الكتاب الرابع: الأمراض التي لا تختص بعضو بعينه - الفن الخامس: الجبر

الفن الخامس

الجبر

يشتمل على ثلاث مقالات:

المقالة الأولى
الخلع

ما يتعلق بذلك: فصل في كلام كلّي في الخلع: الخلع هو خروج العظم عن موضعه ووضعه الذي له بالطبع عندما يجاوره خروجاً تاماً، فإن لم يخرج تاماَ سمّي زوال المفصل إلى جهة غائصة أو بارزة يعرف بالجس، ويكون زوالاً غير تام، وقوم يسمّونه الوثي، وإذا كان أذى لم يحرك العظم، لكنه رض ما يحيط به فهو الوهن، وليس من الوثي: وربما عرض للمفصل أمر ثالث وهو أن يطول ويزيد على طوله الطبيعي، ولما يبلغ بعد الانخلاع إلا أنه يصير سهل الإنخلاع، وكثيراً ما يعرض ذلك في العضد والفخذ، ومن الناس من هو مستعد جداً للخلع في مفاصله، لأن نقر عظام مفاصله غير عميقة والقلم التي يدخلها غير مداخلة، والربط التي ينظم بينها غير وثيقة، بل ضعيفة في الخلقة رقيقة أو رطبة قابلة للتمدد، أو قد انصب إليها رطوبات لزجة مرلقة، أو انكسرت حروف حفائر العظام المدخول فيها من عظام المفاصل فصارت النقر جمماً مثلة لا حواجز عليها. فمن المفاصل مفاصل سهلة الإنخلاع، ومنها مفاصل صعبة الإنخلاع، ومنها متوسطة. فالسهلة مثل مفصل الركبة لسلاسة رباطه، فإنه خلق سلس الرباط لمنافع معلومة في التشريح، فصار لذلك سهل الإنخلاع، وبسبب ذلك ارتد بالفلكة، وكان أيضاً سهل الارتداد إلى السلامة، فإن سهولة الارتداد على قمر سهولة الإنخلاع، وصعوبته على قمر صعوبته. ومفصل المنكب قريب منه في المهاريل دون السمان. وأما الصعبة الإنخلاع فمثل مفاصل الأصابع، فإنها تكاد لا تنخلع بل تنكسر قبل أن تنخلع، ومثل مفصل المرفق، ولذلك ردها صعب. وأما المتوسط فمثل مفصل الورك، وقد يعرض أن يسهل انخلاع ما ليس يسهل الإنخلاع بسبب من الأسباب، فيصير أيضاً سهل الإرتداد كما يعرض أن يصير حِق الورك ممتلئاً رطوبة، فيسهل انخلاعه، ومع ذلك يسهل ارتداده كما يعرض لصاحب عرق النسا، فيكون كل ساعة ينخلع وركه ويرتد بأدنى سعي، ثم ينخلع، ثم يرتد، وهذا هو المحتاج إلى الكي لا غير.

وأصعب الخلع ما ينقطع معه رؤوس شظايا العقب الذي يلزق عظماً بعظم، وقلما يرجع إلى حالته الطبيعية، وأكثر ذلك في رأس الورك، ثم في رأس العضد، وفي زندي القدمين عند الكعبين، والخلع أقبح من الكسر إذا لم يرتد الخلع ولم يتجبر الكسر.

فصل في علامات الخلع الكلية يحدث في المفصل انخفاض وغؤر غير معهود، مثل ما يعرض عروضاً ظاهراً في خلع عظم الكتف، وفي خلع مفصل الرجل، وأظهر ذلك في مفصل العنق، والمقايسة مما يخرج ذلك آخراجاً صحيحاً، وهو أن تعتبر العليلة بأختها الصحيحة من ذلك المريض نفسه لا من غيره، وإذا رأيت المفصل لا يتحرك فاحكم بأن الخلع أتم خلع، كما أنه تحرك حركته إلى جميع جهاته، وبلغ إلى جميع مبالغه فليس به علة متعلقة بالزوال.

فصل في علامات الميل هو أن ترى تقعيراً مع نتوء من جانب آخر، أو يفقد في الحس نتوءاً كان محسوساً للداخل في ميله مع أن بعض الحركة ممكن.

فصل في علامات زيادة طول المفصل من غير خلع علامتها أن يكون كالمتعلق، فإذا أدغمته ارتد إلى حده الطبيعي من غير تكلف، فإن تركته عاد إلى القد العرضي، وحدث غؤر بما يدخل فيه الإصبع حيث لا يكون اللحم شديد الكثرة مثل المنكب.

فصل في علاج الميل والخلع لا يخلو إما أن يقع الخلع إلى الطبيب مفرداً، وإما مركباً مع مرض آخر من قرح وجراحة وورم وغير ذلك، فإن كان مع غيره فيجب أن ينظر، فإن كان الخلع مما يرتد بمد خفيف لا يوجع القرحة وجعاً شديداً يؤدي إلى ورم غير محتمل، رد الخلع، وإن كان الأمر بالخلاف فيجب أن يعالج أولاً القرحة أو الجراحة، ثم يعالج الخلع وخصوصاً في المفاصل الكييرة، فإنا إن أردنا أن نعالج الخلع فربما تأدى ذلك إلى تشنج عظيم في أكثر الأمر، وخصوصاً إذا كان الخلع في أعضاء قريبة من الأعضاء الرئيسة، وكذلك الحال في الأورام، وبناء التدبير فيه على أنا نجرب، فإن كان الأمر سهلاً أو ليس يهيج منه وجع ولا يعسر معه رد جبرنا الخلع، ولم نبال، وإن حدث وجع فيجب أن لا نتعرض، وإن كنا فعلنا فواجب أن نبطل الربط إن كان موجعاً، وإن دخل بسهولة عالجنا الورم أيضاً والقرحة.وإن كان كسر وخلع معاً، وكان المد في جهة واحدة يمكن من تدبير الأمرين فعل، وحكى عالم أنه قد وقعت صخرة على طرف منكب رجل، فخرقت الجلد واللحم حتى ظهر طرف العضد عارياً، وقد انخلع من تحته رأس الترقوة، وأن بعض جهال المجبرين اشتغل بتسوية العظم، ورد عليه اللحم والجلد، وضمد، وشد، فعرض أن أنتن اللحم وأفسد لمجاورته العظم حتى اخضر، وما علم أن مثل ذلك اللحم كان ينبغي أن يقطع ويكوى الموضع بالزيت الغالي، وكذلك إن كانَ هناك ورم عظيم، فيجب أن يعالج الورم أولاً.

وأما الخلع المفرد الساذج فالتدبير في إصلاحه أن يمد إلى خلاف الناحية التي زال عنها، حتى يحادي طرف العظم طرف العظم الآخر، ثم يرد إلى الموضع الذي خرج منه فيرتد، وكثيراً ما يدل على ذلك صوت يسمع، ثم يربط، وفي الرباط أمان من الورم أو معين على أن لا يرم، والحاجة إلى منع الورم العنيف أكثر، فإنه لا يجوز أن يعاد الخلع في الترقوة، وأي عضو كان إلا بعد علاج الورم، وتسكينه ويكره أن يلاقي العضو خرق جافة، فإنها تسخن وتثير الورم، بل يجب أن تكون مبلولة بقيروطي مبرد أو بشراب عفص؛ على أن "بقراط، يوصي بأن يؤخر المد والرد إلى اليوم الثالث والرابع إلا في أشياء مستثناة، والمد أيضاً لا بد له من مثل ذلك، ثم يربط، واذا صار العضو ينخلع في كل حركة، وكلما رد انخلع فذلك باسترخاء ورطوبة فلا بد من كي، وإذا بقي بعد الرد للخلع أو للزوال صلابة كالورم استعملت الأضمدة والنطولات الملينة، وأما في الابتداء فيحتاج إلى أضمدة ونطولات مقوية، وبالعسل بماء بارد في الصيف، ويجب أن تكون التغذية في المخلوعين بما يقوي، وذلك هو الذي يقوي المفص وربطه على الثبات الواجب.

فصل في علاج طول المفاصل يجب أن يرد العظم المسترخي إلى داخل مستقره الذي استرخى عنه، ويضمد بالأدوية التي فيها قوة قابضة مخلوطة بما له قوّة مسخنة، مثل أن يخلط العفص والجلنار والأقاقيا ونحو ذلك، بمثل شيء من الجندبيدستر والقسط والأشنة، وأيضأ يقتصر على مثل جوز السرو والأبهل وسائر ما يقع في ضماد الفتق، ثم يشد.

فصل في خلع الفك قد يعرض للفك الأسفل أن ينخلع عن رقبته، فيبقى الفم مفتوحاً، وإن كان ذلك ممايقل ولا يقع وقوعاَ تاماً، وإذا انخلع مال إلى قدام خلاف ما يقع عند الاسترخاء الذي ربما عرض له عند التثاؤب، ويكون ضم أحدهما إلى الآخر عسراً على أنه لا يعدم حركة بعضلاته التي تجيء من خلف، وقد يقع الخلع من جانب واحد فتكون حينئذ الهيئة تدل عليه، إذ يكون ميل الفك إلى قدام مع توريب، والعلاج واحد وهو من جملة ما يجب أن يبادر إلى رده، وإلا أدى إلى أمراض وآفات وصعب مع ذلك رده، فإن أسهل رده أسرعه فإن دوفع صلب، وورم ومدد العضلات، وهيّج حميّات لازمة وصداعاً مقيماً لما يصحبه من شدة تمدّد العضل، وربما صعب الأمر حتى يقتل في العاشر، وقد يعرض أن ينطلق له البطن فضولاً مربة كثيرة صرفة، ويتقيئون بمثله، فلذلك يجب أن يبادر إلى العلاج ووجه تدبيره أن يمسك واحد رأسه، ثم يدخل المجبر إبهامه في الفم، ويلزم العليل إرخاء فكه من كل جهة، فإن هناك عضلاً قد تتعرض لشده وإن انخلع، ثه تحرك الفك يمنة ويسرة، ثم يمدده دفعة، ثم يرده وإنما يدخل إلى ما فارقه من خلف، فيجب أن يمده بحيث يسويه على تلك النصبة، وعلامة استوائه استواء الرباعيات وانطباق الفم، ثم يرفد برفادة وقيروطي شمع ودهن الورد، ثم يتركه فيبرأ في أسرع ما يكون. فأما إن كان لم يبادر وقد حدثت صلابة، فيجب حينئذ أن يبدأ بتليين الصلابة بالنطولات بالماء الحار وبالدهن في الحمام تنطيلاً كثيراً حتى تلين، ثم يجلس المجبر خلف العليل، ويجذب فكه إلى خلف حتى يتهندم ويشدّ، وبعد ذلك فيجب أن يستلقي العليل على وسادة لينة الحشو جداً، ويلزم واحد رأسه لئلا يتحرّك إلى أن تتم العافية.

فصل في خلع الترقوة قال إن الترقوة لا تنفك من الجانب الداخل لأنها متصلة بالصدر غير منفصلة منه، ولهذا لا يتحرك من هذا الجانب، وإن ضربت من خارج ضربة شديحة، وتبرأت، فإنها تسوّى وتعالج بالعلاج الذي تعالج به إن انكسرت. وأما طرفها الذي يلي المنكب وينفصل منه فليس ينخلع كثيراً، لأن العضلة التي لها رأسان يمنعها من ذلك، ويمنعه أيضاً رأس الكتف، وليس تتحرّك أيضاً الترقوة حركة شديدة لأنها إنما صيّرت لتفرق الصدر، وتبسطه، ولهذا صارت الترقوة للإنسان وحده من بين سائر الحيوان، وإن عرض لها الخلع من صدم أو من شيء آخر مثل هذا فإنه يسوّى، ويدخل إلى موضعها باليد، وأما بالرفائد الكثيرة التي توضع عليها مع الرباط الذي ينبغي.

ويصلح هذا العلاج لطرف المنكب أيضاً إذا زال ويردّ به إلى موضعه، والذي يربط به الترقوة بالمنكب هو عظم غضروفي، وهو يغلط به في المهازيل، وإذا زال ظن الذي ليست له تجربة أن رأس العضد قد انفك، وخرج من موضعه، فإن رأس الكتف يرى حينئذ أحد، ويرى الموضع الذي انتقل منه مقعراً، لكن ينبغي أن يميز بالأدلة القاطعة، ومن علامته أن لا تنضم اليد إلى الرأس ولذلك المنكب.

فصل في خلع المنكب قد ينخلع المنكب، وأما الكتف فقد يشك في انخلاعه، ويستعظم أن ينخلع، لكنه قد يعرض لمفصل المنكب من العضد أن ينخلع بسهولة، لأن نقرته غير عميقة، ورباطاته غير وثيقة بل سلسة رقيقة، جعلت كذلك لتسهل الحركات، وانخلاعه ليس يقع فيما نعلم إلا على جهة واحدة خروجاً ظاهراً كثيراً، فإنه لا ينخلع إلى فوق لأن نتوء المنكب يمنعه، ولا إلى خلف لأن الكتف يمنعه، ولا إلى ناحية البطن فإن العضل ذات الرأسين من قدام تمنعه مع منع رأس المنكب، لكن إنما ينخلع إلى الجانب الأنسي أو الوحشي، فيزول إليه زوالاً يسيراً، وأما إلى جانب الأسفل فقد يخرج خروجاً كثيراً وخصوصاً في القضاف المهازيل، فإن هؤلاء يقع فيهم انخلاع العضد وارتداده بأهون سبب، ويكون الأمران في السمان صعبين جداً، وإذا عرض للعضد انقلاع في وقت الولادة المتعسرة كما تعلم، أو عند الشق عن الجنين، ثم لم يرد سريعاً لأنه لا ينتأ بعد ذلك طولاً، ويبقى المرفق رقيقاً وإن أصلح، وقد لا يعبل أيضاً في بعضهم، لكنه يكون على كل حال قصيراً يشبه قاعة ابن عرس، وأما الفخذ فلا يخلو من النقصانين جميعاً، وإذا عرض للعضد كسر في عرضه، ثم جبر فإنه لا يمكن رد خلعه إلا وينكسر الجبر بتة.

فصل في علامة خلع العضد علامته أن يرى تجويفاً عند رأس المنكب وتطامناً، على أن هذا لا يخص ذلك، بل يكون أيضاً بسبب انقلاب رأس الكتف، ويرى طرف المنكب الآخر أحد من هذا الطرف إن لم يكن عرض له أيضاً زوال في نفسه أو في العظم الذي هو رأسه بصدمة أو غيرها وقد سكن بالعلاج أذاه فيظن أنه لا بأس به، وترى لرأس العضد المنخلع كرياً في جهته تحت الإبط، وترى العضد ليس جيد الالتصاق بالجنب جودة التصاق اليد الصحيحة، لا يدنو إليها إلا بعنف ووجع شديد، وإن حاول أن يرفع يده إلى فوق ويمس أذنه لم يتهيأ له، وتعذرت عليه الحركات الأخرى، وهذه العلامات أيضاً قد تقع لوثي أو ورم أو صك.

فصل في المعالجات أما علاج ما هو أسهل من ذلك، وفي أبدان الصبيان، وليني الأبدان فبأن يمد بيد ويدخل تحت الإبط عند قرب رأس العضد إلى أسفل، بل يلزم ذلك القرب، ويدفعه إلى فوق، واليد الأخرى تمد العضد إلى أسفل، وربما أمكن في الأطفال أن يسوى رأس العضد بإصبع وسطي، وتمد بتلك اليد بعينها وأما ما هو أشد انخلاعاً في أبدان قوية، فأخف وجوه في ذلك أن يدخل المجبر رجله في جانب العليل، ويمكن عقبه من قرب رأس العضد أو من كرة يابسة، أو مدهونة، إن كان ورم يلزم قرب رأس العضد والعليل مستلق ويجذب اليد بيديه على الاستقامة، كأنه يريد قلعها من الكتف، ويميل بيده يسيراً إلى داخل فيدخل، وهذا أصلب الوجوه كلها وأخفها.

وأيضاً يطلب رجلاً قوياً طويلاً أطول من العليل، فيدخل منكبه تحت إبط العليل، ويقله عن الأرض معلقاً عن منكبه، وقد مد يده إلى إبطه، فإن كان العليل خفيف الوزن لا يثقل بدنه على يده علق معه ما يرجحه، وربما جعل بدل الرجل عموداً قام على الأرض وعلى رأسه كرة من خرق، وجلود تقوم في العمل مقام منكب الرجل، ويكون المجبر يمد اليد من الجانب الآخر، ويرجح الرجل إن احتيج إليه بنقل، أو بمتعلق به.

وإذا تصعب وتعسر أو طالت المدة فربما احتيج إلى ما هو أقوى بعد التنطيلات والاستحمامات، وقد تتخذ آلة مثل هرواة، وهي عصا قصيرة طولها بقدر طول العضد أو أكثر أو أكثر أو أقل، على رأسها كرة، وأسهله أن يكون من خرق وجلود، يدفع بتلك العصا تلك الكرة تحت الإبط، ويجب إذا أريد أن يعمل ذلك أن يلزم رجل قوي الهراوة الإبط دافعاً إياه بها إلى فوق منكبه الآخر لئلا ينهض، إذا دفع ذلك المنكب، ويكون المجبر قد أخذ اليد يمدها ويجرها كأنه من عزمه أن يثنيها من الكتف قلعاً، ويكون إلى داخل قليلاً، وإذا فعل ذلك وقع العضد في مفصله، ثم يلصق الكرة بالإبط إلصاقاً قوياً معتمداً إلى فوق رأس العضد، ويجب أن يكون اعتماد الخشبة والكرة على ما يلي رأس العضد دون ما تحته لئلا ينكسر العضد، فلا يمكن بعد جبره أن يعاد إلى موضعه لما علمت.

وقد يعالج بالسلم بأن يجعل رأس العضد على عتبة السلم، وقد لينت وهينت باللفائف على هيئة توافقه، ويعلق الرجل من الجانب الآخر، ويمدّ اليد فيدخل رأس العضد في موضعه، ولكن يجب أن يكون التعليق والعتبة من السلم بقرب رأس العضد لئلا ينكسر، وربما جعل بدل العتبة والكبة الكرية رسن، يمكن من ذلك الموضع بعينه، ولا ينزل عنه إلى موضع آخر فيخاف من ذلك انكسار العضد.

وقد يعالج بوجوه أخرى مشتقة من هذه الوجوه، وأفضل الوجوه هو الوجه الأول، فإذا ردّ الخلع إلى موضعه فمن جيد رباطه أن يربط الكرة مع المنكب ربطاً بعصائب عريضة تمنع زوال ما ورد، ويجب أن ينفذ العصب بعينه، أو عصب آخر عليه على التصليب إلى المنكب الآخر، وقد وقع تصليبه على المنكب العليل، ثم يربط العضد مع الجنب إلى أسفل، ويربط المرفق وطرف اليد إلى فوق من ناحية العنق، ولا يحل إلى السابع أو بعده ويغذوه كما تعلم، فإن لجّ في الانخلاع كلما أعيد فلا بد من الكي، وأنت تعلم طريق ذلك.

فصل في انخلاع الكتف في نفسه قد ورد ذكر ذلك وهو مما ليس يتفق وقوعه، ويتعجّب منه مثل "أبقراط" و "جالينوس" في هذه الواقعة.

فصل في انخلاع العظم الصغير عند المنكب قد يعرض العظم الصغير الذي هو على رأس المنكب، أن يزول عن وضعه فيحدث أيضاً تقعيركما في الخلع.

فصل في العلاج لا يجب أن يمدّ مد الكسور لكن يضغط، ويشد بالأصابع، ويمال إلى مكانه، ويشد كما تشدّ الترقوة بالرفائد فإن نفس الربط أيضاَ بما رده إلى موضعه قسراً ولا يبالي بما يكون من شدة ذلك الربط وحفظه كما يبالي به في الترقوة لتعلم ذلك.
فصل في خلع المرفق هذا العضو يعسر خلعه ويعسر رده لشدة الرباطات المحيطة به، وقصرها ولمعارضته النقرة، وقد يعرض له زوال قليلاً ويعرض له انخلاع تام في بعض الأوقات، وإذا انخلع دل على انخلاعه بجذب في جانب، وتقصُع في جانب، وشرّه ما انخلع إلى خلف، فإنه عاص للجبر جدأ، وأكثر الخلع إنما يعرض في الزند الأسفل، وهو أسمج وأقبح لما يعرض له من التردد. وأما الزند الأعلى فقلما يعرض له، ولا يكون بسماجة خلع الأسفل لأنه أشدّ اتصالاً بالكتف، وأبعد من أن يتحرك، ولا يمكن أن ينخلع أحد الزندين إلا أن يتباعد عن الثاني جداً.

فصل في العلاج ويجب أن تبادر إلى علاجه، فانه يسرع إليه الورم الحار المانع عن العلاج، فإن مد للتسوية حينئذ أدى إلى العطب وعلى أنه لا يمكن أيضاً أن يسوى، وهناك ورم. والزوال اليسير يتلافاه أدنى غمر بأصل الكف يرده إلى موضعه.

وأما الخلع التام فإن كان إلى قدّام فله تدبير، وإن كان إلى خلف فله تدبير آخر، والذي إلى قدام فإنه يرد إلى مكانه بضرب كفه انمنكب الذي يحاذيه ضربات، وقد هيأ اليد كما ينبغي، ويعين باليد الأخرى، فيدخل. وأما الخلع إلى خلف فانه يجب أن يمد مداً شديداً، ثم يضربه إلى خلف، فإن لم يجب بذلك ضبط العضد والساعد عدة أقوياء، ويلطخ المجبّر يده بالدهن، ويأخذ في مسح المرفق بشدة حتى يدخل، ثم يجب أن تشدّه وتجعل للساعد علاقة تترك المرفق مروى، وبقدر ما يحتمله في أول الوقت، ثم لا تزال تضيق العلاقة قليلاً قليلاً حتى تضيق الزاوية.

فصل في خلع مفصل الرسغ إن مفصل الرسغ سهل ردّ الخلع صعب الالتزام، فإنه إذا مدّ مداً يسيراً وحوذي أحد العضوين بالآخر عاد؟ لكن إلقامه صعب، لأن ما يحيط به من الأجساد يتورّم، ويمنع جودة الالتئام، ووجه مدة أن يمد رجل الزند إلى خلف، ويمد المجبّر الكف إلى خلاف تلك الجهة بل إلى قدّام، ويمدّ إصبعاً إصبعاً يبتدىء من الأبهام، ويستمر إلى الخنصر فإنه يستوي بذلك ويرتدّ، ثم يضمّد ويشدّ.
فصل في خلع الأصابع وعلامته إذا انخلعت الأصابع مالت إلى الباطن، فأظهرت هناك نتوءاً في الباطن، وأظهرت تقعيراً في الظاهر، وكذلك عظام الرسغ.

فصل في العلاج إن ردّ الأصابع عن انخلاعها فيه عسر ما، ولا ينبغي أن يمد مدّاً مستوياً، بل يجب أن تقبض عليها، وتشيل السبابة من يدك التي يقع تحتها أصلها عندما تقبض عليه إلى فوق، كأنك تقلعها من أماكنها فترى المنخلع قد دخل وصوت.

فصل في انفكاك عظام الرسغ يجب أن يفعل بها الممكن من التسوية، ودفع كل ميل ونتوء إلى ضدّ جهته، ووضع الجبارة وشدّها عليها، ولتترك عليها، وليجعل بدلها عليها الأسرب المسوى الحافظ للوضع بثقله، ولكن يجب قبل أن توضع عليها الجبارة أو الأسرب اْن يضمد بضمّاد مقوٍ مما تعلم ولا يحرك.

فصل في انخلاع الخرز وزوالها الفقار إذا انخلع الخلع التام قتل لا محالة، والغير التام أيضاً إذا زال زوالاً كثيراً، وإن كان عون التمام فهو ملك لأنه لا محالة، يضغط النخاع ضغطاً قوياً إن سامح ولم يهتك، فإن كانت الفقرة الأولى من العنق وما يليها عدم الحيوان النفس ومات في الحال، لأن عصب النفس ينضغط فلا يفعل فعله، وإن كان من فقر الصلب وانخلع إلى البطن لم يمكن أن يعالج، وهو مما يقتل سريعاً، وإن أمهل ولم يكن بحيث يمنع التنفس حبس الغائط والبول فقتل. وإن أمهل فلم يضغط النخاع ضغطاً شديداً أو ضغط، فلم يرم أو سكن ما به من ورم لم يكن بد من آفة تدخل النخاع، والعصب التي تحت ذلك الموضع، فيجعل الفضول تخرج بغير إرادة، وإن كان إلى خلف فيكون ضرره بالنخاع أقلّ، ولكن لا بدّ من ضرر، أيضاً، ومن إضعاف العصب التي تحته فتضعف الرجل، ويضعف عضل المثانة، والمقعدة، ويحتاج إلى قوة قوية ودفع شديد وصكة هائلة يكاد تكسر سناسنه حتى يعود إلى موضعه، وقبل أن يعود إلى موضعه يكون قد انكسر بذلك سناسنه وقد ينخلع إلى الجانبين، وهذا باب قد تكملنا في أقسامه حيث تكملنا في الحدب، فليستوف من هناك وعلامة ذلك أن يرى هناك إما نتوء وإما تقصّع، كأنما انكسرت السنسنة، ولييس في انكسارها كبير بأس وفي انخلاع الفقار خوف الهلاك.

فصل في العلاج أما الذي إلى قدّام من الظهر فالرجاء فيه قليل، قلما يفلح في علاجه، وأما الذي إلى خلف فيحتاج أن يضغط، بالركبتين والقوة كفعل الحمَامي، ويحمل عليه بقوة أو ينومه على بطنه، ويقوم عليه بعقبه، أو يدعكه بالجوبق بقوة دعك الخباز الفرزدقة، فإن كان الأمر أشدّ من ذلك، وكان حديثاً، قال "بقراط": ينبغي أن تتخذ خشبة طولها وعرضها قيد ما يسع العليل، أو يتخذ دكان على هذا القمر قريباً من حائط ممدود إلى جانب الحائط بَالطول، ولا يكون بعده من الحائط أكثر من قدم، ويلقى عليه فراش وطيء لجسد العليل، ثم يحمم العليل ويبسط على الخشبة أو على الدكان على وجهه، ثم يلف على صدر العليل قماط مرتين، ويخرج أطرافه من تحت الإبطين، ويربط فيما بين كتفيه، ويربط أطراف القماط إلى خشبة مستطيلة شبيهة بدستجة الهاون، وتقام هذه الخشبة على الأرض قائماً عند طرف الخشبة الموضوعة، أو الدكان وتدفع إلى خادم واقف عند رأس العليل ليضبطها، لكيما يكون الطرف السفلي مستنداً إلى شيء، ويمد الفوقاني الذي عند الرأس في الوقت الذي ينبغي أن يكون ذلك المد، وتربط أيضاً الرجلان جميعاً بقماط آخر فوق الركب وفوق الكتفين، وأيضاً تربط المواضع التي هي أرفع من الموضع الذي تجتمع فيه الفخذان برباط آخر، وتجمع أطراف هذه الرباطات، وتربط إلى خشبة أخرى تشبه الدستج، مثل الخشبة التي تقدّم ذكرها، وتقيمها عند طرف الخشبة الموضوعة التي تلي رجل العليل، مثل ما أقمنا الخشبة الأولى، ثم تأمر الأعوان أن يمدّوا بهذه الخشبة من أعلى الخلاف.

ومن الناس من استعمل لهذا المد آلات، وهي سهام على خشبة قائمة عند طرفي هذه الخشبة العظيمة، أو الدكان أعني الطرفين اللذين يليان الرأس والرجلين، فإذا دارت هذه السهام تلتف بها الرباطات التي تمد، وينبغي إذا صار المدّ هكذا أن ندفع نحن الحدبة بأصل الكفين، وإن احتجنا إلى الجلوس عليها فعلنا ذلك، ولم نتخوف شيئاً.

فإن لم يستو الفقار بهذه الأشياء، وكان العليل محتملاً للضغط، فينبغي أن تحتفر حفرة في الحائط الذي بالقرب بالطول، شبيهاً بميزاب قبالة الحدبة بقدر ما يكون طول الحفرة قدر ذراع، ولا يكون أرفع من فقار العليل، ولا أسفل منها كثيراً، بل ينبغي أن تكون الحفرة قد عملت أولاً، وإنما لهذه العلة قلنا في الابتداء أن تكون الخشبة موضوعة قريباً من الحائط، ثم نأخذ لوحاً معتدل القدر وتصير أحد طرفيه في الحفرة التي في الحائط، ونضع وسطه أو الموضع الذي يحرك منه على الحدبة، ثم ندفع طرفه الآخر إلى أسفل، حتى نرى أن الفقار قد استوى استواء بيناً.

وقد ذكر "بقراط" أن المد وحده من غير اللوح يصلح هذا الشيء، وقال أيضاً أن الكبس باللوح وحده يفعل ذلك، فإن كان ذلك حقاً فليس بمنكر أن يستعمل المدّ الذي ذكرنا في ابتداء النوع الذي يسمى زوال الفقار إلى قدام من غير الكبس، وينبغي بعد التسوية أن نستعمل لوحاً من خشب عرضه قمر ثلاث أصابع، وطوله قدر ما يحتوي على الحدبة، وعلى بعض الخرز الصحيح، وتلف عليه خرقة كتان أو مشاقة لئلا يكون جاسياً، ويوضع على الخرز ويربط بالرباط الذي ينبغي، ويستعمل العليل الغذاء اللطيف.

فإن بقيت بعد ذلك بقية من الحدبة فينبغي استعمال العلاج الذي يكون بالأدوية التي ترخي وتلين، مع استعمال اللوح الذي وصفنا زماناً طويلاً. وقد استعمل بعد الناس صفيحة من رصاص، وإن انخلع أحد الجانبين سوّي بالجبارة أو بالجبارتين، وشدّ. وأما الكائن من ذلك في العنق إلى خلف وهو الذي يعالج، فيجب أن يستلقي العليل، ثم يمد رأسه إلى فوق مدًا برفق، ويسوى خرزه بالغمر والمسح، فإذا استوى وضع عليه ضماد مقوٍ وعُلِيَ بخرق، وشد عليه جبارة بقمر العنق وطوله، ثم يربط إلى الرأس والصدر بحيث لا يقع الرباط على الحلق، ويحل في عدة أيام، ويجعل الخيوط التي يشدّ بها على هيئة العصائب من حواشي الثوب فإن ما استدارآذى.

فصل في خلح العصعص العصعص إذا انخلع فقد تعلم ذلك بالجس، وأما عظم الخلع فتعلمه بالجس أيضاً، وبأن العليل لا يبسط الرجل لا في موضع الخلع ولا عند الركبة، بل تكون ثنية الركبة عليه أشق. وأما تدبير ذلك فإنك إذا أردت أن تسويه، فيجب أن تدخل الأصبع الوسطى في المقعدة، حتى تحاذي الموضع، ثم تغمر بها إلى فوق بقوة وتراعي بيدك الأخرى موضع العصعص حتى تسويه، ثم تضمده وتشده ويقلّل العليل الطعام ليقل البراز، ومع ذلك فيتناول ما يلين.

فصل في خلع الورك إنه قد يعرض للفخذ مثل ما يعرض للعضد من خلع إلى أسفل كالمسترخي، ولا يمكن إن انخلع القخذ أن تنبسط الرجل لا من قرب الخلع ولا عند الركبة، يل يكون ذلك في للركبة أصعب، وقد يكون خلعه إلى داخل وإلى خارج، لكن كثر انخلاعه إلى خارج، ويقل انخلاعه إلىداخل، وقد ينخلع أيضاً إلى قدام وإلى خلف، وبتلك الأسباب بأعيانها، وإذا وقع ذلك في حال الولاد والشق عن الجنين، تخلفت تلك الرجل قصيرة ذات ساق دقيقة، تعجزعن حمل البدن وتضعف ولا تقوى.

فصل في العلامات يعرض من خلع الورك إلى داخل أن ترى الرجل المخلوعة أطول من الأخرى، والركبة أنتأ، ولا يقدر أن يثني رجله عند الأربية، وترى الأربية منتفخة، وارمة، لأن رأس الورك قد اندسّ فيها، وإن انخلع إلى خارج قصرت الرجل، وظهر في الأربية عمق وعرض فيما يحاذيها من خلف نتوء وانتفاخ، وتكون الركبة كأنها منقعرة إلى داخل، وإن انخلع إلى قذام كانت الرجل أطول، وأمكن العليل أن يبسط ساقه، ولم يمكنه أن يثنيه إلا بألم ولم يتهيأ له المشي البتة، وإن تكلف مشياً انثنى على العقب، ويعرض له كسر من ذلك، وتتورم أربيته ويحتبس بوله، وإن انخلع إلى خلف قصرت رجله وتعذر عليه البسط، والقبض معاً إلا أنه ربما ثني الساق بإثناء الأربية ويظهر في أربيته استرخاء، ويكون رأس الفخذ إلى الأعفاج.

فصل في العلاج يجب أن يبادر إلى المعالجة، فإنه إن لم يردّ سريعاً فربما انصبّت إليه رطوبات، وتعفنت وأدت إلى فساد العضو كله، وتبع ذلك من الخطر ما تعلمه. فأما تدبير خلع الفخذ إلى أسفل، فهو أن يمد الرجل، ثم ترده بعد أن تحركه يمنة ويسرة حتى تحاذي به ما ترده إليه، ويؤخذ حزام أو نوار ويجعل كالركاب للرجل، ويشدّ على الساق، ثم يشد على الفخذ وعلى الردّ شداً يحفظه، ثم يعلق من المنكب تعليقاً لا يمكن الساق مع ذلك أن تمتدّ.

وأما إذا انخلع إلى داخل فيؤمر بأن يركع، ويضبطه إنسان قوي من جانب الحالب ويأخذ المجبر بيديه رأس الفخذ عند الركبة، ويجره إلى داخل بحيث يكون دافعاً للطرف الآخر، ويدفعه دفعاً إلى فوق وخارج، وإن أعانه آخر من الطرف الآخر بخلاف تحركه وقد مكن منه عصابة أو حبلاً كان جيداً، ثم يربط ربطاً.

وأما إذا انخلع إلى خارج، فيجب أن يتشبث المجبر بطرف الفخذ الذي عند الركبة، ويحركه بخلاف الحركة المذكورة، ويكون آخر قد تشبت من الطرف الآخر يحركه خلاف حركة الأول، وقد مكَن منه عصابة أو حبلاً.

وما كان من ذلك إلى قدام أو إلى خلف فليشدّ المجبر أصل الفخذ بقماط، ويؤخذ إلى المنكب على الجهة التي تجب بحسب ميل الخلع، ويؤخذ رجل طرفي القماط، ثم يمدونه كلهم معاً مدًا يعلقون به العليل في الهواء، وبمثل هذا أيضاً يمكن أن تردّ الوجوه المتقدمة إلى الصلاح، وقد يعالجونه بالبيرم ومن صفة ذلك على ما عبر عنه بعضهم فأجاد، قال ينبغي أن تحفر حفرة مستطيلة في خشبة كلها شبيهة بخنادق، ولا يكون عرض لحفرة وعمقها إكثر من قدر ثلاث أصابع، ولا يكون بعد بعضها من بعض أكثر من أربع أصابع، ليصير طرف البيرم في بعض تلك الحفر ويستند بها، ويكون دفعه إلى الناحية التي ينبغي أن يكون دفعه إليها، وينبغي أن يوتد في وسط الخشبة العظيمة، أو الدكان خشبة أخرى قائمة طولها قدر قدم، وغلظها قدر هراوة فاس، حتى إذا استلقى العليل على ظهره تكون هذه الخشبة تدور فيما بين الأعفاج ورأس الفخذ، فإنها تمنع الجسد من أن يتبع الذين يمدونه من ناحية الرجلين، وإن كان ذلك أيضاً، وكثيراً ما لا يحتاج إلى المد الذي يكون من فوق، ومع هذا فإن الجسد إذا مد إلى أسفل دفعت هذه الخشبة رأس الفخذ إلى خارج، وينبغي أن يكون المد إلى أسفل على الصفة التي ذكرناها قبل هذا لا سيما، مدّ الرجل.

فإن لم يدخل رأس الفخذ بهذا النوع من العلاج أيضاً، فينبغي أن تنزع الخشبة القائمة الموتودة لكل، وأن يوتد خشبتان آخريان عن جانبي مكان تلك الخشبة، في كل جانب منها خشبة ليكون كعوارض باب، ولا يكون طول كل واحدة منهما أقل من قدم، ثم تركب عليها خشبة أخرى كتركيب خشب السلم، ليكون شكل الثلاث خشبات شبيهاً بشكل الحرف المسمى باليونانية إيطا، فإن هذا الشكل يكون إذا ركبت الخشبة الثالثة في الوسط أسفل من الطرفين قليلاً.

ثم ينبغي أن يستلقي العليل على الجنب الصحيح، ويمدّ الفخذ الصحيحة فيما بين هاتين العارضتين تحت الخشبة التي تشبه عارض السلم، وتصير الفخذ العليلة من فوق هذه العارضة، ليكون رأس الفخذ راكباً عليها، بعد أن يبسط على العارضة ثوب قد طوي طياً كبيراً لئلا تؤذي العارضة الفخذ، ثم تتخذ خشبة أخرى معتدلة العرض، ويكون طولها قدر ما يدرك من رأس الفخذ إلى موضع الكعب، وتوضع بالطول تحت الساق من داخل لتمسك رأس الفخذ إلى الكعب، وتربط معها، ثم يستعمل المدّ إما بالخشبة التي تشبه الدستج على ما تستعمله في الحدبة.

وأما على ما قلنا فيما تقدم، وينبغي حينئذ أن تمد الساق إلى أسفل مع الخشبة المربوطة معها، ليرجع رأس الفخذ إلى موضعه بهذا المد الشديد، ويكون أيضاً نوع آخر يدخل به رأس الفخذ من غير أن يمد العليل على الخشبة، وهو نوع يحمده "بقراط"، وذلك أنه يزعم أنه ينبغي أن تربط يدا العليل جميعاً بقماط لين، وتربط رجلاه كلاهما بقماط قوي لين على الكعبين وعلى الركبتين، ويكون بعد كل واحد منهما من صاحبه قدر أربعة أصابع، وتكون الساق العليلة ممدودة أكثر من الأخرى قدر أصبعين، ويعلق العليل على الرأس، ويكون بعيداً من الأرض قدر ذراعين، ثم يحتضن غلام ذو تجربة شاب بساعديه الفخذ العليلة في أغلظ موضع منها حيث يكون رأس الفخذ أيضاً، ويتعلق بالعليل دفعة، فإن المفصل إذا فعل به ذلك دخل إلى موضعه بأهون السعي.

وهذا النوع أسهل من غيره، لأنه لا يحتاج إلى عمل كثير، لكن أكثر المعالجين لا يحسنون العمل به، لأنهم تهاونوا به لسهولته.

وأما إن صار الخلع إلى خارج، فينبغي أن يبسط العليل على ما قلناه، ثم ينبغي للطبيب أن يدفع من خارج إلى داخل بالبيرم، بعد أن يصير طرف البيرم في شيء من الحفر التي ذكرنا، ليستند عليها وتكون بعض الأعوان من ناحية الفخذ الصحيحة، فيدفع أيضاَ، ويستقبل الدفع لئلا يندفع كثيراً.

وإذا كان الخلع إلى قدام، فينبغي أن يمدّ العليل، ثم يضع رجل قوي أصل كف يده اليمنى على الأربية العليلة، ويضغطها باليد الأخرى، وهو مع هذا يصير الضغط ممدوداً إلى أسفل إلى ناحية الركبة.

وإذا كان الخلع إلى خلف، فليس ينبغي أن يمد العليل إلى أسفل، وهو مرتفع على الأرض، بل ينبغي أن يكون موضوعاَ على شيء صلب، كما ينبغي أن يكون أيضاً إذا انفك وركه إلى خارج كما قلنا في الحدبة، فينبغي أن يمد العليل على الخشبة أو الدكان على وجهه، وتكون الرباطات مشدودة لا على الورك، بل على الساق كما قلنا آنفاَ، وينبغي أيضا استعمال الكبس باللوح على الأعفاج والموضع الذي خرج المفصل إليه. فهذا قولنا في أنواع الخلع الذي يعرض للورك من علة بينة تتقدم ذلك، لكن قد ينخلع الورك لكثرة رطوبة تعرض له، كما ينخلع الكتف، فينبغي حينئذ أن يستعمل الكي كما قلنا في الموضع الذي ذكرنا فيه هذا الكي.

? فصل في خلع الركبة الركبة سريعة الانخلاع، وربما انخلعت بلا سبب فوق مشي حثيث، أو زلق يسير كما أن اللحي كثيراً ما ينخلع بلا سبب غير التثاؤب، وقد تنخلع الركبة إلى كل جانب إلا إلى قدّام بسبب الفلكة ومعاوقتها.

فصل في علاجه يقعد العليل على كرسي قريب من الأرض. وترفع رجلاه قليلاً، ثم يمد رجل قوي يديه من فوق ومن أسفل مدًّا قوياً، ويردّ المجبّر المفصل إلى حاله على حكم الخلع الكلي ويربطه.

فصل في انخلاع الرضفة وهي فلكة الركبة إذا عرض لها انخلاع، فيجب أن تبسط الرجل وترد الفلكة، ثم تملأ مأبض الركبة خرقأ مانعة عن الانثناء، وتوضع عليه جبائر تعارضها في الجهة التي مالت إليها، فإذا اشتد ولزم فلا تثنى الركبة بعجلة، بل قليلاً قليلاً حتى يهون.

فصل في خلع مفصل العقب عند الكعب قد ينخلع الكعب، فيحتاج إذا انخلع إلى مد قوي وعلاج شديد ودفع بقوة ليعود، ثم يجب أن يهجر المشي قريباً من أربعين يوماً لئلا ينخلع ثانياً. وأما الزوال اليسير فيكفي فيه أدنى مد، ثم ردّ، وإذا انخلع بالتمام فيجب إن اشتدّ ولم يجب أن نردّه على ما قال الأولون، قالوا ينبغي أن يبسط العليل على ظهره على الأرض، ويوتد فيما بين فخذيه عند الاعفاج وتداً طويلاً قوياً داخلاً في عمق الأرض، لا تدع جسد، أن يتحرك إذا جررت رجله إلى أسفل، بل ينبغي أن يوتد هذا الوتد قبل أن يستلقي العليل، وإن حضرتك الخشبة العظيمة التي قلنا أنه يكون في وسطها خشبة أخرى موتودة، فينبغي أن تصير المد على هذه الخشبة، وينبغي أن يكون عون يضبط الفخذ، ويمدّه، وعون آخر يمد الرجل إما بيديه وإما برباط على خلاف مدّ العون الأول، ويسوّي الطبيب بيده الفك، ويمسك عون آخر الرجل الأخرى إلى أسفل، وينبغي بعد التسوية أن تربط برباطات وثيقة، ويذهب ببعض الرباطات إلى مشط الرجل وبعضها إلى الكعب، وتربط هناك، وينبغي أن تتقي من العصب الذي يكون فوق العقب من خلف لئلا يكون الرباط عليه شديداً، وأن يمنع العليل من المشي أربعين يوماً، فإن هؤلاء إن راموا المشي قبل أن يبرأوا على التمام ينتفض عليهم العضو، ويفسد العلاج وإن زال عظم العقب من وثبة، فإن ذلك يعرض كثيراً وعرض لهذا الموضع ورم حار، فينبغي أن يسوى هذا العضو باستلقاء العليل على وجهه، ومدّ العضو وتسويته وبالتنطيلات التي تسكن الأورام الحارة، واستعمال الرباطات الوثيقة، وأن يهدأ العليل ولا يتحرّك حتى يصلح العضو الصلاح التام، وربط الكعب يجب أن يكون إلى الأصابع، ويترك العقب مفتوحاً.

فصل في انخلاع عظام القدم تدبيرها قريب من تدبير انخلاع عظام الكف، وربما كفىأن تسويها بأن تطأ بقدمك عليها وبينهما ثوب حتى يستوي، ثم يضمّد ويشدّ على نحو ما علم.

المقالة الثانية
الكسر

فصل في كلام كلي في الكسر الكسر هو تفزق الاتصال الخاص بالعظم، وقد يقع منه متفرقاً، ويسمى إذا صغرت أجزاؤه جداً رضاً، وقد يتفق غير متفرق، وغير المتفرق قد يقع مستوياً وقد يقع متشعباً، والمستوي قد يقع عرضاً وقد يقع طولاً، والواقع عرضاً قد يقع مبيناً وقد يقع غير مبين، والواقع طولاَ وهو الصدع، والفصم لا يقع مبيناً.

وقد سمي قوم أصناف الكسر بأسماء، فيقولون للكسر العظيم الذاهب عرضاً وعمقاً الفجلي والقثوي والقضيبي. ويقولون للذاهب طولاً الكسر المشطب، وللذاهب طولاً مع استعراض الهلالي والقضيبي ولصغار الأجزاء جداً السويقي، والجريشي، والجوزي. وإذا تم الانكسار، لم يمكن أن يبقى العظمان على ما يجب بينهما من المحاذاة على سنن الاتصال الطبيعي، بل يزايلان ضرورة عن المحإذاة، وكذلك من الزوال يحدث نخس ضرورة فيما يحيط به من الحجب واللحم، فيحدث وجع يتبعه ورم.

وإذا كانت البينونة مدورة بلا شظايا انقلب العضو بسهولة، ولأن يميل العضو المكسور إلى خارج على ما قال "بقراط" خير من أن يميل إلى داخل، أي لأن ما يلاقيه من العصب هناك أكثر فيؤلم، وإذا وقع الكسر عند المفصل، فانرضت الحواجز والحروف التي تكون على نقر العظام البالغة للفم الفاصل وحفائرها، صار المفصل مستعداَ للانخلاع. وإذا . وقع، الكسر عند المفصل وانجبر، بقيت الحركة عسرة بسبب الصلابة، الدشبذ الذي يحدث يحتاج إلى مدة حتى يلين، وأصعب ما يقع ذلك في مفاصل العظام الصغار، ومن ذلك أيضاً حيث يكون المفصل في الخلقة أضيق، مثل مفصل عليه ربط ذو هندام عجيب مدة أطول ما يكون، يتناول من الأغذية والأدوية ما يعد الدم لذلك الشأن على ما نذكره. وشر كسر العظام إلى داخل ليس إلى خارج على ما ذكر، وما يقال من أن انقطاع المخ مهلك فمعنى لا حاصل له، فإن المخ ذائب لين لزج ليس ينقطع، وقد تعرض مع الكسر أعراض، مثل الجراحة والنزف والورم والرض، لما يطيف به من اللحم الذي إن لم يدبر بما يمنع العفن، أو لم يشرط عرض منه الآكلة، وموضع الكسر من الكبار يعرف بالوجع، ومن موقع السبب الكاسر وبمس اليد، وأما من الصبيان الصغار فيظهر بالوجع والورم والحمرة.

فصل في أحكام الانجبار وضدَه العظام المنكسرة إذا ردت إلى أوضاعها أمكن في الأطفال، ومن يقرب منهم أن ينجبر لبقاء القوة الأولى فيهم، فإما في سن الفتاء وما بعده فلا ينجبر، بل يجري عليها لحام من مادة غضروفية، تجمع بين العظمين من جنس ما يجريه الصفار من الرصاصين على وصل النحاس وغيره، وأعصى العظام على الانجبار العضد، ثم الساعد والترقوة إذا انكسرت إلى داخل صعب علاجها، وأقبح الكسر في الزندين كسر الأسفل منها بمثل ما قيل في الخلع.

وأما أمر الفخذ والساق فهو أسهل، لأن الجبر لا يمنعها عن الانبساط، والأعضاء تختلف في مدة الانجبار مثلاً فإن الأنف ينجبر على ما قيل في عشرة، والضلع في عشرين، والذراع وما يقرب منه في ثلاثين إلى أربعين، والفخذ في خمسين، وربما امتدت هذه مدة طويلة حتى ينجبر الفخذ إلى أشهر ثلاثة أو أربعة وما فوقها، ولأن يميل العضو في خطا الانجبار إلى بطنه خير من أن يميل إلى ظهره، فيكون ميله في جانب النقل، والأسباب التي لأجلها لا ينجبر العظم كثرة التنطيل، أو كثرة حل الرباطات وربطها أو الاستعجال في الحركة، أو قلة الدم مطلقاً أو قلة الدم اللزج في البدن، ولذلك يقل انجبار كسر الممرورين والناقهين، ومما يدل على الانجبار ظهور الدم مرًا كأنه فضل دفعته الطبيعة من كثرة ما توجهه إلى الكسر.

فصل في أصول من أمر الجبر والربط الجبر قاعدته مد العضو بمقدار ما ينبغي، فإن الزيادة فيه تشنج وتؤلم وتحدث منه حميات، وربما عرض منه استرخاء، وذلك في الأبدان الرطبة أقل ضررأ لمواتاتها للمد، والنقصان منه يمنع جودة الالتئام، والنظم، وهذا في الخلع والكسر سواء.
فأما إذا مد على الوجع الذي ينبغي اشتغل بنصبة العظمين على الاستقامة، ووضع الرفائد والرباطات على ما ينبغي، وإعلاؤها بالجبائر وإعلاء الجبائر بالرطوبات، ويجب أن يسكن العضو ما أمكن، إلا أحيانأ بقدر ما يحتمل إذا لم تكن آفة وورم لئلا تموت طبيعة العضو، ويجب أن يحذر الإيجاع الشديد عند المد والشدّ في الكسر والخلع معاَ، وكثيراً ما يعرض من الشد الشديد، وإبطاء الحل وقلة تعهد ذلك أن يموت ذلك العضو ويعفن ويحتاج إلى قطعه. فالمراد في إكثر الجبر حدوث الدشبذ فيما ليس كعظام الرلس فإنها لا ينبت عليها الدشبذ، فيجب أن يدبر حتى لا يحدث يابساً ولا قليلأ ولا أيضأ غليظاَ كثيراً مجاوزاً للحد.

ومن المعلوم أن عظمه يختلف بحسب العضو، ومقدار الكسر في عظمه أو كثرته أو في خلافهما، وأنت ستعرف في التفصيل ما ينبغي أن يفعل في ذلك كله عند ذكر التغذية وعند ذكر الشد، ويجب عند حدوث الدشبذ أن يهجر الحركات المرعجة والجماع والغضب والحرد، فإنه يرقق الدم، ويهجر الموضع الحار، ويطلب البارد ويعان بأضمدة قوية قباضة فيها حرارة ما وتغرية، فيجعل فيها مثل الأبهل وجوز السرو والكثيراء والأدوية الفتقية.
وإذا عرض للكسر أن لا ينجبر جبراً يعتد به فيفعل به شيء يشبه الحك في القروح التي لا تبرأ، وهو أن يدلك باليدين، حتى تتنحى اللزوجة الخسيسة الضعيفة التي كأنها ليست بشيء، فيعرض أن يدفأ في الموضع ويندفع إليه دم جيد جديد، وينعقد عليه دشبذ قوي، وكثيراً ما يحوج تغير لون العظم أو إنشاره القشور والفلوس إلى الحك، ومثل هذا لاتوضع الجبائر عليه، بل إن كان ولا بدّ فيقتصر على رباط جيد.
وإذا اجتمع كسر وجراحة فليس يمكن أن يدافع بالجبر إلى أن تبرأ الجراحة، فإن العظم يصلب فلا يقبل الجبر إلا بصعوبة ومدّ شديد وأحوال عظيمة، ومع هذا فإذا حدثت مع الجراحة أوجاع وأورام فيها خطر، فلأن يعوج العضو خير من أن يحدث خطر عظيم، فيجب أن لا يبالغ في أمرجبر مثل هذا الكسر.
وإن كان مع الكسر رض كان من ذلك مخاطرة في تآكل العضو، فيجب أن يشرط الموضع ليخرج الدم فإن فيه خطراَ، وهو أن يموت العضو وإن كان نزف، فيجب أن يحبس، وكثيراً ما يحوج لحوق الورم وآفة الجراحة إلى أن يفعل غير الواجب من علاج العضو، فيفصد ويسهل ويلطف الغذاء، وقد تحدث من الشد حكة، فيحتاج أن يحل أو أن ينطل العضو بماء حار حتى يحلل الرطوبات اللذاعة، و"بقراط"، يأمر لمن يجبر أن يمص شيئأ من الخربق في ذلك الوقت، وغرضه أن يجذب المواد إلى داخل، "وجالينوس"، يجبن عن ذلك بل يأمر بشرب الغاريقون وإن كان لا بد فشيء من السكنجبين الذي فيه قوة حريفة، ويقول أن ذلك كان في زمان "بقراط" وفصله بين الزمانين عجيب.

وإذا رددت الجبر، ثم أوجع وأقلق فالصواب أن يترك ذلك ويخرج ما رددت، فربما أرحت العليل بذلك من أوجاع. وأما لكسر بالطول، فيكفي فيه أن يلزم العضو يشد شديد أشد مما في غيره، ويبالغ في غمره إلى داخل. وأما الكسر الذي في العرض، فيجب أن يقوم العظمان على الاستقامة في غاية ما يمكن ويراعى ذلك من جهة وضع الأجزاء السليمة، وينظر هل هي من هذا العظم محادثة لتنظيرها من العظم الآخر، ثم يجبر ويراعي فيما بين ذلك أشياء منها الشظايا والزوائد والثلم.

فأما الشظايا فإنها إذا لم تتهندم حالت بين العظام وبين الانجبار، وإذا انكسرت أيضاً، وقفت بين شفتي العظم، فلم تدع أن يلتزم أحدهما الآخر أو زالت، فتركت قرحته يجتمع فيها دائماَ صديد، فيعرض من ذلك أنها نفسها تعفن وتعفن العضو، ثم لا يكون الالتزام وثيقاً، فإن الوثاقة إنما تحصل إذا تهندمت الشظايا والزوائد في مجاريها التي تقابلها، فلا بد إذن من تمديد شديد جداً بأَيد، أو بحبال أو بآلات أخرى تمدداً أبعد ما يكون، فتصبح المحاذاة بين العظمين وبين الزوائد، والمحاز التي تلتقمها فيصح الجبر.

فإذا مددت وحاذيت فمن الصواب إذا وجدت المحاذاة الصحيحة أن يرخي المد يسيراً يسيراً، وتراعي المحاذاة كي لا تميل، فإذا تهندم عدت وراعيت بيدك حال ما تهندم، فان وجدت نتوءاً أو غير ذلك أصلحته باليد، ثم لا بد من رباط يحفظ العضو على سكونه لا صلب فيوجع جداً، ولا لين فينزل عن الحفظ وخير الأمور أوساطها. ويجب أن يكون الرباط على الموضع الذي إليه الميل أشد، وإن كان الكسر تاماً فيجب أن يسوى شده من كل جهة، فإن كان الكسر في جهة أكثر وجب أن يكون الشد هناك أكثر،فإذا كان مع الكسر شيء من الشظايا والعظام الصغار.

فإن كانت مؤلمة موجعة فتعرض لها بالإصلاح، وإن لم تكن مؤلمة فلا تبادئها ولا تتعرض، وإن كان مثلاً يسمع خشخشتها فإنه يرجى أن يجري عليها دشبذ، وإذا أيس ذلك فحينئذ لا يجب أن يهمل أمرها، وإذا حدث من الشظايا خرق اللحم فليس من الصواب أن تشتغل بتوسيع الخرق عمل الجهال، ولكن الواجب أن يمد العظمان إلى الجانبين على غاية من الاستقامة لا عوج فيها، ففي التعويج حينئذ فساد عظيم. فإذا مدّ فاعمد إلى الشظية فردّها وشدّها، فإن لم ترتد فلا توسع الخرق بل احضر لبداً بقدر ما يحتاج. إليه، وأثقب فيه قدر ما تدخله الشظية، وركب عليه قطعة جلد لين بقدره وعليه ثقب كثقبه، وأنفد الشظية فيه واغمر على الجلد، واللبد غمراً يسفلهما ويبرز العظم في الثقب إبرازاً إلى أصله، ثم انشره بمنشار العمل وهو منشار رقيق حاد كمنشار المشاطين، وربما ثقب أصل ما يحتاج أن تبينه بالمثقب ثقباً متوالية، تأخذ الموضع الذي يراد منه الكسر، وليس ذلك عادماً للخطر حيث يكون وراء العظم جسم كريم، على أنه ربما كان أسلم من الالات الهزازة بتحريكها ولقطها وقطعها.

وقد يحتال في أن يجعل المثقب على عارضة من جوهر لا تدع المثقب أن ينفذ إلا على قدر معين، فيكون أقل آفة حينئذ من الآلات الهزازة، ولهذا يجب أن يكون عند المجبرين من هذه المثاقب أصناف كثيرة معدة.

وربما لم تظهر الشظيّة الكنه لا بدّ من صديد يسيل فاستدل بذلك على الشظية، وعالج ذلك الصديد بما يجففه ويحبسه، ثم افعل ما ينبغي، وإن كانت الشظية أو القطعة من العظام متمايزة تنخس العضل، وتوجع، فلا بدّ من شقّ وتدبير لآخراج ما يخرج، ونشر ما يجب نشره، وإذا كان المنكسر المتفتت كثيراً، وكان تكسّر وتفتّته كثيراً، فلا بد من أن يخرج الجميع.

وأما إن كان الكسر ليس بمفتت، وكان الانقطاع منه والانصداع يأخذ مكاناً كبيراً، فاقطع أمرض موضع ودع الباقي، فإنه لا مضرة فيه بل المضرة في قطع الجميع عظيمة.

فصل في وصايا المجبر يجب على المجبّر أن يتأمل ميل العظم المكسور، فإنه يجد عند الجهة المميل إليها حدبة وعند الجهة المميل عنها تقعيراً، وأكثر مايتفطن لذلك باللمس، وأيضاً فإن الوجع يشتد في الجهة التي إليها الميل، والخشخشة أيضاً تدل على ذلك فيبني أمره ذلك، ويجب على المجبر أن يمر يده على موضع الكسر في كل حال أمراراً إلى فوق وإلى أسفل بالرفق واللطف، حتى إن رأى زوالاً أو نتوعاً أو شظية عرفه لئلا يربط كرة آخرى على غير واجب، فيحدث فسخ أو وجع، ولا يجب أن يغتز بالاستواء المحسوس بالبصر قبل تمام العافية، فإن الورم قد يخفى كثيراً من السمج والاعوجاج.

وإذا تأمل المجبّر الكسر فوجده إن لم يستقص فيه سمج العضو، وان استقصى فيه تأدى إلى تشنّج وحمى صعبة، فالأولى به أن يتركه ولا يتعرض له، وإذا تعرض لجبر فعصي العظم، ولم ينقد، فيجب أن لا يعنف ويدخله بالقسر، على كل حال فيدخل على العليل ما هو أعظم من بقاء العظم غير مستو، وإن أوجع الرد والإصلاح جداً وأمكن الطبيب أن يرده إلى حال الكسر، فهو ترفيه للعليل وإراحة عظيمة.

ويجب أن يبادر المجبر إلى جبر ما انكسر، ويجبره في يومه، فإنه كلما طال كان إدخاله أعسر والآفات فيه أكثر، وخصوصاً في العظام التي يطيف بها عضل وعصب كثيرة مثل الفخذ، ويجب أن يعان على تعجيل الانجبار بأسباب، هي أضداد أسباب بطئه المذكور وأولاها تغزير الدم اللزج.

فصل في نصبة المجبور كل عضو جبرته فيجب أن تكون له نصبة موافقة تمنع الوجع، وأولى. النصب بذلك ما.له بالطبع، مثل أن يكون في اليد إلى الرقبة والرجل إلى المدفع، تأمل لعادة العليل في ذلك، وكما أن العضو الذي يجب أن يعلق يجب أن يعلق على الاستواء، كذلك العضو الذي يقتضي حاله أن لا يعلق، ويجب أن يكون متكأه وموضعه على شيء مستو وطيء كي لا يتعلق بعضه، ويستند بعضه، والتعليق رديء لكل مجبور، كما أن الرفع إلى فوق موافق له ما لم يمنع مانع، وإذا جعلت نصبة العضو بحيث يكون أرفع مما يجب، أو أخفض لوي العضو وعوجه بحسب إمالة العلاقة والنصبة.

فصل في كيفية الرباطات والرفائد يجب أن تكون خرق الرباط نظيفة، فإن الوسخ صلب يوجع، وتكون رقيقة لينفذ شيء إذا طلي عليها، وخفيفة لئلا يثقل على العضو الألم، ويجب أن يأخذ الرباط من الوضع الصحيح شيئاً له قدر، فإن ذلك أضبط للمجبور من أن يزول، وأشد وثاقه، وإن كان يجب أن لا يفرط في ذلك أيضاً، فيجعل العضو ضيق المسام غير قابل للغذاء، وأيضاً فإن ما أوصينا به من الشدّ أعصر للرطوبة المنصبة إلى العضو العليل إلى ما هو أبعد منه دفعاً، وأمنع لما ينجلب إليه، والرباط العريض لذلك أجود وهو ألزم وأكثر اتساعاً، ولكن بحسب ما يمكن في كل عضو فليس ما يمكن من ذلك في الصدر مثل ما يمكن في اليد، وما ليس من الأعضاء عريضاً، فإن ذلك لا يمكن فيه بل إذا عرض العصابة لم يحس انتظامه على مثل ذلك العضو، فلذلك يجب أن يقتصر في أمثالاها على ما سمعته ثلاثة أصابع إلى أربع، وذلك مثل الزند والترقوة، ونحو ذلك فإنها لا يمكن فيها ذلك، بل إن لم تربط بالرقيق لم يمكن. فإن الترقوة. لا ينساق فيها العريض، وفي مثل ذلك يحتاج إلى تكثير اللفائف لتقوم مقام العريض، والعصابة التي تلف يكفي أن يكون عرضها ثلاث أصابع اْو أربع أصابع وطولها ثلاثة أذرع.

والرفائد قد يسترفد بها في معونة الرباطات على اللزوم، بل الرفائد صنفان أحدمهما ، الغرض فيه تسوية تقع للعضو، وتجتهد أن لا يقع بين طاقاته فُرَج، وأن لا يتراكم تراكماً مختلفاً وليلم بها الفرج، والآخر الغرض فيه أبئ يغطى به الرباط، ويسوى تسوية ثانية ليدور الرباط، ويلزم على الاستواء، فلا يكون أشدّ في موضع وأرخى في موضع فيلزمها الجبائر لزوماً جيداً، فالأول منهما للرباطات والعصائب، والثاني للجبائر والرباط الأسفل يمنع المواد، والثاني يمنع الالتواء. ويجب أن تكون طاقات الرفائد حيث يكون الرباط أقوى، وأن تركب كما يستدير العضو حيث يمكن، وبذلك القدر يجب أن يكون عدد الرفائد.

وربما احتيج إلى استعمال رفائد صغار تغشيها رفادة تستوي عليها في طول الرباط الواقع على الموضع والرباط الذي يسمى ذا وجهين وذا رأسين هو الذي يستعمل هكذا، يوضع وسط الخرقة التي يحفظ بها تسوية موضع العلة على موضعها، ويكون ذلك في منتصف الخرقة، ثم يؤخذ بكل واحد من النصفين إلى الجهة المخالفة، ويعمل في لفها باليدين جميعاً على ما هو مشهور ولا يحتاج إلى تفسير.

فصل في كيفية الربط بالتفسير والتفصيل يجب أن يبتدأ بالربط من الموضع المكسور، ومنه حيث يميل إلى العظم، وهناك يكون أشد ما يكون شدًا، وحيث الكسر أشد يجب أن يكون الربط أقوى، وبالجملة موضع الكسر. والموضع الذي يحتاج أن يدفع عنه المواد، وأن يحفظ عليه الوضع وبذلك يؤمن من التورم، بل ربما حلل التورم، وبالأمان من التورّم يؤمن من تعفن العظم أيضاً، على أن ذلك لا ينفع من صديد إن تولد في نفس العظم إلى المخ، فافسد المخ والعظم، واحتيج إلى الكشف والتبيين عنه، والتطريق للقيح ليخرج، ويكون أولى المواضع بحماية ما يردّ من قبيله ما هو فوق، على أن العضو السافل قد يدفع إلى العالي فضله، إذا كان العالي ضعيفاً، ولا ينبغي أن يبلغ بشدّ الرباطات والجبائر مبلغاً يمنع وصول الغذاء والدم، فذلك مما يمنع الانجبار. و "بقراط" يعين الرباطات فيما يرومه من دفع الورم بالقيروطيات الوادعة مع زيت الإنفاق والشمع.

وربما احتيج إلى تبريد الرباطات بالفعل بهواء، أو ماء ليمنع الورم، وربما احتيج إلى تسكين ورم بمثل دهن البابونج، وبمثل الشراب القابض، فإنه يحلل الورم ويقوي العضو ولا يقرب القيروطي حيث تكون قرحة، وربما احتيج إلى ما فيه تقوية وتحليل مثل الزيت بالمصطكي والأشق، وبالجملة فإن الرباط إذا استعمل والكسر حديث لم يرم، فينبغي أن يكون من كتان ومبرداً رادعاً، وربما كفى أن يلطخ بماء وخلّ، وربما استعملَ قيروطي ونحوه مما ذكرنا.

وإن استعمل بعد الورم فالأولى أن يكون من صوف قد غمس في دهن محلل للورم، ملين له، وعلى كل حال فإن الرباط الذي يجعل عليه القيروطي هو الأسفل، وفيه أمان من هيجان الوجع، وخصوصاً إذا كان الطبيب لا يلازم فيتدارك إذا حدث وجع بحلّ وربط. ولا يجب أن يستعمل القيروطي، وخصوصاً إذا كان هناك قرحة، فربما جلب إلى العضو العفونة، ويجعل بدله الشراب الأسود، وإكثر الكسر المختلف يصحبه قرحة، فلذلك يجب أن يبعد القيروطي، ويقتصر على الشراب القابض يبلّ به رفادته الطويلة، ونحن نجعل لأطلية الكسر باباً مفرداً.

وإذا بدأت بالرباط من الموضع الواجب فلفه لفات تزيدها بقدر زيادة عظم الكسر، وتنقصها بحسب نقصانه أو بحسب ورم إن كان ظاهراً، ثم ردّه إلى ذلك الموضع، ثم استمر إلى موضع الصحة فهذا هو الرباط الأول، ثم أحضر الرباط الثاني ولفه على الكُسر مرتين أو ثلاثاً، ثم أنزله إلى أسفل مراخياً منه قليلاً قليلاً، ثم أحضر الرباط الثالث وافعل كذلك إلى فوق، فيتظاهر الرباطان على دفع الفضول عن العضو وعلى تقويمه وعلى الغرض في هيئة هذا الرباط، ولا تفرط أيضاً في تبعيد الشد في الجانبين، فيصير العضو منسدّ العروق غير قابل للغذاء، وربما أزمن وقد لا يفعل كذلك، بل يبدأ برباط صاعد، ثم يتبع برباط نازل، ثم برباط يبتدىء من أسفل الرباط السافل إلى أعلى الرباط الصاعد، كأنه حافظ للرباطين، ويجعل أشدّ شده عند الكسر.

والغرض في اْحد الرباطين ضد الغرض في الرباط الذي يراد به جذب المادة إلى العضو، فيشد تحت العضو بالبعد منه، ولا يزال يرخي إليه، وهو الرباط المخالف، فهذه هي الرباطات التي تحت الجبائر وههنا رباطات فوق الجبائر. وأما الرباط الأعلى فيجب أن يكون بحيث يجعل العضو كقطعة واحدة لا حركة له، ويمنع الالتواء، وإذا كان الكسر في العرض تاماً، وجب أن يكون الرباطَ متساوي الإحاطة والشدّ.

وإن كان أكثر الكسر إلى جهة وهو من كسر الوهون، وجب أن يكون اعتماد الشدّ على الجانب الذي فيه الشد أكثر، ولا يجب أن تبدل عليه أشكال الربط شكلاً بعد شكل، فإن ذلك يفسد ما يقوّمه الجبر، ويورث الوجع للالتواء الذي ربما عرض من ذلك، وشر الربط المشنج فإنه إن شدّ أوجع، وإن أرخي عوج، و "بقراط " يستصوب أن يحل الرباط يوماً ويوماً لا، فإن ذلك أولى بأن لا يضجر العليل، ولا يغريه بالعبث به، وحكه لما لا بد أن يتأدى إلى العضو من رطوبة رقيقة مؤذية، ربما استحالت صديداً.

وأجود الأوقات لمراعاة جودة الربط، والمحافظة على الشرائط المذكورة هو بعد العشر، ونواحي العشرين، فإن ذلك وقت ابتداء الدشبذ اللاحم، ثم إذ لزم العظم فلا يشد جيداً، ونفس موضع الشدّ منه لئلا يضغط، فيمنع الدشبذ أو يمنع تكونه بمقدار كاف، فلا يحدث إلا رقيقاً ضعيفاً اللهم إلا إذا كان قد حدث الدشبذ، وأخذ يزداد عظماً لا يحتاج إليه، ويمعن في الإفراط، فإن من أحد موانعه الشدّ الشديد، وأيضاً استعمال القوابض المانعة فإنها تمنع الغذاء، وتشدّ الدشبذ فلا ينفذ فيه الغذاء أيضاً، ولا ينبغي أيضاً أن تريح وتعفى عن الربط في غير وقته.
فصل في كيفية الجبائر يجب أن يكون الجوهر الذي يتخذ منه الجبائر، يجمع إلى صلابته لدونة، وليناً مثل القنى، وخشب الدفلى، وخشب الرمان ونحوه، ويجب أن يكون أغلظ ما فيه الموضع الذي يلقى الكسر من الجانبين، فإنه يجب أن يكون أغلظ الجبائر، أولها الذي يلي جانب الكسر أو أشد الكسر، وتكون جوانبها أرق، وأن تكون مملسة الأطراف لا تصادف عسراً، بل وطامن الربط.

وإن وضعت الجبائر من الجوانب الأربع فهو أحوط، ولا بأس لو كان لها فضل طول فإنه لا مضرة في ذلك، ولا خسران في أن يأخذ من قرب المفصل إلى المفصل من غير أن يغشى المفصل نفسه، وأطول جانبيه الجانب الذي يلي حركة ميل العضو، مع أن لا يكون بحيث يثقل ولا يغمر شديداً، ولا ينضغط ولا تنقص عنها الرباطات نقصاناً كثيراَ، فتصير الجبائر مرحمة غمازة وإذا رأيت شيئاً من ذلك فمل إلى النقصان حتى تصيب الاعتدال، ولا يجب أن تلاقي الجبائر موضعاً معرقاً لا لحم عليه بل هو عصباني عظمي.

فصل في كيفية استعمال الجبائر بالتغيّر والتفصيلالوقت الذي يجب أن توضع الجبائر هو: بعد خمسة أيام فما فوقها إلى أن تؤمن الآفات. وكلما عظم العضو، وجب أن تبطىء بوضع الجبائر، وكثيراً ما يجلب الاستعجال في ذلك آفات من الأورام والحكة ونفاطات. لكن إذا أخرت الجبائر فيجب أن يكون هناك ما يقوم مقامها من جودة الربط بالعصائب، ومن جودة النصب، فإن لم يمكن ذلك فلا بد من الجبائر ولو في أول الأمر، ويجب أن تلزم الجبائر الرباطات والرفائد إلزاماً ضابطاً مستوياً منطبقاً مهندماً، يكون أغلظه عند الكسر، ولا تغمر به شديداً بل تزيد في الشدّ يسيراً يسيراً مع تجربة العليل لحال نفسه.

وإن كان الرباطات والرفائذ تجافي بها فلا يكثر منها ومن لفاتها، فإنها إذا تجافت كان الربط رخواً، ويجب أن لا تربط الرباطات العليا على الجبائر ربطاً يلويها، ويزيلها عن هندام وضعها، ويجب أن تحل الرباطات ضرورة لا اخيتاراً في كل يومين في أول الأمر، وخصوصاً إذا حدثت حكة، وحينئذ ينبغي أن تفعل ما أمرنا به.

وإذا جاوز السابع من الشدّ، حللت في مدة أبطأ وفي كل أربعة وخمسة، فإن في هذا الوقت يكون أمان من الحكة والورم، وهنالك أيضاً يرخي قليلاَ من الرباط لئلا يمنع نفوذ الغذاء، ولو أمكنك أن تمسك الجبائر ولا تحلها ولو إلى عشرين، ولم تكن مضرة لم تحلها، ولكن قد تحل في بعض الأوقات لا لسبب ظاهر، ولكن لاحتياط، وتطلع إلى ما حدث، ونظر إلى المكشوف من اللحم إن كان هل تغير لونه وحاله.

وقد علمت أنه يجب أن لا يبلغ بالشد مبلغاً يمنع وصول الغذاء إلى الكسر، فإنه لن ينجبر إلا بالدم والغذاء القوي الذي يصل إليه ولا تستعجلن في رفع الجبائر وطرحها، وإن كانت التصاقاً فربما عرض من ذلك أن يكون الدشبذ لم يستحكم بعد، فيعوجّ العضو، ولأن تبقى الجبائر على العضو مع الاستغناء أحرى من أن تضعها عنه قبل الاستغناء فلا تستعجل وأخر.

فصل في الكسر مع الجراحة وإذا احتيج كسر وجراحة فليرفق المجبر بالجبر رفقاً شديداً، وليبعد الجبائر عن موضع الجراحة، وليضع على الجراحة ما ينبغي من المراهم، وخصوصاً الزفتي. وقوم يأمرون بأن يُبتدأ بالشد من جانبي الجرح، ويترك الجرح مكشوفاً، وهذا يحسن إذا كان الجرح ليس على الكسر نفسه، ثم يجب أن يكون عليها ستر آخر يغطيه عن الهواء.

وان كان على الكسر فيجب أن يحتال في تشكيل الشد بحيلة حتى يقع، وينقى من كل جانب ويخلى يسيراً عن الجرح نفسه بهيئة موافقة لذلك، وتبل الرفائد بشراب أسود عفص، وهذه الحيلة هي أن يوضع طرف الرباط على شفة الجرح، ثم يورب إلى خلف ويؤتى برباط آخر، ويوضع على الشفة الأخرى السافلة، ثم يتمم سائر الربط على ما ينبغي، ثم يورب حتى يبقى الجرح نفسه مفتوحاً، وما عداه يكون مستوثقاً منه قد علا رباط، ونزل رباط، ووقع على موضع الكسر شد شديد، وبقي الجرح مفتوحاً لك أن تكشفه متى شئت، ولك أن تجعل على الجبائر ثقباً بحذاء ذلك ليصل دواء الجراحة إليها، ويمكن إخراج الصديد عنها، ويكون ذلك بحيث يمكن التغطية عليهما جميعاً بعد ذلك، فإن ترك الجرح مكشوفاً رديء وخصوصاً في البرد، بل يجب أن يكون غير مضغوط فقط، وأن يتم الليل، وإذا صح الجرح استعملت الجبائر إن كانت قد أخرت، ومكنت الجبارة من ذلك الموضع، إن كان ذلك الموضع معفى منها، ويكون متى أريد حلّ ما يغطي الجرح غموة وعشية لعلاجه الخاص أمكن، ولم يكن فيه تعرض لرباط الجبر للكسر البتة.

قال "أبقراط،: ينبغي أن يربط الجرح من وسط الرباط إن كان طرياً، وإن تقادم وتفتح من بعد النضج، فليربط من فوقه إلى أن يبلغ وسطه، ومن الجيد أن يجعل ما يلي الجرح من الرباطات، وخصوصاً الفوقانية أشد ليتمكن من التسييل، ولكن شدّة بحسب الاحتمال، وكلما بوعد عن الجرح جعل ألين، وإذا كان للقرحة غور شديد شدد على مكان الغور ربط الرباط، فإن وافق أشذ الربط موضع الجبر فقد حصل الغرض، وإلا عومل الجرح بما قلنا.

وإذا انتهى إلى موضع الكسر أيضاً، جعل الرباط أشد، ويجب فق يجعل نصبه للعضو حيث يسهل إسالة قيح إن اجتمع في الجراحة، ويجب في الصيف أن يبرد الرباطات المحيطة بالجراحة أيضاً ليكون عوناً على منع الورم، ولا يجب أن يقرب الموضع القيروطي، وخصوصاً في الصيف، فربما عفن العضو، بل إن احتيج إلى رادع فالشراب القابض على ما سلف منا بيانه، وإذا كان مع الكسر رضّ فخيف موت العضو فاشرط. واعلم بالجملة أن الجرح إذا ما ربط على الاحكام نفع الربط النوازل، وإن أخطأ في الربط ورم خصوصاً إذا أرخي موضع الجراحة، وشدّ على ما وراءه وإن لم يكن له مكشف، لم يسل عنه الصديد ولا وصل إليه الدواء، وإن ترك مكشوفاً تعفّن وبرد وعرض موت العضو، ويتأدّى إلى أوجاع وحمّيات، فيحتاج الطبيب أن يفعل شيئاً بين هذا وهذا وينظر ما يحدث فيتلافاه قبل استحكامه.

فصل في كسر العثم ربما كان الكسر قد جبر لا على واجبه، فيحتاج أن يعاد كسره، فيجب أن يكون المجبّر يتعرّف حال الدشبذ الذي لجبر العثم، وإن كان عظيماً قوياً لم يتعرض لكسره ثانياً، فربما لم يمكن أن يكسر من موضع الكسر الأول لشدة الدشبذ، فبكسر غيره من الموضع، فإن لم يجد بتاً فيجب أن يتقدم فيلين حتى يسترخي الدشبذ، ومليّناته هي الأدوية المذكورة في باب الصلابات ههنا، مثل: جلد الألية، ومثل الألية والتمر، ومثل أصناف عكر الأدهان والاهالات والمخاخ ولبوب حب القطن ونحوه، ثم يكسر ويجب أن يدام مع ذلك التنطيل بالماء الحار، ودخول أبزنة في اليوم مراراً، فإن لم ينفع ذلك وكانت التجربة والتحريك يدل على وثاقة شديدة، فيجب أن يشرح اللحم بحيث يتمكن من حك الدشبذ من جانب وإدهانه، ثم يكسر ويجبر ويعالج بعلاجه، وكثيراً ما يمكن أن يعالج كسر العثم من غير كسر، بأن يلين الدشبذ بما علم، ثم يسوّى بالدفع والجبائر فيتهندم الكسر، ويستوي عليه الدشبذ أيضاً، ويكفي الكسر وخصوصاً في الأبدان اللينة.

فصل في أطلية الكسر وما يجري مجراها الأطلية منها لمنع الورم وإصلاح الحكة،، منها لتصليب الدشبذ، وتقويته، ومنها لتعديل الدشبذ العظيم، ومنها لإزالة صلابة المفاصل التي تحدث بعد الجبر، ومنها لإزالة استرخاء إن وقع في المفاصل.

فصل في الأطلية المانعة وما يجري مجراها والمصلحة للحكة قد ذكرنا في باب الربط إشارات إلى ما يجب أن تعلم في هذا الباب، وذكرنا قيروطيات ونطولات بالشراب العفص ونحو ذلك، ونعاود الآن، فنقول يجب أن يكون ما تستعمله من القيروطي أو غيره لا خشونة فيه بوجه، بل يكون أساس ما يكون، وألينه، ولا يجب أن يستعمل القيروطيات حيث يخاف العفن، ولا حيث تكثر أجزاء الكسر، فإن مثل هذا مهيأ لقبول العفن، لأن أكثره مع قروح. فأما المياه، الحارة وصبّها فقد تكلمنا عليها، وعرفنا أن الفاترة فيها تحليل المواد التي تورث الحكة، وجذب المادة الغذائية، وقد يحتاج إليها أيضاً إذا كان العضو قد أقحله الشدّ، وجففه والمبلغ معلوم.

فصل في الأطلية لتصليب الدشبذ الأشياء النافعة في ذلك هي النطولات القابضة اللطيفة، والأضمدة التي تشبهها مثل طبيخ الآس ودهنه، إن احتيج إلى دهن ودهن الحناء، والطلاء بماء ورق الآس، وحبه، وطبيخ شجرة القرظ، وطبيخ أصل الدردار، وطبيخ ورقه، فإنه ملحم مصلب والضماد المخذ من الماش، خصوصاً إذا جعل معه زعفران ومر، وعجن بشراب ريحاني جيد وقشور الطلع جيدة أيضاً.

فصل في تدبير تعديل الدشبذ أما في الأول وما دام طرباً فالقوابض المذكورة، فإنها تجمعه وتشده وتصغر حجمه، وأما بعد ذلك إذا أفرط، وخصوصاً بالقرب من المفصل، فلا بد من شق عنه وحك حتى يعتدل وجميع هذا مما قد قيل فيه.

فصل في الترتيب الجيد والأدوية الملينة لصلابة المفصل يجب أن يبدأ فينطل بماء حار، ثم يستعمل عليه الأضمدة والمروخات الملينة المتخذة من الألعبة، والصموغ، والشحوم، والأدهان، وإن جعل فيها خل حاذق كان أغوص. ومما يقرب استعماله التمر والألية، والشيرج فإنه ضماد جيد خفيف، وأيضاً طحين حبّ الخروع، ويخلط بمثل نصفه سمناً، ومثل ريعه عسلاً، وربما كفى قيروطي من دهن السوسن وحده، وقد يستعان بجميع الملينات المذكورة في باب سقيروس.

وإذا أحسست باستحالة مراج إلى البرد فزد فيها مثل الجندبيدستر والسكبينج والجاوشير. دواء جيد: يؤخذ دردي دهن الكتان ودردي الشيرج وحلبة مطبوخة في اللبن، وإهال الألية ويستعمل. دواء جيد: تؤخذ أصول الخطمي، وأصول قثاء الحمار، ومقل وأشق وجاوشير يحل بالخلّ الثقيف ويطلى، والمرهم العاجي جيد. دواء جيد: تؤخذ لعابات الحلبة، وبزر الكتان ولعاب قثاء الحمار، وأشق ولاذن وزوفا رطب، ودهن سوسن، وشحم بط ومقل لين، وبارزد خالص ومخ العجل يحلّ في الدهن ويتخذ مرهم. آخر قوي: يؤخذ زيت عتيق رطلين، دهن السوسن نصف رطل، ميعة سائلة ربع رطل، شمع أصفر نصف رطل، علك البطم أوقيتين، فربيون أوقيتين، مخ عظام الأيل أربع أواق، يتخذ مرهم. صفة مرهم: جيد لصلابة المفاصل التي أورثها الجبر، يؤخذ أشق جزء، مقل اليهود نصف جزء، ولاذن نصف جزء، دهن الحنا شحم البط من كل واحد ربع جزء، تذاب الصموغ ويجمع الجميع. مرهم جيد: يؤخذ أشق ستة وثلاثين مثقالاً، ومثله شمع أصفر، صمغ البطم، مقل، قنة، من كل واحد ثمان أواق، دهن الحناء أربع أواق، تسحق الصموغ مدوفة في الخل، ثم تجمع في هاون ممسوح بدهن السوسن، وكذلك دستجة والتعقد الذي يعرض كالغدة، حيث كان وقد ذكرنا في بابه تستعمل المراهم التي ذكرناها الآن، وإلا استعمل الجندييدستر، والقسط، وخرء الحمام، والخردل ضماداً فهو غاية. ملين جيد: يؤخذ عكر دهن السوسن أوقية، ومن عكر البزر أوقية، ومن الميعة السائلة والقنة والجاوشير والأشق من كل واحد نصف أوقية، مقل لين أوقية، شحم الدب أو البط أو الدجاج أو الخنزير عند من يستحل ذلك من فقهاء الداودية أوقيتان، يتخذ منه مرهم.

فصل في المقويات للاسترخاء الاعتماد في معالجته على القوابض اللطيفة، مثل الأبهل والسرو ونحوه، أو على القوابض الكثيفة، وقد خلط بها مثل الزعفران، والمر والدارصيني، والراسن جيد جداً، وخصوصاً إذا طبخ معه الوج، ورماد الكرم مع شحم عتيق، وقشور الطلع وجميع ما قيل في تصليب الدشبذ.

فصل في استعمال الماء الحار والدهن إعلم أن الماء الحار والدهن لا يصلحان عند الجبر، لأنهما يمنعان الجبر، لكن يصلحان قبله، فإنهما معدان للانجبار، ويصلحان بعده لأنهما يحللان ما يبقى من الورم والَصلابة والدشبذ واليبس الذي تورثه الرباطات في الأعصاب، فتكون الحركة معها غير سهلة، لماذا استعملت الماء الحار والأدهان والشحوم والمخاخ تداركت تلك الآفات، وأما ما بين ذلك فإن الماء والدهن مانع جداً عن الالتحام، وربما استعملا في الأطفال ومن يقرب منهم لا غير إذا كانت الضمّادات قد جفت عليهم، وأوجعتهم، فيحتاج حينئذ أن يدهن الموضع الذي وجع، ثم يرفد ويجبر، وأما عند سكون الوجع فلا رخصة في ذلك، والأطباء ربما استعملوا نطولاً من الماء الحار عند حلهم الربط الأول، يلتمسون منفعة، وهو أن يجذبوا إليه المادة، وينبغي أن يكون ذلك الماء بحيث يقع عند العليل أنه معتدل فإن الحار جداً ربما حلل من البدن النقي فوق ما يجذب، وخصوصاً إذا طال زمان صبّه، وجذب من البدن الممتلىء فوق ما يجب، وخصوصاً إن قصر زمانه، بل يجب أن يكون الماء مع حرارته إلى اعتدال، ويكون زمان صبه على مقادر ما يري من ربو العضو وانتفاخه، ولا يصب حين ما يأخذ في الضمور، وقد ذكرنا من أحكام التنطيل في باب الخلع، ما يجب أن يتأمل أيضاً ههنا، والأحب إلي إذا لم يكن هناك وجع أن لا تقرب للعضو دهناً ولا ماء حاراً البتة، إلا ما تقدّمه في أول الأمر للاحتياط، ومما يجعل على المفاصل التي صلبت بعد الجبر على الوثي والرض التمر والألية ضماداً.

فصل في تغذية. المجبور وسقيه يجب أن يكون غذاؤه مما يولد دماً ثخيناً، وليس ثخيناً يابساً، بل ثخيناً لزجاَ ليتولد منه دشبذ لدن قوي، ليس بيابس ضعيف فينكسر، وذلك مثل الأكارع والهريسة والبطون والرؤوس وجلد الجداء والحمل المطبوخ ونحو ذلك، والشراب الغليظ القابض، ومن البقل الشاهبلوط، وكذلك اللبوب التي لا حدة فيها، ويجتنب كل ما يرقق الدم ويسخنه ويبعده عن الانعقاد مثل الشراب الرقيق، والأشياء المتوبلة جداً، وبالجملة تدبيره التغليظ للدم، إلا أن يكون هناك مانع عن جراحة تقتضي تلطيف الغذاء حسب ما يكون عليه من عظمه أو صغره، وعند خوف الألم، وأما إذا أمن ذلك فليتوسع في الغذاء وفي الشراب، ومن أحبّ الاحتياط بدأ بالتدبير الملطف، كالفراريج والدجاج ليأمن غائلة الورم، وذلك كما أنه قد يحتاج أيضاً إلى أن يفصد، ويسهل ثم بعد أيام قلائل يستعمله، وعلى أنه قد يحتاج أيضاً أن يترك هذا التدبير إذا أفرط الدشبذ في العظم واحتيج إلى منعه.

فصل في صفة لون موافق له تستعمله وقت الانعقاد يؤخذ خبز سميد، ودقيق أرز، وشحم البقر السمين، ولبن فيتخذ هريسة يجود ضربها. وأما دواؤه الذي يتناوله للجبر فالمومياء عجيب في الإشارة الإشارة إلى الأمور التي تتبع الكسر والجبر، ولا بد من تداركها، وقد يعرض من الكسر انهتاك لحم لا يتلصق، وإن لم يقطع تعفن، وعفن ما يليه من العظم، فيحتاج أن يقطع ويكوى وقد يعرض النزف، فيحتاج أن يمنع وقد يعرض فسخ ورض قوي للحم إن لم يعالج بشرط، أو بالأدوية المانعة للعفن صار إلى الآكلة، فيجب أن يراعى ذلك، وقد يعرض ورم حار فيه مخاطرة، فيجب أن تدبر تدبيره، وقد تعرض جراحات تحتاج أن تعالج أيضاً بما مرّ ذكره، وقد يعرض دشبذ مفرط في الكسر لا حاجة إلى قدره، فيجب أن تقلل الغذاء وتمنع تولده بمنع الغذاء والشد عليه، وبسائر ما قيل وقد يعرض استرخاء للفاصل من المدّ، وقد يعرض أن يسيل صديد إلى المخ متولد في العظم، فيحتاج أن يخرج العظم ويكشف الطريق للصديد.

المقالة الثالثة
كسر عضو عضو

فصل في كسر القِحف كثيراً ما يعرض أن ينكسر القحف، ولا ينشقّ الجلد بل يتورّم، فإذا اشتغل بعلاج الورم، ولم يتعرض للشجة فربما عرض أن يفسد العظم من تحت، وتعرض قبل البرء أو بعده أمراض رديئة من الحمّيات والرعشة وذهاب العقل وغير ذلك، فيحتاج إلى أن يشق، وكثيراَ ما يدل على موضعه من العليل بعبثه به ومسه إياه كل وقت، وحينئذ فلا يكون بد من رد الجراحة إلى حالها ليعالج الكسر، يجب أن يشق عن الجلد بقدر ما لا يحتبس فيه الصديد في هذا وفي غيره كيف كان، فإنه يِجب أن لا يكون محتبس الصديد اللهم إلا أن تكون أمنت ازدياد الورم، ووجدت الورم ينقص.

وإن كان الشق في الجلد قليلاً، إنما يحاذي كسراَ واحداً من عدهَ كسور، أو كان الورم انفجر وأظهر كسراً واحداً، فقد يعرض من ذلك الغلط الكثير، فإنه يظن أن لا كسر إلا ذلك، ولهذا ما يجب أن تتأمل حال الكسر تأملاً جيداً، ومما يمال بالحدس فيه إلى الصواب أن يتأمل سبب الكسر، ومبلغ قوة الكاسر في ثقله أو في عظمه، أو في قوته، فتعلم بذلك مبلغ ما يجب أن يكون من الكسر.

وكذلك الأعراض قد تدل على ذلك مثل السكتة والسدر، وبطلان الصوت وما أشبه ذلك، وقد يدل انشقاق الجلد في كثرته واختلافه، أو في وقوعه على سمت واحد على حال الكسر أيضاً، على أن هذا ليس بدليل يدل من كل جهة، فإنه ربما كان الكسر الباطن كثيراَ وعظيماً، ولم يكن على الجلد شقّ أو كان شق، فيحتاج حينئذ ضرورة إلى أن يتعرّف الحال بالدلالة التي تفتش بها عن الكسر، بتمكين البصر إن أمكن، وفي مثل هذه الأحوال "يحتاج إلى أن نشرّح الجلد صليبياً، ويكشط حتى يظهو العظم المهشم كله، وإن عرض نزف حشوت الكشط بخرق يابسة، ثم رفدت برفائد مغموسة في شراب، وتتركه إلى الغد.

وأما الشجاج إلى حدّ الموضحة، فعلاجها ما قد ذكر في باب القروح وقبله.

وأما الهاشمة والمنقلة ونحوها فما نذكره هنا. وأقلّ أحوال كسر العظام في الرأس، أن يحدث فيها صدع قشري غير نافذ إلى الجانب الآخر، بل يقف عند بعض التجاريب ومثل هذا يكون كالخفي عن الحس، وكأنه شعرة، ومثل هذا فالأصوب أيضاً أن يحكه إلى أن لا يبقى من الصدع شيء، وإن احتلت أن تستظهر تصبّ رطوبة سوداوية حتى يشتد ظهور الصدع بها فعلت، وحككت حتى لا يبقى الأثر، ويكون عندك محال مختلفة الأقدار فتستعمل أولاً أعرضها، ثم ما يليه، وإذا حككت استعملت الدواء الرأسي، وقد كفاك والأدوية الرأسية هي: مثل الإيرسا، ودقيق الكرسنة ودقاق الكندر، والزراوند وقشور أصل الجاوشير، والمرّ والأنرزوت، ودم ا لأخوين، وكل مجفف بلا لذع يعالج بعلاج القروح. فأما إن حدست أن الصدع نافذ إلى الجانب الآخر، فإن الحك لا يفنيه إلا بالتنقية فإياك والإمعان في الحك، بل قف حيث انتهيت، وتعرف حال الحجاب هل هو حافظ لوضعه من العظم، فتكون الآفة أقل، والأمن أظهر، وتكون عروض الورم أقل وأسلم وأصغر، وظهور القيح النضيج أسرع، وأكمل، أو قد أبانته الصدمة عن العظم، فذلك مما فيه الخطر كثر والأوجاع والحمّيات وما يتلوها أكثر، وقبول العظم لتغير اللون أسرع، وسيلان القيح الصديدي الرقيق فيه أكثر، ومما يعرض من الأرجاع والحميات والتمدد والعُشي وذهاب العقل بسبب الإهمال، للعلاج فيه أكثر.

وفي مثل هذه الحال، بل في كل حال يجب أن يتوقى البرد توقية شديدة ولو في الصيف، فإن فيه خطراً عظيماً. وأما الصادعة التي ليس فيها إلا صدع، ولكنه كبير يظهر معه السمحاق فكثيراً ما يكفي الشدّ والرباط، وكذلك الضمّادات بالمبرّدات، ولكن الأصوب أن يبدأ ويصب على الشق دهن الورد مفتراً، ثم يجمع بين طرفي الجراحة ويخيطهما إن احتيج إليه، ويذرّ عليه الذرور الراسبي، ويجعل فوقها خرقة كتان مبلولة ببياض البيض، وفوقها رفائد مشرّبة شراباً قابضاً مضروباً بزيت، ثم سائر الرباطات وليسكن العلل وليرفه ولينوّم وليفصد إن احتيج إليه، ولا تطلب في كل صدع وكسر أن تأخذ العظم كله، فإن هذا لا يمكن في كل موضع، ولكن تذكر ما أوصينا به في الباب الكلي من الكسر والجبر، على أن كثيراً من الناس أخذ العظم من رؤوسهم قطعاً، وعلى وجه آخر، ونبت اللحم والجلد على الشجة فعاشوا.

وأما الهاشمة وما بعدها، فاعلم أن عظام الرأس تخالف عظاماً أخرى إذا انكسرت، فإنها إذا انكسرت لم تجر الطبيعة عليها دشبذاً قوياً كما تجريه وتثبته على سائر العظام، بل شيئاً ضعيفاً، فلذلك ولكي لا ينصبّ القيح إلى باطن يجب أن تخرج إن كانت الشجة تامة، أو تقطع إن لم تكن تامة، ولا يشتغل بجبرها ويجب أن لا يدافع بذلك في الصيف فوق سبعة أيام، وفي الشتاء فوق عشرة أيام، وكلما كان أسرع فهو أجود وأبعد من أن تعرض الآفات العظيمة، ومما يستدعي إلى ذلك ويوجبه أن العظام الأخر غير عظم الرأس قد يصرف عنها الربط المواد، وهذا الربط لا يمكن على الرأس، فكذلك لا بد من أخذ العظم في الكسر الذي له قدر حتى يخرج الصديد كما يحتاج إليه، وأيضاً لو عرض صديد في داخل عظم مجبور مربوط بالربط العاصر الدافع للمادة، وقد كان تولّد ذلك الصديد من نفس الموضع، ونفذ إلى المخ احتجنا إلى الكشف والتنقية، فكيف في مثل هذا العضو، فلا بد إذن من هذا اللقط أو القطع، ومن كشف الموضع ومنع التحامه إلى أن يأمن، ولولا خوف سيلان الصديد إلى داخل ما قطعنا العظم، ويجب أن يكون القطع من الموضع الأوفق، والأوفق هو الجامع للمحاذاة التي يحدس، إن الصديد يسيل منه أجود وبسهولة القطع وقلة الحاجة إلى الهز والتعنية، والذي هو مع ذلك أبعد موضع بين العصب مثل اليافوخ، فإن وسطه لا يلاقي منبت الأعصاب.

واجتهد أن لا يصيب الحجاب برد، فإنه رديء وخطر، ولطف التدبير وأدمن صب الدهن المفتر.

وإن ظهر على الحجاب سواد فربما كان في ظاهره، ولم يكن ضاراً، وربما كان سببه الأدوية، فيعالج بعسل مضرب بثلاثة أمثاله دهن الورد حتى يذهب السواد وذرّ عليه الدواء الراسبي، وإن كان السواد متمكناً "فاهرب"، فإذا صحت الحاجة إلى قشر شيء وقطعه، وإخراجه فلتبادر، ولا تنتظر استكمال تولد القيح في الموضع، فإن هذا إنما يتحمل حيث لا يكون الغشاء المسمى بالأم مضغوطاً، أو منخوساً، فإن النخس يوجب في الحال ورماً وتشنجاً، وربما أدى إلى السكتة، فيجب أن يخرج ذلك العظم في الحال، فيعود الحس إن كانت سكتة في الحال.

وأما إن كان ثقب فالأمر أشذ استعجالاً، وإذا انكسر القحف وبرز الحجاب وورم سمي ذلك فطرة، فعليك فيما ذكرناه بمثل هذا الاستعجال، وإن كان لا بدّ من انتظار فإلى يومين أو ثلاثة، وفي أكثر الأمر يجب أن يعالج في الثاني، والقطع قد يكون بالمنشار اللطَيف المذكور، وقد يكون بأن يثقب ثقب صغار متتالية، بحيث يجب أن يسقط منه على أن فيه خطراَ، فإنه ربما نفذ دفعة إلى الغشاء، اللهم إلا أن يكون احتيل بالحيلة التي ذكرنا، فيكون أسلم.

وأما كيفية هنا العلاج فلنذكر في ذلك ما قاله الأولون، قالوا: ينبغي أن يحلق أولاً رأس المشجوج ويصير فيه شقين متقاطعين على زوايا قائمة، ويقطع أحدهما الآخر بشكل صليب، وينبغي أن يكون أحد الشقين الشق الأول الذي كان من الضربة، ثم ينبغي أن يسلخ ما تحت الزوايا الأربع لينكشف العظم كله النيى تريد تقويره، فإن عرض من ذلك نزف دم فينبغي أن تحشوها بخرقة مغموسة في ماء وخل، وإلا فاحشها بخرق يابسة، ثم صير عليها رفادة مغموسة في شراب وزيت، ويستعمل الرباط الذي يصلح ذلك، حتى إذا كان الغد إن لم يحدث شيء من الأعراض الرديئة، فينبغي أن تأخذ في تقوير العظم المكسور، وذلك أنه ينبغي أن يجلس العليل أو تأمره أن يستلقي على الشكل الذي يصلح للكسر،. ثم يسذ أذنيه بصوف أو بقطن لئلا يتأذّى من صوت الضرب، يحل رباط الجراح، وينزع جميع الخرق منه، ويمسحه، ثم يأمر خادمين أن يضبطا بخرق رقيقة أربع زوايا! الجلد الذي قد شق، ويمددها إلى فوق أعني الجلد الذي يكون على العظم المكسور.

وإن كان العظم ضعيفاً من طبعه أو من الكسر الذي عرض له، فينبغي أن ينزعه بمقاطع بعض بحذاء بعض، ويبتدىء من أعرض ما يكون منها، ثم يستبدل منها المقاطع الرقيقة، ثم يصير إلى الشعرية، ويستعمل الرفق في النقر والضرب لئلا يؤذي الرأس، ويقلعه، وإن كان العظم قوياً، ينبغي أولاً أن يثقب بالمثاقب التي تسمى غير غائبة، وهي مثاقب يكون لها نتوء قليل داخلاً من المواضع الحادة منها ليمنعا ذلك النتوء من أن يغوص، فيصل إلى الصفاق حتى يقوّر بها العظم المصدوع فيقلعه لا بمرة بل قليلاً قليلاً، فإن أمكنه أن يقلعه بالأصابع فذاك، وإلا فبمنقاش أو كلبتين أو نحو ذلك.

وينبغي أن يكون بين الثقب فروج قدر مِرْوَد حتى يصير قريباً من سطح العظم الداخل، وينبغي أن يتقي أن يمسّ المثقب شيئاً من الصفاق، ولهذا ينبغي أن يكون المثقب قدر ثخن العظم، وأن يستعمل في ذلك مثاقب كثيرة، فإن كان الكسر إنما هو في موضع انثناء العظام فقط، فينبغي أن يصير التفات إلى ذلد الانثناء فقط، حتى إذا قورنا العظم، فينبغي أن يسوى خشونة عظم الرأس الذي يكون من القطع والتقوير، أما بمِجْرَد وأما بشيء من المقاطع التي تشبه الشفرة، بعد أن يضع من تحت الآلة التي تستر الصفاق، وتحفظه.

وإن بقي شيء من العظام الصغار أو الشظايا، فينبغي أن يؤخذ برفق، ثم يصير إلى العلاج بالقتل والمراهم، فإن هذا أسهل ما يكون من أنواع العلاج، وأقلّ مضرّة. وقال قي "جالينوس": إذا أنت كشفت جزءاً من عظم الرأس، فصيّر تحته مقطعاً يكون الجزء الذي يشبه العدسة في آخره ثابتاً كالأملس، ويكون الحاد في الطول، حتى يكون العرض العدسي مستديراً على الصفاق، وينبغي أن يضرب من أعلاه بالمطرقه الصغيرة، ويقطع عظم الرأس، فإنا إذا فعلنا ذلك كان منه جميع ما نحتاج إليه، وذلك أن الصفاق لا يخرج حينئذ، ولا إن كان المعالج ناعسماً لأن الصفاق يستقبل الجانب العريض من الآلة العدسية، وإن صارت هذه الآلة إلى عظم الرأس، فانها تقلعه من غير أذى، وذلك أن أجزاء الشكل العدسي المستدير يهدي المقطع من خلف فيقطع عظم الرأس، وليس يمكن أن يوجد نوع آخر لقلع هذا العظم أسهل، ولا أسرع فعلاً من هذا. النوع.

وأما العلاج الذي يكون بالمناشير والآلات التي تسمى "جويتعدس"، فإن الحدث قد ذمره لرداءته، فهذا قولنا في علاج عظم الرأس إذا عرض له شقّ، ويصلح هذا العلاج بعينة في سائر أنواع الكسر الذي يعرض لعظم الرأس، وإن كنا إنما ذكرنا علاج الشق، فصيرناه مثلاً لغيره.

قال "فولس الاحتياطي و "جالينوس" أيضاً يعلمنا كمية العظم الذي ينبغي أن يقًطع، وهذا قوله أما ما ينبغي أن يقطع من العظم العليل، فإن ما كان منه قد تفتّت تفتتاً شديداً، فإنه ينبغي أن ينزع كله، وأما ما كان ممتداً منه شقوق امتداداً كثيراً فإن ذلك ربما عرض، فلا ينبغي حينئذ أن تتبع الشقوق إلى آخرها، وأن تعلم أنه لا يحدث بهذا السبب شيء ضار إذا كانت سائر الأفعال التي ينبغي أن تفعل على ما ينبغي، ثم ينبغي بعد العلاج بالحديد أن يؤخذ خرقة كتان مبسوطة قدر عظم الجرح، وتغمس في دهن الورد، ويغطى بها فم الجرح، ثم تأخذ خرقة مثنية أو مثلثة ونغمسها في الشراب ودهن الورد، ويلطخ الجرح كله بدهن الورد، ثم توضع الخرقة عليه بأخف مايكون لئلا يثقل الصفاق، ثم يستعمل من فوق رباطاً عريضاً.

ولا تشدّه إلا بقدر ما تمسك الخرق فقط، ثم تستعمل التدبير الذي يسكّن الالتهاب، ويذهب الحمى ويرطّب الحجاب من فوق بدهن الورد في كل حين، وتحلّه في اليوم الثالث وتمسحه، وتعالجه بالعلاج الذي ينبت اللحم، ويسكن الالتهاب، ويدز على الصفاق ذرورا جمن الأدوية اليابسة التي تسمى أدوية الرأس، حتى ينبت اللحم في بعض الأوقات على العظم إن احتجنا إلى ذلك، إذا كانت عظاماً نابتة أو لينبت اللحم سريعاً، ويعالجهم بسائر الأدوية التي ذكرناها في علاج الجراحات.

وقال "بولس" إنه كثيراً ما يعرض لصفاق الرأس بعد العلاج بالحديد ورم حار، حتى إنه يعلو ثخن عظم الرأس، وثخن الجلد أيضاً، ويكون مع ذلك جساوة تمنع حركة الطبيعة، وكثيراً ما يعرض لهؤلاء امتداد وأعراض أخرى رديئة، ويتبع هذه الأشياء الموت. وإنما يعرض الورم الحار للصفاق: إما لعظم ناتىء ينخسه، وإما لثقل الفتائل، وإما لبرد أو كثرة طعام أو كثرة شراب أو لعلة أخرى خفية. فإن كان الورم الحار من علة بينة، فينبغي أن تحسم تلك العلة سريعاً، وإن كان من علة خفية فاجتهد في إزالتها. واستعمل فصد العرق إن لم يكن شيء يمنع من ذلك، وإلا فالإقلال من الطعام أو التدبير الذي يصلح للأورام الحارة، مثل:،التنطيل بدهن الورد الحار أو بماء قد أغلي فيه خطمي، وحلبة وبزر كتان وبابونج، واستعمل الضمّاد المتخذ بدقيق الشعير والماء الحار والدهن وبزر الكتان، واستعمل شحم الدجاج في صوفة، ورطب بها الرأس والعنق والفقار، وقطر في الأذنين شيئاً من الأدهان التي تسكن الحرارة، وأجلس العليل في ماء حار في بيت وامرخه، فإذا داوم الورم الحار، ولم يكن شيء مانع من أخذ دواء مسهّل مره بفعل ذلك، فإن "أبقراط" أمر به، قال "بولس" فإن اسود الصفاق وكان السواد في سطحه، وكان ذلك أيضاً من دواء عولج به، فإن الدواء الأسود ربما فعل ذلك، فينبغي أن يؤخذ من العسل جزء، ومن دهن الورد ثلاثة أجزاء، ويخلط ويلطخ بها خرقة، وتوضع على الصفاق، فإن حدث في الصفاق السواد من ذاته، وكان واصلاً إلى العمق سيما إن كان ذلك مع علامات أخرى رديئة، فينبغي أن تيأس من سلامة هذا العليل، لأنه دليل على فناء الحرارة الغريزية وذهابها،. وقد رأيت من أصابه كسر في رأسه فقوّر عظم رأسه بعد سنة فصح، وذلك أن الكسر كان في اليافوخ، وكان من رمية سهم، وكان له مسيل، ولهذا لم يصب الصفاق شيء بل سلم من الفساد. قال "جالينوس": عرض علي إنسان قد انكسر يافوخه، أيضاً عظم الصاع كسراً ممتداً، فتركت الكسر عليه بحاله إلا شيئاً من عظم اليافوخ، وقطعته للغرض المعلوم، وكان ذلك كافياً وقد عوفي الرجل، فصل في كسر اللحي قال العالم إن انقصع إلى داخل، ولم يتقصّف بإثنتين، فأدخل إن انكسر اللحي الأيمن السبابة والوسطى من اليد اليسرى في فم العليل، وإن انكسر اللحي الأيسر فمن اليد اليمنى، وارفع بهما حدبة الكسر إلى خارج من داخل، واستقبلها باليد الأخرى من خارج ولسوف تعرف استواءه من مساواة الأسنان التي فيه. وأما إن تقصّف اللحي باثنتين، فأمدده من الجانبين على المقابلة بخادم يمدّه، وخادم يمسك، ثم يعبر الطبيب إلى تسويته علئ ماكرنا.

واربط الأسنان التي تعوّجت وزالت بعضها ببعض، فإن كان عرض مع الكسر جرح أو شظية عظم ينخس، فشق عنه أو أوسعه وانزع الشظية، واستعمل فيه الخياطة والرفائد والأدوية الملحمة بعد الردّ والتسوية، قال: رباطه يكون على هذه الجهة بجعل وسط العصابة على نقرة القفا، ويذهب بالطرفين من الجانبين على الأذنين إلى طرف اللحي، ثم يذهب به أيضاً إلى النقرة، ثم إلى تحت اللحي على الخدين إلى اليافوخ، ثم تمرّ منه أيضاً إلى تحت النقرة وليوضع رباط آخر على الجبهة، وخلف الرأس ليشدّ جميع اللف الذي يلفّ، ويجعل عليه جبيرة خفيفة، وإن انفصل اللحيان جميحاً من طرفها فليمد بكلتا اليدين قليلاً، ثم يقابلان ويؤلفان وينظر إلى تألف الأسنان، وتربط الثنايا بخيط ذهب لئلا يزول التقويم، ويوضع وسط الرباط على القفا ويجاء برأسه إلى طرف اللحي، ويؤمر العليل بالسكون والهدوء، وترك الكلام، ويجعل غذاؤه الأحساء، وإن تغيّر شيء من الشكل فحل الرباط إلا أن يعرض ورم حار، فإن عرض فلا تغفل عن النطول والأضمدة التي تصلح لذلك، مما يسكن ويحلل باعتدال، وعظم الفك يشتد كثيرا قبل الثلاثة الأسابيع لأنه ليّن وفيه مخ كثير يملؤه فصل في كسر الأنف الأنف أعلاه عظم، وأسفله غضروف، ولا يعرض لذلك الغضروف الكسر بل الرضّ، والتفرطح المفطس، والزوال إلى جانب. وأما أعلاه العظمي فقد يعرض له كسر. لمإذا انكسر الأنف ولم يعالج أدى إلى الخشم، وأيضاً قد يصلب، ويبقى على عوجه فلا يقبل التسوية، فيجب أن يباثر في اليوم الأول ولا يجاوز العاشر.

واعلم أن كسر الأنف إذا بلغ المواضع العالية منها ووقع فيها فأصلح التدبير فيه، أن يؤخذ ميل مهندم أملس، ويدخل بالرفق في الأنف إلى أقصى الخياشم، ويمسك بيد ويسوي الأنف باليد الأخرى حتى يستوي، ثم يتلطف في إدخال الفتيلة الحافظة لشكل التسوية، والأولى أن تكون من الكتان، والاحتياط أن تدخل في المنخرين جميعاً، وإن لم تكن الافة إلا في جانب واحد.

وربما جعل في داخل الفتيلة أصل ريشة ليكون أصلح لها، ثم أضمده وألصق عليه خرقة الضماد، ولا تخرج الفتيلة إلى أن يبلغ مبلغه من الاستحكام والانجبار، ولا تركب على الأنف رباطاَ، فإنه يفطسه اللهم إلا أن يكون هناك قنى عظيم ونتوء يحسبه التطامن.

وأما إذا عرض في الأجزاء السفلى، فيمكن أن يسوى بإصبعين من يدين كسبابتين، أو خنصرين، وإذا عرض في هذه الحال ورم فمرهم الدياخيلون جيد جداً، فإنه يسكّن الررم، ويحفظ أيضاً شكل التسوية ويقوّيه، وكذلك الدواء المتخذ بالخل، والزيت والسميد، ودقاق الكندر يذر عليه رماد ويضمد به.

وإذا كان الكسر رضا مفتتاً فلا يمكن أن يعود الأنف معه إلى الصلاح، إلا بعد أن يشقّ، ويخرج هشيم العظام، ويخيّط ويذر عليه الذرورات، وإذا عرض ميل وزوال للغضروف فسوه قهراً، ئم اربطه ربطاً يحفظه على ذلك، وهو أن يجعل الربط مشدود من صفحة العنق التي عنها الميل، ومما يسفل به هذا الربط، ويجوزأن تأخذ حاشية ثوب قوية أو سيراً له عرض إصبع، وتلطخ أحد طرفيه بغراء السمك أو غراء جلود البقر والصمغ، أو بسائر اللزوقات ويلصقه على طرف الأنف من الجانب الذي عنه الميل حتى يجف عليه، وترد الأنف إلى وضعه بالقهر، ثم تمدد ذلك السير أو الخرقة حتى تسويه به، وتميله إلى الجانب المخالف للميل الأول وتجيزه على الرقبة، وتربط ربطاَ ماسكاً للأنف على تلك الهيئة وتضمد بالضماد الذي يجب.

فصل في كسر الترقوة الترقوة تنكسر إما لثقل محمول، وإما لسقطة عظيمة، وإما لضربة شديدة، ثم أن للترقوة يصعب جبرها، وتحتاج إلى لطف، قالوا في جبرها إن اندقت بالقرب من القص كان نزول رأس العضد إلى أسفل أقل، قال وإذا اندقت الترقوة بنصفين فأجلس العليل على كرسي، ويضبط خادم العضد الذي فيه الترقوة المكسورة، ويمده إلى خارج وإلى فوق أيضاً، ويمد خادم آخر العنق والمنكب المقابل بقدر ما يحتاج إليه، ويسوي الطبيب بأصابعه ما كان ناتئاً يدفعه، وما كان منقعراً يجبه، ويجره.

فإن احتاج في ذلك إلى مد أكثر، وضع تحت الإبط كرة عظيمة من خرق، ورفع المرفق حتى يقربه من الأضلاع، فإنه يمتد على ما يريد، وإن انقطع طرف الترقوة إلى داخل كثيراً، ولم يُجِب بجذب الطبيب، ولم يعلُ، لأنه صار إلى عمق كبير، فألق العليل على قفاه، وضع تحت منكبه مخدة محدودبة، واكبس منكبه إلى أسفل حتى يرفع عظم الترقوة، ثم سوه وأصلحه بأصابعك، وشد، فإن وجد العليل نخساً من إمرار اليد عليه فإن شظية تنخسه تحت الموضع، فشق وانزاع الشظية، وليكن ذلك منك برفق خاصة إن كانت الشظية تحت لئلا يخرق صفاق الصدر، وأدخل الالة الحافظة للصفاق تحت العظم، ثم اكبس العظم، فإن لم يعرض ورم حار فخط الشق والحمه، وإن عرض ورم حار فبل الرفائد بالدهن، وإن نزل رأس العضد عند الكسر مع قطعه الترقوة إلى أسفل، فينبغي أن يعلق العضد برباط عريض، ويشال إلى ناحية العنق وإن كان قطعه الترقوة يميل إلى فوق، وقلما يكون ذلك فلا تعلق العضد، وليستلق صاحب الترقوة المكسورة على ظهره، ويلطف تدبيره وتشتد الترقوة في شهر وأقلّ.

وأما رباطات الترقوة، فقد قالوا أن الترقوة لا تنفك من الجانب الداخل، لأنها متصلة بالصدر غير منفصلة منه، ولهذا لا تتحرك من هذا الجانب وإن ضربت من خارج ضربة شديدة، ونبرت، فإنها تسوّى وتعالج بالعلاج الذي يعالج به إذا انكسرت، وأما طرفها الذي يلي المنكب، وتنفصل منه، فليس ينخلع كثيراً لأن العضلة التي لها رأسان يمنعها من ذلك، ويمنعه أيضاً رأس الكتف، وليس تتحرّك أيضاً الترقوة حركة شديدة، لأنها إنما صيرت لتفرّق الصدر فقط، وتبسطه، ولهذا صارت الترقوة للإنسان وحده من بين سائر الحيوان.

وإن عرض لها الخلع من صدأع أو من شيء آخر مثل هذا، فإنها تسوّى وتدخل إلى موضعها باليد، وبالرفائد الكثيرة التي توضع عليها مع الرباط الذي ينبغي، ويصلح هذا العلاج لطرف المنكب أيضاً، إذا زال ويؤديه إلى موضعه، والذي يربط به الترقوة بالمنكب، وهو عظم غضروفي وهو يغلط به في المهازيل.

وإذا زال ظن الذي ليست له تجربة أن رأس العضد قد انفكّ، وخرج عن موضعه فإن رأس الكتف يرى حينئذ واحداً ويرى الموضع الذي انتقل منه مقعراً، لكن ينبغي أن تميّز بالدلائل التي تجريها من بعد.

فصل في كسر الكتف أما الكتف فقلما ينكسر الموضع العريض منها، وأكثر ما يعرض من الكسر لها فإنما يعرض للحروف والجوانب والشظايا، وإذا عرض فباللمس يعرف وبما يتبعه من النخس، لكن قد يعرض لها كثيراً شقّ تدل عليه خشونة، تعرف باللمس والوجع المكاني والنخس إن كان، وأن لا تكون سائر العلامات، وربما عرض لها انكسار إلى داخل، فيدلّ عليه التقصع الحادث، وخشخشة خفيفة ينالها السمم إذا مست مسّ الاستبانة، وخدر يحدث باليد التي تليه، ووجع وعلاجه أيضا تلطيف اليد، وحسن التأني للدفع من قدام والتسوية،. وربما احتيج إلى المحاجم فيما أظن حتى يجذبه إلى خلف، ويسوّي مع احتراز من مضرته في جمع المادة، وأما شظايا الكتف إذا انكسرت، فإنها إن كانت قلقة ناخسة مؤذية فلا بد من إخراجها، وإن كانت ساكنة سويت وربطت رباطات تشبه رباطات الترقوة، ويجب أن ينام صاحب كسر الكتف على الجانب الصحيح لا غير.

فصل في كسر القص قد يعرض للقصّ انفلاق مفرد وقد يعرض انكسار إلى داخل، والأول تعرفه بالفرقعة المحسوسة باللمس، والتسمع، وبما يحدّه من تباين جزأين منه، وبامتداد الوجع.

وأما الثاني فقد تتبعه أعراض رديئة من ضيق النفس، والسعال اليابس، وربما نفث صاحبه الدم، وربما تولّد منه تعفن الحجاب، وعلاج هؤلاء علاج من به ذلك في المنكب وإن مال إلى أسفل، والعلاج الذىِ رسم في إزعاج الترقوة المتطامنة بالكسر، وإن دخلت الأضلاع استعملت عليها الرباط المتخذ من الصوف بالاستدارة بعد رباطات، توضع عليها من أسفل بالاستقامة، ثم تجمع طرفا الرباطين، ويربط بعضهما ببعض، فإنها تمنع الرباطات المستديرة من أن تنحل.

فصل في كسر الأضلاع الأضلاع الصادقة السبع يعرض لها كسر من الجانبين، وأما الكاذبة فيعرض لها كسر من جانب القلب، ولأن أطرافها الأخرى غضاريف الشراسيف على ما علمت، فلا يعرض لها إلا الرض، وأما تعرف كسر الأضلاع، فهو سهل لا يخفى على اللمس لما يحس من الخشونة، ومن الحركة في غير موضعها، وربما سمع إن تسمع خشخشة خفيفة، فإن كان الميل من الضلع إلى داخل وتدل عليه أعراض ذات الجنب، وربما كان معه نفث دم، فلا يقدمن المجبرون على علاجه بالمدّ إلى خارج لعوز الحيلة، فإن ذلك عسر بغير محاجم ولأن المحاجم قد يخاف منها أن تجمع مادة كثيرة إلى ذلك المكان وفيه ما فيه من الفساد، فإن رفقت بها ولم تطل إمساكها لم يكن بأس، ولكنه ربما أطعموا العليل أغذية نفّاخة جداً لتنتفخ أجوافهم، فيزاحم النفخ الكسر، ويدفعه إلى خارج، وهذا أيضاً وإن كان لا يوجد عنه في بعض الأوقات بدّ، فهو سبب عظيم في إحداث الورم، قال بعض العلماء من أهل الجبر، ينبغي أن تغطي المواضع بصوف قد غمس في زيت حار، وتصير رفائد فيما بين الأضلاع، حتى تمتلىء ليكون الرباط مستوياً إذا لفّ على الاستدارة كما وصفنا في الصدر، ثم يصير كما يصير في أصحاب الشوصة على قدريلائم العظم.

وإن أَرْهَقَنا أمر شديد، وكان العظم ينخس الحجاب نخساً مؤذياً، فينبغي أن يشق الجلد، ويكشف الكسر من الضلع، ثم تصير تحته الآلة التي تحفظ الصفاق لئلا يخرج الصفاق، ويقطع برفق العظام التي تتخس، وتخرج، ثم إن لم يعرض ورم حار يجمع الشقوق، ويعالج بالمرهم، وإن عرض لها ورم حار غطي برفائد مغموسة في دهن، ويغذى العليل ويعالج بما يسكّن الورم الحار، ويستلقي على الجانب الذي يخفّ عليه.

فصل فيما يعرض للخرزات من الكسر قال "بولس الاحتياطي ": إن استدارات الخرز ربما يعرض لها الرضّ، وأما الكسر فقلما يعرض لها، وحينئذ تنعصر صفاقات النخاع، أو النخاع بعينه فيشاركهما العصب في الألم، ويتبعهما الموت سيما إن عرض ذلك لخرز العنق، ولهذا ينبغي أن نقدّم القول ونخبر بالعطب الكائن، وإن أمكن أن يخاطر، وينزع العظم المؤذي بالشقّ، فذلك، وإلا ينبغ أن تدبرهم بالتدبير الذي يسكن الأورام الحارة، وإنبقي شيء من الأجزاء الثابتة من الخرز التي تكون منها التي تسمى شوكية، فإن ذلك يسقط سريعاً تحت الأضلاع، إذا أردنا تفتيشه، لأن الذي تفتت يتحرك فيزول عن موضعه، فينبغي أن ينزع لك بشق الجلد من خارج، ثم يجمع بالخياطة ويستعمل فيه علاج يلحم، فإن انكسر عظم الكاهل أسفل القطن والعصعص فليدخل أصبع السبابة من اليد اليسرى في المقعدة، ويُسَوِّ العظم المكسورباليد الأخرى، على ما يمكن، وإن أحسسنا بعظم مكسور قد تبرأ، فينبغي أن ينتزع أيضاً بالشق كما قلنا، ثم يستعمل الرباط الذي يليق بالمقعدة والعلاج الموافق لها.

فصل في كسر العضد عظم العضد إذا انكسر كان في الأكثر إنما يميل إلى خارج، فيجب أن تفعل ما يجب أن يفعل في رد الكسر إلى وضعه على ما علمت، وتمسّه بيدك وتسوّيه التسوية البالغة، واربطه بالرباط المتصاعد، ولو إلى المنكب تشده به إن كان قريباً منه، ثم الرباط المتنازل على ما علمت، ولو إلى تحت المرفق إن كان الكسر قريباً من المرفق، ثم اربطه برباط ثالث يصعد من أسفل إلى فوق، وعلق اليد مروّى لا يكون معلقاً مدلى، فإنه رديء.

والأجود أن يستند العضو إلى الصدر على التزوية في المرفق لئلا يتحرك، وخصوصاً إذا كان انكسر بقرب المرفق، واجعل على الرباط إما ماء وخلاً أو ماء وحده إن كان الكسر بعد لم يَرِمّ، واجعله من كتان وعرضه أربع أصابع لا غير، وإن كان قد أتى عليه مدة وورم فاجعله في صوف، واغمسه في دهن، وان أمكنك ولا يكونن مانع فلا تحلن إلى السابع، فما بعده إلى العاشر، ثم حينئذ تحلّ، وتربط بالجبائر.

وإن دعاك الاحتياط إلى غير ذلك فحلّ في الثالث، وهو الذي يميل إليه "أبقراط" فإنه يدفع آفات، وإن أضر بالانجبار.

وأما كيفية وضع الجبائر، فيجب أن يكفيك ما بينا لك في بابها، ولا تفارقنه الشدّ إلى أقل من أربعين يوماً، وإذا احتيج بحسن الإعادة إلى مد شديد، ولم يواتك ولم تعن معونة من يعينك، فاجلس العليل على كرسي مشرف، ويكون إلى القائم أكثر منه إلى القاعد، وليتكين بإبطه "على درجة من السلم، أو ما يشبهها مما علمت في باب الخلع، وقد وطىء ذلك الموضع ومهّد وليّن، ثم لتعلق من مرفقه شيئاً ثقيلاً تمدّه إلى أسفل، فإذا امتد الامتداد المطلوب سوّي، وإن أغناك ربط عصائب قوية تحت الكسر وفوقه، وإنامة العليل مستلقياً، ومد ما عصبت بأقوياء من الرجال إلى تحت وإلى فوق، ففي ذلك كفاية، إذا كان الكسر في وسط العضد جعلت الربط ببعد واحد من طرفي المفصل، وإن كان أقرب إلى جانب جعلت الربط شديد القرب من طرف بعيداً من الآخر، وإن كان صدع فقط فعالجه علاج الصدع وشدّ عليه الربط.

فصل في كسر الساعد قد يتفق أن تنكسر الزندان معاً، وقد يتفق أن ينكسر أحدهما، وانكسار الزند الأسفل شر وأقبح من انكسار الزند الأعلى، إذا انفرد الكسر بأحدها، وذلك لأن الزند الأسفل وهو الساعد هو الحامل، فانكساره شر، ولأنه معرى من اللحم فانكساره أقبح، وأيضاً فإن قبول الأعلى للعلاج سهل يكفيه مدّ يسير، ولا كذلك الأسفل وخصوصاً إن انكسرا معاً، ويجب أن يتوكأ عند مد العضو على الكوع، وهو أصل الكفّ، ويتعرف مبلغ شدّ الرباط، فإنه إن أحدث منه في الأصابع ورماً يسيراً ووجعاَ يسيراً فإن الرباط معتدل، وإن لم يكن البتة فهو رخو، وإن كان كثيراً مفرطاً فهو شديد، يجب أن يرخّى، وأما وضع الجبائر، فليس مما يخفي عليك، ولكنها يجب أن لا يبلغ بطولها الكفّ، وأصول الأصابع، بل أقصر من ذلك بقليل إلا أن المحوج إليه قرب الكسر من المفصل الرسغي، ولكن حينئذ أيضاً يجب أن لا يمسّ البراجم من الأصابع، وإذا جبر وربط فيجب أن يعلق من العنق على شكل مروّى، ويجب أن يكون تعليقه خاصة إن كسره إلى أسفل بخرقة عريضة، تأخذ طول الساعد كله، فإنه إن كان ملاقاة العلاقة من قرب الكسر فقط، وسائره مبرأ عن المستند عرض التواء لا محالة، ومال على ما يوجبه ميل الكفّ، بل يجب أن يكون الكف وأكثر الساعد في العلاقة، وأما إن كان الكسر إلى فوق فيجب أن يكون التعليق بحيث يبرىء الكسر، ويقل الطرفين من جانب الكف، ومن جانب المرفق، فإن تبرأ ما بين ذلك يكون عوناً له على استواء الشكل، وتكون العلاقة خرقة لينة ويكون التعليق بحيث لا تكبه البتة، ولا تبسطه بسطاً عنيفاً، وربما عرض للساعد أن يتجبر بسرعة إلى قرب ثمانية وعشرين يوماً.

فصل في كسر الرسغ هذه العظام قلما يعرض لها الكسر، فإنها صلبة جداً، وإذا أصابها سبب أزالها عن مواضعها، ولم يكسرها فتكون غاية العلاج فيها نحو ما قلناه في الخلع.

فصل في كسر عظام الأصابع هذه أيضاً قلّما يعرض لها الكسر، بل يعرض لها زوال، وقالوا إن عرض لها كسر فينبغي أن يجلس العليل على كرسي مرتفع، ويؤمر أن يضع كفه طى كرسي مستوِ، ويمدّ العظام المكسورة خادم، ويسوّيها الطبيب بالإبهام والسبابة. وإن كانت الابهام مائلة إلى أسفل، فينبغي استعمال الرباط من فوق، فربما عرض ورم حار ولمكان إسترخاء هذه العظام تجتمع إليها فضلة كثيرة، وتجمد سريعاً فيشتدّ، وإن عرض الكسر لسلامى أو لأصبغ إن كان الإبهام فينبغي أن يربط الرباط الخاص له، وأن يربط أيضاً مع الكف لتثبت ولا تتحرّك، وإن عرض الكسر لشيء من سائر الأصابع إن كانت السبابة، أو الخنصر فلتربط مع التي تقرب منها، وإن كان من الأصابع الوسطي فلتربط مع التي من جانبيها، أو تربط كلها على الولاء بعضها مع بعض، فإنه أجود وذلك أنها تثبت ولا تتحزك، وتكون حينئذ كأنها قد ربطت مع جبائر أعني العظام المكسورة.

فصل في كسر العظم العريض والورك عظم الورك قد ينكسر في الندرة بحال قوته، وقد يعرض ذلك به على سبيل تفتت الأطراف، وقد ينشق في الطول، وقد يندفع داخله إلى باطن، وقد يعرض بعد هذه الأحوال أيضاً من الوجع، والنخس، وخدر الساق والفخذ، قريباً مما يعرض للعضد من انكسار المنكب، وإذا انكسر العظم العريض الذي فوق العصعص، أو تشظت عضلة صعب الأمر في إصلاحه، وصار أحد الوركين إلى النقصان، وعلاجه أن يبطح العليل، ويتعاطى رجلان قويان مد فخذيه كل يمدّ منه فخذاً، وقد تشبّث واحد بيديه لئلا يتسارعا إلى مدافعة ممن يُمَدّ فخذيه، ويتولّى مجبر إن غمر وركيه بشدة وقوة حتى يستوي، ثم يهيأ عليه الضماد، ثم يستلقي على مثل كبة من خرقة أو نحوها مما له صلابة، وهذا قريب مما يعالج به الكتف أيضاً. وإذا انكسر من جانب الورك فعلاجه علاج انكسار المنكب، ويجب أن يستعمل ا!لترطيب على الربط، ويسوّي الرفائد كما ينبغي، ويجب أن تكون مستندة على موضع وطيء جيداً.

فصل في كسر الفخذ إذا انكسر الفخذ احتيج إلى مد قوي شديد، ثم يسوى على الهيئة الطبيعية التي له، وهي تحديب في وحشيه، وتقعير يسير في أنسية على استمرار الهيئة التي له في الصحة، وتراعى من حال انكسار وسطه وطرفه الأعلى والأسفل أحوال ذكرت في باب العضد، ويكون الشد إلى فوق ليحفظ ويحبس. قالوا إذا انكسرت الفخذ انقلبت إلى المواضع القدّام وإلى خارج، وذلك أنها عريضة من هذه الناحية بالطبع، وتسوى بالأيدي والرباطات وأنواع المد التي تكون على المساواة ويصير أحد الرباطين فوق الكسر، والآخر تحت الكسر إذا كان الكسر في الوسط، وأما إذا كان الكسر مائلاً عن الوسط، وكان قريباً من رأس الفخذ، فليؤخذ قماط، ويلف في وسطه صوف لئلا يقطع في اللحم، ويصير وسطه على العانة، ويصعد أطرافه إلى ناحية الرأس، ويدفع إلى خادم يمسكها إلى أسفل، وإن كان الكسر فيما يلي الركبة فإنا نصير الرباط من فوق الكسر، وندفع أطرافه إلى من يمدّها إلى فوق، ونضبط الركبة أيضاً برباط نلفة عليه، ونسوي هذا العضو، والعليل مستلق على وجهه وساقه ممدودة، وإن كان عظام تنخس فينبغي أن تسوى كما قلنا مراراً كثيرة، وما ارتفع منها فليؤخذ، وأما سائر التدبير فليكن على ما ذكرنا في باب علاج العضد وعظم الفخذ يشتدّ في خمسين ليلة، وسنخبر كيف ينبغي أن يكون وضعه بعد أن يجمع علاج الساق، ويجب أن يوضع بين الفخذين حينئذ كسرة من خشب أو نحوه، حافظة للهيئة التي تسوى عليه، وتجبر الجبر المعروف على تعاهد لما سيحدث من ورم وحكة.

وإذا عرض ورم على الفخذ، فإنه يكون ورماً قوياً، وهو مما يتسارع إلى الفخذ، فحينئذ يجب أن تباثر إلى الحل ليتنفس، ويتبدد الورم، وقد عرفت النطولات الخاصة به، وأما القوالب والبرابخ وهي ألواح عظام فيَها قليل تقعير، لتتهندم على اللفائف.

وتأخذ طول الرجل، فإنها إن قصرت ولم تجبر على الساق، وقطع دون ذلك، كان ذلك مما لا فائدة فيه الفائدة المطلوبة فيه.

وإن طولت كان المريض منها في تعب، على أنها إن قصرت لم يخل من أتعاب، وفائدة تطويلها أن يمنع أيضاً الطائفة الصحيحة من الرجل أن تتحرك، إذا كانت حركة ذلك القدر ضارة بالكسر، وخصوصاً في حال الغفلة والنوم، وكان الحاجة إلى هذه الآلات إنما تكون في الكسر العظيم جداً، ولا يمكن مع ذلك استعمالها إلا قبل أن ترم، فإن الورم لا يحتمل أمثالها وبالجملة هو ثقل وبلاء وتعب، ولا يجب أن يرغب فيها ما دام عنها استغناء بحيل أخرى، وأما نصبة مجبور الفخذ، فينبغي أن يكون على ما اعتاده في الصحة من دوام القبض والبسط، والذي هو الأغلب فهو البسط، واعلم أن منكسر الفخذ والورك قلما يعرى من عوج إذا انجبر، وإن انقطعت شظايا عضلها استرسلت أولاً ثم تقلصت ثانياً.

فصل في كسر الفلكة الفلكة قلما تنكسر، وفي الأكثر تندق، ويعرض ما يعرض لها باللمس وخشونته وبالفرقعة التي يفطن لها باللمس، ويسمع بالأذن، ويجب في علاجها أن يمدّ الساق، ثم يلقم الفلكة موضعها، وإن كانت تفرقت تجمع أولاً ثم تدس.

فصل في كسر الساق إذا نكسر العظم الصغير من الساق، فهو أسلم من أن ينكسر العظم الكبير، وإذا، انكسرت القصبة الصغرى العليا كان الميل إلى خارج وقدّام، وكان المشي مع ذلك ممكناً وإن انكسرت القصبة الكبرى السفلى مال الساق إلى خلف وإلى خارج، وإذا انكسرت القصبتان جميعاً فهو أردأ، وحينئذ قد يعرض للساق أن يميل إلى جميع الجهات.

واعلم أن علاج كسر الساق على قياس علاج الساعد، وفي مثله وليس حال الساق في انحراف يعرض لشكله الطبيعي، كحال العضد، بل هو مستقيم. فيجب أن تكون مدة على أن يرد إلى الاستقامة فقط.

فصل قي الكعب الكعب مصون عن الانكسار لصلابته، وبإحاطة الوقايات به، وأكثر ما يعرض له إنما هو الخلع، وقد قيل في ذلك كلام مستوفي.

فصل في العقب إنكسار العقب صعب، وعلاجه عسر وأكثر ما ينكسر إذا سقط الإنسان من موضع فاتكأ على رجليه، وربما عرض معه رض عظيم مع سيلان دم إلى بطون العضل، يجمد فيها وقد يؤدي إلى أعراض عظيمة من حمّى، واختلاط عقل وارتعاش وتشنّج من الرجل، وإذا عرض فيه ورم جامد ليس يستبين، ولا يخرج وقد أحدث كمودة لم تكن، فهو علامة رديئة يدل على أنه في طريق التعفّن، وإن كان ورمه ظاهراً مدافعاً فهو أجود وربما تيسر انجباره، وإذا انجبر العقب كان المشي عليه موجعاً، وإذا لم ينجبر العقب على ما ينبغي بطل الانتفاع به.

فصل في أصابع الرجل علاجها في الخلع والكسر علاج أصابع اليد، وربما سوّاها المجبر بقدمه يطؤها به، وعليك أن تحتاط في جمع ذلك.