وبزر بنج لسبب الوجع، وأنت تراها في القراباذين. وجميع الأدوية الحصوية نافعة لهذا، ولأكثر الأصناف كانت عن حر، أو برد بعد أن لا يكون ورم أو قرحة. وهي مثل رماد العقارب، وحصاة الآسفنج، ورماد الزجاج، و مما له خاصية فيما يقال مثانة ابن عرس مجففة، يشرب منها ثلاثة دراهم في شراب ريحاني. وأيضاً السرطان النهري المحرق وزن درهمين بشراب، وخصوصاً للصبيان. وقد ذكرنا أدويه آخرى في علاج ما سببه برد المثانة، يجب أن يقرأ في هذا الموضع أيضاً. وأما الكائن بسبب جمود العلقة، فيعالج بما ذكرنا في باب جمود العلقة في المثانة.

وقد تستعمل أضمدة من هذه الأدوية مع ماء الفجل، وقد يطلى بالترياق، والمصطكي، والأمروسيا، ودواء الكركم، ودواء قباذ الملك، وربما احتيج إلى نطولات قوية متخذة من مثل الحرمل، والمشكطرا مشيع، مع ذرق الحمام. وأيضاً: من البورق، و عاقرقرحا، والخردل، فإنه نافع، وهو الضماد الذي نحن واصفوه مجرب جداً.

صفة ضماد جيد: يؤخذ حب الغار، والشبث، وحماما، وإكليل الملك، ودقيق الحمص الآسود، وبابونج من كل واحد عشرة دراهم، دوقو، وبزر الفجل، وبزر الكرفس البستاني، والجبلي من كل واحد سبعة دراهم، يتخذ منه ضماد بدهن البلسان، أو بدهن السوسن يعجن بماء الكرنب الأرمني.

فصل في صفة مرهم جيد: يؤخذ السكبينج، والمقل، والجاوشير، والوج، أجزاء سواء، ويتخدْ منها مرهم بشحم البط، والشمع الأصفر، ودهن السوسن. ومن الزروقات زروق من القنة، والميعة، والجاوشير، والقلقطار، وربما جعل فيه حلتيت. وإن كان السبب حصاة، عولجت الحصاة حيث كانت. و إن كان السبب ثؤلولاً، أو لحماً نابتاً والتحاماً، فالعلاج الآبزنات المرخية، والأدهان المرخية المعلومة في باب المثانة، واجتناب الحوامض والقوابض، وربما نجعت، وربما لم تنجع.

وإن كان السبب ورماً، عولج الورم، وأرخي، ولين، واستعمل التعريق في حمام مائي، والملينات المضمد بها، والمزروقة، والمحتملة في المقعدة، ويقل شرب الماء، ويهجرالمدرات، ويمنع الغذاء ولو يومين وعند لين الورم قد ينزل البول بالغمز والعصر، بعد كثرة إرخاء وتليين. وللكرنب، والخطمي، والبصل، والكراث المسلوقات معونة في هذا الباب كثيرة، إذا ضمد بها. والفصد من أوجب ما تقدم من الباسليق، ثم من الصافن، فربما درّ معه البول.وإن كان السبب برداً وقبضاً، عولج بعلاج سوء المزاج البارد، وإن كان حراً عولج بالأدهان المعتدلة والباردة التي فيها تليين وإرخاء مثل دهن البنفسج، ودهن القرع مخلوطة بدهن الشبث، والبابونج. وإن كان هناك يبس أيضاً، استعملت الآبزنات، والأدهان المرخية، والأغذية المرطبة، وتدبير الناقهين، والحمام. وإن كان السبب فالجاً، عولج بعلاجه.

وإن كان السبب تشنج العضلة، عولج بعلاج التشنّج المذكور في بابه ولمن كان مزاجاً بارداً، عولج بالأدهان الحارة، والمعجونات الحارة التي علمتها. ومما ينفع من ذلك، ومن الفالج أن يؤخذ خرء الحمام البري نصف درهم، فيشرب ببول الأطفال، فيدر، أو يؤخذ خرء الفار مثقال في ماء طبيخ الشبث، وربما زرقاً مع الموميا، أو وزن د رهم قانصة الرخمة المجففة، مع مثله ملح هندي بماء حار. وينفعه شرب دهن الناردين بالماء الحار، أو دانقين حلتيت في لبن الاتن. وهذه أيضاً تنفع لما كان من خلط غليظ.

وأما الكائن عن حر، فيعالج بالبزورالباردة، وبزر الخس بشراب ممزوج، وبالرمان الحامض. وإن كان عن سقطة، أو ضربة قد آلمت وأورمت، أو لم تورم بل أزالت شيئاً، فالعلاج الفصد أولاً، والمرخيات المعتدلة، والأبزنات، والاجتهاد في أن يبوّل. فإن بال دماً كثيراً، فاحبسه بأقراص الكهرباء، صمغ الجوز. وإن خفت أن تحدث علقة، فعالجه بعلاج العلقة الجامدة. فإن فعلت العلقة سدة، فعالج سدة العلقة وقد ذكر ذلك. وإن كان السبب ريحاً، عولج بعلاج ريح المثانة.

والكائن بسبب الوجه المانع، فيعالج باستعمال المخدر في الزرق، ثم يروم البول، وبعد ذلك يستعمل علاج القرحة، أو علاج تعديل البول الحاد بالأغذية والبقول المذكورة، وبأن يزرق مغريات تحو ل بين حدة البول، وبين صفحة المجرى الحساسة. والكائن لضعف الحس يعالج المبدأ، إن كانت العلة منبعثة عن المبدأ، أو نفس العضلة، والمثانة بالأدوية الفادزهرية من الترياق، والمثروديطوس، والمروخات، والزروقات الموافقة للروح مثل دهن الياسمين، والسوسن، والنرجس، ودهن الزعفران، و دهن البلسان خاصة، ويستعملون أضمدة من ورق أشجار الفواكه، والبقول المحببة إلى الروح النفساني مثل ورق التفاح، والنعناع، والسذاب، ويخلطون بها أدوية منبهة جداً مثل بزر الحرمل، وبزر السذاب الجبلي، ثم يضمدون بها العانة. فإن كان لضعف الدافعة روعي المزاج الغالب والمرض المضعِّف بما تعلم، وعولج. وأكثر ذلك من برد. وعلاجه بما فيه تسخين، وقبض، وخصوصاً ما ذكرنا في ضعف الحس.

وإن كان السبب إطالة الحبس، فعلاجه بالأبزنات المرخية الملينة المتخذة من بزر الكتان، والحلبة، والقرطم، والرطبة، وأضمدة متخذة من هذه، ثم تستعمل الشديدة الإدرار، والقاثاطير. ولدهن البلسان وإخوته منفعة عظيمة ههنا. وأما الكائن بسبب الكلية، والكبد، والأمعاء، والظهر، فيجب أن يقصد قصد تلك الأعضاء، فإن نجع العلاج فيها نجع في هذه، وإلأَ لم ينجع، ومع ذلك، فلا بد من استعمال المرخّيات من الأبزنات، والأضمدة، والزروقات، ومن استعمال المدرات، إلا أن يخاف. من إنزالها مادة كثيرة. واعلم أن اللبن أصلح شيء لهم إذا لم تكن حمى، وكل وقت تصلح فيه بنادق البزور، ولا يكون حمى، فالرأي أن يسقى من اللبن.

فصل في ذكر أشياء مبولة نافعة في أكثر الوجوه: قال بعضهم: إن خرء الحمام مع الموميا إذا زرق به بول. وأيضاً، ما ذكر في بال علاج السدّة الغليظة، وما ذكر في علاج ما كان عن برد.

وقال بعضهم مما جربناه فنجع، أن يؤخذ حمول من ملح طبرزذ، ويحتمل في المقعدة، فيدرّ البول ويطاق. وقالوا إن أدخل في الإحليل قملة، أو أخذ القراد الذي يسقط من الآسرة، وعسى أن يكون المعروف بالفسافس، والأنجل وأدخل في الإحليل أدر البول.

وكذلك إن طُلي عليه ثوم، أو بصل أدر، أو يجعل في إحليل الذكر طاقة من الزعفران، وإذا لم يكن ورم، بل كانت سدة كيف كانت، نفع زرق زيت، شمست فيه العقارب البيض، التي ليست برديئة جداً بزراقة من فضة، وأعين بالنفخ.

فصل في القاثاطير واستعمالها في التبويل والزرق: إذا لم تنجع الأدوية، لم يكن بد من حيلة آخرى، ومن استعمال القاثاطير، والمبنولة. وإياك وأن تستعملها عند ورم في المثانة، أو في ضاغط لها قريب، فإن إدخالها يورم ويزيد في الوجع. وأجود القاثاطيرات، ما كان من ألين الأجساد، وأقبلها للتثنية. وقد يوجد كذلك جلود بعض حيوانات البحر، وبعض جلود حيوان البر، إذا دبغ دباغة ما، ثم اتخذ منه آلة وألصقت بغراء الجبن.

وقد يتخذ من الآسرب، والرصاص القلعي، وهو جيد أيضاً، فإن كان شديد اللين، قُوًي بقليل شيء يطرح عليه من المسحقونيا، أو المارقشيثا، أو بأكثرة الإذابة، والصب، وطرح دم التيس عليه، فإن قوة دم التيس ناجعة في هذه الأبواب. ومع ذلك، فإنه يشدّد الرصاصين، وحينئذ يجب أن يكون رأسها صلباً مستديراً، ويثقب فيها عدة ثقوب، حتى إذا حبس في بعضها شيء من دم، أو رمل، أو خلط غليظ، كان لما يزر ق من دواء، أو يستدر من بول منفذ آخر، ولم يحتج إلى إخراج، وإدخال متواتر.

وقد يتخذ من الفضة، ومن سائر الأجساد، وقد يعد جميع ذلك نحو حقن شيء فيه، وقد يعد نحو استخراج شيء به، فالذي يعد نحو حقن شيء به، فقد يشد على طرفه المفتوح الملطف شيء، كجريب صغير، أو مثانة مفروكة ملدنة، ويصب فيها الدواء، ثم يزرق على نحو زرق الحقن، وقد يمكن أن يتخذ على نحو الحقنة المختارة التي ذكرناها في باب القولنج. وإن أعدت نحو الآستبالة، فتحتاج أن تجري مجرى الجذابات بسبب استحالة وقوع الخلاء، وذلك بأن تملأ شيئاً، ثم يجذب ذلك الشيء عنها بقوة، فيجدب خلفه البول المستدر، أو غيره، أو يهندم فيها، أو عليها شيء يحصر من الهواء قدراً ما، فإذا جذب ولم يكن الهواء مدخل، وجب ضرورة أن يجذب البول المستدر أو غيره. والذي يملأ تلك الفرجة الباطنة، إما صوف منظوم الخيوط، مشدود وسط الجملة بخيط، حتى إذا دس عن طرفيه المخليين في التجويف دساً حصيفاً، ثم جذب الخيط، استخرج الصوف، وتبعه ما يستتبع. وأما الآخر، فعمود نافذ فيه، أو غلاف يشتمل عليه مع مقبض ينزع به.

وأما استعمال هذه الآلة، فأجوده أن يجلس العليل على طرف عصعصه منزعج المقعدة، مضبوطاً من خلف، ويرفع ركبتيه قليلأ إلى فوق الأرنبتين مع تفحيج بينهما. وقد تقدم بإحمامه بالأبزنات المرخية، وتضميد بالأضمدة، والمروخات المرخية، ثم يدخل القاثاطير مبلغاً يكون في قدر طول قضيبه، وسعته، وضيقه.

والأولى تكون مبولة كل إنسان بحسب طول قضيبه، وقصره، وسعته، وضيقه، وط تقدمت، وطليت القاثاطير بالقيروطيات، وخصوصاً إذا كانت من أدهان مناسبة للغرض فإذا استوى فيه قدر كقدره ينصب الذكر نصباً مستوياً، كالقائم مع ميل إلى ناحية السرة، ثم يرفق في دفع القاثاطير في مجرى المثانة قدر عقدة، أو عقدتين. وهنالك يفضي إلى خلاء المثانة، ويسكن معه الوجع، أو يقل أو يحس أنّ نفوفه قد أدى إلى تحريك الشيء. وبالجملة، فالنفوذ محسوس، ثم يرد الذكر إلى ناحية الآسفل إلى حالته الأولى في نصبته، أو أشذ تسفلاً. فإذا فعلت ذلك، فاجذب شيئاً إن أردته، أو ادفع شيئاً بالحقن إن أردت دفعه. وبالجملة يجب أن تجتهد حتى لا يسحج، ويكون على مهل ورفق حتى لا يرجع.

فصل في تقطير البول: تقطير البول، إما أن يكون بسبب في البول، أو بسبب في آلات البول، إما العضلة وإما جرم المثانة نفسها أو لسبب في المبادي. والسبب في البول، إما حدته، أو كثرته وكون الحدة سبباً لتقطيره، إما لما ذكرناه في باب عسر البول من أن يكون استرساله مؤلماً لحدة فيه قوية، واجتماعه، وثقله غير محتمل، فيكون له حال بين الاحتباس، والآسترسال وهو التقطير وإما لأن كل قليل منه لشدة إيذائه لحدته يستدعي النفض، فتدفعه الدافعة، وإن لم يكن إرادة، وتكون حدته، إما للأغذية، والأدوية، والتعب، والجماع وغير ذلك، أو لمزاج الأعضاء المبدآنية مثل الكبد وعروقها، والكلية مزاج ساذج، أو مع مادة من مدة، أو غير مدة، أو البدن كله لكثرة فضل حاد فيه، فتدفعه الطبيعة. وإما كون الكثرة سبباً لتقطيره، فلتنقيله وإزعاجه العضلة إلى انفتاح يسير، وإن لم تستدع الإرادة إليه. وأما السبب الخاص يالعضلة، وبمباديها فمثل استرخاء مفرد، أو مع خدر، وبطلان حس، كما يعرض أيضاً للمقعدة، أو لورم، أو لسوء مزاج مضعف مبتدأ منها، أو صادر إليها عن مباديها. وأكثره عن برد، ولذلك من يصرد يكثر تقطير بوله، وإذا حدث بها ضعف، ضعف عن انقباضها عن المجرى، ومع ذلك يضعف إطلاقها نفسها، وخصوصاً إذا شاركها عضل البطن في الضعف. وأما الكائن بسبب المثانة، فإما ضعف فيها من سوء مزاج حار مفرد، أو مادة حارة، أو من سوء مزاج بارد وهو الأكثر، ولذلك كما قلنا من يصرد يتقطّر بوله. وذلك المزاج، وهذا الضعف يولّد تقطير البول من وجهين: أحدهما لما تضعْف له الماسكة، فلا تقدر على إمساك كل قليل يحصل حتى يجتمع الكثير، فتخلى عنه ليسيل وإن لم تكن إرادة، والثاني لما تضعف له الدافعة، فلا تعصر البول إلا قليلاً قليلاً، وهو من التقطير المخالط للعسر. وقد يكون هذا الضعف في نفسها، وقد يكون بالمشاركة لأعضاء من فوقها بسبب أورام، ودبيلات، وتقيحات في الكلى، وما فوقها تشاركها المثانة، وتتأذى بما يسيل إليها.

وقد يكون السبب قروحاً في المثانة، وجرباً فلا يقدر على حبس البول للوجع، وقد يكون التقطير لسدد مجرى المثانة من ورم فيها، أو في الرحم، والمعي، والصلب، أو حصاة، أو سدة آخرى إذا لم تكن تامة السدّة وأمكن الطبيعة أن تحتال، فيخرج البول قليلاً قليلاً. وقد يكون بسبب وجع المثانة لقروح فيها على ما ذكرنا في باب العسر، فمن تقطير البول ما يكون معه عسر، ومنه ما ليس معه عسر، ومن تقطير البول ما معه حرقة ووجع، ومنه ما ليس معه ذلك، ويشبه أن يكون أكثر تقطير البول لأسباب السلس، أو لأسباب العسر، أو لأسباب الحرقة.

فصل في العلامات: أما الأورام، والسدد، والآسباب المادية، والأوجاع وغير ذلك من أكثر الأبواب والأقسام، فقد عرفت علاماتها، وعلمت علامة المزاج الحار من لون البول، والتهاب الموضع، وتقدّم الآسباب، وعلامة المزاج البارد من لون البول، ووجود البرد، وتقدم الآسباب. وعلامات المشاركات أيضاً معلومة ولا يجب أن نطول الكلام فيها.

فصل في العلاجات: قد علمت أيضاً علاج كل باب في نفسه مفرداً ملخصاً، لكن أكثر ما تعرض هذه العلة بسبب البرد، وبسبب الفالج. وأكبر العلاج له العلاج المسخن المقبض، وكل من يعجز عن الصبر على البول، فانه ينتفع بالأدوية الباهية. فمن المشروبات النافعة في ذلك الترياق، والمثروديطوس، وأيارج جالينوس، والأنقرديا، والاطريفل الكبير، وجوارشن الكندر، والاطريفل الأصغر مقوى بأنقرديا، أو بسجزنيا، ومخلوطاً معه بعض المقبضات القوية مثل حب الآس، وجفت البلوط، وما يشبه ذلك.

و أيضاً الحرف نافع، واستعمال الثوم نافع، فإنه يدرّ البول المنقطع، ويعيده إلى الواجب. ومن المجربات حب الحاشا بعاقرقرحا. ومما جربناه أن يؤخذ من الهليلج الكابلي المقلو جزء، ومن البهمن الأبيض نصف جزء، ومن الفوتنج اليابس، وحب الآس، والسندروس، والمر، والكندر، والسعد، والبسباسه من كل واحد ثلث جزء، ومن القرنفل نصف جزء، ومن الراس المجفف، وحب المحلب جزءان، يعجن بعسل الأملج، ويحفظ ويشرب.

صفة معجون قوي: يؤخذ هليلج أسود، وكابلي، وسك من كل واحد خمسة دراهم، مر وجندبيدستر من كل واحد درهم ونصف، كهرباء، وسعد من كل واحد درهمان ونصف، كندر وحب المحلب من كل واحد عشرة دراهم، يعجن الكل بالعسل، ويتناول منه على الدوام وزن مثقال.

آخرى: يؤخذ كمون، وقنطوريون، وصعتر أجزاء سواء من كل واحد درهمان بماء حار.

آخرى: يؤخذ حب الآس، والبلوط، وقشار الكندر، وكمون كرماني من كل واحد جزء. الشربة ثلاثة دراهم بشراب عتيق.

آخرى: يؤخذ هليلج كابلي وبليلج، وأملج مقلوان من كل واحد سبعة دراهم، قشار الكندر خمسة دراهم، حبّ الآس عشرة دراهم، يُلت كلما جف بماء أطفىء فيه الحديد المحمى مراراً كثيراً، ثم يعجن برب الآس.

صفة معجون آخر: يؤخذ حب الآس جزء، اللاذن ربع جزء، تمر هيرون جزءان، يعجن به والشربة منه ستة مثاقيل. أو ورق الآس، وورق الحناء، ومر، وكندر، وجلنار، وبلوط أجزاء سواء، يشرب مقدار الواجب في شراب.

صفة معجون مجرب نافع: ويصلح للبول في الفراش، ونسخته: يؤخذ من كل واحد من الهليلج الكابلي، والبليلج، والأملج عشرة دراهم، ومن البلوط المنقع في الخل يوماً وليلة المقلوّ بعده، ومن السندروس، والسعد، والكندر الذكر، والراسن اليابس، والميعة اليابسة، والبسذ من كل واحد خمسة دراهم، مر ثلاثة دراهم، ويعجن بعسل.

صفة دواء قوي: يؤخذ من الجندبيدستر، ومن القسط المر، ومن الحاشا، ومن جفت البلوط، ومن العاقرقرحا أجزاء سواء، تعجن بماء الآس الرطب. والشربة درهم عند، النوم. أو يشرب الكندر، وزهر الحناء من كل واحد درهم. ومن المعالجات الخفيفة، أن يشرب من بزر القاقلة مثقال، ودقيق البلوط نافع، وخصوصاً إذا أنقع البلوط في خل العسل يوماً وليلة، ثم قلي على طابق، ويشرب منه، والمبلغ عشرة دراهم. وأيضاً التين المبلول بالزيت، وأيضاً السعد والكندر أجزاء سواء، يستف منهما على الريق وزن مثقال. وأيضاً الشونيز، وبزر السذاب أجزاء سواء، والشربة إلى درهم. والراسن نعم الدواء له، ودهن الخروع أيضاً شرباً ومروخاَ، وينفع منه تناول العسل على الريق على الدوام.

وللمشايخ دواء نافع يؤخذ من الجندبيدستر، والأفيون، وبزر البنج، وبزر السذاب، يشرب منه مثقال بأوقية طلاء. وإذا احتمل المومياي المداف في الزنبق في الدبر، وقطر في الإحليل، صبر على البول، وكذلك أكل التين بالزيت.

فصل في سلس البول: سلس البول هو أن يخرج بلا إرادة، وقد يكون أكثره لفرط البرد، ولاسترخاء العضلة، وضعف يعرض لها وللمثانة، كما يعرض في آخر الأمراض. وقد يكون للاستكثار من المدرات، ومنها الشراب الرقيق، وخصوصاً عند اتساع المجاري في الكلية، وقوة القوة الجاذبة. وقد يكون لحرارة كثيرة جذابة إلى المثانة مرشحة عن البدن.

ومن أسبابه زوال الفقار، فتحدث آفة في العضلة لا تقدر لها أن تنقبض، وربما كان السلس لا بسبب في المثانة، ولا العضلة والبول، بل لضاغط مزاحم يضغط كل ساعة، ويعصر، فيخرج البول مثل ما يصيب الحوامل، والذين في بطنهم ثفل كثير، وأصحاب الأورام العظيمة في أعضاء فوق المثانة، ولا تحتاج بعدما فصل لك إلى أن تعرف العلامات، فالوقوف عليها سهل مما سلف.

فصل في العلاج: ما كان من الحرارة وهو في النادر تنفعه أدوية مبردة قابضة، ومن ذلك سفوف بهذه الصفة، ونسخته: يؤخذ كزبرة يابسة، وورد أحمر منزوع الأقماع من كل واحد خمسة دراهم، طباشير عشرة دراهم، بزر الخس ، وبزر الحمقاء من كل واحد خمسة عشر درهماً، طين أرمني خمسة دراهم، جلّنار درهم، كافور نصف درهم، صمغ وزن درهمين، يعجن بماء الرمان الحامض.

آخرى: يؤخذ كهرباء، وطين أرمني، وهليلج أسود، ولبّ البلوط، وعدس مقشر، من كل واحد وزن درهمين، كزبرة مقلوة مخلّلة وزن درهم، والشربة من سفوفه ثلاثة دراهم، ويعالج بعلاج ديانيطس، ويقطع العطش بماء يمسك في الفم من المصل، والسماق، ونوى التمر هندي، وحدث الرمان. وأماالبارد، فالمعالجات المذكورة في باب التقطير. آخرى: يؤخذ وج، وسعد، وراسن مجفف، ولب البلوط من كل واحد وزن درهمين، مر ثلاثة دراهم، وهو سفوف. والكموني نافع جداً، خصوصاً إذا سحقت عقاقيره جداً، والكموني أيضاً ينفع من ذلك طلاء. وبالجملة، هو نافع لما كان من برد شديد في أعضاء البول. ومما ينفع سقي أربعة دراهم كندر، فإنه يحبس السلس، أو وزن درهمين محلب، والأدهان الحارة مفتقاً فيها المسك، والحلتيت، والجندبيدستر، والفربيون ونحوه.

صفة حقنة جيداً: يؤخذ رطل حسك، وعشرون درهماً سعداً، وعشرة دراهم محلباً، يطبخ في أربعة أرطال ماء بالرفق بعد الانقاع يوماً وليلة، فإذا بقي من الماء قدر رطل، صفي وصب عليه نصفه دهن حل، ويطبخ، ويستعمل الدهن حقنة. أو يؤخذ من الماء جزء، ومن دهن الغار، والبان، والبندق، والفستق، وحبة الخضراء، والمحلب أجزاء سواء، كما يوجبه الحدس، ويفتق فيها قوة من المسك، ويحقن به، ودهن البان قوي جداً.

فصل في البول في الفراش: سببه استرخاء العضلة، وربما أعانه حدة البول. والصبيان قد يعينهم على ذلك الآستغراق في النوم، فإذا تحرك بولهم دفعته الطبيعة، والإرادة الخفية الشبيهة بإرادة التنفس قبل انتباههم، فإذا اشتدّوا واستولعوا، خف النوم، واستولع العضو المسترخي ولم يبولوا.

فصل في العلاج: علاجهم علاج من به استرخاء المثانة، وتقطير البول، وسلس البول، وخصوصاً دواء الهليلجات بالراسن، والميعة. ومن المروخات دهن البان غاية، ومع ذلك فيجب أن يناموا، وقد خففوا الغذاء، ليخف نومهم، ولا يشربوا ماء كثيراً، وأن يعرضوا أنفسهم على البول.

وربما كان الواحد منهم يتخيل له كما تتقاضاه القوة الدافعة والحساسة بالبول وهو نائم أنه يوافق موضعاً من المواضع فيبول فيه، ويعتاد ذلك، فإن كان ذلك الموضع. موجوداً، وكان يجري مجرى الخلاء، والكنيف، أو الستر الصحراوية جهد حتى غيرها، وبناها مساجد ومساكن آخر، وثبت ذلك في خياله، فإذا انساق به الحلم إلى ذلك الموضع، ثم تذكر في خياله أنه مغيّر عما كان عليه، تخيلت القوة الإرادية منه بتلك السماحة الخفية الغير المشعور بها، وعرض لها في النوم توقف مانع يقاضي القوة الدافعة، فلم يلبث أن يتنبه.

ومما جرب لهم هذا الدواء ونسخته: يؤخذ بلوط، وكندر، ومر أجزاء سواء، يطبخ بشراب قدر ثلاث أواق إلى أن يرجع إلى أوقية، ويصفى ويشرب مع درهم من دهن الآس. وقد زعموا أنه إذا جفف كلية الأرنب، وأخذ منها جزء، ومن بزر الكرفس، والعاقر قرحا، من كل واحد نصف جزء، ومن بزر الشبث جزء، والشربة منه درهمان ونصف في أوقية ماء بارد، كان نافعاً من ذلك جداً. وينفع منه دماغ الأرنب البري بشراب، وينفع منه أقراص مخبوزة من عجين، قد جعل فيه قوة من خرء الحمام بماء بارد، فهو غاية. أو مر بشراب على الريق وهو برؤه. وينفع منه الحقن بأدوية حابسة البول، و يزرقها في المثانة.

فصل في ديانيطس: ديانيطس هو أن يخرج الماء كما يشرب في زمان قصير، ونسبة هذا المرض إلى المشروب وإلى أعضائه، نسبة زلق المعدة والأمعاء إلى المطعومات. وله أسماء باليونانيه غير ديانيطس، فإنه قد يقال له أيضاً دياسقومس، وقراميس، ويسمى بالعربية الدوارة، والدولاب، وزلق الكلية، وزلق المجاز، والمعبر. وصاحبه يعطش، فيشرب ولا يروى، بل يبول كما يشرب غير قادر على الحبس البتة.
وقال بعضهم أن هذا يعرض بغتة، لأنه أمر طبيعي غير كائن بالإرادة، وزلق الأمعاء قليلاً قليلاً، لأن هناك حس وإرادة. وهذا كلام غير محصل. وسبب ديانيطس حال الكلية، إما لضعف يعرض لها، واتساع، وانفتاح في فُوهات المجرى، فلا ينضم ريثما تلبث المائيه في الكلية. وقد يكون ذلك من البرد المستولي على البدن، أو على الكبد، وربما فعله شرب ماء بارد، أو حصر شديد من برد قارس.

وإما لشدة الجاذبة لقوة حارة غير طبيعية مع مادة، أو بغير مادة، وهو الأكثر، فتجذب الكلية من الكبد فوق ما تحتمله، فتدفعه، ثم تجذب من الكبد، والكبد مما قبلها، فلا يزال هناك انجذاب متصل المائية، واندفاع. وأنت تعلم أنه إذا اندفع سيال اندفاعاً قوياً، استتبع لضرورة الجلاء، فتلاحق فوج وفوج. وهو مرض رديء، ربما أدى إلى الذوبان، وإلى الدِّق بسبب كثرة جذبه الرطوبات من البدن، ومنعه إياه ما يجب أن يناله من فضل الرطوبة بشرب الماء، وأنت تعلم وتعرف العلامات مما قرأت إلى هذا الوقت.

فصل في العلاجات: أكثر ما يعرض ديانيطس من الحرارة النارية، فلذلك أكثر علاجه التبريد، والترطيب بالبقول، والفواكه، والربوب الباردة مما لا يدر مثل الخس، والخشخاش، والسكون في الهواء البارد الرطب، والجلوس في اَبزن بارد حتى يكاد يخضرّ، ويخصر ليسكن عطشه، وتبرد كليته، وتشتد عضلته. وينفع فيه شم الكافور، والنيلوفر ونحوه من الرياحين الباردة. ومما ينفع من هذا، التنويم، والشغل عن العطش، وتدبير العطش، وهو التدبير المقدم فيجب أن يشتغل به، ولو بسقي فضل من الماء. وأجود ذلك، أن يسقى الماء البارد جداً، ثم يقيأ، ويكرر هذا عليه.

ويجب أن يصرفوا المائية عن الكلية بالقيء، وبالتعريق القوي، وتخدير ناحية القطن، مما ينفع بإنامة القوة عن التقاضي للماء، وعجزها عن جذبه أيضاً. ومما يجب أن يجتنبوه إتعاب الظهر، وتناول المدرات، وتليين الطبيعة ينفعهم، ولو بالحقن اللينة المعتدلة، فإن أكثرهم يكونون يابسي الطبيعة، وربما احتاجوا إلى الفصد في أوائل العلة. ومن المشروبات النافعة الدوغ الحامض المبرّد. وأجوده أخثره، وخصوصاً من لبن النعاج، وماء القرع المشوي، وعصارة الخيار ببزرقطونا، وماء الرمان الحامض، وماء التوت، وماء الإجاص، وأمثال هذه، وتكون أشربته من هذا القبيل يشربها دون الماء، كشربه الماء ماقدر، ورب النعناع ينفعهم جداً، وماء الورد، بل عصير الورد في وقته نافع لهم، ومسكن لعطشهم. والشربة قدر قوطوليين، وأيضاً الماء المقطر من دوغ البقر، أو دوغ النعاج الحامض، ينفعهم ويسكن عطشهم. ومما ينفعهم فيما يقال أن تنقع ثلاث بيضات في الخل يوماً وليلة، ثم تحسى. ومما جربناه لهم، أن يتخذ الففاع لهم من دقيق الشعير، وماء الدوغ الحامض المروق بعد تخثير الدوغ، يكرر اتخاذ الفقاع منه مراراً وترويقه، ثم استعماله من دقيق الشعير فقاعاً، وكلما كرر هذا، كان أبرد فيشرب مبرداَ، ومن الأدوية أقراص الجلنار على هذا الوصف.

ونسخته: يؤخذ أقاقيا وزن درهمين، ورد ثلاثة دراهم، جلنار أربعة دراهم، صمغ درهم، كثيراء نصف درهم، يشرب بلعاب بزر قطونا، وماء بارد، أو بماء القرع، أو الخيار، أو بماء الرمان.

وأيضاً نسخة مجربة: أقراص الطباشير بماء القرع، أو الخيار، أو بماء الرمان، أو يؤخذ من الطباشير، والطين المختوم، والسرطان النهري المحرق المغسول، من كل واحد جزء، ومن اللك ثلث جزء، ومن بزر الخشخاش، وبزر الخس من كل واحد جزء ونصف، يجمع بلعاب بزر قطونا، ويقرص. والشربة منه كما ترى.

فصل في الأضمدة: من الأضمدة ما يتخذ من الأدوية التي فيها تبريد، ثم تشديد، ونسخته: يؤخذ السويق، وعساليج الكرم، وإن وجد من زهر السفرجل، والتفاح، والزعرور شيء جمع إليها، وكذلك الورد الرطب، والريباس، والحصرم، وعصا الراعي، وقشور الرمان يخلط الجميع خلط الضماد ويُستعمل.

نسخة الأطلية: ومن الأطلية ما يتخذ من أقاقيا أربعة دراهم، كندُر درهمان، عصارة لحية التيس، واللاذن، والرامك، من كل واحد درهمان، ومن العفص وزن درهم، يدق ويُعجن بماء الآس الرطب ويُطلى به، فإنه نافع.

نسخة الحقن: ومن الحقن القوية في هذا المرض الجيدة الحقنة بالدوغ، وبالعصارات الباردة القابضة المذكورة في الأضمدة، وقد يحقن باللبن الحليب، ودهن القرع، ودهن اللوز، فإنه نافع جداً.

فصل في تغذيتهم: وأما أغذيتهم، فما لا يسرع استحالتها للطافته إلى المرارية، أو يكون للطافته، وقلته، بحيث يصير بخاراً، ويتحلل، ويجف الثفل، ويكون جفافه بصرفه للمائية عن الأمعاء إلى الكلية، بل إن كان لطيفاً تتحلل مائيته من غير أن يجتمع منها كثير بول، ويكون مستصحباً للين الطبيعة، فهو فاضل، فإن أفضل شيء من خلال الأغذية التي يؤمرون بها، أن يكون بحيث يتبعها لين من الطبيعة، وكثيرمن العطش. ومما يوافقهم حساء الخندروس، وماء كشك الشعير، والمصوصات، والهلامات، وقد خلط بها ما يدرّ أعقلها للطبيعة، والآسفيذباجات الكثيرة الدسومة باللحوم الحولية، والدجج المسمنة، وأكارع البقر، والسمك الطري المحمض، وغير المحمض،-إن أمن العطش ولبن النعاج المطبوخ بالماء حتى يذهب الماء، وشيء من اللبن، كل ذلك نافع لهم.

ويجب أن يحذروا من الفواكه التي فيها تبريد، وقبض، ما فيه إدرار كالسفرجل. وأما الكائن من البرودة وهو مع ذلك لا يخلو عن العطش ولم يتفق لنا مشاهدته فقد دبر له بعض العلماء المتقدّمين، فقال يجب أن يتلطف لتسكين عطشه، ثم يسهله بحقنٍ لينةٍ مرات، ثم يسهله بحب الصبر أحد عشرة حبة، كل حبة كحصة، ثم ترفهه ثلاثة أيام، ثم يعاود التدبير، ثم يقيئه على الطعام بالفجل، وما يشبهه، ثم يسخّن بدهنه بالمحاجم توضع عليه، والكمادات، والبخورات، وخصوصاً أطرافه.

وربما احتجت أن تستعمل عليها الأدوية المحمرة، ثم يراح أياماً، ثم يراح بالركوب المعتدل، والدلك المعتدل، وخاصة في أطرافه، ويأمره بالحمام الحار، ويسقى الشراب الريحاني.

فصل في كثرة البول: كثرة البول على وجوه، من ذلك ما كان على سبيل ديانيطس، وليس هذا هو الذي يكو ن معه عطش فقط، بل الذي يكون معه عطش لا يروى، ويخرج الماء كما يشرب. ومن ذلك، ما لا يكون معه عطش يعتد به، فإن هناك حرقة وحدّة، فالسبب فيه حدة البول، أو قروح كما علمت، وإن لم يكن، فهناك أسباب سلس البول البارد، والبرد يدر كثيراً بما يعقل وبما يسخن الباطن. ومن كثر برازه، ورق قل بوله، ومن يبس برازه، كثر بوله.

وقد عرفت ما يتصل بهذا فيما سلف، وقد مضى علاج جميع ذلك، وسنذكر ههنا أيضاً معالجات لما كان من برد، فنقول أن جميع الأدوية الباهية نافعة لمن به بول كثير من برد، وتحسي البيض النيمبرشت على الريق نافع.

ويناول الألبان المطبوخة. ومما ينفعهم أيضاً طبيخ حب الآس، والكمثري اليابس، وتمر هيرون كل يوم أوقيتان على الريق. والمر من أدويته الجيدة، وكذلك المحلب، وكذلك السعد، وكذلك الكندر، وكذلك الخولنجان، وكذلك خبث الحديد والكزبرة، فإنه نافع. وهذا الدواء الذي نحن واصفوه نافع جداً. ونسخته: يؤخذ من جندبيدستر، وقسط، ومر، وحاشا، وجفت البلوط، والعاقر قرحا بالسوية، يتخذ منه حب بماء الآس الرطب والشربة منه عند النوم درهم.

حقنة جيدة لذلك وتقوي الكلية: يؤخذ عصارة الحسك المطبوخة حتى تقوى، ومخ الضأن وخصاه، وشحم كلى الماعز، جميع هذا بالسوية، ويجمع، ويؤخذ من اللبن الحليب، ومن السمن، ومن دك الألية، ومن دهن الحبة الخضراء أجزاء سواء، جملتها مثل ما أخذته أولاً، ويوجف بعضه ببعض، ويحقن به.

فصل في بول الدم، والمدة، والبول الغسالي، والشعري، وما يشبه ذلك من الأبوال الغريية: أما بول الدم الصرف فيكون، إما دماً انبعث من فوق أعضاء البول، أعني الكلى، والمثانة، ومثل الكبد والبدن كله، لامتلاء صرف مفرط، مفرق اتصال العروق على الأنحاء الثلاثة المعلومة، أو ترك عادة، أو قطع عضو، وسائر ما علمت، أو على نحو بحران، أو تنقية فضول، أو صدمة، أو وثبة، أو سقطة، أو ضربة أزعجت الدم، وكذلك كل ما يجري مجراها وهذه في الأقل، وإما أن يكون في نواحي أعضاء البول لانقطاع عرق، أو انفتاحه، أو انصداعه بضربة، أو سقطة، أو ريح، أو برد صادع بالتكثيف، أو لتأكل. وربما تولّد ذلك عن تمدد، وكزاز قويين.

وقد يكون ضرب من بول الدم بسبب ذوبان اللحمية دماً رقيقاَ، أو بسبب شدة رقة الدم في البدن، فإن هذا إذا اتفق مع قوة من الكلية- جذب الدم الكثير.

أما الأول، فله معينان في تسهيل السيلان من الدم، لأنه يجري مجرى الفضل، وأنه لاقوام له فيعصر. والثاني له معين واحد، فإذا جذبتها الكلية بقوة دفعها إلى المثانة. وأما بول الدم الغسالي، فيكون، إما بسبب عف الهاضمة والمميزة في الكلية، وإما لضعفهما في الكبد، وإما بول الدم المشوب بأخلاط غليظة، فيكون أكثره لضعف الكلى، وكذلك بول شيء يشيه الشعر، فإنه ربما كان سببه ضعف هضم الكلى، وربما كان سببه ضعف هضم العروق، وربما كان طويلاً جداَ نحو شبرين، وربما كان إلى بياض، وربما كان إلى حمرة. وإنما يطول بسبب الكلية، لكونه في تلافيف عروق، أو غيرها. ومن الأغذية الغليظة، والألبان، والحبوب، مثل الباقلا ونحوها. وليس في بوله من الخطر بحسب ما يروع القلب بخروجه، و يذعره.

وأما بول القيح، وبول الدم المخالط للقيح، فقد يكون لانفجار دبيلات في الأعضاء العالية من الرئة، والصدر، والكبد كما علمت كلاً في موضعه، أو لورم انفجر في أعضاء البول، أو لقروح فيها ذات حكّة، وغير ذات حكة. وأما الأبوال الغليظة، فتبال إما بسبب تنقية، وبُحران، ودفع يتبعه خف، وقد تكون لكثرة أخلاط غليظة لضعف هضم. وأما الأبوال الدسمة السلسلة الخروج، قتدل على ذوبان الشحم، ويجب أن نرجع في باقي التفصيل إلى كلامنا في البول. قال أبقراط: إذا بال الدم بلا وجع، وكان يسيراً في أوقات، فليس به بأس، وأما إذا دام، فربما حدث حمى وبول قيح.

فصل في العلامات: ما كان من بول الدم الصرف للامتلاء، وللأسباب المقرونة به، فتدل عليه أسبابه، وعلامات أسبابه مما علمت. وما كان لانفتاح عرق، ولانفجاره، فيكون بلا وجع، ويكون نقياً عبيطاً، لكن دم الانفتاح يكون قليلاً قليلاً، ودم الانفجار، والانشقاق يكون كثيراً. ولا يكون في المثانة انفتاح، وانفجار يبال معه دم كثير، كما يكون في الكلية، فإن المثانة تأتيها المائية مصفاة. وأما دم الغذاء، فتأخذه في عروق صغار تأتي إليها لغذائها فقط، فليس فيها دم غزير.

والكلية يأتيها دم كثير من المائية، فتصفى عنها المائية، وتأتيها عروق كبار تمتاز منها دماً إلى أعضاء آخر، فيكون دمها أكثر من المحتاج إليه لها، فيكون كثيراً. وعروقها غير موثقة، ولا جيدة الوضع مستوية، وعروق المثانة-محفوظة غير معرضة للتصدع والتفجر بوضعها. ودم القروح يكون مع وجع ما.

وإان كان تأكل كان قليلاً قليلاً، وإلى السواد، وربما كان معه مدة وقيح، ويتحْلل ذلك خروج دم نقي، كما علمت من علامات القروح، وعلامات ما يخرج منها.
وأما الذوباني، فيدل عليه الذوبان، وأن يكون ما يبال من الدم الرقيق كالمحترق، وكأنه نش من كباب.

وأما الذي لرقة الدم في البدن، فيدل عليه إنما يخرج من الفصد يكون رقيقاً جداً، ولا يصاب علامة آخرى، وأما موضع المدة والدم، فيعرف بالوجع إن كان وجع، ويعرف بعلامات أمراض كانت، وأنها في أي الأعضاء كانت كعلامات ورم ودبيلة، أو قرحة، أو امتلاء، ويعرف من طريق ا ختلاط، فإنه كلما كان أرفع، كان أشدّ اختلاطاً بالبول، وكلما كان أسفل، كان أشدّ تبرأ منه، والذي لا يكون لأسباب قريبة من الإحليل، فيتقدّم البول، والبعيد من الإحليل ربما تآخر عن البول، أو خالطه اختلاطا شديداً.

وأما الغسالي الدال على ضعف كلية أو كبد، فالكلي منه أشد بياضاً وإلى غلظ، والكبدي أضرب إلى الحمرة وأرق، وأشبه بالدم. ويدل على الورمي من ذلك، ومن بول المدة علامات الورم المعروفة بحسب كل عضو، وملازمة الحمى، وما كان قيحاً، يخرج عن الورم المنفجر، فهو كثير دفعه، ولا يؤدي إلى سحج، وتقريح، وضرر. وما كان من قروح فهو قليل وبتفاريق، وربما أفسد ممره وقيحه، وما كان من هذه الاندفاعات، بحرانياً، كان معه خفة وقوة، وكان دفعة، والذي يكون بسبب الامتلاء، أو بسبب ترك رياضة، أو قطع عضو، فقد يكون له أدوار.

فصل في المعالجات: أما الكائن عن امتلاء وما ذكر معه، فقد علمت علاجاته في الأصول الكلية وبعدها.، وأم الكائن عن القروح، فقد تعلم أن علاجها علاج القروح والتأكل، وقد بينا جميع ذلك في موضعه. وعلاج ضعف الهضم في الكلية والكبد والذوبان ورقة الأخلاط كله كما علمت. وتعلم أن البُحراني والذي على سبيل النقص لا يجب حبسه، فإذا احتيج إلى فصد، فالصافن أنفع من الباسليق، وليلطف الغذاء بعد الفصد، ولا يتعرض للقوابض مثل السماقية حتى تدل القارورة على النقاء، فإن القوابض تجمد العلق، وتضيّق المسالك فربما ارتدت المائية إلى خلف، وفيه خطر وكذلك الحامضات.

وأما البول الشعري، فيحتاج أن تستعمل فيه الملطفة المقطّعة من المدرات، والأدوية الحصوية، وأن يكون الغذاء مرطباً ترطيباً غريزياً، والذي يجب أن نذكر علاجه الأن، علاج بول الدم الصرف الذي يسبب تفرق الإتصال في العروق.

والعلاجات المشتركة بين ما كان بسبب الكلية والمثانة، فهو التبريد والتقبيض بالأدوية التي ذكرنا أكثرها في باب نزف دم الحيض، مع مدرات لينفذ الدواء، وأن يتقدم بجذب الدم إلى الخلاف بالمحاجم، والفصد الدقيق القليل من الباسليق، ويناول أغذية تغلظ الدم، وتبرده، والسكون، والراحة، وشد الأعضاء الطرفية، ويجب أن يهجر الجماع أصلاً، ويجب أن يستعمل الأبزنات المطبوخ فيها القوابض من العدس المقشر، ومن قشور الرمان، والسفرجل، والكمّثري، والعفص، وعصا الراعي، ونحو ذلك.

ومن الأ وية القوية في حبسه: الحسك، ونشارة خشب النبق، وأصل القنطوريون الجليل، وحب الفاونيا. ومن الأطلية حيث كان أصل العوسج، والخرنوب النبطي، خرنوب الشوك، والسماق، وأصل الأجاص البري، وقشور الرمان، يتخذ منه طلاء بماء الريباس، أو الحصرم، أو عصارة الورد. وحي العالم وحده طلاء جيد، خصوصاً أصله مع كثيراء، وشيء من العصارات القابضة.

ومن اللطوخات للظهر، والعانة مروّخ بهذه الصفة، ونسخته: يؤخذْ مرّ، وزاج، وعفص، وقرطاس محرق، وأقاقيا، ومن المشروبات: قرص الجلنار بدم الأخوين.

ومن القوية، ويحتاج إليه في البول الدموي الكائن من المثانة قرص بهذه الصفة، وهو مجرب، ونسخنه: يؤخذ الشب اليماني، والجلنار، ودم الأخوين من كل واحد درهم، ومن الكثيراء درهمان، صمغ نصف درهم، يسقى في شراب عفص حلو، أو في عصارة الحمقاء، ومما دون ذلك.

وأسلم دواء بهذه الصفة، ونسخته: يؤخذ من الكثيراء، أو من بزر الخشخاش، والطين المختوم، وعصارة لحية التيس، وصمغ الإجاص الآسود، والكهرباء أجزاء سواء، والشربة إلى وزن درهمين، أو إلى ثلاثة دراهم بحسب ما ترى. وأيضاً أصل حي العالم، والكهرباء من كل واحد جزء، ساذج نصف جزء، شب سدس جزء، طين أرمني جزء ونصف، الشربة إلى مثقال ونصف في بعض العصارات القابضة.

وربما جعل فيها مخدرات مثل هذه النسخة: يؤخذ زعفران، حب الحرمل، حب الخبازي البري، أفيون، من كل واحد درهمان، لوز منقّى ثلاثة ونصف عدداً، والشربة منه مثل جلوزة. وأيضاً يؤخذ قشور أصل اليبروح المشوي، والأنيسون المشوي، وحبّ الكرفس المشوي، من كل واحد ثلاثة دراهم، خشخاش أسود إثنا عشر درهماً، يعجن بطلاء الشربة منه وزن درهم. وأيضاً: يؤخذ سفوف من قرن الأيل المحرق، والكثيراء، أجزاء سواء، ويستف برب الآس، فإنه نافع جداَ.

فصل في صفة دواء مدحه القدماء: يؤخذ من بزر المغاث منقى ثلاثون حبة عدداً، وبزر القثاء مثقال، وحب الصنوبر إثنا عشر عدداً، لوز مر مقشر تسعة عدداً، بزر الخبازي ثلاثة دراهم، الشربة منه درخمي على الريق.

وأما الذي يختصّ بالمثانة، فأن تجعل الأدوية المشروبة أقوى، والمدرات فيها أقوى أيضاً. ومما ينتفع به أيضاَ أن يضمّد بإسفنجة مغموسة في الخل توضع في جميع جوانبها، وفي الحالبين وغير ذلك، وأن يستعمل الأدوية فيها مزرقة بعصارات مثل عصارة لسان الحمل، وعصارة البطباط، وعصارة بقلة الحمقاء.

ومن الأدوية: قرص الشبّ، والكثيراء المذكور، وقرص المخدراتّ المذكور، وقرن الأيل والكهرباء، والشاذنج، والصمغ، والعفص، وعصارة لحية التيس، وشيء من الشب، والرصاص المحرق المغسول، وقوة من المخدرات الأفيونية، والبنجية.

ومن تدبر حبس سيلان دم المثانة، وضع المحاجم على الخواصر والأوراك والعانة، فإن ذلك يحبس الدم ثم يدبر بتدبير بتدبير العلق على ما قيل. ومن الأغذية: خبز مثرود في الدوغ، والرمانية، والسماقية. وإن كانت القوة ضعيفة، قويت مرق القوابض باللحمم المدقوق، وأطعمت الآسفيذباجات من القباج، والطياهج، والشفانين محمضة بماء الحصرم، وحب الرمان، واللبن المطبوخ، ونحو ذلك. وإن لم يكن بد من شراب لسقوط قوة أو شد شهوة، فالعفص الغليظ الآسود. وإذا برىء من يبو ل دماً أو مدة، فليشرب الممزوج ليجلو ويدر ولا يحبس البول البتة، فيعاود العلة.