الكتاب الرابع: الأمراض التي لا تختص بعضو بعينه - الفن السابع: الزينة

الفن السابع

الزينة

يشتمل على أربع مقالات:

المقالة الأولى
أحوال الشعر والحزاز

فصل في ماهية الشعر الشعر يتولد من البخار الدخاني إذا انعقد في المسام، ونبت عليها بما يستمد من المدد، وخصوصاَ إذا كانت رطوبة البدن لزجة دهنية ليست بمائية ولا طينية، كما أن الأشجار الدهنية لا ينتشر ورقها.

وقد قيل في الكتاب الأول في سواده وشيبه وسائر ألوانه ما قيل، لكن المتعلق من الكلام فيه بالزينة تدبير جوهره بالإنبات، والتمريط، وتدبير عدده بالتكثير، والتقليل، وتدبير حجمه بالتغليظ، والتدقيق، والتطويل، وتدبير شكله بالتسبيط والتجعيد، وتدبير لونه بالتسويد، والتشقير، والتبييض، ونحن متكلمون في هذه المقالة على هذه المعاني.

فصل في سبب بطلان الشعر الشعر يبطل أو ينقص إما بسبب في المادة أو بسبب في الشيء الذي فيه ينبت، والسبب في المادة أن تقل أو تعدم، والقلة، إما بسبب ما يغمره أو يغيّره، أو بسبب قلة أصل الجوهر مثل قلة البخار الدخاني في الصبي والمرأة لكثرة البخار الرطب فلا تنبت لحيته، وأما قلة أصل الجوهر فإما العارض،وإما لانتهاء الطبيعة إليه.

أما الذي للعارض فكما يعرض للناقهين إذا شفتهم الأمراض الطويلة والسلية والدقية، فلم تبق لهم مادة يعتذي منها الشعر، فيسقط ولا ينبت مثل ما يعرض للنبات المستسقى إذا لم يسق، وكما يعرض للخصيان من تشبههم بالنساء في الرطوبة والبرد بسبب خصائصهم، وبسبب أن ما كان يتكون منياً يتراكم فيهم ويبرد، ويتأدى برده إلى الأعضاء الشريفة، فيبردها، فلذلك لا تتحلل رطوباتهم إلى الجفاف، وما تحلل لا يبقى في المسام لقلته ورقته، بل يخرج، وكما يعرض لمن أدام العمائم الثقال على رأسه.

وأما الذي هو من طريق الطبيعة فكالصلع، فإن الصلع يحدث لقصور مادة الشعر عن الصلعة وذلك لقلتها أو لتطامن الدماغ عما يماسّه من القحف، فلا تسقيه سقيه إياه، وهو ملاق.

وأما الذي يكون لسبب في الشيء الذي فيه ينبت، فهو على ثلاثة أوجه، إما أن لا تنفذ فيه مادة الشعر، وإما أن تنفذ فيه، فلا تحتبس، وإما أن تفسد فيه وتستحيل إلى كيفية غير ملاءمة لتكون الشعر عنها، وإنما لا تنفذ فيه لانسداد مسامه، وإنما تنسد مسامه لشدة تلززه ليبسه كما هو من المعاون على الصلع، ويسرع في حار المراج لسرعة جفافه، ولذلك يكثر على المستعدين للصلع شعر البدن والصدر لحرارة المراج، وهؤلاء فإن القليل من شعرهم صعب الانتتاف، أو لتلززه بسبب آثار قروح سالفة، كما هو الحال في القرع.

والذي لا يحتبس فيه، فهو لشدة تخلخله واتساع مسامه كما هو إحدى المعاون في أن لا تنبت اللحية، ويكون الباقي من شعر هؤلاء رقيقاً سهل الانتتاف، وفي آخر العمر لما يبس المراج، فضاقت المسام مع رطوبة مراج لقلة الحرارة أثر في أن لا يكون صلع كما للنساء والخصيان.

والذي يفسد فيه فإما لخلط مسكن خبيث. كما في داء الحية والثعلب، وإما لقروح رديئة أكالة كما يكون في بعض أصناف القرع.

والصلع تعسر معالجته وإن كان قد يمكن دفعه قبل أن يبتدىء أو تأخيره، والذي يقول "بقراط" من أن الصلع إذا عرض لهم الدوالي نبتت شعورهم، نعني به المتمرطين بداء الثعلب ونحوه، وشعر الحاجبين والأشفار لا ينتثر سريعاً بسبب أن منبتها حصيف غضروفي حافظ، ولذلك يتأخر الصلع في الحبشة والزنج لشدة ضبط جلودهم لشعورهم، فإن الصلب لا ينثقب، فلذلك يقل معه الشعر، لكنه يحفظ الشعر فلا ينتثر سريعاً ولا يتمرط. واللثغ لا يصلعون لكثرة رطوبة أدمغتهم، ولذلك يكثر بهم الذرب الكائن عن النوازل.

فصل في الأدوية الحافظة للشعر الأدوية الحافظة للشعر هي التي فيها حرارة لطيفة جذابة، وقوة قابضة، والتي فيها خواص نفعل بها، وقد ذكرنا بسائط هذه الأدوية في الأدوية المفردة، وذكرنا أيضاً في القراباذين مركبات، ونذكر ههنا من الأدوية ما هو أليق بهذا الموضع.

والأدوية البسيطة التي تصلح لحفظ الشعر، وتدارك أخذه في التساقط على الجملة إلى أن تشترط من بعد الشروط الواجبة في تدبيرها، من أمثال هذ: الآس وحبه، واللاذن والأملج، والهليلج الكابلي، والمر، والصبر، والبرشياوشان، وقد يقع فيها العفص لقبضه، والفيلزهرج خصوصاً مع شراب قابض، أو دهن الآس، أو دهن المصطكي، أو ماء الآس، أو عصارة ورق الازادرخت، وأيضاً حراقة شجرة بزر الكتان محرقاً مع بزره طلاء بدهن، وأيضاً قشور الجوز محرقة إذا خلط بدهن الآس والشراب القابض، ومسح به وخصوصاً للصبيان.

ومن المركبات: حبّ الآس والعفص والأملج يطبخ في دهن الورد أو دهن الآس على الوصف المعلوم، ويستعمل، وأيضاً ورق الآس الرطب واللاذن والعوسج وأطراف السرو وحب الآس يغلف بها الرأس مدقوقة مدوفة بالزيت.

وأيضاً: حبّ الاس الأسود وبزر الكرفس وأطراف الآس وبزر السلق وأطراف العوسج جزء جزء، برشياوشان، لاذن نصف جزء نصف جزء، الشراب الأسود ستة أجزاء، تهرى فيه الأدوية طبخاً حتى يبقى ثلث الشراب، ثم يلقى عليه زيت مطيب بالسعد والسنبل جزأين، ويعاد طبخه حتى يغلي ثلاث غليات، ثم يصفى الماء والدهن عن الأدوية بعصر شديد، ويجعل في برنية، ويخضخض، ويستعمل عند الحاجة، فإنه حافظ مسود.

وأيضاً: بزر الكرفس، وبزر السلق وبرشياوشان وكندر من كلِّ واحد أوقيتين، الجوز خمسة عشر عدداً، قشور أصل الصنوبر رطل، يشوي الجميع ليلة في التنّور، وقد جعل في قدر مطين، ويترك حتى يحترق جميعه احتراقاً مسحقاً، ويسحق ويلقى عليه رطل من شحم الدب، فهو أجود، أو من شحم الأوز ويرفع، وكلما احتيج إليه ديف في دهن مطيب، ويستعمل، وينفع أيضاً من الصلع المبتدىء.

وأيضاً: يؤخذ رطل ونصف شراباً قابضاً، ومن اللاذن أوقية، ومن قشور الصنوبر محرقة أوقيتين، برشياوشان محرقاً مثله شحم الدب رطل، عصارة عنب الثعلب أربع أواق ونصف، يطبخ اللاذن في الطلاء حتى يثخن، وتلقى عليه الأدوية، ويخلط ويرفع، فمتى أحتيج إليه أخذ منه شيء في دهن مطيب، وخيره دهن الناردين، ويطلى وقد يطلى بلا دهن.

وأيضاً مما هو خفيف: أن يؤخذ المرّ واللاذن ودهن الآس، وخصواً ما اتخذ من دهن الخيري وماء الآس طبخاً وشراب قابض، ويخلط على ما توجبه المشاهدة ويطلى به،. وأيضاً: يؤخذ ورق شقائق النعمان مع دهن الآس، ويمسح به الرأس ويترك ليلة، ثم يستحم فإنه يحفظ ويسوّد. وأيضاً يؤخذ لاذن وبرشياوشان ورماد قشور الصنوبر وشحم الدبّ ومن الشراب العفص ما يكفي، مخلوطاً بمثل دهن المصطكي أو الآس، وأيضاً يؤخذ الحناء اِلمدقوق مثل الهباء نصف رطل، ومن العفص الأخضر المدقوق عشرة دراهم، مضافاان إلى مثلهما من الخل الحاذق، ويقطر بالقرع والإنبيق، فإن الحاصل من التقطير يحفظ الشعر.

وأيضاً يؤخذ برشياوشان ولاذن سواء، ودهن الآس ما يكفي، وأيضاً يؤخذ كندر وخرء الضب وخرء القنفذ البحري من كل واحد خمسة دراهم، سذاب جبلي درهمين، يسحق بشراب قابض، ويخلط مع شحم الدب ويستعمل.

فصل في دواء يحفظ شعر الحواجب يؤخذ ورق شقائق النعمان أربعة، رعي الحمام وأصوله وأطراف التين من كل واحدٍ واحد، لاذن ثلاثة، برشياوشان إثنان، يسحق الجميع ويستعمل بدهن المَصطِكَى، مثله أيضاً أصل الفاشرا أو أصل الأشراس، ورماد شجرة الصنوبر الطري من كل واحد جزء، ورق جزآن، يخلط بدهن الآس المطيّب، فهذا هو الكلام الأكثري.

لكنه إن كان السبب يبس مراج وقلة دم، رَفه البدن وغَذه بما هو جيد الغذاء دسمه وبه ميل إلى حرارة لطيفة، واترك كل حامض ومالح وعفص، واهجر الباه واهجر من الشراب ما كان عتيقاً وأدم الاستحمام بالمياه العذبة، ولا يقرب من البدن نطرون ولا أشنان ولا صابون، بل مثل دقيق الباقلا وحب البطيخ وطين وبزرقطرنا ونحوه.

وإن كان لتقبض المسام جداً، احتيج إلى ما يحلل ويخلخل، فوجب أن يجعل في الغذاء ما يفتح مثل الخردل والثوم والكراث، ويطلى الجلد أيضاً بمثل الثافسيا والخردل والفوتنج والسذاب والبصل، ويستعمل الحمام بمياه محللة، ويغسل الرأس بالبورق وبزبد البحر، ويجب أن يجتنب صاحبه الأدهان.

والذي للتخلخل تنفع منه الأدوية المذكورة التي أكثر ميلها إلى القبض، والأطلية، والأدهان القابضة، ودخول الحمام، واستعمال الفاتر ثم إردافه بالبارد دفعة.

فصل في مطولات الشعر أكثر مطولات الشعر ما في جوهره لزوجة يمكن أن يأخذ منها الشعر، وهو مثل ورق السمسم، وورق القرع، والأدهان التي فيها حرارة وقبض مثل دهن السوسن محرقاً مع شمع أو كما هو، ودهن الحناء ودهن الآس خاصة، وقد ينفع في ذلك غسل الرأس بنقيع الحنظل. ومما ينفع في ذلك أن يؤخذ اللاذن، ويذاب الجيد منه في قدح مطين على الجمر اللطيف إذابة في زيت ويذرّ عليهما شيء من نوى محرق، ويمرج الجميع على الجمر مرجاً لطيفاً، ويستعمل. ولورق الازادرخت ولماء ورقه خاصية جيدة في ذلك، ولفحم بزر الكتان مستعملاً بدهن الشيرج.

مركب: يؤخذ ورق الأزادرخت والبرشياوشان الحديث الرومي، والمر، والأملج ويغلف به الرأس في بعض الأغسال المعروفة، وأيضاً الخردل يجعل في طبيخ السلق، ويغسل به الرأس، ويدهن بعده بدهن الآ أو دهن الأملج.

مركب جيد: تؤخذ مرارة الثور ومرارة الذئب وإهليلج كابلي وبليلج وأملج وسبادداوران وعفص صحاح من كل واحد جزء، يدق ويربى بعصارة عنب الثعلب سبعة أيام، ثم يجفف ويستعمل طلاء بشيء من البطيخ بعد غسل الرأص واللحية بماء وعسل وزجاج مدقوق.

أيضاً شعير مقشر ثلاثين درهماً، أملج خمسة، يطبخان في الماء طبخاً شديداً حتى يأخذ الماء قوتهما. ويطبخ في ذلك الماء دهن البنفسج مثل نصف الماء، ولاذن وزن ثلاثة دراهم، وورق السمسم وورق الخطمي وورق القرع رطباً أو يابساً وزن عشرة عشرة، لا يزال يطبخ حتى يذهب الماء ويبقى الدهن.

نسخة أخرى: تنسب إلى الكندي، شير أملج عشرين درهماً، يطبخ برطلين من الماء إلى الربع، ويصب عليه مثله دهن الناردين، وشعير مقشر وشيء من اللاذن، ويطبخ حتى يذهب الماء ويبقى الدهن.

فصل في منبتات الشعر القوية وفيها علاج ما يمكن علاجه من الصلع ومن انتثار الحواجب ونحو ذلك جميع الأدوية التي نذكرها في باب داء الثعلب، وجميع وجه التدبير من ذلك الرأس وتحميره، واستعمال الشحوم عليه، ثم استعمال الأدوية القوية الجذب، والتحليل معاً الخاصة بداء الثعلب، فهي نافعة في الصلع وإنبات الشعر في المرط، وفي الحواجب وفي اللحية، ولقشور أصول الغرب بالزيت تقوية، وفعل عجيب في الحفظ مع تسويد. وأما الأدوية التي من عزمنا أن نذكرها ههنا، وإن كانت أيضاً نافعة في داء الثعلب بعد اعتبار ما ذكرناه في آخر باب حفظ الشعر، فهي هذه.

ونسخته: تؤخذ الذراريح الطرية مقطوعة الأرجل، والرؤوس مجففة في الظل، وتسحق في دهن البنفسج أو تطبخ فيه، أو في زيت حتى تغلظ، وتطلى به حيث شئت فينفط، ثم ينبت الشعر، وكذلك عسمل البلاذر إذا جعل على المواضع التي تمرّط شعرها، أو يسحق الكندس في دهن البيض، ويطلى به حيث شاء الإنسان مراراً فينبت الشعر.

أخرى: أو يؤخذ حافر حمار محرقاً وقرون محرقة، ويطلى بدهن الخلّ فإنه قوي.

وأما بيض النمل مع دهن البان فهو مما عدّ في المنبتات، وعند عامة الناس أنه مما يمنع النبات، ومما جرب العظاءة التي تكون في البيوت تموت تجفف وتسحق وتطلى بالدهن. وأيضاً سحيق الزجاج الفرعوني مع الزئبق. ومما هو أخف من ذلك أن يؤخذ فهو وصلاية من رصاص، ويجعل بينهما دهن من الشعرية أو شحم مما عرف، ويسحق حتى تنحل إليه قوة من الرصاص، ويلطخ به، ويضمّد الموضع بورق التين المسلوق جيداً وإلى قوة ما، وأيضاً يؤخذ لبّ عشرين بندقة، ويشوى حتى ينسحق، ويجمع بدهن الفجل أيضاً أو يؤخذ، أو من الحشيشة المسماة خركوش، ومن قضيب الحمار وطحاله مشويين، من كل واحد نصف رطل، ومن اللاذن عشرون وزنه، يخلط الجميع بعد حلّ اللاذن في الشراب ويستعمل. وأيضاً ومما ذكر "فيغلريوس" يؤخذ شحم الثور مملحاً ستة وتسعون درهماً، الأشنأن والثافسيا من كل واحد ثمانية عشر درهماً، مر ثمانية دراهم، لاذن مثله، برشياوشان ثمانية وأربعون درهماً، قضيب الحمار ثمانية وأربعون درهماً، طحال الحمار ستة وتسعون درهماً، يشوى طحال الحمار وقضيبه، وينحت، ويجمع الجميع بشراب أسود، يحلق الرأس ويطلى به، ويترك خمسة أيام، ويغسل ويراح يومين، ثم يعاد، فإن تقرح عولج الموضع بشحم الأوز.

وأيضاً "لقريطن" تؤخذ بطون ستة من الأرانب، وتجفف ناعماً، وتحرق في قدر مطين فخار، ويلقى عليه من ورق العوسج ومن ورق الآس مثله، ومن البرشياوشان تسع أوق، ويحرق مرة أخرى في إناء زجاج، ثم يسحق ويخلط بثلاثة أرطال من شحم الدب ومثلها دهن الفجل، ويرفع، ويستعمل عند الحاجة في دهن مطيب. وحب الغار، ودهن الفلفل، ودهن الخروع كل ذلك مما يعين على الإنبات.

وأيضاً يؤخذ رماد القيسوم إذا خلط بالزيت العتيق أنبت اللحية البطيئة النبات، ورماد الشونيز بالماء، وخصوصاً للحواجب وأيضاً للحواجب تحرق جوزتان إلى أن تنسحقا فقط، ويجمع إليهما مثقال من نوى التمر المحرق، كذلك بغير استقصاء وخمسة عشر فلفية، ويطلى بدهن ورد، وأيضاً يؤخذ رماد القيسوم وبندق محرق ولاذن وذراريح وكندس يغلي في دهن بان في مغرفة حتى يسود، ويمرج بمثله غالية، ويدلك الموضع ويطلى به، وأيضاً برشياوشان وحب الآس وبزر الكرفس يحرق قليلاً حتى يسود، ويجمع بشحم دب ودهن فجل.

دواء: ينبت الشعر في الحواجب يؤخذ كندر أربع درخميات خرء التمساح، وخرء القنفذ البحري، وسذاب جبلي درخمي درخمي، يسحق بشراب قابض، ويخلط بشحم الدبّ ويستعمل.

آخر: للتمرّط في الحواجب القديم الصعب من داء الثعلب أو غيره، ونسخته: يؤخذ من الشيح جزء من زبد البحر ثمانية أجزاء، ومن الأوفربيون وحب الغار ثلاثة ثلاثة. زفت رطب أربعة، يداف الزفت في دهن السوسن، ويذاب فيه الفربيون، ثم تخلط به سائر الأدوية.

آخرمثله: يؤخذ أصل القصب المحرق سبعة، رماد الضفادع خمسة، بزر الجرجير أربعة، أصل الأشراس ثلاثة، يسحق بدهن الغار ويستعمل.
فصل فيمايحفظ داء الثعلب وداءالحية قد علمت أن السبب في تولد داء الثعلب مادة رديئة، مستكنة في الجلد، وفي منابت أصول الشعر، فتفسد أصول الشعر أكلاً لها ومنعاً للغذاء الجيد إياها، وسمّي داء الثعلب لعروضه للثعالب، والفرق بينه وبين داء الحية أن داء الحية ليس إنما ينتثر فيه الشعر فقط، بل تنسلخ معه جلدة رقيقة كما يعرض للحية، وربما عرض فيها تشكل ناتىء كشكل الحية، والمادة التي تورث داء الثعلب وداء الحية قد تكون صفراوية، وقد تكون سوداوية، وقد تكون بلغمية، وقد تكون من دم فاسد، ويستدلّ عليه من التدبير المتقدم. ومن الأعراض التي تصحبه مما يدلّ على الخلط الغالب مما عرفت، وقد يستدلُ على سرعة برئه وبطئه بما يرى من سرعة احمراره بالدلك والحلق لسرعة انجذاب الدم إليه، أو بطئه على أن الدلك الكثير يقرح، فيمنع نبات الشعر.

فصل في العلاج لا شك أن صواب التدبير في استفراغ ذلك الخلط الفاعل أولاً، وإدخال الأغذية الحسنة الكيموس جداً إلى البدن مما تعلمه، والشراب المعتدل الممروج المائل إلى أثر من الحلاوة قليل مع رقة وصفاء، فإن هذا أغذى، والحمام ينفعه قبل كل دلكة وبعدها، ويبتدىء أولاً باستفراغ البدن عن الخلط الفاعل بالأدوية المخرجة له، أو بالفصد إن أوجبت المادة ذلك، ثم باستفراغ الرأس عنه بما عرفته من السعوطات والنشوقات والغراغر مما هو مذكور في باب تنقية الرأس بحسب فصل فصل، ثم الإقبال على الجلدة، وتنقيتها عما استكن فيها بإخراجه عنها، وتحليله، وتستعجل في ذلك لئلا تكتسب الجلدة كيفية راسخة رديئة.

ولا شكّ في أن الأدوية المستفرغة من الموضع للمادة الخبيثة، يجب أن تكون مقطعة ومحلّلة تحليلاً لا تبلغ التجفيف لشدة التسخين، فيفيد الجلد جفافاً يكون في الآجل سبباً لسقوط الشعر، وإن كان في العاجل لعله أن يذهب بداء الثعلب، فإن كان حاراً قوياً كالثافسيا وهو أصل في الباب الذي لا بد منه، كسرت حرارته بالأدهان المعتدلة تغلب عليه، وبالمياه برفق فيها، وأجوده الحديث، والذي أتى عليه سنون ثلاث ضعيف، ومن حق القوي أن يقلل قدره، ويكثر مراجه، ويسرع أخذه عما طلي به، ومن حقّ الضعيف أن يفعل بالضد.

ويجب أن تكون لطيفة والألم تنفذ قوتها في غور الجلد، ويجب أن تكون في تلك الإدوية تقوية ومنع لئلا يقبل الرأس مادة خبيثة، ولا يجب أن يصحب تلك القوة قبض كثير يمنع المادة عن الورود إلى الموضع، ثم النفوذ في مسامه، ويجب أن تكون فيها قوة جذب للدم الجيد، وبخاره العلك من البدن بعد تحليله للفاسد الذي في الجلد ليجمع تحليلاً للفاسد القريب، وجذباً للجيد البعيد، وذلك بعد التنقية.

وإذا استعملت هذه الأدوية، فيجب أن تراعي تأثيرها وتبدأ به مضعفة بالمراج والتقليل، وتنظر فيما كان منها، فإن وجد المرض محتملاً والأثر سليماً زيد في القوة والمقدار، وإن لتم يحتمل وعظم الأثر نقص بالمقدار أو بالمراج، واجتهد حتى لا يؤدي إلى تقريح وتوريم، وخصوصاً في الأبدان اللينة المراج أو السن أو الجنس.

وإن أدى إلى توريم وتقريح تدورك ذلك بالشحوم، وطليها عليه، مثل شحم البط والدجاج، ومثل القيروطي الليّن، فإذا سكن عوود بالقدر الذي يحتمله، وإذا عظم الأثر فتر لا يزال يفعل ذلك حتى يتحلل الفاسد، وينجذب الجيد.

وعلامة تأثيرالدواء فيه أن. يحمّر بدلكات ألين، وأقل عدداً من الدلكات التي كان يحمر بها قبل استعمال الدواء، فان لم يتغير الحال فاعلم أنه يحتاج إلى دواء قوي، وإذا كان لا يحمر دُلِك بالخرق الخشنة أشد دلك حتى يخاف الانقشار، ثم دلّك بمثل البصل، فإن لم يحمر لم يكن بد من شرط موجع، وطلي بمثل الثوم.

ومما يحتاج إليه في تنقية الجلد عن مادة داء الثعلب الرديئة العَلَق والمحاجم وغرز الإبر الكثيرة، وأيضاً التنقيط بالأدوية الحادة التي سنذكرها، وتنقية ما تنقط وتبرئته ليخرج الشعر عنه، ومما يعين في تحليل المادة لبس قلنسوة مؤبرة دائماً ليلاً ونهاراً فانه يحلل ويعرِّق، ويجب أن يحلق في كل يومين أو ثلاثة بالموسى، وكلما نبت حلق.

ويجب قبل استعمال الأطلية أن يحلق الرأس، ويُدَلك على ما قلنا بخرقة خشنة أو بمثل البصل، أو قشور الفجل حتى يحمر، ويصير قليلاً لقؤة الدواء متفتّح المسام، وربما ناب الحمّام عن الدلك، وإن لم يحلق رقّق الحواء ليصل إلى الأصل.

فأما الاستفراغات فليستفرغ الصفراوي بطبيخ الهليلج مع قوة من خربق وأفتيمون، وبحب القوقايا أيارج فيقرى، وأيضاً فإن أبارج شحم الحنظل جيد، خصوصاً البلغمي، فإن كان هناك سوداء خلط به شيء من الخربق الأسود، وإن كان هناك صفراء خلط به السقمونيا، وأيارج روفس واللوغاذيا جيدان خصوصاً للسوداوي، وكثيراً ما يبرأ بالاستفراغ وحده، وأصناف هذه الاستفراغات مما قد أحطت به علماً فيما سلف لك، وإن أراد أخف من ذلك سقاه الأيارج المرّ مركباً بشحم الحنظل، والتربد في الشهر شربات ثلاثاً أو أربعاً، وإذا لم ينجع استفراغ واحد كرّر بعد إراحات فيما بين ذلك، وإذا رأيت جلدة الرأس حمراء، وعروقها حمراء ممتلئة، فصدت بعد الفصد الكلي إن أوجبه الرأي عروق الرأس وعروق الجبهة والصدغين، وإن لم ترد ذلك فلا تفعلن شيئاً من ذلك، فإن الدم يحتاج إليه هناك. وأما الغراغر والسعوطات ونحوها فقد عرفتها في باب معالجات الرأس.

وأما الأدوية الموضعية فأقواها الفربيون الذي لم يأت عليه فوق ثلاث سنين، يدبر على ما أعطينا من التدبير في القانون وبعده الثافسيا فانه عجيب جداً بالغ، ثم الحرف والخردل ورماد الذراريح معجوناً بالزفت الرطب، أو ميويزج مسحوقاً بدهن الغار ولبن اليتُّوع ينفط به، ويفقأ ليسيل ما تحته، فإذا طرح القشر طلع الشعر من تحته، والكبيكج يوضع على العضو مدة قليلة، ويحتاج إليه في القوي من داء الثعلب، وبعد ذلك الكبريت، والخربقان، وبزر الجرجير ورغوة البورق، والصنفان من زبد البحر، وقشور القصب وأصوله محرقة، وخرء الفار وبعر الغنم محرقاً، ودار فلفل والخردل والبندق المحرق وورق التين وكندس وعروق ماميران والقطران، وقد يقع فيها مرارة الثور، ثم مثل اللوز المر محرقاً بقشره، ومثل الكندر المسحوق أياماً في الخل الفائق. والخرنوب النبطي مَن أدوية هذه العلة. وأفضلَ الأدهان المستعملة فيه دهن الغار ودهن الخروع. وأفضل الأدوية الشمعية القطران، ثم الزفت. وأفضل الشحوم شحم الدب، وخصوصاً ما عتق لطوخ جيد يلطخ بالخردل والقطران: صفة لطوخ قوي نافع: يؤخذ فربيون، ثافسيا، دهن الغار، من كل واحد مثقالين، كبريت حي، وخربق، أيهما كان أسود أو أبيض، من كل واحد مثقال، يتخذ قيروطي بشمع مقدار الكفاية. وأيضاً بورق إفريقي جزأين، نوشادر جزء، يحرقان ويسحقان في خل ثقيف، ويطلى به الموضع بعد الدلك طلياً رقيقاً ويعاد بعد ثلاثة ساعات وقد نشف، يداوم ذلك ثلاث أيام، فإن تنفط فيفعل به ما تدري. وأيضاً ذراريح وخردل يطبخان في دهن حتى يصير كالغالِية، ثم ينفط به الموضع القوي، وتكسر قوته بالمراج للضعيف.

ومما هو أقوى من ذلك، وهو عجيب نافع، أن يؤخذ الخل الثقيف مع مثله دهن الورد الجيد، ويلخلخان ثم يدلك الموضع بخرقة خشنة، ويطلى به، وأيضاً المسح بغالِية فيها شيء من ثافسيا. واعلم أن الصبيان تكفيهم الحمية، والصبي المراهق يحتمل نصف درهم من حب !لقوقايا، ولابن عشر سنين دانقين.

فصل فيما يحلق الشعر يؤخذ من النورة جزءان ومن الزرنيخ جزءان، ويطلى بهما مع قليل صبر مجعول فيهما، فيحلق في الحال، وإن جعل من النورة أجزاء أكثر، ومن الزرنيخ أقل كان أعدل،وإن زيدت النورة كان أبطأ عملاً، إلا أنه يعمل، وقد تؤخذ النورة والزرنيخ جزءين وجزء، يطبخان في الماء طبخاً حتى تسمط الريشة، وإن كرّر العمل في ذلك الماء كان أجود والتشميس أجود، ويؤخذ ذلك الماء فيطبخ فيه دهن قليل منه في كثير حتى يأخذ قوته، ويطلى به، وربما ترك ذلك الماء لينعقد ملحاً، واستعمل ذلك الملح في الماء.

وأكلاس الأصداف تعمل عمل النورة مع الزرنيخ، وتكون ألطف، وإن أخذ بدل النورة ماء النورة المكرّر فيه النورة تشميساً أو طبخاً، وجعل في الماء الزرنيخ المسحوق، كان جيداً، وقد يستعمل أيضاً العلق الأخضر التي تكون تحت الجرار، وإن أريد أن يكون ما ينبت رقيقاً ألقي في النورة رماد الكرم، أو البورق، وأكثر تقليبه، ثم غسل بدقيق الشعير والباقلا وبزر البطيخ، وقد تركب النورة والزرنيخ بمثل ماء الكشك وماء الأرز، وقد يجعل فيه المر والمَصْطِكَى، وقد يعان بزبد البحر.

فصل في علاج من أحرقته النورة يجب أن تقلل تقليبها، وتسرع غسلها، وقد قدم عليها قبلها دهن الورد، فإذا غسل بالماء الحار جلس بعد ذلك في الماء البارد، فإن ذلك علاج جيد، ثم يطلى عليه عدس مقشّر مسحق بما ورد وصندل، وخصوصاً إن أحرق، فإن أحرق إحراقاً قوياً فلا بد من مثل مرهم الإسفيذاج، ومثل الطلاء بالمرداسنج المربى ببياض البيض، ودهن الورد والكافور.

فصل فيما يقطع رائحة النورة أن يطلى بعدها بالطين المربى في الطيب، أو الطين بالخلّ، وماء الورد، ولورق الخوخ خاصة في ذلك عجيبة، ولورق الكرم وورق الشاهسرم المسحوق والحناء ولنجير العُصفُر والورد والسعد والشُك والإذخر ونحو ذلك، فرادى ومجموعة.

فصل في مانعات نبات الشعر تمنعه المخدرات المبرَّدة مثل أن يبدأ فينتف. ثم يطلى بالبنج والأفيون والخلّ والشوكران معها ووحده، وأن يكون مطبوخاً في الخل أجود.

وجرم الضفادع الآجامية مجففاً من المانعات إذا سحق، وخلط بلعاب بزرقطونا، أو عصارة البنج، أو الخلّ، يكرر ذلك، وقيل أن طليه بدهن تفسخت فيه العظاءة طبخاً مما يمنع نباته، وكذلك بدهن طبخ فيه القنفذ، وربما ادّعى فيه ضد ذلك.

ومما ذكر في ذلك أن يؤخذ القيموليا وإسفيداج الرصاص بالسوية، والشبّ نصف جزء، سحق بماء البنج الرطب.

وقد زعم قوم أن دم الضفادع الآجامية ودم السلاحف النهرية قد يمنع ذلك، قالوا وكذلك دم الخفاش ودماغه وكبده، وقد ركبوا دواء من هذه، قالوا تؤخذ الضفادع من آجام القصب، وتجفف ويؤخذ من قديده، ومن دم السلحفاة النهرية المجفف، ومن البورق الأحمر ومن المرداسنج ومن صدف اللؤلؤ والمحرق أجزاء سواء، يعجن بالماء ويستعمل على نتف الشعر في العانة والإبط، وبزر الأنجرة بدهن هو مما ينثر الشعر بقوة.

فصل في المجعدات للشعر هي مثل دقيق الحلبة ودهنها والسِدر الأبيض والمر والعفص والنورة والمرداسنج تخلط أو يقتصر على بعضها، ويغلف به الرأس، وقد يوضع فيها بزر البنج ودهنه، وقد يستعمل البنج كما هو وحده، والنورة بماء نشيط، ويحرق يسيراً داخله في هذه الجملة، خصوصاً إذا قرن بها ثلثاها من السدر معجونين بماء بارد، وكذلك رغوة الملح المر تجعده شديداً.

مجعّد جيد: يؤخذ من العفص والكزمازك وسحالة الإبر وورق السرو أو حبه وحبّ السفرجل والمرداسنج والكثيراء والطين الخوزي والأملج، من كل واحد جزء، النورة التي لم تطفأ، نصف جزء، يعجب بماء السلق، ويستعمل فإنه مجعد مسَوِّد.

فصل فيما يُسبِط الشعر علاجه علاج شقاق الشعر المذكور، وبالجملة إستعمال الأدهان المرخية واللُعابات المرطبة.

فصل في تشقيق الشعر سببه اليبس والغذاء اليابس، وتمنعه الأدهان اللينة المعتدلة، واللعابات اللزجة كلعاب الخطمي، ولعاب بزر قطونا، ولعاب ورق الخلاف، وجميع ما فيه ترطيب.

فصل فيما يرقق الشعر البورق إذا وقع في أدوية الشعر رققه.

فصل في الشباب والشيب قد قلنا في غير هذا الموضع في سبب الشباب والشيب، والذي نذكره الَآن هو أن الدم ما دام دسماً ثخيناً لزجاً، فإن الشعر يكون أسود، فاذا أخذ إلى المائية مال الشعر إلى الشيب.

فصل فيما يبطىء بالشيب الأشياء المبطئة بالشيب منها تدبير الأسباب الأول، ومنها تدبير ما يوصل إلى الشعر نفسه، فأما الأول فاستفراغ الخلط البلغمي كل وقت، وخصوصاً بالقيء على الطعام وبالحقن أيضاً، ويراح ويعاد، ثم تستعمل المعاجين والأدوية المشيِّبة التي نذكرها مع استعمال الأغذية الحسنة الكيموس باعتدال من جنس ما يتولد منه دم محمود متين مثل: القلايا والمطجَّنات والمكببات والمشويات دون المرق والثرائد، ونجتهد حتى يكون بقدر الهضم، فإنه أصل وإذا فسد الهضم فسد الدم.

ويجب إذا كان المراج رطباً جدأ أن تستعمل الأبازير الحارة من الخردل والفلفل والتوابل والكوامخ والمُري، وخصوصاً على الريق، والسلق بالخردل، والاقتصار على شراب قليل صرف، واجتناب الفواكه والبقول المرطبة والألبان والسمك والهريسة والعصيدة، وشرب الماء الكثير، والفصد الكثير، ونتف الشعر، والسّكْر المفرط، والجماع الكئير، وإمساس مثل الكافور وماء الورد ودهن الياسمين وماء الياسمين للشعر.

واجتناب كثرة استعمال الماء العذب استحماماً، فإن فعل، جففه ونشفه بسرعة على أن غسل الشعر حافظ لقوته، فإن استحم استعمل مثل شحم الحنظل والشونيز والبورق ومرارة الثور غسولاً.

وأما المعاجين والعقاقير التي تقطع مادة البلغم، وتبطىء بالشيب فمثل لوك الهليلج الكابلي كل يوم منه واحدة بالعدد، يأتي عليه لوكاً وبلعاَ، فإن هذا ربما حفظ الشباب إلى آخر العمر،وكذاك الأطريفلات المتخذة من الهليلجات، الصغير والكبير، والمعجون بالخبث، وخير منه أن يكون فيه ذهب، ومن هذا ترتيب جيد بهذه الصفة.

ونسخته: يؤخذ الهليلج الأسود والأملج، من كل واحد جزء، عسل البلاذر المستخرج منه نصف جزء، يخلط بالسمن ويعجن بعسل، ويستعمل، وهذا قوي جداً. ويجب أن تستعمل قليلاً قليلاَ قدر ما لا يؤثر أثراً رديئاً، والأنَقَرْديا قويّ والمثروديطوس قوي، والترياق قوي، ولحوم الأفاعي حافظة للشباب والقوة إذا اعتيد أكلها.

صفة معجون معتدل جيد: هليلج أسود وبرنج ودار فلفل وأملج، وقد يكون بدل الدارفلفل خبث الحديد وسكر، يتخذ منها إطريفل.

ومن الجيد المجرب أن يؤخذ زنجبيل، وإهليلج كابلي ودارفلفل أجزاء سواء، يعجن ويستعمل.

وأيضاً لنا أن يؤخذ من الهليلج الكابلي وزن عشرين درهماً، خبث الحديد وزن أربعة دراهم، ومن الغاريقون خمسة دراهم، ومن الزنجبيل والدارفلفل والقرنفل من كل واحد ثلاثة دراهم، يعجن بالعسل ويستعمل، ويجب أن يتناول هذه المشببات سنة كاملة، وإذا شرب المحبّ للشباب من أمثال هذه المعاجين صبر عليها إلى نصف النهار، ثم أكل الغذاء.

فصل في اللطوخات المانعة من الشيب جميع الأدهان الحارة المقوية، وجميع السبالات التي تشبه ذلك في الطبع حافظة لمراج الشعر على حرارة غريزية، لا يتكرج معها ما ينفذ فيها من الغذاء، وهذه مثل القطران إذا طلي به يترك أربع ساعات؟ ثم يدخل الحمام. وهذا أيضاَ علاج لصاحب الرأس البارد المراج، وكذلك الزفت الرطب السائل الرقيق، وكذلك دهن القسط فإنه قوي جداً، ودهن البان ودهن الشونيز أقوى من كل شيء، والدهن المتخذ بشحم الحنظل، ودهن الخردل، والجيد القوي هو أن يتخذ من دهن الخردل ودهن الشونيز بأن يطبخ فيه الشونيز، ثم يطبخ فيه الحنظل بعده أو معه. والزيت المعتصر من الزيتون البري إذا أديم التمريخ به كل يوم منع الشيب.

دهن جيد يؤخذ زيت أنفاق ثلاثة أقساط، سنبل أوقية ونصف، أظفار الطيب نصف أوقية، فقاح الأذخر نصف أوقية، تطبخ الأدوية إما في الدهن حتى يبقى ثلثه، وإما في الماء حتى يأخذ الماء قوتها أخذاً شديداَ جداً، ئم يطبخ الزيت في ذلك الماء حتى يذهب الماء، والأصوب حينئذ أن يقلل قدر الزيت، ويقتصر على قسط ونصف، ثم يؤخذ أوقية إفاقيا، فتداف بشراب، وتسحق ناعماً وتخلط به الأقاقيا، ويسعمل.

دهن جيد: يؤخذ دهن حب القطن ودهن الآس ودهن الأملج أجزاء سواء، يؤخذ من جملتها رطل، ويؤخذ من السعد والسليخة والسنبل والشونيز والقرنفل وشحم الحنظل والقسط والعود الخام وفقّاح الأذخر وقصب الذريرة، من كل واحد أجزاء سواء، ويؤخذ من جملتها وزن مائة درهم، ويطبخ في عصارة الحنظل إن وجد، أو في عصارة قشور الجوز قدر أربعة أرطال، فإذا انتصف الماء جعل عليه الدهن، ولا يزال طبخ حتى يبقى الدهن، ويذهب الماء، ويُصفّى ويستعمل.

لطوخ جيد: حتى أنه يذهب الحديث منه، يؤخذ أقاقيا وعفص وحلبة وبزر البنج والكزبرة اليابسة والسنبل واللاذن وعصارة قشور الجوز مجففة، وعصارة شقائق النعمان مجففة، وصدأ الحديد وروسختج وأبرنج والشب الأسود يتخذ أقراصاً دقيقة، ويجقف، ويستعمل في الشهر ثلاث مرات طلاء بماء الأملج، أو ماء الَآس.

غلوف جيد: يؤخذ هليلج أسود وأملج وعفص من كل واحد عشرة، لاذن عشرين، ورق الآس وحبه ثلاثين ثلاثين، يجعل في ثلاثة أرطال زيت، ويترك فيه ثلاثة أيام، ثم يطبخ حتى يغلظ ويغلف به.

ومما جربه من تقدَمَنا وجُرب في زماننا شراب الزاج الأحمر البلخي وزن درهم، فإنه ينثر الشيب، وينبت بدله شعر أسود لكنه إنما يحتمله القوي البدن المرطوب، ويجب أن يستعمل بعده ما ينقي الرئة ويرطبها.

فصل في ذكر الخضابات إنه قد يوجد في الكتب أدهان يظن أنها خضابات، والتجربة تخرج أن قوي العقاقير الخاصة، إذا علاها الدهانة حال بينها وبين الشعور فلم تنفذ فيها، ولم تعمل شيئاً إلا أن تكون هناك قوة شديدة أو خاصية عظيمة، فلا تتوقع القوة الشديدة إلا من أشياء قوية الصبغ مثل صدأ الحديد، ومثل صدأ الأسْرُب، ومثل مائية قشور الجوز، فلعل هذه وأمثالها إذا كررت قواها في الأدهان، ووسطت قوي الأدوية المبذرقة كالخل والخمر أمكن أن يكون شيء، وهو ذا أرى وأسمع قوماً يشهدون بصحة ما يقال من أن عرقاً من عروق الجوز إذا قطع في أول الربيع، وألقم قارورة فيها دهن، ودفنا معاً في الأرض نشف ما في القارورة رشفاً ومصاً، ثم يرسلها في الخريف إرسالاً فيعود كثير منها إلى القارورة، ويكون خضاباً.

وأكثر ما ينفع من هذا الباب، ويؤثر فإنما يكون ذلك منه بالتكرير. ثم أن أصناف الصبغ الذي يصبغ به الشعر ثلاثة مُسَوِّد ومُشَقِّر ومُبيض، ونحن نبدأ بذكر عدة من المُسَودات الجيدة.

فصل في المُسَودات أما الحِنَاء والوسمة فهو الأصل الذي أجمع عليه الناس، ويختلف أثرهما بحسب اختلاف استعدادات الشعور، والناس يتداوون الحناء، ثم يردفونه بالوسمة بعد غسل الحناء، ويصبرون على كل واحد منهما صبراً له قدر، وكلَّ ما صبر أكثر فهو أجود. ومن الناس من يجمع بينهما، ومن الناس من يقتصر على الحناء، ويرضي بتشقيره، ومنهم من يقتصر على الوسمة ويرضى بتطويسها والوسمة الهندية الجيدة أسرع خضاباً لكنها أشد تطويساً، وشقرة والوسمة الكرمانية أقل خضباً وأبطأ، لكن صبغها إلى سواد شعري لا كثير تطويس فيه. ومن أحب أنْ يردّ صبغ الوسمة إلى لون الشعر، ويبطل شقرته ونصوعه استعمل عليها الحناء كرة أخرى، وإن كان استعمله قبلها فانه يبطل التطويس، ويرده إلى لون شعري، والأولى أن لا تطيل الباثه بل تبادر إلى غسله أعني الحناء الذي بعد الخضاب الأول، ومن الناس من يجمعهما بماء السماق، وبماء الرمان أو بماء الرائب أو يركّب معهما المصل وماء قشور الجوز، وجميع ذلك معين.
ومنهم من يجعهما بماء ربّي فيه المرداسنج والنورة طبخاً، أو تشميساً حتى تسود الصوفة، وهذا أيضاً جيد، وإذا جعل في الخضاب وزن درهم قرنفل سَود جداً ومنع غائلته عن الدماغ.

وأما الخضاب الآخر الذي يستعمل كثيراً ولكن دون استعمال الأول، فهو أن يؤخذ العفص ويمسح بالزيت ويحرق، وأجوده في قدر مطين وغاية الإحتراق قدر ما يسود، وينسحق، ولا يبالغ فيه، ويؤخذ منه وزن عشرين درهماً، ومن الروسختج عشرة، ومن الشب درهمان، ومن الملح الداراني درهم، يتخذ منه خضاب، فإنه يسوّد الشعر تسويدأ ثابتاً.

وقد يستعمل على هنه النسخة: وصفته: يؤخذ رطل من العفص ويمسح بزيت ويقلى حتى يتشقق، ويؤخذ من الروسختج ومن الشبِّ ومن الكثيراء، من كل واحد خمسة عشر، ومن الملح سبعة دراهم، يجاد سحق الجميع، ويعجن بماء حار ويختضب به، ويترك ثلاث ساعات، وربما خلطوا به حناء ووسمة.

والذي هو مشهور بعد هذا فهو المتخذ من النورة والمرداسنج والطين والمأكول، أو الخوزي، أو طين قيموليا، أو أي طين شئت من أصناف طين الرأس أجزاء سواء، يعجن بالماء عجن الخضاب، ويستعمل ويغلى بورق السلق، وملاك الأمر شدة سحق المرداسنج، وإن كان ماؤه ماء الحنّاء والوسمة المأخوذة بتكرير طبخها أو تشميسها فيه فهو أجود، ولكن من الواجب أن يترك قريباً من ست ساعات، وتحفظ عليه رطوبته.

وأيضاً يؤخذ من الحناء ومن الوسمة ومن المرداسنج المسحوق كالكحل ومن النورة ومن العفص المقلو ومن الروسختج ومن الشبّ والطين والكثيراء والقرنفل أجزاء سواء، يُختضب به.

وههنا خضابات مسددة قد ذكرت في الكتب، أوردت منها ما هو أقرب إلى أن يقبله القلب، أو يقع به الإيمان.

صفة خضاب جيد: يؤخذ من الحناء جزء، ومن الوسمة جزءان، ومن الروسختج والشب والملح الداراني والعفص المقلو وخبث الحديد أجزاء سواء، يسحق بالخلّ ويترك حتى يتخمر، ويستعمل.

ومما ذكرمن ذلك دواء بهذه الصفة، ونسخته أن يؤخذ خبث الحديد بعد السحق في خل خمر يعلوه بأربع أصابع سحقاً شديداً، ويُطبخ إلى النصف، ثم يترك فيه أسبوعين حتى يتزنجر كله، ويؤخذ مثل الخبث هليلج أسود ويصبّ عليه ذلك الخلّ بعد سحقه، ويطبخ حتى ينشف الخل، ويصير كالخلوق، ثم يُغمر بالدهن، ويطبخ حتى يصير كالغالِيَة، وإن شئت طيّبته، وهذا إن صبغ مع الدهانة فلقوّة صدأ الحديد.

وأيضاً: قالوا أن خبث الفضة المطبوخ في الخل طبخاً شديداً يعد في جملة المسوَّدات القوية، والأحبّ إلي أن يكون بدل الخلّ حمّاض النارنج أو الاترج، وأن يكون بدل الطبخ الترك للحديد فيهما مدة، وقالوا أيضاً إن ترك في قنينة ساف من شقائق النعمان وساف من شب وقِنة وسُك، للرطل من الشقائق أوقيتان منهما، ودفن في الزبل إنحلّ خضاباً.

قالوا: وكذلك إن دفن نبات الشعير الرطب قبل أن يسنبل مع نصفه شبا في السرقين في جوف قارورة صار كله ماء أسود ولطوخاً مسوِّداً.
قالوا: وكذلك إن قُور القرع الرطب، وهو على شجرته، وأخرج ما فيه وجعل فيه ملح، شيء قليل من خبث الحديد، ورُدَّ القشر المقوَّر وطيق، فإن جميع ما فيه ينحل ماء أسود خضاباً أو مداداً.

قالوا: وإن سحق ورق الكبر، وطبخ بلبن، وخصوصاً لبن النساء حتى يبلغ الثلث، ويترك الليل كله كان خضاباً جيداً، والأولى عندي أن يكون من جملة الحافظات، وقد شهد "جالينوس" لهذا الخضاب.

وأيضاً: قال يؤخذ من الزهرة التي تكون مثل العناقيد في شجر الجوز، فتسحق بزيت، ويطلى به مع شيء من قفر رطب، وقال بعضهم إذا خلط به بعر الماعز جاد، قالوا وكذلك قشور أصل الغرب إذا سحق بالزيت وأدهن به فإنه يسود، وعندي أنه إن كان صباغاً أيضاً أضعف فعله الزيت، ولو كِان بدل الزيت ماء لعله كان أجود.

وكذلك قولي فيما قاله "فولس " من أن ورق الشقائق إذا سحق في الزيت حتى يصير كالغالية صار خضاباً، فإن كان لهذا معنى فلا بد من مغوص كالشبّ، وكذلك قولهم في تربية الدهن بقشور الجوز، وطبخهم إياه في مائه، وإدخال قليل شبّ فيه، كلُّ هذا مما استضعفه، وكذلك ما قيل في طبخ الدهن في ماء الشقائق حتى يفنى، ومثل ما قالوا من أنه يجب أن يؤخذ دهن الخل، ويلقى عليه ثلثه أملج، ويطبخ ساعة بالرفق ويُصَفى، ويؤخذ لكلِّ رطل ربع رطل من صفائح الأسْرُب الرقيقة، ثم يغلى بالرفق لثلأ يذوب الأسرُب ولئلا يشتعل الدهن، ويحركه دائماً، ثم يتركه أياماً ثلاثة، ثم يأخذه، أقول في هذا رجاء ما، خصرصاَ إذا كان فيه الشب. قالوا وكذلك إذا جعل دهن البان في جوف النارجيل، ثم استوثق من تطيينه ووضع في التنّور وضعاً بالإحتياط، خرج الدهن خضاباً، والأولى أن يعد هذا في جملة ما يمنع الشيب.

قالوا وإن نقّى عجم الزبيب، وسحق ناعمأ كالكحل، وغمر بدهن حل، ودفن شهراً في السرقين كان خضاباً، وجيداً للنصول، ومما هو كالمُجْمَع عليه أن بيض اللقلق خضاب قوي، وكذلك بيض الحبارى، وقد اتُفق في زماننا أيام حياة الملك "شمس الدولة" قدس اللّه روحه أن سُلخ فهد من فهودته على طائفة من لحية فُهادِنا ثم بجنبه فخضبها سواداً.

فصل في غالية قد مدحوها قالوا يؤخذ خمسون درهماً أملج، ورطل ونصف ماء الَآس الرطب المعصور، وأربعة أرطال ماء يطبخ حتى ينقص النصف، ثم ينزل عن النار، ويؤخذ خمسون درهماً خطمياً، وخمسون درهماً حِناء، وخمسون وَسْمَة، وعشرون عفصاً مقلواً، وعشرة زاجاً، وخمسون صمغاً، فيلقى فيه، ويغلظ بالطبخ ويطيب بالسك والمِسْك، ويغلف به ما يراد خضابه قدر ما يعلوه، قالوا ويؤخذ دهن حبّ القطن وزن ثلاثين درهماً، ويلقى فيه من براق الحديد وبرادة الأسرب والرْوْسَخْتَج، من كل واحد وزن أربعة دراهم، ويسحق الجميع معه، ويترك حتى يسود، ثم يغلى ويقوم ويطيب بالمسك، واعلم أن الشعير المحرق وقشور الباقلا وقشور الرمان من جملة ما يدخل في الخضاب مدخل الحِناء، وكذلك قشور الجوز. وقد ذكرنا أدوية الخضاب في الأدوية المفردة، وأمهاتها الشيطرج والمر والحُضَض والخردل والملح، والخربق والسرمق والأملج، والبرشياوشان والشقائق والحناء والوَسْمَة والنحاس المحرق وخبث الحديد وماء قشور الباقلاء الرطب وقشور الجوز وماؤها والأقياقيا والحلبة وبزر السلق والآس وحبّه واللاذن والمرداسنج والنورة والأخباث كلها، والبرادات.

فصل في المشقِّرات وما يجري مجراها قالوا أنّ سيالة القصب النبطي الطري المأخوذ عنه قشره، إذا أوقد عليه من الجانب الآخر نار يخضب كالذهب، وكذلك صدأ الحديد بماء الزاج يصبر عليه كما يصبر على الحنّاء، أو يؤخذ الحِناء ودرديّ الشراب والريتيانج، سواء، وشيء من أذخر، ويخضب به. أو يؤخذ الحِناء، ويختضب به بعد أن يعجن بطبيخ الكُنْدس. قالوا ويختضب بالشبّ وا لأسفرك والزعفران، أو بالمرّ والسورج، ويترك يوماً وليلة، وربما تكرر ذلك أياماً، وإذا كرّر طليه بترمس معجون بخل حمره، وإذا أخذ ترمس مسحوق عشرة دراهم، مر خمسة دراهم، ملح الدباغين أي السورج ثلاثة دراهم، دردي الشراب المجفف المحرق ثلاثة دراهم، ماء رماد حطب الكرم بقدر الكفاية.

محمر قويّ: يؤخذ من السمّاق أوقيتين، ومن العفص ثلاث أواقي، ومن الآذريون الأصفر أوقيتين، ومن الرشياوشان باقتين، ومن الأفسنتين باقة، ومن الترمس المقشّر اليابس كفّين، يدق وينقع في عشرة أرطال من الماء أياماً، ثم يضمد به الرأس وهو فاتر. قالوا وطبيخ السَعْد والكندس في الماء جداً مشقَر قوي، قالوا ويؤخذ دردي الشراب محرقاً وغير محرق يخلط بدهن البان أو دهن الأذخر.

فصل في المبيِّضات منها خرء الخطاف، ومنها النسرين، ومنها الماش، ومنها رهرة البوصير، الأبيض، ومنها قشور الفجل ومرارة الثور، وبخار الكبريت، وفقاح الكبر، وفقاح الزيتون، فرادى ومجموعة وخصوصاً بالخلّ، وخصوصاً بعد تبخيره بالكبريت.

أيضاً: يؤخذ بزر الراسن وقشر الفجل اليابس والشب، ويجمع بالدق مع نصف جزء صمغ عربي.

وأيضاً: يؤخذ ورق النسرين وقشور الخشخاش واللقاح، وإن كان بدلهما البنج كان قوياً، ويخلط خضاباً، وإن كان فيه كافور وماء الورد فإنه أجود، وقد يبل الشعر، ثم يلف في كبريت، ثم يبخر به يفعل في الليل مرتين.

فصل في تدارك أحوال تتبع الخضاب أكثر أصناف الخضاب مبزد للدماغ مفسد له موقع إياه في الاستعداد للنوازل والسكتة، ونحو ذلك، فيعالج ذلك بما يقرن بالخضاب أو تستعمل عقيبه من الطيب الحار كالمسك والقرنفل ونحوه به. وقد يعرض من الخضاب أن يمتد الشعر كأنه وتد، وتزول جعودته، ويتقيّح وضعه، ويتدارك ذلك بأن يجعل مع الخضاب ما يرقق، ويجعد خصوصاً في الخشن من الشعر الذي فعل ذلك، وقد يعرض من الخضاب أن يتلبد الشعر ويحقر اللحية، ويتكسر الشعر، ويتدارك ذلك بأن يتبع بمثل دهن البنفسج، ودهن الخيري.

وقد يعرض من الخضاب أن يسود البشرة، والناس يغسلونه بدقيق الباقلا والحمص ونحوه، ولا أغْسَل له من دهن حار.

وقد يعرض بعد الخضاب النصول، وأجود ما يستعمل فيه أن يؤخذ من الخضاب مثل الجوزة، ويجفف، وخصوصاً من خاب فيه قوة غوّاصة، وكلما ظهر النصول أو كاد يظهر، أخذت خشبة كالسواك وبلت، وأخذ على طرفها من حلالة ذلك الخضاب المعقود، وتتبع بها النصول، وقوم يأخذون دخان دهن طيب كدهن البان واللاذن، أو الشمع، ويمسحون به النصول فإذا مسح بطل.

فصل في الحزاز ولأن الكلام في الحزاز مناسب للكلام في الشعر بوجه ما، فلنتكلم فيه، والحزاز وهو الأبريا، أعني النخالة الي تتكون في الرأس ضرب ما من التقشّر الخفيف، يعرض للرأس لفساد عرض في مراجه خاص التأثير في السطح الأعلى من الجلد، وأردؤه ما بلغ إلى التقرّح وإلى إفساد منابت الشعر، ويكون عن مادة حادة بورقية أو دم سوداويّ، وربما كان لسوء مراج في الرأس يفسد ما لصل إليه، وربما فعله يبس مجرد، ولم يكن سائر المراج في البدن إلا جيداً، وربما كان بالشركة.

فصل في العلاج من الحزاز خفيف يكفيه العلاج الخفيف، ويبطله طلي الرأس بدهن الورد والبنفسج، واللعابات، ومنه ما هو أشد من َذلك، ويحتاج إلى ما له جلاء وتحليل قوي، ثم يتبع بما يرطب، ويعدل، ومنه رديء جداً يؤدي إلى التقريح، والواجب في علاجه أن يُنقى البدن بفصد وإسهال إن كان إلى ذلك حاجة، وكان السبب فيما يتراقى إلى الرأس امتلاء من البدن، ثم يعالج، وكلما عولج بما يجلو أتبع بالأدهان.

فصل في أدوية الحزاز اللينة بغير لذع كثير يكفي الحزاز القريب الضعيف الغسل بماء السلق وبماء الحلبة وبحبّ البطيخ وبدقيق الحمص والترمس والباقلاء وببزر الخطمي مطبوخاً في الزيت وبلعاب السفرجل والخطمي والكثير، أو بالطين الخوزي والقيموليا وخصوصاً بعصارة السلق بعد أن يترِك على الرأس ساعة،وتعصير ورق الخلاف الرطب، فإنه غاية، وبالتمر الهنديّ والكِرفس وعصارته، وطبيخ الأزادرخت وورق الشهدانج وورق السمسم، وهذان ربما أبطلا القوي مع لطافتهما، وكذلك عصارتهما واللوز المقشّر بالخل، ودقيق الحلبة بالخلّ، أو يؤخذ دقيق الحمّص مع ورق السمسم المسحوق، ويسحق بماء السلق وشيء من خلّ الخمر.

أيضاً: أو يؤخذ الحمّص المدقوق والخطمي، ويعجن بخلّ ويطلى، أو يغسل الرأس بقداح التوت مسحوقة كالغبار مستعملة كالخطمي، أو يربى الخطمي في الزيت، أو كندر محلول في شراب مخلوط بزيت يكرر ذلك أسبوعين، ومن اللطيف السهل غسل الرأس بماء ورق الخلاف الرطب، فإنه جيد بالغ مجرّب سليم، ويجب أن يغسل بأيّها كان، ثم يدهن ليلاً بمثل دهن الورد والبنفسج.

فصل في أدوية الحزاز التي هي أقوى يخلط بالأغسال البورق أو الكبريت أو مرارة الثور أو شحم الحنظل أو درديّ الشراب أو الخردل والميويزج أو الزجاج المحرق أو الخربق أو الثافسيا ونحو ذلك.

وأيضاً: يؤخذ القيموليا، ويعجن بمرارة البقر ويستعمل، ويترك ساعتين، أو حب البان ودقيق الباقلا بالسويّة، ويطبخ بماء ويغسل به الرأس.

وأيضاً: يؤخذ درديّ الشراب رطل، ومن الصابون أوقية، ومن البورق أربع درخميات، يجمع الجميع، ويلطخ به الرأس، ثم يغسل بماء السلق ودقيق الحمّص، ثم يستعمل دهن الآس، وقد يطلى الرأس بإخثاء البقر فينفع جداً، يراح ليلة ويُطلى ليلة، وغسله ببوق الجمل، خصوصاً الأعرابي شديد النفع، والزجاج المسحوق قوي في باب الحزاز الرديء، وكذلك ما نقع فيه القلقند والميويزج، أو يؤخذ رغوة البورق وقلقند بالسويّة، ويُطلى به الرأس بعد الحلق، وربما جمعا بالزيت أو يسحق الميويزج في الزيت، ويدهن به.

أيضاً: يؤخذ الكبريت والقلقند والبورق بالسوية، ويجمع بلاذن مذاب في دهن المَصْطِكى، ويترك على الرأس، وربما جعل فيه الخِرْبَق.

فصل في دواء يدعيه بعض المحدثين وقد جرّب فوجد جيداً ونسخته: يؤخذ من الزوفا الرطب نصف جزء، ومن شحم البط جزء، ومن دهن الخيري جزء، ومن الثافسيا ربع جزء، ومن اللاذن جزءين يغسل الرأس بماء حار وصابون، ثم يدلك بخرقة يابسة حتى يحمر، ويطلى به يوماً وليلة ثم يغسل.

المقالة الثانية
أحوال الجلد من جهة اللون

فصل في الأسباب المغيِّرة للّون اللون يستحيل إلى السواد بسبب شمس أو برد أو ريح أو ثقل وقلة استحمام، أو أكل الملوحات، أو استحالة الدم إلى السوداوية، ويستحيل إلى الصفرة.

فصل في الأسباب المصفِّرة اللون هي الأمراض والغموم وفقدان الغذاء وكثرة الجماع والأوجاع وحر الهواء الشديد وشرب المياه الراكدة. ومن المأكولات: النانخواه وكثرة شمه، حتى النظر إليه فيما قيل، والخلّ وإدمانه مصفر للوجه، والكمّون شرباً ولطوخاً بالخل وطول مقام في بيت فيه كمّون كثير، والاستكثاء من أكل الخلّ وأكل الطين حتى يوقع سدداً في فوّهات العروق، فلا يخلص إلى الجلد دم قانىء بل شيء من بخار الصفراء.

فصل في الأشياء المحسِّنة للَّون بالتبريق والتحمير والجلاء اللطيف إعلم أنه كلما تحرك الدم والروح إلى الجلد، فإنه يكسوه رونقاً ونقاءً وحمرةً ويعينه ما يجلو جلاء خفيفاً، فيجعل الجلد أرقّ ويكشط عنه ما مات على وجهه كشطاً لطيفاً، وخصوصاً إن كان فيه صبغ. ويحتاج مع هذا كله إلى استتار عن الحرّ والبرد والرياح والأشياء المحرِّكة للدم إلى الجلد، يفعل ذلك على وجوه أربعة منهما بتوليد الدم، وخصوصاً الرقيق فإن الدم الجيد إذا تولد وكثر وانتشر بلّل كلَّ موضع، ومنها بتنقية الدم، ومنها بنشر الدم وبسطه بتحريكه إياه إلى خارج وتفتيح لمجاريه، ومنها بجذبه إياه قسراً من داخل إلى خارج.

والأشياء التي تحسِّن اللون بالطريق الأول، فمثل تناول الحمّص والبيض النيمبرشت وماء اللحم والشراب الريحان، وتناول التين فإنه يولد دماً رقيقاً متدفقاً إلى الجلد، وبسبب ذلك يقمِّل.

ومن سَمَج لونُه من الناقهين، فأريد أن يعود إلى لونه القديم، انتفع بالتين اليابس وبالبسر فإنهما يزيدان في دم لطيف وحرارة غريزية. ومما هو مجرّب لذلك أن يشرب أياماً متوالية على الريق شراباً ولبناً، والأشاء التي تفعل ذلك بتنقية الدم، فهو مثل الإطريفل الصغير والهليلج المربّى إذا استعمل على الدوام. والهليلج الكابلي أقوى من الإطريفل.

والأشياء التي تفعل ذلك ببسط الدم ونشره، فمثل الحلتيت والفلفل والسعد والقرنفل، إذا وقع في الطعام، ومثل الزعفران، على أن الزعفران يصبغ الدم أيضاً، وخصوصاً في الميبختج، والشربة إلى الدرهم، ومثل الزوفا يؤخذ من الزوفا وزن درهمين، ومن الزعفران نصف درهم، ويشرب بالسكّر، والوجّ أيضاً محسن للون، واللعبة البربرية من درهم إلى درهمين، إذا شربت في الأسوقة معلوثة بها علثة شديدة لئلا يورث اشتعالاً فاحشاً، ومن البقول مثل الفجل والكراث والبصل والكرنب خاصة، وإدمان أكله، والثوم أيضأ. ومن الأفعال والحركات: الاغتباط والغضب والجدال والرياضة المعتدلة والمصارعة، وأيضاً السرور والطرب ومطالعة ما يؤنس من الأفعال والأعمال، مثل السماع الطيب، ومجالسة النظاف والظراف، والنظر إلى أصناف المباراة من الرهان في السبق والهراش وغير ذلك. والأشياء التي تفعل من ذلك من خارج بالجذب وبالجلاء أيضاً فاللطوخات والغسولات المتخذة من دقيق الباقلاء المقشر ودقيق الشعير ودقيق الكرسنة ودقيق الحنطة والنشاء ودقيق الحمص خاصة ودقيق العدس ودقيق الأرز وغراء السمك والايرسا واللاذن والتين والكندر والمصطكى ودهنه وقشور البيض ولحم الصدف والمُقَل والمرتك والاسفيذاج ونشارة العاج والعظام النخرة والمحلب وفوة الطيب قوي أيضاً في ذلك، واللوز الحلو والمر وبزور الخيار والبطيخ والقطف والقرع ودقيق بزر الفجل وبزر الجرجير، وكثيراً ما صفى الوجه ونقاه الطلاء بالنشاء والكثيراء باللبن كل يوم، وعصارة القنابري وزردج العصفر، والألبان كما تحلب، وطبيخ أظلاف العجاجيل قد هربت فيه، وطبيخ لحم الصدف، وبياض البيض، وطبيخ الحلبة أو طبيخ إكليل الملك.

غسول جيد: يؤخذ باقلا مقشّر، كرسنة، ترمس، بزر الفجل، بزر البطيخ المقشّر، حمص، نشاء، يتخذ منه غسول. غمرة جيدة: يؤخذ من دقيق الباقلا ودقيق الشعير من كلِّ واحد جزء، ومن دقيق الحمص جزء، عدس مقشر، كثيراء، نشاء، من كل واحد نصف جزء، حب البطيخ جزأين، زعفران قدر ما يصبغ، يطلى ليلاً ويغسل نهاراً بطبيخ قشور البطيخ وطبيخ البنفسج ونحوه.

أخرى: يؤخذ اللوز الحلو والكثيراء والصمغ ودقيق الباقلا وإيرسا وغراء السمك أجزاء سواء، يذاب الغراء في ماء يكفي الجميع، ثم تجعل فيه الأدوية ويتخذ طلاء.

أخرى: يؤخذ دقيق الباقلا والشعير والحمص والسميد، يطلى ببياض البيض، ومما يجلي تجلية قوية البلبوس والبصل والبورق والنانخواه مع العسل والأشق ودهن البابونج، والميعة الرطبة شديدة التنقية، والكرنب أيضاً، والزرنيخ وخرء الضب وأصل النرجس.

غمرة قوية: يؤخذ زردج العصفر، ويطبخ إلى أن يغلظ فيؤخذ منه أوقية، ويعجن به عجن الطلاء هذه الأدوية ذرق العصافير، دقيق الترمس، دقيق الحمص، بزر البطيخ مقشراً، يسحق ويجمع ويطلى به.

غمرة أخرى: يؤخذ كثيراء، وزجاج شامي مسحوق كالغبار، وزعفران، وترمس، ولب حب القطن، من كل واحد مثقال، يطلى بدهن اللوز، وإذا طلي الوجه كل ليلة بالخردل الأبيض، والزرنيخ الأبيض، والزرنيخ الأحمر أو الأصفر باللبن، وغُسِّل من الغد حمر الوجه تحميراَ شديداً، وهذه الأدوية القوية الجلاء تنفع السحنة التي تكون من ابتداء الجذام التي تسمى التنكر والبثور والسمن إذا استعمل عليها أذهبها. ومما يختص بذلك أيضاً، وينقى بقوة شمع أبيض، بورق، كُندر، كبريت أصفر بالسوية، يقرص بالخلّ ويجفّف، ويستعمل عند الحاجة بخل وعسل، ورغوة البورق خير في ذلك من البورق.

وأيضاً: يؤخذ رطل صابون ومثله أشق ويحلاّن بالذوب في ثلاثة أرطال ماء، ثم يلقى عليه من الكندر والمصطكى والنطرون أجزاء سواء سبع أواقي، ويسحق الجميع في زجاجة سحقاً شديداً ويستعمل ليلاً.

وأيضاً: يؤخذ دقيق الكرسنّة، ودقيق الحمّص، والباقلاء والشعير، والترمس، والإيرسا وأصل النرجس أجزاء سواء، ومن الصمغ واْصل السوس نصف جزء نصف جزء، يقرص. واعلم أن كلّ ما ينفع في الكلف والبرش والآثار وكمودة الدم، فهو ينفع فى هذا أقوى نفع وقليله يكفي.

فصل في حفظ الجلد عن الشمس والريح والبرد يجب أن يطلى ببياض البيض، أو بماء الصمغ، أو بالموم روغن، أو يؤخذ حلالة السميذ المنقوع في الماء المصفّى، وبخلط بمثله بياض البيض ويمسح به الوجه.

فصل في آَثار الضربة والَآثار السود يقلعها المرداسنج المبيض إذا طلي بشيء من الشحوم، أو بلباب الخبز وكذلك حجر الفلفل المعروف ينفع من ذلك نفعاً بيَّناً، والبقلة التي يقال لها فلفل الماء، وكذلك ورق الكرنب والكندر والفجل والفوتنج الرطب مع الزرنيخ، كل ذلك بمثل ماء الكزبرة والكرفس، وإذا لطخ الموضع بنورة وبنطرون أحمر مع خل حاذق زالت الآثار الخضر، وكذلك بالكندر، والنطرون، والصبر يقلع الَآثار الباذنجانية، والأفسنتين بالعسل، وكذلك علك البطم واللاذن أيضاً، يجب أن يترك على العضو أياماً، ومرهم دياخيلون جيد أيضاً. طلاء لذلك جيد: يؤخذ لوز مر مقشر درهم، صدف محرق، خزف أبيض من كل واحد درهمين، ماش مقشر نصف درهم، حمص أبيض مقشر درهمين، كرسنة درهم، ترمس نصف درهم، زبد البحر درهم، العظام الشديدة البلى والجفاف درهم، أنزروت درهم، يسحق ويعجن بماء الشعير والسكر، ويطلى بماء الزردج. وأيضاً حكاكه الخزف تطلى على العضو، وكبيكج بدهن جوز. وأيضاً يؤخذ نطرون أشق، مر، كبريت أصفر، بالسوية، يتخذ منه طلاء مكسوراً بالخل لئلا يقرح، وكذلك قيموليا وزبل الحمام والصابون والكندر بالسوية، يطلى بخل.

أيضاً: يؤخذ قرن أيل محرق جتى يبيض وكندر ودقيق الترمس ودقيق الكرسنة ودقيق الباقلا أجزاء سواء، أشق، نوشادر، لوز مر، من كل واحد ثلث جزء، كئيراء وصمغ من كل واحد ربع جزء، أيضاً يضمد بالعلك ئم يؤخذ نطرون ونورة ورماد الكرم، ويجمع بالعسل، ويطلى وهذا صالح للنمش، وآثار القروح وربما احتيج إلى شرط.

فصل في آثار القروح والجدري جميع ما هو قوي مما ذكرناه ينفع الضعيف من آثار القروح. ومن الأدوية المذكورة لذلك المجربة: شحم الحمار، أو عصارة أصول القصب الرطب مع شيء من العسل والحبق مع ملح العجين معجوناً بعسل النحل وبطبيخ الفاشرا في الزيت حتى يغلظ، وهو مجرب، وكذلك ضماد بهذه الصفة.

ونسخته: يؤخذ الإيرسا والقسط والمرتك المغسول وقرن الأيل المحرق والبورق والأشق وبعر عتيق يدقّ ويستعمل حتى للنمش والكلف، وأيضاً يؤخذ من البعر العتيق البالي الأبيض ومن العظام النخرة عشرة عشرة، ومن أصول القصب اليابس عشرين، ومن الخزف الجديد عشرة، ومن النشاء عشرة، ومن الترمس خمسة، ومن بزر البطيخ المقشر من الأرز المقشر عشرة عشرة، ومن دقيق المحمص عشرة، ومن حب البان خمسة عشر، يعجن بماء الشعير، ويطلى، وإن جعل فيه قسط ومرّ وزراوند من كل واحد عشرة، فهو أجود. وقد أشرنا إلى معالجات هذه الَآثار في موضع قبل هذا الموضع.

فصل في الدم الميت والبرش والنمش والكلف.

النمش والدم الميت قد يكون كَدم قد انفتح عنه فُوهة عرق ليفي، أو انصداع لضربة أو غيرها، فاحتقن تحت أعلى الجلد احتقاناً في موضع يتأدى لونه وشكله منه، فما هو إلى الحمرة يكون نمشاً، وما هو إلى السواد يكون برشاً، واللُطَخِي منه يسمى كلفاً وقوم يسمون النُقَطِي كافاً، وكثيراً ما يعرض لصاحب النمش تشقق الشفتين ليبس مزاجه، ويجب أن تبادر إلى جميع علاج ذلك قبل أن يشتد جمود الدم ويسود، فإنه بعد ذلك يعسر علاجه.

فأما الدم الميت والبرش فقد يستخرج بطرف مبضع، ينحي الجلدة الرقيقة تنحية غير مقرحة، فإن كان هناك شيء جامد أخذ بالرفق، وإن كان غير جامد بعد سيل بالرفق، ثم يعالج لتمام الجلاء بالأدوية.

وقد عالجنا البرش والنمش بمثل هذا فزال، لكن يجب أن تتبع ذلك بضماد فيه قبض لئلا يسيل من فؤهات العروق الدم كرة أخرى، على أنه لا بد من خلط أعوية قابضة بما يستعمل من المحللة، لئلا تجذب المحلّلة المادة من طريق ما اتسع من العروق، خصوصاً في المبتدىء من الكلف، ولذلك ما لا ينبغي أن يشتد عليه اللذع.

والمزمن الواقف لا يخاف ذلك، بل يجب أن يستعمل عليه المحلل اللذاع رفعاً ووضعاً على التوالي والمزمن الأسود لا غير، وقد يمكن أن يحلل الدم الميت في أول الأمر بتنطيلها بالماء الحار الكثير زماناً طويلاً، وخصوصاً إن كان في ذلك الماء قوة محللة، وربما شرطنا أولاً، وقد ينفع شياف المر والشياف الوردي من ذلك طلاء، يكرر ذلك وما يجري مجراه في اليوم مرتين بعد أن يغسل الموضع بمثل طبيخ إكليل الملك، وأجود ما يستعمل به هذان الدواءان وغيرهما ماء الحلبة.

والشياف المتخذ من المرّ يقلع البواقي من تنقية الأدوية التي هي أضعف، والتين المنقع في الخل الحامض ربما حلل الدم الميت، وكذلك النطرون المشوي وفرق الحمام والبورق بالسوية يطلى بعسل.

وأيضاً: يغسل الموضع بالنطرون، ثم يضمد بصمغ البطم ويشد ستة أيام، ثم يغسل وينخس بالإبر ليدمى، ثم ينشف الدم ويترك ستة أيام، ثم يدلك بالملح ويترك نصف ساعة، ثم يوضع عليه هذا الدواء الذي نذكره خمسة أيام، فيخرج جميع الباقي من الدم. وهذا الدواء هو: كندر ونطرون ونورة وشمع وعسل، يذاب الشمع مع العسل، ويخلط ويضمد به، ويستعمل في كل أيام ثلاثة أو أربعة إلى خمسة تركاً على الموضع، فيذهب بأثر الدم الميت وبالوشم. ومن الأدوية المفردة الجيدة: الكندس مع لباب الخبز واللوز المر، وبزر الكرنب، وبزر الفجل، ولبن التين، وماء الجرجير مع مرارة البقر، والكنكرزد، وورق اليبروح دلكاً على النمش وغيره من الآثار أسبوعاً، والمرزنجوش لطوخ جيد للدم الميت، وجميع الأدوية القوية الجلاء المذكورة في الأبواب الماضية.

وأيضاً: يؤخذ مثل القردمانا والمرّ والثافسيا وبصل الزير بعسل وأصل لوف الحية، وقد جرب "جالينوس " وغيره الجوز الحنين ينعم دقه ويشد ليلة عليه، ثم يعاد.

وأيضاَ الفاشرا أو الفاشراسين ونجير حب البان والياسمين، وخصوصاَ الرطب ونشارة العاج والعصفر بالخل، والخِرْبقَان والدارصيني، وحماض الأترج جيداً أيضاً، والحندقوقي وخرء الحمام، وخرء العصافير، وخرء البازي.

وأيضاً: يؤخذ فلفل جزء، نورة جزأين، زرنيخ أحمر وأصفر من كل واحد جزأين، يعجن بالعسل ويرفع في فخار، وإذا احتيج إليه غسل الموضع بالنطرون، ثم ضمد بالراتينج خمسة أيام، ثم يحل وينخس الموضع بالإبرة، وينشف ويذر عليه ملح، ويعاد عليه الدواء خمسة أيام أخرى، يفعل ذلك مراراَ فيذهب. بالدم الميت وبالوشم. أيضاً: ويؤخذ بورق وكثيراء بالسوية يتخذ أقراصاً، ويطلى بالخلّ، ويغسل بالصابون، أو يطلى بقرع يابس سحق جداً مع قليل زعفران فإنه جيد بالغ.

وأيضاً: يؤخذ طين قريطي وحب القطن ويجمع بماء الصابون ويطلى، فينقي الكلف والنمش والبثور، وكذلك عكر الزيت المحرق ودقيق الكرسنّة ودقيق الترمس أجزاء سواء، ويطلى.

ومن الأدوية الخفيفة: التي تنفع من البرش والنمش وجميع الآثار، لعاب حب السفرجل مع الزعفران، وحب القرع مع طبيخ الحلبة. ومما يذهب بالكلف بزر الفجل والخردل يعجنان بتين منقوع في الخلّ، والدواء المتخذ من الخردل والزرنيخ إذا كان بقدر ما يقشر يسيراً ولا يقرح ويذهب به.

أيضاً: يؤخذ القسط مع الدارصيني فيعجنان بماء الزردج ويطلى أيضاً، ويؤخذ تراب الزئبق، وبزر البطيخ، والمحلب، واللوز المر، ويستعمل.

أيضاً: ويؤخذ الزردج يعجن به المقل وبزر الجرجير.

وأيضاً: يؤخذ المقل بالخلّ، تستعمل هذه الأدوية وكلما لذعت أخذت ثم أعيدت.

وأيضاً: يؤخذ بصل الزعفران وبصل النرجس.

وأيضاً: يؤخذ بزر الجرجير ونشا ومرداسنج مبيض من كل واحد جزء، قليل زعفران وخرء الضب والكلب ودقيق الباقلا ودقيق الشعير ودقيق الحلبة جزأين جزأين، دهن اللوز الحلو ودهن النارجيل ما يجمع به.

وأيضا: دياخيلون على هذه الصفة، ونسخته: تطبخ أوقية من المرداسنج في أوقيتينمن الزيت العتيق حتى ينحل فيه، ثم يؤخذ من لعاب الحلبة ولعاب الخردل بالسوية أوقية، ومن المقل والمر من كل واحد قدر خمسة دراهم، يسحق الدواءان ثم تلقى عليهم اللعابات، وتسحق سحقاً شديداً، ثم تجمع مع الزيت ويتخذ منه دياخيلون.

قرص جيد: يؤخذ مازريون، أربعة، خردل أبيض، عشرة دراهم، أشق، مقل، درهمين درهمين، يحلان في ماء بقدر ما يجمع به الباقي، ويقرص.

دواء للساهر جيد: يؤخذ سنكسبوه درهماً، بورق درهماً، بزر الفجل، وعظم بال، وحب البان، وحجر الفلفل، وترمس، وبزر البطيخ، وقسط، ولوز مر، يتخذ منها أقراص ويستعمل. وهذا دواء جيد غاية قلما يوجد له نظير، ونسخته: يؤخذ من الزئبق المقتول وزن درهمين في طحين ثلاثة دراهم مر لوز مر مربى، يسحق حتى لا يرى أثره، ويسود الطحين ثم يطرح مثل الجميع بزر البطيخ مدقوقاَ جداً، ويُطلى أسبوعاً كل ليلة ويغسل من الغد.

وأيضاً يؤخذ سذاب جبلي وزوفا من كل واحد جزء، رخام الطين الأخضر ثلث جزء، كندر جزء، بورق جزءان، صمغ البطم جزءان ونصف، شمع سبعة أجزاء، يذاب الشمع والصمغ بدهن الورث ويحل البورق ورخام الطين بالماء الحار، ويجمع الجميع ويخلط به شيء من العسل، ويستعمل على حذر من تقريحه، قالوا ومما يذهب بالكلف فصد عرق الأرنبة، إلا أنه يجعل الوجه في حمرة الوجه السعفي.

فصل في الوشم وعلاجه قد يقلع الوشم دواءان ذكرناهما في باب النمش، وربما كفى أن يغسل الموضع بالنطورن، ويوضع عليه علك البطم أسبوعاً ويشدّ، ثم يحل ويدلك بالملح دلكاً جيداً، ويعاد عليه علك البطم إلى أن ينقلع ومعه سواد الوشم، فإن لم تنجع أمثال ذلك لم يكن بد من تتبع مغارز إبر الوشم نقط البلاذر لقرحها، ويأكلها.

فصل في الباذشنام والحمرة المفرطه الباذشناء حمرة منكرة تشبه حمرة من يبتدىء به الجذام، يظهر على الوجه وعلى الأطراف، وخصوصا في الشتاء والبرد، وربما كان معها قروح، ويكون سببه حقن البرد للبخار الكثير الدموي، وعلاجه الإسهال والفصد والحجامة وإرسال العلق، ثم استعمال التدبير المذكور لمن به التنكر في ابتداء الجذام في باب قبل هذا الباب.

فصل في البهق والوضح والبرص الأبيض والأسود الفرق بين البهقين والبرص الأبيض الحقيقي، أن البهقين في الجلد وإن كان غور فقليل جداً، والبرص نافذ في الجلد واللحم إلى العظم. والسبب العام للجميع ضعف فعل القوة المغيرة حين لم تشبه تمام التشبيه، لكن المادة كانت في البهقين أرقّ والقوة الدافعة أقوى، فدفعت إلى السطح، والمادة في البرص كانت غليظة والقوة الدافعة ضعيفة، فارتبكت في الباطن، وأفسدت مزاج ما نفذت فيه فكان زيادة التصاق، ولم تكن تشبهه وقد عرفت هذه المعاني في باب القوى، وإذا تمكنت هذه المادة أحالت الغذاء الذي يجيء إليها إلى طبعها وإن كان أجود غذاء، كما أن المزاج الجيد يحيل المادة الفاسدة إلى صلاح وموافقة.

وكما أن الأشجار تنقل من مغارس إلى مغارس فتستحيل عن السمّية إلى المأكولية، وعن المأكولية إلى السمية، كما حكى "جالينوس" وغيره أن الشجرة المعروفة باللبخ كانت بفارس سمية الثمرة، فلما غرست بمصر كانت ثمرتها مما يؤكل، وكما أن ألوان الحيوانات والنبات تستحيل بحسب البلاد، كذلك لا يبعد أن تستحيل المواد بحسب الأعضاء، فإنها لها كالبلاد.

وإذا صار العضو بلغميًّا ولحمه كلحم الأصداف أحال الدم الجيد إلى مزاجه البلغمي ولونه الأبيض، والفرق بين البهقين هو أن أحدهما بسبب مادة سوداوية والآخر عن بلغمية خامة.

وأما الشيء الذي يسمى البرص الأسود، فليست نسبته إلى البرص الأبيض نسبة البهق الأسود إلى البهق الأبيض، بل هو جنس مخالف في المعنى للبرص الأبيض، وذلك لأن البرص الأسود هو المسمى القوباء المتقشر، وهو تخزف يعرض للجلد مع خشونة شديدة وتفليس كما يكون للسمك، مع حكة، وهو لخلط سوداوي يشربه الجلد مما يليه تشرباً أقوى من أن يؤثر في اللون وحده، وهو من مقدمات الجذام، وهو مع رداءته ومع أن المزمن منه لا يبرأ.وكذلك المزمن من البهق فإنه أسلم من البرص الأبيض، وسبب جميع هذا معلوم.

واعلم أن البرص قد يتبع المحاجم ويظهر على آثارها، ويكثر عليها لما ينجذب من الدم من الرطوبة، فلا يصحبها عند مص الحجام ويبقى في الجلد، ولما يضعف الجلد المجروح عن إكمال أفعاله.

فصل في العلامات أما البهق الأسود فلا يشكل أمره، وأما المشكل فهو الفرق بين الوضح الذي هو البهق الأبيض وبين البرص الرديء، ومن الفرق بينهما أن الشعر ينبت على الوضع بلون الشعر أسود أو أشقر، وينبت على البرص أبيض لا غير، ويكون الجلد فيه أنزل وأشد تطامناَ من جلد سائر البدن، وربما كان ذلك للوضح إلا أنه قليل جداً، وأيضأ فإن الغرز بالإبر يخرج من الوضح دماً ومن البرص غير دم، بل رطوبة مائية، وهذا لا يبرأ.

وأيضاً فإن ما يتحمر بالدلك فهو إلى الرجاء، وأولى أن يكون بهقاً، وما لم يتحمر به فهو رديء.

وأما الفرق بين البهق الأسود والبرص الأسود فهو التقشر والتفلس والتخزّف، فإنها لا تكون في البهق الأسود، ثم البرص الأسود أيضاً متفاوت فإنه منه خشن ومنه أملس، وأملس الأبيضين شرّ، وأملس الأسودين خير لأنه البهق، ومنه شديد البعد عن لون البدن ومنه أقرب إليه وهو أسلم.

والذي هو غائص لا يحمر ولا يدمي أو هو شديد الإتساع آخذ مكانآ كثير فلا رجاء فيه، وكذلك الذي هو آخذ كل ساعة في زيادة لأن مزاجه قوي يحيل ما يليه إلى مشابهته، فلذلك هورديء جداً.

فصل في علاج البهق الأسود يجب أن يبدأ بالفصد إن كان هناك كثرة من الدم، وباستفراغ الخلط المحترق، والسداوي بمثل: طبيخ الأفتيمون والغاريقون والهليلج الأسود والبسفايج والإسطوخودوس بالزبيب والتين ونحو ذلك. والحجر الأرمني واللازورد إذا وقع في أدويته كان بالغاً، والخِرْبق الأبيض وأيارج لوغاذيا وأيارج روفس وغير ذلك. ومن الإستفراغات الرقيقة ماء الجبن بالأفتيمون، يشرب كل يوم وزن درهم أفتيمون في قدح من ماء الجبن فينقي بالرفق، وقد ينفعه استعمال الأغذية الحسنة الكيموس، واستعماله الحمامات واستعمال الإطريفلات الأفتيمونية.

سفوّف نافع له وللبرص الأسود أيضاً: يؤخذ إهليلج أسود، أملج، شونيز، من كل واحد جزء، زوفرا، جزء ونصف، يشرب. منه كل يوم ثلاثة دراهم بكرة، وثلاثة دراهم عشبة، وإذا سخن البدن ترك أياماً، ثم عوود، ويجب أن يغنيهم الاشتغال بإصلاح حال الطحال إن كان فاسداً وضعف عن جذب السوداء وبعد ذلك فليستعمل الأطلية القاشرة القوية الجلاء، والجالية للدم الصحيح، وإذا نفطت أريح أياماً حتى يسقط الجلد، ثم يعاود أن وقعت إليها حاجة.

وربما لم يترك أن ينفّط بل كلما جدت في اللذع أخذت حتى تهدأ، ثم أعيدت، وهذه الأدوية مثل الثافسيا والفلفل والخردل والحرف ولبن اليتوع والشيطرج والحرمل وبزر الفجل وقشور أصل الكبر، والطلي بالكبيكيج أيضاً نافع في البهق والبرص لشدة جذبه للدم وللعظام النخرة، والتواء العتيق النخر الملقوط من الحيطان، وجميع الجلاءات القوية المذكورة في باب قلع الآثار، والمياه التي يطلى بها ماء القنابري وطبيخ الحنظل.

صفة طلاء جيد: يؤخذ بزر الفجل، ويدق مع كندس، ويطلى به البهق الأسود في الحمام.

وأيضاً يؤخذ بزر الفجل وبزر الخردل معجونين بالتين المطبوخ بالخل.

صفة طلاء جيد: يؤخذ شونيز مقلو، شيطرج فارسي، من كل واحد عشرة، شب، سنا، من كل واحد ثلاثة، زاج، عفص، من كل واحد درهمان، بزر الحرمل المغلو خمسة، يطلى بخل ثقيف، ثم يتدارك أثر إن عرض بلبن النساء، وجميع الأطلية القوية المذكورة في باب البرش والنمش وغيره نافع للبهق الأسود.

فصل في علاج الوضح والبرص يجب أن يجتنب الفصد إن لم يكن يوجبه أمر قوي، والحمام إلا أحياناً على الريق، والشراب إلا الصرف، والتعرق في الحمّام ينفعه إن كان نقي البدن، ويستعمل القيء أيضاً، ثم الأدوية المستفرغة للبلغم إن لم يكن البدن نقياً، ثم المحرّات والمسقلات مثل الأيارجات الكبار، خصوصاً أيارج شحم الحنظل والحبوب التي تشبهه، والأيارجات تسقى في طبيخ الهليلج والأفتيمون والبسفايج والزبيب والملح، ولحب النيل خاصية عجيبة في استخراج الخلط الشافي للوضح والبرص، ومن المسهلات الموافقة لهم أيارج فيقرا مركباً بشحم الحنظل أو على هذه النسخة.

وصفتُه: يؤخذ من الدارصيني الصيني والسنبل وعيدان البلسان والمصطكى والأسارون والزعفران والساذج والفودنج النهري وشحم الحنظل، من كل واحد درهم، الصبر ثمانية عشر درهماً، الشربة درهم أو مثقال بالسكنجبين العسلي والماء الحار. ومن المسهًلات الموافقة لهم، أن يؤخذ من الهليلج والأملج جزء جزء، ومن التربد ثلاثة أجزاء وكل جزء أوقية، ويحل من الفانيذ نصف رطل بالماء الحار، ويقوم، ويعجن به، والشربة من ثلاثة دراهم أو مثاقيل إلى خمسة. وأنا أستحب أن يجعل فيه من الزنجبيل جزء ويستعمل المعاجين الاطريفلية وجوارشناً بهذه الصفة.

ونسختها: يؤخذ هليلج أسود كندر أبيض من كل واحد جزء، زنجبيل ربع جزء، يعجن بعسل الزبيب، يؤخذ منه كل يوم قدر بندقة.

أيضاً: يؤخذ هليلج أسود، أملج، شونيز، بالسوية، زوفرا، جزء ونصف، يشرب منه كل يوم ثلاثة دراهم، ويتركه متى حُمي وأيضاً يؤخذ وج ودار فلفل وهليلج كابلي ومصطكى والكُندر والشونيز وحب الغار، يعجن بالعسل بالسرية، الشربة درهمان. ومما ذكر في "كتاب الاختصارات" دواء بهذه الصفة أيضاً، يؤخذ سفة سويق الحنطة الشديد القلي، وإن احتيج إلى إعادة قلي فعل ويشرب على أثره نصف أوقية مري نبطي، ويصابر للعطش إلى نصف النهار. وللزوفرا ويزره في الشراب خاصية في هذا الباب عجيبة. وعصارة أطراف الكرم المزة يشرب منها كل يوم قدح، فإنه يقشف البرص ويمنع ازدياده وشرب الترياق وأكل لحوم الأفاعي نافع جداً في ذلك، وأقراص الأفاعي أيضاً. ومن المعاجين والأدوية التي هي من الاطريفلية والمسهلة ترتيب بهذه الصفة.

ونسخته: أن يؤخذ من بزر الزوفرا جزءان، ومن بزر الأنجرة نصف جزء، من الصبر ربع جزء، يجمع بعسل والشربة ثلاثة دراهم، استعمل ذلك دائماً، ومن الناس من يجعل معه الوج والأفتيمون وأيضاً كلكلانج درهمان، إهليلج أسود درهم، أفتيمون دانقان يشرب السنة بتمامها، ومما يجري هذا المجرى لأنه أقوى وأظهر نفعاً، ويحتاج أن يشرب سنة دواء بهذه الصفة.

ونسخته: يؤخذ من الوج ستة دراهم، ومن الهليلج الكابلي والبسفايج من كل واحد عشرة، ومن الهليلج الأصفر خمسة عشر، ومن أيارج فيقرا عشرون درهماً، ومن الملح الهندي سبعة دراهم، ومن بزر الزوفرا عشرون درهماً، ومن العاقرقرحا عشرة دراهم، ومن التربد خمسون درهماً، ومن شحم الحنظل عشرون درهماً، ومن الغاريقون خمسة دراهم، ومن السقمونيا ثمانية دراهم، يعجن بعسل الصعتر والشربة من مثقال إلى مثقالين.

ومن هذا القبيل "للكندي" دواء بهذه الصفة.

ونسخته: يؤخذ بزر الحرف ثمن كيلجة، زوفرا وصبر أسقوطري من كل واحد ثلاثة دراهم، يلقى ذلك على رطل ونصف من العسل، ويقوم، والشربة من كل يوم قبل الطعام قدر الحاجة مع سويق، ثم يتجرع بعده ثلاث جرع مري، ويحفظ الرأس بدهن البنفسج ودهن الورد، والغذاء بعده إسفيدباج.

وقد يجوز أن يستعمل دائماً اللوغاذيا والتياذريطوس كل يوم شربة صغيرة إلى نصف درهم وأقل. وقد انتفع قوم بأن كووا موضع البرص، فتخلصوا واستراحوا، لكن هذا يمكن في القليل قدراً منه، وإذا كان البدن نقياً ومزاج البدن معتدلاً، فدع الأدوية المشروبة فإنها ربما جلبت آفة، وأقل ذلك أن ينزف الدم ويقل الروح وهما من المحتاج إليهما في علاج البرص، واقتصر على علاج العضو بما يختص به من الأطلية ونحوها، وليجعل غذاؤه سريع الهضم لا لزوجة ولا دسومة فيه، وليجتنب البقول والهراريس وما يجري مجراها.

وأما الأدوية الوضحية والبرصية الموضعية، فأول درجاتها أن تكون شديدة الجلاء، قوية الجذب للدم، شديدة تسخين مزاج العضو، وأما بعد ذلك فأن تكون مقرحة مقشرة. وفي الأدوية الوضحية أدوية تستعمل على أن تصبغ، والأحب أن تستعمل الأدوية الموضعية بعدد، الدلك والتخمير، وأن يكون الدلك بمثل ورق التين إلى أن يكاد أن يدمى أو بعد غرز الإبر في مواضع كثيرة. ومن المعينات على نفع الأدوية أن يستعمل لطوخات في الشمس، وأفضل الأدوية البرصية ما تقرح أو تنفط، فتسيل مادة وتبرأ وتعاود، وربما لم يترك أن ينفّط بل لذعها، وأعِد بعد الإراحة الأدوية البرصية بحسب الإعتبار الأول هي القوية، مما ذكر: كالخِرْبقَين، والنورة، والزرنيخ، والكندس، والميويزج، وأصل الفاشرا، والجنطيانا والأبهل، والراتينج، وأصل دم الأخوين، وأصل الخنثى، وزبد البحر، والحلتيت، وقشور أصل الكبر، والخردل، والحرمل، وبزر الفجل، وأصل قثاء الحمار، وبزر الجرجير، والفوة والقاقلّة، والمازريون، والزاج، والقلقند، والزنجار، والكبريت، والقطران في الحمام، والبلبوس، والقسط، والزراوند، والشقائق، وثافسيا، وفربيون، والكرمدانة شديدة الموافقة، والكبريت أيضاً بالخلّ طلاء بعد طلاء وبصل النرجس. ومما جزب النوشادر، ودهن البيض طلاء جيد، وأصل اللوف عجيب، وأصل النيلوفر ودم الأسود السالخ، وأصل السقمونيا، وورق التين اليابس، وورق الدفلى، والراسن وورقه، والأشترغاز. وأما المياه: فالخل، وماء الزردج، وماء القنابري، وماء البلبوس وماء العنصل خاصة، وماء المرزنجوش، وخصوصاً على برص آثار المحاجم، وعصارة الراسن وشورباج لحوم ا لأفاعي.

ومن الأطلية الجيدة الترياق أو المثروديطوس أو اللوغاذيا بماء القنابري. وأيضاً الشيطرج المدقوق والخردل المدقوق، فربما أبرأ هذا ما كان بين الجلدين. ومن الأدهان الجيدة دهن الآس مطبوخاً فيه الشيطرج المحرق، مخلوطاً به بعد ذلك زاج، ومن الأطلية لجيدة النراريح تسحق بالخل وتطلى، أو يؤخذ الشاهتزج الرطب أو اليابس، ويجعل في جوف أفعى مذبوحة منقاة الجوف حشواً، وتخيط وتشوى الأفعى حتى تنضج جداً، ثم يؤخذ ذلك الشاهترّج، ويضمد به البرص فيبرأ بسرعة.

نسخة مجزبة: يؤخذ ورق الدفلى الطريّ، ويغلى مع الزيت حتى يجف الورق، ويصفى الزيت، ويجعل عليه الشمع المصفى بقدر، ثم يذرّ عليه الكبريت الأصفر، ويصير كالمرهم ويطلى في الشمس.

طلاء للهند: يؤخذ قسط وشيطرج هندي وزرنيخ أحمر وفلفل وزنجار، ويسحق في الخلّ في إناء نحاس، ويترك أسبوعاً ويطلى به ويقام في الشمس، فيبطل البهق والبرص المبتدىء أو ينقع القَلِي والنورة في أبوال الصبيان الرضّع، ويجدد عليه سبعة أيام، ثم يطبخ كالعسل ويستعمل حتى يتقرّح، ثم يؤخذ زفت وموم وقطران، وقشور الجوز المحرق، ودم فرخ الحمام، ودهن الحِناء يطبخ حتى يختلط، ثم يوضع على الموضع حتى يرى لونه لون الجسد، والأجود أن يكرر في الشمس الحارة مراراً.

واعلم أن استفراغ صاحب هذه العلة يجب أن يكون بالضعيف المستفرغ للرقيق بتدريج، وماء الأصول منضج مطرق للدواء، وفي آخره يشرب حبّ المنتن، ثم يعاود ماء الأصول أسبوعين ويتولّد دمه من اللحوم الحارة من الطير والمقلّيات، ويهجر الحوامض والمرق، إلا الزيرباج أحياناً، والماء أضرّ شيء به، فليكن بشراب عتيق من غير تليين، ويجب أن يدلك الموضع كل وقت بخرقة خشنة ليجذب إليه الدم، ودخول الحمّام يضرّه، والغذاء الغليظ والفواكه الطرية واليابسة والكي على البرص رديء، ربما انتشر به البرص وكثر والبرص الذي يظهر عقيب كي لسبب فليس يعيب، وكذلك حول المشارط.

صفة طلاء كثيرالأخلاط اتخذ للمعتصم: يؤخذ من دم الأسود السالخ ثلاث أواق، ومن دم الغراب الأبقَع والنحام والأنعث وفرخ الورشان والفاختة والسلحفاة البرية، من كل واحد أوقية، ومن القطران والزفت الرطب والنفط والعسل البلاذر من كل واحد أوقية، تخلط هذه وتجفف، ويؤخذ من ماء الحنظل الرطب جزء، ومن الشراب العتيق جزءان، ومن ماء الراسن الرطب جزءان، ومن ماء السذاب وماء الخردل الرطب، من كل واحد جزء، تجمع منها بالجملة عشرة أرطال على هذه النسخة، ويجعل في طنجير ويلقى عليه فلفل أسود ودار فلفل وزنجبيل وشونيز وجندبيدستر وعاقر قرحا وكندس وثافسيا وقرنفل وسليخة ومازريون وأصل قثاء الحمار والخِربق الأسود والجاوشير، من كل واحد أوقية، يطبخ مع المياه حتى يبقى الثلث، ويصفى عن الأدوية، ويجعل على الدماء، والأخلاط المذكورة حتى تنشف وتجف، ثم يؤخذ ماء الحنظل الرطب، والراسن الرطب، والعنصل، وماء المرزنجوش وشيء من شراب عتيق يرش على المياه، ويكون الجميع ثمانية أرطال، ويلقى عليه من الحلتيت المنتن والمحروق والاشترغاز ومن الزربنجين والزنجار والكبريت، من كل واحد أوقية ونصف، يطبخ في المياه إلى أن يبقى الربع، ويصفى ولا تزال الدماء والأخلاط المجففة تشرب منه، وتسحق حتى تشرب الجميع، وتجف، ثم يطلى الموضع في الحمام، أقول أنه قد يمكن أن يستعمل هذا الدواء أخص مؤنة وأقوى تأثيراً مما تسوق به طبيب هذا الملك.

طلاء جيد للساهر: يؤخذ شونيز، خِرْبَق، شقائق، أصل الكِبَر، من كل واحد جزء، شيطرج، حُضَض، دودم، مر، زرنيخ، من كل واحد نصف جزء، يطلى في الشمس.

طلاء خفيف جيد واقع وهو الشقائق والهزارجشان بالخل.

وأيضاً: قوة الصبغ، زبد البحر، بزر الفجل، كُندس بخل خمر. وأيضاً يؤخذ برادة الشبه والخربق الأسود والصفر المحرق والذراريح والزرنيخ الأحمر، من كل واحد درهم، يعجن بقطران مدوف في خلّ، ويطلى بعدما يذر.

وأيضاً: "الأربياسيس"،: يؤخذ خربق أبيض، فلفل، شونيز، زبد البحر، كبريت، زرنيخ أحمر، فوة الصبغ، شيطرج، زنجار، ذراريح، يسحق بخل ويقرص، ويجفف، وعند الحاجة يسحق بالخل، ويطلى بعد ذلك بحمرة ويلطخ.

وأيضاً من كتاب الزينة، "القريطن".

ونسخته: يؤخذ خِرْبق أسود، فاشرا، لحاء أصل المازريون، كبريت أصفر، زاج، زنجار، برادة الحديد، زبد البحر، ورق التين، يسحق بالخلّ كالخلوق، ويحفظ في رصاصية، ويطلى في الشمس بعد الدلك.

آخر"لجبريل": يؤخذ كبريت وفربيون وخربق من كل واحد درهم، بلاذر درهمين، عاقرقرحا، شيطرج، مثقالاً مثقالاً، يطلى بالخل.

وأيضاً: يؤخذ بزر الفجل، كندس، ثافسيا، مازريون، فوّة الصبغ، شيطرج، حرف، عاقر قرحا، ميويزج، يجمع بدم الأسود السالخ، ويقرص، ويستعمل بماء فوّة الصبغ، مطبوخاً شديداً مصفى، بعد الحمام.

وأيضاً: تؤخذ فوة، شيطرج، من كل واحد خمسة دراهم، بزر الفجل عشرة، كُندُس ثمانية، يطلى بالخل بعد الحمام.

صفة دواء ملكي: يؤخذ ورق المازريون وبزره المقشر، والخربق الأسود، والفلفل، يطبخ بغمره خلاً حتى يتهرى، ثم يطرح فيه زاج وذراريح وبرادة الحديد ونطرون وزبد البحر، ويطبخ حتى يغلي، ويطلى ويحتمل، ولا يغسل ما أمكن وتففأ النفّاطات.

طلاء جيد: يؤخذ عسل البلاذر سبعة دراهم، عاقر قرحا، ثافسيا، ثلاثة ثلاثة، فربيون أربعة، شيطرج فارسي درهمين، يطلى به معجوناً باللبن. وفيما جربناه أن يؤخذ من عسل البلاذر، ومن الكبيكج، ومن ذرق الحمام ومن الذراريح، ومن الشيطرج، ومن بزر الفجل، وبزر الخردل، وفوة الصبغ، والحناء، والوَسْمَة، والزاج، أجزاء سواء، ينقط به، ويفقأ ويعالج القروح، ويعاود حتى يبرأ. والذي يذهب ببرص آثار المحاجم ماء القنابري، وماء المرزنجوش، وفوة الصبغ، والشيطرج مطلياً بماء البقم.

وأما الأصباغ التي تستعمل على البرص فليس يمكن أن ينص فيها على أوزان بعينها لاختلاف ألوان الشراب بل يعطى فيها قوانين، ثم تقدم وتؤخر، فمنها أن يؤخذ السورج والمر ودردي الخمر والمغرة والفوة والشب ونحو ذلك، ويركب ويُطلى. أو صبغ جربناه يؤخذ من قشور الجوز، ومثله جِنّاء، ومثل الحناء وَسْمَة.

وأيضاً يؤخد نورة وزرنيخ وشيطرج، من كل واحد جزء، فوة الصبغ، جزءان، يجمع ذلك بماء البصل، ويستعمل بحسب ما يشاهد.

صبغ آخر يؤخذ قرظ، شيح، نورة، عفص، زاج، حنّاء، يعجن بعسل وبخلّ السواد، ويستعمل طلاء.

وأيضاً يؤخذ زاج، قلقند، عفص، يسحق، ويعجن بخلّ السواد، ويدلك العضو في الشمس، ويطلى به طليات وهو صباغ باق. وأيضاً يؤخذ شيطرج أسود وخبث الحديد، وزاج الأساكفة وزنجار وفوة الصبغ، وقشور الرمان يسحق بخلّ الخمر حتى يسود، ويطلى عليه مرات. وأغذية صاحب هذه العلة المشويات والقلايا والمطجّنات والمكبّبات من اللحوم الخفيفة بالأبازير، والإقتصار على الشراب، ويتجنب شرب الماء أصلاً إن أمكن أو يقل منه، ويستعمل المطبوخ منه والممزوج بالشراب.

فصل في علاج البرد الأسود هو علاج البهق الأسود، ويحتاج إلى ترطيب للبدن أشد، واستفراغ أقوى، ثم يستعمل إجلاء أدوية البهق الأسود، وقد يتفق لصاحبه أن ينتفع بالجماع، وأما الحمّام فكثير النفع له، فان اشتد وبالغ عولج بعلاج الجذام.

المقالة الثالثة
ما يعرض للجلد

لا في لونه فصل في السعفة والشيربنج والبلحية والبطم السعفة من جملة البثور القرحية، وقد جرت العادة في أكثر الكتب أنها تذكر في أبواب الزينة. والسعفة تبتدىء بثوراً مستحكمة خفيفة متفرقة في عدة مواضع، ثم تتقرح قروحاً خشكريشية، وتكون إلى حمرة، وربما سيلت صديداً وتسمى شيربنجا وسعفة رطبة، ربما ابتدأت قوبائية يابسة، وكثيراً ما تثور في الشتاء وتزول بسرعة.

وسبب السعفة رطوبة رديئة حادة أكالة تخالط الدم، وأخلاط غليظة أيضاً رديئة، فيحتبس الغليظ ورماً وينش الرقيق، وسبب اليابس منها خلط سوداوي كئير تخالطه رطوبة حريفة، فيندفع إلى الجلد فيفسد ويتأكل. وأما البلحية فهي من جنس السعفة الرديئة، وأما البطم فقروح سوداوية، تظهر في الساق من ماق الدوالي بعينها، ويقرب علاجها من علاجها.

فصل في العلاج علاجها قريب من علاج القوباء، وسنذكره، لكنا نقول الآن أنه ينفع من السعفة اليابسة إستفراغ الخلط الصفراوي والسوداوي، والبلغم المالح بمثل طبيخ الهليلج بالأفتيمون يجعل فيه. الصبر والسقمونيا، ويستعمل بعدها ما ينقي الباقي مع ترطيب مثل ماء الجبن بالشاهترّج الرطب، يؤخذ من الجملة رطل واحد، ويخلط به من الهليلج الأسود والأصفر من كل واحد ثلاثة دراهم، ومن الأفتيمون وزن درهمين، ومن الملح النفطي دانقان، ثم بعد ذلك يقتصر على ماء الجبن والأفتيمون كل يوم وزن ثلاثين درهماً من ماء الجبن، ودرهم ونصف من الأفتيمون، إن احتملت الطبيعة ولم يفرط أو على ما يحتمل.

ويجتنب مل ما له حلاوة مفرطة، خصوصاً التمر، أو مرارة أو حرافة أو ملوحة، ويقتصر على التفه المولد للخلط السالم الذي لا لذع فيه، ويرطب البدن رطوبة معتدلة بالحمام وغيره.

ويفصد العروق من اليدين إن كانت الحاجة إليه ماسة، أو من العرق الذي يسقى ذلك العضو، مثل عرق الجبهة في السعفة الكائنة على الرأس، والعرق الذي في جلد الرأس، والعرق الذي خلف الأذنين، وهي تكون في أكثر الأمر على الرأس والحجامة أيضاً لما كان في الرأس وإن كان في الأعضاء السافلة فُصِد الصافن، فإذا فعلت ذلك حككت السعفة حكا قوياً حتى تدمى، ويجتهد في أن يسيل منها دم كثير، ثم تعالج بالأدوية الموضعية، وخصوصاً إذا دلك بعد الإدماء بالملح والخلّ.

وقد ينفع اليابس منها الحمام المتواتر من غير إطالة جلوس، وإكباب العضو على بخار الماء الحار أو الفاتر في اليوم مراراً، والأدهان، والشحوم، والتدبير المرطب بالغذاء، والتدهين، والسعوطات، ويحتاج في الإستفراغ لها إلى أدوية تجذب السوداء جذباً قوياً وتسهلها، ويستعمل بعدها ماء الجبن على ما قيل، ولا بأس بإرسال العلق بالقرب، ثم لا بدّ من الحك والإدماء، ثم تستعمل الأدوية الموضعية.

وقد زعم قوم أن فصد السعفة من العرق القريب منها كعرق خلف الأذنين لسعفة الرأس علاج لها يطلى به، ثم تغسل بماء السلق والزاج.
فصل في الأدوية الموضعية للسعفة الرطبةأما الأدوية التي للمبتدأ منها، وللتي على الأبدان الرطبة وأبدان الأطفال، فمثل الحِناء، ومثل الوَسْمَة مع العفص المحرق بدهن الألية فإنه مجرّب غاية، ومثل الأدوية المتخذة من القوابض المجففة كقشور الرمان بخلّ خمر ودهن ورد، وربما جعل فيها المرداسنج، وربما احتيج إلى استعمال ما فيه جلاء أيضاً مثل الزراوند، وكثيراً ما أبرأ المتوسط منها الدلك بالخل والملح والأشنان الأخضر، فيجف ويسقط، ومن أدويته التي في هذه المرتبة التوتيا، والقليميا، والقيموليا، والقرطاس المحرق بالخل، وصمغ الصنوبر بالجلنار، وخل ودهن ورد، أو يؤخذ مرتك وخبث الفضة ولوز مر محرق وعروق الصباغين، من كل واحد درهم بخل ودهن ورد، وكذلك أصول السوسن الاسمانجوني، وعود البلسان، والكور المحلول، وحب البان المسحوق، وأيضاً العدس والمغرة بخل، وأيضاً لوز مرّ وعفص أخضر مسحوقان، يتخذ منهما طلاء بالخل بعد أن يقوم بالتشميس. قالوا وأيضاً يؤخذ السرطان الحي، ويدق مع المرزنجوش، ويعتصر ويسمط به وبرطوبة السرطان وحده. وأما المرمن والذي على الأبدان الصلبة، فيحتاج فيه إلى مثل القُلْقُطار والقَلَقَندر والسُوْرِي وزاج الحبر والملح والكبريت وتراب الزئبق وعروق الصباغين ودواء القراطيس بتوبال النحاس، ودخان التنور، والملح من القوابض المحللة، وأيضاً مثل المرداسنج والاسفيذاج. وأما الحرف اليابس فهو من المجففات القوية، وذرق الحمام من المحلَلات الشديدة الجلاء والتجفيف، وكذلك خِرءُ الضب وخرء الزرازير، وخصوصاً الآكلة للأرز. ومرهم العروق مما ينفع كل سعفة، والمرهم الأحمر المتخذ من العروق الصفر والحِناء والزراوند وقشور الرمان والمرداسنج والدواء الذي نذكره في باب اليابسة.

صفة دواء جيد: يؤخذ قيموليا، كبريت أخضر، رماد القرع، شحم الحنظل، أجزاء سواء بخل، أو كزبرة يابسة محرقة وخزف التنور وحِناء بخلّ، ولح!ن ورد، وأيضاً يؤخذ رماد حطب الكرم وزراوند مدحرج وجلنار وعفص وراتينج بخل ودهن.

صفة دواء جيد جداً: تغسل السعفة بطبيخ الدفلى، ثم تطلى بتوبال النحاس ومر، وزن درهمين، وتراب الكندر وشبّ يماني من كل واحد وزن أربعة دراهم، زراوند وقلقطار ورماد الكرم وصبر من كل واحد وزن درهم بخلّ ودهن ورد.

فصل في الأدوية الموضعية للسعفة اليابسة فالمزمن القوي منها يحتاج إلى دواء حاد يأكلها إلى أن يبلغ اللحم الصحيح، ثم يعالج بمرهم القروح مثل مرهم العروق بالمرداسنج والخل والزيت وما دون ذلك، فيعالج بما يعالج به المزمن من الأول المذكور. وينفع منه ترطيب البدن بالأغذية والنشوقات والحقن وغير ذلك.

صفة دواء جيد: للسعفة الرطبة واليابسة: يؤخذ دهن لوز مرّ، دهن الخردل، من كل واحد نصف، سكرجة خل، سكرّجة شياف ماميثا وعفص، من كل واحد ثلاثة مثاقيل، فيلزهرج، مثقال، عروق صفر، بورق، من كل واحد نصف مثقال، تسحق الأدوية وتخلط بالدهنين والخل خلطاً شديداً بالسحق، ثم تستعمل على كل سعفة وجَرَب وقَمل وقوبا وتمرّط وداء ثعلب وحزاز.

والبلحية من جنس السعفة الرديئة، وربما كان سببها لسعاً مثل البعرض الخبيث، وعلاجها مثل ذلك العلاج.

دواء لنا قوي مجرّب نافع جداً: يؤخذ من الزراوند والزنجار والأشق والمقل والخردل والزاج أجزاء سواء، تجمع بدهن الحنطة ومثله خلاً، وقليل عسل ويستعمل.

فصل في القوباء القوباء ليست بعيدة عن السعفة، وإنما تخالفها بشيء خفي وخصوصاً السعفة اليابسة، ويشبه أن تكون السعفة اليابسة قوباء أخبث وأردأ وآكل وأبعد غوراً، وسبب القوباء قريب من سبب السعفة، فإنه مائية حريفة حادة، تخالط أيضاً مادة غليظة سوداوية أغلظ من مادة الجرب.

وأسرع القوباء برأ ما كان رقيقه أغلب، ومن القوباء الرطب دموي يظهر عند حكه ، نداوة، وهو أسلم، ومنه يابس، أكثره يكون عن بلغم مالح استحال بالإحتراق سوداء، ومن القوباء متقشر لشدة اليبوسة وكثرة الغور وهو كالبرص الأسود وكالخشكريشة، ومنها غير متقشر ومن القوباء ساعٍ خبيث، ومنها واقف ومن القوباء حديث، ومنها مرمن رديء هو مرض حريفي.

فصل في علاج القوباءتحتاج القوباء في أصل العلاج إلى أدوية تجمع تحليلاً وتقطيعاً وإذابة، وتلطيفاً مع تسكين وترطيب. والأول منهما بحسب المادة الغليظة، والثاني بحسب المادة الحادة الرقيقة، وبحسب غلبة أحد الأمرين تحتاج إلى تغليب أحد التدبيرين، وإرسال العلق من أجود أدويتها، وتحتاج في أمر التنقية واتباعها ماء الجبن على نحو ما توجب المشاهدة والتغذية، والترطيب، والتدبير المرطب إلى ما تحتاج إليه السعفة، وكذلك الحمام من أجل المعالجات لها، وربما احتيج إلى مفارقة الهواء اليابس قال قوم: ومما ينفع من حدوث القوابي، ويبرىء من الحادث منها أن يسقى من اللك المغسول غسل الصبر درهماً بثلاث أواقي مطبوخ ريحاني، فإذا انتشرت القوباء وكثرت، فعلاجها علاج الجذام.

فصل في المعالجات الموضعية أما للحديث والمتوسِّط منها، فمن الأدوية المفردة: حمّاض الأترج، وللقوي أيضاً، والصمغ الأعرابي بالخل، وصمغ اللوز وصمغ الإجّاص بالخلّ، وعسل اللبني بالخلّ، والخردل بالخل غاية. والماء الكبريتي والماء المالح وزبد البحر وغرّاء الجلود وريق الإنسان الصائم وطلاوة أسنانه وبزر البطيخ وأصل الخُنْثَى وهو الأشراس، ودهن اللوز المر جيد، وورق الكِبَر بالخلّ والسنجسبوه ينفع من كل قوباء بالخاصية، والأقاقيا والمُغاث ودهن الحنطة يصلح لما يعرض لكل بدن، وللضعيف والقوي، والعروق الصفر، وللمبتدىء أن يدام صب الماء الحار عليه، ثم يدلك بدهن البنفسج بفعل ذلك على الدوام وماء الشعير طلاء، ربما ذهب به وخصوصاً مع الجوز مازج، وينفع من السعفة الرطبة أيضاً، ولعاب بزرقطونا وعصارة الرطب منه وماء البقلة الحمقاء وصمغ الإجّاص نافع لقوباء الصبيان.

دواء جيد: يؤخذ صمغ اللوز وغراء الجلود والميعة، أجزاء سواء، ويجمع بالخل، ويطلى أو يؤخذ غراء النجارين وكُندر وكبريت وخل، يسحق ويستعمل.

وأما المرمن الرديء منه فيحتاج إلى أدوية أقوى مثل عصارة حمّاض الأترج مقومة بالطبخ، ومثل دهن الحمّص، ودهن الأرز ودهن الحنطة خاصة، ودهن اللوز المر، والكبريت وبعر المعز محرقاً وزبد البحر، والقطران والزفت عجيبان، وكذلك إدامة طلائه بالنفط الأبيض، وخرء الحيوانات المذكورة في باب السعفة، والفنجنكشت والكبر والأشق والخِرْبَق وحب البان والثافسيا خاصة، لا سيما إذا اتخذ منه قيروطي بدهن الخردل، والسنجسبوه، والأشق بالخل، والقردمانا، والكُنْدس ورماد الحمام، والكندس والخردل والحرف وبزر الجرجير وعسل البلاذر غاية.

ومن المركبات يؤخذ القردمانا، ويسحق ويجمع بدهن الحنطة ورماد الثوم مع عسل، والكبريت بصمغ البطم، وتجبر حب البان بالخل قوي جداً، وللمقشر أيضاً، أو يؤخذ الكندر والزاج والكبريت والصبر من كل واحد درهم، ومن الصمغ درهمان، يطلى بالخل يؤخذ بورق أرمني نصف مثقال، دهن الحنطة ثلاثة دراهم، حماض الأترج، قفر اليهود، درهمين درهمين، بزر الجرجير درهمين، شونيز درهم ونصف، خربق أسود درهم ونصف، زاج محرق درهم ونصف، يتخذ منه طلاء أو يؤخذ سنجسبوه فيطلى به بالخلّ، أو يؤخذ زاج ومر وكُنْدُر وشب وكبريت وصبر يعجن بالطلاء ويطلى.

دواء جيد: يؤخذ حب البان عشرة، كبريت أصفر أربعة، سنجسبويه جزء ينعم دقه، ويطلى بخل خمر ودهن ورد، أو يؤخذ كبريت أصفر ودقاق الكندر وأشقّ يداف بخل، أو يؤخذ خرء الكلب وأشنان القصارين وكبريت أبيض، وسذاب، ودخان التنور، وقشور الرمان، ورماد الحمام والزرنيخان، والكبريت الأصفر بالسوية يداف بالخل والزيت ويطلى.

فصل في البثور اللبنية إنه قد تنبثر على الأنف والوجه بثور بيض، كأنها نقط لبن بسبب مادة صديدية، تندفع إلى السطح من بخار البدن. وعلاجه: كل ما فيه تجفيف وتحليل، مثل الخِرْبَق الأبيض بنصفه إيرسا، يتخذ منه لطوخ، وبزر الكتان مع البورق والتين والشونيز مع الخل


فصل في الجرب والحكة المادة التي عنها يتولد الجرب إما مادة دموية تخالط صفراء تكاد أن تستحيل سوداء، أو استحال شطر منها سوداء، وإما مادة تخالط بلغماً مالحاً بورقياً فالأول جرب يابس ومادته يابسة إلى الغلظ، والآخر جرب رطب ومادته رطبة إلى الرقة، وأكثر ما"يتولد يتولد عن تناول الملوحات والحرافات والمرارات والتوابل الحارة ونحوها، وما يأخذ من البدن مكاناً واسعاً فهو أيضاً من جملة الجرب الرطب، وما هو أنشز وأشخص وأحد رأساً من جميع البثور فهو أحد خلطاً، وما هو أعرض وأشد إطمئناناً فخلطه أقل حدة.

وأسباب تولد مادة الجرب هي أسباب تولد مادة الحكة، لكنها أقوى، وتقْارب أسباب تولد النملة والسعفة والحزاز والقوباء وتقاربها في العلاج، ويفارق الجرب الحكة بأنَ الحكة لا تكون معها في الأكثر بثور كما تكون في الجرب، لأنها عن مادة أرق وأقل، تميل إلى الملوحة، وفيها سكون واستقرار، حبسها في الجلد بعد دفع الطبيعة إياها انسداد المسام وقلة التنظيف،واحتبست لضعف الدافعة مثل ما يعرض للمشايخ، وفي آخر الأمر خصوصاً إذا كانت المادة كثيرة أو غليظة، أو الأغذية رديئة يتولد منها كيموس رديء حريف مثل المالح والحريف ونحوهما، أو لسوء هضم يعين معه الغذاء.

والحكة قد تخلو عن قشور نخالية، ولا تأخذ من العمق شيئاً. والحكة الشيخوخية قليلة الإذعان للعلاج، وإنما تدبر وتدارى.

واعلم أن الجرب المتقشر والقوابي تكثر في الخريف. وبالجملة فان مادة الحكة تجتمع بين الجلدين، فإن كان في البدن منها شيء فهو جَرَب يابس، الحلاوات مولدات للحكة والبثور، وإنما يجرب ما بين الأصابع كثر لأنها أضعف، والجرب العظيم الفاحش يخلف جراحة، وينتقل إلى القوابي والسعفة، والأدهان تضرهم، والسكنجبين ينفعهم إن لم يخف السحج.

فصل في العلاج أما علاج الجرب فأوله وأفضله والذي كثيراً ما يكتقى به هو الإستفراغ بما يخرج الخلط الحاد المحترق والبلغم المالح، ثم إصلاح الغذاء والتدبير المرطب على ما علمت في أخوات هذا الباب، واستعمال الأشياء المائية التفهة التي يؤمن سرعة تفعنها مثل: البطيخ الهندي والهندباء والخس ونحوها، من خارج أيضأ، ويترك الجماع أصلاً، فإن الجماع يحرك المواد إلى خارج، ويثير بخاراً حاراً عفناً يأتي ناحية سطح الجلد، فيعفن من هناك، ولذلك ينتن أيضاً رائحة البدن، ولذلك أمر بالتدلك في غسل الجنابة، ومن الاستفراغات الجيدة لأصناف مواد الجرب طبيخ الأفتيمون بالهليلج الأصفر، والشاهترج والسنا والبسفايج، والأفسنتين.

وقد يجعل فيه الورد وبزر الهندبا ونحوه، وقد يجعل فيه الماميران بخاصية فيه، وقد يجعل فيه السقمونيا وأيضاً فإن حب الصبر والسقمونيا جيد بالغ.

طبيخ جيد: يؤخذ من الهليلج الأصفر والزبيب من كل واحد عشرون درهماً، يطبخ بثلاثة أرطال من الماء حتى يبقى الثلث، ويصفى، ويؤخذ من جملة مائه ثلثا رطل، ويمرص فيه من الخيار شنبر عشرة، فإذا مرس فيه صفي أيضاً، وجعل فيه درهم غاريقون.

حب جيد: وهو حب الشاهترج، يوخذ من الهليلج الأصفر والكابلي والأسود من كل واحد خمسة دراهم، ومن الصبر السقطري سبعة دراهم، ومن السقمونيا خمسة دراهم، لا يزال يعجن بماء الشاهتزج، ويترك حتى يجف ويسقى مرة يعد أخرى، ويترك حتى يجف يعمل ذلك ثلاث مرات كل مرة مثل الحسو، ثم يترك حتى يتقوم ويحبب.

دواء قوي جيد للمرمن: يؤخذ من الهليلج الأصفر ومن البليلج ومن الأملج وعن البرنج الكابلي المقشر من كل واحد درهم، ومن التِربَد درهمان، يعجن بفانيد ويقرص، والشربة منه للإسهال التام من عشرة إلى خمسة عشر درهماً إلى عشرين بماء حار، وربما جعل فيه السقمونيا عند شربه، وربما خلص من الجرب الرديء المرمن أن يدام شرب الصبر، لكن يواتر ثلاثة أيام كل يوم مثقالاً، ثم يغب بعده يوماً ويوماً لا ثلاثة أيام يجري على الاغباب، أو يترك أياماً ثلاثة ويعاود المواترة أو يقرح قرحة على ما ترى بحسب المشاهدة، ويعالج السحج إن حصل بحقنه، فإن ذلك نافع مستأصل للجرب، والجيد أن يشربه منقوعاً في ماء الهندبا ومعه قليل ماء الرازيانج إن لم يكن عن ماء الرازيانج مانع، وقدر ما يكون فيه من الصبر من درهم إلى مثقال، وإذا لم يحتمل المداومة ترك.

والنقوعات الإجاصية نافعة أيضاً، أو يؤخذ رب الهليلج الأصفر المتخذ عن تجفيف مائة المطبوخ هو فيه تجفيفاً في الشمس، ويؤخذ منه للرطب من خمسة دراهم إلى عشرة بالسكر، وهذا للصفراوي وللرطب، ويمكن أن يتخذ مثل ذلك من جميع المسهلات الحبية، ويخلط بعضها ببعض وقد يركب بعضها ببعض، ويتخذ منه ربوب وحبوب وماء الجبن بالأفتيمون جيد إذا استعمل كل يوم على ما ذكر في غير هذا الباب آنفاً، وبالهليلج وعصير الشاهترج أياماً متوالية غاية، ومما يجري مجرى المنقيات بالرفق أن يتخذ حب الصبر بالسقمونيا والزعفران، ويتخذ منه كل شربة خمس حمصات، والنسخة: يؤخذ هليلج أصفر، صبر أسقوطري، من كل واحد درهم، كثيراء وورد، من كل واحد درهم، زعفران، ثلث درهم، وأيضاً يؤخذ من الدواء الذي يقع فيه البرنج، وقد ذكرناه، يوماً أو يومين من درهمين إلى ثلاثة دراهم، وقال قوم أنه إذا كثرت الإستفراغات ولم تجد منجعاً فالأولى أو تخفف، وتقتصر على ساقي صاحب العلة كل يوم بكرة وعشية سويق الحنطة بالسكر والماء الكثير.

قالوا ومما ينفع صاحب الجرب اليابس والحكة القشفية أن يشرب ثلاثة أيام، كل يوم من الشيرج مائة وثلاثين درهماً مع نصفه من السكنجبين ونحوه، ومن الناس من يخلط به ماء العناب، وقد جربنا هذا فكان علاجاً بالغاً إلا أنه مضعف للمعدة.

ومن المركبات المناسبة لهذه الأدوية خبث الفضة، ومرداسنج ومقل، وعروق تعجن بخل ودهن ورد، ويطلى وهذا للقوي أيضاً.

وأخف منه نسخة جيدة: يؤخذ طين أرمني، وكافور، وزعفران، من كل واحد نصف درهم بخل وماء العنصل ودهن الورد، عام للخفيف. ولما هو أقوى قليلاً بزر الرازيانج، يسحق بالخل ودهن الورد، ويستعمل في الحمام، وأيضاً يؤخذ ماء الرماد الحامض ودهن الورد، وبورق، وأجود ماء الرمان ما فيه قوة شحمه، وكذلك دقيق العدس ومَغْرَة وخل يخلط ويوضع في الشمس حتى يحمى، ثم يطلى.

وأما المعاجين التي تحتاج أن تستعملها فهي مثل المعاجين التي تحتاج إلى أن يشربها أصحاب القوباء والسعفة والبهق، أعني ما لان من ذلك مثل الإطريفل الصغير بالقشمش، وأيضاً مثل هذا المعجون، يؤخذ من السنا والشاهترّج من كل واحد درهمان، ومن الهليلج الأصفر وزن أربعة دراهم، ومن القشمش المعسل ضعف الجميع.

وأما الأدوية الموضعية للجرب فهي جميع ما فيه جلاء، وربما كفى ما كان جلاؤه مع تقوية للجلد وإصلاح مراج، مثل ماء الملوكية والحماضية والسلق والرمان، ومثل نخالة السميد ودقيق العدس المقشر.

وأيضاً: الأقاقيا بالخل وحب البطيخ وجوف البطيخ كما هو، ونشاستج العصفر وعصارة الكرفس وطبيخ الحلبة وماء قشور الموز، وربما احتيج إلى ما فيه تحليل قوي مثل شحم الحنظل، وعلك الأنباط بماء النعناع، والريتيانج بالخل والزاج المشوي، وخصوصاً الأصفر بالخل ودهن الورد، وكذلك القلقند وأخواته والدفلى قوي جداً.

وربما كفى خلّه الذي نقع فيه، ثم طبخ مع شيرج، وقد يخلط بالحادّة مثل دهن الورد ليمنع الإفراط، ومثل قشور الرمان لمثل ذلك.

ومما جرب: بزر الجرجير، يؤخذ دهنه، ويحك الجرب، ويتمرخ به في الشِمس الحارة أو بقرب الكانون، ويكرّر فإنه جيد، غاية.

دواءجيد: يؤخذ مرداسنج وزاج الحبر بالسوية فيسحق بخلّ خمر، ويجعل في كوز خزف ويدفن في النداوة شهراً، ويستعمل بعد ذلك طلاء، فهو بالغ مع قلة لذع. والكندس والزئبق المقتول وخبث الحديد والزراوند والكبريت والقنبيل والدفلى والنحاس المحرق والمغاث والنوشادر والعدس والمرّ وبزر الحرمل والأشقّ والزنجار وأشنان القصّارين وزبل الكلب والأزبال المذكورة في أبواب أخرى وقثّاء الحمار.

وأبضاً: قشور حطب الكرم المحرقة تنثر على موضع الجرب ممسوحاً بالزبد، ويشد بعد ذلك، يجدد إلى أن يبطل، وقد تنقع القردمانا بالخل وعلك الأنباط به.

ومن المركبات الجيدة أن يؤخذ من الزئبق المقتول ومن ورق الدفلى، ومن إقليميا الفضة، ومن المرداسنج، طلاء بالخل ودهن الورد ينام عليه ليلاً، ويغسل البدن من الغد في الحمام بخلّ وأشنان أخضر بماء حار أولاً، ثم بماء بارد، ثم يمرّخ بالدهن.

دواء سهل: يؤخذ مرداسنج وزاج أصفر بالسوية، يسحق بالخل أسبوعاً في الشمس، ويطلى به عند الحاجة.

وأيضأ: زئبق مقتول في ميعة سائلة، وهمن ورد، ويجمع ويستعمل. وأيضاً: زئبق مقتول وميعة سائلة، وبزر البنفسج والقسط، أجزاء سواء، وأيضاً كندس جزء، غرة ثلاثة أجزاء، يطلى بخل. وإذا استعملت القوية المحللة أو اليابسة المقشفة فاتبعها بالأدهان المغرية، مثل دهن السعد والخلاف والنيلوفر رالبنفسج ونحوه، وخصوصاً في اليابس والقليل الرطوبة، وليستعمل في الرطب ما هو أشد تجفيفاَ، وفي اليابس ما هو أقل تجفيفاً، وما يقع فيه الزئبق المقتول فبعده ما قدرت عليه من نواحي المعدة والأعضاء الكريمة.

وأما علاج الحكة اليابسة بعد الاستفراغ إن احتيج إليه فبما تعلم، وبمثل سقي رائب البقر الحامض، مثل الإستحمام بالماء الفاتر واستعمال المروّخات الدهنية من الأدهان الباردة، وخصوصاً إذا جعل فيها عصارة الكرفس. وعلاج الجرب اليابس والحكة اليابسة متقاربان. ومن الأدوية اللينة في ذلك الخشخاش المسحوق بالخل، وأيضاً ورق السوسن.

وأيضاً: الصبر بماء الهندبا، والنشا أيضاً مما يقع في أدويته وماء الكرفس بالخل، وماء الورد جيد.

ومن الأدوية القوية قيروطي فيه أفيون يمسح به البدن فيسكن الحكة، ومن الأدوية القوية أن تركّب من الأدوية الأولى تركيباً، ويجعل فيه النوشادر، ويطلى بالخل، وخصوصاً على الخصي.

وأيضاً: الشبّ المقلو والقطران، وهذا أيضاً ينفع الحكاك المستبطن في الفرجين ، على خرقة، والمشايخ ينتفعون في علاج الحكة التي تعرض لهم، أن يطلوا بدري الشراب مع شيء من الشبّ الرطب.

وأما الاستحمامات للحكة والجرب فبمثل ماء البحر مسخناً، أو بحاله أو طبيخ قثاء الحمار. وأما الغذاء لأصحاب الجرب والحكة فما يرطب ويولّد دماً محموداً من الأغذية المائلة إلى البرودة والرطوبة، واللحوم المعتدلة. وأصحاب الحكة القشفية لا بد لهم من استعمال الأدهان اللينة في المتناولات، مثل دهن اللوز والشيرج ونحوه، واعلم أن حجامة الساقين تنفع من الجرب الفاحش.

فصل في الحصف قد يتبثّر البدن أو العضو الكثير العرق جداً، القليل الاغتسال، أو قليل التدلك عند الاغتسال، وخصوصاً في البلاد الحارة بثوراً شوكية، كأنها عن مواد تكسل لثقلها عن لحوق العرق السريع التفصي لرقة مادته، فيحتبس في سطح الجلد، وكأنها أثفال العرق المستعصية على الرشح، وربما لم تبثر بثوراً ظاهرة بل أحدثت خشونة.

فصل في علاجه تقطع مادته إن كثرت في البدن بالفصد والإسهال، ولذلك يجب أن يستظهر المعتاد لها كل وقت بالاستفراغ للأخلاط الحادة. ومما يمنع منه ويزيله الاستحمام والتنظيف، ثم الماء البارد استحماماً فيه، ويصلح لهم التدلّك في الحمام بلحم البطيخ مع دقيق العدس بعد التعرق، ثم بالشاهسفرم بعده. وأيضاً لحم البطيخ مع دقيق العدس والباقلا، أما الصندل فيمنعه مع حكة يحدثها، فإذا كان مع كافور لم يفعل ذلك، والحِناء أيضاً إن لم يكره صبغه ينفع منه، وتناول ما يشبه ماء الرمان، والحماض، والعدس، والإجاص، والتمر الهندي.

واستعمل كل ما يمنع العرق من مثل: طبيخ الآس، والورد، وماء الكزبرة، قيل رينفع منه الماء المسخن بالشمس، وقد يمنع منه جميع المياه التي طبخ فيها القوابض، وترك الحركة واجتناب المواضع الحارة المعرقة، وطلب الأمكنة الريحية، والترويح بالمرارح الكثيرة معاً، والاغتسال بالماء البارد، وأيضاً المسوحات من مثل دهن الآس ودهن الورد، وللزبد خاصية عجيبة عظيمة فيه خصوصاً مع كثيراء وصمغ، وأيضاً المسوخات التي فيها قوة المرداسنج، والخبث والتوتيا خاصة ورماد ورق الآس، وذريرة ورق الآس، وورق الغار الطريّ والسذاب، ودقاق الكندر، وقد ينفع من الحصف طلاء غراء المسك مدافاً في الماء، وربما احتيج في القوي إلى الميويزج والكندر والكبريت. وأما ما قد تقرح منه، فيعالج بمثل العروق، والعفص، والطين الأرمني، والاسفيذاج بالخل، ومرهم الإسفيذاج جيد لذلك، وربما بلغت هذه القروح مبلغاً عظيماً من الفساد، فيكون علاجها علاج حرق النار، وإن هي استحكمت فعلاج السعفة.

فصل في بنات الليلمن بلي بحصافة الجلد وانسداد المسام وجودة الهضم، فقد يعرض له في البرد وفي الليل حكة وخشونة وبثر صغار تسمى بنات الليل، والسبب احتباس ما يجب أن يتحلل لضيق مسام في الأصل وزاد فيه تحصيف البدن، وخاصة في وقت يكثر فيه الهضم، ويتبع كثرته كثرة البخار وهو الليل، وبسبب ذلك تسمى بنات الليل إذ أكثر عروضها يكون في الليل. ومن أحوال هذه العلة أن الحكّة تشتد فيها وتستلذ بدءاً، ثم تؤدي إلى وجع تثيره في مواضع الحكة شديد.

فصل في العلاج يجب أن تدبر في توسيع المسام بالحمامات والتمريخات المعروفة لذلك، وبتخلية العروق عن المادة الكثيرة، وذلك بالفصد والإستفراغ على ما قيل في باب الحكّة إن كان إلى ذلك حاجة، وكان لا يكتفى بالأدوية الموضعية.

وأما الأدوية الموضعية: فالصبر والمر من أجود الأدوية لها، وخصوصاً مع العسل، وكذلك الصبر مع دقيق العدس بقليل خلّ وعسل، وماء الكرفس من السيالات المناسبة له، ومن الأدوية النافعة له دردي الخلّ وحده والبورق والحِنّاء والزعفران.

فصل في الثآليل، والمسمارية منها، والعقق القرنية، وما يجري مجراها السبب الفاعل لها الأول دفع الطبيعة والمادي خلط غليظ سوداوي، ربما استحال سوداء عن بلغم يبس جداٌ إذا كثر في الدم، وربما يعرض لنفس الدم لاحتقانه وكثرته، وعدم أسباب التعفن أن يستحيل إلى يبس وبرد، وخصوصاً في العروق الصغار التي لا يعفن الدم في أمثالها لقلّتِه، وقربه من الأسباب الخارجة التي هي إلى أن تجفف أسرع منها إِلى أن تعفّن، لا سيما إذا لم يكن الدم حاراً في جوهره جداً، وربما نبت منه واحد كبير، فصار سبباً لاستحالة مراج ما يأتي العضو المجاور من الغذاء إلى مراج مادته فييبس ذلك ويبرد، فتكثر الثآليل، فإذا نتف أو أبطل بأي تدبير كان سقطت الآخر، وتسمى الكبار العظيمة الرؤوس كرؤوس المسامير المستدقّة الأصول مسامير، والطوال العقق قروناً، ومن الثآليل جنس يسمى طرسوس ويعدّ فيها، وإن كان يجب أن يميز عنها ويشق إذا شقت عن مدة تحتها.

فصل في العلاج أما المبادة إلى تقليل الدم بالفصد وإلى استفراغ السوداء، فأمر لا بد منه، إذا كثرت العلة، وجاوزت الفصد، وكذلك التدبير المولد للكيموس الجيد، وغير ذلك مما سلف ذكره مراراً. وأما العلاج الموضعي، فبالأدوية التي لها مرارة وقبض، فالخفيف منها للخفيف مثل: تمريخ الثآليل بدهن الفستق دائماً، وبطبيخ الحنطة المصفى المتروك بعد ثلاثة أيام، وماء الكراث النبطي مع سماق، ودهن البان، وأيضاً بورق الكبر، وجوز السرو، والزيتون الفج والجوز مازج جيد أيضاٌ ، وورق الآس الرطب للخفيف وللقوي، وقشور الجوز الرطب، والتين اليابس، والخرنوب مع قلة أذاه صالح للعظيمٍ منها، والقوي وقشور لحاء أصل الغرب ورماده بخل الخمر، ومما هو جيد بالغ أيضا أن يؤخذ الحرمل والجِناء، يُدق ويُنخل ويُطلى بماء بارد. وأما القوي منه للقوي فمثل: الطلاء المتخذ من النورة، والزرنيخ، والقلي وخصوصاً مع الزئبق المقتول، لا سيما برماد البلّوط والزبت والملح بماء البصل والبُلْبوس وبعر المعز. وأيضاَ الذراريح مع الزرنيخ. وأيضاً عسمل البلاذري قوي في نثره ولبن اليتُّوع إذا كرّر عليه مراراً أسقطه، ودمعة الكرم، والكبيكج أيضاً عظيم الإسقاط لها، والشونيز معجوناً بالبول إذا ضمّد به كان عجيباً، ومرارة التيس أيضاً، والحلتيت والمرهم الحاد والمفجر للدبيلات، وهو مرهم البلاذر.

تركيب معتدل: يؤخذ قشور الجوز الرطب، وزجاج ونورة حية من كل واحد جزء، يدق وينخل ويوضع عليه، أو يؤخذ زنجار وقرطاس محرق من كل واحد خمسة دراهم، شحم الحنظل ستة دراهم، بورق ستة دراهم، نوشادر أربعة دراهم، قلي وزرنيخ أصفر من كل واحد ثمانية دراهم، مرارة البقر ستة دراهم، أشنان فارسي سبعة دراهم، يدق وينخل ويطلى عليه بماء الصابون.

ومن معالجات الثآليل: قلعها، وقد يكون ذلك بأنابيب ريشية أو فضية أو حديدية، تجويفها بقدر ما يلتقم الثؤلول بعسر ما وحرفها حاد قطاع، فيلقم فيه الثؤلول التقاماً فيه عسر ما، ويلف عليه ويغمر يسيراً عند أصله فيستأصله، أو يمدد بالصنانير حتى تتمدد أصولها، ثم يؤخذ بالة حادة حارة تغوص إلى الأصل، ويجعل عليها السمن بعد القطع. وأيضاَ كلما مسها الدواء الحاد فأقلق أخذ الدواء الحاد، وجعل عليه السمن، وترك قليلاً، ثم عوود إلى أن يتم سقوطه، وقد يقلع بأن يبان عما يليها بحديدة لطيفة مقورة، ثم يسلط عليها دواء حاد، وقد جزبنا قطعها بالموسى أعمق ما يمكن مع مراعاة سطح الجلد، ثم ذلك الموضع بالصابون والسعد والورد حتى يسيل ما سال من الدم، ويحتبس فيسقط بعد ذلك ما بقي.

فصل في القرون هي زوائد ليفية مخلية تنبت على مفاصل الأطراف لشدة العمل، وعلاجها القطع للمخلى منها الذي لا يوجع، ثم يستعمل على الباقي الأدوية الشديدة الحدّة من أدوية الثآليل، حتى تسقط، ثم تتبع بالسمن.

فصل في الشقوق التي تظهر علي الجلد والشفة والأطراف وجلد البدن في كل موضع سبب جميع الشقوق اليبس في الجلدة حتى تتشقق، وذلك اليبس إما لمراج مفرد أو رداءة أخلاط ترسل مادة حادة مجففة، وإما لحر مجفف أو ريح منشفة للنداوة، أو برد مجفف مكثف كما يعرض للأرض الجافة، والمجففة بالريح أو الحر أو المصرودة جداً من أن تتشقق، وقد يقع بسبب المياه القابضة، والتي فيها قوة الشب ونحوها، إذا وقع بها الاغتسال وتضادها المياه الكبريتية والقفرية، وقد جربنا الفرق بين ماء همذان وما يليها، وماء السابورخواست في هذا الباب تجربة قوية.

فصلى في علاج الشقوف عامة يجب أن يستقرغ إن كان خلط رديء، ويبدل إن كان مراج يابس، ويشرب الأدهان خصوصاً دهن السمسم المقشر إلى أوقية ونصف كل يوم في عصير العنب، أو نقيع الزبيب . لحلو أياماً ولاء، وكذلك طبيخ السرطانات النهرية بالماء والسكر، ويدام التدهين إن كان من برد فينفع منه الأقاقيا، وأيضاً طبيخ السلجم، والسلجم وورق السلق وطبيخه، وخصوصاً قيروطيات منها، ومن الشحوم المعروفة والأمخاخ والزفت الرطب والقطران.

وإن كان من حز فبالقيروطيات الباردة الرطبة مضروبة بالعصارات الباردة الرطبة، وإصلاح الغذاء، واستعمال الحمام بالماء الفاتر.

فصل في علاج شقوق الشفة السبب في شقوق الشفة اليبس، إما لريح كززت الجلد ويبسته ونشفت نداوته، أو لبرد أو لحر، أو لمراج يابس كما علمت. أما منعه فبأن يطلى قبل التعرض لسببه بالقيروطيات، الشحوم، والمخاخ، ودهن الورد مع الزوفا الرطب، وهذه أيضاً قد تزيل الواقع، أو إلصاق السماحيق عليه مثل غرقىء البيض والقصب وقشر الثوم والبصل.

وأما إزالة الحادث منه فمن الجيد له أن يؤخذ دردي مسوَّى وعلك البطم، ويخلط بشحم مثل شحم الدجاج والأوز والعسل، أو يؤخذ سحيق العفص الفج كالغبار معجوناً بصمغ البطم مدافاً على النار، وقد قيل أن تدهين السرة عند النوم، أو إيداع قطنة مغموسة في الدهن صماغ السرة نافع جداً.

فصل في شقوق الرجل شقوق الرجل قد تقع لأبخرة رديئة، وقد تقع لليبس والقشف، وبالجملة قد يقع بها انتفاع لما يتحلل منها.

فصل في العلاج إن أمكن أن يزال بإدامة وضع الرجل في الماء الحار، وتمريخها بالأدهان والشحوم، وخصوصاً شحم الماعز والبقر والنخاع مقومة يسيراً بالشمع، وأيضاً خصوصاً دهن الخروع ودهن الأكارع والدهن الصيني، فإنه غاية جداً، والدهن المتصبب من الألية المعرّض للنار فإنه جيد جداً، والحِناء جيد جداً، وخصوصأ معجوناً بطبيخ الحرمل وشيرج العنب جيد عولج بذلك، فان لم ينجع واحتيج إلى لقم مغرية تنفذ فيها كما يعالجونه بعد الاستحمام، ووضع الرجل في ماء حار، يجب أن يجعل فيها الكثيراء المهيأ بالدقّ والسحق فإنه عجيب. وأيضاً يؤخذ شمع ودهن حل وعلك البطم وميعة سائلة يجمع، ويلقم فإنه عجيب.

وأيضاً القطران مع طحين السمسم عجيب جداً، والكندر المسحوق بالأدهان والشحوم نافع جداً. وأيضاً الطلاء بالسرطان المحرق مسحوقاً بدهن الزيت، وهو في شقاق اليدين أنجع وأسرع، أو يؤخذ الداخل من بصل العنصل فيغلى في الزيت، ويداف فيه علك البطم، ويجعل في الشقوق وعلك البطم في الزيت وحده أيضاً غاية. وأيضاً عجين يتخذ من دقيق الخروع المطحون مع قليل ماء، ويلزم العشب وكسب الخروع نفسه جيد للمرمن المتقرح، أو يؤخذ مرداسنج وشمع وزيت وعسل بالسوية، ويتخذ منه شيء مقوم، أو يطبخ السرطان النهري بالشيرج. وأيضاً يؤخذ درديّ الزيت وشحم البط وعلك البطم.

علاج جيد لنا: يؤخذ الكثيراء ويسحق كالغبار وأصول البسفايج نصفه وزناً، والكهرباء والكندر المسحوقين من كل واحد ثلاثة، وعلك البطم مثلاً الكثيراء يجمع الجميع بدهن الخروع، ويستعمل، ونقول من استعمل تدهين العقب كل ليلة لا يغب أَمِنَ ذلك.

فصل في شقوق اليد يعالج بعلاج شقوق الرجل الخفيف.

فصل في شقوق ما بين الأصابع يعالج بمثل ذلك، ويخصّها أن تضمد بأصول البسفايج مسحوقاً كالغبار.

فصل في تقرح القطاة قد يعرض للقطاة أن تحمر أولاً، وتتشقّق أو تتقرّح بسبب كثرة الإستلقاء، وخصوصاً للمري، فيجب إذا بدأ يحمرّ أن يترك الاستلقاء، ويستعمل عليه الروادع. وأما في المرض فيستعمل فرش من مثل ورق الخلاف منزوعاً عن القضبان، وبمثل الجاورس وبمثل الريش، كل ذلك حشو كرباس لين أو ما يشبه الكرباس، فإن تقرح فمرهم الإسفيذاج.

فصل في الرائحة المنكرة في الجلد والمغابن والبول والغائط الرائحة تفسد لعفونة خلط، أو عرق، وقد تعين عليه الحركات المشوشة للأخلاط، وترك الغسل من الجنابة والحيض وتأخيره، وتناول مثل الحلبة، وما من خاصته أن يحرك المواد الحريفة إلى ظاهر البدن، وأما البخر فقد قيل فيه.

فصل في علاج فساد الرائحة للجلد عاماً تصلح الخلط بالإستفراغ والمراج بالتبديل، ويتناول ما يجود هضمه بكيفيته وكميته، وينتظف في الحمام وغيره، ويتناول على الريق ما له تعطير العرق مثل السليخة والفلنجة، وأيضاً الكِرَفْس والحرشف والهليون وكل مدر للبول منق للدم عن العفن، لكن بعضه مثل الهليون ينتن البول.

ومما ينفع من ذلك أن يشرب نقيع المشمش الطيب الريح والمشمش نفسه، ويطلى على البدن مثل ماء الآس وماء ديف فيه الشبّ اليماني، والميسوسن وطبيخ النمام، والنعنع، والفودنج، والمرزنجوش وورق التفاح، وورق الخلاف، وكذلك يتمرخ بالآس المسحوق.

وأيضاً الصندل خاصة، والسعد وفُقاح الإذخر وقصب الذريرة والسرو والورد خاصة والمرزنجوش والشاهسفرم والأشنة وورق الأترج وقشره وورق التفاح وورق السوسن نافع في هذا الباب جداً.

وأيضاً أقراص الورد بالسكّ، وأيضاً مما يسد المنافس، ويمنع العرق المرداسنج والتوتيا ورماد ورق السوسن والشب ونحوه، والمر والصبر ودهن الآس ودهن الورد.

فصل.في الصنان وعلاجه زعم قوم أن الصنان من بقايا آثار المني المتخلق عنه الإنسان، وقد وقعت إلى نواحي الإبط، ونفذت في مسام الجلد، وهذا ليس مما يجب أن يعتمد، ولأن ينسب إلى بخار المادة التي تستحيل منياً في الإنسان وإلى تحركه فيه أولى.

وأما علاجه فيجب أن يعالج بعد التنقية إن احتيج إليها بالتوتا وبالمرداسنج المربى، وبالقليميات وبرماد الآس، وبماء حل فيه الشب، وقد تصندل هذه، وتخلط بالكافور.

قرص جيد: يؤخذ من الصَنْدل والسليخة والسكّ والسنبل والشبّ والمر والساذج والورد من كل واحد جزء، ومن التوتيا والمرداسنج المبيض من كل واحد ثلاثة أجزاء، ومن الكافور نصف جزء، يتخذ منه قرص بماء الورد، ويستعمل بعد التجفيف.

أيضاً: يؤخذ من الورد الأحمر ومن السكّ والسنبل والسعد والمرّ والشبّ من كل واحد عشرة، يقزص بماء ورد ويستعمل لطوخاً.

فصل في صفة ذرور يطيّب رائحة البدن وينفع أصحاب الأمرجة الحارة يؤخذ سعد وساذج، وفقاح الأذخر، والميعة الشامية وهي لبنى رمان، من كل واحد عشر درخميات، ورد يابس وأطراف الآس من كل واحد عشرين درخمياً، يبلّ السَعْد وفقّاح الإذخر والساذج بشراب ريحاني، ويجفف ويسحق، ثم يطرح عليها الورد، وأطراف الآس مسحوقين، وأدِف الزعفران بماء الورد واخلطه بالأدوية الباقية، وجففه في الظلّ، ثم اسحقه وانثره على البدن بعد الاستحمام، بأن ينشّف العرق من البدن أولاً تنشيفاً بالغاً، ثم تنثر عليه الأدوية.

آخر يقطع رائحة العرق المنتن، ويصلح لأصحاب الأمرجة الباردة، ونسخته: يؤخذ سنبل الطيب وقرنفل وحماما وعيدان البلسان وسليخة من كل واحد ثلاث درخميات، قسط وأظفار الطيب وسنبل هندي ودار صيني من كل واحد درخمين، أطراف المرزنجوش وسنبل من سورية من كل واحد أربع درخميات، لُبنى رمان، حُل هذه بشراب، واسحق الباقية بماء النمام، واستعمله على ذلك المثال. آخر يقطع رائحة العرق، يؤخذ دار صيني، وسنبل هندي، وأظفار الطيب وقسط من كل واحد أوقيتين، طين البحيرة وخبث الأسرب وأسفيذاج مغسول من كل واحد نصف أوقية، شيح وسنبل رومي من كل واحد أوقية، وزعفران وورد يابس من كل واحد ثلاث أواق، تسحق اليابسة بماء الآس والزعفران، يُحَل بشراب ريحاني عتيق ويستعمل.

فصل في شدة نتن البراز والريح وعلاجه يكون ذلك بسبب عفونة الأخلاط، وبسبب تناول أشياء من خاصيتها ذلك مثل: الاشترغاز والثوم والجرجير والكراث والأنجذان والحلتيت، وأيضاً البيض لكنه يذهب نتنه جودة الهضم، وتناول ما يميل العفن إلى الجلد والبول كالحلبة، فإنه ينتن العرق والبول، ويذهب نتن الرجيع، والشراب الطيب يزيل شدة نتن الرجيع.

فصل في نتن البول أسباب نتن البول هي أسباب نتن البراز، وأيضاً المدرات كالهليون ونحوه، فإنها تطيب رائحة البدن، وتنتن رائحة البول، وأيضاً قروح المثانة، وعلاجه سهل مما علمت.

فصل في القمل والصيبان المادة الرطبة التي فيها حرارة ما أو معها حرارة ما، إذا اندفعت إلى الجلد فربما كانت من الرقة واللطف بحيث تتحلّل، ولا تحسّ بها، ويليها ما يتحلل عرقاً، ويليها ما يتحلل فينعقد وسخاً، ويليها ما يحتبس في أعلى طبقات الجلد، ويتولد منها مثل الحزاز والحصف ونحوهما، ويليهما ما يحتبس أغور من ذلك.

فإن كانت رديئة جداً فعلت مثل داء الثعلب ونحوه، والقوباء والسعفة،وإن كانت أقل رداءة ولم تكن فيها قوة صديدية، ولا أسرعت إليها العفونة المستعجلة البالغة، وصلحت لأن تكون مادة تقبل الحياة فاض عليها الحياة من واهبها، فحدث القمل وتحرك وخرج، وربما حدث منه الكبير دفعة.

وقد يعيين على تولّد القمل أغذية جيدة الكيموس رقيقته متحركة إلى الظاهر كالتين، ويعين عليه حركات محركة لذلك، ولا سيما إذا صحبه بخار من المني المتولد مثل الجماع، وقد يعين عليه ترك الاستنظاف والغسل، واستعمال ما يفتح مسام الجلد، ويحرك المواد المحتبسة فيه إلى التحلل، أو يدخل إليها النسيم المانع إياها عن الاستحالات العفنية، والشبيهة بالعفنية، وقد يغلب القمل حتى ينزف صاحبه، ويصفر لونه وتسقط شهوته، وينحف بدنه وتنحلّ قوته فصل في العلاج القمل الكثير المتولّد غير المنقطع النسل يحتاج في علاجه أولاً إلى تنقية البدن، وخصوصاً بالفصد وإصلاح التدبير، وترك ما يحرك المواد إلى خارج مما ذكرناه، ثم تستعمل الأدوية الموضعية، وتنفعه إدامة الاستحمام، والاستنظاف، وأن يديم الاستحمام بالماء المالح، ثم بالماء العذب، فهو أجود.

ويجب أن يديم تبديل الثياب، ولبس الحرير والكتان، وقد يشرب أدوية فتقتل القمل مثل الثوم بطبيخ الفودنج الجبلي.

وأما الأدوية الموضعية فتحتاج إلى أن تكون مجففة محللة جذابة إلى الخارج، فإن كان الأمر أعظم احتيج إلى أن يخلط بها قوى سمّية.

ومن الأدوية الموضعية: السمّاق مع الزيت والحماض، أيضاً وورقه وأصله، أو الشبّ مع الزيت أو ورق الرمان، أو ورق الحنظل، أو ورق الآس، أو ورق السرو أو ورق بزر الكتان، أو قصب الذريرة والدار صيني ودهن القرطم نافع مانع، ودهن الفجل عجيب، وقشور السليخة والزراوند والعاقرقرحا وأصل الخطمي والنمام والجعدة والأنيسون مشكطرا مشيع وبزر الأنجرة والبرنجاسف والقردمانا.

ترتيب جيّد: تؤخذ أشياف ماميثا ثلاث دراهم، قسط نصف درهم، بورق درهم، نشاء مثل الجميع يتنوّر ويطلى به.

ومن الغسولات: طبيخ الترمس، فإنه جيد قويّ، وطبيخ السماق، وطبيخ الطرفاء، وطبيخ الفودنج الجبلي، وطبيخ ورق السرو، وورق الصنوبر والمدرّات إذا وقعت في الغسولات كانت جيدة.

ومن البخورات: التبخير بالكندس والميويزج وبالزرنيخ وبالسكّ خاصة، وبالكبريت.

ومن الأدوية القوية: أن يؤخذ الميويزج والزرنيخ الأحمر والبورق يسحق الجميع بخل وزيت، ويطلى به الرأس، أو الخِرْبَق الأبيض والبورق أو ورق الدفلى بالزيت، أو ورق الحنظل، أو يؤخذ الخردل والكندس مسحوقين ويصبّ عليهما قليل خلّ، وتقتل بعد ذلك فيهما الزئبق سحقاً، وهو قوي، وكذلك ما يتخذ بالكبريت والزرنيخ والزراوند ورماد البلوط والقسط والمرّ.

وأيضاً: يؤخذ الكندس، والزرنيخِ الأحمر، والزراوند الطويل، والقطران، ومرارة البقر قدر ما تعجن به الأدوية، وهو طلاء جيد. وأيضاً: القطران والجنطيانا والزرنيخ ودهن السوسن. وأيضاً الممويزج وورق الدفلى، والشمب اليماني، وأيضاً يطلى في الحمام بشياف ماميثا جزء، بورق نصف جزء، قسط جزء، نشاء مثل الجميع يطلى به بعد التنور معجوناً بالخل، واستعمال هذه الأدوية بعد التبخير بمثل الكندس والميويزج أجود، وخصوصاً إذا ابتدىء بغسولات من جنس ما ذكر.

المقالة الرابعة
أحوال تتعلّق بالبدن

والأطراف وهي تمام كتاب الزينة فصل في إزالة الهزال الهزال يكون إما لعدم مادة السمن من الغذاء، أو لكثرة استعمال الغذاء الملطّف فلا يتولد في البدن دم كثيراً، والتدبير المقصور على ما غذاؤه لا يتولد منه دم زكي، وإما لضعف القوة المتصرفة في الغذاء إما الهاضمة وإما الجاذبة إلى الأعضاء لفساد مراج وأكثره بارد.

أو بسبب سكون كثير تنام معه قوة الجذب، خصوصاً إذا كان بعد رياضات اعتادت الطبيعة أن تجذب بمعونتها الغذاء، فإذا هجرت لم تجذب ولا الغذاء المعتدل أيضاً.

أو بسبب أن الدم يفيض إلى الطبع، والمراري أبغض إلى الجاذبة من الرطب المائي، وإما لمراحمة الطحال للكبد إذا عظم، فجذب إليه أكثر الدم، وأوهى قوة الكبد بالمضادة بينهما، وإما لمراحمة الديدان للبدن، وإما لضيق المسام لانسدادها عن أخلاط، وانطباقها عن اكتناز فعله برد أو حرّ أو مجرد يبس، تعرف كلاً منها بعلامة أو رباط دام عليها فسدد المسام والمجاري فلا ينجذب فيها الغذاء، وخصوصاً عن الطين المأكول.

وإما لكثرة التحلل فلا يثبت ما ينجذب من الغذاء إلى الأعضاء، بل يتفرّق كما يعرض في الرياضات السريعة والهموم والغموم والأمراض المحللة.

والأبدان التي تهزل في زمان قصير، فيحتمل أن يعاد إليها الخصب في زمان قصير، والتي هزلت في زمان طويل فلا تحتمل إلا المدار لضعف القوة عن أن تستعمل غذاء كثيراً.

وأقبل الأبدان للتسمين أرخاها جِلداً وأقبلها للتمديد، ومما يحوج الإنسان إلىالهرب عن الهزال الضعف، وشدّة الإنفعال عن الحر والبرد، وعن المصادمات والمصاكات، وعن الانفعالات النفسانية والنصب والتعب والأرق، وعن الاستفراغ والجماع، ويحتبس غذاؤه في عروقه فلا ينفذ فيعفن.

والسمن له مضار أيضاً نذكرها فلا كالمعتدل، فما دام السمن لا يحدث ضرراً فلا تكرهه، فإن الحياة في الرطوبة لكنك يجب أن تحتاط أيضاً، وتكره طريق الإفراط، وإن لم تظهر آفة لأن آفته تصيب مغافصة وبغتة على ما يقال في موضعه، وإذا يبست الأبدان والأهوية كان هزال.

فصل في العلاج يجب أن تنظر ما السبب في هزاله من أسباب الهزال التي نذكرها، فيعالج ويزال مثلاً إن كان الغذاء غير مولّد لدم غليظ قوي جعل ما يولده، ولم يقتصر على ما يولّد دماً محموداً فقط، فربما ولد رقيقاً متحللاَ. وإن كانت القوة الجاذبة في الأعضاء كسلى حركت وقويت، ونظر إلى سوء مراج إن كان فبدل والدلك مع الانتباه من النوم مما ينبه القوة الجاذبة.

وربما احتيج إلى منع الغذاء عن الجانب الآخر وجذبه إلى الجانب المهزول، إذا اختلف الجانبان مثل أن تكون إحدى اليدين مهزولة، والأخرى سمينة، فيحتاج أن تعصب السمينة مبتدئاً من أسفل عصباً غير شديد الإيلام، بل بقدر ما يضيق فقط، ويمنع الغذاء عن النفوذ، فيرجع إلى موضع القسمة ويجذب إلى الجانب الآخر، وتنبيه الجاذبة بالدلك، وخصوصاً بدهن مثل الزيت بقليل شمع، مسخناً دلكاً غير محجف، وكلما التهب العضو ترك، ثم عوود كما يسكن.

وإن كانت المنافذ منسدة فتحت، وإن كان البدن شديد الاكتناز، ولذلك انسدت المسام أرخي بالترطيب، والإسخان بالمسخنات من المتناولات، والحركات البدنية والنفسانية إن كان البرد حصفه، والتبريد والترطيب إن كان الحر كزّزه ولزّزه.

وأجود ما يسخن به العضو الذي لا يقبل التسمين لبرده أن يدلك، ثم يوضع عليه محمر.

وإن كان السبب في الهزال الطحال عولج الطحال، وإن كان الهزال للديدان قتلت، وأخرجت كل بما ذكر في بابه ورفه ونعم وأوطىء اللين، وأسكن الظل ونشط وعطر وسقي البارد، فإن هذه تقوي القوة الطبيعية جداً، فتحسن تصرفها في التغذية ودفع الفضول، وذلك مبدأ أسباب السمن. ومن المسمنات تناول الشراب الغليظ، والطعام الجيد الكيموس القوية المتينة إذا انهضم، مثل الهرائس، والجوذابات، والأرز باللبن، والمشويّ من اللحوم لما يحتبس فيه من قوة اللحم، فيولد لحماً صلباً، وأما المطبوخ فإنه يولد لحماً رهلاً منفشاً غير ثابت، ولحم البط مسمن، ولحم الدجاج كذلك، ولحم القبج بليغ فيه، وكذلك اللبوب بالسكر، والحمام بعد الطعام شدبد الجذب للغذاء إلى البدن مسمّن، لكن صاحبه عرضة لسدد تحدث في كبده، خصوصاً إذا كان طعامه طعام أصحاب الاستسمان، ولذلك يكثر الحصى في كل من يبغي هذا، وأولى من تكثر بهم هذه السدد والحصى من كان ضيق العروق خلقة، وليس كل ذلك، وهؤلاء إذا أحسوا بثقل في الجانب الأيمن سقوا المفتحات لسدد الكبد المعروفة، وسقوا قبل طعامهم الكبر بالخل والعسل والسكنجبين البزوري حتى يزول الثقل، وأجود الحمام ما كان على الهضم الأول، وقد انحدر الطعام وعلى أن كل الطعام عقيب الخروج من الحمام بلا فصل من أسباب السمن.

ونِعمَ المسمن الحتام لأكثر الناس، وخصوصاً الذين هم في حال كالذبول، ويجب أن يكون الاستحمام على أول الهضم أعني إذا انحدر الغذاء عن المعدة إلا في أشياء بأعيانها.

وللمحرورين الدوغ المتخذ من رائب لم يحمض، ومن حِيَل التسمين حبس الدم على العضو بعصب العضو الذي يوازيه في الجانب الآخر كما ذكرناه من قبل، ويعصب ما تحت العضو مما يتعداه الغذاء إليه، إذا كان سميناً أو غير مطلوب سمنه مثل السإعد إذا كان مهزولاً والكف سليم، فيعصب عند الرسغ أو العضد إذا كان مهزولاً، والكف والساعد سالم، فيعصب عند المرفق من أعالي الساعد.

ومن المسمنات ما يتعلق بالرياضة، وهو كلّ رياضة لينة بطيئة، وكل ذلك معتدل بعد ذلك سريع خشن قليل معتدل في الصلابة واللين، وخصوصاً الدلك كما نبيّنه إلى أن يحمر الجلد، وبعد ذلك يرتاض باعتدال، ويستحم استحماماً قصيراً، ثم يمسح بدنه، ويدلك الدلك اليابس، ثم يستعمل اللطوخات المسمنة، وتبديل الماء والهواء من أحد ما يجب أن يراعى، فربما كان الهزال بسببهما.

ومن المسمّنات: لطوخات تستعمل بعد تحريكات الأعضاء وتحميراتها، مثل الزفت وحده إن كان شديد السيلان، أو مذاباً في دهن بقدر ما يسيله للطخ، وقد يستعمل وحده على جلدة تدنى من النار حتى يذوب، ثم يلصق ويرفع إذا جمد، فإنه يجذب الغذاء إلى العضو، ويحبسه فيه وينبّه القوة الجاذبة، ويزيل برداً إن كان بسبب ضعف قوّة أو انسداد مسام في الجلد، ويعطيه لزوجة وثخونة، ويسدّ عليه المسام فيبقى ريثما يستحيل جزء من العضو، ولا يتحلل، ويجب أن يستعمل في الصيف مرة في اليوم الذي يستعمل فيه، وفي الشتاء مرتين، وينظر في أخذه عن العضو وتركه عليه سرعة تحمره، وتنقحه له أو بطء ذلك، فإنّه إذا أسرع في ذلك فلا تبالغ في تركه عليه، بل اقلعه سريعاً بل ربما كفى أن تقلعه إذا ألصقته حاراً فبرد.

وقد ينفع أن تقدّم على الزفت دلك سريع خشن صلب، ثم يطلى، أو ضرب بقضيب خيزراني مستو غير أعجر، وخصوصاً مدهوناً ضربات حتى يحمرّ وينتفخ، ثم يمسك فإن الزيادة في الدلك والضرب تحلل، ثم ألصق الزفت مسخناً باعتدال عند النار، فإذا جمد وبرد أخذ منه اختلاساً دفعة.

والأجود أن يصب عليه قبل الزفت ماء إلى حرارة ولذع ما، ثم يزفت والمياه الكبريتية والقفرية جذابة أيضاً للغذاء إلى الظاهر، قال "جالينوس": قد رأيت نخاسا سمن بهذا التدبير غلاماً أزل، فصار أليان سمين الأوراك في مدة يسيرة.

ومن كره الزفت استعمل بدله دهناً من الأدهان المسدَّدة مع حرارة ما، وإن استعمل الماء البارد واحتمله على البدن كله أو على العضو فعل، وأجود الأوقات لذلك وقت عمل اللطوخ في المجذوب، فتكاد القوّة تحيله دماً، ولا يجب أن يهرب من العلاج إذا أطيل، فلم ينجح بل يجب أن يواظب على ذلك بالخرق، وصبّ الماء الحار، ثم بالدلك باليد، "ثم الزفت، وربّما احتيج أن يجذب الدم بغير الدلك بل بالأدوية المحمرة مثل العاقرقرحا والكبريت، ومثل الثافسيا ومن الأعضاء أعضاء تحتاج في تسمينها إلى غذاء كثر من المعتاد، لأنه قد يتحلل منها أكثر من المعتاد، ويحتاج للسمن إلى فضل باقٍ ، لا سيما والدلك قد يحلل. ولنورد الآن الأدوية المتناولة، والحقن. أما المتناولة فالغرض فيها من قوى الأدوبة الهضم وحبس الغذاء في "المعدة وفي الأمعاء قليلاً بقوة ماسكة، وتنفيذه في العروق إلى جهات الكبد، وتفعله المدرات المعتدلة، وخصوصاً إذا شربت في الطعام، وبعده بمدّة يسيرة، ثم تحتاج إلى إجماده في العضو وتفعله المبردة والمخدرة كالبنج ونحوه، والخاصية وهي أجل القِوى من ذلك للمعتدلين.

ترتيب جيّد: يؤخذ اللوز، والبندق المقشَر، وحبّة الخضراء، والفستق، ؤالشهدانج، وحبّ الصنوبر الكبار، ويعجن بعسل وببندق بنادق جوزدة، ويؤخذ منها كل يوم خمس جوزات إلى عشر، ويشرب عليه شراب، فإن هذا يسمن ويحسٍّن اللون، ويقوَّي على الباه.

أيضاً دواء جيد يسمن ويحسّن اللون: يؤخذ مكوك دقيق سميذ وخمس أواقي عنزروت، يلتان بسمن البقر لتّاً روياً، ويتخذ منه أقراص، وتؤكل بالغداة والعشي، أو يؤخذ لوز وبندق مقشّر وحبة الخضراء وسمسم وخشخاش بالسوية، كسيلا نصف جزء، فانيذ مثل الجميع، يستفّ كل غدوة وعند النوم إلى وزن عشرين درهماً.

ترتيب "للكندي": يؤخذ ربع كيلجة بالملجم من الخروع المقشّر فينعم سحقه، ويصب عليه رطلان من اللبن الحليب، ويعجن جيّداً بدقيق البر ما يحتمله، ويقرَص منه أقراص برازدحية كل قرص أوقية ونصف، ويخبز ويجفف، ويؤخذ منه كل يوم قرصان مدقوقان.

تدبير جيد منه: للهزال الكائن بسبب الطين، وسدد نواحي الكبد، والصفار أيضاً: يؤخذ الزبيب الجيّد، ويصبّ عليه أربعة أوزانه ماء، ويطبخ إلى النصف، ويطرح على كل قفيز من الزبيب وزن رطلين من خبث الحديد، وكفّ من النانخواه، وكف من السكر، وكف عن الصعتر، فإذا نش وعلى يومين أو ثلاثة صفي، وشرب منه على الريق مقدار رطل، وبعد ثلاث ساعات يأكل خبزاً بكامخ كبر وكراث، ويشرب عليه النبيذ القوي قدر رطل، ثم إذا مضت سبع ساعات أكل اللحم السمين، وشرب عليه النبيذ القوي إلى ثلاثة أرطال، فإن هذا يفعل في أقوياء المراج منهم فعلاً عجيباً، ويحسن اللون.

أو يؤخذ الكثيراء وبزر الخشخاش والكوزكندم والبهمن والكِبَر والكهرباء والزرنباد والمغاث، من كل واحد ثلاثة دراهم ونصف، يُدَقّ ويقلى في السمن، ويُلقى على وزن منوين من سويق الحنطة، ويؤخذ كل يوم من الجميع إلى ثلاثين درهماَ، ويطبخ منه حسو بلبن وسمن وسكر يتحسّى، ويستحم بعده استحماماً خفيفاً.

أو يؤخذ من المغاث خمسون درهماً، ومن الخربق عشرون درهماً، ومن الكثيراء أربعون درهماً، ومن الزرنباد ثلاثون درهماً، ينخل ويؤخذ مثل ثلث الجميع خبز السميذ، ومثل ثلثه أيضاً لوز مقشَّر، ومثل ثلثه أيضاً سكر سليماني، يؤخذ منه في كل يوم وزن عشرين درهماً في لبن النعاج وعصير العنب من كل واحد رطل، يتخذ منه حسواَ ويتحساه، وتفاريق المسمنات المعتدلة هي اللبوب والأدقة والكوزكندم والكسيلا، خصوصاً مع سويق، فإنه مع ذلك يكسر نفخ السويق وحب السمنة، لكنه بطيء في المعدة والمغاث والزرنباد والبهمنان، وجميع ما يحرِّك المني من مثل البلبوس، والكرسنة، واللوبياء، ومما يجري مجرى الخواص أن يؤخذ دود النحل، وييبس، ويدق، ويخلط منه شيء بالسويق ويسقى منه.

ومن ذلك للمحرورين: ومن التدبير الجيّد للمحرورين أن يؤخذ دوغ الرائب الحلو الذي لم يشتذ جموده، ولا حمض، بل أخذ ونزع دسمه ليكون أنفذ وأخف، فيسقاه المهزول قدر نصف رطل، ويمكث عليه ثلاث ساعات حتى يستمريه، ثم يسقى مثله كرة أخرى، ويدافع بالطعام إلى العشي، ويكون غذاؤه الفراريج المسمنة، وإن احتمل أن يشرب الشراب الرقيق الأبيض فعل، وإن استحم قبل العشاء على ذلك، وقد شرب قدحاً نبيذاً رقيقاً صافياً، ثم خرج وتعشى كان أجود.

أخرى: يؤخذ حمص وينقع في لبن البقر يوماً وليلة، وإن جدد عليه اللبن وربي فيه أكثر من ذلك جاز، ويؤخذ من الأرز المغسول الأبيض، ومن بزر الخشخاش المدقوق ومن الحنطة والشعير مهروسين من كل واحد وزن ثلاثين درهماً، ومن خبز السميذ المجفف والسكر الأبيض من كل واحد وزن ثلاثين درهماً، ومن اللوز المقشَر وزن خمسين درهماً، يجمع الجميع ويطبخ منه كل يوم وزن ثلاثين درهماً بلبن حليب أو ثمن وسمن، ويشربه، ويستحم بعده في الابزن قمر ما يتحلل.

أيضاً: أو يؤخذ رطل لبناً حليباً، ورطل ماء يغلى بالرفق حتى يذهب الماء، ويلقى عليه أوقية فانيذ وأوقية سمن البقر ودهن الحل، ويغلى غلية ويتحسى. أيضاً: أو يؤخذ دقيق الحمص والباقلاء والشعير والأرز أجزاء سواء، عدس مقشًر، خشخاش أبيض، ماش مقشر، من كل واحد نصف جزء، حنطة مرضوضة، سمسم مقشر، نصف جزء، سكر جزأين، يتخذ حساء بلبن النعاج ويتحسى غدوة.

أيضاً: أو يؤخذ البنج ويطبخ في الماء طبخاً جيداً، ويصفى عنه الماء بقوة، ثم يجفف في الظلّ، ويجعل في وسط عجين، ويخبز في التنور على آجرة، فإذا احمر العجين كأنه بسرة أخرج وسحق، وألقي مثقالان في رطل من الفتيت المتّخذ بالسمسم والخشخاش، ويتناول منه غدوة وعشية ثلاثة كفوف.

دواء عجيب: يؤخذ البنج، ويغسل بالماء بعد أن ينقع فيه يوماً وليلة، ويجفف ويلت بسمن لتاْ روياً، ويقلى قدر ما ينسحق، ويلقى عليه أربعة أمثاله لوزاً مقشراً أو مثله جوزاً، ومثله سكراَ، ويؤخذ منه عند النوم وزن خمسة دراهم، وهؤلاء يسمنهم الكاكنج وعنب الثعلب والخس والتوت ولحم القبج، والمبالغون في الهزال مفتقرون إلى معالجة مرطبة ذكرناها في باب الدق، وفي باب يبس المعدة فارجع إليها، وهؤلاء أيضاً ينبغي أن يطلوا بالزفت كل أربعة أيام أو ثلاثة على النحو المعلوم.

ومن ذلك للمبرودين: قمحة للمبرودين: يؤخذ خربق أبيض، تودريحان، بزر الخشخاش الأبيض، من كلّ واحد وزن درهمين، بورق، حبّ الصنوبر، من كلّ واحد ثلاثة ثلاثة، حبّ السمنة أربعة، سورنجان، بزر البنج، عاقرقرحا، خولنجان، بهمن أبيض، من كل واحد درهم، كسيلا خمسة دراهم، الحنطة البيضاء مكوك واحد، تنقع الحنطة في اللبن حتى تربو، ثم تجفف في الظل، وتقلى وتسوق، ويخلط الجميع ويلقى عليه من سمن البقر عشر مغارف، ويسقى منه كل بكرة عشرة وكل عشية عشرة ويشرب عليه اللبن آخر معروف: يوخذ حرف أبيض ودقيق الحمص ودقيق الباقلا والنانخواه من كل واحد جزء، كسيلا جزأين، كمون كرماني وفلفل من كل واحد نصف جزء، يسحق ويعجن ويخبز في التنورويجفف، ويخلط بمثله خبزاً سميذاَ مجففاً، ويتّخذ منه كل يوم حساء بلبن، أو يجعل في مرقة فروج سمين، ويتحسى قبل الطعام.

شراب لهم: يؤخذ من الكسيلا خمسة دراهم، ويترك على رطلين من الشراب الطيب الذي لا حموضة له البتة، ويشرب منه ثلاثة أقداح غدواً وعشياَ، وعند النوم في كل حال قدح، وينفع أن يتبع بالسويق، واللعبة البربريه في السويق شديدة النفع لهم تسخنهم وترطبهم، لكنها شديدة الحرارة.

ومن ذلك لأصحاب اليبس يعالجون بعلاجهم من المرطبات المعلومة، وتدبير المدقوقين ثم تدبر الذي جلب الحر يبسه بتدبير المحرورين، والذي صحب يبسه برد تدبير أصحاب الدِق الهرمى.

وأما الحقن فكل حقنة مسمنة للكلى كلبن النعجة ونحوه، وخصوصاً إذا حل فيها من البارزد شيء، ومنها مركبة قد ذكرت في أبواب الباه، ونذكر منها واحدة. ونسختها: يؤخذ رأس شاة سمينة فتنظف، ثم تدق جيداً ويجمع إليه نصف رطل ألية، ورطلان لبناً، ويؤخذ من الحنطة والأرز والحمص المهروسة من كل واحد ربع رطل، بعد أن يكون قد جمع ذلك كله وهرى إلى الماء وصفي، ويصب هو وماؤه أيضاً على الأخلاط الأخر، ويعاد الجميع إلى الطبخ في التنور حتى يتهرى الرأس أيضاً، ويصفى الجميع ويؤخذ من المرق ثلاث أواق، ومن الدسم أوقيتين، ومن دقيق اللوز والجوز من كل واحد أوقية، ويحتقن به وينام عليه.

فصل في تسمين عضو كاليد أو الرجل أو الشفة أو الأنف أو القلفة أو القضيب الممكن في ذلك ما يختص بذلك العضو، وليس ذلك من جهة المأكول والمشروب، فإن ذلك عام للبدن، بل من جهة جذب الغذاء إليه وحبسه عليه، وتحويله إلى طبعه، وذلك كما علمت بالدلك المحمر بالخشونة وبالأدوية المحمرة، ثم بالدلك الذي هو أقوى ويصب الماء الفاتر، ثم يطلى الزفت، وقوم يجعلون العلق البرية وهي الدود الحمر في قوة الزفت، وقد علمت في أول الأبواب كيف يستعمل الزفت، ويعينك على ذلك توجيه المادة إليه بسد الطريق عنه إلى غيره، أو عن مقسم الغذاء إلى غيره، وقد عرفت جميع ذلك وبعض الأعضاء تختص به أعمال من أعمال الحديد، مثل: الشفة، والأنف، والأذن.
وقد قيل في غير هذا الباب إذا كانت الشفة والأنف ناقصين، فيجب أن يبط الوسط ويكشط الجلد عن الجانبين، ويقطع اللحم الذي هو في الوسط ما صلب منه، فيطول ويزول التقلص.

فصل في عيوب السمن المفرط إنّ السمن المفرط قيد للبمن عن الحركة والنهوض والتصرف، ضاغط للعروق ضغطاً مضيقاً لها، فينسد على الروح مجاله فيطغى كثيراً، وكنلك لا يصل إليهم نسيم الهواء فيفسد بذلك مراج روحهم، ويكونون على حذر من أن يندفع الدم منهم أيضاً إلى مضيق، فربما انصدع عرق بغتة انصداعاً قاتلاً. وفي مثل هذه الحال، والحال التي قبلها يحدث بهم ضيق نفس، وخفقان فليتدارك حينئذ حالهم بالفصد، وهؤلاء بالجملة معرضون للموت فجأة.

وبالجملة فإن الموت إلى العيال البالغين فيه أسرع وخصوصاً الذين عيلوا في أول السن فهم دقاق العروق مضغوطوها، وهم معرضون للسكتة والفالج والخفقان والذرب، لرطوبتهم، ولسوء النفس والغشي والحميات الرديئة، ولا يصبرون على جوع ولا على عطش بسبب ضيق منافذ للروح، وشدة برد المزاج وقفة الدم وكثرة البلغم، ولن يبلغ الإنسان المبلغ العظيم من العبالة إلاّ وهو بارد المزاج، ولذلك هم غير مولّدين ولا منجبين ومنيهم قليل.

وكذلك العبلات من النساء لا يعلقن وإن علقن أسقطن، وشهوتهن أيضاً ضعيفة، هؤلاء جميعهم إذا عولجوا بالأدوية لم تكد الأدوية تنفذ في عروقهم إلى أعضائهم الآلمة، وإذا مرضوا لم يحسوا به بسرعة لأن حسهم ضعيف، وفصدهم صعب وفي إسهالهم خطر، فربما حرك أخلاطهم فلم يمكنها أن تنفذ في العررق راجعة لانضغاطها، فربما أتلف ذلك، فإن عملوا شيئاً أوهنهم لأن حارهم الغريزي ضعيف، لأن مكانه ضيق، وقد ذكرنا أن الفاصل هو المعتدل وخصوصاً في الشبيبة والعبالة المتوسطان، وإن كدت وأضعفت عن الحركة فإنها بما يصحبها من الدلائل على الرطوبة مبشّرة بطول العمر.

فصل في التهزيل تدبير الهزال هو ضد تدبير التسْمين، وهو تقليل الغذاء، وتعقيبه الحمّام والرياضة الشديدة مع تبعيد، وجعله من جنس ما لا يغذو أو من جنس ما غذاؤه يابس أو حريف أو مالح، مثل العدس والكوامخ والمخللات.

وليكن خبزهم الخشكار وخبز الشعير، ولتكثر التوابل الحارة في طبيخهم، ومما يعين على تقليل غذائهم أن يجعل غذاؤهِم المذكور مع ما وصف دسماً جداً ليشبع بسرعة خاصة إياهم، فإن شهواتهم ضعيفة.

وليكن طعامهم وجبة، وليعن بتحليل مادة إن اجتمعت منه، وتعين عليها شدة خلخلة البدن منهم بالرياضات العنيفة، وتخشين الملبس والمضجع، وتبديل الماء البارد إلى الحار والهواء البارد إلى الحار، والتكشف دائماً للبرد لتنقبض المسام، وتنسدّ ويتحصف البدن للقشعريرة فلا يقبل الغذاء، ويمنع التحلل المعتدل الذي هو مقممة الانجذاب لما وراءه، فإن كان صيفاً كشف للحر حتى يكثر تحلله، فيتحلل فوق ما ينجذب إلى العضو، والاستفراغات والقيء إذا كانت غير معتدلة. فإن القيء إذا كان معتدلاً قبل الطعام وبعده أسمن، لكن الكثير يهزل، وإحالة المزاج إلى ضد المزاج الفاعل للسمن إن كان برداً فبتسخين، وإن كان حرارة معتدلة فبإمالة إلى البرد أو الحرّ المفرط.

وفي أكثر الأمر فإن من أنفع الأشياء لأكثر من يفرط في السمن، ويكون مثل ذلك عن البرد هو استعمال الأدوية الملطفة، وهذا أيضاً للحار نافع، ويجب أن يحمل عليهم بالرياضات العنيفة، وبالاستفراغات، فإنها تفعل في الأخلاط ثلاثة أفعال كل فعل منها يعين على التهزيل، من ذلك ترقيق الخلط فيهم، وإبعاده عن الانعقاد، وتعريضه للتحلل، ومن ذلك أنها تدرّ وتحرّك الأخلاط إلى غير جهة العروق، ومنها أنها تفيد الدم كيفية حادة غير حبيبة إلى القوة الجاذبة.

والأدوية الملطفة في أكثر الأمر هي الأدوية المستعملة في أوجاع المفاصل، وهي القوية جداً في إدرار البول ليست المعتدلة التي إذا خالطت، توجهت بالغذاء إلى العروق، ولم تقدر على توجيه المواد إلى رواضع العروق، ولا إلى ناحية البول أخذاً عن جهة العروق اللهم إلا أن يسقى، وقد وقع الهضم الثاني فترد على الكبد، وهناك يبتدىء أول فعلها، بل القوي الذي يبقى مميزاً جذاباً للأخلاط إلى غير جهة العروق، فيجوع العروق، ويفعل سائر الأفعال، وهذه الأدوية أيضاً تحرّ الطمث بقوة فتعين عن التهزيل في النساء، وهذه الأدوية مثل: الجنطيانا وبزر السذاب، والزراوند المحرج، والفطراصاليون، والجعدة، وللسندروس قوة مهزلة جداً ضد قوة الكهرباء واللك له في ذلك خاصية قوية أيضاً. وكذلك بزر الكرفس والزاج مهزل قوي، لكنه خطر والمرزجوش كذلك. صفة دواء مركب: يؤخذ زراوند مدحرج وزن درهم، قنطوريون دقيق ثلثي درهم، جنطيانا رومي وجعدة وفطراساليون وملح الأفاعي من كل واحد ثلاثة دراهم، وهو شربة. دواء قوي: يؤخذ أصل قثاء الحمار، وأصل الخطمي، وأصل الجاوشير، ويستف من الجملة وزن درهم.

وأيضاً يؤخذ من بزر النانخواه وبزر السذاب والكمون بالسوية، ومن المرزجوش اليابس والبورق من كل واحد ربع جزء، ومن اللك جزء، الشربة كل يوم مثقال، ومن الأدوية الملطفة الخل والمري وخصوصاً على الريق، إلا أن من كان به ضعف عصب ومن بها آفة في الرحم، فليجتنب الخل، وشرب الشراب كل الريق، قد يهزل أيضاً بما يحلل، وبما يملأ العروق بخاراً إذا كان ما شرب كثيراَ، فلا تقبل العروق داخلاً آخر عليها من الطعام.

وكذلك الأدوية الملينة للطبيعة، فإنها تصرف الغذاء عن العروق، وإذا استعمل كثيراً صارت القوة الجاذبة كسلى، واعتادت العروق التخلية عما يتوجه إليها عند أدنى حركة من الأخلاط إلى الأمعاء، وإذا تظاهرت الأدوية الملينة للطبيعة والملطفة المدرّة لم يتوجه إلى العروق كثير شيء.

ومن الأدوية المنحفة الترياق واستعماله، وملح الأفاعي، ودواء الكركم، والكموني، والفلافلي والشجرينا، والانقرديا، ودواء اللك، والأتاناسيا، والأمروسيا والاطريفل الصغير. وأما أطليتهم فيجب أن تكون إما من جنس ما يبرّد ويخدر القوة الجاذبة، ويكون فيه سمية كالشوكران والبنج، وإما من جنس ما يحلّل تحليلاً شديداً مثل الأدهان والمروخات القوية التحليل، ويجب أن يكون استحمامهم على الريق، ويكون هوائياَ معرقاً لا مائياً مرطباً، وإن كان مائياَ فمحللاً يدوم فيه لئلا ينتج منه الجذب المفرد دون التحليل، ثم لا يبادر إلى الأكل عليه، بل يصبر وينام عليه أو يتحرك ويرتاض، ثم يستفرغ، ثم يأكل شيئاً طفيفاً، وكذلك يجب أن يكون دلكه دلكاً محلّلاً متوالياً.

فصل في تهزيل أعضاء جزئية مثل الثدي والخصية واليد والرجل ونحو ذلك نرجع في هذا التدبير أيضاً إلى الأحوال والشروط التي قيلت في التهزيل المطلق، ويعان بمعينات تختصّ بها تعين على ذلك مثل تسكينها وتبريدها، وعصب مسالك الغذاء إليها، وشد الرباطات وإدامتها على تلك المسالك دونها، وجذب الغذاء إلى مقابلها.

ومن الأطلية التي تمنع الخصي عن الكبر والاثداء عن العظم دواء بهذه الصفة، ونسخته: أن يؤخذ فيموليا وإسفيذاج الرصاص، ويخلط بعصير البنج ودهن الآس، ويستعمل مروخاً أو يدام طليها بحكاكة حجر المسن بعضه على بعض بخل، أو بعصارة البنج، وكذلك كثرة الطلاء بالشب كل يوم أيضاً أو أن يِؤخذ طين جزء، وعفص أخضر، فيسحقان ويطليان بالعسل، يوماً، ثم يغسل بالماء البارد يفعل ذلك في الشهر ثلاث مرات، ويخصّ الثدي أن يِشد عليه كموناً مسحوقاً معجوناً بالخل، يضمّد به الثدي، ويترك عليه خرقاً مبلولة بالخل ثلاثة أيام، ثم يحل ويتبع ببصل السوسن الأبيض، ويشدّ ولا يحل ثلاثة أيام آخر يفعل ذلك في الشهر ثلاث مرات، ولنتكلم الآن في علل الأظفار.

فصل في الداحس الداحس ورم حار خراجي يعرض في جانب الظفر، وهو صعب شديد الإيلام، وقد يتقرح ويؤدي إلى التأكل، وربما سال من متقرّحه مدة رقيقة منتنة، ويكون في ذلك خطر للأصبع، وكثيراً ما تحدث الحمّى.

فصل في العلاج إن احتيج إلى فصد وإسهال فعل، ولا بد من تلطيف الغذاء وتبريده، ويجب أن يجري في العلاج مجرى سائر الأورام، أعني في مراعاة حال الابتداء والتزيّد والانتهاء والانحطاط على ما علمت، وأما الأدوية الموضعية له ففي الابتداء، يجب أن يغمس في الخل الحار، فقد وصف "جالينوس" أنه شديد المنفعة للداحس، ولا شك أنه في الأول أنفع، وخصوصاً مع نخالة أو سويق شعير والمرهم الكافوري المتخذ بالكافور.

وإذا عجن الأفيون بلعاب بزرقطونا المستخرج بالخلّ نفع جداً، والتضميد بالعفص. المدقوق المسحوق ربما ردعه، وكذلك وسخ الأذن مع الحض ربما منعه أن يجمع، والحضض أيضاً نافع جيد، وكذلك السماق وبرادة العاج والأقاقيا، يستعمل أيها كان بالسكنجبين ضماداً. وكذلك العفص المعجون بعسل، فانه مما يمنع استحكامه ويغمس دائماً في الماء البارد، ويسكّن وجعه بالأفيون، فإنه عجيب ولعاب بزرقطونا حينئذ نافع، أو يؤخذ عفص وقشور الرمان الحامض وتوبال النحاس، وتين يابس بالسوية يعجن بعسل أو برب العنب أو بالجلاب ويشد عليه، ولا يقرب دهناً ولا رطوبة إذا خفت تقرّحاً، وأصل السوس والكندر المسحوق، وحده ومع غيره، وحبّ الآس مطبوخاً برب العنب ربما ردعه.
دواء مبرىء للداحس: يؤخذ الصبر والجلنار والكَندر والعفص، ويجمع بعسل ويستعمل ولا يجب أن يقام على المبردات، فإنها إذا جاوزت الوقت أول الابتداء كثفت الجلد، وحصرت المادة، واشتد الوجع، ولا تلتفت حينئذ إلى ما يحس من الحرارة، وإن كانت كالنار، بل حلل وجفف، وربما نجح الغمس في دهن مسخن والصبر عليه، وفي الوسط يسحق الكندر ويوضع عليه أوزنجار الحديد والشونيز أيضاً مسحوقاً، وأياً اللعابات الملينة والشحوم، وكذلك أقراص أنذرون وموساس، ووسخ الأذن جيد له قبل الجمع، وإذا أخذ في النضج فضع عليه بزر المرو وبزر القطونا باللبن، وفي قرب الانتهاء والجمع يجب أن يحرق الملح، ويعجن بالزيت ويوضع عليه، فإنه يسكّن وجعه، فإذا تمّ الجمع فليبط بطأ لطيفاً صغيراً ليخرج ما فيه، وليضمد عند آخراج ما فيه بالقوابض مثل: العدس، والجلنار، والورد، ومثل سويق النبق، وسويق التفاح، وسويق الزعرور، وبعد ذلك دقيق الترمس بعسل.

وإذا تقرح في ن الصبر من أفضل علاجاته، وكذلك الكنمر بالزرنيخ ومرهم الزنجار مخلوطاً بمرهم الاسفيذاج، والأنزروت يغشى ذلك بخرقة مشربة شراباً، ويجب حينئذ أن يبرى اللحم من الظفر من كل ناحية، ويقطع ما ينخس اللحم من الظفر.

مرهم جيد ذكره "فولس": يؤخذ زاج محرق وكندر جزءاً جزءاً، زنجار نصف جزء، يسحق بالعسل ويستعمل. وأيضاً مرهم بهذه الصفة، يؤخذ: قشور الرمان الحامض، العفص وتوبال النحاس، وزنجاره يخلط بالعسل، ويلطخ ويشدّ ولا يمسّ الموضع ماء ولا دهن، مرهم جيد: يؤخذ الزاج المحرق والكندر من كل واحد جزء، زنجار نصف جزء، يجمع بالعسل ويوضع عليه، وربما احتيج عند خوف التأكل إلى استعمال فلدفيون من زرنيخ وزاج وزنجار ونورة، فإنه يجففه ولا أفضل منه، وإذا جعل يسيل من الداحس المتقرح مدة فأكوِ، أو إقطع لئلا تفشو غائلتها في الأصبع كلها، وكأنا قد كنا تكلمنا في الداحس، مرة.

فصل في آذان الفار وتشقّق الأظفار وتقشّرها وجربها قد تعرض هذه الأعراض بسبب يبس، ومزاج سوداوي وما كان من تشقّق الأظفار إلى أجزاء حادة، فيتعلق باللحم، وينخس ويؤذي فيقال له آذان الفار. وأما علاجه فلا بد فيه من تنقية البدن بالاستفراغ للخلط السوداوي إذا كان غالباً، والأدوية الموضعية أن يطلى بالأشراس مع ملح العجين، ودردي الخمر أو يضمد ببصل الفار المشوي، وخصوصاً مع دهن الخلّ أو بزر الكتان، والحرف ضمّاداً يشدّ عليها بالعسل، والحرف والملح مدقوقين ينفع من ذلك، ويقلع الشظايا أو يطلى بالأشراس والخلّ، أو يطلى بالأشراس والملح ودرديّ الخمر، وهذه تنفع من الجرب والتقشّر، وكذلك المصطكى مذاباً مع ملح جريش، وأهال شحم الضأن ينفع من جرب الأظفار.

فصل في التشنّج والتعقّف والتجذّم الذي يعرض للظفر هذه العلة تعرض أيضاً للأظفار في الاكثر من السوداء، فتقلبها، وتشنجها، وتعقّفها وتجذمها، وكثيراً ما يكون سببها قالعاً من القوالع معرّض للظفر، فلما أراد أن يثبت ثباتاً جيداً، لم يرفق به ومسّ كثيراً وأولم، فخرج ما خرج على هيئة رديئة، واستمر في التولّد على تلك الجملة إذ كان ما يأتيه من الغذاء يأتيه، فلا يجد فيه نفوذاً، ومنه تحللاً على الوجهين الطبيعيين فيتراكم في أصل الظفر ترإكماً يصير له المدد كالأصل، وكثيراً ما يعالج المتقوس والمتعقف بشحم سبعة أيام، ثم يحكّ بزجاجة، ثم يعاود حتى يستوي وكثيراً ما يتقلع الظفر لسقطة، فيشتدّ الوجع ويورث الحمّى.

فصل في العلاج الذي سببه السوداء فلا بد من استفراغها إن كانت عامة للبدن، وكانت الأظفار كلها قد صارت كذلك، وإصلاح الغذاء من أوفق الأشياء لذلك، ومن شرب الشيرج وأدمنه استوت أظفاره. وإن كانت السوداء تختص بظفر واحد، فيجب أن يعالج بالمعالجات الموضعية، والمعالجات الموضعية لذلك منها ما يليّن الظفر ويهيئه للقشر والتسوية، مثل استعمال نورة والزرنيخ عليه، فيصير بحيث يتجرّد بالسكين إلى أي قدر شئت، وكذلك كثرة تضميده بثفل الفقاع، فإنه يسهّله للتسوية، وكذلك إن احتملت اليد سخنته بالشمع وسويته وصمغ السرو ضمّاد جيد لتليينه، وبزر الكتان أيضاً جيد للتشنج، وإهال شحم الضأن إذا مدّ عليه أياماً وترك يلينه فإن لم يكن أعيد عليه مراراً إلى أن يلين ويتهتأ للتسوية.

فصل في حيل قلع الظفر الرديء في هيئته، وفي لونه، وسائر عيوبه لينبت بدله ظفر جيد يؤخذ صمغ السرو ويضمّد به الظفر الخبيث الموجع أياماً ليلين، ثم يغرز أصله بإبرة ويسيل منه دم كثير، ثم يشدّ عليه ثوم مدقوق يوماً وليلة، ثم يجدد عليه الثوم في اليوم الليلة مرتين، فإنه يسقط وإدامة تضميده أيضاَ بالزبيب، ربما هيأه للسقوط بأدنى تدبير، وخصوصاً إذ خلط به الجاوشير أو كبريت مسحوق بشحم.
ومن الأدوية القوية لقلع الظفر الكبيكج، وأيضاً دبق البلوط والثافسيا والزرنيخ والفراريح يجمع بالخلّ، ويدام تضميدها به، ويحل في كل عدة أيام، وأيضاً الزرنيخان والكبريت الأصفر وعلك البطم، يتخذ منه ضمّاد بالخل يحلّ في أسبوع.

فصل في مراعاة ما ينبت يجب أن يحتال حتى يكن ويوقى عن المس باليد والهواء وغير ذلك، وينسى، وأوفق ما أعرف لذلك أن يتخذ شيء يشدّ على الأنملة، كالقلنسوة من فضة، وفيها تشبّك وخرق لئلا يمنع الهواء أصلاً، فإن وجب منع الهواء عنه لحرّ أو برد أو غيره ستر بشيء آخر، ويجب أن يكون شكل هذه القلنسوة الشكل الذي يتجافى عن ملاقاة الأصبع من جهة الظفر إذا شدت عليه، ويلاقى من جهات أخرى، وينسى على الأصبع مدة أشهر، فإنه ينبت حينئذ ظفر أجود ما يكون: فصل في البرص الذي يكون على الأظفار يؤخذ جوز السرو ويدقّ، ويخلط بخلّ ودقيق، وخصوصاً دقيق الترمس، ويضمّد به فيقلع البرص، وكذلك بزر الكتان بالحرف، وكذلك الدردي المحرق مخلوطاً بالزرنيخ الأحمر والراتينج، والزفت الرطب عجيب في ذلك، خصوصاً مع الزرنيخ الأحمر، أو مع جوز السرو، وغراء السمك عجيب بالغ، وأصل الحماض أيضاً طلاء بالخل.

فصل في الصفرة التي تعرض للأظفار فصل في رضّ الأظفار يضمد أولاً بورق الآس أو ورق الرمان اللين، ثم الملينات فإن كان حدث لرؤوس عصبها المنتهية إليها انتشار، استعمل عليها الشحوم المعروفة، والقيروطيات الملينة.

فصل في موت الدم تحت الظفر عن رضة وقعت يعالج بدقيق مخلوط بزفت يضمّد به، وإن لم يغن بل احتيج إلى عمل اليد، يجب أن يشق الظفر بالرفق شقا متورباً بآلة حادة، حتى يخرج الدم تحته، فإن عرض من ذلك أن انقلع الظفر أسلت الدم، وألصقت الظفر على ما تحته بالرفق ليكون وقاية، ولا يوجع، ثم يراعى بعد أيام.

وإن كان هناك صديد أزعجت الظفر، أو شققته برفق ورددت وشددت ولا تسر اللحم، فيهيج وجع عظيم أعظم من الداحس بل غطّه به، وانطل على الظفر الماء والدهن الفاتر، وضع عليه من بعد وبآخرة مرهم الباسليقون.