الفن السادس
السموم
يشتمل على خمس مقالات:
المقالة الأولى
أحوال السموم المشروبة
وتفصيل القول في معالجات السموم التي ليست بحيوانية وغير ذلك فصل كلام كلي في التحرز عن السموم المشروبة وعلاجها من خاف أن يسقى سماً، فيجب أن يحترز عن الأغذية الغالبة الطعوم في حموضة، أو ملوحة، أو حرافة أو حلاوة، والغالبة الروائح فإنهم يكسرون بذلك طعم ما يحسّونه ورائحته، ويجب أن لا يحضروا مكاناً منهما على جوع شديد، أو عطش شديد، فإن كل واحد منهما يخفي ما يجب أن يتفطن له لشدة النهم، وعلى أن الممتلىء من الطعام والشراب إذا سقي السم عرض للسم عرضان: أحدهما أن. يندفن في خلال ما امتلأ منه.
والثاني أن العروق تكون مملوءة فلا يجد السمّ فيها منفذاً، وربما كان فيها طعم شيء يضاد السم هذا، ويجب عليه أيضاً أن يكون متناولاً على سبيل الاعتبار الأدوية الدافعة المضرة السموم كالمتروديطوس، فقد جرّب منفعته، ومثل معجون الطين الأرمني، وكذلك التين مع ورق السذاب والجوز والملح الجريش.
وأما الأوزان فإن يأخذ من السذاب اليابس عشرين جزءاً، ومن الجوز جزأين، ومن الملح خمسة أجزاء، ومن التين اليابس خمسة أجزاء. والجدوار عجيب في دفع مضرّة السموم كلها و "بوحا" أيضاً، ولست أحقق هل هما دواءواحد، وأيضاً من بزر السلجم الصغار وزن درهم ونصف، ويشرب بالمطبوخ والسذاب والملح أيضاً، كذلك ويجب على المتحرّز أن لا يكون كل تحرزه من إطعام غيره أو سقيه، فربما عرض له من حيث لا يحتسب، بل قد يتفق أن يسقط شيء خبيث مثل العظاية والرتيلاء والعقرب، فيما يطبخ أو في الأواني التي فيها شراب، فإن كثيراً من الهوام يحب رائحة الشراب ويبادر إليه وقد يموت في الدنان وقد يشرب منه ويتقيأ فيه، ولهذا يجب أن يتوقى المسقفات وما تحت الشجر العظام والمعاشب واللّه أعلم.
فصل كلي في السموم المشروبة أصناف السموم صنفان: فاعل بكيفية فيه، وفاعل بصورته وجملة جوهره. والأول إما أكال معفن مثل الأرنب البحري، وإما ملهب مسخن مثل الأوفربيون، وإما مبرّد مخدر مثل الأفيون، وإما مسدّد لمسالك النفس في البدن مثل المرداسنج، وأما الفاعل بجملة جوهره، فمثل البيش ومثل الهلْهَل الذي يدعي أنه صمغ إما للبيش وإما لقرون السنبل وإما لشيء آخر، ومثل قرون السنبل، ومثل مرارة النمر، وما أشبه ذلك، وهذا شر السموم.
وأيضاً فإن من السموم ما يحمل على عضو واحد بعينه، مثل الذراريح على المثانة، والأرنب البحري على الرئة، ومنه ما يحمل على جملة البدن مثل الأفيون، وكلما قيل بتبديل المراج، أو بالتعفين أو بالجمل على عضو فقد يجوز أن يكون فعله بعد حين، على أن المتعفن كلما بقي في البدن كان فعله أردأ، والسلامة منه بتحليل يعرض له، ولما يعقبه بالعرق ونحوه، أو بالعلاج المقابل له. واعلم أن مضرة المخمدرات بالأمرجة الحارة من جهة أضعف ومن جهة أقوى، وأي الجهتين غلب كان الحكم له، فمن حيث أن المراج الحار في القلب يقاومها ففعلها أضعف، ومن حيث أنها تجد من البدن الحار تلطيفاً لجوهرها البارد الثقيل، واجتذاباَ بقوة حركة الشريانات وجذبها عند الانقباض، فتكون نكايتها في الأبدان الحارة أشدّ، لا سيما وهي مضادهّ لمراجها. ويشبه أن يكون القول في السموم الحارة هذا القول أيضاً، فإن المراج الحار يقاومها بالدفع عن القلب، وتحليل القوة، لكنّ الشرايين من المراج الحار يجذبها، فيعرض مثل ذلك، ولذلك قال "جالينوس": أن القونيون وأظنه البيش أو سمًا قاتلاً، إنما يقتل الإنسان، ولا يقتل الزرازير، لأنه لا يصل في الزرازير إلى القلب إلا بعد مدة، قد انفعل فيها عن البدن الانفعال الذي ما بقي بعده، إلا إنفعال الاستحالة غذاء، وفي الإنسان يستعجل قبل ذلك لسعة مجاريه وشدة حرارته وقوة حركات شرايينه الجاذبة.
وأقول هذا وجه ما، لكن المناسبات أيضاً بين
القوى الفاعلة، والمنفعلة مما يجب أن يراعى، ومن أين علم أن القونيون سمّ
بالقياس إلى المراج العريض الذيِ للحيوان مطلقاً، إذا تمكن، حتى يكون
قاتلاً إذا تمكن من مثل الإنسان غير قاتل، إذا لم يتمكّن من مثل الزرزور
فعسى أن القونيون ليس بسمّ بالقياس إلى مراج الزرزور، ولو لم يستحل غذاء
ووصل إلى قلبه وصوله إلى قلب الإنسان بسهولة، لم يقتل.
قال: وقد كانت بعض العجائز تناولت في أول الأمر من البيش شيئاً قليلاً
جداً، ثم لم تزل تلازمه حتى ألفته الطبيعة، وتجرأت عليه وما ضرّها شيئاً،
وقد حدث "روفس" أنه قد يغذي الجارية بالسمّ ليقتل بها الملوك. الذين
يباشرونها وأنه يبلغ مراجها مبلغاً عظيماً حتى يقتل لعابها الحيوان، ولا
يقرب لعابها الدجاج.
فصل في الاستدلال على أصناف السموم قد يستدل عليها بما يحدث في البدن من الأوصاب، فإن حدث شبه لذع، وتقطّع، ومغص، وأكال عرف أن السم من قبيل الأدوية الحارة الحادة الحريفة مثل: الزرنيخ، والسكّ، والزئبق المقتول. وإن حدث التهاب شديد ودرور العرق، وحمرة العين، وكرب وعطش دل على أنه سم بحرارته فقط، مثل: الفربيون، وإن حدث سُبات وخمر وبرد دلّ على أن السم من قبيل المخدرات، وإن لم يظهر إلا سقوط قوة، وعرق بارد وغشي، فهو من السموم التي تضاد الإنسان بجملة الجوهر، وهو أردؤها، وقد يستدلّ عليها بالروائح إما رائحة البدن كله فمثل سطوع رائحة الأفيون، من شاربه وإما رائحة عضو منه، كرائحة الفم عند شرب السموم المعفنة مثل؛ أرنب البحر وأقونيطن، والذراريح وقد يستدلّ عليه بالتقيئة، فإنه إذا قيىء المسموم، لم يبعد أن يقع البصر على جوهر ما سقي منه، أو يعرف بالرائحة أو بالطعم مثل: ما يقع البصر على المرداسنج، والجبسين وعلى الدم الجامد، واللبن المنعقد، وكذلك الأفيون يعرف بالرائحة، والأرنب البحري، والضفدع بالسهولة.
فصل في العلامات الرديئة إذا أخذ السموم يغشى عليه، وتتقلب حدقتاه، فيغيب سوادها فلا يرجى، وكذلك إذا احمرت عينه ودلع لسانه، وسقوط النبض، والعرق البارد دليل سوء، في مثل هذا الحال قلمايعيش.
فصل في قانون علاج من سقي سمًا يجب أن لا يدافع، بل يباثر كما يحس به قبل أن تفشو قوته في البدن، ويشرب ماء فاتراً ودهن الشيرج، والزيت ويتقيأ، ويبالغ في ذلك، ما أمكن والأجود أن يكون فيه قوة من شبت، وبورق وقد يخلط بالزيت الحضض، وشحم الأوز، ويستحب أن يكون الذي يشربه للقيء من ذلك ومن غيره ماء كثيراً وأغذية كثيرة، فإنها وإن لم تقيىء فقد تكسر السم، وتغلبه، وإذا تقيأ ما أمكنه، ثم شرب اللبن الكثير فإنه يكسر عادية السمّ، ولا بأس لو انقذف عنه، وأيضاً إن شرب طبيخ بزر الأنجرة مع السمن دفع السم قيأً وإسهالاً ثم يشرب اللبن والزبد أجود من اللبن، وأيضاً طبيخ بزر الكتان، وكذلك الشراب الحلو بشحم الأوز المذاب، وكذلك ماء رماد حطب الكرم، ويجب أن يتبع القيء بالحقنة حْصوصاً إذا أحس بنزول الأذى إلى أسفل، فإن كان الاضطراب فوق ذلك استعمل ما يقيىء، ويسهل ولا يغفل أن يشرب اللبن. وإن احتجت أن تسقيه مثل ترياق الطين المختوم فافعل، فإنه نعم العون على دفع السمّ، وخصوصاً إذا سقي في أول الأمر فإنه يقذف السم كما هو، ونسخته: يؤخذ حب الغار مثقالين، طين مختوم مثقالين، إيرسا مثقالين يعجن بزيت والشربة بندقة. وأيضاً يؤخذ حبّ الغار مثقالين، طين مختوم مثقالين، إيرسا مثقالين يعجن بزيت والشربة بندقة. وأيضاً يؤخذ حبّ البلسان، زوفا يابس، بزر اللفت البري، فلفل أبيض وأسود، ودار فلفل، وجّ، أنيسون فطراساليون أسارون كمّون كرماني، بزر، البنج من كل واحد أربع درخميات. سنبل فقاح الأذخر من كل واحد خمس درخميات، سليخة ثمانية عشر درخماً، حماما، زعفران، من كلى واحد ستّ درخميات، يعجن بعسل ويسقى بشراب مثل الباقلاءة الرومية، ويسقى الطين المختوم كما هو نفسه بالشراب يفعل ذلك. وقد زعم قوم أن خرء الديك إذا سقي في الحال قذف السم، ومما يسقى أيضاً عصارة الفراسيون وورق القصب، والناردين وبزر الجزر، والجندبيدستر والبندق، والتين اليابس والسذاب.
ومما هو محمود في هذا الباب أن يسقى من القنة المنتنة وزن أربعة دراهم، ومن المرّ وزن درهم، بشراب حلو، وإذا عرض بعد القيء التهاب شديد فاسقه ماء الثلج، ودهن الورد مبرد أو قيئه به مع ذلك، ويجب أن لا ينام البتة ولا يترك نفسه بحيث ينام، بل يجب أن ينبّه ويقعقع حوله، فإذا انشرحت له الصورة وعرف السمّ عالج كل سم بما يقال في بابه، وهذا الإنشراح يكون على وجهين: أحدهما أن تعرف أن السم من أي جنس هو، والثاني: أن تعلم أنه من أي نوع هو مثال الأول.
أن تعلم أنه من المقطّعات الحادة فتعالجه بمثل اللبن الحليب، الزبد والفالوذج السيال المتخذ بدهن اللوز والسمن، وكل ما يكسر الحدة، أو تعلم أنه من الملهبات فيبرّد بالكافور، وماء الورد وماء الكزبرة، وما يشبه ذلك كل ذلك مبرداً بالثلج، وتضمد أعضاؤه الرئيسة بمثل الطحلب وغيره، يجدد عليه التبريد كل وقت ومما ينفع من مثله جداً مخيض البقر مبرداً، وإن احتيج إلى الفصد، فصد.
أو تعلم أنه من المخدرات فيستعمل مثل الترياق، ودواء الحلتيت في الشراب الصرف، وكذلك الثوم أو تعلم أنه مضاد بالجوهر، فيعالج المثروديطوس، والترياق ودواء المسك والبادزهر ويستعمل ماء اللحم والشراب، ويطيب العليل، ويروح الموضع الذي يأوي إليه، ويلبس المطيبات، ويعطس، ويدلك فم معدته، وينفخ في فمه وينتف شعره.
وأما إذا عرف نوع السم عولج بما يخصه، ومما نذكره وبالجملة فإن الأدوية التي تشرب بسبب السموم، إما أن يراد بها كسر حدة السم، وإحالة جوهره مثل اللبن، والفادزهر، وإما أن يراد بها إخراج جوهره مثل الطين المختوم، وإما أن يراد بها مقابلة كيفيته مثل سقي الثوم في الشراب لمن لسعه العقرب.
فصل في أدوية مشتركة للسموم هذه الأدوية هي الأدوية التي تعارض السم فلا تدعه أن يصل إلى القلب، وهي: مثل الترياق، والمثروديطوس، والفاذزهرات ما كان مجرباً والطين المختوم، والترياق المتخذ منه وترياق الأربعة. وقالوا أن زهرة الدفلى وورقه يخلصان عن السم، ويقال أن حب العرعر عجيب في هذا الشأن لا نظير له، ونسخته: يؤخذ من الانجدان وأصوله بالسوية درهم، ومن الشيح الأرمني درهمان، يعجن بعسل ويسقى في ماء التفاح، والدواء المتخذ منه غاية وأصول بخور مريم إذا شرب بالشراب، والفوتنج أيضاً وبزر السلجم، وأيضاً الغاريقون درهمين بشراب، والبرشاوشان والخبازي وبزره وورقه ومرقه، وأيضاً الدارصيني ومخ الأرنب بخل خمر أوقيتين، أو جندبيدستر مثقال مع أوقيتين من زيت والقيصوم، وأيضاً يؤخذ ماء الحسك المعصور ويسقى وبزر الجزر خصوصاً الأقليطي والحلتيث، وطبيخ الجعدة وطبيخ الساليوس ويزر شجرة السكبينج البري عجيب جداً.
مركب: يؤخذ من السكبينج البري وجندبيدستر
وورق القصب من كل واحد جزء، شحم الحنظل ثلاثة أمثال الجميع، يسقى منه بندقة
كبيرة، وأشياء تنسب أفعالها إلى الخواص فيها، مثل ما ذكروا أن قديد ابن عرس
البري المنظف المسلوخ من أقوى الأدويه لدفع السموم.
فصل في جملة السموم الجمادية من المعدنية وغيرهاالحجر الأرمني من ذلك الحجر
الأحمر: قد حكي بعض الناس أن في الأحجار حجراً سمياً يشبه البُسذ، وأن وزن
دانق منه قتال، وعده في السموم الحقيقية التي تفعل بجملة الجوهر كالبيش،
وقال أن علاجه علاج البيش وأنفع الأدوية له الفادزهرات.
فصل في الزئبق أما الزئبق الحي فإن أكثر من يشربه لا يتضزر به، فإنه يخرج بحاله من الأسفل، بل من يصب في أذنه الزئبق الحي، فإنه يعرض له ألم شديد واختلاط عقل، وربما تأدى إلى التشنج ويحس بثقل شديد من ذلك الجانب، وربما تأدى إلى صرع وسكتة لتأذي جوهر الدماغ ببرده ورجرجته وثقله. وأما الميت والمصعد، فإنه رديء ضار مقطع تعرض منه أعراض شبيهة بأعراض من يشرب المرتك: من مغص والتواء أمعاء ومشي الدم وثقل اللسان، وثقلَ المعدة ويرم جسمه ويحتبس بوله.
فصل في العلاج من جيد العلاج له بعد التقيئة وما يجري مجراها أن يُسقى من الأدوية مثل المر وزن ثلاثة دراهم في شراب، أو يسقى ماء العسل مرة بعد مرة، وأيضاً فليحقن به مع البورق ثم يتبع ذلك بعلاج السحج وحقنه مع تقوية القلب أيضاً بالأدوية المشتركة، وأما إذا كان صُب في أذنه، فيجب أن يقوم على فرد رجل ويحجل على ذلك الشق وقد ميل رأسه أكثر ما يمكنه من التمييل، وخصوصاً إذا تعلق باليد التي في الجانب الآخر شيء وكذلك إذا ترجح على ذلك الشق، والذي يريد أن يلقطه بميل من رصاص يدخل في الأذن، فتجد الزئبق يتعلق به فهو مخطىء، لأن الزئبق إذا كان في ذلك الموضع وبالقرب منه لم يحتج إلا إلى ترجح وحجل فقط وإن كان أغوص من ذلك لم ينتفع بذلك الميل ولم يصل إليه.
فصل في المرتك وبرادة الرصاص يعرض لمن يشرب المرداسنج أن يرم بدنه، ويثقل لسانه ويحتبس منه البول والغائط، وربما لم يحتبس الغائط بل أفرط انطلاقه، ويجد ثقلاً في معدته وإمعائه حتى ربما خرج السرم، ويؤدي إلى سحج وتكون في أعاليه نفخة، ويخرج في بطنه كغدة متحجرة، ويصير لونه رصاصياً ويضيق نفسه، وربما خنق، وربما عرض معه أعراض إيلاوس، ويصير لون البدن كلون الأسرب، وكذلك برادة الرصاص.
فصل في علاجه يجب أن يبادر ويبدأ بالعلاج المشترك من التقيئة، وليكن بشيء فيه تفتيح كطبيخ بزر الكرفس والتين والشبث والبورق، ويجب أن يسقى من المد وزن ثلاثة دراهم في شراب، ويسقى السنبل الرومي مع زبل الحمام الراعية بشراب، فإنه علاج بليغ، أو يسقى الأفسنتين . والزوفا أو بزر الكرفس أو الفلفل خاصةً، كل ذلك بشراب، أو وزن درهم مر بوزن نصف درهم فلفل حتى يعرق. ويسقى ستة قراريط سقمونيا في ماء العسل، وغذاؤه الذي يجب أن يدوم عليه الاسفيدباجات المتخذة من لحم الخروف، وعلامة برئه أن تنطلق الطبيعة ويدر البول، وبالجملة يحتاج إلى المفتحات المعرقة والمدرة والمسهلة.
فصل في الاسفيداج يعرض لشاربه أن يبيض لسانه، وتسترخي أعضاؤه، ويشد سعاله وفواقه، ويختلط عقلة، ويبرد بدنه ودماغه، ويجف ويغشى عليه، وربما أحس في حلقه بعفوصة، ووجد في لهاته ولسانه خشونة ويبساً، وفي بطنه مغصاَ وفي معدته لذعاً، وفي فؤاده وجعاً، وفي شراسيفه تمدداً، وفي نفسه ضيقاً، وربما انتهى إلى خناق، ويبيضق لون بدنه، وربما بال أسوداً ودموياً.
فصل في علاجه مثل علاج المرتك، ويسقى سقمونيا في ماء العسل، ومدرات البول، ويحقن ولا يترك ينام، ومما يدخل في تقيئه دهن الأقحوان، ودهن السوسن، ودهن النرجس، ويقع في أدويته صمغ الأجّاص، ودواء الدردار، وأيضاً مما ينفعه أن يأكل السمسم، يقمحه ويمضغه ويشرب عليه الطلي.
فصل في الجبسين يعرض منه مثل ما يعرض من الإسفيداج، ولكن يعظم خناقه، فيجب أن يعالج بعلاج الاسفيداج، وبعلاج الفطر، ثم يسقى اللعابات اللزجة لتزول خشونة الحلق بعد التليين المذكور، والأحساء اللينة، ويحتاج إلى إسهال بالسقمونيا ونحوه، ويعاود الإسهال مراراً وإنّ أسحج عولج السحج، ومما هو مذكور للجبسين رماد أطراف الكرم مع الحاشا.
فصل في الزنجفر والسكٌ تعرض منهما أعراض تشبه أعراض الزئبق المقتول، لكن السك ربما عرض منه إسهال كثير، وهذا أولى علامته به. العلاج، ذلك العلاج بعينه، ثم يستعمل الأحساء الدسمة والشحوم اللينة.
فصل في الزنجار يعرض منه مغص شديد، ولذع قوي في الحلق، وتقطيع في الأحشاء، وقيء وقروح، علاجه مثل علاج الزرنيخ الذي نذكره. فصل في براده الحديد وخبثه يعرض من ذلك وجع شديد في البطن، ويبس في الفم ولهيب ويغلب الصداع.
فصل في علاجه يسقى اللبن مع بعض ما يسهل بقوة، ثم يسقى السمن والزبد حتى تسكن تلك الأحوال، ويدام صب دهن الورد ودهن البنفسج، ودهن الخلاف مضررباً بالخل على رؤوسهم، وربما سقي ضاربه شيئاً من مغناطيس حتى يجمع المنفرق إلى نفسه، ثم يتبع المسهلات المذكورة وربما سقي عنه كل يوم وزن درهم، ثم حسوه بعده المرقة الدسمة المرلقة مع سمن البقر ليسهل إن كان نزل، أو قيؤه بها إن كان بعد في المعدة.
فصل في النورة والزرنيخ من سقي منهما مجتمعاً حدث به مغص وقرح في الأمعاء، ومن سقي الزرنيخ المصعد عرض منه قريب مما يعرض من السك، وقد يعرض سعال مؤذ ومن سقي النورة وجدها عرض له يبس الفم، ووجع المعدة، وأسر البول، واستطلاق البطن بالدم، وتخرج النورة في بوله، وربما عرض منه برد الأطراف، وعرض الغشي، وربما جف اللسان وعرض الخناق.
فصل في العلاج يبدأ بما يجب، ثم يسقى الماء الحار بالجلآب ليتقيأ أو بالدهن ثم يؤخذ طبيخ بزر الكتان، وطبيخ الأرز، وطبيخ الجرجير، أو مجموعهما، وعصارة الملوكية بالعسل، ولايزال يسقى اللبن راللعابات واللزوجات والحسومات والمرق الشحمية، وخصوصاً بالخبازي، ويعالج السعال إن حدث به بالملينات، وعلاج النورة أيضاً التقيئة، والحقن والتدسيم والتليين وعلاجه قريب من علاج الذراريح، ومما قيل في ذلك يؤخذ بول الحمار ومرارة الغزال، ويسقى قدر دانقين في ماء حار.
فصل في ماء الصابون قريب الحال من النورة والزرنيخ، وعلاجه علاجه.
فصل في الزاج والشب يهيج من شربهما سعال شديد يؤدي إلى السل، العلاج شرب لبن الأتان، وشرب الزبد والسكر، والأشربة الزوفانية ونحوها.
فصل في شرب الماء البارد على الريق من شرب ذلك على الريق، أو على حمام أو جماع خيف منه فساد المراج والاستسقاء، العلاج دواء اللك، ودواء الكركم ونحوه، وربما كفى الشراب الصرف بشربه عليه.
فصل من جملة السموم النباتية البيش هو من شز السموم، ويعرض لشاربه أن ترم شفتاه ولسانه، وتجحظ عيناه، ويتواتر عليه الموار والغشي، ولا تعمل ساقاه، وهو رديء ومن تخلص منه فقلما يتخلص إلا واقعاً في الدق أو السل، وربما صرع ريحه، ويسقى عصيره الشاب فيقتل من يصيبه في الحال.
فصل في العلاج يجب أن يبادر إلى تقيئة شاربه بطبيخ بزر السلجم، ويسقى الطلي وسمن البقر سقياً على سقي، وكذلك طبيخ قشور البلوط بالخمير، ثم علاجه الأصلح الفادزهر ودواء المسك والجدوار والبوجا والترياق الكبير، وقد ينفع منه إلى حدة ومن أجود الأشياء له أن يسقِّى المسك في حكاكة الفادزهر أو مقدار درهم دواء المسك مع قيراط مسك. وزعم قوم أن أصول الكبر بادزهر البيش، وجميع الفادزهرات جيدة له، خصوصاً الذي تشبه الشب، وله خيوط كخيوط المرتك، والحيوان الذي يسمّى بيش موش، هو فارة تضاد البيش، وتبطل فعله إذا كل منها.
فصل في قرون السنبل من سقي منه ظهرت به علامات السرسام، وأسود اللسان، وقطر الدم من إحليله قطرة قطرة.
فصل في العلاج يجب بعد العلاج المشترك من التقيئة بماء الشعير بدهن الورد المفتر، ونحو ذلك، أن يسقى من الكافور مثقالاً واحداً في أوقية من ماء الورد، ويضمد كبده وقلبه بالأضمدة الشديدة التبريد المكوفرة والمصندلة، ويسقي مثل سويق التفاح الحامض، وسويق الشعير بماء الثلج في جلاب، ويسقي عصارة الرمان الحامض، وعصارة ة الخبازي والبطيخ الرقي، وماء الشعير، وماء عنب الثعلب ويسقى الرائب الحامض.
فصل في القونيون هذا دواء لست أعرفه، وأظن من بعض وجوه الظن، أنه شبيه بالبيش والعلامات التي تخص هذا الدواء يقولون: إنه يعرض لمن شربه لذع في البطن، وفواق، وغشي وصفرة في الوجه كله، وخصوصاً في الشفة، وتبرد نفسه وتنتن ويبتل بدنه، ويخدر ويختلط به العقل بعد ثقل في الرأس، ويصغر النبض وينقطع ويعرق عرقاً بارداً، ويحمر ويموت، علاجه: علاج البيش عدة أدوية سمية حارة.
فصل في الفربيون يعرض منه كرب شديد، ولهيب، ويحدث لذع في البطن، وفواق وربما استطلق البطن منه بإفراط.
فصل في العلاج يجب أن يقيأ، ثم يبرد ثم يسقى السمن والزبد بقوة، ثم يعالج بعلاج قرون السنبل، وليقم على ماء الرمان المر، وماء التفاح المر وماء الرائب. فصل في ألبان اليتوعات وهي السبعة المعدودة في الأدوية المفردة، وخصوصاً لبن الشبرم ولبن العشر ولبن اللاعية، ويعرض منها من اللذع والإسهال المسرف ما يعرض من الفربيون، فيجب أن تكسر قوتها بالدوغ والسمن والزبد ويعالج العارض الحادث منها من إسهال دم أو بوله بما علم في بابه، وقيل أن لبن الشبرم يقتل منه وزن درهمين، وعلاجه: الاستحمام بماء الثلج، ولبن العشر يقتل منه وزن ثلاثة دراهم في يومين ويفتّت الكبد، وعلاجه أيضاً مثل ذلك.
فصل في السقمونيا الشربة القاتلة منه وزن درهمين، وهو قريب الأحوال مما ذكرنا، ويجب أن تكسر عاديته بالدوغ وسهويق التفاح ورب السفرجل ورب الريباس والسماق.
فصل في المازريون وخامالاون الشربة القاتلة منه درهمان، يعرض منه قيء وإسهال مفرط، والأسود المسمى منه خامالاون قتال أكثر، ويعرض منه لذع شديد في الحشا، ووجع في البدن كله ودغدغة وفواق، ثم قيء بلغمي وزبدي، ثم يؤدتي إلى كزاز ويذهب الصوت.
فصل في العلاج لا بد من سقي لبن حليب وسمن على التواتر، والجلاّب أيضاً ليكسرذلك شزه، وإذا عظم الخطب فلا بد من سقي الترياق والمتروديطوس، أو دواء الطين المختوم، وإذا سكن سقي بعده السكنجبين والهندبا أياماَ ليزول سوء المراج.
فصل في الدِفْلى إن الدفلى كثيرها يقتل الناس والدواب، وقليلها يورث كرباً شديداً وانتفاخ بطن ولهيباً عظيماً، وهو حار يابس لذاع مقطع والماء الذي تنبت الدفلى فيه رديء، وإذا لم يكن منه بد فيجب أن يقطر أو يمرج بالحلاوات.
فصل في الجلاج يجب أن يوجر طبيخ الحلبة،
والتمر الشهربز فإنه عجيب، وبزر الفنجنكشت والفنجنكشت نفسه، وطبيخها
ترياقه، والتين بالعسل والسكر والجلاّب والحلاوات كلها ورب العنب جيد، ومع
ذلك فلا بد من الدسومان واللزوجات التي علمتها مراراً ومن إتباعها بالحقن.
فصل في البَلاذر يعرض منه تقطيع في الحلق والجوف والتهاب وأمراض حادة،
وربما عطّل بعض الأعضاء، وإذا سلم منها أحدث الوسواس بإحراقه السوداء،
والقاتل منه مثقالان، وربما لم يضر بعض الناس بالخاصية، وخصوصاً إذا أكلوه
بالجوز، وقد رأيت من كان يقضم منه بالجوز قضماً لا يتأذى منه.
فصل في العلاج يسقى دهن اللوز والشيرج والزبد والسمن واللبن الحليب والحسرمات والأمراق وما يجري هذا المجرى ليسكن اللذع، والمضض، ثم يسقى رائب البقر المبرد بالثلح، ودهن البنفسج المبرد وماء الشعير المبرد ومياه الفواكه المبردة، ويجلس في ماء الثلج، ويعالج بعلاج السرسام، ومن الأشياء التي يعالج بها حب الصنوبر، والجوزبادزهره.
فصل في الكبيكج هو أيضاً مما يقتل بحدته. علاجه مثل علافي البَلاذُر والدهانات من أنفع الأشياء لمضرته.
فصل في الميويزج أعراضه وعلاجه كأعراض الذراريح وعلاجها، ونحن سنذكر ذلك.
فصل في السذاب البري يعرض لمن يشرب منه جحوظ العين، وحرقة، والتهاب شديد. علاجه يجب أن يقيأ بالماء الحار والزيت، ثم يعالج بعلاج الدفلى ونحوه.
فصل في الثافسيا هذا هو صمغ السذاب الجبلي، وقد يوجد طعمه كطعم الباذروح وهو حاد، ويعرض من شربه احتباس كل ما يسيل من السبيلين، ويرم اللسان، ويحدث قرقرة ونفخاً، وحرقة في الحلق والمعدة، وجحوظ عين، وحمرة وجه، وربما شرى البدن من حدّته، وكثيراً ما يقضي إلى غشي وصغر نفس.
فصل في العلاج هو أن يبالدر فيقيأ، ويسقي بعد ذلك اللبن والسمن والزبد وماء الشعير، ويتغرغر بدهن الورد واللبن الحليب، ويسقي بالسكنجبين ونقيع الأفسنتين، ومما هو معروف عندهم كالبادزهر له بزره، وعلك البطم وأصل المحروث وطبيخ الصعتر. ويقال أيضاً الجندبادستر مع الخلّ المسخّن، أو مع العسل. وهذا عسى أن يكون على سبيل الخاصية، أو على سبيل دفعه عن البدن بالتحليل، واما على ظاهر الواجب فالتبريد أولى.
فصل في الجَبَلْهَنْك أعراضه وعلاجه أعراض الكندس، والخربق الأسود، وعلاجهما.
فصل في الدند الصيني يعرض منه إسهال عظيم جداً. العلاج: يجب أن يقيأ إن أمكن، وتكسر قوته بسقي اللبن الحليب والزبد سقياً بعد سقي، أو يسقي الدوغ، ويشتغل بمنع الإسهال، وربما أغاث من مضرته، ومنع إسهاله الترياق.
فصل في الكنْدس والخربق الأبيض والعرطنيثا وعصارة قثاء الحمار وضرب من الشونيز رديء والغاريقون الأسود الكندس يغثّي تغثية عظيمة، وربما خنق بها، وكذلك العرطنيثا والخربق الأبيض أيضاً فإنه يغي ويقيىء، وربما جمع ما لا يندفع بل يخنق، وربما حرك الإسهال، والجميع يتأدى بالإنسان إلى الغشي وسقوط القوة والعرق البارد والتشنج، وخصوصاً الخربق الأبيض والغاريقون الأسود وهما متشابها التأثير جداً. قال "جالينوس" إن نبض شارب الخربق الأبيض في أوله عريض، متفاوت ضعيف جداً، بطيء جداً، لاختناق الحرارة الغريزية تحت المادة الكثيرة التي لحقها قوة الدواء دفعة، ولا تستقل بدفها لطبيعة، واذا أخذ يقيء ظهر اختلاف لا نظام له، لأن القوة الباطنة مضغوطة، فإذا أخذ ينتظم ويستوي جداً، فقد أخذ العليل يحسن حاله، فإن لم يكن وجهه إلى الصلاح بل وإلى الفواق، والتشنّج ضعف النبض واختلف وتواتر جداً، فإذا اختنق تفاوت بلا نظام وأبطأ، ولأن الحار يطفّي، وربما ظهرت فيه موجية للرطوبة والخربق مما يقتل الكلاب.
فصل في العلإج يجب أن تبادر إلى قذفه بما تعلم، أو استنزال مدد ضرره بالحقنة القوية بمثل شحم الحنظل، ثم معالجة خنقه بما قيل في باب الفطر، وإن قل القيء إن كان في الابتداء بقي ولا يكون شيئاً كثيراً، فيجب أن يملأ بطنه بالماء الفاتر، ثم يقيأ ثم يعاود. وإذا عرض التشنّج سقي اللبن والسمن الكثير ومرخت أوصاله بالقيروطيّات اللينة، وألزم الأبزن المعتدل وعولج بعلاج التشنج اليابس.
فصل في الخِرْبَق الأسود يحدث منه إسهال كثير شديد وخنق، وإذا سقي منه درهمان وشنج وقتل، ويتقدم ذلك خفقان وحرقة لسان، وعض عليه، وجشاء كثير، ونفخ ثم يتشنّج شاربه ويرتعش ويموت فصل في العلاج تكسر قوته أيضاً بمثل ما علمت، وبأن يسقي الأفسنتين بالشراب، أو يؤخذ من الكمّون والأنيسون والجندبادستر والسنبل أجزاء سواء، يسقي منه قريب درهمين بشراب، ويوضع على النفخ خرق مسخنة وكمادات مفشِّشة مما علمت، ثم يطعم الجبن الرطب بالعسل وبالسمن الطري والأمراق الدسمة والشراب الحلو والشراب الكثير المراج، وإن حدث منه تشنج فعل ما قيل في باب الخربق الأبيض، وإذا أفرط إسهاله جلس في ماء بارد وشرب الربوب والأدوية الحابسة.
فصل في الجِرْمَدَانق يعرض من شرب درهمين منه حكة وورم ويقتل، علاجه: علاج الفربيون.
فصل في الدادي إذا أكثر منه قتل، علاجه: ما يقيء ويسهل والألبان والدسومات على نحو ما علمت.
فصل في كُسْب الخروع والسمسم قيل أنّ المستقصي في عصره من هذين سمّ قاتل، وأن علاجه العلاج المشترك.
فصل في الجندبادستر إنه إذا زنخ عرض منه أعراض البرسام الحار مع الذبحة، وقتل ذلك في يوم، وخصوصاً الأسود والمنتن منه والأغبر الذي يضرب إلى السواد.
فصل في العلاج يجب أن يقيأ منه بماء الشبث والفوتنج والسبستان بالعسل والطلاء، ثم يسقى الحموضات مثل: حمّاض الأترج، وربوب الفواكه الحامضة، والخلّ الخمري وحده، ورائب البقر، وعصارة التفاح، ولبن الأتن غاية.
فصل في العنصل البري قد يعرض من تناوله ومن الإكثار من جيده، أيضاً تقرح الإمعاء وجداول الكبد، ويتقدمه غص وتقطيع.
فصل في العلاج إذا عرض ذلك فيجب أن تبادر إلى سقي اللبن المطبوخ بقطع الحديد المحماة، وبصفرة البيض مسلوقة في الخل، وبسفوف البزور وبالمقلياثا ونحوه.
فصل في خانق الذئب وخانق النمر يعرض لمن تناول منهما عفوصة في الحنك واللهاة والمريء وقصبة الرئة، ويبس مع ورم يتصاعد من فمه بخار رثيء دخاني، ويتأذى الأمر إلى انعقال لسانه، واختلاج صدغيه، ثم إلى رعشة، وتشنج وكمودة لون واختناق، ويكون مع ذلك قراقر في البطن، ورياح كثيرة، ويعرض لشارب خانق النمر سدر وظلمة عين، كلما أراد أن ينهض مع رطوبة في العينين، ويثقل صدره، وخانق النمر منبته في أرض هرقلة ومواضع أخرى، وهو مر الطعم كريه الرائحة.
فصل في العلاج تبادر إلى تقيئته بماء تودري، ثم حقنه، ثم يسقى مثل الصعتر الجبلي والفراسيون والسذاب والأفسنتين والشيح الأرمني بالشراب، وكمافيطوس في الشراب، أو يسقى دهن البلسان قدر درهم ونصف في الشراب، وخير الشراب ما طفىء فيه الحديد أو الفضة أو الذهب، وخبث الحديد نفسه جيد، والأنافح، خصوصاَ أنفحة الأيل والغزال والجدي ثم الأمراق الدسمة.
فصل في الأزاذرخت ورقه يقتل البهائم وخشبه ربما قتل، علاجه: العلاج المشترك وقريب من علاج الدفلى.
فصل في قشر الأرز من سقي قشر الأرز على ما قاله بعض الأوائل الأولين، اعتراه في الوقت وجع في الفم واللسان، وورم لسانه، ثم امتد الوجع في مريئه ومعدته وأمعائه، والتهب جميع بدنه وعدوه في السموم.
فصل في العلاج يعالج بعلاج الذراريح، ويجب أن يكون زيته الذي يسقاه مطبوخاً فيه السفرجل.
فصل في بزر الأنجرة يعرض منه ما يعرض من العضل، وأيضاً فقد يعرض منه سعال قوي، وعلاجه: علاج العنصل إلا أن سعاله يعالج بالملينات مثل: شراب البنفسج بماء الشعير، وغير ذلك من أدوية السعال.
فصل في التربد الرديء الأصفر والأسود يعرض منه كأعراض الخربق الأسود، والغاريقون الأسود، وعلاجه: ذلك العلاج، ويخصه بجرع دهن اللوز الكثير.
فصل في سوردبيون لست أعرف طبع هذا الدواء ولا علاجه إلا المشترك، وأظنه من الحادة، ولا يبعد أن يكون من غير الحادة، وقالوا هو دواء يعرض منه اختلاط العقل والتمدد، حتى يعرض للشفة من الامتداد حالة شبيهة بالضحك، ولذلك تتمثل اليونانيين بأنه يضحك ضحك سارونيا فصل في العلاج علاجه العلاج المشترك، وقال بعضَهم يجب أن يتقيأ شاربه، ويشرب بعده ماء العسل، وينفعه شرب اللبن، وتدهين البدن بالمسخنات، واستعمال الأبزن الحار، والتدلك والأدوية الدافعة للتشنج الخبيث.
فصل في طوبيون هذا أيضاً لست أعرف طبعه ولا علاجه، وأظنه من الحادة، ولا يبعد أن يكون من غير الحادة، وقيل إنه يحدث فلغمونيا في الشفة واللسان والجنون والوسواس وسقوط النبض.
فصل في اللبوب الزنخة أحوالها وعلاجها قريب مما قيل في العنصل والأنجرة، وخصوصاً بربوب الفواكه، مثل: رب الحصرم والريباس والتفاح، ويعرض منها غثيان، وغشي، وكرب، وهذه اللبوب مثل الجوز ونوى المشمش والنارجيل واللوز.
فصل في الشراب الصرف على الريق كثيراً ما يحدث ذلك خنقاً وأوجاعاً والتهاباً، وخصوصاَ بعد الرياضة والتعب، وخصوصاً إذا كان الشَراب غليظاً وحلواً.
فصل في العلاج علاجه الاستفراغ بالفصد والاسهال إن وجب، والقيء نعم الدواء إن تيسر، ثم تبريد المراج بالماء البارد، والفقاع البارد، وماء الرائب المحمض، وماء الفواكه، وأقراص الكافور ونحوها.
فصل في العسل الرديء أكثره يجلب من بلاد أرقليا، وهذا عسل حاد يعطس من شمّه، وتعرض منه اْعراض رديئة شبيهة بما يعرض من العنصل والأنجرة ونحو ذلك، ويسرع إلى من شمّه الغشي والعرق البارد، ومن العسل صنف آخر رديء حكمه في أعراضه وعلاجه كحكم الشَوْكران.
فصل في العلاج علاجه: أكل السذاب والسمك المليح والشراب المسمى أنومالي، ولا يزال يأكل ويتقيأ ما أمكنه.
فصل في الدبق من شرب الدبق عرض له قرقرة في البطن، ومغص من غير اختلاف ودوار.
فصل في العلاج يجب أن يسقى الماء والعسل ويتقيأ به، ويحقن بحقنه لينة، وينفعه سقي الأفسنتين مع الخمير الكثير والسكنجبين، ومما يختصّ به طبيخ الجرجير، وأيضاً السنبل مع الجندبادستر والفلفل، ويكمّد بماء حار وخل.
فصل في جملة الأدوية النباتيّة السمية الباردة الأفيون يعرض لمن شرب الأفيون خدر الأطراف وبردها، وحكة تفوح منها رائحة الأفيون، ودوار، وفواق، وظلمة العين، وضيق خلق، ونفس، وصفرة وكمودة أطراف، وصفرة شفة ووجه، وصعوبة تجشؤ وسبات، واعتقال اللسان، وغؤور العين، ثم يعود إلى كزاز خانق، وعرق بارد، ونفس بارد، وموت.
ومن أسباب قتله تغليظه للدم فلا يجري، وتبريده الروح، وتشنيجه لآلات التنفّس. الشربة القاتلة منه وزن درهمين تقتل في يومين، وخصوصاً إذا سقي بالشراب، فهو أعمل له إلاّ أن يبلغ الشراب مبلغاً يقاومه، وفي الأبدان الحارة لأنه اشد مضادة لها، وأسرع نفوذاً فيها على ما قلناه في القانون.
فصل في العلاج يستعمل فيه القوانين المستفرغة المشتركة من التقيئة بالدهن والماء والملح والبورق، ثنم بالسكنجبين ويسقى الماء والعسل، ثم يحقن بحقنة قوية. ومن أدويته السكنجبين بالأفسنتين، وأيضاً الأفسنتين بالشراب، والحلتيت ترياقه، وكذلك الدارصيني خاصة ومع الخل والسكبينج أيضاً، وكذلك الجندبادستر خاصة، والفلفل بشراب أو بسكنجبين، والصعتر والسذاب والملح، وكذلك دهن الورد مع الخل أو مع العسل والثوم، والجرز جيد منه وقد يسقى شاربه ترياقاَ خاصاً له. ونسخته: يؤخذ من الحلتيت والأبهل والجندبادستر والفلفل أجزاء سواء، يعجن بعسل، والشربة من النبقة إلى الجوزة.
وكثيراً ما خلص منه سقي مثقال من الحلتيت في وزن خمسة وعشرين درهماً، شراباً ريحانياً، والشراب العتيق الكثير المقدار عجيب له، وخصوصاً إذا كان رقيقاً ريحانياً كثير الاحتمال للماء، وكان مع الدارصيني ولا كالترياق والشجرينا والمثروديطوس بالشراب، ويجب أن يزعزع دماغه بالتعطيس بالكندس ونحوه، فإنّه علاج جيّد لدفع أسبابه، ويجب أن ينتف شعره ولا يترك أن ينام، وأن يمرخ بدنه بالأدهان الحارة مثل دهن القسط، ودهن السوسن، ويشمم مثل الجندبادستر ومثل السك، ويجب أن يجلس في إبزن حار لئلا يتشنج، ولا تشتدّ به الحكة، ويتحسى الأمراق الدسمة والمخاخ خاصة والشحوم.
فصل في جوز ماثل يعرض منه دوار وحمرة العينين، وغشاوة وسكر وسُبات، وقد يقتل منه مثقال في اليوم، وخصوصاً الهندي، وقبل أن يقتل يعرض منه عرق، ونفس باردان، وأمّا ما هو دون نصف درهم فيسبت ويسكر، ولا يقتل إلا الضعاف من الناس.
فصل في العلاج أعظم علاجه التقيئة بالنطرون والماء والدهن والسمن ترياقه، ويسقى معه الشراب الكثير بالفلفل، والعاقرقرحا، وحب الغار والدارصيني، والجندبادستر وينفع منه وضع الأطراف في الماء الحار، وتسخين البمن بالخرق، وتدهينه بدهن البان والقسط، وأن يحضر ما أمكنه ويرتاض، ويغتذي بعد ذلك بالأغذية الدسمة والشراب الحلو، ويستعمل جميع علاج الأفيون.
فصل في اليبروح أعراضه أعراض مائل وأحواله كالشارغوس، وحكاك، وكزاز وصمم، وشر ما فيه قشوره، وحبه قريب من ذلك، وجرمه أيضاً قد يفعل شيئاَ من ذلك.
فصل في العلاج علاجه: قريب من علاج جوز ماثل والأفيون، ويجب أن يسقى الأفسنتين في الشراب، وأيضاً فلفل وجندبادستر وسذاب وخردل والخل نافع لهم، ولجميع المخدرين، ويعطس أيضاً بأمثال هذه الأدوية، ويشم الزفت ودخان الفتل المطفأة، وما يجب أن يجعل على رؤوسهم خلّ خمر ودهن ورد، ولا يتركون ينامون، بل ينبهون بنتف الشعر والتعطيس وغمر أصل الإبهام.
فصل في دروقنيون هو دواء من جملة المخدرات وفي طبيغة البنج، ويسكر، ويعرض منه أولاً غثيان شديد وفواق ومغص، وحاله كإيلاوس، وربما قيأ الدم وأسهله، ويؤدي إلى الغشي ويسبت ويميت من بين الرابع إلى السابع بعد خدر البدن كله.
وعلاجه: العلاج المشترك.
فصل في البنج يعرض لشاربه أن تسترخي أعضاؤه، ويرم لسانه، ويخرج الزبد من فمه، وتحمّر عيناه، ويحدث به دوار وغشاوة عين، وضيق نفس، وصمم وحكاك بدن ولثة وسكر، واختلاط عقل، وربما صرع، وربما حكوا أصواتاً مختلفة، وربما نهقوا، وربما صهلوا، وربما شجعوا، وربما نعقوا.
فصل في العلاج يجب أن يسقي في العاجل ماءً وعسلاً ولبن البقر الماعز ولبن الغنم أيضاً بعسل وغير عسل، والسمن، وحب الصنوبر مطبوخاَ بالزيت، ولوز الصنوبر أيضاً، وطبيخ التين، وأيضاً الشراب الحلو الكثير، وأيضاً البصل المشوي ويسقي بزر الفجل والخردل والحرف وبزر الأنجرة، وكل حريف مقطع، ويسقي من البصل والثوم والفجل، وبزورها ولاء كالمثروديطوس والترياق والشجرينا ونحوه، وترياق الأفيون، وعلاجه التقيئة.
فصل في الشوكران يعرض منه خنق وبرد أطراف، وتمدد شديد خانق، وغشاوة حتى لا يكاد يبصر شيئاً، ويبطل التخيل ويبرد الأطراف، ثم يتشنج ويخنق ويقتل.
فصل في العلاج تستعمل أولاً الحقن والتقيئة والأسهال على ما علمت، يبدأ بالحقن، ثم يسقى الشراب الصرف شيئاً بعد شيء ساعة بعد ساعة فإنه عظيم النفع، ثم يسقي لبن البقر وأفسنتين، ويسقي الفلفل والشراب، وكذلك يسقي الجندبادستر والسذاب والنعنع والحلتيت وورق الغار وحبه ورب العنب أيضاً، وترياق الأفيون نافع لهم، ومما ينفعهم بزر الأنجرة والأنجدان والقردمانا والميعة كل ذلك بالشراب، وكذلك طبيخ قشور التوت ودهن البلسان مع لبن، ويجب أن تضمد البطن منه والمعدة بدقيق حنطة مع خمر.
فصل في عنب الثعلب المخدر الردي تعرض منه كمودة لون وجفاف لسان وفواق وقيء دم كثير ونفثه واختلاف سجحي مخاطي، ويعرض منه في المذاق كطعم اللبن.
فصل في العلاج ! علاجهم على القانون العام، يفعل ذلك، ويسقوا لبن الأتن مع ماء العسل ولبن المعز، أيضاً الحليب مع أنيسون، والأصداف كلها نافعة منه، وصدور الدجاج مطبوخة وأكل اللوز المر.
فصل في الكزبرة الرطبة إذا استكثر من الكزبرة الرطبة، وأكل قريباً من نصف رطل، أو شربت عصارتها دفعة، وما يقرب من ذلك إلى أربع أواق، حدث من ذلك دوار وسدر واختلاط عقل وغلظ صوت وسبات وحال كالسكر من إفحاش كلام سكري، وغير ذلك ويشم منه رائحة الكزبرة.
فصل في العلاج يجب أن يقيؤا وخصوصاً بدهن السوسن، أو بالزيت، وخصوصاً بطبيخ الشبث، وفيه بورق، ويطعموا صفرة البيض النيمرشت بالملح، والفلفل، ومرق الدجاج السمين بملح كثير، وفلفل، وكذلك مرق الأز، والشراب القوي الصرف يسقونه قليلاً قليلاً، ويكون ما يأكلونه بفلفل كثير وملح، وينفعهم الأفسنتين أو الدار الصيني، أو الفلفل في الشراب، وينفعهم الماء المالح، والميبختج غاية لهم.
فصل في بزر قطونا قد يعرض من شرب بزر قطونا الكثير سقوط القوّة والنّبض وبرد جميع الأبدان والغمّ وضيق النفس والتمدد والقلق والخدر مع ضعف، ثم الغشي العلاج: علاجه كعلاج الكزبرة.
فصل في الفطر. والكماة الرديئة مضرة الفطر إما بجنسه فإن منه ما هو قتّال بجنسه، وإمّا بالإستكثار منه، والردي في جنسه هو الذي لايكون نباته في موضع معروف بسلامة ما ينبت فيه، بل يكون نباته في موضع رديء، وعند حجرة الهوام وعند أشجار قوية الكيفيّات، والأسود منه والأخضر والطاووسي كله رديء، ويعرض منه ذبحة، وضيق نفس، ونفخة البطن والمعدة، وفواق، ومغص، وصفار اللون، وصغر النبض، واقشعرار، وغشي، وعرق بارد، ويقتل.
فصل في العلاج يقيؤون بماء تودري، وخصوصاً بعصير الفجل مع البورق، ثم يسقون رماد الكرم في السكنجبين والكمثري ترياقه، وخصوصاً ورق شجر البري منه والمري أيضاً ترياقه، ويجب بعد التقيئة أن يسقى من المري النبطي شيئاً بعد شيء، ومن البورق والعسل وذورق الدجاج عظيم النفع منه إذا سقي في السكنجبين والبورق أيضاً، والملح الهندي وعصير الفوتنج مع السكنجبين والبورق،والمعاجين الحارة من الفلافلي والكموني، والشراب العتيق القوي والزراوند، وأصل الجاوشير ودردري الشراب، والخردل والحرف، وأيضاً الأفسنتين والصعتر الجبلي وطبيخهما وطبيخ التين، ويجب أن يكمد ما تحت الشراسيف منه دائماً.
فصل في السهام الأرمينيّة ومما يليق بهذا الباب تدبير علاج من حرقته السهام الأرمينية، قال أنه يجب أن يشرب على المكان القنة، فهو علاج ذلك، قالوا ويملح مسلوخ ابن عرس البري المنزوع الأحشاء، ويقدد، ويشرب منه مثقالان بشراب، وقد بلغني أن شرب زبل الناس ترياق لذلك.
المقالة الثانية
السموم المشروبة الحيوانية
هذه السموم المشروبة الحيوانية منها ما هي لحم ذلك الحيوان، وجملة بدنه كيف كان، ومنها ما هي عضو خاص من حيوان، ومنها ما هي رطوبة منه وكلى قسم على قسمين، فمن ذلك ما يكون لجوهره مثل لحم الضفادع الآجامية، ومنها ما يكون لعارض يعرض له مثل السمك البارد، والشواء المغموم، واللبن الجامد في المعدة.
فصل في الحيوانات التي تقتل جملة أجسادها أو تفسد أمّا القسم الأوّل من قسميه: فكالوزغة، والذراريح، والضفادع، والأرنب البحري، والحرذون. وأمّا القسم الثاني: فالسمك البارد، والشواء المغموم.
فصل في الذراريخ الذراريح حادة حريفة قتّالة تحدث مغصاً ووجعاً في الأحشاء، وبالجملة رجعاً ممتداً من الفم إلى العانة، وأيضاً عند الورك والكليتين، والشراسيف، وتقرح المثانة تقريحاً موجعاً مورماً، ويورم القضيب والعانة ونواحيها بالتهاب شديد، ويقيم إلى البول، فإذا أراد صاحبه أن يبول فإمّا أن لا يستطيع، وإمّا أن يبول دماً وقطع لحم بوجع شديد، وقد يعرض مع ذلك إسهال سحجي وغثي واختلاط عقل وسقوط عند القيام وغشي وثقل، وأكثر نكايته بالمثانة، ويجد صاحبه في فيه طعم القطران والزفت، وأضر ما تكون هذه الحيوانات فيما يلي طلوع الشعرى قبل وبعد في الخريف.
فضل في العلاج يجب أن يقيّأ ويحقن بماء تودري، ويجب أن يقع فيما يتقيأ به، ويحقن النطرون وطبيخ التين أيضاً، وتكون التقيئة متداركة وإن رأى أن يفصد حفظاَ للمثانة فعل، ثم يسقى اللبن سقياً متداركاً، ولعاب بزر قطونا وماء الرجلة، والزبد الكثير، ثم يحقن في هنا الوقت بماء الشعير والخطمي وبياض البيض ولعاب بزر الكتان أو بماء الشعير. وماء الأرز أو طبيخ الحلبة، أو طبيخ الخندروس والأمراق الدسمة، ودهن اللوز، ومخيض البقر جيد له، وينقيه بماء العسل، وحب الصنوبر الكبار والصغار، والمبيبختج بشحم الأوز، وشراب العسل، والمطبوخ بالحبوب المدرة مثل: حب البطيخ والقثاء وطبيخ التين وشراب البنفسج، وقيل إن سقي دهن السفرجل ترياق له، ودهن السوسن، وكذلك طين شاموس، وينفعهم الإسهال بشراب إدرُومالي، ويجب أن يقطر في إحليل شاربها دهن الورد بالزراقة، بل بقمع لطيف ألين ما يكون، ويستعمل الابزن الفاتر.
فصل في الأرنب البحري يعرض لمن سقي عنه ضيق نفس، وعسره، وحمرة عين، وسعال يابس، ونفث دم، وعسر البول، وبول الدم أو بول بنفسجي، ووجع في المعدة وفي مفرط الصفراء، ودم ويرقان وكرب، ووجع كلية، وبرازه يكون بنفسجياً، وربّما كان مخاطياً، ويعرق منتناً يعاف الطعام، وإذا رأى السمك اشمأز منه، فإذا صار لا يشمئز منه فقد عوفي، ويجد طعم السمك المنتن في فيه وفي جشائه مع ملوحة أيضاً، وأكثر من يعافى منه يقع فى السل.
فصل في العلاج ينفع منه شرب لبن الماعز منفعة بالغة، ولبن الأتن أيضاً، ولبن النساء من الثدي، وقضبان الخبّازي أو الخطمي الرطب مسلوقاً، ومرقة السرطان النهري خاصة فإنه يقدر أن يأكله دون سائر المائيات، والقنفذ الطري المشوي أو دمه، والحرذون البحري لا يعافه ويأكل منه. وأما من الأدوية القوية فالفودنج النهري طرياً، ودم الأوز حاراً طرياً أيضاً، وبول الانسان المعتق، وأصول بخور مريم ثمان أوبولوسات بشراب، أو قطران يشرب ذلك القدر بشراب، أو في طلاء والخربق القليل في شراب. وإذا جاء اليوم الثاني من هيجان الأعراض، وسكنت اتّخذ له حبّ من الخربق الأسود والسقمونيا والغاريقون ورب السوس والكثيراء أجزاء سواء والشربة درهم فما فوقه قليلاً بجلاّب، وعلامة برئه أن يرى السمك فلا يشمئز منه، بل يأكله وإذا وقع في السل عولج السل.
فصل في الوزغة والحرباء لحم الوزغة قاتل، وربما سقطت في الشراب، وماتت فيه، وتفسَّخت، فصار ذلك الشراب كالسم يعرض من شربه القيء ووجع الفؤاد الشديد. والحرباء أيضاً قتال قريب من هذا، وبيضه كما يقال سمّ ساعة، وسنذكره، وقد قال قوم: إن هذه الدابة إذا طبخت، ورُش طبيخها في ماء الحمام اخضر كل من يستحم منه مدة، ثم يرجع إلى حاله قليلاً قليلاً وهذا قول لا أحقه. العلاج: هو العلاج المشترك ومثل علاج الذراريح.
فصل في الحرذون إن ضرباً من الحراذين هو سالامندرا، أو فيه تشابه من طباعه وما يشبهها قتال، يعرض لمن شرب لحمه ورم اللسان، وحكة، وصداع، وحرقة، وغشاوة عين.
فصل في العلاج يؤخذ السمسم والخرنوب النبطي، والسكر بالسوية، ويسقى بسمن البقر، ويجب أن يسقى اللبن الحليب، ويمرخ بالدهن ويستحم.
فصل في شرب سالامندرا هذه ضرب من العظايا نصفها في باب العضّ، ويعرض من ضربها أوجاع شديدة في المعدة، وورم كالاستسقاء في البطن، وكزاز واحتباس بول، وقال غير هذا القائل وهو "آطيوس الآمدي"، وغيره، أنه يعرض من شربه تورم اللسان، وذهاب العقل واسترخاء وزمانة واسوداد مواضع من البدن، وعفونة أجزاء من البدن تسقط إذا عولج الإنسان فصح.
فصل في علاجها علاجها المشترك علاج الأفيون، وسقي الترياقات الكثيرة مثل "الفاروق"، والمثروديطوس ونحوه، وأما "أطيوس الآمدي" فقد ذكر أن علاجه علاج من أخذ الذراريح، ومما يخصه أن يؤخذ الراتينج، وعلك البطم واحد منهما أو كلاهما مع الميعة أو مع الجنطيانا، وينفعهم ماء طبيخ الكمافيطوس مطبوخاً فيه حب الصنوبر الصغار، وورق السرو، وبزر الأنجرة، ويشرب مع زيت، وكذلك ينفع منه مص السلحفاة البحرية، والضفادع المطبوخة بفودنج.
فصل في الضفادع الآجامية الخضر والبحرية الحمر يعرض لمن شربها كمودة اللون إلى الصفرة، ويورم البدن على سبيل الترهل، وحرقة في الحلق والفم، وعسر نفس، وظلمة عين، ودوار، ونتن فم، وربما تشنجوا أو امتدوا، وأحياناً يعرض لهم إسهال دوسنطاريا، وغثي وقيء، واختلاط عقل، وغشي، وربما قذفوا المني والفضول بغير إرادة، ومن تخلص منها لم يكد تسلم أسنانه بل تسقط.
فصل في العلاج يقيأ بالزيت والماء الحار أو بشراب كثير، ويكثر الرياضة والتعرق في الحمام والأبزن الحار، والتمريخ بالأدهان الحارة، وينفعه دواء الكركم واللك، وكل ما ينفع من الاستسقاء، وينفعهم شراب كثير مع وزن ثلاثة دراهم أصول القصب، وكذلك السعد وقصب الذريرة في الشراب.
فصل في الضفادع الصفر تنقطع منها الشهوة
للطعام، ويحمض الجشاء، ويفسد اللون ويقع غثى وقيء ووجع فؤاد، ويرم البطن
والساقان.
فصل في العلاج العلاج قريب من علاج الضفادع الأول الآجامية، والبحرية.
القسم الآخر من هذا القسم السمك البارد السمك البارد وخصوصاً الموضوع في مكان ندي، فإنه يعرض منه أعراض الفطر، وربما لم يظهر شيء إلى يوم أو يومين. العلاج: علاجه التقيئة وسائر علاج الفطر.
فصل في الشواء المغموم واللحم الفاسد يجب إذا شوي لحم أي لحم كان أن لا يغم، بل يترك مكشوفاً حتى يتنقس، فإنه إن غُم صار سماً تعرض منه علامات الهيضة من الكرب وانطلاق البطن، وربما فقد طاعمه عقله يوماً ويومين، وربما سبت، وقد يقتل.
فصل في العلاج يقيأ ويسقي الميبة والميسوسن والشراب الريحاني مع عصارة السفرجل والتفاح، والطين المختوم جيد له بعد القيء، وتعالج هيضته بعلاج الهيضة.
فصل في الجنس الثاني من الحيوإنية وهو مثل المرارات القاتلة، وطرف ذنب الأيل.
فصل في مرارة الأفعى هذه من السموم التي إذا سقيت على النحر الذي به، يقتل تواتر الغشي وقلما نفع الدواء.
فصل في العلاج إن نفع شيء فالتقيئة بالسمن حالاً بعد حال، والمبادرة إليه بعد القيء بالترياق والمثروديطوس، والبادزهر أجلّ شيء له، والمسك ودواؤه، وإذا تواتر الغشيّ أوجر الشراب وماء لحم الفراريج مع شيء من المسك أو من دواء المسك.
فصل في مرارة النمر يعرض لمن يشرب منه أن يتقيأ مرّة خضراء وصفراء، ويجد ريح الصبر في أنفه وطعمه في فيه، ويعرض منه في العين يرقان، وهو قتّال، فإن جاوز ثلاث ساعات رجي.
فصل في العلاج يقيأ كما تدري، ويسقي الترياق الخاص به، وهو أن يؤخذ من الطين المختوم وحب الغار جزء جزء، ومن أنفحة الغزال أربعة أجزاء، ومن بزر السذاب والمر من كل واحد نصف جزء، يعجن بعسل، والشربة مثل الجوزة، ومع ذلك يقيأ أيضاً، ويجب أن يكون قد اتخذ له أبزن من ماء الرياحين.
فصل في مرارة كلب الماء قال بعضم: إن أكل إنسان مرارة كلب الماء قدر عدسة قتل بعد أسبوع.
العلاج: يسقي سمن البقر مع الجنطيانا الرومي والدارصيني، وأيضاً أنفحة الأرنب، ويتمرخ بدهن طيب وبلطف التدبير.
فصل في طرف ذنب الأيل يعرض لمن شربه كرب شديد وغشي وهو سم قاتل.
العلاج: يقيّأ شاربه كما تدري، وأجوده بالسمن والشيرج، ثم يسقي البندق والفستق وفيلزهرج معجونة معاً، كل مرة بندقة كبيرة، ويسقى ذلك في اليوم أربع مرات.
الجنس الثالث من الحيوانية الثور الطري: يعرض لمن شرب الطري منه عسر نفس، ووجع اللوزتين، والمريء، وحمرة لسان، وقطع دم جامد في الأسنان واللثة، وغثيان شديد، وكرب واضطراب، وربما ظهر تأكل في الأسنان، ثم يؤدي إلى خنق وكزاز.
فصل في العلاج يجب أن يبادر هؤلاء إلى الحقنة والإسهال، فإن تقيأه خطر، فربما اندفع ما لا يطاق دفعه فخنق، ويجب أن يسقى الأدوية الناقعة في جمود الدم مثل: التين الفج المملوء لبناَ، وبزر الكرنب، وأصول الأنجذان، والحلتيت، والبورق، ورماد حطب التين في الخل، والفلفل في الخل، وعصارة ورق العليق في الخلّ، والأنافح في الخل. فإذا قطعت الأدوية الدم الجامد في بطونهم أسهلوا حينئذ، وتضمّد بطونهم بدقيق الشعير مع مالي قراطون.
فصل في عرق الدواب يخضر منه الوجه، ويتورم، ويسيل من البدن عرق منتن، ومن الإبطين.
العلاج: يقيأ بماء فاتر، ويسقى الطلاء مع دهن ورد وزن نصف درهم زراوند، ونصف درهم ملح أندراني، وينفع منه ترياق الطين المختوم.
فصل في بيض الحرباء زعم بعضهم أن من شرب من بيض الحرباء قتل في الحال، وإن لم يتدارك لم ينفع شيء.
علاجه: يسقى زرق البازي في الطلاء، ثم يقيأ قيأً تاماً، ويمرخ جسده بالسمن البقري، ويكمد رأسه بالملح، ويطعم النتن اليابس والرند والجنطيانا.
فصل في اللبن الفاسد هو الذي يستحيل في طريق الحموضة إلى عفونة أخرى، ويتولد عنه دوار وغثي ومغص في فم المعدة، وربما عرضت منه هيضة قتالة.
فصل في العلاج القيء بماء العسل، ثم شرب الشراب الصرف مع الفلافلي، ويكمد معدته بدهن الناردين.
فصل في الدم الجامد إن الدم إذا جمد في البطن كان لا محالة سمًا من هذا الجنس وإن كان، إنما استفاد السمية لا من خارج البدن، لأنه حيث يجمد فيه من أفضية البطن من الصدر والمعدة والأمعاء والمثانة تعرض منه أعراض رديئة، فإنه إذا جمد في الصدر، ذهب اللون وصغر النبض وضعف، وأدى أولاً إلى تواتر واسترخاء المريض، وأدى إلى الغشي. وإذا جمد في المعدة برد البدن، وعرض اختناق، وصغر نبض، وغشي مترادف. وإذا جمد في المثانة عرض أعراض قريبة مما ذكر، وكذلك في الأمعاء.
فصل في الأدوية العامة لذلك هي الأقحوان الأبيض خاصة والأحمر أيضاً، المقل والحاشا والأنافح ثلاث أوبولوسات، وخصوصاً أنفح الأرنب، ولبن التين، والخل الحريف، والحلتيت، وماء رماد خشب التين المكرر، ومما أورد وهو عجيب لبن الماعز، قالوا أنه يذيب اللبن الجامد في الجوف أجمع، أو يؤخذ الانجذان والكرنب أجزاء سواء يسقى في الخل، وهو دواء عجيب.
فصل في علاج جمود الدم في المعدة والمثانة هذا كنا قد ذكرنا في الكتاب الثالث مرة فليقابل البابان، فنقول أن صاحبه يجب أن يقيأ إن أمكن بالعسل، وعصارة الكرفس، وينفع من ذلك ترياق الطين المختوم، وطحين القرطم، إذا ذوب في الماء الحار كان نافعاً جدا، وهذا الدواء الذي نحن نصفه. ونسخته: يؤخذ من الطين المختوم ثمانية دراهم، أنفحة الأرنب ستة وثلاثون درهماً، أنفحة الغزلان إثنان وثلاثون درهماً، جنطيانا أربعة دراهم، زراوند مدحرج أربعة دراهم، بزر السذاب البري أربعة دراهم، مرّ أربعة دراهم، حلتيت أربعة دراهم، يعجن بعسل والشربة منه كالجوزة في ماء حار أو في سكنجبين.
وأيضاً: يؤخذ رماد التين وزن درهمين مع مخ الأرنب مقدار مثقال، وأظنه أنفحة الأرنب يدافان في خل خمر، ويشرب، والملح الأندراني مع أنفحة. الجدي.
أيضاً: أو مثقال من خرء الكلب، ويخصّ ما ينعقد منه في المثانة أن يعطي العليل عصارة ورق زرين درخت، فإن له خاصية عجيبة في ذلك، ويدام شرب السكنجبين والترياق والمثروديطوس والمدرات القوية، وورق البرنجاسف والحلتيت وعصارة الكرفس وبزر الفجل، كل ذلك في السكنجبين، وفي الخل أيضاً، فإن الخل دواء جيد لهذا الشأن، وكذلك مثقال من القردمانا بماء حار أو نصف مثقال من حلتيت، أو شربة من غاريقون أو سانيوس، أو شيء من الأنافح، أو درهمين من حب البلسان، أو درهمين من أظفار الطيب أو درهمين من عود الفاوانيا، وتستعمل الأدوية المفتّتة للعصا مشروبة، ومحقونة، وطلاء، ويزرق في مثانته وزن نواة من ملح مسحوق محلول في ماء، أو يستعمل ماء رماد الكرم، فإن لم ينجع هذا لم يكن بد من الشق عن الدم الجامد، واستخراجه، كما تستخرج الحصاة.
فصل في جمود اللبن في المعدةقد يجمد اللبن في المعمة بسبب من الأسباب الموافية المجمدة، أو لاستعداد قوي في اللبن، أو لأنفحة شربت في اللبن، ويعرض منه عرق بارد، وغشي وحمى نافض،وإن كان جموده مع أنفحة، فهو أردأ وأسرع إلى الخنق، وجمود اللبن في المعدة من جنس جمود الدم، وتعرض منه الأحوال الرديئة مثل ما يعرض من ذلك، ومن السموم فإنه يعرض أيضاً لجموده في المعدة برد البدن وصغر النبض، واختناق مضيق للنفس، وغشي وربما انتفخ بطن صاحبه.
فصل في العلاج يجب أن يجنب من تجبّن اللبن في معدته الملوحات، فانها تزيده تجبناً، ولكن يجب أن تسقيه الخلّ وحده، أو ممروجاٌ بماء واسقه من الفودنج اليابس وزن خمسة دراهم، فإنه عجيب يحلّله من ساعته، ولقوته في ذلك يمنع اللبن الحليب عن الجمود، ويرققه، واسقه من الأنافح شيئاً إلى مثقال، فإنها تحلّله وتخرجه بقيء أو إسهال، واسقه أيضاً الأدوية المذكورة لجمود الدم في المعدة، وخصوصاً ما يتخذ من الطين المختوم مما ذكرته، ودواء الأنجذان والكبريت أو يسقيان بالسوية في الخلّ، وماء رماد خشب التين أيضاً إذا كرر استعمال الرماد فيه.
المقالة الثالثة
تدبير النهش الكلي
وفي طرد الحشرات وفي علامات لدغ الحيات وأصنافها فصل في كلام كلّي من قوانين المعالجة إعلم أن القانون الأكبر في علاج النهش تقوية الحار الغريزي، وتهييجه إلى المدافعة كما يفعله الترياق، واللعبة البربرية، وتدبير بالتقوية التحرق السم، وتدفعه إلى خارج، ومراعاة تقوية الأحشاء، ثم دفع السم، وإبطال فعله بالمشروبات والأطلية التي لها ذلك بخاصية، أو بطبيعة معروفة على ما نذكر، وربما دخل في هذه الأعراض شيء آخر، وهو التدبير المقلل لرطوبات البدن، فإن نفوذ السمّ في الأعضاء الأصلية أعسر، وأصعب عليه من نفوذه في الرطوبات إذا وجدها وامتطاها، ويدخل في هذا الباب الفصد والإسهال ونحوه، وأولى الأوقات بالفصد حين ما تعلم أن السم قد انتشر في البدن، وليس مما ينجذب، وخصوصاً لمن كان ممتلئاً، وقد يدخل في هذا الباب شيء آخر، وهو تصيير الأخلاط متحركة إلى جهة أخرى غير جهة الأعضِاء الرئيسة.
والمشروبات على السموم: إما ترياقات وبادزهرات كلية أو خاصة بذلك السم، وإما أدوية مضادة للسم بالمراج كالحلتيت المضاد لسم العقرب بالخاصة. وإما مموجة للسم إلى خارج، بتحريك الأخلاط إلى خارج كالأدوية المعرقة. وإما أدوية منحية للأخلاط عن وجه السم، فلا تجد علئ ما ذكرنا مركباً مثل الأدوية المسهّلة والمقيئة في اللسوع، وكذلك المدرات. وإما أدوية محركة للمواد إلى البعد عن الرئيسة، فيتدافع ما يتحرك إليها كهذه الأدوية المسهلة، والمقيئة، والمدرة. والأدوية التي تستعمل على العضوض أطلية فيها أعراض أحدها أن تمنع نفوذ السمّ في البدن، وذلك إما برباطات، وسدّ طرق، ومنع نوم لتحرك الحار الغريزي إلى خارج، فيدافع، ومن هذا الباب قطع العضو الملسوع، بأدوية تكوى، وأسباب جواذب، ولذلك القوابض ضارة لها، لأنه لا أنفع من الدواء الذي يجذب السم إلى خارج، ويمنعه عن النفوذ إلى داخل، وخصوصاً إذا كان السم بعد لم ينتشر، ومن هذا القبيل المحاجم.
وربما احتيج إلى شرط إن كان قد تعمق ونفذ،
وإن كان يمكن فإرسال العلق حينئذ يغني عن ذلك، وعن المص ما دام في الجلد،
فإن المص ربما كفى، ويجب أن يكون الماص غير صائم، بل قد أكل وغسل فاه،
ويكون غير متآكل الأسنان، وقد تمضمض بشراب ريجانيِ، وشرب منه شيئاً وأمسك
في فمه دهن الورد أو دهن البنفسج، وإذا كان في فمه آفة أخر ودفعَ وكل ما
يمصه هذا الماص فيجب أن يبصقه.
وأما الأدوية فمثل الأدوية المعرقة شرباً والمحمرة والجاذبة طلاء، ويقول
"جالينوس" أن الأدوية الجاذبة للسم، إما أن تكون جاذبة بالقوة المسخنة، أو
بسبب المشاكلة لتجذب لتجب ما تشاكله، مثل ما يفعل شحم التمساح لعضة
التمساح، ولحم الأفعى بعد قطع طرفيه في جذب سمه، حتى تكون بعض الأدوية
النافعة من السموم سموماً أيضاً، لكنها أضعف وكأنها فيما يين مراج البدن
ومراج السم، وهذا القول مما يجب أن ينظر فيه الطبيعي من الحكماء ليعرف أنه
غير متقن. وأما الطبيب فليس يضزه !أن لا يعرف هذا. وكثير من النطولات
الجاذبة تقرح وتنفط، فيجب أن يسيل ما فيه، فهذا من شرائط المطي ومن شرائطه
أن يكون الدواء محيلاً لطبيعة السم إحدى الإحالات. أما الإجماد كفعل أصل
اليبروح. وأما الإحراق كفعل الكي بالنار أو بالزيت، والزفت، خاصة الزفت
المغلي، وهو عمل أهل مصر. وإما لخاصية مضادة، وإما لكيفية في الحر والبرد
مضادة.
وإذا اصتعمل ما يجذب في الابتداء، أو يفعل شيئاً مما ذكرنا، ولم ينفع، وكان الأمر عظيماً قطع ما حوالي اللسعة، وأخذ لحمه كله إلى العظم، وإن كان الخوف أعظم من ذلك قطع العضو ثم كوي.
ومما يحتاج إليه في جميع أدوية السموم، وخصوصاً في أطليتها أن تكون مسكنة للوجع، ومتداركة لأعراض خفية تتبع اللسوع، مثل القلقطار يقع في أطلية اللسوع، ليحبس الدم إذا أمعن في سيلانه عن النهشة، ومن الوصايا التي يجب أن تحفظ في السموم، والعضوض أن تمنع اندمال الجرح إلى وقت برء العليل من غائلة السم.
فصل في المشروبات علي اللسوع ومن الأدوية الجيدة أن يسقى بزر الجندقوقي في ماء، أو شراب، وطبيخ أنواع الفوفنج الثلاثة، والجندبيدستر عجيب. وأما لبن اللاعية وأظنه الترياق المعروف بالبوشنجي والفراوي، فشديد النفع من لسع جميع الهوام، خصوصاً الأفاعي، والجدوار، والبوحا، وبيش موش، والآذريون، وبزر الباذاورد، والحرف، وأيضاً الكمون الذي يشبه الشونيز والكاشم، والثوم، وقشور ورق العرعر مع الفلفل، والفلفل نفسه.
قال "جالينوس": الشراب الذي تقع فيه الأفعى نافع من لدع الهوام، فكيف الترياق، وبزر الأترج يضاد السم أجمع، والشربة مثقالان.
وأصل الأنجدان نافع من جميع السموم، وثمرة الفنجنكشت ودهن البلسان وحبّه والفنجنكشت والجوز مع التين والبندق والجنطيانا والجاوشير مع زراوند وزهر الدفلى وورقه وثمرة الدلب الطرية عجيب في ذلك، والدارصيني الصيني وبعر الماعز محرقاً ضماداً وسقياً، والكمادريوس والكاشم وأيضاً السرطان النهري مع لبن، والنانخواه والسكبينج والفستق مع شراب، والفودنج وطبيخه شرباً وضماداً، والراسن والقيسوم والقردمانا والغاريقون وأصل الخنثى ثلاثة دراهم، وكذلك بطون ابن عرس إلى معدته إذا حشي بالكزبرة، وجفف وأخذ منه عند الحاجة، وطبيخ الخبازي البستاني، وبزر الخطمي ودماخ الدجاج خصوصاً مع أنفحة، ومرق ابن عرس الحي، ومرقة الجراد الحي إذا شرب بشراب، والرق المملح وطبيخ السرطانات النهرية، ودم السلحفاة والقنة عجيبة، والجنطيانا عجيب وبزر الجزر البري نافع.
ومما ينفع في ذلك من الأدوية الباردة أصل اليبررح ضماداً بالعسل، والهندباء البري عجيب في هذا الشأن، والبرشياوشان. ومما ركب غاريقون، زراوند طويل. وأيضاً ترياق عجيب بهذه الصفة، ونسخته: يؤخذ أفيون ومرّ درهم درهم، فلفل درهم ونصف، أصل الزراوند الطويل والمدحرج! ثلاثة دراهم، حرمل وكمون هندى من كل واحد درهم، شونيز خمسة دراهم، جنطيانا ثلاثة دراهم، سذاب درهمين، يعجن بعسل وماء الجرجير الشربة مثقال بمطبوخ جيد.
وأيضاً: دواء الطين المختوم بهذه الصفة ونسخته: وهو أن يؤخذ حب الغار مثقالان، طين مختوم مثقالان، وأوثولوسين يشرب بزيت، والشربة بندقة في ثلاث أواق من ماء العسل. وأيضاً: ترياق عام للسوع والمشروبات بهذه الصفة، ونسخته: يؤخذ فلفل وزن عشرة دراهم، سنبل درهمين، زراوند وأصل الحزاء من كل واحد درهم، يعجن بعصير الخرنوب، ويوضع في الشمس أربعين يوماً، يحرك كل يوم مرة وكلما جف ينديه، ويسقى بماء حار وقوم يدّعون أنه ينفع أيضاً كحلاً، وطبيخ السرطانات النهرية ودم السلحفاة والرق المملح.
دواء نافع كل نهشة: يؤخذ شونيز، بزر الحرمل، كمون من كل واحد درخميان، جنطيانا، زراوند مدحرج، من كل واحد درخمي، فلفل أبيض، مر، من كل واحد نصف درخمي، يعجن بعسل والشربة باقلاة رومية في الشراب.
وأيضاً: يؤخذ جنطيانا درهمين، فلفل، سذاب، من كل واحد درهمين، يعجن بعسل وهو شربة واحدة، تسقى في الشراب.
وأيضاً: يؤخذ حماما، حبّ البلسان، من كل واحد ثلاث درخميات، بزر الجرجير، مر وزعفران من كل واحد درخمي، طين البحيرة أربع درخميات، يعجن بعسل منزوع والشربة مثل الباقلاة. وأيضاً: يؤخذ حب البلسان، زوفا يابس، بزر اللفت البري، فلفل أبيض وأسود، دار فلفل، وج، أنيسون فطراساليون، أسارون، كمون كرماني، بزر البنج، من كل واحد أربعة، سنبل، فقاح الأذخر، من كل واحد ستة، يعجن بعسل، والشربة باقلاة رومية.
فصل في الأطلية على اللسوع مما يطلي عليها يؤخذ نفط أبيض أو أزرق أو الثوم كما هو، أو مسلوقاً بالسمن أو الجندبيدستر بالزيت، أو عصير الكراث الذي لم يمسه ماء، والفوذنج النهري نعم الجذاب للسم، والكبريت بالبول والدجاج والديك بشقان أحياء، ويضمد بهما اللسعة، وتبدل كل ساعة، وتستعمل ضماداً، وقال قوم أن الدجاج شديد الحرارة، ولذلك يذيب ابنحاس المبلوع، والرمل والحصي، ويشبه أن يكون ذلك في حوصلته وكرشه لا غير.
ومما يضمّد به الملح أو الخل أو مرارة الثور أو النمام وورق الخنثى والرماد والخل، وخصوصاً رماد حطب التين والكرم وخصوصاً في الابتداء، والزفت، والملح، مطبوخين، قالوا أن الضماد بالثوم والملح وبعر الماعز نافع من كل لسع إلا لدغ الأصلة الصم، والضمّاد بالنورة والعسل والزيت نافع حتى للأصلَة.
وأيضاً: يؤخذ خردل وخل ونورة، ويطلى عليه بماء الصابون، أو القطران أو يطبخ الزفت بالملح، ويطلى، والزيت المغلى جيد في صبّه على اللسعة، حتى لسعة الإفاعي، وهو من معالجات أهل مصر وهو كي جيد، والبصل مع السويق والمرهم المعمول بالملح، ومرهم النطرون، ومن النطولات الجيدة ماء البحر حاراً مفرداً، ومع الخردل، وطبيخ الجرد الحي وابن عرس.
فصل في أطلية إذا طلي بها على الأبدان لا تقربها الهوام مما ذكر لهذا الشأن دماغ الأرنب مع الخلّ والزيت والميعة إذا حلت في الزيت، والزيت المنقوع فيه ورق الصنوبر الطري المدقوق، أو فقاح السرو، أو حب العرعر، وكذلك ورق الفنجنكشت في الزيت، والقيسوم وأصل الأنجذان والخنثى والدوقو وحب البلسان وأصل الحرف كل ذلك بالزيت، ومركبات منها مثل أن يؤخذ أصل الأنجذان الأسود وفقاح الساذج الطري، وحب العرعِر من كل واحد جزأين،. أصل اليبروح نصف جزء، حب البلسان وقردمانا من كل واحد ثلائة أجزاء، يرض، ويطبخ بزيت طبخاً جيداً حتى يصير له قوام ومخ الحمام ويدهن به.
أيضاً: !يؤخذ خنثى درهمين، حب البلسان وبزرالبنج من كل واحد نصف درهم، يخلط بخل وزيت ويطلى به أيضاً: فقاح الصنوبر جزء، أصل اليبروح جزأين، بزر البنج ثلاثة أجزاء، يخلط الجميع بالزيت، ويطلى وهذا أيضاً يصلح بخوراَ. وأيضاً: يؤخذ حب العرعر جزأين، ميعة جزء واحد، يخلط الجميع بدهن ويطلى به، والطلي بدهن الفجل يهرب البق.
فصل في طرد الهوام علي الكلية يجب أن يرش البيت بما سنذكره، ويفرش به، وتطلى الحجرة والكوَى بما ينطل به مما نذكره في البخورات وغيرها لئلا تقربها الهوام. وأما البخورات فمثل دخان خشب الرمان، فإنه يطرد الهوام، وكذلك أصول السوسن وقضبان الرمان عجيبة في ذلك، وكذلك القنة والقرون والأظلاف والحوافر والشعر والمقل والسكبينج والحلتيت وورق الغار وحبة، والفوتنج والشيح، والافتراش بالقطران، والجعدة، والتبخير بالفنجنكشت والافتراش به، وكذلك الحرف، وكذلك رماد خشب الصنوبر، وخصوصاً مع القنة.
وإن اتخذت دخنة من أفيون وشونيز وقنة وقرن الأيل والكبريت وأظلاف المعز، طردت الحيات والهوام. وأيضاً يؤخذ ميعة وقرن الإبل وشونيز وقفر جزء جزء، شعر الماعز وأظلافها من كل واحد نصف جزء، يقرض ويبخر به الفراش.
أخرى: يؤخذ قردمانا وأصل الانجذان الأسود وميعة من كل واحد أوقية، قشور بيض النعام، شونيز، بزر الحرمل، من كل واحد أوقيتين. وأيضاً: ورق السرو أو الصنوبر وشونيز وبزر البنج من كل واحد درخمي، قشور أصل اليبروح درخمي، شعر الماعز ثلاث درخميات، فودنج درخميين، قفر أربع درخميات، ويخلط ويبخر به على جمر الكرم وفي بخوره أمان.
ومما إذا فرش نفر أكثر الهوام دواء بهذه الصفة. ونسخته: هو السيسنبر والحبق والفنجنكشت، حرز عجيب من الهرام إذا فرش حول المرقد، والشيخ أيضاً، والحلتيت والغار عجيب في هذا، وكذلك إذا جعل حول المجلس مندل من رمإد خشب الصنوبر، ومما يستظهر به في إبعادها أن توضع المصابيح والسرج في المرضع البعيد من المرقد، فتميل إليه. ومما يستظهر به في دفع الحشرات والهوام إمساك مثل اللقلق والطاوس والبيضانيات والأيايل والقنافذ وبنات عرس، وما يجري مجراه، فإن الهوام تفزع منها، فإذا ظهرت قتلتها، قالوا من اتخذ سفرة من جلد التامور لم تقربه حية، وكذلك إذا اتخذ منها لباساً حكاه من لا يوثق بقوله.
فصل في أشياء ذكرها قوم في إتلاف السباع قالوا الخربق يقتل الكلاب والذئاب، وخانق النمر يقتل النمر، وخانق الذئب يقتل الذئب، والكلب وابن آوى، واللوز المر يقتل الثعالب، والدفلى وورق الأزاثرخت يقتل البهائم، وأكثر هذا معروف.
فصل في طرد الحيات مما يطردها بالدخان قرن الأيايل، وأظلاف المعز وأصل السوسن والعاقرقرحا والكبريت، ومن لطخ بدنه بلوف الحية وعصارته أو طبيخة، لم تنهشه الأفعى، ورشّ الموضع بما حل فيه النوشادر مما يهربها عنه، والخردل يقتلها، وإذا وضع على مسالكها تنحت عنه، ومما يقتل الحيات تفل الصائم في فيها، وخصوصاً إن أخذ في فمه النوشادر.
فصل في طرد العقارب وقتلها العقارب يقتلها
تفل الصائم الحار المراج عليها، والفجل المشدوخ وعصارته إذا مسها وورقه،
وكذلك الباذروج.
فصل في بخور يخرج العقارب يؤخذ ميعة، زرنيخ، بعر الغنم، شحم ثرب الغنم
أجزاء، سواء يذاب الثرب وتخلط به الأدوية، ويبخر عند حجرة العقارب، وإذا
وضع الفجل المقطع على حجرة العقرب لم يجسر أن يخرج منه، ومن التبخيرات لها
العقرب نفسها إذا بُخر بها، وكذلك الزرنيخ.
فصل في طرد البراغيث إذا رش البيت بنقيع الحنظل تماوتت البراغيث وتهاربت، وكذلك طبيخ الخرنوب وطبيخ العليق، قالوا وإذا جعل دم التيس في حفرة في البيت اجتمعت البراغيث عنده، ثم لتّقتل، وكذلك تجتمع على خشبة مطلية بشحم القنفذ، ويهربن من ريح الكبريت وورق الدفلى، وههنا حشيشة معروفة بكيكوانة أي حشيشة البرغوث إذا جعل في الفراش أسكرها، وأخدرها فلم تعش.
فصل في طرد البعوض والبق يدخن بنشارة خشب الصنوبر أو بالقلقديس أو بالشونيز، والأجود أن يجمع بينها، وكذلك التدخين بالآس اليابس وبالكبريت والمقل والشوكة المنتنة المسماة قونوزا ، وأخثاء البقر والحرمل مدخناً به، وموضوعاً على الفراش، والمكوى وبورق السرو وجوزه، وإذا رش البيت بطبيخ أصل الترمس، نفع ذلك، أو بطبيخ الشونيز أو بطبيخ الحرمل أو بطبيخ الأفسنتين أو طبيخ السذاب.
فصل في طرد ابن عرس قالوا يطرده ريح السذاب.
فصل في طرد الفأرة وقتلها الفأرة يقتلها المرداسنج والخربق، وأيضاً الخربق وبزر البنج، وكذلك أصل الكرنب، وكذلك يصل الفأر والشك وخبث الحديد وزعفرانه، ويطردها الفأرة الذكر إذا سلخ وترك في البيت، أو خصي، أو قطع ذنبه، والسلخ أقوى، وقيل أن ربط الواحدة منها في البيت مشدودة الرجل من خيط صوف مؤيد يهرب الباقيات وفيه نظر.
فصل في طرد النمل إذا جعل على حجرها قطران هربت منه، وكذلك من المغناطيس ومن مرارة الثور من الزفت ومن الحلتيت، ويهربن من دخان النمل نفسه.
فصل في طرد الذباب يقتلها الزرنيخ إذا جعل شيء منه في اللبن ووضع للذباب، ويقتلها دخانه وطبيخ الكندر وطبيخ الخربق الأسود.
فصل في طرد الزنابير يهربن عن بخار الكبريت والثوم ولا يقربن من تَلَطخ بالخطمي أو بعصارة البخازي والزيت.
فصل في طرد الخنافس يطردها على ما قيل دخان الدلب، وخصوصاً دخان ورقه.
فصل في طرد الأرضة لا تألف الأرضة داراً فيه هدهد، والتقتير والتدخين بأعضاء الهدهد وريشه يقتل الأرضة فيما يقال.
فصل في طرد السوس الأفسنتين يمغ الثياب عن التسوس، وكذلك الفودنج، وكذلك قشور الأترج.
فصل في أصناف الحيات إن العلماء بأمر الحيات وطبائعها قسموها ثلاثة أقسام: قسم شديد الحدة لا يمهل من الحال إلى فوق ثلاث ساعات، ولا علاج للسوعها، وهي الصم والأصلال، ولا ينفع فيها إلا قطع العضو في الحال أو الكيّ البالغ النافذ بالنار، فإنه يحرق السمّ، ويضيق المجاري، وقد ينفع في علاجها التقيئة على الامتلاء من سمك مالح، ثم بعد ذلك يعقب المعالجات الأخرى، وإن كانت الحية أضعف يسيراً كفى الربط الشديد، ثم سائر العلاج المشترك.
وقسم ضعيف قلما يقتل، وقسم متوسط لا يتأخر عن ثلاثة إلى سبعة. قالوا وأما التنين البرّي ونحوه من الحيات الكبار الجثة، فإنما يعالج لسعه من حيث هو قرحة فقط لا من حيث هو سم يعتدّ به.
قالوا والطبقة الأولى أجناس: فمنها مثل الحية المسماة بالملكة، وباليونانية باسليقوس وهي تقتل بلحظها أو باستماع صوتها. ومنها مثل الحية المسماة بالخطّاف ولونها يشبه لون الخطّاف، وطولها قريب من ذراع وتقتل قبل ساعتين. ومثل الحية المسمّاه أسقلس اليابسة لشدة يبس جلدها، وهي في قدرها بين ثلإثة أذرع إلى خمسة أذرع، ولونها رمادي أو إلى الصفرة وعيونها شديدة الضوء، وتقتل ما بين ساعتين إلى ثلاث ساعات.
ومنها البزّاقة فإنها تقتدر على أن تمجّ بزاقها وتزرقه بعصر أسنانها بعضها على بعض، فتقتل من يقع عليه بصاقها أو رائحة بصاقها، وطولها إلى ذراعين، ولونها رمادي إلى الصفرة، وتقتل ملسوعها قبل أن توجع. وهذه الطبقة إنما تذكر في الكتب لا لرجاء كثير في معالجتها، ولكن لتعلم، ويعلم أنها لا ينفع فيها علاج إلا ما قد ذكر، فلعله ينفع أحياناً بما قلناه.
وللصم المقصعة أصناف أخرى تكثر في حدود مصر، وربما كان لبعضها قرنان، وألوانها مختلفة بيض وشقر وحمر وعسلية ورمد، وقد تكون على خْلق الأفاعي، وقد تكون لبعضها أسنان كالصنانير، والثعابين القتّالة في الحال من هذا القبيل.
والطبقة الثانية من الأفاعي ونحوها أيضاً مختلفة: منها الإفاعي الأصلية، ومنها الأفاعي البلّوطية، ومنها المعطشة، وسائر ما نذكره، وقد يعرض للحيات اختلاف أيضاً لا في النوع بل بحسب الاتفاق في نوع واحد. وإذا اختلفت بالذكورة والأنوثة، فالذكورة أقل أنياباً وأكثرسماً وأحد، على أن قوماً قالوا أن الإناث أردأ بكثرة أنيابها، وأيضاً من قبل السن، فإن الفتى أردأ من المسن، ومن قبل الجثث فإن الكبار أردأ من الصغائر القصار الجثث إذا كان نوعهما واحد.
وأما من قبل المكان فان التي تأوي المعاطش والجبال أردأ من التي تأوي الريوف والأمكنة الكثيرة المياه، وأما من قبل حالها في الامتلاء والخلاء، فإن الجياع منها أردأ سمًا.
وأما التي من قبل انفعالاتها النفسانية فإن المحرجة العضبى أردأ سماً.
وأما من قبل الزمان فإن سمها في الصيف أردأ، قالوا والطوال الغلاظ من جنس واحد أردأ، وقد ظن بعض الناس أن سم الحيات والأفاعي بارد، وهو في غلط، الذي يعرض من البرد لملسوعها فهو لموت الحار الغريزي بمضادة السم، والحار الغريزي هو الذي يسخن البدن بانتشاره، واشتعاله. وأما إذا لم يك حار غريزي واشتعل القلب ناراً حقيقة، لم يجب أن تسخن له الأطراف، وقد ظن قوم أن سم الأصلة خاصة بارد، ويجمع دم القلب، ويجمّده، ولذلك يخدر جداً، وليس هو كذا بل هو بما يحلل الحار الغريزي ويميته، والذي يحتج به من أن الحيوان البارد المراج يكون في الشتاء ميتاً، والحار تزداد حرارته، وحدّته كائناً من كان هذا التأويل حجته غير صحيحة، ولا هذه الدعوى تصح في الحشرات الصغار، ولكن في الحيوانات الكبار الأبدان، والدليل على فساد هذا القول أن الزنبور حار المراج جداً، وهو مما يتماوت في الشتاء فلا يتحرك، ولا يبعد أن تكون الحية مع حرارة مراجها، لا تتحرك شتاء للمضادة في المراج الطبيعي، ولما يعرض لها من أحوال أخر فصل في لسع باسليقوس وهو الأول من الصم وجرمانا ولست أعلم أنه هو أو غيره. قال قوم أنها إنما تسمى ملكة لأنها مكللة الرأس، طولها شبران إلى ثلاثة، ورأسها حاد جداً، وعيناها حمراوان ولونها إلى سواد وصفرة، وتحرق كل ما تنساب عليه، ولا ينبت حول حجرها شيء، إذا حاذى مسكنها طائر سقط، ولا يحسّ بها حيوان إلا هرب، فإن كان أقرب من ذلك خدر فلم يتحرك، وتقتل بصفيرها إلى غلوة، ومن وقع عليه بصرها من بعيد مات، وليس كما يقال أن من وقع عليها بصره مات، ومن نهشته ذاب بدنه وانتفخ وسال صديداً، ومات في الحال، ومات كل ما يقرب من ذلك الميت من الحيوانات، وقلّما يتخلص من ضرر جواره، ولكن قد يمكن في بعض الأوقات أن تمس بعصا، وفي الأكثر من مسها بعصا هلك هو يتوسّط العصا، ولذلك قد مسها فارس برمحه فمات الفارس ودابته، ولسعت حجفلة الفرس فمات الفرس والفارس، وهذه الحية تكثر ببلاد الترك ولوبية.
فصل في علامة لسعها هي أن ترى موتاً بغتة من غير وقوع سبب بادٍ ظاهر، وخصوصاً إذا كان في موضع عرف بتلك الحية فلا علاج له أصلاً.
فصل في لسع جرمانا قد ذكر جرمانا في صفات قريبة من صفات الملكة من أنها لا تشوى، وليس إنما تقتل باللسع فقط، بل وباللحظ وبإسماع الصفير، وأي حيوان لسعته تهرى وأهلك، ما يقرب منه من الحيرانات، لكنهم وصفوا قدها بخلاف قد الملكة فزعموا أنها من ذراع إلى ذراع ونصف، قالوا وأن لا ينفع ملسوعها شيء، وإن نفعه شيء فبزر الخشخاش إلى درهمين، والجندبيدستر إلى درهمين فقد شهد قوم بذلك.
فصل في علامات لسع الحية المسماة بالخطاف وهي من الصم يعرض لملسوعها فواق وتغير لون، وخدر وبرد أعضاء، وسبات، وانغماض أجفان مع شدة خفقان، يختص به وعظم وجع، وعلاجها علاج الصم وقد ذكرناه.
فصل في علامات لسع أسقيوس اليابسة وهي من الصم من لسعته هذه عرض له ما يعرض من لسع الخطّاف، فيتغيّر لونه، ويخدر ويكثر فواقه، وتبرد أعضاؤه، وتتغمّض أجفانه، وتسبت وعلاجها علاج الصم وقد ذكرناه.
فصل في لسع البزّاقة وأسقيوس من لسعته يبقى بلا حسّ ولا حركة، مسكوتاً مسبوتاً بعد الأمور الأخرى المذكورة في باب أسقيوس، بعد تثاؤب متتابع، وتغميض والتواء رقبة وكزاز، ونبض غير منتظم، ولا يحس بوجع، وربما أحس في أوائل الأمر بوجع مقيء، تراه يدخل إصبعه حلقه ليتقيأ، وقد ذكر بعضهم أسقيوس ووصفها بأنها ترفع رأسها، وتبصق السم فلست أدري أنها والتي ذكرناها نوع واحد وهي من جنس البصاقات، لكنه ذكر من أعراضها أن موضع لسعها صغير بقدر نخس الإبرة من غير ورم، ويسيل منه دم قليل أسود، وتعرض لملسوعها غشاوة عين ووجع في إلأحشاء والفؤاد أولاً، ثم يعرض التغميض والسبات ولا يعيش فوق ثلث النهار، وعلاجها من جنس علاج الصم وقد ذكرناه.
فصل في لسع المقرنه هي جنس من الصمّ، يكون
طولها من ذراع إلى ذراعين، وعلى رأسه نتوءان كقرنين، ولون بدنها لون الرمل،
ويكون على بطنها كفلوس يابسة صلبة، تكش على الأرض بصرير وأسنانها مستوية
غير معوجة، وأكثرها في المواضع الرملية. قال قوم ومنها جنس يسمى القصيرة،
وهي بسبب أن قرنها أقصر وقد سقط قرنها، وهي أيضاً قصار صغار وهي كبيرة
اللحيين، ولذلك تسمى اللحيانية.
فصل في علامة لسعها يحس في موضع اللسعة كأن إبرة أو مسماراً غرز فيه وركّز،
ويثقل بدنه ثقلاً عظيماً، ينتفخ جفناه، ويعرض له دوار وظلمة عين، وذهاب
عقل، وعلاجها أيضاً علاج الصم، ومما يختص بها أن يسقى بزر الفجل مع شراب،
وخصوصاً إذا تقيأوا به، واذا قذفوا نفعهم الكمون الهندي، والسمسم نافع
أيضاً من عضه مع شراب، والجندبيدستر مع شراب، والفودنج البري مع شراب، وبزر
الفجل عجيب المنفعة فيه، ويوضع على اللسعة ملح مسحوق معجون بقطران، أو بصل
مدقوق بخل.
فصل في حية تسمى أودريس وكدوسودروس هذه الحية إذا كانت في الماء سماها اليونانيون أودروس، وإذا كان مسكنها في البر سميت كدوسودروس، وهي أصغر من الأصلة الصمّاء، وأعرض عتقاً وأشر وأضر، يعرض من- لسعتها أن تأخذ اللسعة بوجع شديد، أو تلتهب ثم تخضر، وتتآَكل، ويعرض للملسوع دوار وقذف مرة منتنة، وحركة غير منتظمة، وضعف قوة، ويهلك في الأكثر في الساعة الثالثة، ولا تجاوز الثالث فإن أفلت لأنها مائية، أو لأن مراج الملسوع قوفي لزمته أمراض لا يكاد يبرأ منها.
فصل في العلاج علاجه العلاج العام، ومما يختص
به أن يشرب من جوز السرو المنقّى مع حب الآس من كل واحد درخمي بماء العسل
أو بشراب، وكذلك الزراوند وزن درهمين بشراب أو خل ممروج، وكذلك عصارة
الفراسيون، ويضمد بالكلس والزيت، والفودنج الجبلي، وقشور أصل البلوط ونحو
ذلك، مفردة ومخلوطة، ومما يخلط به دقيق الشعير.
فصل في أذريس إنما ذكرت أذريس في هذه الجملة لأني غير واثق هل هو أدريوس،
وقد خولف بالتصريف والكتابة كما يقع في كتابة كلمات اليونانيين، أو حية
أخرى، لكن الموضع الذي نقلت منه هذا قد ذكر مصنفه للسعتها أعراضاً أخر،
فقال أنّ لسعتها تجرح، ويستعرض جرحها، ويكمد لونه وتخرج منه رطوبة سوداء
كثيرة منتنة جداً، ويطول علاجهم، ويعسر فيجب أن ينظر غيري في هذا، ويعرف
حاله لينتقل إلى الطبقة الثانية من الحيات.
فصل في قول كلي في لسع الأفاعي وأحكامها شر الإفاعي والتنانين ذكورتها، وأما الإناث فإنها أسلم، ولسع الأنثى يعرف بوجود مغارز لأكثر من نابين في الجهة التي عضّ بها، ويخرج في أول الأمر من موضع النابين أو الأنياب دم، ثم صديد غالي، وربما ابتدأ مائياً، ثم زيتياً، ثم زنجارياً قد استحال إلى جوهر السم ولونه، ويوجع الموضع، ثم يدبّ وجعه، ثم يظهر ورم حار أحمر ذو بثور كثيرة، ونفّاطات كحرق النار وربما فشا، ثم يخصر ذلك الورم في قرب اللسعة، ويجف الفم، ويعرض في الأحشاء التهاب وفي البدن حمى مع نافض، ثم عرق بارد وفساد لون إلى خضرة، وتهيج دوار وتواتر نفس وصغره وغثى وفواق، وربما قاء خلطاً مرياً، ويعسر البول، ويثقل الرأس، وربما أرعف، ويظهر ثقل في الصلب، ثم عرق بارد ورعدة شديدة وغشي، وأكثر ما يهلك يهلك في ثلاثة أيام، وربما بقي إلى السابع.
فصل في علاج لسع الإفاعي بما هو كالقانون تراعى الأصول المشتركة في العلاج، ثم أقوى العلاج المبادرة إلى ترياق الإفاعي، وإذا تأخر فقد يمكن أن ينفع الترياق كثيراً، وقد يمكن أن لا ينفع، وأما مصيره آلة للسم فليس بشيء لأن الطبيعة هي التي تستعمل الآلات، وأما الشيء الغريب فليس يمكنه أن يستعملها اللهم إلا أن يتفق هيجان منهما معاً، وإن أمكنه الإستكثار من الثوم والشراب، فربما استغنى عن كل علاج، وكذلك الكراث والبصل مع الشراب إن لم يوجد الثوم، وقد ذكروا أن ذكر الأيل مشوياَ إذا طعم في الحال نفع، والحرمل من الأدوية المخلصة، وكذلك لب حب الأترج، ومن الترياقات الخاصة بها القوية أنيسون اكسوثافون، فلفل أربع درخميات، قشر الزراوند المدحرج، جندبادستر، مر، من كل واحد درخمي، يعجن بالطلاء والشربة جوزة.
أيضاً: يؤخذ مر، جندبادستر، فلفل، زرنيخ أحمر، من كل واحد درهم، بزر الشبث أوقيتين يعجن بالطلاء.
وأيضاً: يؤخذ بزر الحندقوقي وزاراوند مدحرج، والسذاب البزي ليس هو الحرمل على ما يظنه بعضهم، بل هو ضرب من السذاب نفسه. ويجب أن يعطي السمن الكثير، وخصوصاً العتيق، فكثيراً ما خلص السمن العتيق وحده، ويجلس في أبزن من لبن ويكلف الانتباه ويمشي ويحمم في بعض الأوقات حماماً معرقاً، ويسقى الأنافح ونحوها عقيب ذلك، وخيرها أنفحة الأرنب الطرية، فإنها أيضاً أطيب إذا سقيت بأربع أواقي خمر ممروج باعتدال، وأنفحة الأيل أيضاَ جيدة. قال قوم: إن أخذ إنسان البصل البحري ومضغه وبلع ما يسيل منه وضمد بثقله اللسعة، ثم يهلك البتة. وجرب قوم مرقة الضفادع، فكانت نافعة مخلصة إذا أكلت، ولحم ابن عرس المخلل المملح والسرطانات البحرية ودم السلحفاة البحرية، وقال قوم أن الحجر الذي يعرف بحجر الحية إذا علق كان فيه عافية.
فصل في سائر المشروبات الممدوحة في لسع الإفاعي قالوا الكرفس البري، وهو السمرفيون، جيد من ذلك، وأصل الوجّ وورق الزراوند وأصله وأصل المرو وأصل الفاشرا أو الفاشرستين أو الغاريقون، أي ذلك كان يسقى منه في شراب حلو قدر درخمي، وكذلك عصارة أناغلس أي آذان الفأر، وكذلك الكمون لا سيما الجبلي وعصارة الكرنب أو قسط، درخميين، مع أثولوسين فلفلاً أو أصل بخور مريم، أو بزر الكاشم أو أصله، أو بزر الحرمل بعصارة الكراث أو عصارة الحرشف، وأيضاً أنفحة الأرنب ودقيق الكرسنة خاصة، والزنجبيل في لبن النساء، ويسقى أصل الحز أو الحزنبل الذي هو معروف بنواحي الترك وهو شديد المنفعة، وقسر الزراوند، وأصل الحندقوقي، وقد زعموا أن التربذ إذا سقي في لبن حليب نفع جداً ولبن اللاعية، وأظنه الترياق الفراوي، والبوشنجي نافع أيضاً فيما ذكر من لسع الأفاعي وجميع الهوام، أو الجاوشير وزن درهمين مع خلّ. وأيضاً يؤخذ من القسط ثلاثة مثاقيل، أو من الجنطيانا، وأيضاً مما هو جيد بعر المعز يفت في شراب ويسقى، وجميع المقطعات الحادة، خصوصاً الثوم والبصل والكرّاث والفجل وماؤه، وجميع المملحات، خصوصاَ جوف ابن عرس والعقرب المشوية ومرارة الديك وسائر الطير. ومن العصارات الشديدة النفع عصارة السذاب وعصارة ورق التفاح وعصارة المرزنجوس، والخل نفسه، ويغلى منه أربع أواقي ويسقى، وعصارة أطراف الكرنب النبطي، أو بول الإنسان فيما يقال.
فصل في الضمادات من خارج هذه الضمّادات الجذابة تستعمل قبل أن يتورّم، وهي تتخذ من الأبهل وحب الغار ومن البابونج والاشقيل المشوي خاصة، ودقيق الكرسنة، كل ذلك أفراداً ومخلوطة بشراب، والتضميد بالجبن العتيق جيد بالغ، والتضميد بالدجاج المشقوق جيد جداً غاية، وكذلك بلحم الأفاعي وبالضفادع المشقوقة. ومن الأدهان دهن الغار، أو دهن طبخ فيه ورق الغار.
فصل في الحيّات البازقة للدم من المسام كلّها مثل أموريوس وبسطيس هذه الحيّات رديئة، إذا لسعت، انفجرت المسام والمنافذ كلها دماً منبعثاً نجاجاً حتى من القروح المندملة مع وجع مفصل، وقيء دم، ونفث دم، وقد ذكرت القدماء أن هاتين الحيّتين رمليّتا الأبدان، وعلى أبدانهما نقط سود وبيض، وأطوالها أطوال، المقزنة، وقد قال بعضهم أنها أصغر من الأفعى، ورؤوسها وأذنابها دقاق، وهي رمدة الألوان، وربما كانت سوداء وحمراء وبيضاء، وتكون على رؤوسها جدد بيض متقاطعة، ولأنسيابها كشيش ليبوسة قشور بطونها كأنها خشخشسة أ القضبان، وهي ثقال الحركة مستوية الأسنان، وهذا يصفها بصفات بعض حيات الطبقة الأولى، ويقول هذه حيات رديئة يفجر لسعها المسام والمجاري الطبيعية دماً منبعثاً نجاجاً، وربما سال منه شيء قليل مائي حتى من أبدان القروح المندملة، حتى من مآقي العين وانزعاج قيء دم ونفث دم ورعاف مع وجع في المعدة، وقالى بعضهم أن الموضع يرم ويسود ويسيل منه شيء قليل مائي، ويستطلق البطن، ويضيق . النفس، ويعرس البول، وينقطع الصوت وتسترخي الأعضاء، ويغلب على البدن حالة كالنسيان، ويحدث الكزاز وتسقط الأسنان ويموت صاحبه.
فصل في العلاج علاجهم قريب من علاج الأصلال والأفاعي، من حيث يسقون شراباً كثيراً، ويقيئون عليه بعد التغذية بمثل الطرنج والسمك المالح والثوم، ويكرر عليهم القيء، ثم يأكلون بعد ذلك الخبز بالسمك المكبب على الجمر، ويأكلون الزبيب، وبزر الفجل أيضاً مما ينفعهم، وخصوصاً بشراب، وعصارة الخشخاش مع أصل السوسن الاسمانجوني بشراب، وقد ينفعهم بياض البيض بشراب، وقد ينفعهم من حيث نزف الدم التضميد ببقلة الحمقا ودقيق الشعير وورق الكرم المطبوخ أو لسان الحمل أو العفص، ومما يحبس الدم بالكي الكراث والانجرة والسذاب بدقيق الشعير وبياض البيض.
فصل في الحية المعطشة قالوا أن الحية المعطشة طولها شبر واحد، على بدنها آثار سود كثيرة، ورأسها صغير وعنقها غليظ، ويبتدىء خلقها من عنق غليظ إلى ذنب دقيق. وقال قوم أن كثر ما تكون هذه في بلاد لوبية والشام، وصورتها صورة الأفعى، ولون مؤخرها إلى الأذناب إلى السواد، وتنساب مشيلة ذنبها. وقال قوم أنها تكون في السواحل، قالوا ويعرض لملسوعها أن يحترق بطنه، ويلتهب، فلا يروي من الماء، بل لا يزال يشرب من غير خروج شيء ببول أو عرق حتى ينتفخ بدنه كله، ويجري الماء في جميع عروقه.
فصل في العلاج تدبيرهم بعد المشتركات من التدابير وإلزامهم شرب الدهن الكثير والقذف، ثم حقنهم بما يخرج الأثقال والرطوبات، ويجذب الماء إلى أسفل أن يعطوا المدرّات مثل طبيخ الكرفس والسنبل الهندي والدار صيني والأسارون والساليوس والفطر اساليون ونحو ذلك، ويضمدوا من خارج بالملح والنورة والزيت، وبالأضمدة التي نذكرها لمن عضّه الكلب الكَلِب.
فصل في القفازة والطفارة هذه حيات صغار قصار دقاق، ربما كمنت على الأشجار راصدة، وترمي بأنفسها على من يمر بها وتثب منزعجة إليه. أقول أن جنساً من هذه الحيات رأيتها بنواحي دِهِسْتازن هي إلى الحمرة وهي خبيثة جداً، وقالوا يعرض من نهشها وجع شديد وورم حار في جميع البدن، إن كان من الجنس الذي رأيناه، فيعرض منها الهلاك. قالوا وعلاجها: العلاج المشترك وعلاج الأفاعي. وقد ذكر حية اسمها أمغيسينا، وذكر أنها الطفارة إلى الجهتين، ولست أحقق أنها هي القفّازة أو غيرهما، لكنهم يصفونها بأن طرفيها متساويان في الغلظ، ومساويان للوسط، وما أظن أن هذا هو الذي رأيناه بالحق.
فصل في البلوطية وهي درونيوس هذه تأوي المبالط، ويعرض من لسعها انسلاخ الجلد لملسوعها، وانسلاخ جلد من يخالطه ويعالجه، ولهارائحة خبيثة تسدك بمن يباشر قتلها سواء كانت شامة أو غير شامة،وتعرض منها أعراض لسع الأفاعي.
فصل في العلاج علاج هذه كعلاج الأفاعي، وينفعهم خاصة شرب الزراوند الطويل بالشراب، وكذلك الحندقوقي وأصل الخنثى في الشراب، والتضميد بثمرة البلّوط.
فصل في الجاورسية هذه جنس من الحيات كأن ألوانها لصفرتها لون الجاورس، وتعرض لمن لسعته أعراض رديئة شبيهة بأعراض الأفاعي، وعلاجها ذلك العلاج.
فصل في الحيّة المسمّاة بسيسطالي قالوا أنها تشبه الطفارة إلى الجهتين، لكن تلك شر، وأعراضها تلك الأعراض، وعلاجها ذلك العلاج.
فصل في الحية. الرقشاء ذات الألوان المختلفة قد ذكر بعضهم أنها خبيثة تقتل في اليوم الثاني بتأكيل الكبد، وتفتيت الأمعاء، ُوعلاجها علاج الأفاعي الصّعبة.
فصل في حيّة نارسطليس قد وصفت هذه الحية بأن أعراضها أعراض الأفاعي، لكن مع انتفاخ من موضع اللسعة وصلابة ونفاخات، ويظهر سيلان رطوبة دمويّة وسوداء من ذلك الموضع، ويعرض له تغيّر عقل وغشاوة بصر وكزاز مهلك، وعلاجها علاج الأفاعي، وقد ذكرت أنا هذه الحية في هذا الموضع تخميناً، وما أعرفها ولا طبيعتها ولا جنسها بالتحقيق، ولا أعرف هل هي في المكرّر أم ليس.
فصل في فنجونيوس قالوا لسعها شبيه بلسع الأفعى، لكن يعرض للحم الملسوع منها فساد واسترخاء كما لمن به الاستسقاء، ويعرض سبات ونسيان وإسقام في الكبد والصائم والقولون، وقولي في هذه الحية وإني على التخمين أوردتها في هذا الموضع قولي في التي قبلها، وربما لم تكن من هذه الطبقة، بل من الطبقة المعفنة، وعلاجها علاج الأفاعي.
فصل في ممرذوطيس ومواعروس قالو! أن هذه الحيات طول كل واحدة منها إلى ذراع، وألوانها ألوان الرمل، وعلى أبدانها آثار. قالوا ويعرض لمن تلسعه وجع شديد في موضع اللسعة، وورم عظيم، ويسيل منه صديد دموي، ويعرض له وجع في المثانة والكبد والمراق مبرح، وهو مما يقتل في الثالث ولا يمهل بعد السابع.
فصل في علاجهما قالوا أن علاج ملمدغهما العلاج العامي، ويخصّهم سقي الجندبيدستر والدار صيني وأصل القنطوريون من أيها كان درهمان، بشراب، وينفعهم أصل الزراوند، وخصوصاً الطويل منفعة عظيمة، وكذلك أصل الشواصر أو عصارته خاصة واْصل الجنطيانا، وينفعهم من الأضدمة العنصل المطبوخ المجفّف المدقوق وقشور الرمان، وكذلك القنطوريون وبزر الكتان والخسّ وبزر الحرمل واللبلاب والسذاب البرّ، وتنفعهما الضمّادات المختصة بالقروح المتعفّنة.
فصل في الحية المسماة سيسر وهي المعفّنة قد زعم قوم أنها حيات تكون في بلاد الشام ومصر، عريضة الرؤوس، دقيقة الأذناب، مستديرة البطون، ليس على رؤوسها خطوط وجدد، ولكن على أجسادها خطوط مختلفة الألوان، وإذا انسابت لم تستقم بل تعجرفت، ويعرض لمن تلدغه ورم موجع وعفن البدن كله بعد إنرضاضه، وتمرّط في الشعر، وربما أسرع العفن فهلك السليم، وكأنها ضرب من الأفاعي.
فصل في العلاج يجب أن يكون علاجها العلاج العام، والعلاج المتوسط من علاج الأفاعي، ثم علاجما عرض من لسعها من الأحوال والأعراض.
فصل في أصناف الحنات الآخر التي تؤذي إذا عضت بالجرح لا بالسم المعتد به وهي الحيات الكبار الجثث جداً في التنين: قالوا أصغر أصناف التنانين على ما ذكره بعضهم خمسة أذرع، وأما الكبار فتكون من ثلاثين ذراعاً إلى ما فوق ذلك. قالوا أو يكون للتنين عينان كبيرتان، وتحت الفك الأسفل نتوء كالذقن، وتكون له أنياب كبيرة. قال قوم أنها تكثر في ناحية النوبة والهند، والهندية أكبر، واليونانية التي تكون في بلاد آسية تكون إلى أربعة أذرع، والهندية هي الكبيرة جداً. قالوا وتكون صفتها ما ذكرنا ولها وجوه صفر وسود، ولها أفواه شديدة السعة، وحواجب تغطي عيونها، وعلى أعناقها تفليس، وفي كل لحي ثلاثة أنياب، أقول وقد رأينا من هذا القبيل ما على رقبته في حافتيها شعر غليظ. قالوا ويحدث من نهشها وجع يسير، ثم تلتهب، وذكورها أخبث من إناثها. أقول قد صح أن في غير بلاد الهند قد تكون تنانين عظيمة جداً، وقالوا علاجها علاج القروح الرديئة فقط.
فصل في أغاذينمون والسير يشبه أنه تكون هذه من أجناس التنانين، قالوا إن من ينهشه أغاذينمون يعرض له ما يعرض لسائر منهوشي التنانين. وأما السير قالوا أن أنيابه شديدة، ومن شأنه أن ينثر اللحم وييبسه، فيعظم الخطب في قرحته، ويحتاج إلى علاج الجراحات الرديئة جداً.
فصل في عضِّ التّنين البحري قالوا يطلى عضته بالكبريت والخل، قالوا وينفع منه شحم التمساح ضمّاداً، والسمكة المسماة طريغلا والرصاص إذا دلك عليه انتفع به، وأدوية كتبناها في باب الرتيلاء، وخاصة الترياق الأول والباذروج شرباً وضماداً نافع منه.
فصل في حيوانين بحريين ذكرهما بعض العلماء وأظن أنهما من جنس التنانين البحرية أحدهما سموريا زعم ذلك العالم أنه يعرض من نهشه ما يعرض من نهش الأفاعي، ويشبه أن يكون علاجه علاج الأفعى. الآخر طروغورن، قال من نهشه طروغورن عرض له وجع شديد، وبرودة كثيرة، وخدر، وموت وشيك، ويشير إلى أن علاجه علاج الباردة السموم، قال يجب أن تنطل النهشة بالخلّ المفتر، ويضمّد الموضع بورق الغار، ويمرّخ بدهن القسط ودهن العاقرقحا، وما يشبههما من الأدهان وما فيها قوّة العنصل؟ والأنجرة. وأما المشروبات لهم فسلاقة ورق الغار مع خل الأنجذان بسذاب، أو يؤخذ من المرّ والفلفل والسذاب أجزاء سواء، والشربة درخمي في شراب، والترياق الأول المذكور في باب الرتيلاء.
المقالة الرابعة
عض الإنسان
وذوات الأربع نذكر في هذه المقالة آفات عض الإنسان وعضّ الكلب والذئب ونحوه، وعضّ الكلب من الكلاب، والسباع والتمساح وعضّ القرد، وعضّ ابن عرس، وعضّ الغلا وهو موغالي.
كلام كلي في علاج العضّ: شر العض ما كان من جائع كان إنساناً أو غير إنسان، ومن أراد أن يعالج العضّ فيجب أن يضع على العضّة خرقة مغموسة في الزيت، أو يمسح بنفس الزيت، ثم إن لم يبلغ به الغرض ضمد بمثل العسل والبصل والباقلا ممنوغانيا، كما هو فذلك عجيب في هذا الشأن، وأيضاً الطلاء بالمرداسنج، والتضميد بدقيق الكرسنة عجيب، وإن رأى فيه فساداً نقى أولاً بفصد أو محجمة أو بدواء جاذب، ويترك حتى يقيح، وينظر، فإن رأى في قيحه عفونة علم أن التنقية والجذب للآفة لم تكن قوية بالغة، فيعالج بالجواذب القوية التي ذكرناها في باب اللسوع، وإن لم يكن في العضو فساد منع التورّم وألحم الجرح. ومن أجود المراهم للعضّ لمناشب المخالب المرهم الأسود، يستعمل بعد جذب الغائلة إن احتيج إليه، وبعد غسل بماء وملح.
فصل في عضى الإنسان للإنسان يوضع على العضة إذا وقعت شديدة بصل وملح وعسل يوماً وليلة، ثم يعالج بالمرهم الأسود المتخذ من الشحم والشمع والزيت والبارزد فإنه خير ضمّاد للعضّة، وكذلك الرمان المعجون بالخلّ والبصل والعسل، وربما عرض من عض الإنسان، وخصوصاً الصائم أو المتناول للحبوب المستعدة للفساد، وخصوصأ العدس، حالة رديئة، فيجب أن تمسح العضة بالزيت، وتضمد بأصل الرازيانج مع العسل أو دقيق الباقلا مع ماء وخلّ، ويبدل الضماد كل مرة، وأيضاً دقاق الكندر بشراب وزيت، وأيضاً عظام العجاجيل محرقة إلى أن تبيض يعجن بعسل، وأيضاً ملح مسحوق بعسل أو مر وصمغ البطم، والجراحه قد تملأ من شبت يابس محرق تملأ به، وتشد ويطلى أيضاً عليها رماد الكرنب.
فصل في عضّة الكلب الأهلي غير الكَلِب وكذلك عضة الذئب ونحوه يقرب علاج ذلك مما ذكرناه في الباب الكلي، ومن علاج عض الإنسان، وربما كفى أن يرشّ الموضع في ساعته بالخلّ، ويضرب عليه بالكف مرات، ثم يوضع عليه نطرون بخل، ويجدد عليه كل ثلاثة أيام، وخصوصاً إذا خيف عليه الكَلَب، وربما كفى أن يعالج ببصل وملح وسذاب والباقلا واللوز المرّ مع العسل، ولسان الحمل مع الملح، وورق القثاء والخيار والفودنج مدقوقاً بشراب، وأيضاً الطلاء عليه بمرداسنج، وخصوصاً إن كان هناك ورم، وإن كان هناك لهيب شديد فدقيق الكرسنّة بالعسل، ومما ينفع منه صعتر برّي مع ملح وعسل والمري المخلل والخل المذاب فيه الملح المتروك أياماً، وهذه أيضاً تنفع من البابين الأولين.
فصل في صفة الكلب الكَلِب والذئب الكلِب وابن آوى الكَلِب الكلب وغيره مما ذكر يعرض له الكلب، وهو استحالة من مراجه إلى سوداوية خبيثة سمية، وتعرض له هذه الاستحالة إما من الهواء، وإما من الأغذية والأشربة، أما من الهواء، فإن يحرق الحرّ الشديد أخلاطه فيكلب في الخريف أو يجمد البرد الشديد دمه إلى السوداوية، فيكلب في الربيع. وأما من الأغذية والأشربة فإن يلغ في دماء القصابين، ويأكل من الجيف، ويشرب من المياه العفنة فتميل أخلاطه إلى سوداء عفنة، فيعرض لخلقته أيضاً أن تتشوش حين عرض لمراجه أن يتغير كما يعرض للمجذومين، وربما ورم بدنه واستحال لونه إلى الرمدة، ويزداد تمدياً في أسباب فساده فإنه يجوع فلا يأكل، ويعطش فلا يشرب الماء، وإذا لقي الماء فزع منه وعافه، وربما ارتعش منه وارتعد وأكثر الارتعاش يكون في جلدة وجهه، بل ربما مات منه خوفاً وخصوصاً في آخر أمره، وتعرض لبصره غشاوة، ويكون دائماً لاهثاً مجنوناً لا يعرف أصحابه، فتراه محمرّ العينين شزر النظر منكره دالع اللسان، سائل الريق زبديه سائل الأنف أذنه قد طأطأ رأسه، وأرخى أذنيه فهو يحركهما، وقد حدب ظهره وعطف صلبه إلى جانب، فتراه قد عوجه إلى جانب !الى فوق، وقد استقر ذنبه يمشي خائفاً مائلًَ كأنه سكران كئيب مغموم، ويتغير كل خطوة، وإذا لاح له شبح ماثل عدا إليه حاملاً عليه سواء كان حائطاً أو شجرة أو حيواناً، وقلما تقرن حملته نبيحه إلى ما يحمل عليه على عادة الكلاب، بل هو ساكت زميت، وإذا نبح رأيت نباحه أبح، وترى الكلاب تنحرف عن سبيله، وتفر عنه وهو بعيد، فان دنا من بعضها غفلة تبصبصت له وتخاشعت بين يديه، ورامت الهرب منه. والذئب شرّ من الكلب وكذلك ما في قدره من الضباع وبنات آوى.
فصل في أحوال من عضه الكلب الكَلِب إذا عضّ الكلب الكَلِب إنساناً لم ير إلا جراحة ذات وجع كسائر الجراحات، ثم يظهر عليه بعد أيام شيء من باب الفكر الفاسد، والأحلام الفاسدة، وحالة كالغضب، والوسواس، واختلاط العقل، وإجابة بغير ما يسأل عنه، وتراه يشنج أصابعه وأطرافه يقبضها إليه، ويهرب من الضوء، واختلاج الحجاب وفواق وعطش ويبس فم وهرب من الزحمة وحبّ استفراد، وربما أبغض الضوء، وتحمر أعضاؤه وخصوصاً وجهه، ثم يتقرح وجهه، ويكثر وجعه ويبح صوته ويبكي، ثم في آخره يأخذ في الخوف من الماء ومن الرطوبات، وكلما قربت منه تخيل الكلب فخاف منه، وربما لم يفزع بل استقذره، وربما أحب التمرغ في التراب، وربما حدث به زرق المني بلا شهوة، ويؤدي لا محالة إلى تشنج وكزاز، وتأد إلى عرق بارد، وغشي وموت، وربما مات قبل هذه الأحوال عطشاً، وربما اشتهى الماء، ثم استغاث منه إذا لقيه، وربما تجرع منه فغص به، ومات، وربما نبح كالكلاب، وكان أبح، وربما انقطع صوته فصار كالمسكوت لا يستطيع أن ينادي، وربما بال شيئاً تظهر فيه أشياء لحمية عجيبة كأنها حيوانات، وكأنها كلاب صغار.
وأما في أكثر الأحوال فبوله رقيق، وربما كان أسود، وقد يحتبس بوله فلا يقدر أن يبول البتة، ويكون بطنه في الأكثر يابساً، ومن عجائب أحواله أنه يحرص على عض الإنسان، فإن عض إنساناً بعد هيجانه عرض لذلك الإنسان ما يعرض له، وكذلك سوء رمائه وفضلة طعامه يعملان بمن يتناولهما ذلك.
وما فزع منهم من الماء أحد، فيخلص بعلاج أو غيره، خصوصاً إذا رأى وجهه في المرآة فلم يعرف نفسه، أو تخيّل له فيها كلب إلا رجلين فيما زعم الأوائل عاشا في مثل هذه الحال ولم يكن الكلب نفسه عضّهما، بل إنما كان قد عضهما إنسان عضة كلب كَلِب.
وأما قبل الفزع من الماء فعلاجه قريب، وقد يقتل ما بين أسبوع ونحوه إلى ستة أشهر، والأجل العدل أربعون يوماً، وقد ادعى قوم لم يصدقوا أنه ربما نزع بعد سبع سنين، قال بعضهم وكأنه "روفس"، وإنما يخاف من الماء، ويجب التمرغ في التراب، لأن مراجه قد استحكمت يبوسته فيكره المضاد للمراج، ويحب الموَافق، وهذا القول مما لا أميل إليه، فإن الميل إلى ما يوافق المراج الغريب مما لا أصل له، وأسلم من عضه هذا الكلب حالاً من يسيل من عضته دم كثير، وكذلك إذا بال بعد سقي الأدوية الترياقية ما فقد أمن من الفزع من الماء.
فصل فصل في الفرق بين عضة الكلب الكَلِب وغيرالكَلِبربما عض بعض كلب فلم يتأت له إثبات صورته، وتحقق أحواله، واحتيج إلى معالجته. وعلاجه من حيث هو جراحة الإدمال، ومن حيث هي عضة الكلب الكَلِب التقييح. والتفتيح فانه إن أدمل كان فيه الهلاك، فيحتاج ذلك إلى علامة يتعرف منها حاله. ومما قالوا في ذلك أنه إن أخذ الجوز الملوكي أو غيره وجعل على الجرح، وترك عليه ساعة، ثم أخذ وطرح إلى الدجاجة فإن عافته فالعضة عضة كلب كَلِب، وإن أكلته وماتت فهو أيضاً كَلِب، أو يأخذ قطعة خبز وتلطخ بما يسيل من تلك الجراحة أكان دماً أو غير دم، وتطرح للكلاب فإن عافته فالعضة عضة كلب كَلِب قالوا ومن علاماته أنه إذا صب عليه ماء بارد سخن بدنه عقيبه، وأقول هذه علامة غير خاصة به.
فصل في العلاج يجب أولاً أن لا تترك جراحته تلتئم، بل توسع وتفتح إن لم يكن واسعاً، ويفعل به من المص ووضع المحاجم ما قيل لك في باب اللسوع، وأقل ما يجب أن لا يدمل فيه الجرح للاستظهار أربعين يوماً، وإن جذبت في الأول، ثم لم تلحم فعلت فعلاً نافعاً جداً وإن كان قد وقع الخطأ وألحم، فيجب أن ينكث، ويبالغ فيه، ويجب أن تضع عليه من المفتحات إذا أدركته في أول الأيام مثل: الجاوشير والجوز والثوم ومرهم الزفت بالجاوشير والخل على هذه الصفة.
ونسخته: يؤخذ من الخلّ قسط، ويجب أن يكون حاذقاً، ومن الزفت رطل، ومن الجاوشير ثلاث أواق، ينقع الجاوشير في الخل حتى ينحلّ، ثم يخلط الجميع، وربما جعل معها سمن وربما احتجت إلى أن تستعمل الأدوية الأكالة مع القلدفيون، ثم يتبع السمن.
ومن الموسعات أن يؤخذ ملح ثلاثة أجزاء، نوشادر جزأين، قلقديس ثمانية أجزاء، أسقيل مشوي ستة عشر، سذاب أربعة، بُسَّد عشرة، نحاس محرق أربعة، زنجار ثلاثة، بزر الفراسيون اثنين، يجعل عليه منخولاً بحريرة، ولا بد في الابتداء من تعريفه بما يمكن من مشي واستحمام، ولا يجب أن تبادر في الأيام الأول إلى الاستفراغات، بل تشتغل بالجدب إلى خارج، فإن الاستفراغات ربما أعانت على نفوذ السم إلى العمق، وعاوقت جذبه إلى، خارج، لأنها تجذب الأخلاط إلى داخل، فينجذب معها السم، فاذا جذبت ما أمكنك فبعد يومين أو ثلاثة فاشتغل باستفراغ ما عسى قد نفذ، وإن لم تكن جذبت ورقعت غفلة، فالاستفراغ حيئذ أوجب وأولى أن يكون أقوى، وإن رأيت امتلاء دموياً فصدت وإلا فلا، وإذا فصدت فلا تدعه ينظر إلى دمه، وخصوصاً في آخر الأمر. وأما الإسهال فليكن بما يخرج السوداء، وحتى بالخربق وحبّ الخربق ونحوه مما يدمنه، وأيارج "روفس" عجيب، ومما يجب أن يسهلوا به قثاء الحمار.
صفة مسهّل جيداً لهم: يؤخذ إهليلج كابلي مثقالين، أفتيمون مثقال ونصف، ملح هندي نصف مثقال، بسفايج مثقال، حجر أرمني مثقال، غاريقون مثقال ونصف، خربق أسود مثقالين، الشربة من الجميع محبباً مثقالان، وإذا أسهلته الإسهالات القوية، فلا بد أيضاً أن ترعيه في كل يوم أو يومين بحقنة خفيفة لا تؤذي المقعدة، مثل الزيت وماء السلق، أوإسهال بمثل ماء الجبن مع الأفتيمون، ويجب أن يكون غذاؤه بعد الإسهال بما يتخذ من الذراريج والفراريج المسمنة، وتستعمل بعد ذلك المدرّات الملطفة، والشِراب الحلو خصوصاً العتيق مع حلاوته، والطلاء أيضاً، واللبن والشراب شديد المنفعة لهم، وأوجب الأمور تعديل غذائه، والترطيب فهو ملاك أمره، وذلك بمثل أمراق الطيور الفاضلة، ومثل الخبز الحواري في الماء البارد، وينفعه من المياه ما طفىء فيه الحديد مراراَ كثيرة نفعاً عظيماً. لكن البصل والثوم من الأغذية التي تناسب علاج السموم وتقطعها، وتدرؤها عن البدن، فيجب أن لا تنسى استعمالها على أنها أدوية، وأن تبادر فتسقيه ترياق الفاروق ودواء السرطان الخاص به.
ويقال أن ترياق الأربعة شديد النفع لهم، وكذلك ترياق الأنافح الذي سنذكره، وأطعمه السرطان النهري، وقد جرّب أن يؤخذ من فحم السرطان النهري المحرق على حطب الكرم الأبيض باعتدال على قدر ما ينسحق، وفحم جنطيانا على ذلك الحطب بعينه، وبذلك القدر يسقى منه بشراب صرف، والشربة أربع ملاعق منهما في ذلك الشراب، ويجب أن يكونا مسحوقين كالكحل، ولهذا أيضاً نسخة أخرى.
وصفته: يؤخذ من فحم السرطان النهري المصيد، والمشمّس في الأسد، المشوي في تنّور في قدر نحاس شيئاً معتدلاً، وقد جعلت فيها حية خمسة أجزاء، ومن الجنطيانا خمسة أجزاء، ومن الكندر جزء يسحق ويحتفظ بها، والشربة في الأيام الأول ملعقة في ماء، ويسقى بعد أيام تمضي ملعقتين، وكذلك تزيد فيها إلى أربع ملاعق.
ومن الأدوية الموصوفة بأنها بالغة لهم دواء الفراريج، وسنذكره عن قريب، ودواء السرطان لا يسقى في الأول إلا أن أمن معه حدوث الفزع من الماء، وربما جعل في نسخته جنطيانا نصف السرطان المحرق، وإن ألدركته بعد يومين أو ثلاثة فيجب أن يكون ما تسقيه من دواء الرمادين ضعف ما تسقيه لو أدركته في الأول، وكذلك حال الأدوية الأخرى التي سنذكرها، وإن كان بعد سبعة أيام فأكثر أضعافاً، واشرط فيما يلي الجرح إن أدركته في مثل هذه الأيام شرطأ عميقاً، ومص مصا شديداً، وإن أدركته بعد أيام أتت عليه كثر من ذلك، فليس في توسيع الجرح حينئذ بلاغ، ولا يفرط فيه فيؤلم العليل بل كثير فائدة، بل اجهد في أن يبقى مفتوحاً فإن التوسيع لا كبير غنى له حينئذ إذا مضت الأيام الثلاثة الأولى وما يقرب منها لأن السم يكون قد انتشر، فاقنع حينئذ ببقاء الجراحة مفتوحة، وأضف إليه من سائر التدبير من سقي ترياقاته، واستعمال استفراغاته، ويشبه أن يكون السم يفشو إلى أربعة أيام إن كان قوياً وفي أقل منه أيضاً، فقد قتل كثيراً في أسبوع ولا محالة أنه انتشر سريعأ أسرع مما ذكرنا، ولا شيء. في الجواذب كالكيّ حتى إنه إن كانت المدة أطول من ذلك، وخفت الوقوع في الفزع من الماء، وبادرت إلى كي عظيم بعد المدة لم يبعد أن ينجح، فليس جذب الكي وإفساده لجوهر السم كجذب غيره وإفساده، فإن عاق عن ذلك عائق استعملت الأدوية التي تقوم مقام الكي، مثل مرهم الملح والأدوية المحمّرة كضمّاد الخردل ونحوه، ولا تدخله في مثل هذا الوقت الحمّام البتّة، حتى يبل ويظهر فيه الإقبال، فإنك إن حممته قتلته.
وقد قيل أنّ الابزن مما ينفع الجلوس فيه، وأظن أن ذلك في الأوائل، والبرد مما يجب أن يتوقاه، وربما احتجت في هذا الوقت وبعد ذلك إلى فصده ثانياً فافصده، ولا تمكنه أيضاً من النظر إلى دمه، وإذا رأيته قد توجه إلى البرء قليلاً فجشمه رياضة معتدلة، وحمّمه باعتدال وصبّ عليه ماء فاتراً كثيراً، وأدلكه ومرّخه بدهن معتدل. وإذا آل أمره إلى الفزع من الماء، فلا تجبن أيضاً ما لم يصر بحيث لا يعرف وجهه في المرأة، قالوا فإنه ربما لم يعرف وجه نفسه، وربما تخيل مع ذلك أن في المرآة كلباً فاسقه ما ذكرناه من الماء المطفأ فيه الحديد، وبالحيل التي نذكرها فهو نعم العلاج، واحتل بكل حيلة في سقيه الماء، وإن احتجت إلى شده وإكراهه فعلت، وضمد معدته بالمبردات، وقد جرب الشراب الممروج مناصفة فنفع نفعاً عجيباً.
وقد ينفع في هذا الوقت دواء بهذه الصفة، يؤخذ: أنفحة الأرنب وطين البحيرة المجلوب من اسكندرية وحب العرعر وجنطيانا من كل واحد أربع درخميات، حب الغار ومر من كل واحد ثمان درخميات، يعجن بعسل والشربة مثل الباقلاة المصرية. وأيضاً خواتيم البحيرة وحب العرعر من كل واحد عشرة، أنفحة الظبي أربعة، أنفحة الأرنب ستة، زراوند مدحرج حب الغار، مر، حماما، بزر السذاب البري، من كل واحد ثلاث درخميات، يدبر عجنها بشراب حلو، ثم يعجن بعسل والشربة باقلاة. وأيضاً الطين ألمختوم ثمانية مثاقيل، حب الدهمست مثله، أنفحة الأرنب ستة عشر، أنفحة الظيي اثنين وثلاثين درهماً، أصول الجنطيانا أربعة، المر أربعة يجمع بعسل، ويمسك، والشربة منه قدر حصة بماء حار، وقد قال بعض الناس من علق على بدنه ناب الكلب الكَلِب انحرف عنه الكلب الكلِب، فلم يقصده، وكذلك سائر الكلاب وليس ممن يوثق به.
فصل في الأدوية المشروبة أما البسيطة فالحضض، والحلتيت، والأفسنتين، والجعدة، والطين المختوم بشراب. والشونيز عجيب في هذا الباب، حتى أن اسمه في اليونانية مشتق من معنى النفع في عضة الكلب الكَلِب، والمر جيد له شرباً وضماداً، قالوا ولا دواء له خير من الجنطيانا والكماذريوس أيضاً.
وحكى بعضهم أن عيون السراطين إذا شربت كانت أنفع الأشياء من ذلك. قال بعضهم إن سقي أنفحة جرو صغير في ماء عوفي، وزعم بعضهم أن دم الكلب الكلب نفسه علاج، وأنا لا أقدم عليه. وكذلك قالوا أطعمه كبد الكلب الكَلِب مشوياً خصوصاً الذي عضه. قالوا وبعد الفزع من الماء أطعمه الكبد المذكور وقلبه، أو جلد الضبعة العرجاء مشوية. قالوا وإذا سقيته ما هو دانه مع الجندبيدستر في هذه الحال، وحملته أشيافه منه انتفع به، وزال الفزع.
ومن المركبة دواء جالينوس وترياق كبير قريب مما ذكرناه سالفاً.
ونسخته:ا يؤخذ من السرطان النهري المحرق وجنطيانا، من كل واحد خمسة، كندر وفودنج، ثلاثة ثلاثة، طين مختوم، إثنان، تستفّ منه ثلاثة دراهم على الريق بماء فاتر، وثلاثة أخرى بالغشي، يستعمل ذلك أياماً كثيرة قبل الأربعين.
نسخة دواء الذراريح النافع لهم: يؤخذ من الذراريح السمان الكبار المنتوفة القوائم والرؤوس والأجنحة جزء، ومن العدس المقشّر جزء، ومن الزعفران والسنبل والقرنفل والفلفل والدار صيني، من كل واحد سدس جزء، يسحق الجميع ناعمأ وخصوصاً الذراريح، ويعجن بماء ويقرّص أقراصاً كل واحدة منها دانقان، يسقى منه كل يوم قرصة بماء فاتر، وإن وجد مغصاً في المثانة شرب طبيخ العدس المقشّر ودهن لوز أو زبد، أو سمن، ويدخل الحمام كل يوم بعد شربه، ويجلس حتى يبول في إبزن، ويستعمل غذاء مرطباً من أسفيذاج بفروج مسفن، ويشرب نبيذاً ويتوقّى البرد.
نسخة مختصرة لدواء الذراريح: تؤخذ ذراريح على نحو ما وصفنا، فتنتقع في الرائب يوماً وليلة، ثم يصب ذلك الرائب عنها ويبدل رائباً آخر، ويترك فيه يوماً وليلة يفعل ذلك ثلاث مرات، ثم يجفف في الظل ويسحق مع مثله عدساً مقشّراً ويقرص، والشربة منهما دانقان بشراب، أو ماء فاتر، وإذا شربه توصل إلى التعرق بما يمكنه من مشي أو تدثر، فإن أكربه ما شربه شرب عليه سكرجة من زيت أو سمن، واستعمل الابزن وبال فيه، فاذا بال الدم فقد أمن الفزع من الماء.
فصل في الضمّادات ونحوها للجذب والتوسيع الحلتيت ضمّاد جيد، وقيل أن تضميده بكبد الكلب الكَلِب نافع جداً، وشهد به جماعة. والثوم ضمّاد ومشروب، ولحم السمك المالح جيد بالغ، ومما يجذب السم عنه بقوة أن يجعل على العضة بول إنسان معتّقاً، وخصوصاً مع نطرون ورماد الكرم وحده وبخل، والنعنع مع الملح، والجاوشير عجيب جداً، وورق القثاء البستاني شديد النفع من ذلك، وأصل الرازيانج قالوا وقد ينفع منفعة عجيبة أن يطلى الموضع بغراء السمك مراراً، وأيضاً أن يضمد بالنمل المدقوق، وأيضاً زنجار وملح من كل واحد أربعةدراهم، شحم إلعجاجيل إثنا عشر، يعمل من ذلك مرهم. وأيضاً لبلاب ثلاثة، بورق اثنان، زبد البحر واحد، ملح أربعة، شحم الأوز عشرة وثلثين، دهن الحناء مقدار الحاجة.
فصل في الاحتيال في سقيه الماء قد ذكر "فيلغريوس " أنه إذا فزع من الماء فسقيته في إناء من جلد الضبع شربه، وقال غيره أو في إناء يُغشى بجلد الضبع، وخصوصاً إن كان إناؤه من خشب أو جلد كلب كلب، وقال بعضهم أو يجعل تحت الإناء أو فوقه خرقة من خرق المتوضأ، وقال غير هؤلاء أن شيئاً من ذلك لا يغني، وقد احتال بعضهم بليلة طويلة تدخل حلقه إلى بعيد، وتصب الماء فيها مغطاة بما يستر الماء، ويجعل طرفها في الحلق، ويصبّ الماء فيها، أو أنابيب خاصة من ذهب، ومن الحيل في سقي الماء أن تتخذ أشياء مجوفة من عقيد العسل، أو من الشمع يجعل فيها الماء ويؤمر ببلعها.
فصل في عض النمر والفهد والأسد وجراحة مخاليبها هذه السباع وما يشبهها ليست كالكلاب السليمة والناس، بل لا تخلو أنيابها ومخاليبها من طباع سمية، فلذلك يجب أن يعالج أولاً بالجذب، ثم بالإلحام ويكفي في جذبه أمر قليل.
فصل في عضّى التمساح من عضّه التمساح فليدبر التدبير المذكور في باب عضّ الكلب غير الكَلِب مع جذب السم الذي لا يخلو عنه عضه، وإن كان سليماً، وذلك بمثل النطرون والعسل، فإذا حدس تنقية ملىء الجرح سمناً وشحم الأيل وشحم الأوز والعسل، ثم يلحم وشحمه أنفع الأشياء لعضه، قال بعضهم حتى إنّ من أكل التمساح بعض بدنه كان شفاء مثل تلك الجراحة بشحم التمساح.
فصل في عض القرد
من عضّه القرد فليفعل به أيضاً ما يجذب السمية إن كانت في عضّه، وذلك بمثل
التضميد بالرماد والخلّ والبصل والعسل واللوز المر، أو التين، وخصوصاً
الفج، أو بمرداسنج مع ملح، أو أصل الرازيانج مع عسل، ويسكن ورمه بالمرداسنج
المدوف في الماء، وتفتحه بالشونيز والعسل أو الكرسنة والعسل.
فصل في عض السنّور ربما عرض من عض السنور وجع شديد وخضرة في الجسم، وعلاجهم العلاج العام،وينتفعون بضماد البصل وضمّاد الفوتنج البرّي، وبأكلهما أيضاً، وبالضمّاد المتخذ من الشونيز أو السمسم بالماء.
فصل في عض ابن عرس قالوا أن عضته سريعة فشو الوجع، ويكون لونها إلى كمودة، وعلاجها قريب من علاج ما ذكر من التضميد بالبصل والثوم، وأكلهما والشراب الصرف عليهما، وينفع منها التين الفج مع دقيق الكرسنة، قيل في كتاب الترياق أن التضميد به مسلوخاً على عضته وعلى عضة الكلب الكَلِبِ جيد نافع يبرىء في الحال.
فصل في عضة موغالي وهو الغلا قال بعضهم هذا الحيوان أصغر من ابن عرس في قدّه، لونه أميل إلى الرمدة مع لطافة، ودقة وطول فم في الغاية وسعته في الغاية، قال هذا وأنه إذا رأى حيواناً طفر إليه وتعلق بخصييه، وقال بعضهم هو في صورة فأر وفي لونها لكن خطمه محدد وعيناه صغيرتان، ولأسنانه طبقات ثلاث بعضها فوق بعض معقفة تعقيفاَ يسيراٌ إلى فوق، قالوا تعرض من عضته أوجاع شديدة، ونخس في البدن، وظهور حمرة في مواضع بحسب أنيابها، وتحدث حول العضة نفاخات مملوءة رطوبة دموية على قواعد كمدة يحيط به كمد، وإذا شق عما تحتها خرج لحم أبيض في لون العصب ذو صفاقات، وربما ظهر فيه احتراق ما وربما تأكّل وسقط، قالوا بل يسيل في الأول قيح صديدي، ثم يعفن ويتأكل ويسقط لحمه، وربما تأدّى الأمر إلى مغص في الأمعاء وعسر بول وعرق بارد فاسد.
فصل في العلاج قالوا يجب أن يوضع على الموضع القنة مفردة أو مع خلّ، وينطل بالماء المالح الحار، ويفعل ما رسم فعله من المعالجات العامة، أو يوضع عليه دقيق الشعير بسكنجبين، أو تشق الدابة بعينها وتوضع عليها، ويجب أن يذر على نواحي العضة وإليها عاقرقرحا أو خبازي، أو ثوم مدقوق، أو خردل، كل ذلك إن لم يكن ورم. وأما مع الورم فقشور الرمان الحلو مطبوخاً يضمد به، وأما ما يسقى منه فالشيح الأرمني مغلي بالشراب أو الجرجير أو النمام أو جوز السرو بشراب أو العاقرقرحا، أو بزر الجرجير، والقرطم.
ومما هو قوي بخور مريم بالسكنجبين، أو الجاوشير أو أصل الجنطيانا وأنفحة الجدي وأنفحة الخروف جيدتان جداً، وينفعه اللبن مع السكنجبين نفعاً بالغاً، قال بعض العلماء أنفع شيء منه عصارة ورق الغار الرطب مع الشراب، أو طبيخ الجرجير أو طبيخ القيسوم أو طبيخ اللبلاب مع الشراب، والميعة أيضأ جيدة لهم إذا سقيت بشراب، وكذلك إن أكلت الأشياء المذكورة بحالها، فإذا سقط اللحم الفاسد عولجت القرحة بعلاجها.
المقالة الخامسة
لسوع الحشرات
والرتيلاوات وعضوضها نذكر في هذه المقالة لسع العقارب، والرتيلاوات، والزنابير، والعظاءات، وما يجري مجراها ونبدأ بالبريّات منها.
فصل في أصناف العقرب البري قال القوم إن العقرب الأنثى أكبر من العقربان، فإن الذكر دقيق نحيف والأنثى سمينة عظيمة، لكن إبرة الأنثى دقيقة وإبرة الذكر غليظة، وقد يتفق أن يكون لبعض العقارب إبرتان فيما زعم بعضهم، تترك ثقبتين عند اللسعة وتبرد اللسعة، ويسخن جميع البدن، ويبرد العرق أحياناً. وأما العقرب بالجناح فهو كبير، وكثيراً ما يمنعه الريح إذا طار عن أن يقع فيسافر به من بلاد إلى بلاد، وقد تختلف خرزات ذنب العقارب: فمنها ما له ست خرزات تشتدّ سطوتها في زمان طلوع الشعري ويقتل لديغها، ومنها ما له أقل وزعم قوم أن العقارب تسعة ألوان: البيض، والصفر، والحمر، والرمد، والكهب، والخضر، ومنها الذهبية السود الزبانيات وأطراف الأذناب، ومنها خمريّة يحس من ضربتها نخس إبري ووجع مؤذ، ومنها الدخانية، ويعرض من لدغها قهقهة واختلاط عقل.
فصل فيما يعرض من لسعها يعرض من لسعها أن ترم من ساعتها ورماَ صلباً أحمر، ووجع ممتد تارة تلتهب وتارة تبرد، ويتخيل عنده بأن بدنه يرجم بكبب الثلج، وتعرض أوجاع بغتة ونخس كنخس الإبر، ويتبع ذلك عرق، واختلاج شفة، وبردها، وقذف شيء لزج يجمد عليها، وقشعريرة، وتقبب من الشعر، وارتعاد وبرد أطراف، وخصوصاً التي تلي الضربة، واسترخاء جميع البدن، ونتوء الأربيتين، وامتداد القضيب، وتعرض نفخة في البطن، وربما وقع. على ملدوغه ضراط، وخصوصاً إن كانت اللسعة في الأسافل، وتعرض أورام الَآباط وجشاء كثير، وخصوصاً إن كانت اللسعة فوق، ويستحيل اللون.
وان كانت العقرب شديدة الرداءة كانت الأعراض رديئة جداً، فأفرطت الأحوال المذكورة وكان اللسع كالكي في إحراقه، والبدن كله ينتفض برداً، وتعلو الشفة رطوبة لزجة تجمد عليها، وتسيل من العين كذلك رطوبة، ثم يجمد الرمص في المأقين وتنبسط استحالة السحنة، وتخرج المقعدة ويرم الذكر، ويغلظ اللسان وتصطك الأسنان، وتتشنج الأعضاء الحلقية، وربما تتركب الأسنان بعضها على بعض لا ينفتح، وهو دليل رديء.
قال "جالينوس ": إن أصابت بضربتها الشريان أحدثت غشياً، أو العصب أحدثت تشنجاً، أو الأوردة أورثت عفونة.
فصل في العلاج يعالج بالقوانين العامة وبالتكميد بمثل الملح والجاورس ونحوه، وأول ما يجب أن يعمل هو المص بشروطه وسائر ما قيل في الجذب، وتستعمل عليه أدوية حادة لطيفة سريعة الإلتهاب، مثل: الحلتيت، والثوم، والعاقرقرحا. وأما الخرء فإنه من أفضل الأدوية له، وكذلك لبْ الرَتة وهو البندق الهندي، وكل بندق وحشيشة، كأن ورقها ورق المرزنجوش منبسطة على الأرض على التدوير يكون قطرها شبراً، وفي طعمها لزوجة، مذاقها كمذاق النبق العفص يشرب في الماء فيسكن الوجع في الحال.
وذكروا أيضاً حشائش وأشجاراً بأسمائها لم نعرفها، وأيضاً شجرة يرتفع ساقها على الأرض قدر أصبع، وأيضاً نباتاً له أغصان مستوية تعلو قدر ذراع، ويظهر عليها شبيه بالبلح طعمه طعم البلح يسكن شربه الوجع في الحال، واللعبة البربرية غاية في ذلك، وبصل الإشقيل، عجيب إذا أكل، وينتفع منه الترياق الفاروق والمثروديطوس وترياق عزرة وترياق الأربعة والشجرينا، ودواء الحلتيت دواء جيد له، والفاشرا والحرمل مما جرب الآن، والقرطم البري بحيث يشهد "جالينوس" أن إمساكه يسكن الوجع، وهو من أصناف الحراشف الشاكة.
قال قوم إن سقي من البيش مثل سمسمة سكن وجعه ودفعه، فلم يقتل لأن القاتل إلى نصف درهم، ومن أدويته الجيدة له الثوم بشراب يشرب الشراب عليه بعد هنية، وخصوصاً إذا كان مع مثله جوز ويؤكل منهما قريب أوقية، ويجب بعد تناول الثوم والشراب أن يدثر في موضع شديد الدفء، وإن احتيل لنصبته فوق بخار ماء حار كان نافعاَ، والغرض في ذلك أن يعرق، والغرض في أن يعرق تحريك المواد إلى خارج، والعرق في الحمام شديد النفع لهم، وإذا خرجوا شربوا شراباً صرفاً.
صفة ترباق جيد لهم: يؤخذ زراوند طويل، جنطيانا، حب الغار، قشور أصل الكبر، أصول الحنظل أفسنتين نبطي، عروق صفر، فاشرا، يجمع بعسل.
آخرجيد: يؤخذ بزر السذاب البرّي، كمون حبشي، بزر الحندقوقي، من كل واحد أكسوثافون، خلّ مقدار العجن، صمغ مقدارما يلزج الخل، فتجمع الأدوية، والشربة منه درخمي، لا يزاد على ذلك ففيه خطر، بل إن احتيج بعد ساعة أخرى إلى زيادة، سقي نصف درخمي آخر.
ترياق جيد له: يؤخذ الثرم والجوز جزء جزء، ورق السذاب اليابس والحلتيت والمرّ، منه كل واحد نصف جزء، يعجن بتين قد نقع فَلانَ وتعسل والشربة منه ثلاثة دراهم بشراب ترياق جيد له: يؤخذ جندبيدشر، فلفل أبيض، مر، أفيون، أجزاء سواء، يقرص والشربة ثلاث أبولوسات بأربع أواق شراب، وينفع أيضاً من عض الرتيلاء.
وأيضاً يؤخذ جاوشير، مر، قنة جندبيدستر وفلفل أبيض، ويعجن بالميعة والعسل بالسوية والدواء العسكري.
وصفته: تؤخذ أصول الحنظل، أصول الكبر، أفسنتين، زراوند مدحرج، وطويل وطرخشقوق أجزاء سواء، الشربة للصبي دانقان، وللكبير درهم عجيب غاية لا نظير له.
فصل في سائر المشروبات ومن الأشربة الجيدة
الحلتيت، وأيضاً الفاشرا وأيضاً القردمانا وزن درهم بشراب، والسعد وحب الآس
والباذروج وبزره وبزر الحمّاض البرّي والطرخشقوق والهندبا والسكبينج
مشروباً ومطلياً، والفوتنج البزي والسرطان النهري إن شرب بلبن الاتن،
والعرب يسقون الملدوغ وزن درهمين من أصل الحنظل مسحوقاً، فينفع منه نفعاً
بيناً، وقوم جرّبوا الملح، ملح العجين إذا استف منه قمحة كفى.
وزعم قوم أن الاشنان الأخضر إذا عجن بسمن البقر بعد الدق والنخل، وأخذ منه
قريباً من مثقالين كان عظيم النفع، ومن كان قد أكل الفجل أو الباذروج لبم
يتضرر بالعقرب، والجرادة التي لا جناح لها العظيمة البدن التي تسمى خركوك
إذا جففت وشربت بشراب نفع، قال الثقة أنه إن سقي لديغها الأفيون وبزر البنج
بالسوية معجوناً بالعسل نفعه.
وزعم بعضهم أن المداد الهندي نافع شرباً كما ينفع طلاءً، والغاريقون عجيب المنفعة، وثمرة الخنثى وزهرتها، وحبّ الغار خاصة، وبزر الحندقوقي وورق الفجل وكامخ الخراء.
وأيضاً يؤخذ زراوند، شونيز، أصل الجاوشير، بزر الحرمل، أجزاء سواء، الشربة لدرخميان بشراب.
وأيضاً يؤخذ عاقرقرحا، في راوند، جزء جزء، فلفل، نصف جزء، محروث، ربع جزء، الشربة كالباقلاة.
وأيضاً يؤخذ زراوند طويل، عاقرقرحا، بالسوية، يعجن بعسل، والشربة درهمان بشراب. وأيضأ مرّ، جاوشير، أفيون، أجزاء سواء، فاشرا أربعة أجزاء، يتخذ منه أقراص.
وأيضا يؤخذ قشور أصل الزراوند الطويل، عامرقرحا، من كل واحد جزء، يسقى قدر الواجب. وقال قوم يؤخذ من دردي الشراب ستة، ومن الكبريت الأصفر ثمانية، ومن بزر السذاب ثلاثة، ومن الجندبيدستر وبزر الجرجير من كل واحد درهمان، يجمع بدم سلحفاة بحرية، والشربة درهم بخمس أواقي شراب.
?? فصل في الأطلية والأضمدة العقرب نفسها من الأضمدة الجيدة للعقرب، وذنبها أيضاً، وأيضاً النبات الذي يقال له ذنب العقرب لشبهه به، على أنه يخدر ما يضمد به في حال الصحة، ويميت الدم فيه على ما زعم بعض اليهود. والفأرة إذا شقت ووضعت على لسع العقرب نفعت بإجماع، وكذلك !لضفدع، وقد جرّبنا نحن أيضاً المداد الهندي طلاء فنفع وسكّن الوجع، وكذلك لبن التين الفج والجندبيدستر والبلاذر فيما قالوا عجيب في ذلك مسكن للوجع، والقلي بخل جيد والكبريت الحي مع الراتينج، أو علك البطم ولحم السمك المالح والثوم المطبوخ والسمن يوضع حاراً، وأيضاً بزر الكتان أو بزر الخطمي أو كلاهما مع الملح، وأيضاً دقيق الشعير بعصارة السذاب أو طبيخه.
وأيضاً: نخالة الحنطة مطبوخة مع خرء الحمام، والباذروج من الأطلية الجيد المسكنة للوجع في الحال، وكذلك أصول الحنظل والهندبا والطرحشقوق والحماما مع الباذروج طلاء جيد، والمرزجوش اليابس، وأيضاً ملح البول من الأدوية التي ليس وراءها نفع نافع. ومما ينفع منه أن يمسك اللسعة على بخار خلّ على حجر محمّى، ومن نطولاته طبيخ النخالة وطبيخ الأنجرة، وطبيخ البابونج عجيب، وماء البحر سخناً وعصارة، الحندقوقي وطبيخه عجيب، والنفط الأبيض المسخن عجيب، وزيت طبخ فيه وزغة إذا قطر على اللسعة حاراً كان عجيب النفع.
فصل في الجرارة هذه العقارب أنجذانية الجثث
حادة الأذناب، وسمومها حادة، وتكثر بالخوز وبعسكر مكرم خاصة، وفي معادن
الأنجذان، وإذا لسعت لم يشعر بها في الحال بل غداً أو بعده، ثم يحدث كرب،
ويتغير اللون وربما عرض يرقان وتورم لسان، ويتقرح موضع اللسعة ويبول الدم،
وربما احتبست الطبيعة، وربما آل أمره إلى الهلاك، ويبدأ بالخفقان والغشي
ولا يجب أن يتهاون بها لخفة وجعها فإنها رديئة السموم.
فصل في علاجها بعد العلاج العام فأفضل المعالجات كيّ الموضع، والمشروبات
ماء الخس المر وماء الطرحشقوق وماء الشعير، وجميع المطفّئات خصوصاً إذا
اشتد اللهيب، وأفضل علاجاته المجربة سويق التفاح بالماء البارد، وقال قوم
أن أصل الجعدة إذا شرب بالماء نفع، والرلسن دواء جيد له فيما يقال.
والترياق العسكري جيد ونسخته: يؤخذ قشور الكبر، جنطيانا، أفسنتين رومي، زراوند مدحرج، خراء، طرحشقوق يابس، يسحق الجميع والشربة منه وزن درهمين. ترياق آخر له: يؤخذ طرخشقوق يابس، ورق التفاح الحامض، كزبرة، أجزاء سواء، يستفّ منها ثلاث راحات، واذا عرض له التهاب شديد سكّنه بمياه الفواكه، وعصاراتها مبردة، وإن عرض الخفقان نفع منه شرَاب التفاح الشامي وسويق التفاح والرائب الحامض بأقراص الكافور، لماذا اشتد الكرب فمياه الفواكه مع دهن الورد المبرد، وإن احتبست الطبيعة حقن، وإن بال الدم فصد واستعمل علاج بول الدم، وإن ورم اللسان فصد العرق الذي تحته وغرغر بماء الهندبا والسكنجبين، وإن عرضت في اللدغة أكله عولج بالدواء الحاد، وفي نواحيها بالطين الأرمني والخل طلاء، وعولج علاج القروح الخبيثة.
فصل في أصناف العناكب والشبثان والرتيلاوات أما الرتيلاوات فقد ذكر أصحاب المراعاة والتجربة لهذه الأشياء أنها ستة أصناف، ثم اختلفوا في العبارة عن صفة كل صنف منها، فقال بعض المعتمدين من الأطباء: أن الأول من أصنافها ويسمى راوغيون مدور الشكل، عنبيّ اللون، ويعنون بعنبيّ اللون ما يكون إلى سواد.
والثاني: يسمى لوقوس، وهو أعرض جسماً من ذلك مدور الشكل، وفي الأجزاء التي في رقبته حزوز ظاهرة، وعلى فمه ثلاثة أجسام ناتئة بارزة، متخلخلة ملس.
والثالث: مورميغوس، وهو في حجم النملة الكبيرة المسماة عجروف، ولونه إلى الرمدة، وتغشى بدنه أجسام ناتئة صغار حمر، وخصوصاً عند ظهرها.
والرابع: وهو سقيليروفقلون، فإن جميع بدنه ورأسه صلب، وهو ذو جناح كجناح النملة الكبيرة.
والخامس: وهو سقليقون، فإنه طويل الجسم دقيقه وعلى بدنه نقط، وخصوصاً عند رأسه وعنقه.
والسادس: وهو قرتوفولقطيس، فإنه طويل الجسم أخضر اللون، له كالإبرة تحت عنفه. وهذا الطبيب جعل للسع جميع أصناف الرتيلاوات أعراضاً واحدة وزاد الآخر أغراضاً خاصة، وقال غير هذا الرجل أن الرتيلاء دابة تشبه العنكبوت الذي يسمى الفهد، وهو صيّاد الذباب وأن أصنافها كثيرة.
وعلى ما قال "جالينوس" اثنا عشر صنفاً، وشرّها المصرية، فمنها حمراء كأنها العنكبوت مستديرة، ومنها سوداء دخانية تشبه العنكبوت أيضاً، ومنها رقطاء، ومنها بيضاء مدوّرة البطن صغيرة الفم كوكبية وهي محددة الظهر بخطوط براقة، ومنها الصفراء الزغباء، ومنها الغبية المخصوصة بهذا الاسم فمها في وسط رأسها وأرجلها قصار مائلة إلى خلف، وإذا أرادت اللسع استلقت على رجليها، وإذا أرادت أن تضرب قذفت رطوبة يسيرة، وهي ألطف من العنبيّة الأولى، ومنها نمليّة تشبه النمل، حمراء العنق، سوداء الرأس، بيضاء الظهر، منقطة بألوان مختلفة، ومهها ذروحية، ومنها زنبورية حمراء تشبه الزنبور،. ثم جعل لكل واحدة منها أعراضاً، ومنها الكرسنية سميت بذلك لصغرها، وكأنها كرسنة مدوّرة صغيرة الفم شقراء البطن بيضاء القوائم كثيرة الزغب. وأما المصرية التي ذكرت أولاً، فهي خبيثة ذات بطن كبير، ورأس كبير تشبه الذباب الذي يطير حول السراج.
فصل فيما يعرض لمن لسعته الرتيلاء بالجملة
والتفصيل قال "جالينوس": إن لسعة الرتيلاء لا تغوص غوص لسعة العقرب، فلذلك
لا تصادف عرقاً، ولا تخضر في الأكثر. قال من ذكر أن أصناف الرتيلاوات ستة
وسمّاها الأسامي الأول أن جميعها تشترك في تورم موضع اللسعة، ويكون موضع
اللسعة في الأقل من الأوقات أحمر، وفي أكثرها كمداً أخضر ذا حكة به وبما
يليه، وربما امتدت إلى الساق، وزاد آخرون أنه لا يكون هناك نتوء كثيرة جداً
ولا التهاب. وقال الأول تعرض للاعضاء العصبية والعظام برودة دائماً، أي
لمثل الركبة والقطن والظهر والأكتاف، وربما برد البدن كله فارتعد وارتعش،
قال ويكون هناك وجع شديد مبرح وسهر وصفرة لون الوجه، ويتخيل في العينين
أنهما أرطب من المعتاد، ويقطر الدمع قطراً متواتراً، ويحسّ في أسفل البطن،
وخصوصاً بقرب العانة كالفراغ والخلاء، وتأخذ الطبيعة في دفع مادة مائية من
فوق ومن أسفل، وربما ظهر في تلك المادة مثل نسج العنكبوت، ويعرض في
الأربيتين والأنثيين انتفاخ، وللمفاصل تقبض كالتنشج لا يكاد يستوي منبسطه،
ويعرض وجع الفؤاد وغثيان، ويرشح البدن عرقاً بارداً، وربما تصدع الرأس
صداعأ كصداع المبرسمين.
وزاد الآخرون أنه يعرض للوجه صَفار، وللبدن ثقل، وللبول حرقة ربما صحبها
عسر، وربما خرج معه كالعنكبوت، ويعرض للقضيب والركب والعانة تمدّد شديد،
وكذا في المعدة ويعرض للسان انسكار وحبسة، وتشتد الأوجاع.
قال الأول: وأما الخاص بالنوع السادس على ما حكاه فإنه يعرض منه وجع شديد في المعدة، وانتقاص شديد جداً مع اختلاج كثير جداً؟ هكذا قال.
أما التفصيل الذي ذكره "جالينوس" وغيره، فهو أنهم قالوا: أما الحمراء منها فيعرض من لدغها وجع يسير سريع السكون. وأما السوداء والرقطاء فيشتدّ الوجع بلسعتهما مع اقشعرار وبرد ورعشة وثقل في الفخذين وأما البيضاء المدورة البطن الصغيرة الفم فيعرض من لسعتها وجع يسير مع حكة ومغص واسترخاء البطن واختلافه. وأما الكوكبية فيشتد الوجع بلسعتها مع حكة، وقشعريرة وخمر وثقل رأس واسترخاء بمن. وأما العنبية فيعرض منها وجع شديد في موضع الضربة، وبرد البدن كله، واقشعرار، وارتعاش، وكزاز وعرق سيال بارد، وانقطاع الصوت، وخدر في الجسد كله، وورم البطن، وتوتر القضيب، وإنعاظ وقذف مني من غير إرادة، وبول كدر. وأما السوداء الدخانية فإنها خبيثة يعرض منها وجع المعدة، وتواتر قيء دائم، وصداع، وسعال متتابع، وحصر، ويقتل سريعاً. وأما الصفراء الزغباء فيشتد الوجع من لسعتها جداً، وتحدث رعشة، وعرق بارد، وانتفاخ بطن، وتقتل- كثيرأ، وزاد بعضهم شيئاً من أوصاف عض العنبية من الإنعاط، وتوتّر القضيب، وانقطاع الصوت، وقذف المني والكزاز، وليس ذلك بموثوق فأراعيه. وأما النملية فلسعها سليم قليل الألم. وأما الذروحيّةُ فيعرض منها تنفط البدن، وثقل اللسان. وأما الزنبورية فيعرض منها ورم في الموضع، وكزاز وسبات غالب، وضعف الركبتين. وأما الكرسنية فإنها خبيثة وأعراضها من جنس أعراض العنبية، لكنها أصعب من أعراض العنبيّة. وأما المصرية فإنها خبيثة تحدث صداعاً شديداً، وسباتاً، ويعقبها موت وحي.
فصل في العلاج علاجهم أيضاً استعمال القانون الكلّي من الجذب والمصّ ونطل الموضع بماء ملح حار، وإعطاء الترياقات المذكورة في باب العقارب، والحمّام، والابزن أسرع شيء في إسكان وجعهم، فإنهم إذا استنقعوا في الأبزن سكن وجعهم، وإن خرجوا منه عاد، فيجب أن يحمموا كل ساعة.
صفة ترياق جيد للرتيلاء والتنين البحري وأجناس من الحيّات: قالوا يسقى في لسع مثل سموريا وطروغون دواء بهذه الصفة، ونسخته: يؤخذ فلفل أبيض، زراوند، أصل السوسن الاسمانجوني، ناردين، عاقرقرحا، دوقو، خربق أسود، كمون حبشي، ورق الينبوت، أفونيطرون، أقماع الرمان، أنفحة الأرنب، دارصيني، سرطان نهري، ميعة، عصارة الخشخاش، حبّ البلسان، من كل واحد أوقية يدقّ ويعجن بعصارة الكبر، ويقرص كل قرصة درخمي، وهو شربة تسقى بالشراب، وفي بعض النسخ وأصل السوسن الأبيض، وعيدان البلسان، وبزر الحندقوقي، وجوز السرو، وبزر الكرفس.
ترياق لذلك مجرب: حب الصنوبر والكمون الحبشي، وورق شجرة الدلب، وقشوره، بزر الحندقوقي، والحمص الأسود، وخصوصاً البري، وحب الآس جيد جداً، وبزر القيسوم، وبزر الشبث، والرزاوند، وبزر الطرفاه، وعصارة حي العالم، ولبن الخس البري، والشربة من أيها كان وزن مثقالين بشراب.
وأيضاً: شراب طبخ فيه جوز السرو، وخصوصاً بالدارالصيني، ومرق السرطانات، ومرق الأوز، وطبيخ أصل الهليون بشراب، ومن جيّد ما يسقون به تركيباً الزراوند والكمون أجزاء سواء، الشربة ثلاثة دراهم في ماء حار.
صفة ترياق ذلك مجرب: يؤخذ شونيز عشرة، دوقو، كمّون، من كل واحد خمسة دراهم، أبهل، جوز السرو، من كل واحد ثلاثة دراهم، سنبل الطيب، حبّ الغار، زراوند مدحرج، حب البلسان، دارصيني، جنطيانا، بزر الحندقوقي، بزر الكرفس، من كل واحد وزن درهمين، يعجن بعسل، والشربة قدر جوزة بشراب عتيق.
فصل في صفة الأطلية ونحوها: من جيّدها رمادَ شجرة التين معجوناً بشراب وملح، والقلقديس، والإسفنج مغموساً في خل معصوراً، والزراوند بدقيق الشعير معجوناً بخل، وورق الحرشف والكرّاث وعصا الراعي والزراوند مع رماد شجرة التين.
ضماد جيّد: يؤخذ قشور الرمان رزراوند وعقيق
الشعير بالخل، يستعمل بعد غسل الجرح بماء وملح. ومن المروخات: دهن
الحندقوقي نطولاً مسخناً. ومن النطولات ماء البحر مسخناً، وكل ماء ملح،
وطبيخ الحرشف وطبيخ جوز السرو.
فصل في الشبث وعلاجه هذا كالعنكبوت الكبير القوائم الطويلة، قالوا يعرض من
لسعه وجع المعدة وقيء وعسر بول وعسر براز، وهي قاتلة، والمصرية أردأ أقول:
أني لست أعلم هل هذا المصري هو المذكور في باب الرتيلاء، أو غيره وعلاجه
علاج الرتيلاء.
فصل في العنكبوت وعلاجه تعرض من لسعته رياح كثيرة في البطن، وقشعريرة، وبرد أطراف، وينتشر القضيب، وعلاجهم من جنس علاج الرتيلاء، وينفعهم سقي الشراب شيئاً بعد شيء جميع النهار، والسعد بالشراب، والتعريق في الحمام، ومن أدويتهم الشونيز بالشراب، والسذاب اليابس بالشراب وحده ومع السعد.
فصل في حيوانين ذكرهما بعض أهل العلم من الأطباء هما أيضاً من جنس ما سلف ذكره إلا أني لست بعالم بأمرهما، وهل هما داخلان فيما سلف أو ليسا، ويعرفان بذوي أربعة فكوك، قال ذلك العالم: هما من جنس الرتيلاء، وأحدهما عريض له أرجل بيض، وعلى رأسه نتوءان أحمدهما ينزل من مقدم الرأس على الإستقامة، والآخر يمرّ مقاطعاً لهذا عرضاً، فيخيل ذلك أن له فمين وأربعة فكوك.
وأما الآخر فله بدل النتوأين خطان يخيلان ذلك التخيل، ويعرض من لسعهما ما يعرض من لدغ العقارب، ووجع شديد، وبياض لون اللدغة، وتربد الوجه والرأس وسهر. وعلاج ذلك علاج لسع الرتيلاء، وأخص أدوية الرتيلاء به هو الحبق، وأصل الجاوشير والحندقوقي والقيسوم.
فصل في حيوان آخر يسمى موغرنيتا هذا حيوان ذكره هذا العالم، وقال يعرض من لسعته وجع شديد، حمرة وعسر بول، وتنفع المبتلي به ثمرة الطرفاء والكمون البري وورق الجوز والثوم والشراب الحلو.
فصل في قملة النسر المسماة رذه بالفارسية وصملوكي باليونانية وطغانوس بالهندية وهي هامة كالقملة أو كأصغر القردان، قال "جالينوس": هي صغيرة لا يتوقى منها، وتكاد لا تبصر لسعتها وهي مما تفجّر الدم بولاً ورعافاً، ومن المقعدة ومن المعدة بالقيء، ومن الصدر والرئة، ومن أصول الأسنان، وربما عظم الخطب فيها فلم تقبل الدواء.
فصل في علاجها علاجها مثل علاج الجرارة، ومما يخصها أن تطلى اللسعة بالفادزهر وبعصارة الخسّ والصندل الأحمر، ويسقى لسيعها اللبن الحليب لبن الماعز والزبد والطين المختوم، والجَدوار والفرفح وعصارته، وبزرقطونا ولعابه، وسائر المطفئات مثل ماء الهندبا وماء الخس والقرع والخيار.
فصل في الطَبوع وخرز الطين وهي دابة كثيرة الأرجل حادة السم، وهي في أحكام قملة النسر.
فصل في لسع الزنابير هي أشدّ تسخيناً من النحل، ويعرض من لسعها وجع حمرة وورم، ومن الزنابير الكبار جنس أسود الرأس ذو إبر كثيرة قتال، والكبيرة خرزها في الجملة أقتل، فلذلك ربما أدى إلى التشنّج، والى ضعف الركبتين. وأما الصغيرة أيضاً فربما عظم الخطب في لسعها فأحدثت نفّاطات وأثقلت اللسان.
فصل في العلاج يستعمل عليه من المص ما تعلم، وإن عظم الخطب فما يسقى حينئذ وزن درهم من بزر المرزجوش، فيسكن الوجع في مكانه، أو ثلاث راحات كزبرة يابسة، ويتناول العصارات المبرّدة المعروفة، والأشربة المبردة المعروفة.
وقد يحتمل الجمد كالشيافة فينفع، ومن أطليته ماء الخبازي وماء الباذروج، والخبازي عجيب بالخاصية والخطمي أيضاً، والبقلة اليمانية وعنب الثعلب والسمسم المدقوق وورقه.
وأيضاً: التين والخلى والطين الحرّ وماء الحصرم. وأيضاً إخثاء البقر خصوصاً بخل، وأيضاً ورق النَمام وورق الغار الطريّ، وأيضاً يؤخذ أفيون وبزر الشوكران وكافور، ويُطلى بعصارة باردة ويُغلى بخرقة كتان مغموسة في ماء مبرّد، ويطلى حواليه بطين وخلّ، وكذلك الطحلب بالخل عجيب، وكذلك الخضرة التي تحدث على جرار الماء، وأيضاً على ما زعم بعضهم يكمّد بماء وملح، ويطلى بلبن التين، وأيضاً سورج الحيطان بخل، وقد يتخذ من مياه هذا وسلاقاته نطولات، وقد جرب أن العضو إذا ترك في ماء حار ساعة ثم نقل دفعة إلى ماء ملح ممروج بالخل سكن في الحال ومن دلوكاتها الذباب، فانه يسكن الوجع.
فصل في لسع النحل وعلاجها قريب الأحوال من الزنبور، إلا أنه يترك إبرته في اللسعة، وعلاجها يقرب من علاج الزنابير.
فصل في النمل الطيّار وشيء آخر يشبههذلك قريب الحال من النحل، وأسلم منه، وأقول من ذوات الحمة والإبرة شيء شبيه بالنمل الطيار، إلا أنه أكبر منه جداً، وهو في قدر الزنبور الصغير إلا أنه أطول منه كثيراً، وليس في غلظه، وله أرجل عنكبوتية طوال صفر أطول من أرجل الزنابير،- والتحزيز الذي له أصغر، وليس له من التأنق لبناء عشه ما للزنابير، بل يبنيها طينية ذواب أبواب واسعة، ويفرخ فراخاً كالعناكب، إذا أخرجت من أوكارها مشت مشي العنكبوت، كأنها تنسلخ من بعد وتطير، وعندي أنه في حكم الزنابير.
فصل في سام أبرص والعظاءة إذا عضا خلفا في موضع العضة أسناناً صغاراً دقاقاً سوداً لا يزال الموضع يوجع، ويحتك حتى ينتزع بإبريسم أو قز يمر عليها، ويسقطها فيسكن الوجع، وقد يخرج أسنانها الدهن والرماد، ثم يُمص المرضع ويوضع في ماء حار، وقد ذكروا أن أصل الطرحشقوق نافع جداً من عضته، فإن عظم الوجع سقي ترياق الرتيلاء.
فصل في الأربعة والأربعين هو الحيوان المعروف بدخال الأذن، وربما كان في طول شبر، وله في كل جانب إثنان وعشرون قائمة، وقد يمشي قدماً، وقد ينكص بحاله، وله فيما يقال سمية ما، يحدث منه وجع يسير يسكن من ساعته، وزهرة الخنثى من ترياقاته، وربما كفى فيه استعمال الملح مع الخل.
فصل في عضّة سالامندرا رغم أنها هامة شبيهة بالعظاء فات أربعة أرجل، قصيرة الذنب، يزعمون أنها لا تحترق، وإن طرحت في الأتون أطفأت ناره، ويعرض لمن عضته وجع شديد والتهاب في البدن ناري، وورم حار في اللسان، واعتقال اللسان، تمتمة ورعدة، وخدور كثيراً ما يعرض منه اسوداد عضو على شكل مستدير وسقوطه.
فصل في العلاج قال علاجه علاج الذراريج، وأخص ما يعالجون به أن يسقوا الراتينج من أي صنوبر كان مع العسل، ويسقوا طبيخ كمافيطوس، وطبيخ السوسن مع ورق القريص والزيت، ومنهم من يعطيهم الضفادع مطبوخة، ويسقيهم من مرقها، ويضمدهم بلحومها وقد يأكلها أيضاً، وكذلك بيض السلاحف البرّية والبحرية مطبوخاَ.
فصل في سقولوفندر البرية والبحرية ولست أعرفهما ولا لبُد، أن يكونا مما فرغنا من ذكره، قالوا أنه يعرض من عضة البرية أن تكمد العضة، وتصير وردية اللون، قلما تحمر حمرة ناصعة، بل يسيراً جحاً، ويكون وجع شديد وحكّة في البدن. وأما البحرية فتكون عضتها مائية اللون، ويشبه أن يكون علاجها علاج الرتيلاء ونحوها، قال بعضهم: لتضمد بملح أو رماد بشراب، أو رماد معجون بخلّ العنصل، أو بالسمسم المحرق والشراب، وينطل أولاً بزيت كثير بماء حار ثم يوضع عليه ذلك.
فصل في العقرب البحري أظن أنه يعرض من لدغة العقرب البحريّ انتفاخ البطن، وهيئة استسقائية، وربما عرض منه خروج الريح بغير إرادة، ويجب أن يستقصى في تعرف هذه، وعلاجه علاج التنين البحري والرتيلاء، وقد قال من لا يوثق بقوله أن عقرب الماء حار السمّ.
فصل في العنكبوت البحري يشبه أن تكون أحواله تقرب من أحوال العقرب البحري.
فصل في عض الضفادع البحرية الحمر حكى عدة من العلماء أنها خبيثة رديئة متعزضة للحيوانات والأجسام، تقفز إليها من البعد لتعضها، وإن لم تتمكن من العض نفخت إليه نفخة ضارة، ويعرض من عضّها ورم عظيم وهلاك سريع، أقول: يشبه أن يكون علاجها بالترياق الكبير وبما يجانسه.
فصل في جملة علاج الهوام البحرية السامة قالوا يجب أن تعالج بالترياقات، وبما تعالج به السموم الباردة، وبأدوية الرتيلاء وترياقاته والحمد لله وحده.