الكتاب الخامس: الأدوية المركبة والأقراباذين - المقالة العلمية: الأقراباذين في الأدوية المجربة - المقالة العاشرة: ذكر الأوزان والمكاييل

المقالة العاشرة

ذكر الأوزان والمكاييل

من كناش يوحنا بن سرافيون قال: قد يستغنى عن هذا الباب في هذا المجموع، لأني إنما ذكرت كل كيل ووزن وأردفته بما هو معروف به عند أصحاب اللغة العربية في أبوابه، إلا أن قوماَ ممن اْشرفوا على نقلي سألوني نقله لينتفع به في غير هذا الكتاب.

القسط عند الشعوب التي تتخاطب باللسان اليوناني معررف فأما الكيل فليس جميعهم متفقين عليه، وذلك أن بعضهم يستعمل غير الذي استعمله صاحبه، والقسط عند الروم يسع رطلاً ونصفاً وسمساً فيكون عشرين أوقية، والقسط الأنطاليقي رطل ونصف الرطل إثنتا عشر أوقية.

والمن الرومي عشرون أوقية، والمن الأنطاليقي والمصري ست عشرة أوقية، والمن يكون أربعين إستاراً.

والرطل عشرون إستاراً.

والاستار ستة دراهم، ودانقان وهو أربعة مثاقيل.

الدرخمي مثقال، الدورق الانطاليقي يكون ثمانية جواهين، والجوهين ستة أقساط رومية.

القوطولي سبع أواق، مسطرون الكبير ثلاث أواق، مسطرون الصغير ست درخميات.

إكسو ثافن ثمانية عشر درخمي. قواثوس أوقية ونصف.

غراما ما بين ربع درهم إلى الدانقين أو دونه.

أونقوش أوقية واحلة وكل واحد منها سبعة مثاقيل، أون أوقية، أيان العسل رطلان ونصف، أيان الدهن مناً ونصف، الدورق ثلاثة أرطال، قسط العسل رطلان ونصف، الهامين خمسة أساتير وعشرون درهماَ وأربعة أوثولو.

الباقلاة الواحدة المصرية أربع شامونات، أوثولو دانق ونصف، كماوجس الاسكندراني ثلاثة أوثولو.

البندقة الواحدة درخمية واحدة.

الجوزة أربعة عشر شاموناً.

الصدفة الصغيرة سبع شامونات، الصدفة الكبيرة أربع عشرة شامونة.

الباقلاة اليونانية شامونيان وأوتولوين.

السكرجة ستة أساتير وربع.

ملعقة العسل أربعة مثاقيل، ملعقة الأدوية مثقال واحد ودرهم.

النيطل الواحد إستاران.

الدرخمي ست أثولات، كل أوثولو ثلاثة قراريط.

كل قيراط أربع شعيرات، الثلاث أوثولات تسعة قراريط، القواثوس أوقية ونصف، مالي هو العسل مالي قراطون هو ماء العسل، وربما كتبوه مالقراطش أو ماء القراطن.

أقومالي هو مما يمرس فيه الشهد ويحتفظ به غير مطبوخ.

أودرومالي هو عسل وماء المطر المعتق مناصفة يشمس الشراب المعشسل، هو متخذ من عصير العنب الذي فيه قبض خمسة أجزاء، ومن العسل جزء واحد، يلقى ذلك في إناء واسع مما يملأ به ليتسع لغليانهما، ويلقى عليهما ملح قليلاً قليلاً حتى تنقذف الرغوة، فإذا سكن الغليان رفع في الخوابي.

شراب العسل: شراب عتيق قابض جزءان، عسل جيد جزء واحد، يخزن في إناء ويترك حتى يدرك.

الطلاء يتخذ بأن يترك العنب في كرمه بعد أن ينضج زماناً يسيراً أو يقطع العنب النضيج فيشمس، ثم يعصر ويطبخ.

أكسومالي هو السكجبين المتخذ من الخل والعسل والماء، وقد يضيف إليه قوم ماء البحرأو ملحه، ومن جملة نسخ ذلك خل خمس قوطولي.

والقوطولي سبع أواق، ومن ملح البحر منوين، ومن العسل عشرة أمناء، ومن الماء عشر قوطولات، يغلى عشر غليات ويرفع أوكسالي خلّ يخلط بماء الملح، روذومالي شراب يتخذ بعصارة الورد مع عسل.

الباب الأول كيفية وجود صناعة الطب وأول حدوثها ذكر كثير من القدماء أن الطب ظهر في ثلاث جزائر في وسط الإقليم الرابع إحداها تسمى رودس والثانية تسمى قنيدس، والثالثة تسمى قو، ومن هذه كان أبقراط.

وبعضهم يرى أن المستخرج لها الكلدانيون. وبعضهم يقول أن المستخرج لها السحرة من أهل اليمن. وبعضهم يقول أن المستخرج لها الهند، وبعضهم يقول أن المستخرج لها أهل أقريطش، الذين ينسب لافتيمون إليهم، وبعضهم يقول أهل طور سينا.

والذين قالوا أن الله تعالى خلق صناعة الطب، احتجوا في ذلك بأنه لا يمكن في هذا العلم الجليل أن يستخرجه عقل إنسان، وهذا الرأي هو رأي جالينوس، وهذا نص ما ذكره في تفسيره لكتاب الأيمان لأبقراط، قال: "وأما نحن فالأصوب عندنا والأولى أن نقول: إن الله تبارك وتعالى خلق صناعة الطب وألهمها الناس، وذلك أنه لا يمكن في مثل هذا العلم الجليل أن يدركه عقل الإنسان، لكن الله تبارك وتعالى هو الخالق الذي هو بالحقيقة فقط يمكنه خلقه، وذلك أنا لا نجد الطب أحسن من الفلسفة التي يرون أن استخراجها كان من عند الله تبارك وتعالى".

ولنذكر أقساماَ في مبدئية هذه الصناعة بقدر الممكن، فنقول: القسم الأول إن أحد الأقسام في ذلك أنه قد يكون حصل لهم شيء منها عن الأنبياء والأصفياء، عليهم السلام، بما خصهم الله تعالى به من التأييد الإلهي.

روى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: كان سليمان بن داودَ عليهما السلام، إذا صلى رأى شجرة نابتة بين يديه، فيسألها ما اسمك؟ فإن كانت لغرس غرست وإن كانت لدواء كتبت.

القسم الثاني أن يكون قد حصل لهم شيء منها بالرؤيا الصادقة، مثل ما حكى جالينوس في كتابه في الفصد، من فصده للعرق الضارب الذي أُمر به.

ومما حصل أيضاً من ذلك بالرؤيا الصادقة أن بعض خلفاء المغرب مرض مرضاً طويلاً، وتداوى بمداواة كثيرة فلم ينتفع بها، فلما كان في بعض الليالي رأى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه وشكى إليه ما يجده، فقال له صلى الله عليه وسلم : ادهن بلا، وكل لا، تبرأ، فلما انتبه من نومه بقي متعجباً من ذلك ولم يفهم ما معناه. فسأل المعبرين عنه، فكل منهم عجز عن تأويله، ما خلا علي بن أبي طالب القيرواني، فإنه قال يا أمير المؤمنين: إن النبي صلى الله عليه وسلم أمرك أن تدهن بالزيت وتأكل منه فتبرأ. فلما سأله من أين له معرفة ذلك. قال من قول اللّه عز وجل: "مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَ شَرْقِيةٍ وَلاَ غَرْبِيةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَار". فلما استعمل ذلك صلح به وبرأ برءاً تاماً.

القسم الثالث أن يكون قد حصل لهم شيء منها أيضأ بالاتفاق والمصادفة، مثل المعرفة التي حصلت لأندروماخس الثاني في إلقائه لحوم الأفاعي في الترياق. والذي نشطه لذلك وأفرد ذهنه لتأليفه، ثلاثة أسباب جرت على غير قصد.

القسم الرابع أن يكون قد حصل شيء منها أيضاً بما شاهده الناس من الحيوانات، واقتدى بأفعالها وتشبه بها وذلك مثل ما ذكره الرازي في كتاب الخواص أن الخطاف إذا وقع بفراخه اليرقان، مضى فجاء بحجر اليرقان، وهو حجر أبيض صغير يعرفه، فجعله في عشه فيبرأوا. وأن الإنسان إذا أراد ذلك الحجر طلى فراخه بالزعفران، فيظن أنه قد أصابهم اليرقان، فيمضي فيجيء به فيؤخذ ذلك الحجر وشق على من به اليرقان، فينتفع به.

ومثل ذلك أيضاً أن الحيات إذا أظلمت أعينهن لكمونهن في الشتاء في ظلمة بطن الأرض، وخرجن من مكامنهن في وقت ما يدفأ الوقت طلبن نبات الرازيانج، وأمررن عيونهن عليه فيصلح ما بها. فلما رأى الناس ذلك وجربوه وجدوا من خاصيته إذهاب ظلمة البصر إذا اكتحل بمائه. وبالجملة فإنه قد يكون من هذا ومما وقع بالتجربة والاتفاق والمصادفة كثر ما حصلوه من هذه الصناعة. ثم تكاثر ذلك بينهم وعضده القياس بحسب ما شاهدوه، وأدتهم إليه فطرتهم، فاجتمع لهم من جميع تلك الأجزاء التي حصلت لهم بهذه الطرق المتفننة المختلفة أشياء كثيرة. ثم إنهم تأملوا تلك الأشياء واستخرجوا عللها والمناسبات التي بينها، فتحصل لهم من ذلك قوانين كلية ومبادئ منها يبتدأ بالتعلم والتعليم، وإلى ما أدركوه منها أولاً ينتهي. فعند الكمال يتدرج في التعليم من الكليات إلى الجزئيات، وعند استنباطها يتدرج من الجزئيات إلى الكليات.

الباب الثاني.

طبقات الأطباء الذين ظهرت لهم أجزاء من صناعة الطب وكانوا المبتدئين بها أسقليبيوس قد اتفق كثير من قدماء الفلاسفة والمتطببين على أن أسقليبيوس، كما أشرنا إليه أولاً، هو أول من ذكر من الأطباء وأول من تكلم في شيء من الطب على طريق التجربة. وكان يونانياً.

وقال الشيخ الجليل أبو سليمان محمد بن طاهر بن بهرام السجستاني المنطقي في "تعاليقه": إن أسقليبيوس بن زيوس، قالوا مولده روحاني، وهو إمام الطب، وأبو أكثر الفلاسفة؛ قال: واقليدس ينسب إليه، وأفلاطون وأرسطوطاليس وبقراط وأكثر اليونانية ة قال: وبقراط كان السادس عشر من أولاده، يعني البطن السادس عشر من أولاده.

أقول: وترجمة أسقليبيوس بالعربي منع اليبس، وقيل إن أصل هذا الإسم في لسان اليونانيين مشتق من البهاء والنور. وكان أسقليبيوس، على ما وجد في أخبار الجبابرة بالسريانية، ذكي الطبع، قوي الفهم، حريصاً مجتهداً في علم صناعة الطب. واتفقت له اتفاقات حميدة معينة على التمهر في هذه الصناعة.

وقال الأمير أبو الوفاء المبشر بن فاتك في كتاب "مختار الحكم ومحاسن الكلم": "إن أسقليبيوس هذا كان تلميذ هرمس، وكان يسافر معه".

وقال غيره: إن أسقليبيوس كان قبل الطوفان الكبير، وهو تلميذ أغاثوذيمون المصري.

وأما أبو معشر البلخي المنجم فإنه ذكر في "كتاب الألوف": "إن أسقليبيوس هذا لم يكن بالمتأله الأول في صناعة الطب ولا بالمبتدىء بها، بل إنه عن غيره أخذ، وعلى نهج من سبقه سلك". وذكر أنه كان تلميذ هرمس المصري. وقال: إن الهرامسة كانوا ثلاثة.

أما "هرمس الأول" وهو المثلث بالنعم فإنه كان قبل الطوفان، ومعنى هرمس لقب كما يقال قيصر وكسرى.

وأما "هرمس الثاني" فإنه من أهل بابل، سكن مدينة الكلدانيين وهي بابل، وكان بعد الطوفان في زمن نزيربال الذي هو أول من بنى مدينة بابل بعد نمرود بن كوش. وكان بارعاً في علم الطب والفلسفة، وعارفاً بطبائع الاعداد، وكان تلميذه فيثاغورس الأرتماطيقي.

وأما "هرمس الثالث" فإنه سكن مدينة مصر وكان بعد الطوفان، وهو صاحب كتاب "الحيوانات ذوات السموم" وكان طبيباً فيلسوفاً وعالماً بطبائع الأدوية القتالة والحيوانات المؤذية، وكان له تلميذ يعرف بأسقليبيوس، وكان مسكنه بأرض الشام.

أيلق ويقال له أيلة. قال سليمان بن حسان المعروف بابن جلجل: "إن هذا أول حكيم تكلم في الطب ببلد الروم والفرس، وهو أول من استنبط كتاب الإغريقي لهيامس الملك، وتكلم في الطب، وقاسه وعمل به.

الباب الثالث.طبقان الأطباء اليونانيين الذين هم من نسل أسقليبيوس وذلك أن أسقليبيوس كما ذكرنا أولاً لما حصلت له معرفة صناعة الطب بالتجربة وبقيت غنده أمور منها، وشرع في تعليمها لأولاده وأقاربه، وكان الذي خلفه أسقليبيوس من التلاميذ من ولد وقرابة ستة وهم: ماغنيس، وسقراطون، وخروسيس الطبيب، ومهراريس، وموريدس، وميساوس.

وكان كل واحد من هؤلاء ينتحل رأي أستاذه أسقليبيوس وهو رأي التجربة. ولم يزل الطب ينتقل من هؤلاء التلاميذ إلى من علموه من الأهل، إلى أن ظهر: غورس غورس هو الثاني من الأطباء الحذاق المشهورين الذين أسقليبيوس أولهم، على ما ذكره يحيى النحوي وذلك أنه قال:.

الأطباء المشهورون الذين كان يقتدى بهم في صناعة الطب من اليونانيين على مايتناهى إلينا ثمانية وهم: "أسقليبيوس الأول" وغورس، ومينس، وبرمانيدس، وأفلاطن الطبيب وأسقليبيوس الثاني، وأبقراط، وجالينوس".

وكانت مدة حياة غورس سبعاَ وأربعين سنة منها: صبي ومتعلم سبع عشرة سنة؛ وعالم معلم ثلاثين سنة. وكان منذ وقت وفاة أسقليبيوس الأول، إلى وقت ظهور غورس، ثمانمائة وخمسين سنة. وكان في هذه الفترة بين أسقليبيوس وبين غورس من الأطباء المذكورين: سورندوس، ومانيوس، وساوثاوس، ومسيساندس، وسقوريدس الأول، وسيقلوس، وسمرياس، وأنطيماخس، وقلغيموس، واغانيس، وإيرقلس، وأسطورس الطبيب.

مينس ومينس هو الثالث من الأطباء المشهورين الثمانية الذين تقدم ذكرهم، وكانت مدة حياته أربعاً وثمانين سنة منها: صبي ومتعلم أربعاً وستين سنة، وعالم معلم عشرين سنة. وكان منذ وقت وفاة غورس إلى ظهور مينس خمسمائة وستين سنة.

وكان في هذه الفترة التي بين غورس ومينس من الأطباء المذكورين. أبيقورس، وسقوريدوس الثا ني، وأخطيفون، وأسقوريس، وراوس، وأسفقلس، وموطيمس، وأفلاطن الأول الطبيب وأبقراط الأول ابن غنوسيديقوس.

ولما ظهر مينس نظر في مقالات من تقدم، فإذا التجربة خطأ عنده، فضم إليها القياس، وقال: "لا يجب أن تكون تجربة بلا قياس لأنها تكون خطراً"؛ ولما توفي خلف من التلاميذ أربعة وهم: قطرطس، وأمينس، وسورانس، ومثيناوس القديم.

برمانيدس وبرمانيدس هو الرابع من الأطباء المشهورين الثمانية الذين تقدم ذكرهم، وكانت مدة حياته أربعين سنة، منها: صبي ومتعلم خمساً وعشرين سنة، وكامل معلم خمس عشرة سنة. وكان منذ وقت وفاة مينس، إلى ظهور برمانيدس سبعمائة وخمس عشرة سنة. وكان في هذه الفترة التي بين مينس وبرمانيدس من الأطباء المذكورين: سمانس، وغوانس، وأبيقورس، وأسطفانس، و أنيقولس، وساوارس، وحوراطيمس، وفولوس، وسوانيديقوس، وساموس، ومثينانوس الثا ني، وأفيطافلون، وسوناخس، وسويازيوس، ومامالس.

أفلاطن الطبيب وأفلاطن الطبيب هو الخامس من الأطباء المشهورين الثمانية الذين تقدم ذكرهم وكانت مدة حياته ستين سنة، منها: صبي ومتعلم أربعين سنة، وعالم معلم عشرين سنة.

ولما توفي أفلاطن خلف من تلاميذه من أولاده وأقربائه ستة وهم: ميرونس وأفرده بالحكم على الأمراض؛ وفورونوس وأفرده بالتدبير للابدان، وفوراس وأفرده بالفصد والكي؛ وثافرورس وأفرده بعلاج الجراحات؛ وسرجس وأفرده بعلاج العين، وفانيس وأفرده بجبر العظام المكسورة وإصلاح المخلوعة. ولم يزل الطب يجري أمره على سداد بين هؤلاء التلاميذ وبين من خلفوه إلى أن ظهر: أسقليبيوس الثاني وأسقليبيوس الثاني هو السادس من الأطباء المشهورين الثمانية الذين تقدم ذكرهم، وكانت مدة حياته مائة وعشر سنين منها صبي ومتعلم خمس عشرة سنة، وعالم ومعلم خمساً وتسعين سنة.

ولما ظهر أسقليبيوس الثاني نظر في الآراء القديمة فوجد أن الذي يجب أن يعتقد هو رأي أفلاطن فانتحله. ثم توفي وخلف ثلاثة تلاميذ من أهل بيته، لا غريب فيهم ولا طبيب سواهم، وهم: أبقراط بن إيراقليدس، وماغارينس، وأرخس.

 

لم تمض عدة أشهر حتى توفي ماغارينس ولحقه أرخس، وبقي أبقراط وحيد دهره طبيباً كامل الفضائل تضرب به الأمثال.
الباب الرابع. طبقات الأطباء اليونانيين الذين أذاع أبقراط فيهم صناعة الطب أبقراط إن أبقراط، على ما تقدم ذكره، وهو السابع من الأطباء الكبار المذكورين الذين أسقليبيوس أولهم.

وكانت مدة حياة أبقراط خمساً وتسعين سنة منها صبي ومتعلم ست عشرة سنة، وعالم معلم تسعاً وسبعين سنة. وكان منذ وقت وفاة أسقليبيوس الثاني إلى ظهور أبقراط سنتين.

فلما نظر أبقراط في صناعة الطب ووجدها قد كادت أن تبيد لقلة الأبناء المتوارثين لها من آل أسقليبيوس، رأى أن يذيعها في جميع الأرض، وينقلها إلى سائر الناس، ويعلم المستحقين لها حتى لا تبيد وقال: "إن الجود بالخير يجب أن يكون على كل أحد يستحقه قريباً كان أو بعيداً". واتخذ الغرباء وعلمهم هذه الصناعة الجليلة، وعهد إليهم العهد الذي كتبه، وأحلفهم بالأيمان المذكورة فيه أن لا يخالفوا ما شرطه عليهم، وأن لا يعلموا هذ العلم أحداً إلا بعد أخذ هذا العهد عليه.

أقول وهذه نسخة العهد الذي وضعه أبقراط.

قسم أبقراط قال أبقراط: "إني أقسم بالله رب الحياة والموت، وواهب الصحة، وخالق الشفاء وكل علاج.

وأقسم بأسقليبيوس. وأقسم بأولياء الله من الرجال والنساء جميعاً. وأشهدهم جميعاً على أني أفي بهذه اليمين وهذا الشرط. وأرى أن المعلم لي هذه الصناعة بمنزلة آبائي، وأواسيه في معاشي، وإذا احتاج إلى مال واسيته وواصلته من مالي.

وأما الجنس المتناسل منه فأرى أنه مساو لإخوتي، وأعلمهم هذه الصناعة إن احتاجوا إلى تعلمها بغير أجرة ولا شرط. وأشرك أولادي وأولاد المعلم لي والتلاميذ الذين كتب عليهم الشرط أو حلفوا بالناموس الطبي في الوصايا والعلوم وسائر ما في الصناعة. وأما غير هؤلاء فلا أفعل به ذلك، وأقصد في جميع التدابير، بقدر طاقتي، منفعة المرضى.

وأما الأشياء التي تضر بهم وتدني منهم بالجور عليهم فأمنع منها بحسب رأيي. ولا أعطي إذا طلب مني دواء قتالاً، ولا أشير أيضا بمثل هذه المشورة. وكذلك أيضاً لا أرى أن أدني من النسوة فرزجة تسقط الجنين. وأحفظ نفسي في تدبيري وصناعتي على الزكاة والطهارة، ولا أشق أيضاً عمَن في مثانته حجارة، ولكن أترك ذلك إلى من كانت حرفته هذا العمل. وكل المنازل التي أدخلها إنما أدخل إليها لمنفعة المرضى، وأنا بحال خارجة عن كل جور وظلم وفساد إراديّ مقصود إليه في سائر الأشياء، وفي الجماع للنساء والرجال، الأحرار منهم والعبيد. وأما الأشياء التي أعاينها في أوقات علاج المرضى أو أسمعها، في غير أوقات علاجهم في تصرف الناس من الأشياء التي لا يُنطق بها خارجاً فأمسك عنها، وأرى أن أمثالها لا ينطق به.

فمن أكمل هذه اليمين ولم يفسد شيئاً كان له أن يكمل تدبيره وصناعته على أفضل الأحوال وأجملها، وأن يحمده جميع الناس فيما يأتي من الزمان دائماً، ومن تجاوز ذلك كان بضده".

وصية أبقراط وهذه نسخة وصية أبقراط المعروفة بترتيب الطب. قال أبقراط: "ينبغي أن يكون المتعلم للطب، في جنسه حراً، وفي طبعه جيداً، حديث السن، معتدل القامة، متناسب الأعضاء، جيد الفهم، حسن الحديث، صحيح الرأي عند المشورة، عفيفا شجاعاً، غير محب للفضة، مالكاً لنفسه عند الغضب، ولا يكون تاركاً له في الغاية، ولا يكون بليداً.

وينبغي أن يكون مشاركاَ للعليل مشفقاً عليه، حافظاً للأسرار، لأن كثيراً من المرض يوقفونا على أمراض بهم لا يحبون أن يقف عليها غيرهم.

وينبغي أن يكون محتملاَ للشتيمة، لأن قوماً من المبرسمين وأصحاب الوسواس السوداوي يقابلونا بذلك، وينبغي لنا أن نحتملهم عليه، ونعلم أنه ليس منهم، وأن السبب فيه المرض الخارج عن الطبيعة.

وينبغي أن يكون حلق رأسه معتدلاً مستوياً، لا يحلقه ولا يدعه كالجمة، ولا يستقصي قص أظافير يديه، ولا يتركها تعلو على أطراف أصابعه.

وينبغي أن تكون ثيابه بيضاء نقية لينة، ولا يكون في مشيه مستعجلاً، لأن ذلك دليل على الطيش، ولا متباطئاً لأنه يدل على فتور النفس. وإذا دعي إلى المريض فليقعد متربعاً ويختبر منه حاله بسكون وتأن، لا بقلق واضطراب، فإن هذا الشكل والزي والترتيب عندي أفضل من غيره".

والذي انتهى إلينا ذكره ووجدنا من كتب أبقراط الصحيحة يكون نحو ثلاثين كتاباَ. والذي يمرس من كتبه لمن يقرأ صناعة الطب، إذا كان درسه على أصل صحيح وترتيب جيد، إثنا عشر كتاباً وهي المشهورة من سائر كتبه:.

كتاب الأجنة كتاب طبيعة الإنسان كتاب الأهوية والمياه والبلدان كتاب الفصول كتاب تقدمة المعرفة كتاب الأمراض الحادة كتاب أوجاع النساء كتاب الأمراض الوافدة ويسمى إبيديما كتاب الأخلاط كتاب الغذاء.

كتاب "قاطيطريون" أي حانوت الطبيب، وهو ثلاث مقالات. ويستفاد من هذا الكتاب ما يحتاج إليه من أعمال الطب التي تختص بعمل اليدين دون غيرهما من الربط، والشد، والجبر، والخياطة، ورد الخلع، والتنطيل، والتكميد، وجميع ما يحتاج إليه.

كتاب الكسر والجبر.

ولما توفي أبقراط خلف من الأولاد والتلاميذ من آل أسقليبيوس وغيرهم أربعة عشر.

أما أولاده فهم أربعة: تاسلوس، ودراقن، وابناهما: أبقراط بن ثاسلوس، بن أبقراط؛ وأبقراط بن دراقن بن أبقراط. فكل واحد من ولديه كان له ولد سماه أبقراط باسم جده.

ووجدتُ ببعض المواضيع أن أبقراط كانت له ابنة تسمى مالانا أرسا، وكان لها براعة في صناعة الطب ويقال أنها كانت أبرع من أخويها. والأطباء المذكورون في الفترة التي بين أبقراط وجالينوس، خلا تلاميذ أبقراط في نفسه وأولاده، فهم سنبلقيوس المفسر لكتب أبقراط، وأنقيلاوس الأول الطبيب، وأرسيسطراطس الثاني القياسي، ولوقس، وميلن الثاني، وغالوس، وميرتديطوس صاحب العقاقير، وسقالس المفسر لكتب أبقراط، ومانطلياس المفسر أيضاً لكتاب أبقراط، وغولس الطارنطائي، ومغنس الحمصي صاحب كتاب البول وعاش تسعين سنة، وأنمروماخس القريب العهد وعاش تسعين سنة؛ وأبراس الملقب بالبعيد، وسوناخس الأثيني صاحب الأدوية والصيدلة، وروفس الكبير وكان من مدينة أفسس، ولم يكن في زمانه أحد مثله في صناعة الطب وقد ذكره جالينوس في بعض كتبه وفضله ونقل عنه.

ولروفس من الكتب: كتاب الماليخوليا، وكتاب الأربعين مقالة؛ كتاب تسمية أعضاء الإنسان؛ مقالة في العلة التي يعرض معها الفزع من الماء؛ مقالة في اليرقان والمرارة مقالة في الأمراض التي تعرض في المفاصل؛ مقالة في تنقيص اللحم مسالة: كتاب تدبير من لا يحضره طبيب، مقالتان؛ مقالة في الذبحة؛ كتاب طب أبقراط؛ مقالة في استعمال الشراب؛ مقالة في علاج اللواتي لا يحبلن؛ مقالة في قضايا حفظ الصحة؛ مقالة في الصرع؛ مقالة في الحمى الربع؛ مقالة في ذات الجنب وذات الرئة؛ كتاب التدبير مقالتان؛ كتاب الباه مقالة؛ كتاب الطب؛ مقالة في الأعمال التي تعمل في البيمارستانات؛ مقالة في اللبن؛ مقالة في الفواق؛ مقالة في الأبكار؛ مقالة في التين؛ مقالة في تدبير المسافر؛ مقالة في البخر؛ مقالة في القيء؛ مقالة في الأدوية القاتلة؛ مقالة في أدوية علل الكلى والمثانة؛ مقالة في هل كثرة شرب الماء في الولائم نافع؛ مقالة في الأورام الصلبة؛ مقالة في الحفظ؛ مقالة في علة ديونوسوس وهو القيح؛ مقالة في الجراحات؛ مقالة في تدبير الشيخوخة؛ مقالة في وصايا الأطباء؛ مقالة في الحقن؛ مقالة في الولادة ؛ مقالة في الخلع ؛ مقالة في علاج احتباس الطمث؛ مقالة في الأمراض المزمنة على رأي أبقراط؛ مقالة في مراتب الأدوية؛ مقالة فيما ينبغي للطبيب أن يسأل عنه العليل؛ مقالة في تربية الأطفال؛ مقالة في دوران الرأس؛ مقالة في البول؛ مقالة في العقار الذي يدعى سوساً؛ مقالة في النزلة إلى الرئة؛ مقالة في علل الكبد المزمنة؛ مقالة في أن يعرض للرجال انقطاع التنفس؛ مقالة في شرى المماليك؛ مقالة في علاج صبي يصرع؛ مقالة في تدبير الحبالى؛ مقالة في التخمة؛ مقالة في السذاب؛ مقالة في العَرَق؛ مقالة في إيلاوس؛ مقالة في أبلمسيا.

وكان من الأطباء المذكورين أيضاً في الفترة التي بين أبقراط وجالينوس: أبولونيوس، وأرشيجانس وله أيضاً كتب عدة في صناعة الطب. ووجدت له من ذلك مما نقل إلى العربي: كتاب أسقام الأرحام وعلاجها؛ كتاب طبيعة الإنسان؛ كتاب في النقرس.

ومن أولئك الأطباء أيضاً دياسقوريدس الأول المفسر لكتب أبقراط، وطيماوس الفلسطيني المفسر لكتب أبقراط أيضاً؛ ونباديطوس الملقب بموهبة الله في المعجونات؛ وميسياوس المعروف بالمقسم للطب؛ ومارس الحيلي الملقب بثاسلس وأقريطن الملقب بالمزين وهو صاحب كتاب الزينة - وقد نقل جالينوس عنه أشياء من كتابه في كتاب الميامر - وأقاقيوس، وجارمكسانس، وأرثياثيوس، وماريطوس؛ وقاقولونس؛ ومرقس؛ وبرغالس؛ وهرمس الطبيب، ويولاس، وحاحونا، وحلمانس وفيلس الخلقدوني الملقب بالقادر، من قبل أنه كان يتجرأ على العلاجات الصعبة ويشفيها، وديدقراطيس الثاني؛ وأفروسيس ة وأكسانقراطس؛ وأفروديس؛ وبطليموس الطبيب؛ وسقراطس الطبيب؛ ومارقس الملقب بعاشق العلوم؛ وسوررس؛ وفوريس قادح العيون؛ ونيادريطوس الملقب بالساهر؛ وفرفوريوس التأليفي صاحب الكتب الكثيرة؛ ودياسقوريدس العين زربي.

بندقليس قال القاضي صاعد: إن بندقليس كان في زمن داود النبي عليه السلام على ما ذكره العلماء بتواريخ الأمم، وكان أخذ الحكمة عن لقمان الحكيم بالشام، ثم انصرف إلى بلاد اليونا نيين.

فيثاغورس ويقال فوثاغوراس وفوثاغوريا، وقال القاضي صاعد في كتاب طبقات الأمم: إن فيثاغورس كان بعد بندقليس بزمان، وكان قد أخذ الهندسة عن المصريين، ثم رجع إلى بلاد اليونان وأدخل عندهم علم الهندسة وعلم الطبيعة وعلم الدين، واستخرج بذكائه علم الألحان وتأليف النغم وأوقعها تحت النسب العددية. قال الأمير المبشر بن فاتك: كان لفيثاغورس أب اسمه منيسارخوس من أهل صور، وكان له أخوان اسم الأكبر منهما أونوسطوس، والآخر طورينوس، وكان اسم أمه بوثايسر بنت رجل اسمه أجقايوس من سكان ساموس. ولما جلا منيسارخوس عن صور سكن ساموس ومعه أولاده أونوسطوس وطورينوس وفيثاغورس.

وقال فلوطرخس أن فيثاغورس أول من سمى الفلسفة بهذا الإسم. ومما يوجد لفيثاغورس من الكتب: كتاب الأرثماطيقي؛ كتاب الألواح، كتاب في النوم واليقظة؛ كتاب في كيفية النفس والجسد، رسالة إلى متمرد صقلية، الرسالة الذهبية؛ رسالة إلى سقايس في استخراج المعاني، رسالة في السياسة العقلية؛ رسالة إلى فيمدوسيوس.

سقراط قال القاضي صاعد في طبقات الأمم:.

إنا سقراط كان من تلاميذ فيثاغورس. اقتصر من الفلسفة على العلوم الإلهية، أعرض عن ملاذ الدنيا ورفضها، وأعلن بمخالفة اليونانيين في عبادتهم الأصنام، وقابل رؤساءهم بالحجاج والأدلة الإلهية فثوروا العامةِ عليه واضطروا ملكهم إلى قتله، فأودعه الملك الحبس تحمُداً إليهم ثم سقاه السم تفادياً من شرهم. ومن آثاره مناظرات جرت له مع الملك محفوظة، وله وصايا شريفة، وآداب فاضلة، وحكم مشهورة، ومذاهب في الصفات قريبة من مذاهب فيثاغورس وبندقليس، إلا أن له في شأن المعاد آراء ضعيفة بعيدة عن محض الفلسفة خارجة عن المذاهب المحققة.

أفلاطون يقال فلاطن وأفلاطن وأفلاطون. قال سليمان بن حسان المعروف بابن جلجل في كتابه: "أفلاطن الحكيم من أهل مدينة أثينيا، رومي فيلسوف يوناني. طبي، عالم بالهندسة وطبائع الأعداد، وله في الطب كتاب بعثه إلى طيماوس تلميذه؛ وله في الفلسفة كتب وأشعار.

وبلغ أفلاطون من العمر إحدى وثمانين سنة، وكان حسن الأخلاق، كريم الأفعال، كثير الإحسان إلى كل ذي قرابة منه وإلى الغرباء، متئداً حليماً صبوراً. وكان له تلاميذ كثيرة، وتولى التدريس بعده رجلان أحدهما بأثينية في الموضع المعروف بأكاديميا وهو كسانو قراطيس؛ والآخر بلوقين من عمل أثينية أيضاً وهو أرسطوطاليس.

وصنف كتباً كثيرة، منها ما بلغنا اسمه ستة وخمسون كتاباً، وفيها كتب كبار يكون فيها عدة مقالات. وكتبه يتصل بعضها ببعض أربعة أربعة يجمعها غرض واحد، ويخص كل واحد منها غرض خاص يشتمل عليه ذلك الغرض العام، ويسمى كل واحد منها رابوعاً، وكل رابوع منها يتصل بالرابوع الذي قبله".

أرسطوطاليس هو أرسطوطاليس بن نيقوماخس الجراسني الفيثاغوري وتفسيرنيقوماخس: قاهر الخصم، وتفسير أرسطوطاليس: تام الفضيلة، حكى ذلك أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي.

كان نيقوماخس فيثاغوري المذهب، وله تأليف مشهور في الأرثماطيقي.

قال سليمان بن حسان المعروف بابن جلجل في كتابه عن أرسطوطاليس: أنه كان فيلسوف الروم وعالمها وجهبذها ونحريرها وخطيبها وطبيبها. قال: وكان أوحد في الطب، وغلب عليه علم الفلسفة.

وقال بطليموس في كتابه إلى غلس، في سيرة أرسطوطاليس، وخبره ووصيته وفهرست كتبه المشهورة: إنه كان أصل أرسطوطاليس من المدينة التي تسمى أسطاعيرا، وهي من البلاد التي يقال لها خلقيديق مما يلي بلاد تراقية بالقرب من أولنش وماثوني، وكان اسم أمه أفسطيا. قال: وكان نيقوماخس أبو أرسطوطاليس طبيب أمنطس أبى فيلبس، وفيلبس هذا هو أبو الاسكندر الملك،.

ولما أن مات فيلبس وملك الاسكندر بعده وشخص عن بلاده لمحاربة الأمم، وحاز بلاد آسيا، صار أرسطوطاليس إلى التبتل والتخلي عما كان فيه من الاتصال بأمور الملوك والملابسة لهم؛ وصار إلى أثينية فهيأ موضع التعليم، وهو المنسوب إلى الفلاسفة المشائين.

وقال المبشر بن فاتك: وكان أرسطوطاليس كثير التلاميذ من الملوك وأبناء الملوك وغيرهم، منهم ثاوفرسطس، وأذيموس، والإسكندروس الملك، وأرمينوس، وأسخولوس، وغيرهم من الأفاضل المشهورين بالعلم.

ثاوفرسطس أحد تلاميذ أرسطوطاليس وابن خالته؛ وأحد الأوصياء الذين وصى إليهم أرسطوطاليس وخلفه على دار التعليم بعد وفاته.

ولثاوفرسطس من الكتب: كتاب النفس، مقالة. كتاب الآثار العلوية، مقالة. كتاب الأدلة، مقالة. كتاب الحس أو المحسوس، أربع مقالات. كتاب مابعد الطبيعة، مقالة. كتاب أسباب النبات تفسير كتاب قاطيغورياس، وقيل أنه متحول إليه. كتاب إلى دمقراط في التوحيد. كتاب في المسائل الطبيعية. الإسكندر الأفروديسي الدمشقي كان في أيام ملوك الطوائف بعد الإسكندر الملك ورأى جالينوس واجتمع معه.

وكان فيلسوفاً متقناً للعلوم الحكمية بارعاً في العلم الطبيعي، وله مجلس عام يدرس فيه الحكمة وقد فسر أكثر كتب أرسطوطاليس. وتفاسيره مرغوب فيها مفيدق!للاشتغال بها.

الباب الخامس.طبقات الأطباء اللذين كانوا منذ زمان جالينوس وقريبا منه جالينوس كانت مدة حياة جالينوس سبعاً وثمانين سنة منها: صبي ومتعلم سبع عشرة سنة، وعالم معلم سبعين سنة.

أقول: وكان مولد جالينوس بعد زمان المسيح بتسع وخمسين سنة على ما أرخه إسحاق. فأما قول من زعم أنه كان معاصره وأنه توجه إليه ليراه ويؤمن به فغير صحيح. وقد أورد جالينوس في مواضع متفرقة من كتبه ذكر موسى والمسيح، وتبين من قوله أنه كان من بعد المسيح بهذه المدة التي تقدم ذكرها.

وقال أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي: كان جالينوس بعد المسيح بنحو مائتي سنة، وبعد أبقراط بنحو ستمائة سنة، وبعد الاسكندر بنحو خمسمائة سنة ونيف.

قال المبشر بن فاتك: "وسافر جالينوس إلى أثينية ورومية والإسكندرية وغيرها من البلاد في طلب العلم، وتعلم من أرمنيس الطب" وتعلم أولاً من أبيه ومن جماعة مهندسين ونحاة: الهندسة واللغة والنحو وغير ذلك. ودرس الطب أيضاً على امرأة اسمها قلاوبطر، وأخذ عنها أدوية كثيرة، ولا سيما ما تعلق بعلاجات النساء. وشخص إلى قبرس ليرى القلقطار في معدنه. وكذلك شخص إلى جزيرة لمنوس ليرى عمل الطين المختوم، فباشر كل ذلك بنفسه وصححه برؤيته. وسافر أيضاً إلى مصر وأقام بها مدة فنظر عقاقيرها ولا سيما الأفيون، في بلد أسيوط من أعمال صعيدها. ثم خرج متوجهاً منها نحو بلاد الشام راجعاً إلى بلده، فمرض في طريقه ومات بالفرما، وهي مدينة على البحرالأخضر في آخر أعمال مصر.

وقال المسعودي في كتاب "المسالك والممالك" أن الفرما على شط بحيرة تنيس، وهي مدينة حصينة وبها قبر جالينوس اليوناني.

مصنفات جالينوس كتاب بينكس وهو الفهرست، وغرضه في هذا الكتاب: أن يصف الكتب التي وضعها.

كتاب في مراتب قراءة كتبه، مقالة واحدة، وغرضه فيها: أن يخبر كيف ينبغي أن ترتب كتبه في قراءتها.

كتاب الفرق.

كتاب الصناعة الصغيرة.

كتاب النبض الصغير.

كتاب إلى أغلوقن.

كتاب في العضل.

كتاب في العصب.

كتاب الأسطقسات.

كتاب المزاج.

كتاب القوى الطبيعية.

كناب العلل والأعراض.

كتاب تعرف علل الأعضاء الباطنة.

كتاب النبض الكبير.

كتاب أصناف الحميات.

كتاب البُحران.

كتاب أيام البحران.

كتاب حيلة البرء.

كناب علاج التشريح، وهو الذي يعرف بالتشريح الكبير.

إختصار كتاب مارينس في التشريح.

إختصار كتاب لوقس في التشريح.

كتاب فيما وقع من الاختلاف بين القدماء في التشريح.

كتاب تشريح الأموات.

كتاب تشريح الأحياء.

كتاب في علم أبقراط بالتشريح.

كتاب في آراء أراسطراطس بالتشريح.

كتاب فيما يعلمه لوقس من أمر التشريح.

كتاب فيما خالف فيه لوقس في التشريح.

كتاب في تشريح الرحم.

كتاب في مفصل الفقرة من فقار الرقبة.

كتاب في اختلاف الأعضاء المتشابهة الأجزاء.

كتاب في تشريح آلات الصوت.

كتاب في تشريح العين.

كناب في حركة الصدر والرئة.

كتاب في علل النفس.

كتاب في الصوت.

كتاب في حركة العضل.

مقالة في مناقضة الخطأ الذي اعتقد في تمييز البول من الدم، مقالة في الحاجة إلى النبض.

مقالة في الحاجة إلى التنفس.

مقالة في العروق الضوارب هل يجري فيها الدم بالطبع أم لا.

كتاب في قوى الأدوية المسهلة.

كتاب في العادات.

كتاب في آراء أبقراط وفلاطن.

كتاب في الحركة المعتاصة.

كتاب في آلة الشم.

كناب منافع الأعضاء.

مقالة في أفضل هيئات البدن.

مقالة في خصب البدن.

مقالة في سوء المزاج المختلف.

كتاب الأدوية المفردة.

مقالة في دلائل علل العين.

مقالة في أوقات الأمراض.

كتاب الامتلاء ويعرف أيضاً بكتاب الكثرة.

مقالة في الأورام.

مقالة في الأسباب البادية.

مقالة في الأسباب المتصلة بالأمراض.

مقالة في الرعشة والنافض والاختلاج والتشنج.

مقالة في أجزاء الطب.

كتاب المني.

مقالة في تولد الجنين المولود لسبعة أشهر.

مقالة في المرة السوداء. كتاب إدرار الحميات وتراكيبها.

مقالة واحدة يناقض فيها قوماً ادعوا الباطل من أمر إدرار الحميات وتراكيبها.

إختصار كتابه المعروف بالنبض الكبير.

كتاب في النبض.

كتاب نوادر تقدمة المعرفة.

إختصار كتابه في حيلة البره.

كتاب الفصد.

كتاب الذبول.

مقالة في صفات لصيي يصرع.

كتاب قوى الأغذية.

كتاب التدبير الملطف.

إختصار هذا الكتاب الذي في التدبير الملطف.

كتاب الكيموس الجيد والرديء.

كتاب في أفكار أرساسطراطس في مداواة الأمراض.

كتاب تدبير الأمراض الحادة على رأي أبقراط.
كتاب تركيب الأدوية.

أقول: وجملة هذا الكتاب الذي رسمه جالينوس في تركيب الأدوية لا يوجد في هذا !قت إلا وهو منقسم إلى كتابين. فالأول يعرف بكتاب قاطاجانس. والآخر يعرف بكتاب الميامر.

كتاب الأدوية التي يسهل وجودها.

كتاب الأدوية المقابلة للأدواء.

كتاب الترياق إلى مفيليانوس.

كتاب الترياق إلى قيصر.

كتاب الحيلة لحفظ الصحة.

كتاب الرياضة بالكرة الصغيرة.

تفسير كتاب عهد أبقراط.

تفسير كتاب الفضول لأبقراط.

تفسير كتاب الكسر لأبقراط.

تفسير كتاب رد الخلع لأبقراط.

تفسير كتاب تقدمة المعرفة لأبقراط.

تفسير كتاب تدبير الأمراض الحاثة لأبقراط.

تفسير كتاب القروح لأبقراط.

تفسير كتاب جراحات الرأس لأبقراط.

تفسير كتاب أبيديما لأبقراط.

تفسير كتاب الأخلاط لأبقراط.

تفسير كتاب تقدمة الإنذار لأبقراط.

تفسير كتاب قاطيطريون لأبقراط.

تفسير كتاب الهواء والماء والمساكن لأبقراط.

تفسير كتاب الغذاء لأبقراط.

تفسير كتاب طبيعة الجنين لأبقراط.

تفسير كتاب طبيعة الإنسان لأبقراط.

كتاب في أن رأي أبقراط في كتاب طبيعة الإنسان وفي سائر كتبه واحد.

كتاب في أن الطبيب الفاضل يجب أن يكون فيلسوفاً.

كتاب في كتب أبقراط الصحيحة وغير الصحيحة.

كتاب في البحث عن صواب ما ثلب به قوينطس أصحاب أبقراط الذين قالوا بالكيفيات الأربع.

كتاب في السبات على رأي أبقراط.

كتاب في ألفاظ أبقراط.

كتاب في جوهر النفس.

كتاب في تجربة الطبيعة.

كتاب في الحث على تعميم الطب.

كتاب في جمل التجربة.

كتاب في محنة أفضل الأطباء.

كتاب فيما يعتقده رأياً.

كتاب في الأسماء الطبية.

كتاب البرهان.

كتاب في القياسات الوضعية.

كتاب في قوام الصناعات، قال حنين: إنه لم يجد من هذا الكتاب باليونانية إلا نتفاً منه.

كتاب في تعرف الإنسان عيوب نفسه: مقالتان. وقال حنين، أنه لم يجد منه باليونانية إلا مقالة واحدة ناقصة.

كتاب الأخلاق.

مقالة في صرف الأغتمام.

مقالة في أن أخيار الناس: قد ينتفعون بأعدائهم.

كتاب فيما ذكره أفلاطون في كتابه المعروف بطيماوس من علم الطب.

كتاب في أن قوى النفس تابعة لمزاج البدن.

كتاب جوامع كتب أفلاطون.

كتاب في أن المتحرك الأول لا يتحرك.

كتاب المدخل إلى المنطق.

مقالة في عدد المقاييس.

تسير الكتاب الثاني من كتب أرسطوطاليس.

كتاب فيما يلزم الذي يلحن في كلامه.

قال حنين بن إمسحاق: وقد وجدنا أيضاَ كتباً أخرى قد وسمت باسم جالينوس وليست له، لكن بعضها نتف اخترعها قوم آخرون من كلامه فألفوا منها كتباً؛ وبعضها قد كان وضعها من كان قبل جالينوس فوسمت بآخره باسم جالينوس.

أقول: "وبالجملة فإن لجالينوس أيضاً كتباً أخر كثيرة مما لم يجده الناقلون، منها، ومما قد اندرس على طول الزمان، وخصوصاً ما في المقالة الثانية مما قد ذكره جالينوس في فهرست كتبه المسمى فينكس".

الأطباء المشهورون بعد وفاة جالينوس فاما الأطباء المشهورون من بعد وفاة جالينوس وقريباً منه فمنهم: إصطفن الإسكندراني؛ وأنقيلاوس الإسكندراني؛ وجاسيوس الإسكندراني؛ ومارينوس الإسكندراني؛ وهؤلاء الأربعة هم ممن فسر كتب جالينوس وجمعها واختصرها وأوجز القول فيها وطيماوس الطرسوسي، وسيمري الملقب بالهلال، لأنه كان كثير الملازمة لمنزله منغمساً في العلوم والتأليفات، فكان لا يراه الناس إلا كل مدة، فلقب بالهلال من الإستتار؛ ومغنس الإسكندراني؛ وأريباسيوس صاحب الكنانيش طبيب يليان الملك، ولأريباسيوس من الكتب: كتاب إلى ابنه أسطاث تسع مقالات، كتاب مزج الاحشاء، كتاب الأدوية المستعملة، كتاب السبعين مقالة، كناشة؛ وفولس الأجانيطي،. وله من الكتب كناش الثريا، مقالة في تدبير الصبي وعلاجه؛ واصطفن الحراني؛ وأريباسيوس القوابلي. ولقب بذلك لأنه كان ماهراً بمعرفة أحوال النساء ة ودياسقوريدس الكحال.

الباب السادس طبقات الأطباء الاسكندرانيين ومن كان في أزمنتهم من الأطباء النصاري وغيرهم قال المختار بن حسن بن بطلان: إن الإسكندرانيين الذين جمعوا كتب جالينوس الستة عشر وفسروها كانوا سبعة وهم: إصطفن وجاسيوس وثاودوسيوس وأكيلاوس وأنقيلاوس وفلاذيوس ويحيى النحوي؛ وكانوا على مذهب المسيح.

وقيل إن أنقيلاوس الإسكندراني هو كان المقدم على سائر الإسكندرانيين، وإنه هوالذي رتب الكتب الستة عشر لجالينوس.

وعمر من هؤلاء الاسكندرانيين؛ يحيى النحوي الإسكندراني الأسكلاني حتى لحق أوائل الإسلام. قال محمد بن إسحاق النديم البغدادي في "كتاب الفهرست": إن يحيى النحوي كان تلميذ ساواري. ولأنه أول ما ابتدأ بالنحو فنسب إليه واشتهر به ووضع كتباً كثيرة منها تفاسير وغيرها.
وليحيى النحوي هذا لقب آخر بالررمي يقال له فيلوبينوس أي المجتهد.

كتب يحيي النحوي وليحيى النحوي من الكتب: تفسير كتاب قاطيغورياس لأرسطوطاليس. تفسير كتاب أنالوطيقا الأولى لأرسطوطاليس، فسر منها إلى الأشكال الحملية. تفسير كتاب أنالوطقيا الثانية لأرسطوطاليس. تفسير كتاب طوبيقا لأرسطوطاليس. تفسير كتاب السماع الطبيعي لأرسطوطاليس. تفسير كتاب الكون والفساد لأرسطوطاليس. تفسير كتاب مايال لأرسطوطاليس. تفسير كتاب الفرق لجالينوس. تفسير كتاب الصناعة الصغير لجالينوس. تفسير كتاب النبض الصغير لجاليَنوس. تفسير كتاب أغلوقن لجالينوس. تفسير كتاب الاسطقسات لجالينوس. تفسير كتاب المزاج لجالينوس. تفسير كتاب القوي الطبيعية لجالينوس. تفسير كتاب التشريع الصغير لجالينوس. تفسير كتاب العلل والاعراض لجالينوس. تفسير كتاب الحميات لجالينوس. تفسير كتاب البُحران لجالينوس. تفسير أيام البحران لجالينوس. تفسير كتاب حيلة البرء لجالينوس. تفسير كتاب تدبير الأصحاء لجالينوس. تفسير كتاب منافع الأعضاء لجالينوس. جوامع كتاب الترياق لجالينوس. جوامع كتاب الفصد لجالينوس. كتاب الرد على برقلس، ثمان عشرة مقالة. كتاب في أن كل جسم متناه فوقته متناهية. كتاب الرد على أرسطوطاليس ست مقالات. مقالة يرد فيها على نسطورس. كتاب يرد فيه على قوم لا يعرفون مالتان مقالة أخرى يرد فيها على قوم أخر. مقالة في النبيض. نقضه للثمان عشرة مسألة لديدوخس برقلس الأفلاطوني، شرح كتاب إيساغوجي لفرفوريوس.
أقول: "وللإسكندرانيين أيضاً جوامع كثيرة في العلوم الحكمية والطب ولا سيما لكتب جالينوس، وشروحاتها لكتب أبقراط".

فأما الأطباء المذكورون من النصارى وغيرهم ممن كان معاصراً هؤلاء الأطباء الإسكندرانيين، وقريباً من أزمنتهم فمنهم: شمعون الراهب، المعروف بطيبويه.

وأهرن القس صاحب الكناش.

ويوحنا بن سرابيون، وجميع ما ألف سرياني. وكان والده سرابيون طبيباً من أهل باجرمي. وخرج ولداه طبيبين فاضلين وهما: يوحنا وداوود.
ومنهم: أنطيلس وبرطلاوس؛ وسندهشار؛ والقهلمان؛ وأبو جريج الراهب؛ وأوراس؛ وبوينوس البيروتي؛ وسيورخنا؛ وفلاغوسوس؛ وعيسى بن قسطنطين ويكنى أبا موسى، وكان من جملة أفاضل الأطباء، وله من الكتب: كتاب الأدوية المفردة، كتاب في البواسير وعللها وعلاجها؛ وأرس؛ وسرجس الرأس عيني، وهو أول من نقل كتب اليونانيين على ما قيل إلى لغة السريانيين، وكان فاضلاً وله مصنفات كثيرة في الطب والفلسفة؛ وأطنوس الآمدي صاحب الكناش المعروف ببقوقونا، وغريغوريوس صاحب الكناش. وأكثر كتب هؤلاء موجودة وقد نقل الرازي كثيراً من كلامهم في كناشه الكبير الجامع المعروف بالحاوي.

الباب السابع.طبقات الأطباء الذين كانوا في أول ظهور الإسلام من أطباء العرب وغيرهم الحارث بن كلدة الثقفي كان من الطائف، وسافر في البلاد وتعلم الطب بناحية فارس وتمرن هناك، وعرف الداء والدواء. وبقي أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأيام أبي بكر وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب.

ويروى عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أنه مرض بمكة مرضاً فعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ادعوا له الحارث بن كلمة فإنه رجل يتطبب. فلما دعاه الحارث نظر إليه، وقال: "ليس عليه بأس اتخذوا له فريقة بشيء من تمر عجوة وحلبة يطبخان" فتحساها فبرىء.

وكانت للحارث معالجات كثيرة، ومعرفة بما كانت العرب تعتاده وتحتاج إليه من المداواة. وله كلام مستحسن فيما يتعلق بالطب وغيره.

النضر بن الحارث بن كلدة الثقفي هو ابن خالة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان النضر قد سافر البلاد أيضاً كأبيه. واجتمع مع الأفاضل والعلماء بمكة وغيرها، وعاشر الأحبار والكهنة. واشتغل وحصل من العلوم القديمة أشياء جليلة القدر، واطلع على علوم الفلسفة وأجزاء الحكمة، وتعلم من أبيه، أيضاً، ما كان يعلمه من الطب وغيره.

وكان النضر يؤاتي أبا سفيان في عداوة النبي صلى الله عليه وسلم لكونه كان ثقفياً، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قريش، والأنصار حليفان، وبنو أمية وثقيف حليفان".

ابن أبي رمثة التميمي كان طبيباً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، مزاولاً لأعمال اليد وصناعة الجراح.

عبد الملك بن أبجر الكناني كان طبيباً عالماً ماهراً. وكان في أول أمره مقيماً في الإسكندرية لأنه كان المتولي في التحريس بها من بعد الإسكندرانيين الذين تقدم ذكرهم. وذلك عندما كانت البلاد في ذلك الوقت لملوك النصارى. ثم إن المسلمين لما استولوا على البلاد وملكوا الإسكندرية، أسلم ابن أبجر على يد عمر بن عبد العزيز.

ابن أثال كان طبيباً متقدماً من الأطباء المتميزين في دمشق، نصراني المذهب. ولما ملك معاوية بن أبي سفيان دمشق اصطفاه لنفسه وأحسن إليه، وكان كثير الافتقاد له والاعتقاد فيه، والمحادثة معه ليلاً ونهاراً. وكان ابن أثال خبيراً بالأدوية المفردة والمركبة وقواها، وما منها سموم قواتل، وكان معاوية يقربه لذلك كثيراً.

أبو الحكم كان طبيباً نصرانياً عالماً بأنواع العلاج والأدوية، وله أعمال مذكورة وصفات مشهورة. وكان يستطبه معاوية بن أبيَ سفيان ويعتمد عليه في تركيبات أدوية لأغراض قصدها منه.

وعمر أبو الحكم هذا عمراً طويلاً حتى تجاوز المائة سنة.

حكم الدمشقي كان يلحق بأبيه في معرفته بالمداواة والأعمال الطبية والصفات البديعة. وكان مقيماً بدمشق. وعمر أيضاً عمراً طويلاً.

قال أبو يوسف بن إبراهيم: حدثني عيسى بن حكم أن والده توفي وكان عبد الله بن طاهر بدمشق في سنة عشر ومائتين؛ وأن عبد الله سأله عن مبلغ عمر أبيه فأعلمه أنه عمره مائة وخمس سنين، لم يتغير عقله، ولم ينقص علمه. فقال عبد الله: عاش حكم نصف التاريخ.
عيسى بن حكم الدمشقي وهو المشهور بمسيح، صاحب الكنائس الكبير الذي يعرف به وينسب إليه.

تياذوق كان طبيباً فاضلاً وله نوادر وألفاظ مستحسنة في صناعة الطب. وعمر، وكان في أول دولهّ بني أمية ومشهوراً عندهم بالطب. وصحب أيضاً الحجاج بن يوسف الثقفي، المتولي من جهة عبد الملك بن مروان، وخدمه بصناعة الطب وكان يعتمد عليه، ويثق بمداواته، وكان له منه الجامكية الوافرة والافتقاد الكثير.

زينب طبيبة بني أوت كانت عارفة بالأعمال الطبية، خبيرة بالعلاج ومداواة آلام العين والجراحات، مشهورة بين العرب بذلك الباب الثامن. طبقات الأطباء السريانيين الذين كانوا في. ابتداء ظهور دولة بني العباس.

جورجيوس بن جبرائيل كانت له خبرة بصناعة الطب، ومعرفة بالمداواة وأنواع العلاج، وخدم بصناعة الطب المنصور، وكان حظياً عنده رفيع المنزلة، ونال من جهته أموالاً جزيلة. وقد نقل للمنصور كتباً كثيرة من كتب اليونانيين إلى العربي.

ولجورجس من الكتب كناشه المشهور، ونقله حنين بن إسحاق من السرياني إلى العربي.

بختيشوع بن جورجسومعنى بختيشوع عبد المسيح، لأن في اللغة السريانية البخت العبد، ويشوع عيسى عليه السلام. وكان بختيشوع يلحق بأبيه في معرفته بصناعة الطب ومزاولته لأعمالها، وخدم هارون الرشيد وتميز في أيامه.

ولبختيشوع بن جورجس من الكتب: كناش مختصر. كتاب التذكرة ألفه لابنه جبرائيل.

جبرائيل بن بختيشوع بن جورجس كان مشهوراً بالفضل جيد التصرف في المداواة. عالي الهمة، سعيد الجد، حظياً عند الخلفاء، رفيع المنزلة عندهم، كثيري الإحسان إليه. وحصل من جهتهم من الأموال، ما لم يحصله غيره من الأطباء.

قال فثيون: وكان محل جبرائيل يقوى في كل وقت، حتى إن الرشيد قال لأصحابه: "أكل من كانت له إلي حاجة فليخاطب بها جبرائيل، لأني أفعل كل ما يسألني فيه ويطلبه مني".

قال فثيون: ولما تولى محمد الأمين، وافى إليه جبرائيل، فقبله أحسن قبول وأكرمه. ووهب له أموالاً جليلة أكثر مما كان أبوه يهب له. وكان الأمين لا يأكل ولا يشرب إلا بإذنه، فلما كان من الأمين ما كان، وملك الأمر المأمون، كتب إلى الحسن بن سهل، وهو يخلفه بالحضرة، بأن يقبض على جبرائيل ويحبسه، لأنه ترك قصره بعد موت أبيه الرشيد ومضى إلى أخيه الأمين. ففعل الحسن بن سهل هذا. ولما كان في سنة اثنتين ومائتين مرض الحسن بن سهل مرضاً شديداً، وعالجه الأطباء فلم ينتفع بذلك، فأخرج جبرائيل من الحبس حتى عالجه وبرأ في أيام يسيرة فوهب له سراً مالاً وافراً. وكتب إلى المأمون يعرفه خبر علته، وكيف برأ على يد جبرائيل، ويسأله في أمره. فأجابه بالصفح عنه.

ولجبرائيل بن بختيشوع من الكتب: رسالة إلى المأمون في المطعم والمشرب. كتاب المدخل إلى صناعة المنطق. كتاب في الباه. رسالة مختصرة في الطب. كناشه. كتاب في صنعة البخور، ألفه لعبد الله المأمون.

بختيشوع بن جبرائيل بن بختيشوع كان سريانياً نبيل القدر. وبلغ من عظم المنزلة والحال وكثرة المال، ما لم يبلغه أحد من سائر الأطباء الذين كانوا في عصره. وكان يضاهي المتوكل في اللباس والفرش.

ونقل حنين بن إسحاق لبختيشوع بن جبرائيل كتباً كثيرة من كتب جالينوس إلى اللغة السريانية والعربية.

ولما توفي بختيشوع خلف عبيد الله ولده، وخلف معه ثلاث بنات. وكان الوزراء والنظار يصادرونهم ويطالبونهم بالأموال. فتفرقوا واختلفوا. وكان موته يوم الأحد لثمان بقين من صفر سنة ست وخمسين ومائتين.

ولبختيشوع بن جبرائيل من الكتب: كتاب في الحجامة على طريق المسألة والجواب.

جبرائيل بن عبيد الله جبرائيل بن عبيد الله بن بختيشوع، كان فاضلاً عالماً متقناً لصناعة الطب، جيداً في أعمالها، حسن الدارية لها. وله تصانيف جليلة في صناعة الطب. وكان أجداده في هذه الصناعة كل منهم أوحد زمانه وعلامة وقته.

وتوفي يوم الجمعة ثامن شهر رجب من شهور سنة ست وتسعين وثلاثمائة للهجرة، وكان عمره خمساً وثمانين سنة، ودفن بالمصلى بظاهر ميافارقين.

ولجبرائيل بن عبيد الله بن بختيشوع من الكتب: كناشه الكبير، الملقب بالكافي، خمس مجلدات ألفه للصاحب بن عباد، رسالة في عصب العين، مقالة في ألم الدماغ بمشاركة فم المعدة الحجاب الفاصل بين آلات الغناء وآلات التنفس المسمى ذيافرغما، ألفها لخسروشاه بن مبادر ملك الديلم. مقالة في أن أفضل استقسات البدن هو الدم، ألفها للصاحب بن عباد، كتاب المطابقة بين قول الأنبياء والفلاسفة، مقالة في الرد على اليهود، مقالة في أنه لم جعل من الخمر قربان وأصله محرم.

عبيد الله بن جبرائيل هو أبو سعيد عبيد الله بن جبرائيل بن عبد الله بن بختيشوع بن جبرائيل بن بختيشوع بن جورجس بن جبرائيل. كان فاضلاً في صناعة الطب، مشهوراً بجودة الأعمال فيها، متقناً لأصولها وفروعها، من جملة المتميزين من أهلها والعريقين من أربابها، وكان معاصر ابن بطلان ويجتمع به ويأنس إليه وبينهما صحبة.

وتوفي عبيد الله بن جبرائيل في شهور سنة نيف وخمسين وأربعمائة. ولعبيد الله بن جبرائيل من الكتب: مقالة في الاختلاف بين الألبان، كتاب مناقب الأطباء، كتاب الروضة الطبية، كتاب التواصل إلى حفظ التناسل، رسالة إلى الأستاذ أبي طاهر بن عبد الباقي المعروف بابن قطرمين جواباً عن مسألته في الطهارة ووجوبها. رسالة في بيان وجوب حركة النفس. كتاب نوادر المسائل مقتضبة من علم الأوائل فى الطب. كتاب تذكرة الحاضر وزاد المسافر، كتاب الخاص في علم الخواص، كتاب طبائع الحيوان وخواصها ومنافع أعضائها ألفه للأمير نصير الدولة.

خصيب كان نصرانياً من أهل البصرة ومقامه بها، وكان فاضلاً في صناعة الطب جيد المعالجة.

عيسى المعروف بأبي قريش قال إسحاق بن علي الرهاوي في كتاب أدب الطبيب عن عيسى بن ماسة قال: أخبرني يوحنا بن ماسويه أن أبا قريش كان صيدلانياً يجلس على موضع نحو باب قصر الخليفة، وكان ديناً صالحاً في نفسه، وأن الخيزران جارية المهدي وجهت بمائها مع جارية لها إلى الطبيب، فخرجت الجارية من القصر فأرت أبا قريش الماء فقال لها: هذا ماء امرأة حبلى بغلام، فلما مضت الأيام ولدت موسى أخا هارون الرشيد. فعند ذلك أعلمت المهدي وقالت له: إن طبيباً على الباب أخبر بهذا منذ تسعة أشهر. وبلغ الخبر جورجس بن جبرلئيل فقال: كذب ومخرقة.

وما مضى بعد ذلك إلا قليل حتى حبلت بأخيه هاررن الرشيد فقال جورجس للمهدي جرب أنت هذا الطبيب! فوجه إليه بالماء فلما نظر إليه قال: هذا ماء ابنتي أم موسى وهي حبلى بغلام آخر. فرجعت الرسالة بذلك إلى المهدي وأثبت اليوم عنده ، فلما مضت الأيام ولدت هارون، فوجه المهدي إلى أبي قريش فأحضره وأقيم بين يديه، فلم يزل يطرح عليه الخلع وبدر الدنانير والدراهم حتى علت رأسه، وسير هارون وموسى في حجره، وكناه أبا قريش أي أبا العرب.

اللجلاج قال يوسف بن إبراهيم: حدثني إسماعيل بن أبي سهل بن نوبخت أن أباه أبا سهل، حدثه: أن المنصور لما حج حجته التي توفي فيها، رافق ابن اللجلاج متطببالمنصور، فكانا متى نام المنصور تنادما إلى أن سأل ابن اللجلاج، وقد عمل فيه النبيذ، أبا سهل عما بقي من عمر المنصور. قال اسماعيل: فأعظم ذلك والدي وقطع النبيذ وجعل على نفسه أن لا ينادمه، وهجره ثلاثة أيام، ثم اصطلحا بعد ذلك، فلما جلسا على نبيذهما، قال ابن اللجلاج لأبي سهل: "سألتك عن علمك ببعض الأمور فبخلت به وهجرتني، ولست أبخل عليك بعلمي فاسمعه" ثم قال: "إن المنصور رجل محرور تزداد يبوسة بدنه كلما أسن، وقد حلق رأسه بالحيرة، وجعل مكان الشعر الذي حلقه غالية وهو في هذا الحجاز يداوم الغالية، وما يقبل قولي في تركها، ولا أحسبه يبلغ إلى فيد حتى يحدث في دماغه من اليبس ما لا يكون عندي ولا عند أحد من المتطببين حيلة في ترطيبه. فليس يبلغ فيد، إن بلغها، إلا مريضاً؛ ولا يبلغ مكة، إن بلغها، وبه حياة. قال إسماعيل، قال لي والدي: فوالله ما بلغ المنصور فيد إلا وهو عليل ؛ وما وافى مكة إلا وهو ميت، فدفن ببئر ميمون.

عبدالله الطيفوري كان حسن العقل، طيب الحديث على لكنة سوادية كانت في لسانه شديدة لأن مولده كان في بعض قرى كسكر، كان من أحظى خلق الله عند الهادي.

زكريا بن الطيفوري إسرائيل بن زكريا الطيفوري مطبب الفتح بن خاقان، كان مقدماً في صناعة الطب، جليل القدر عند الخلفاء الملوك، كثيري الاحترام له. وكان مختصاً بخدمة الفتح بن خاقان بصناعة الطب وله منه الجامكية الكثيرة والأنعام الوافرة، وكان المتوكل بالله يرى له كثيراً ويعتمد عليه، وله عند المتوكل المنزلة المكينة.

يزيد بن زيد يزيد بن زيد بن يوحنا بن أبي خالد، متطبب المأمون، كان جيد العلم، حسن المعالجة، موصوفاً بالفضل. وكان قد خدم المأمون بصناعة الطب، وخدم أيضاً أبراهيم بن المهدي، وكان له منه الإحسان الكثير، والإنعام الغزير، والعناية البالغة، والجامكية الوافرة. وكان يقال له أيضاً يزيد بور.

عبدوس بن زيد قال أبو علي القبانى عن أبيه أن القاسم بن عبيد الله مرض في حياة أبيه مرضاً حاداً في تموز، وحل به القولنج الصعب، فانفرد بعلاجه عبدوس بن زيد وسقاه ماء أصول قد طبخ وطرح فيه أصل الكرفس والرازيانج ودهن الخروع وجعل فيه شيئاً من أيارج فيقرا، فحين شربه سكن وجعه وأجاب طبعه مجلسين، فأفاق، ثم أعطاه من غد ذلك اليوم ماء شعير فاستظرف هذا منه. ولعبدوس بن زيد من الكتب: كتاب التذكرة في الطب.

سهل الكوسج كان سهل الكوسج، أبو سابور بن سهل صاحب الأقراباذين، المشهور، من أهل الأهواز، وكان ألحى. وإنما لقب بالكوسج على سبيل التضاد. وكان عالماً في الطب إلا أنه دون ابنه في العلم، وكانت في لسانه لكنة خوزية. وكان كثير الهزل فغلب هزله جده. وكان متى اجتمع مع لِوحنا بن ماسويه، وجورجس بن بختيشوع، وعيسى بن حكم، وعيسى بن أبي خالد، وزكريا بن الطيفوري، ويعقوب صاحب البيمارستان، والحسن بن قريش، وعيسى المسلم، وسهل بن جبير، وهذه الطبقة من المتطببين قصر عنهم في العبارة ولم يقصرعنهم في العلاج.

سابور بن سهل كان ملازماً لبيمارستان جندي سابور ومعالجة المرضى به، وكان فاضلاً عالماً بقوى الأدوية المفردة وتركيبها، وتقدم عند المتوكل وكان يرى له وكذلك عند من تولى بعده من الخلفاء. وتوفي في أيام المهتدي بالله. وكانت وفاة سابور بن سهل في يوم الإثنين لتسع بقين من ذي الحجة سنة خمس وخمسين ومائتين.

ولسابور بن سهل من الكتب: كتاب الأقراباذين الكبير المشهور، كتاب قوى الأطعمة ومضارها ومنافعها، كتاب الرد على حنين، القول في النوم واليقظة، كتاب أبدال الأدوية.

إسرائيل بن سهل كان متقدماً في صناعة الطب، حسن العلاج خبيراً بتركيب الأدوية. وله كتاب مشهور في الترياق وقد أجاد عمله وبالغ في تأليفه.

موسى بن إسرائيل الكوفي متطبب إبراهيم بن المهدي. قال يوسف بن ابراهيم: كان موسى هذا قليل العلم بالطب إذا قيس إلى من هو في دهره من مشايخ المتطببين، إلا أنه كان أملأ لمجلسه منهم بخصال اجتمعت فيه، منها: فصاحة اللهجة، ومعرفة بالنجوم، وعلم بأيام الناس، ورواية الأشعار. وكان مولده فيما ذكر لي في سنة تسع وعشرين ومائة ووفاته في سنة اثنتين وعشرين ومائتين.
ماسرجويه متطبب البصرة وهو الذي نقل كتاب أهرن من السرياني إلى العربي. وكان يهودي المذهب سريانياً، وهو الذي يعنيه أبو بكر محمد بن زكريا الرازي في كتابه الحاوي بقوله قال اليهودي.

وقال سليمان بن حسان المعروف بابن جلجل: إن ماسرجويه كان في أيام بني أمية. وإنه تولى في الدولة المروانية تفسير كتاب أهرن بن أعين إلى العربية.

ولماسرجويه من الكتب: كناش، كتاب في الغذاء، كتاب في العين.

سلمويه بن بنان متطبب المعتصم لما استخلف أبو إسحاق محمد المعتصم بالله وذلك في سنة ثمان عشرة ومائتين اختار لنفسه سلمويه الطبيب وكرمه إكراماً كثيراً يفوق الوصف، وكان يرد إلى الدواوين توقيعات المعتصم في السجلات وغيرها بخط سلمويه، وكان سلمويه بن بنان نصرانياً حسن الاعتقاد في دينه، كثير الخير، محمود السيرة، وافر العقل، جميل الرأي.

ابراهيم بن فزارون متطبب غسان بن عباد. وإبراهيم بن فزارون هو شيخ بني فزارون الكتاب.

أيوب المعروف بالأبرش كان له نظر في صناعة الطب ومعرفة بالنقل، وقد نقل كتباً من مصنفات اليونانيين إلى السرياني وإلى العربي وهو متوسط النقل، وما نقله في آخر عمره فهو أجود مما نقله قبل ذلك.

ابراهيم بن أيوب الأبرش قال ثابت بن سنان بن ثابت أن الخلافة لما تأدت إلى المعتز بالله كان أخص المتطببين عنده ابراهيم بن الأبرش لمكانه من والدته قبيحة. وكانت صلاته أبداً واصلة إليه.

جبرائيل كحال المأمون قال يوسف بن إبراهيم: كان المأمون يستخف يد جبرائيل الكحال، ويذكر أنه ما رأى أبداً على عين أخف من يده.

ماسويه أبو يوحنا قال فثيون الترجمان: إن ماسويه كان يعمل في دق الأدوية في بيمارستان جندي سابور، وهو لا يقرأ حرفاً واحداً بلسان من الألسنة، إلا أنه عرف الأمراض وعلاجها وصار بصيراً بانتقاد الأدوية، فأخذه جبرائيل بن بختيشوع فأحسن إليه، وعشق جارية لداود بن سرابيون، فابتاعها جبرائيل بثمانمائة درهم، ووهبها لماسويه ورزق منها ابنه يوحنا وأخاه ميخائيل.

يوحنا بن ماسويه كان طبيبأ ذكياً فاضلاً خبيراً بصناعة الطب، وله كلام حسن وتصانيف مشهورة وكان مبجلاً حظياً عند الخلفاء والملوك.

وقال سليمان بن حسان: كان يوحنا بن ماسويه مسيحي المذهب سريانياً. قلده الرشيد ترجمة الكتب القديمة مما وجد بأنقره وعمورية وسائر بلاد الروم حين سباها المسلمون، ووضعه أميناً على الترجمة. وخدم هارون والأمين والمأمون، وبقي على ذلك إلى أيام المتوكل.

وقال ابن النديم البغدادي الكاتب: إن يوحنا بن ماسويه خدم بصناعة الطب المأمون والمعتصم والواثق والمتوكل.

وقال ابن النديم البغدادي الكاتب: إن يوحنا بن ماسويه خدم بصناعة الطب المأمون والمعتصم والواثق والمتوكل.

وليوحنا بن ماسويه من الكتب: كتاب البرهان ثلاثون باباً، كتاب البصيرة، كتاب الكمال والتمام، كتاب الحميات مشجر، كتاب في الأغذية، كتاب في الأشربة، كتاب المنجح في الصفات والعلاجات، كتاب في الفصد والحجامة، كتاب في الجذام لم يسبقه أحد إلى مثله. كتاب الجواهر، كتاب الرجحان، كتاب في تركيب الأدوية المسهلة وإصلاحها وخاصة كل دواء منها ومنفعته، كتاب دفع مضار الأغذية، كتاب في غير ما شيء مما عجز عنه غيره، كتاب السر الكامل، كتاب في دخول الحمام ومنافعها ومضرتها. كتاب السموم وعلاجها، كتاب الديباج، كتاب الأزمنة، كتاب الطبيخ، كتاب في الصداع وعلله وأوجاعه وجميع أدويته والسدد والعلل المولدة لكل نوع منه، وجميع علاجه، ألفه لعبد الله بن طاهر. كتاب الصدر والدوار، كتاب لم أمتنع الأطباء من علاج الحوامل في بعض شهور حملهن؟ كتاب محنة الطبيب، كتاب معرفة محنة الكحالين، كتاب دغل العين، كتاب مجسة العروق، كتاب الصوت والبحة، كتاب ماء الشعير، كتاب المرة السوداء، كتاب علاج النساء اللواتي لا يحبلن حتى يحبلن، كتاب الجنين، كتاب تدبير الأصحاء، كتاب في السواك والسنونات، كتاب المعدة، كتاب القولنج، كتاب النوادر الطبية، كتاب التشريح، كتاب في ترتيب سقي الأدوية المسهلة بحسب الأزمنة وبحسب الأمزجة، وكيف ينبغي أن يسقى، ولمن ومتى وكيف يعان الدواء إذا احتبس، وكيف يمنع الإسهال إذا أفرط. كتاب تركيب خلق الإنسان وأجزائه وعدد أعضائه ومفاصله وعظامه وعروقه، ومعرفة أسباب الأوجاع، ألفه للمأمون. كتاب الأبدال فصول كتبها لحنين بن إسحاق بعد أن سأله المذكور ذلك. كتاب الماليخوليا وأسبابها وعلاماتها وعلاجها. كتاب جامع الطب مما اجتمع عليه أطباء فارس والروم، كتاب الخيلة للبرء.

ميخائيل بن ماسويه متطبب المأمون، ميخائيل هذا هو أخو يوحنا بن ماسويه.

عيسى بن ماسة من الأطباء الفضلاء في وقته، وكان أحد المتميزين من أرباب هذه الصناعة، طريقة حسنة في علاج المرضى.

ولعيسى بن ماسة من الكتب كتاب قوى الأغذية. كتاب من لا يحضره طبيب. مسائل في النسل والذرية. كتاب الرؤيا. يخبر فيه بالسبب الذي امتنع به من معالجة الحامل، وغير ذلك. كتاب في طلوع الكواكب التي ذكرها بقراط. كتاب في الفصد والحجامة. رسالة في استعمال الحمام.

حنين بن إسحاق هو أبو زيد حنين بن إسحاق العبادي والعباد بالفتح قبائل شتى من بطون العرب اجتمعوا على النصرانية بالحيرة.

وكان حنين بن إسحاق فصيحاً لسناً بارعاً شاعراً. وأقام مدة في البصرة وكان شيخه في العربية الخليل بن أحمد. ثم بعد ذلك انتقل إلى بغداد واشتغل بصناعة الطب.

ولحنين بن إسحاق من الكتب: كتاب المسائل وهو المدخل إلى صناعة الطب.

كتاب العشر مقالات في العين.

كتاب في العين: على طريق المسألة والجواب، ثلاث مقالات، ألفه لولديه داؤد وإسحاق، وهو مائتان وتسع مسائل. اختصار الستة عشر كتاباً لجالينوس. كتاب الترياق. اختصار كتاب جالينوس في الأدوية المفردة. مقالة في ذكر ما ترجم من كتب جالينوس. مقالة في ثبت الكتب التي لم يذكرها جالينوس في فهرست كتبه. مقالة في اعتذاره لجالينوس فيما قاله في المقالة السابقة. جمل مقالة جالينوس في أصناف الغلظ الخارج عن الطبيعة. جوامع كتاب جالينوس في القبول علىطريق المسألة والجواب. جوامع كتاب جالينوس. جوامع كتاب جالينوس في كتب أبقراط الصحيحة وغير الصحيحة. جوامع كتاب جالينوس في الحث على تعلم الطب، جوامع كتاب المني لجالينوس. ثمار تفسير جالينوس. ثمار تفسير جالينوس لكتاب تقدمة المعرفة. ثمار تفسير جالينوس لكتاب أبقراط في تدبير الأمراض الحادة. ثمار تفسير جالينوس لكتاب أبقراط. ثمار السبع عشرة مقالة. ثمار تفسير جالينوس لكتاب قاطيطريون. ثمار تفسير جالينوس لكتاب أبقراط في الأهوية والأزمنة والبلدان. شرح كتاب الهواء والماء والمساكن. شرح كتاب الغناء. ثمار المقالة الثالثة من تفسير جالينوس لكتاب طبيعة الانسان لأبقراط. ثمار كتاب أبقراط فبم المولودين لثمانية أشهر: فصول استخرجها من كتاب أبيذيميا. فصول استخرجها من كتاب الأهوية والبلدان. مقالة في تدبير الناقهين. رسالة في قرص العود. رسالة إلى الطيفوري في قرص الورد. كتاب إلى المعتمد فيما سأله عنه من الفرق بين الغذاء والدواء المسهل. كتاب قوى الأغذية. كتاب في كيفية إدراك الديانة مسائل في البول. مقالة في تولد الفزُوج. مسائل استرجها من كتب المنطق الأربعة. مقالة في الدلائل. كتاب في النبض. كتاب في الحميات. كتاب في البول. كتاب فني معرفة أوجاع المعدة وعلاجها. كتاب في حالات الأعضاء. مقالة في ماء البقول. كتاب في اليبس، كتاب في حفظ الأسنان واللثة، كتاب فيمن يولد لثمانية أشهر. كتاب في امتحان الأطباء. كتاب في طبائع الأغذية وتدبير الأبدان كتاب في أسماء الأدوية المفردة. كتاب في مسائله العربية. كتاب في تسمية الأعضاء على رتبها جالينوس، كتاب في تركيب العين. مقالة في المد والجزر، كتاب في أفعال الشمس والقمر، كتاب في تدبير السوداويين. كتاب قي تدبير الأصحاء بالمطعم والمشرب. كتاب في اللبن. كتاب في تدبير المستسقين. كتاب في أسرار الأدوية المركبة، كتاب في أسرار الفلاسفة في الباه. جوامع كتاب السماء والعالم، كتاب في المنطق. كتاب في النحو. مقالة في خلق الانسان. كتاب فيما يقرأ قبل كتب أفلاطن، مقالة في تولد النار بين الحجرين. كتاب الفوائد، ومقالة في الحمام، مقالة في الآجال مقالة في الدغدغة، مقالة في ضيق النفس. كتاب في اختلاف الطعوم. كتاب في تشريح آلات الغذاء. تفسير كتاب النفخ لأبقراط، تفسير كتاب حفظ الصحة لروفس، تفسير كتاب الأدوية المكتومة لجالينوس. رسالة في دلالة القدر على التوحيد، رسالة إلى سلمويه بن بنان. كتاب في أحكام الإعراب. كتاب قاطيغورياس على رأي ثامسطيوس. مقالة في تولد الحصاة. مقالة في اختيار الأدوية المحرقة. كتاب نوادر الفلاسفة والحكماء وآداب المعلمين القدماء، كناش اختصره من كتاب بولس. مقالة في تقاسيم علل العين. كتاب اختيار أدوية علل العين مقالة في الصراع. كتاب الفلاحة، مقالة في التركيب. مقالة تتعلق بحفظ الصحة وغيرها، كلام في الآثار العلوية. مقالة في قوس قزح. كتاب تاريخ العالم والمبدأ والأنبياء والملوك والأمم والخلفاء والملوك في الإسلام. حل بعض شكوك جاسيوس الإسكندراني. رسالة فيما أصابه من المحن والشدائد، كتاب إلى علي بن يحيى. جوامع ما في المقالة الأولى والثانية والثالثة من كتاب أبيديميا لأبقراط. مقالة في كون الجنين. جوامع تفسير القدماء اليونانيين لكتاب أرسطوطاليس في السماء والعالم. كتاب دفع مضار الأغذية. كتاب الزينة. كتاب خواص الأحجار. كتاب البيطرة. كتاب حفظ الأسنان. كتاب في إدراك حقيقة الأديان.

إسحاق بن حنين هو أبو يعقوب إسحاق بن حنين بن إسحاق العبادي، كان يلحق بأبيه في النقل وفي معرفته باللغات وفصاحته فيها، إلا أن نقله للكتب الطبية قليل جداً بالنسبة إلى ما يوجد من كثرة نقله من كتب أرسطوطاليس في الحكمة وشروحها إلى لغة العرب. وكان منقطعاً إلى القاسم بن عبيد الله وخصيصاً به، ولحق إسحاق في آخر عمره الفالج، وبه مات. وتوفي ببغداد في أيام المقتدر باللّه، وذلك في شهر ربيع الَآخر سنة ثمان وتسعين ومائتين.

ولإسحاق بن حنين من الكتب: كتاب الأدوية المفردة. كناش لطيف، ويعرف بكناش الخف. كتاب ذكر فيه ابتداء صناعة الطب وأسماء جماعة من الحكماء والأطباء. كتاب الأدوية الموجودة بكل مكان: كتاب إصلاح الأدوية المسهلة. اختصار كتاب إقليلس، كتاب المقولات، كتاب إيساغوجي، وهو المدخل إلى صناعة المنطق.إصلاح جوامع الإسكندرانيين لشرح جالينوس لكتاب الفصول لأبقراط. كتاب في النبض على جهة التقسيم. مقالة في الأشياء التي تفيد الصحة والحفظ، وتمنع من النسيان ألفها لعبد الله بن شمعون. كتاب في الأدوية المفردة. كتاب صنعة العلاج بالحديد. كتاب آلداب الفلاسفة ونوادرهم. مقالة في التوحيد.

حبيش الأعسم هو حبيش بن الحسن الدمشقي، وهو ابن أخت حنين بن إسحاق، ومنه تعلم صناعة الطب، وحبيش هو الذي تمم كتاب مسائل حنين في الطب الذي وضعه للمتعلمين، وجعله مدخلاً إلى هذه الصناعة. ولحبيش من الكتب: كتاب إصلاح الأدوية المسهلة، كتاب الأدوية المفردة، كتاب الأغذية. كتاب في الاستسقاء. مقالة في النبض على جهة التقسيم.

يوحنا بن بختيشوع كان طبيباً متميزاً خبيراً باللغة اليونانية والسريانية، ونقل من اليوناني إلى السرياني كتباً كثيرة، وخدم بصناعة الطب الموفق بالله طلحة بن جعفر المتوكل.

وليوحنا بن بختيشوع من الكتب: كتاب فيما يحتاج إليه الطبيب من علم النجوم.

بختيشوع بن يوحنا كان عالماً بصناعة الطب، حظياً من الخلفاء وغيرهم. واختص بخدمة المقتدر بالله، وخدم بعد ذلك الراضي بالله.

ومات بختيشوع بن يوحنا في يوم الأربعاء لثلاث بقين من ذي الحجة سنة تسع وعشرين وثلاثمائة ببغداد.

عيسى بن علي كان طبيباً فاضلاً ومشتغلاً بالحكمة، وله تصانيف في ذلك. وكان قد قرأ صناعة الطب على حنين بن إسحاق، وهو من أجل تلاميذه.

ولعيسى بن علي من الكتب: كتاب المنافع التي تستفاد من أعضاء الحيوان. كتاب السموم مقالتان.

عيسى بن يحيي بن ابراهيم كان أيضاً من تلامذة حنين بن إسحاق، واشتغل عليه بصناعة الطب.

الحلاجي ويعرف بيحيى بن أبي حكيم كان من أطباء المعتضد، وله من الكتب: كتاب تدبير الأبدان النحيفة التي قد علتها الصفراء، ألفه للمعتضد.

ابن صهار بخت واسمه عيسى، من أهل جندي سابور، وله من الكتب كتاب قوى الأدوية المفردة.

ابن ماهان ويعرف بيعقوب السيرافي وله من الكتب: كتاب السفر والحضر في الطب.

الساهر اسمه يوسف، ويعرف بيوسف القس. عارف بصناعة الطب، وكان متميزاً في أيام المكتفي. وللساهر من الكتب: كناشه وهو الذي يعرف به وينسب إليه، وهو مما استخرجه وجرّبه في أيام حياته.

الباب التاسع.طبقات الأطباء النقلة النين نقلوا كتب الطب وغيره من اللسان اليوناني إلي اللسان العربي وذكر الذين نقلوا لهم جورجس وهو من أول من ابتدأ في نقل الكتب الطبية إلى اللسان العربي عندما استدعاه المنصور وكان كثير الإحسان إليه، وقد ذكرت أخبار جورجس فيما تقدم.

حنين بن إسحاق كان عالماً باللغات الأربع غريبها ومستعملها: العربية والسريانية واليونانية والفارسية. ونقله في غاية من الجودة.

إسحاق بن حنين كان أيضاً عالماً باللغات التي يعرفها أبوه، وهو يلحق به في النقل، وكان إسحاق عذب العبارة فصيح الكلام، وكان حنين مع ذلك أكثر تصنيفاً ونقلاً وقد تقدم ذكر إسحاق وأبيه.

حبيش الأعسم وهو ابن أخت حنين بن إسحاق وتلميذه. ناقل مجود يلحق بحنين وإسحاق. وقد تقدم أيضاً ذكره.

عيسى بن يحيي بن إبراهيم كان أيضاَ تلميذاً لحنين بن إسحاق، وكان فاضلاً. أثنى عليه حنين ورضي نقله، وقلده فيه. وله مصنفات.

قسطا بن لوقا البعلبكي كان ناقلاً خبيراً باللغات فاضلاً في العلوم الحكمية وغيرها، وسيأتي ذكره.

أيوب المعروف بالأبرش كان قليل النقل متوسطه. وما نقله في آخر عمره يضاهي نقل حنين.

ماسرجيس كان ناقلاً من السرياني إلى العربي، ومشهوراً بالطب.

وله من الكتب: كتاب قوى الأطعمة ومنافعها ومضارها. كتاب قوى العقاقير ومنافعها ومضارها.

عيسى بن ماسرجيس كان يلحق بأبيه. وله من الكتب: كتاب الألوان، كتاب الروائح والطعوم.

شهدي الكرخي من أهل الكرخ، وكان قريب الحال في الترجمة.

ابن شهدي الكرخي كان مثل أبيه في النقل، ثم إنه في آخر عمره فاق أباه، ولم يزل متوسطاً. وكان ينقل من السرياني إلى العربي. ومن نقله كتاب الأجنة لأبقراط.

الحجاج بن مطر نقل للمأمون. ومن نقله كتاب إقليدس، ثم أصلح نقله فيما بعد ثابت بن قرة الحراني ابن ناعمة، واسمه عبد المسيح بن عبد الله الحمصي الناعمي، كان متوسط النقل، وهو إلى الجودة أميل.

زروبا بن مانحوه الناعمي الحمصي كان قريب النقل، وما هو في درجة من قبله.

هلال بن أبي هلال الحمصي كان صحيح النقل، ولم يكن عنده فصاحة، ولا بلاغة في اللفظ.

فثيون الترجمان وجدت نقله كثير اللحن ولم يكن يعرف علم العربية أصلاً.

أبو نصر بن ناري بن أيوب كان قليل النقل، ولم يعتد بنقله كغيره من النقلة.

بسيل المطران نقل كتباً كثيرة، وكان نقله أميل إلى الجودة.

إصطفن بن بسيل كان يقارب حنين بن إسحاق في النقل، إلا أن عبارة حنين أفصح وأحلى.

موسى بن خالد الترجمان وجدت من نقله كتباً كثيرة من الستة عشر لجالينوس وغيرها وكان لا يصل إلى درجة حنين أو يقرب منها.
اسطاث كان من النقلة المتوسطين.

حيرون بن رابطة ليس له شهرة بجودة النقل.

تدرس السنقل وجدت له نقلاً في الكتب الحكمية لا بأس به.

سرجس الرأسي من أهل مدينة رأس العين. نقل كتباً كثيرة وكان متوسطاً في النقل. وكان حنين يصلح نقله، فما وجد بإصلاح حنين فهو الجيد، وما وجد غير مصلح فهو وسط.

أيوب الرهاوي ليس هو أيوب الأبرش المذكور أولاً، ناقل جيد عالم باللغات إلا أنه بالسريانية خير منه بالعربية.

يوسف الناقل هو أبو يعقوب يوسف بن عيسى المتطبب الناقل، ويلقب بالناعس، هو تلميذ عيسى بن صهربخت، وكان يوسف الناقل من خوزستان وكانت في عبارته لكنة، وليس نقله بكثير الجودة.

ابراهيم بن الصلت كان متوسطاً في النقل يلحق بسرجس الرأسي.

ثابت الناقل كان أيضاً متوسطاً في النقل إلا أنه يفضل إبراهيم بن الصلت. وكان مقلاً من النقل.
ومن نقله: كتاب الكيموسين لجالينوس.

أبو يوسف الكاتب كان أيضاً متوسطاً في النقل ونقل عدة كتب من كتب أبقراط.

يوحنا بن بختيشوع نقل كتباً كثيرة إلى السرياني، فأما إلى العربي فما عرف بنقله شيء منها.

البطريق كان في أيام المنصور، وأمره بنقل أشياء من الكتب القديمة. وله نقل كثير جيد.

يحيي بن البطريق كان في جملة الحسن بن سهل، وكاَن لا يعرف العربية حق معرفتها ولا اليونانية، وإنما كان لطينياً يعرف لغة الروم اليوم وكتابتها. وهي الحروف المتصلة لا المنفصلة اليونانية القديمة.

قيضا الرهاوي كان إذا كثرت على حنين الكتب، وضاق عليه الوقت استعان به في نقلها، ثم يصلحها بعد ذلك.

منصور بن باناس طبقته في النقل مثل قيضا الرهاوي، وكان بالسريانية أقوى منه بالعربية.

عبد يشوع بن بهريز مطران الموصل. كان صديقاً لجبرائيل بن بختيشوع وناقلاً له.

أبو عثمان سعيد بن يعقوب الدمشقي أحد النقلة المجيدين، وكان منقطعاً إلى علي بن عيسى.

أبو إسحاق إبراهيم بن بكس كان من الأطباء المشهورين، وترجم كتباً كثيرة إلى لغة العرب، ونقله أيضاً مرغوب فيه.

أبو الحسن علي بن إبراهيم بن بكس كان أيضاً طبيباً مشهوراً. وكان مثل أبيه في النقل.

فأما الذين كان هؤلاء النقلة ينقلون لهم خارجاً عن الخلفاء فمنهم: شيرشوع بن قطرب من أهل جندي سابور؛ وكان لا يزال يبر النقلة ويهدي إليهم، ويتقرب إلى تحصيل الكتب منهم بما يمكنه من المال، وكان يريد السرياني أكثر من العربي وهو أحد الخوز.

محمد بن موسى المنجم وهو أحد بني موسى بن شاكر الحساب المشهورين بالفضل والعلم والتصنيف في العلوم الرياضية. وكان محمد هذا من أبر الناس بحنين بن إسحاق، وقد نقل له حنين كثيراً من الكتب الطبية.

علي بن يحيي المعروف بان المنجم أحد كتاب المأمون وكان نديماً له، وعنده فضل. ومال إلى الطب فنقلوا له كتباً كثيرة.

ثادرس الأسقف كان أسقفاً في الكرخ ببغداد. وكان حريصاً على طلب الكتب متقرباً إلى قلوب نقلتها، فحصل منها شيئاً كثيراً، وصنف له قوم من الأطباء النصارى كتباً لها قدر وجعلوها باسمه.

محمد بن موسى بن عبد الملك نقلت له كتب طبية وكان من جملة العلماء الفضلاء يلخص الكتب، ويعتبر جيد الكلام فيها من رديه.

عيسى بن يونس الكاتب الحاسب من جملة الفضلاء بالعراق وكان كثير العناية بتحصيل الكتب القديمة والعلوم اليونانية.

علي المعروف بالفيوم اشتهر باسم المدينة التي كان عاملها، وكانت النقلة يحصلون من جانبه ويمتارون من فضله.

أحمد بن محمد المعروف بابن المدبر الكاتب وكان يصل إلى النقلة من ماله وأفضاله شيء كثير جداً.

إبراهيم بن محمد بن موسى الكاتب وكان حريصاً على نقل كتب اليونانيين إلى لغة العرب ومشتملاً على أهل العلم والفضل وعلى النقلة خاصة.

عبد الله بن إسحاق وكان أيضا حريصاً على نقل الكتب وتحصيلها.

محمد بن عبد الملك الزيات وكان يقارب عطاؤه للنقلة والنساخ في كل شهر ألفي دينار، ونقل باسمه كتب عدة.

الباب العاشر.طبقات الأطباء العراقيين وأطباء الجزيرة وديار بكر يعقوب بن إسحاق الكندي فيلسوف العرب وأحد أبناء ملوكها. وكان أبوه إسحاق بن الصباح أميراً على الكوفة للمهدي وللرشيد.

وليعقوب بن إسحاق الكندي من الكتب: كتاب الفلسفة الأولى فيما دون الطبيعيات والتوحيد. كتاب الفلسفة الداخلة والمسائل المنطقية والمعتاصة وما وافق الطبيعيات.

رسالة في أنه لا تنال الفلسفة إلا بعلم الرياضيات. كتاب الحث على تعلم الفلسفة. رسالة في كمية كتب أرسطوطاليس. كتاب في قصد أرسطوطاليس في المقولات. رسالته الكبرى في مقياسه العلمي وغيرها كثير.

أحمد بن الطيب السرخسي أبو العباس أحمد بن محمد بن مروان السرخسي، ممن ينتمي إلى الكندي، وعليه قرأ، ومنه أخذ. وكان متفنناً في علوم كثيرة من علوم القمداء والعرب، حسن المعرفة، جيد القريحة، بليغ اللسان، مليح التصنيف والتأليف، أوحداً في علم النحو والشعر. وكان حسن العشرة، مليح النادرة، خليعاً ظريفاً وسمع الحديث أيضاً وروى شيئاً منه.

ولأحمد بن الطيب السرخسي من الكتب: اختصار كتاب إيساغوجي لفرفوريوس، إختصار كتاب قاطيغورياس، إختصار كتاب باريرميناس، إختصار كتاب أنالوطقيا الأولى، إختصار كتاب أنالوطقيا الثانية، كتاب النفس، كتاب الإغشاش وصناعة الحسبة الكبير، كتاب غش الصناعات والحسبة الصغير، كتاب نزهة النفوس ولم يخرج باسمه، كتاب اللهو والملاهي ونزهة المفكر الساهي في الغناء والمغنين، والمنادمة، والمجالسة وأنواع الأخبار والملح، كتاب الرد على جالينوس في المحل الأول. رسالة إلى ابن ثوابة، رسالة في الخضابات المسودة للشعر وغير ذلك. كتاب في أن الجزء ينقسم إلى ما لا نهاية له. كتاب في أخلاق النفس، كتاب سيرة الإنسان، كتاب إلى بعض إخوانه في القوانين العامة الأولى في الصناعة الديالقطيقية أي الجدلية على مذهب أرسطوطاليس، إختصار كتاب سوفسطيقا لأرسطوطاليس، كتاب القيان، وغيرها.

أبوالحسن ثابت بن قرة الحراني كان من الصابة المقيمين بحران، ويقال الصابئون. وكان مولد ثابت بن قرة في سنة إحدى عشرة ومائتين بحران في يوم الخميس الحادي والعشرين من صفر. وتوفي سنة ثمان وثمانين ومائتين، وله من العمر سبع وسبعون سنة. ولأبي الحسن ثابت بن قرة الحراني من الكتب: كتاب في النبض. كتاب وجع المفاصل والنقرس. جوامع كتاب الأدوية المفردة لجالينوس. جوامع كتاب المرّة السوداء لجالينوس. جوامع كتاب سوء المزاج المختلف لجالينوس. جوامع كتاب الأمراض الحادة لجالينوس. جوامع كتاب الكثرة لجالينوس. جوامع كتاب تشريح الرحم لجالينوس. جوامع كتاب جالينوس في المولودين لسبعة أشهر. جوامع ما قاله جالينوس في كتابه في تشريف صناعة الطب. كتاب أصناف الأمراض. جوامع كتاب الفصد لجالينوس. جوامع تفسير جالينوس لكتاب أبقراط في الأهوية والمياه والبلدان. كتاب في العمل بالكرة. كتاب في الحصى المتولد في الكلى والمثانة. كتاب في البياض الذي يظهر في البدن. كتاب في مساءلة الطبيب للمريض. كتاب في سوء المزاج المختلف. كتاب في تدبير الأمراض الحادة. رسالة في الجدري والحصبة. إختصار كتاب النبض الصغير لجالينوس وغيرها كثير.

أبو سعيد سنان بن ثابت بن قرة كان يلحق بأبيه في معرفته بالعلوم واشتغاله بها وتمهره في صناعة الطبء وله قوة بالغة في علم الهيئة. وكان في خدمة المقتدر بالله، والقاهر، وخدم أيضاً بصناعة الطب الراضي بالله. وقال ابن النديم البغدادي الكاتب في "كتاب الفهرست": إن القاهر بالله أراد سنان بن ثابت بن قرة على الإسلام، فهرب ثم أسلم، وخاف من القاهر فمضى إلى خراسان وعاد وتوفي ببغداد مسلماً. وكانت وفاته بعلة الذرب في الليلة التي صبيحتها يوم الجمعة، مستهل ذي القعدة سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة.

أبو الحسن ثابت بن سنان بن ثابت بن قرة كان طبيباً فاضلاً، يلحق بأبيه في صناعة الطب. وقال في التاريخ الذي عمله وهذا التاريخ ذكر فيه الوقائع والحوادث التي جرت في زمانه، وذلك من أيام المقتدر بالله إلى أيام المطيع لله أنه كان وولده في خدمة الراضي بالله. وقال بعد ذلك أيضاً عن نفسه: أنه خدم بصناعة الطب المتقي بن المقتدر بالله، وخدم أيضاً المستكفي بالله والمطيع لله. قال: وفي سنة ثلاث عشرة وثلاثماثة قلدني الوزير الخاقاني البيمارستان الذي اتخذه ابن الفرات بدرب المفضل.

وكانت وفاة ثابت بن سنان في شهور سنة ثلاث وستين وثلاثمائة.

أبو إسحق ابراهيم بن سنان بن ثابن بن قرة كان كاملاً في العلوم الحكمية فاضلاً في الصناعة الطبية، متقدماً في زمانه، حسن الكتابة. مولده في سنة ست وتسعين ومائتين. وكانت وفاته في يوم الأحد النصف من المحرم سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة ببغداد.

أبو إسحق ابراهيم بن زهرون الحراني كان طبيباً مشهوراً، وافر العلم في صناعة الطب، جيد الأعمال، حسن المعاملة. وكانت وفاته في ليلة الخميس لإحدى عشرة ليلة بقيت من صفر سنة تسع وثلاثمانة ببغداد.

أبو الحسن الحراني هو أبو الحسن ثابت بن إبراهيم بن زهرون الحراني، كان طبيباً فاضلاً كثير الدراية، وافر العلم، بارعاً في الصناعة، موفقاً في المعالجة، مطلعاً على أسرار الطب. وكان مع ذلك ضنيناً بما يحسن.

ابن وصيف الصابئ كان طبيباً عالماً بعلاج أمراض العين، ولم يكن في زمانه أعلم منه في ذلك، ولا أكثر مزاولة.

غالب طبيب المعتضد شهر بخمدة المعتضد بالله وكان أولاً عند الموفق طلحة بن المتوكل لأنه خدمه منذ أيام المتوكل واختص به. وارتضع سائر أبناء المتوكل من لبن أولاد غالب فكان يسر بهم. فلما تمكن الموفق من الأمر أقطعه ونوله وأغناه.

أبو عثمان سعيد بن غالب كان طبيباً عارفاً حسن المداواة مشهوراً في صناعة الطب. خدم المعتضد بالله وحظي عنده وكان كثير الإحسان إليه، والإنعام عليه.

توفي أبو عثمان سعيد بن غالب في يوم الأحد لست بقين من جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثمائة ببغداد.

عبدوس كان طبيباً مشهوراً ببغداد، حسن المعالجة، جيد التدبير، ويعرف كثيراً من الأدوية المركبة. وله تجارب حميدة، وتصرفات بليغة في صناعة الطب.

ولعبدوس من الكتب: كتاب التذكرة في الطب.

صاعد بن بشر بن عبدوس ويكنى أبا منصور، كان في أول أمره فاصداً في البيمارستان ببغداد. ثم إنه بعد ذلك اشتغل في صناعة الطب وتميز حتى صار من الأكابر من أهلها، والمتعينين من أربابها. ولصاعد بن بشر من الكتب: مقالة في مرض المراقيا ومداواته ألفها لبعض إخوانه.

ديلم كان من الأطباء المذكورين ببغداد المتقدمين في صناعة الطب، وكان يتردد إلى الحسن بن مخلد وزير المعتمد ويخدمه.

داؤد بن ديلم كان من الأطباء المتميزين ببغداد المجيدين في المعالجة، وخدم المعتضد بالله وخص به. فكانت التوقيعات تخرج بخط ابن ديلم لمحله منه ومكانته.

أبو عثمان سعيد بن يعقوب الدمشقي كان من الأطياء المذكورين ببغداد، ونقل كتباً كثيرة إلى العربية من كتب الطب وغيره، وكان منقطعاً إلى علي بن عيسى.

ولأبي عثمان الدمشقي من الكتب: مسائل جميعها من كتاب جالينوس في الأخلاق.

مقالة في النبض مشجرة، وهي جوامعه لكتاب النبض الصغير لجالينوس.

الرقي هو أبو بكر محمد بن الخليل الرقي، كان فاضلاً في الصناعة الطبية، عارفاً بأصولها وفروعها، جيد التعليم، حسن المعالجة. وهو أول من وجدناه فسر مسائل حنين بن إسحاق في الطب، وكان تفسيره لهذا الكتاب في سنة ثلاثين وثلاثمائة.

قويري واسمه إبراهيم، ويكنى أبا إسحاق. فاضل في العلوم الحكمية، وهو ممن أخذ عنه علم المنطق، وكان مفسراً.

ولقويري من الكتب: كتاب تفسير قاطيغورياس مشجر. كتاب باريمينياس مشجر. كتاب أنالوطيقا الأولى مشجر. كتاب أنالوطيقا الثانية مشجر.

ابن كرنيب هو أبو أحمد الحسين بن أبي الحسين إسحاق بن إبراهيم بن زيد الكاتب، ويعرف بابن كرنيب. وكان من جلة المتكلمين، ويذهب مذهب الفلاسفة الطبيعيين.

أبو يحيي المروزي كان طبيباً مشهوراً بمدينة السلام متميزاً في الحكمة، وقرأ عليه أبو بشر متى بن يونان. وكان فاضلاً، ولكنه كان سريانياً. وجميع ما له من الكتب في المنطق وغيره بالسريانية.

متى بن يونان كان أبو بشر متى بن يونان من أهل ديرقنى، ممن نشأ في أسكول مرماري. قرأ على قويري وعلى روفيل وبنيامين ويحيى المروزي، وعلى أبي أحمد بن كرنيب. وله تفسير من السرياني إلى العربي.

يحيى بن عدي وأبو ركريا يحيى بن حميد بن زكريا المنطقي، وإليه انتهت الرئاسة ومعرفة العلوم الحكمية في وقته، قرأ على أبي بشر متى وعلى أبي نصر الفارابي وعلى جماعة أخر، وكان أوحد دهره.

أبو علي بن زرعة هو أبو علي عيسى بن إسحاق بن زرعة بن مرقس بن زرعة بن يوحنا. أحد المتقدمين في علم المنطق، وعلوم الفلسفة، والنقلة المجودين. ومولده ببغداد في ذي الحجة سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة ونشأ بها، وكان كثير الصحبة والملازمة ليحيى بن عدي.

موسى بن سيار هو أبو ماهر موسى بن يوسف بن سيار، من الأطباء المشهورين بالحذق وجودةَ المعرفة بصناعة الطب.

ولموسى بن سيار من الكتب: مقالة في الفصد. الزيادة التي زادها على كناش الخف لإسحاق بن حنين.

علي بن العباس المجوسي من الأهواز، وكان طبيباَ مجيداً متميزاً في صناعة الطب. وهو الذي صنف الكتاب المشهور الذي يعرف "بالملكي" صنفه للملك عضد الدولة فناخسرو بن ركن الدولة أبىِ علي حسن بن بويه الديلمي، وهو كتاب جليل مشتمل على أجزاء الصناعة الطبية علمها وعملها.

عيسى طبيب القاهر كان القاهر باللّه وهو أبو منصور محمد بن المعتضد يعتمد على طبيبه هذا عيسى، ويركن إليه، ويفضي إليه بأسراره. وتوفي عيسى طبيب القاهر باللّه في سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة ببغداد.

دانيال المتطبب قال عبيد اللّه بن جبرائيل: كان دانيال المتطبب لطيف الخلقة، ذميم الأعضاء، متوسط العلم، له إنسة بالمعالجة، وكانت فيه غفلة وتبدد.

إسحاق بن شليطا كان هذا طبيباً بغدادياً له يد في الطب، تقدم بها إلى أن انتقل إلى خدمة المطيع للّه،واختص به إلى أن مات في حياة المطيع.

أبو الحسين عمر بن الدحلي كان متطبباً للمطيع لله، وكان شديد التمكن منه والاختصاص به.

فنون المتطبب كان متقدماً يختص بخدمة الديار، وكان يكرمه ويعزه أمراً عظيماً.

أبو الحسين بن كشكرايا كان طبيباً عالماً مشهوراً بالفضل والإتقان لصناعة الطب، وجودة المزاولة لأعمالها.

وكان في خدمة الأمير سيف الدولة بن حمدان. وكان أبو الحسين بن كشكرايا قد اشتغل بصناعة الطب على سنان بن ثابت بن قرة، وكان من أجل تلامذته.

ولأبي الحسين بن كشكرايا من الكتب: كناشه المعروف بالحاوي. كناش آخر باسم من وضعه إليه.

أبو يعقوب الأهوازي نظيف القس الرومي كان خبيراً باللغات، وكان ينقل من اليوناني إلى العربي، وكان يعد من الفضلاء في صناعة الطب، واستخدمه عضد الدولة في البيمارستان الذي أنشأه ببغداد.

أبو سعيد اليمامي كان مشهوراً بالفضل والمعرفة متقناَ لصناعة الطب، جيداً فى أصولها وفروعها، حسن التصنيف.

ولأبي سعيد اليمامي من الكتب: شرح مسائل حنين، مقالة في امتحان الأطباء، - وكيفية التمييز ين طبقاتهم.

أبو الفرج بن أبي سعيد اليمامي كان فاضلاً في الصناعة الطبية متميزاً في العلوم الحكمية. اجتمع بالشيخ الرئيس ابن سينا وجرت بينهما مسائل كثيرة في صناعة الطب وغيرها. ولأبي الفرج بن أبي سعيد اليمامي من الكتب رسالة في مسألة طبية دارت بينه وبين الشيخ الرئيس ابن سينا.

أبوالفرج يحيى بن سعيد بن يحيى كان طبيباً مشهوراً عالماً بصناعة الطب جيداً في أعمالها.

أبو الفرج بن الطيب هو الفيلسوف الإمام العالم أبو الفرج عبد اللّه بن الطيب، وكان كاتب الجاثليق ومتميزاً في النصارى ببغداد، ويقرىء صناعة الطب في البيمارستان العضدي، ويعالج المرضى فيه. وكان عظيم الشأن، جليل المقدار، واسع العلم، كثير التصنيف، خبيراً بالفلسفة، كثير الاشتغال فيها. وقد شرح كتباً كثيرة من كتب أرسطوطاليس في الحكمة وشرح أيضاً كتباً كثيرة من كتب أبقراط وجالينوس في صناعة الطب. وكان معاصراً للشيخ الرئيس ابن سينا. وكان الشيخ الرئيس يحمد كلامه في الطب. وأما في الحكمة فكان يذمه.

ابن بطلان هو أبو الحسن المختار بن الحسن بن عبدون بن سعدون بن بطلان. نصراني من أهل بغداد، وكان قد اشتغل على أبي الفرج عبد اللّه بن الطيب وتتلمذ له، وأتقن عليه قراءة كثير من الكتب الحكمية وغيرها. ولازم أيضاً أبا الحسن ثابت بن إبراهيم بن زهرون الحراني الطبيب واشتغل عليه وانتفع به في صناعة الطب وفي مزاولة أعمالها.

الفضل بن جرير التكريتي كان كثير الاطلاع في العلوم، فاضلاً في صناعة الطب حسن العلاج. وخدم بصناعة الطب للأمير نصير الدولة بن مروان.

وللفضل بن جرير التكريتي من الكتب: مقالة في أسماء الأمراض واشتقاقاتها.

أبو نصر يحيى بن جرير التكريتي كان كأخيه في العلم والفضل والتميز في صناعة الطب، وكان موجوداً في سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة.
وليحيى بن جرير التكريتي من الكتب: كتاب الاختبارات في علم النجوم. كتاب في الباه ومنافع الجماع ومضاره. رسالة كتبها لكافي الكفاة أبي نصر محمد بن محمد بن جهير في منافع الرياضة وجهة استعمالها.

ابن دينار كان بميافارقين في أيام الأمير نصير الدولة بن مروان، وكان فاضلاً في صناعة الطب جيد المداواة خبيراً بتأليف الأدوية. ووجدت له أقراباذيناً بديع التأليف، بليغ التصنيف، وابن دينار هذا هو الذي ألَف الشراب المنسوب إليه المعروف بشراب الديناري المتداول استعماله المشهور بين الأطباء وغيرهم.

إبراهيم بن بكس كان ماهراً في علم الطب، ونقل كتباً كثيرة إلى العربي، ثم كف بصره، وكان مع ذلك يحاول صناعة الطب ويزاولها بحسب ما هو عليه، وكان يدرس صناعة الطب في البيمارستان العضدي لما بناه عضد الدولة، وكان له منه ما يقوم بكفايته.

ولإبراهيم بن بكس من الكتب:. كناشه، كتاب الأقرباذين الملحق بالكناش، مقالة بأن الماء القراح أبرد من ماء الشعير، مقالة

في الجدري.
علي بن إبراهيم بن بكس كان طبيباً فاضلاً عالماً بصناعة الطب مشهوراً بها جيد المعرفة بالنقل، وقد نقل كتباً كثيرة إلى العربي.

قسطا بن لوقا البعلبكي قال سليمان بن حسان: إنه مسيحي النحلة، طبيب حاذق، نبيل، فيلسوف، منجم، عالم بالهندسة والحساب. قال: وكان في أيام المقتدر باللّه.

أقول: ونقل قسطا كتباً كثيرة من كتب اليونانيين إلى اللغة العربية وكان جيد النقل فصيحاً باللسان اليوناني والسرياني والعربي وأصلح نقولاً كثيرة وأصله يوناني. وله رسائل وكتب كثيرة في صناعة الطب وغيرها، وكان حسن العبارة جيد القريحة. ولقسطا بن لوقا من الكتب: كتاب في أوجاع النقرس، كتاب في الروائح وعللها. رسالة إلى أبي محمد الحسن بن مخلد في أحوال الباه وأسبابه، على طريق المسألة والجواب، كتاب في الأعداء ألفه للبطريق فتى أمير المؤمنين. كتاب جامع في الدخول إلى علم الطب إلى أبي إسحاق إبراهيم بن محمد المعروف بابن المدبر. كتاب في العطش، كتاب في تدبير الأبدان في سفر الحج، كتاب في دفع ضرر السموم. كتاب في الجزء الذي لا يتجزأ. كتاب في المرأة السوداء، وغيرها.

مسكويه هو أبو فاضل في العلوم الحكمية متميز فيها خبير بصناعة الطب، جيد في أصولها وفروعها.

ولمسكويه من الكتب: كتاب الأشربة، كتاب الطبيخ، كتاب تهذيب الأخلاق.

أحمد بن أبي الأشعث هو أبو جعفر أحمد بن محمد بن أبي الأشعث، كان وافر العقل، سديد الرأي محباً للخير، كثير السكينة والوقار، متفقهاً في الدين. وعمَر عمراً طويلاً، وله تلاميذ كثيرة.

وكانت وفاة أحمد بن أبي الأشعث، رحمه الله، في سنة ثلاثماثة ونيف وستين للهجرة.

ولأحمد بن أبي الأشعث من الكتب: كتاب الأدوية المفردة. كتاب الحيوان. كتاب في العلم الإلّهي. كتاب في الجدري والحصبة والحمقاء. كتاب في السرسام والبرسام ومداواتهما. كتاب في القولنج وأصنافه ومداواته والأدوية النافعة منه. كتاب في البرص والبهق ومداواتهما. كتاب في الصرع. كتاب في الاستسقاء. كتاب في ظهور الدم، مقالتان. كتاب الماليخوليا. كتاب تركيب الأدوية. مقالة في النوم واليقظة. كتاب الغاذي والمغتذي. كتاب أمراض المعدة ومداواتها. شرح كتاب الفرق لجالينوس. شرح كتاب الحميات لجالينوس.

محمد بن ثواب الموصلي هو أبو عبد الله محمد بن ثواب بن محمد، ويعرف بابن الثلاج، من أهل الموصل: فاضل في صناعة الطب، خبير بالعلم والعمل. وشيخه في صناعة الطب أحمد بن أبي الأشعث.

أحمد بن محمد البلدي هو الشيخ أبو العباس أحمد بن محمد بن يحيى من مدينة بلد. وكان خبيراً بصناعة الطب، حسن العلاج والمداواة، وكان من أجل تلامذة أحمد بن أبي الأشعث. لازمه مدة سنين واشتغل عليه وتميز.

ولأحمد بن محمد البلدي من الكتب: كتاب تدبير الحبالى والأطفال والصبيان وحفظ صحتهم ومداواة الأمراض العارضة لهم.

ابن قوسين كان طبيباً مشهوراً في زمانه، وله دراية بصناعة الطب، ومقامه بالموصل. وكان يهودياً وأسلم، وعمل مقالة في الرد على اليهود.

علي بن عيسى وقيل عيسى بن علي الكحال كان مشهوراً بالحذق في صناعة الكحل متميزاً فيها وبكلامه يقتدى في أمراض العين ومداواتها. وكتابه المشهور "بتذكرة الكحالين هو الذي لا بد لكل من يعاني صناعة الكحل أن يحفظه.

ابن الشبل البغدادي هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن يوسف بن شبل، مولمه ومنشؤه ببغداد، وكان حكيماً فيلسوفاً، ومتكلماً فاضلاً، وأديباً بارعاً، وشاعراً مجيداً، وكانت وفاته ببغداد سنة أربع وسبعين وأربعمائة.

ابن بختويه هو أبو الحسين عبد الله بن عيسى بن بختويه، كان طبيباً وخطيباً من أهل واسط، لديه معرفة، وكلامه في صناعة الطب كلام مطلع على تصانيف القدماء، وله نظر فيها ودراية لها.

ولأبي الحسين بن بختويه من الكتب: كتاب المقدمات، ويعرف أيضاً بكنز الأطباء، ألفه لولده في سنة عشرين وأربعمائة، كتاب الزهد في الطب، كتاب القصد إلى معرفة الفصد.

أبوالعلاء صاعد بن الحسن من الفضلاء في صناعة الطب، والمتميزين من أهلها، وكان ذكياً بليغاً، ومقامه بمدينة الرحبة وله من الكتب: كتاب التشويق الطبي، صنفه بمدينة الرحبة في رجب سنة أربع وستين وأربعمائة.

زاهد العلماء هو أبو سعيد منصور بن عيسى، وكان نصرانياً نسطورياً، وأخوه مطران نصيبين المشهور بالفضل وخدم زاهد العلماء بصناعة الطب، نصير الدولة بن مروان الذي ألف له ابن بطلان دعوة الأطباء.

ولزاهد العلماء من الكتب: كتاب البيمارستانات، كتاب في الفصول والمسائل والجوابات، وهي جزءان: كتاب في المنامات والرؤيا. كتاب فيما يجب على المتعلمين لصناعة الطب تقديم علمه، كتاب في أمراض العين ومداواتها.

المقبلي هو أبو نصر محمد بن يوسف المقبلي، فاضل في صناعة الطب، من المتمزين فيها.

وللمقبلي من الكتب: مقالة في الشراب تلخيص كتاب المسائل لحنين بن إسحاق.

النيلي هو أبو سهل سعيد بن عبد العزيز النيلي، مشهور بالفضل، عالم بصناعة الطب، جيد التصنيف وللنيلي من الكتب: اختصار كتاب المسائل لحنين، تلخيص شرح جالينوس لكتاب الفصول مع نكت من شرح الرازي.

إسحاق بن علي الرهاوي كان طبيباً متميزاًعالماً بكلام جالينوس، وله أعمال جيدة في صناعة الطب.

ولإسحاق بن علي الرهاوي من الكتب: كتاب أدب الطبيب. كناش جمعه من عشر مقالات لجالينوس المعروفة بالميامر في تركيب الأدوية بحسب أمراض الأعضاء من الرأس إلى القدم.

سعيد بن هبة اللّه أبو الحسن سعيد بن هبة الله بن الحسين من الأطباء المتميزين في صناعة الطب وكان في أيام المقتدي بأمر الله، وخدمه بصناعة الطب وخدم أيضاً ولده المستظهر بالله.

ولد في ليلة السبت الثالث والعشرين من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين وأربعمائة، ومات ليلة الأحد سادس شهر ربيع الأول سنة خمس وتسعين وأربعمائة، وعاش ستاَ وخمسين سنة.

ولسعيد بن هبة الله من الكتب: كتاب المغني في الطب صنفه للمقتدي بأمر الله. مقالة في صفات تراكيب الأدوية المحال عليها في كتاب المغني. كتاب الإقناع. كتاب التلخيص النظامي. كتاب خلق الإنسان. كتاب في اليرقان. مقالة في ذكر الحدود والفروق. مقالة في تحديد مبادىء الأقاويل الملفوظ بها وتعديدما. جوابات عن مسائل طبية سئل عنها.

ابن جزلة هو يحيى بن عيسى بن علي بن جزلة وكان في أيام المقتدي بأمر الله، وكان من المشهورين في علم الطب وعمله، وهو تلميذ أبي الحسن سعيد بن هبة اللّه.

ولابن جزلة من الكتب: كتاب تقويم الأبدان وصنفه للمقتدي بأمر الله. كتاب منهاج البيان في ما يستعمله الإنسان، وصنفه أيضاً للمقتدي بأمر اللّه. كتاب الإشارة في تلخيص العبارة وما يستعمل من القوانين الطبية في تدبير الصحة وحفظ البدن، لخصه من كتاب تقويم الأبدان. رسالة في مدح الطب وموافقته الشرع، والرد على من طعن عليه. رسالة كتب بها لما أسلم إلى إليا القس وذلك في سنة ست وستين وأربعمائة.

أبو الخطاب هو محمد بن محمد بن أبي طالب، مقامه ببغداد. وقرأ صناعة الطب على أبي الحسن سعيد بن هبة الله وكان متميزاً في الطب وعمله.

ولأبي الخطاب من الكتب: كتاب الشامل في الطب جعله على طريق المسألة والجواب في العلم والعمل.

ابن الواسطي كان طبيباً للمستظهر بالله، وكان عنده رفيع المنزلة.

أبو طاهر بن البرخشي هو موفق الدين أبو طاهر أحمد بن محمد بن العباس، يعرف بابن البرخشي، من أهل واسط. فاضل في الصناعة الطبية، كامل في الفنون الأدبية. وقد رأيت من خطه ما يدل على رزانة عقله وغزارة فضله وكان في أيام المسترشد بالله.
ابن صفية هو أبو غالب بن صفية، وكان نصرانياً.

أمين الدولة بن التلميذ هو الأجل موفق الملك أمين الدولة أبو الحسن هبة اللّه بن أبي العلاء صاعد بن إبراهيم بن التلميذ أوحد زمانه في صناعة الطب، وفي مباشرة أعمالها. ويدل على ذلك ما هو مشهور من تصانيفه وحواشيه على الكتب الطبية، وكثرة من رأيناه ممن قد شاهده. وكان ساعور البيمارستان العضدي ببغداد إلى حين وفاته.

وكان خبيراً باللسان السرياني والفارسي متبحراً في اللغة العربية.

ولأمين الدولة بن التلميذ من الكتب: أقراباذينه العشرين باباً، أقراباذينه الموجز البيمارستاني، المقالة الأمينية في الأدوية البيمارستانية. اختيار كتاب الحاوي للرازي. اختيار كتاب مسكويه في الأشربة. اختصار شرح جالينوس لكتاب الفصول لأبقراط. اختصار شرح جالينوس لكتاب تقدمة المعرفة لأبقراط. تتمة جوامع الإسكندرانيين لكتاب حيلة البرء لجالينوس. شرح مسائل حنين بن إسحاق على جهة التعليق. شرح أحاديث نبوية تشتمل على طب. كناش. مختصر الحواشي على كتاب القانون للرئيس ابن سينا. الحواشي على كتاب المائة للمسيحي. التعاليق على كتاب المنهاج، مقالة في الفصد. كتاب يشتمل على توقيعات ومراسلات. تعاليق استخرجها من كتاب المائة للمسيحي. مختار من كتاب أبدال الأدوية لجالينوس.

أبو الفرج يحيى بن التلميذ هو الأجل الحكيم معتمد الملك أبو الفرج يحيى بن صاعد بن يحيى بن التلميذ، كان متعيناً في العلوم الحكمية، متقناَ للصناعة الطبية، متحلياً بالأدب بالغاً فيه أعلى الرتب.

أوحد الزمان أبو البركات هبة الله بن علي ملكا.

البلدي لأن مولده ببلد، ثم أقام ببغداد، كان يهودياً وأسلم بعد ذلك. وكان في خدمة المستنجد بالله، وتصانيفه في نهاية الجودة. وكان له اهتمام بالغ في العلوم وفطرة فائقة فيها. وكان مبدأ تعلمه صناعة الطب أن أبا الحسن سعيد بن هبة الله بن الحسين كان من المشايخ المتميزين في صناعة الطب، وكان له تلاميذ عدة يتناوبونه في كل يوم للقراءة عليه، ولم يكن يقرىء يهودياً أصلاً.

ولأوحد الزمان من الكتب: كتاب المعتبر، وهو من أجل كتبه، وأشهرها في الحكمة. اختصار التشريح، كتاب الأقراباذين، مقالة في الدواء الذي ألفه المسمى برشعثا، مقالة في معجون آخر ألفه وسماه أمين الأرواح. رسالة في العقل وماهيته.

البديع الإصطرلابي هو بديع الزمان أبو القاسم هبة الله بن الحسين بن أحمد البغدادي. من الحكماء الفضلاء، والأدباء النبلاء، طبيب عالم، وفيلسوف متكلم، وغلبت عليه الحكمة وعلم الكلام، والرياضي، وكان متقناً لعلم النجوم والرصد.

وللبديع الإسطرلابي من الكتب اختصار ديوان أبي عبد الله الحسين بن الحجاج. زيج سماه المعرب المحمودي ألفه للسلطان محمود أبي القاسم بن محمد.

أبو القاسم هبة الله بن الفضلى بغدادي المولد والمنشأ، وكان يعاني صناعة الطب ويباشر أعمالها، ويعد من جملة الموصوفين بها. وكان أيضاً يكحل إلا أن الشعر كان أغلب عليه وكان كثير النوادر خبيث اللسان، وله ديوان شعر.

وكانت وفاة أبي القاسم بن الفضل في سنة ثمان وخمسين وخًمسمائة.

ولأبي القاسم هبة الله من الكتب: تعاليق طبية، مسائل وأجوبتها في الطب، ديوان شعره.

العنتري هو أبو المؤيد محمد بن المجلي بن الصائغ الجزري، كان طبيباً مشهوراً وعالماً مذكوراً، حسن المعالجة، جيد التدبير، وافر الفضل، فيلسوفاً متميزاَ في علم الأدب. وله شعر كثير في الحكمة وغيرها. وحدثني الحكيم سديد الدين محمود بن عمر رحمه الله: إن العنتري كان في أول أمره يكتب أحاديث عنتر العبسي فصار مشهوراً بنسبته إليه.

أبو الغنائم هبة الله بن علي بن الحسين بنْ أثردي من أهل بغداد متميز في الحكمة، فاضل في صناعة الطب، مشهور بالجودة في العلم والعمل.

ولأبي الغنائم هبة الله بن علي بن أثردي من الكتب: تعاليق طبية وفلسفية. مقالة في أن اللذة في النوم في أي وقت توجد منه، وألف هذه المقالة لأبي نصر التكريتي طيب الأمير ابن مران.

علي بن هبة الله بن أثردي هو أبو الحسن علي بن هبة الله بن علي بن أثردي من أهل بغداد. طبيب فاضل مشهور بالتقدم في صناعة الطب وجودة المعرفة لها، حسن المعالجة جيد التصنيف.

ولعلي بن هبة الله بن أثردي من الكتب: شرح كتاب دعوة الأطباء ألفه لأبي العلاء محفوظ بن المسيحي المتطبب.
سعيد بن أثردي هو أبو الغنائم سعيد بن هبة الله بن أثردي، من الأطباء المشهورين ببغداد، وكان ساعور البيمارستان العضدي، ومتقدماً في أيام المقتفي بأمر الله.

أبو علي الحسن بن علي بن أثردي فاضل في صناعة الطب جيد الأعمال حسن المعالجة، وكان من المشكورين ببغداد.

جمال الدين علي بن أثردي هو جمال الدين أبو الحسن علي بن أبي الغنائم سعيد بن هبة الله بن علي بن أثردي، فاضل في صناعة الطب، عالم بها، متميز في علمها وعملها.

فخر الدين المارديني هو الإمام فخر الدين أبو عبد الله محمد بن عبد السلام بن عبد الرحمن بن عبد الساتر الأنصاري. كان أوحد زمانه وعلامة وقته في العلوم الحكمية. قوي الذكاء فاضل النفس، جيد المعرفة بصناعة الطب، محاولاً لأعمالها، كثير التحقيق، نزيه النفس، محباً للخير، متقناً للغة، متفنناً في العربية. مولداً في ماردين وأجداده من القدس وكان أبوه قاضياً. ولما فتح نجم الدين الغازي بن أرتق القدس بعث جده عبد الرحمن إلى ماردين وقطن بها هو وأولاده.

أبو نصر بن المسيحي هو أبو نصر سعيد بن أبي الخير بن عيسى بن المسيحي من المتميزين في صناعة الطب، والأفاضل من أهلها والأعيان من أربابها.

توفي الشيخ أبو الخير في أيام الناصر فقيل له إنه قد توفي، وترك ولداً متخلفاً وجملة عظيمة من المال. فقال لا يعترض ولده فيما ورثه من أبيه، فما خرج عنا لا يعود إلينا.

ولأبي نصر بن المسيحي من الكتب: كتاب الاقتضاب على طريق المسألة والجواب في الطب. كتاب انتخاب الاقتضاب.

أبو الفرج هو صاعد بن هبة الله بن توما نصراني من أهل بغداد. وكان من الأطباء المتميزين والأكابر المتعينين. حدثني شمس الدين محمد بن الحسن بن محمد بن الكريم البغدادي إنه كان طبيب نجم الدولة أبي اليمن نجاح الشرابي، وارتقت به الحال إلى أن صار وزيره وكاتبه. وقتلفي سنة عشرين وستمائة وكان سببه أنه أحضر جماعة من الأجناد الذين كانت معايشهم تحت يده، وأنه خاطبهم بما فيه بعض المكروه فكمن له منهم اثنان ليلاً فقتلاه بالسكاكين. وكان موت الحكيم وقتله في ليلة الخميس ثامن عشر جمادى الأولى سنة عشرين وستمائة.

أبو الحسين صاعد بن هبة الله بن المؤمل كان نصرانياً وأصله من الحظيرة ونزل إلى بغداد، وكان اسمه أيضاً ماري، وهو من أسماء الكنيسة عند النصارى، فإنهم يسمون أولادهم عند الولادة بأسماء فإذا عمدوهم سموهم عند المعمودية باسم من أسماء الصالحين منهم. وكان أبو الحسينَ هذا طبيباً فاضلاً وخدم بالدار العزيزة الناصرية الإمامية، وتقرب قرباً كثيراً وكسب بخدمته وصحبته الأموال. ولم يزل على أمره ينسخ بخطه كتب الحكمة، ويتصرف فيما هو بصدده من الطب، وعلى حالته في القرب إلى أن مات في يوم العشرين من ذي الحجة سنة إحدى وتسعين وخمسمائة ببغداد ودفن ببيعة النصارى بها.

ابن المارستانية هو أبو بكر عبيد الله بن أبي الفرج علي بن نصر بن حمزة، عرف بابن المارستانية.

كان فاضلاً في صناعة الطب وأعمالها، وتولى النظر بالبيمارستان العضدي ثم قبض عليه وحبس به سنتين، ثم أفرج عنه. وعمل تاريخاً لمدينة السلام سماه ديوان الإسلام الأعظم وكتب منه كثيراً ولم يتممه. وندب من الديوان في صفر سنة تسع وتسعين وخمسمائة للرسالة إلى تفليس، وخلع عليه خلعة سوداء وطيلسان، توجه إلى هناك فأدى الرسالة وعاد إلى بغداد، فتوفي قبل وصوله بموضع يعرف بجرخ بند في ليلة ذي الحجة سنة تسع وتسعين وخمسمائة فدفن هناك.

ابن سدير هو أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله من أهل المدائن يعرف بابن سدير - وسدير لقب لأبيه - وكان طبيباً عالماً بصناعة الطب والمداواة، وتوفي بالمدائن فجأة في العشر الأخير من رمضان سنة ست وستمائة.

مهذب الدين بن هبل هو أبو الحسن علي بن أحمد بن علي بن هبل البغدادي، ويعرف أيضاً بالخلاطي.

كان أوحد وقته، وعلامة زمانه في صناعة الطب وفي العلوم الحكمية. ولد ببغداد في باب الأزج بدرب ثمل في ثالث وعشرين ذي القعدة من سنة خمس عشرة وخمسمائة، ونشأ ببغداد.

ولمهذب الدين بن هبل من الكتب: كتاب المختار في الطب وهو كتاب جليل يشتمل على علم وعمل. كتاب الطب الجمالي، صنفه لجمال الدين محمد الوزير المعروف بالجواد، وكان تصنيفه للمختار سنة ستين وخمسمائة بالموصل.

شمس الدين بن هبل هو شمس الدين أبو العباس أحمد بن مهذب الدين أبي الحسن علي بن أحمد بن علي بن هبل، مولده في يوم الجمعة العشرين من جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين خمسمائة، وكان مشتغلاً بصناعة الطب، متميزاً في الأدب، وجيهاً في الدولة.

كمال الدين بن يونس هو كمال الدين أبو عمران موسى بن يونس بن محمد بن منعة، علامة زمانه وأوحد أوانه، وقدوة العلماء، وسيد الحكماء. قد أتقن الحكمة، وتميز في سائر العلوم. وكان عظيماً في العلوم الشرعية والفقه. وكان مدرّساً في المدرسة بالموصل، ويقرأ العلوم بأسرها من الفلسفة والطب والتعاليم وغير ذلك. وله مصنفات في نهاية الجودة. ولم يزل مقيماً بمدينة الموصل إلى أن توفي إلى رحمة الله.

ولكمال الدين بن يونس من الكتب: كشف المشكلات وإيضاح المعضلات في تفسير القرآن. شرح كتاب التنبيه في الفقه مجلدان. كتاب مفردات ألفاظ القانون. كتاب في الأصول. كتاب عيون المنطق. كتَاب لغز في الحكمة. كتاب الأسرار السلطانية في النجوم.

الباب الحادي عشر. طبقات الأطباء الذين ظهروا في بلاد العجم تيادورس كان نصرانياً وله معرفة جيدة بصناعة الطب، ومحاولة لأعمالها، وبنى له سابور ذو الأكتاف البيع في بلده، ويقال إن الذي بنى له البيع بهرام جور. ولتيادورس من الكتب: كناش.

برزويه قيل أنه كان عالماً بصناعة الطب موسوماً بها، متميزاً في زمانه، فاضلاً في علوم الفرس والهند. وأنه هو الذي جلب كتاب كليلة ودمنة من الهند إلى أنوشروان بن قباذ بن فيروز ملك الفرس، وترجمه له من اللغة الهندية إلى الفارسية، ثم ترجمه في الإسلام عبد الله بن المقفع الخطيب من اللغة الفارسية إلى اللغة العربية.

ربن الطبري قال الصاحب جمال الدين بن القفطي في كتابه: إن هذا ربن الطبري كان يهودياً طبيباً منجماً من أهل طبرستان، وكان متميزاً في الطب، عالماً بالهندسة وأنواع الرياضة ة وكان والده علي بن ربن طبيباً مشهوراً انتقل من طبرستان إلى العراق، وسكن سر من رأى.
ابن ربن الطبري هو أبو الحسن علي بن سهل بن ربن الطبري. وقال ابن النديم البغدادي الكاتب: علي بن ربل - باللام - وقال عنه أنه كان يكتب للمازيار بن قارن فلما أسلم على يد المعتصم قربه وظهر فصله بالحضرة، وأدخله المتوكل في جملة ندمائه. وكان بموضع من الأدب، وهو معلم الرازي صناعة الطب. وكان مولده ومنشؤه بطبرستان.

ولابن ربن الطبري من الكتب: كتاب فردوس الحكمة، كتاب إرفاق الحياة، كتاب تحفة الملوك، كتاب كناش الحضرة، كتاب منافع الأطعمة والأشربة والعقاقير، كتاب حفظ الصحة، كتاب في الحجامة، كتاب في ترتيب الأغذية.

أبو بكر محمد بن زكريا الرازي مولده ومنشؤه بالري، وسافر إلى بغداد وأقام بها مدة. وكان قّدومه إلى بغداد وله من العمر نيف وثلاثون سنة، وكان من صغره مشتهياً للعلوم العقلية مشتغلاً بها وبعلم الأدب، ويقول الشعر. وأما صناعة الطب فإنما تعلمها وقد كبر، وكان المعلم له في ذلك علي بن ربن الطبري. وقال أبو سعيد زاهد العلماء في كتابه فىِ البيمارستانات: سبب تعلم أبي بكر محمد بن زكريا الرازي صناعة الطب أنه عند دخوله مدينة السلام بغداد، دخل إلى البيمارستان العضدي ليشاهده، فاتفق له أن ظفر برجل شيخ صيدلاني البيمارستان، فسأله عن الأدوية ومن كان المظهر لها في البدء؟ فأجابه بأن قال: إن أول ما عرف منها كان حي العالم وكان سببه أفلولن سليلة أسقليبيوس، وذلك أن أفلولن كان به ورم حار في ذراعه مؤلم ألماً شديداً، فلما أشفي منه ارتاحت نفسه إلى الخروج إلى شاطىء نهر، فأمر غلمانه فحملوه إلى شاطىء نهر كان عليه هذا النبات، وأنه وضعه عليه تبرداً به فخف ألمه بذلك، فاستطال وضع يده عليه وأصبح من غد فعل مثل ذلك فبرأ. فلما رأى الناس سرعة برئه وعلموا أنه إنما كان بهذا الدواء سموه حياة العالم، وتداولته الألسن وخففته فسمي حي العالم. فلما سمع الرازي ذلك أعجب به. ودخل تارة أخرى إلى هذه البيمارستان، فرأى صبيِاً مولوداً بوجهين، ورأس واحد، فسأل الأطباء عن سبب ذلك فأخبر به فأعجبه ما سمع. ولم يزل يسأل عن شيء شيء ويقال له وهو يعلق بقلبه، حتى تصدى لتعلم الصناعة، وكان منه جالينوس العرب، هذه حكاية أبي سعيد.

ولأبي بكر محمد بن زكريا الرازي من الكتب: كتاب الحاوي، وهو أجل كتب وأعظمها في صناعة الطب. وذلك أنه جمع فيه كل ما وجده متفرقاً في ذكر الأمراض ومداواتها من سائر الكتب الطبية للمتقدمين، ومن أتى بعدهم إلى زمانه. وله كتب أخرى كثيرة ذكرها ابن أبي أصيبعة في صفحات عديدة.

أبو الحسن أحمد بن محمد الطبري من أهل طبرستان فاضل عالم بصناعة الطب وكان طبيب الأمير ركن الدولة.

ولأحمد بن محمد الطبري من الكتب: الكناش المعروف بالمعالجات البقراطية، وهو من أجل الكتب وأنفعها.

أبو سليمان السجستاني هو أبو سليمان محمد بن طاهر بن بهرام السجستاني المنطقي كان فاضلاً في العلوم الحكمية متقناً لها مطلعاً على دقائقها، واجتمع بيحيى بن عدي ببغداد وأخذ عنه.

ولأبي سليمان السجستاني من الكتب: مقالة في مراتب قوى الإنسان، وكيفية الإنذارات التي تنذر بها النفس فيما يحدث في عالم الكون. كلام في المنطق. مسائل عدة سئل عنها وجواباته لها وغيرها.

أبو الخير الحسن بن سوار ابن بابا بن بهنام المعروف بابن الخمار وبهنام لفظة فارسية مركبة من كلمتين وهي به: خير؛ ونام: اسم؛ أي اسم الخير وكان هذا أبو الخير الحسن نصرانياَ عالماً بأصول صناعة الطب وفروعها، وله مصنفات جليلة في صناعة الطب وغيرها. وكان خبيراً بالنقل، و نقل كتباً كثيرة من السرياني إلى العربي.

ولأبي الخير الحسن بن سوار بن بابا كثيراً من الكتب منها: مقالة في امتحان الأطباء كتاب في خلق الإنسان وتركيب أعضائه أربع مقالات. كتاب تدبير المشايخ. مقالة المرض المعروف بالكاهني وهو الصرع.

أبو الفرج بن هندو هو الأستاذ السيد الفاضل أبو الفرج علي بن الحسين بن هندو من الأكابر المتميزين في العلوم الحكمية، والأمور الطبية، والفنون الأدبية، له الألفاظ الرائقة، والأشعار الفائقة، والتصانيف المشهورة، والفضائل المذكورة، وكان أيضاً كاتباً مجيداً، وخدم بالكتابة وتصرف. وكان اشتغاله بصناعة الطب والعلوم الحكمية على الشيخ أبي الخير الحسن بن سوار بن بابا المعروف بابن الخمار وتتلمذ له، وكان من أجل تلاميذه وأفضل المشتغلين عليه.

ولأبي الفرج بن هندو من الكتب: المقالة الموسومة بمفتاح الطب ألفها لإخوانه من المتعلمين. المقالة المشوقة في المدخل إلى علم الفلسفة. كتاب الكلم الروحانية من الحكم اليونانية، ديوان شعره.

الحسن الفسوي كان طبيباً معروفاً من أرض فارس، من مدينة فسا. متميزاً في الطب والقيام به والتقدم بسببه. خدم الدولة البويهية واختص منها بخدمة الملك بهاء الدين بن عضد الدولة، وصحبه في أسفاره وتقدر عنده.

أبو منصور الحسن بن نوح القمري كان سيد وقته وأوحد زمانه، مشهوراً بالجودة في صناعة الطب محمود الطريقة في أعمالها، فاضلاً في أصولها وفروعها. وكان، رحمه الله، حسن المعالجة جيد المداواة؛ متميزاً عند الملوك في زمانه؛ كثيري الاحترام له.

وحدثني الشيخ الإمام شمس الدين عبد الحميد بن عيسى الخسروشاهي أن الشيخ الرئيس ابن سينا كان قد لحق هذا وهو شيخ كبير، وكان يحضر مجلسه ويلازم دروسه، وانتفع به في صناعة الطب.

أبو سهل المسيحي هو أبو سهل عيسى بن يحيى المسيحي الجرجاني، طبيب فاضل بارع في صناعة الطب علمها وعملها، فصيح العبارة جيد التصنيف. وكان حسن الخط متقناً للعربية.

وسمعت من الشيخ الإمام الحكيم مهذب الدين عبد الرحيم بن علي، رحمه الله، وهو يقول إنني لم أجد أحداً من الأطباء النصارى المتقدمين والمتأخرين أفصح عبارة ولا أجود لفظاً ولا أحسن معنى من كلام أبي سهل المسيحي. وقيل أن المسيحي هو معلم الشيخ الرئيس صناعة الطب، وإن كان الشيخ الرئيس بعد ذلك تميز في صناعة الطب ومهر فيها وفي العلوم الحكمية حتى صنف كتباً للمسيحي وجعلها باسمه.

ألايلاقي هو السيد أبو عبد الله محمد بن يوسف شرف الدين، شريف النسب، فاضل في نفسه، خبير بصناعة الطب والعلوم الحكمية. وهو من جملة تلاميذ الشيخ الرئيس والآخذين عنه، وقد اختصر كتاب القانون وأجاد في تأليفه وللايلاقي من الكتب باختصار كتاب القانون لابن سينا، كتاب الأسباب والعلامات.

أبوالريحان البيروني هو الأستاذ أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني منسوب إلى بيرون، وهي مدينة في السند، كان مشتغلاً بالعلوم الحكمية فاضلاً في علم الهيئة والنجوم، وله نظر جيد في صنعة الطب. وكان معاصر الشيخ الرئيس، وبينهما محادثات ومراسلات. وقد وجدت للشيخ الرئيس أجوبة مسائل سأله عنها أبو الريحان البيروني وهي تحتوي على أمور مفيدة في الحكمة. وأقام أبو الريحان البيروني بخوارزم.

ولأبي الريحان البيروني من الكتب: كتاب الجماهر في الجواهر وأنواعها وما يتعلق بهذا المعنى، كتاب الآثار الباقية عن القرون الخالية. كتاب الصيدلة في الطب. كتاب مقاليد الهيئة، كتاب تسطيح الكرة، كتاب العمل بالإصطرلاب، كتاب القانون للمسعودي.كتاب التفهيم في صناعة التنجيم رسالة في تهذيب الأقوال. مقالة في استعمال الإصطرلاب الكري. كتاب الإطلال. كتاب الزيج المسعودي. إختصار كتاب بطليموس القلوذي. وتوفي في عشر الثلاثين والأربعمائة.

ابن مندويه الأصفهاني هو أبو علي أحمد بن عبد الرحمن بن مندويه، من الأطباء المذكورين في بلاد العجم، وخدم هنالك جماعة من ملوكها ورؤسائها. وكانت له أعمال مشهورة مشكورة في صناعة الطب، وكان من البيوتات الأجلاء بأصفهان.

ولأبي علي بن مندويه الأصفهاني من الكتب رسائل عدة، من ذلك أربعون رسالة مشهورة إلى جماعة من أصحابه في الطب، كناش. كتاب المدخل إلى الطب. كتاب الجامع المختصر من علم الطب وهو عشر مقالات. كتاب المغاث في الطب. كتاب في الشراب. كتاب الأطعمة والأشربة. كتاب نهاية الإختصار في الطب. كتاب الكافي في الطب ويعرف أيضاً بكتاب القانون الصغير.

ابن أبي صادق هو أبو القاسم عبد الرحمن بن علي بن أحمد بن أبي صادق النيسابوري، طبيب فاضل بارع في العلوم الحكمية، كثير الدراية للصناعة الطبية.

وحدثني بعض الأطباء أن ابن أبي صادق كان قد اجتمع بالشيخ الرئيس ابن سينا وقرأ عليه وكان من جملة تلامذته والآخذين عنه.

ولابن أبي صادق من الكتب: شرح كتاب المسائل في الطب لحنين بن إسحاق. اختصار شرحه الكبير لكتاب المسائل لحنين. شرح كتاب الفصول لأبقراط، ووجد خطه على هذا الشرح بتاريخ سنة ستين وأربعمائة على قراءة من قرأه عليه. شرح كتاب تقدمة المعرفة لأبقرإط. شرح كتاب منافع الأعضاء لجالينوس، ووجدت الأصل من هذا الكتاب تاريخ الفراغ منه في سنة تسع وخمسين وأربعمائة.

طاهر بن إبراهيم السجري هو الشيخ أبو الحسين طاهر بن إبراهيم بن محمد بن طاهر السجري. كان طبيباً فاضلاً عالماً بصناعة الطب، متميزاً فيها خبيراً بأعمالها.

وله من الكتب: كتاب إيضاح منهاج محجة العلاج. كتاب في شرح البول والنبض. تقسيم كتاب الفصول لأبقراط.

اِبن خطيب الري هو الإمام فخر الدين أبو عبد الله محمد بن العمر بن الحسين الرازي أفضل المتاخرين وسيد الحكماء المحدثين، قد شاعت سيادته، وانتشرت في الآفاق مصنفاته وتلامذته، وكان إذا ركب يمشي حوله ثلاثمائة تلميذ فقهاء وغيرهم وكان خوارزمشاه يأتي إليه. وكان ابن الخطيب شديد الحرص جداً في سائر العلوم الشرعية والحكمية، جيد الفطرة، حاد الذهن، حسن العبارة، كثير البراعة، قوي النظر في صناعة الطب ومباحثها، عارفاً بالأدب، وله شعر بالفارسي والعربي.

وله عدد كبير من الكتب أما كتبه الطبية فهي: كتاب نفثة المصدور. كتاب الجامع الكبير، لم يتم. ويعرف أيضاً بكتاب الطب الكبير. كتاب في النبض. مجلد، شرح كليات القانون، لم يتم. كتاب التشريح من الرأس إلى الحلق، لم يتم. كتاب الأشربة. مسائل في الطب. كتاب الزبدة. كتاب الفراسة.

القطب المصري هو الإمام قطب الدين إبراهيم بن علي بن محمد السلمي، وكان أصله مغربياً وإنما انتقل إلى مصر وأقام بها مدة، ثم سافر بعد ذلك إلى بلاد العجم. واشتغل على فخر الدين بن خطيب الري واشتهر هناك، وكان من أجل تلامذة ابن الخطيب وأميزهم. وصنف كتباً كثيرة في الطب والحكمة.

وقتل القطب المصري بمدينة نيسابور، وذلك عندما استولى التتر على بلاد العجم وقتلوا أهلها، فكان من جملة القتلى بنيسابور.

وللقطب المصري من الكتب: شرح الكليات من كتاب القانون للشيخ الرئيس ابن سينا.

السموأل هو السموأل بن يحيى بن عباس المغربي، كان فاضلاً في العلوم الرياضية عالماً صناعة الطب وأصله من بلاد المغرب، وسكن مدة في بغداد، ثم انتقل إلى بلاد العجم ولم يزل بها إلى آخر عمره، وكان أبوه أيضاً يشدو شيئاً من علوم الحكمة، ونقلت من خط الشيخ موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي قال: هذا السموأل شاب بغدادي كان يهودياً ثم أسلم، ومات شاباً بمراغة. وأقام بمدينة المراغة وأولد أولاداً هناك سلكوا طريقته في الطب. وارتحل إلى الموصل وديار بكر وأسلم فحسن إسلامه، وصنف كتاباً في إظهار معايب اليهود، وكذب دعاويهم في التوراة ومواضع الدليل على تبديلها، وأحكم ما جمعه في ذلك، ومات بالمراغة قريباً من سنة سبعين وخمسمائة.

وللسموأل بن يحيى بن عباس المغربي من الكتب: كتاب، المفيد الأوسط في الطب. كتاب الرد على اليهود. كتاب المنبر في مساحة أجسام الجواهر المختلطة لاستخراج مقدار مجهولها. كتاب في المياه، وغيرها.

بدر الدين محمد بن بهرام بن محمد القلانسي السمرقندي مجيد في صناعة الطب، وله عناية بالنظر في معالجات الأمراض ومداواتها.

وله من الكتب: كتاب الأقراباذين، وهو تسعة وأربعون باباً قد استوعب فيه ذكر ما يحتاج إليه من الأدوية المركبة، وجمع أكثر ذلك من الكتب المعتمد عليها.

نجيب الدين أبوحامد محمد بن علي بن عمر السمرقندي طبيب فاضل بارع وله كتب جليلة وتصانيف مشهورة، وقتل مع جملة الناس الذين قتلوا بمدينة هرارة لما دخلها التتر، وكان معاصراً لفخر الدين الرازي بن الخطيب.

ولنجيب الدين السمرقندي من الكتب: كتاب أغذية المرضى. كتاب الأسباب والعلامات. كتاب الأقراباذين الكبير. كتاب الأقراباذين الصغير.

الشريف شرف الدين إسماعيل كان طبيباً عالي القدر، وافر العلم، وجيهاً في الدولة. وكان في خدمة السلطان علاء الدين محمد خوارزم شاه. وكانت له معالجات بديعة وآثار حسنة في صناعة الطب.

وله من الكتب: كتاب الذخيرة الخوارزم شاهية في الطب، بالفارسي، اثنا عشر مجلداً. كتاب الأغراض في الطب، بالفارسي: مجلدان. كتاب يادكار في الطب، بالفارسي، مجلد ألفه لخوارزم شاه.

الباب الثاني عشر. طبقات الأطباء الذين كانوا من الهند كنكه الهندي حكيم بارع من متقدمي حكماء الهند وأكابرهم، وله نظر في صناعة الطب وقوى الأدوية وطبائع المولدات وخواص الموجودات، وقال أبو معشر البلخي في كتاب الألوف: إن كنكه هو المقدم في علم النجوم عند جميع العلماء من الهند في سالف الدهر.

ولكنكه من الكتب: كتاب النموذار في الأعمار. كتاب أسرار المواليد. كتاب القرانات الكبير. كتاب القرانات الصغير. كتاب الطب وهو يجري مجرى كناش. كتاب في التوهم. كتاب في إحداث العالم والدور في القرآن.

صنجهل كان من علماء الهند وفضلائهم الخبيرين بعلم الطب والنجوم.

ولصنجهل من الكتب: كتاب المواليد الكبير.

وكان من بعد صنجهل الهندي جماعة في بلاد الهند ولهم تصانيف معروفة في صناعة الطب وفي غيرها من العلوم مثل باكهر، راحه، صكة، داهر، إنكرزنكل، جبهر،. أندي، جاري، كل هؤلاء أصحاب تصانيف، وهم من حكماء الهند وأطبائهم.

شاناق ومن المشهورين أيضاً من أطباء الهند شاناق. وكانت له معالجات وتجارب كثيرة في صناعة الطب وتفنن في العلوم وفي الحكمة، وكان بارعأ في علم النجوم حسن الكلام متقدماً عند ملوك الهند.

ولشاناق من الكتب: كتاب السموم، خمس مقالات، فسره من اللسان الهندي إلى اللسان الفارسي منكه الهندي، وكان المتولي لنقله بالخط الفارسي رجل يعرف بأبي حاتم البلخي فسره ليحيى بن خالد بن برمك؛ ثم نقل للمأمون على يد العباس بن سعيد الجوهري مولاه، وكان المتولي قراءته على المأمون. كتاب البيطرة. كتاب في علم النجوم. كتاب المنتحل الجوهر.

جودر حكيم فاضل من حكماء الهند وعلمائهم متميز في أيامه، وله نظر في الطب وتصانيف في العلوم الحكمية.

وله من الكتب: كتاب المواليد، وهو قد نقل إلى العربي.

منكه الهندي ْكان عالماً بصناعة الطب حسن المعالجة، لطيف التمبير فيلسوفاً، من جملة المشار إليهم في علوم الهند متقناً للغة الهند ولغة الفرس، وكان في أيام الرشيد هارون، وسافر من الهند إلى العراق في أيامه، واجتمع به وداواه.

ووجدت في بعض الكتب أن منكه الهندي كان في جملة إسحاق بن سليمان بن علي الهاشمي، وكان ينقل من اللغة الهندية إلى الفارسية والعربية.

صالح بن بهلة الهندي متميز من علماء الهند، وكان خبيراً بالمعالجات التي لهم، وله قوة وإنذارات في تقدمة المعرفة. وكان بالعراق في أيام الرشيد هارون.

الباب الثالث عشر. طبقات الأطباء الذين ظهروا في بلاد المغرب وأقاموا بها إسحاق بن عمران طبيب مشهور وعالم مذكور ويعرف باسم ساعة. وقال سليمان بن حسان المعروف بابن جلجل: إن إسحاق بن عمران مسلم النحلة، وكان بغدادي الأصل، ودخل أفريقية في دولة زيادة الله بن الأغلب التميمي. وكان طبيباً حاذقاً متميزاً بتأليف الأدوية المركبة بصيراً بتفرقة العلل، أشبه الأوائل في علمه وجودة قريحته. استوطن القيروان حيناً، وألف كتباً منها كتابه المعروف بنزهة النفس، وكتابه في داء المالنخوليا لم يسبق الى مثله، وكتابه في الفصد، وكتابه في النبض.

ودارت له مع زيادة الله بن الأغلب محنة أوجبت الوحدة بينهما، حتى صلبه ابن الأغلب.

إسحاق بن سليمان الإسرائيلي، كان طبيباً فاضلاً بليغاً عالماَ مشهوراً بالحذق والمعرفة، جيد التصنيف عالي الهمة، ويكنى أبا يعقوب. وهو الذي شاع ذكره وانتشرت معرفته بالإسرائيلي. وهو من أهل مصر، وكان يكحل من أوليته. ثم سكن القيروان ولازم إسحاق بن عمران وتتلمذ له. وخدم الإمام أبا محمد عبيد الله المهدي صاحب أفريقية بصناعة الطب.

ولإسحاق بن سليمان من الكتب: كتاب الحميات، خمس مقالات. كتاب الأدوية المفردة والأغذية. كتاب البول، إختصار كتابه في البول. كتاب الأسطقسات. كتاب الحدود والرسوم. كتاب بستان الحكيم. كتاب المدخل إلى المنطق. كتاب المدخل إلى صناعة الطب. كتاب في النبض. كتاب في الترياق. كتاب في الحكمة.

ابن الجزار هو أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد، ويعرف بابن الجزار من أهل القيروان طبيب ابن طبيب وعمه أبو بكر طبيب وكان ممن لقي إسحاق بن سليمان وصحبه وأخذ عنه. وكان ابن الجزار من أهل الحفظ والتطلع والدراسة للطب وسائر العلوم، حسن الفهم لها وعاش أحمد بن الجزار نيفاً وثمانين سنة ومات عتياً بالقيروان، ووجد له أربعة وعشرون ألف دينار، وخمسة وعشرون قنطاراً من كتب طيبة وغيرها.

ولابن الجزار من الكتب: كتاب في علاج الأمراض، ويعرف بزاد المسافر مجلدان.

كتاب في الأدوية المفردة، ويعرف باعتماد، كتاب في الأدوية المركبة، ويعرف بالبغية، كتاب العدة لطول المدة، وهو أكبر كتاب وجدناه له في الطب. وحكى الصاحب جمال الدين القفطي أنه رأى له بقفط كتاباً كبيراً في الطب اسمه قوت المقيم، وكان عشرين مجلداً. كتاب التعريف بصحيح التاريخ، وهو تاريخ مختصر يشتمل على وفيات علماء زمانه، وقطعة جميلة من أخبارهم. رسالة في النفس وفي ذكر اختلاف الأوائل فيها، كتاب في المعدة وأمراضها ومداواتها. كتاب طب الفقراء. رسالة في أبدال الأدوية. كتاب في الفرق بين العلل التي تشتبه أسبابها وتختلف أعراضها. رسالة في التحذر من إخراج الدم من غير حاجة دعت إلى إخراجه. رسالة في الزكام وأسبابه وعلاجه. رسالة في النوم واليقظة. مجربات في الطب. مقالة في الجذام وأسبابه وعلاجه. كتاب الخواص. كتاب نصائح الأبرار. كتاب المختبرات. كتاب في نعت الأسباب المولدة للوباء في مصر وطريق الحيلة في دفع ذلك وعلاج ما يتخوف منه. رسالة إلى بعض إخوانه في الاستهانة بالموت. رسالة في المقعدة وأوجاعها. كتاب المكلل في الأدب. كتاب البلغة في حفظ الصحة. مقالة في الحمامات. كتاب أخبار الدولة، يذكر فيه ظهور المهدي بالمغرب. كتاب الفصول في سائر العلوم والبلاغات.

ابن السمينة ومن أطباء الأندلس يحيى بن يحيى المعروف بابن السمينة من أهل قرطبة. قال القاضي صاعد بن أحمد بن صاعد، في كتاب "التعريف في طبقات الأمم": أنه كان بصيراً بالحساب والنجوم والطب، متصرفاً في العلوم، متفنناً في ضروب المعارف، بارعاً في علم النحو واللغة والعروض ومعاني الشعر والفقه والحديث والأخبار والجدل. وكان معتزلي المذهب. ورحل إلى المشرق، ثم انصرف. وتوفي سنة خمس عشرة وثلاثمائة.

أبو القاسم مسلمة بن أحمد المعروف بالمرحيطي من أهل قرطبة، وكان في زمن الحكم. وقال القاضي صاعد في كتاب "التعريف في طبقات الأمم": أنه كان إمام الرياضيين بالأندلس في وقته وأعلم من كان قبله بعلم الأفلاك وحركات النجوم، وكانت له عناية بأرصاد الكواكب.

وتوفي أبو القاسم مسلمة بن أحمد قبل مبعث الفتنة في سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة.

ولأبي القاسم مسلمة بن أحمد من الكتب: كتاب المعاملات، إختصار تعديل الكواكب من زيج البتاني.

ابن السمح هو أبو القاسم أصبغ بن محمد بن السمح المهندي الغرناطي، وكان في زمن الحكم.

قال القاضي صاعد: إن ابن السمح كان محققاً لعلم العدد والهندسة، متقدماً في علم هيئة الأفلاك وحركات النجوم. وكانت له مع ذلك عناية بالطب، وله تآليف حسان.

ولابن السمح من الكتب: كتاب المدخل إلى الهندسة. كتاب المعاملات. كتاب طبيعة العدد. كتاب كبير في الهندسة. كتاب التعريف بصورة صنعة الإسطرلاب. كتاب العمل بالإسطرلاب والتعريف بجوامع ثمرته. زيج على أحد مذاهب الهند المعروف بالسندهند.

ابن الصفار هو أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عمر، كان أيضاً متحققاً بعلم العدد والهندسة والنجوم. وقعد في قرطبة لتعليم ذلك. وله زيج مختصر على مذهب السندهند، وكتاب في العمل بالإسطرلاب موجز حسن العبارة قريب المأخذ، وكان من جملة تلامذة أبي القاسم مسلمة بن أحمد المرحيطي.

أبو الحسن علي بن سليمان الزهراوي كان عالماً بالعدد والهندسة، معتنياً بعلم الطب. وله كتاب شريف في المعاملات على طريق البرهان، وهو الكتاب المسمى بكتاب الأركان. وكان قد أخذ كثيراً من العلوم الرياضية عن أبي القاسم مسلمة بن أحمد المعروف بالمرحيطي وصحبه مدة.

الكرماني هو أبو الحكم عمرو بن أحمد بن علي الكرماني من أهل قرطبة، أحد الراسخين في علم العدد والهندسة. وله عناية بالطب ومجربات فاضلة فيه ونفوذ مشهور في الكي والقطع والشق والبط وغير ذلك من أعمال الصناعة الطبية. وتوفي أبو الحكم الكرماني رحمه الله بسرقسطة سنة ئمان وخمسين وأربعمائة وقد بلغ تسعين سنة أو جاوزها بقليل.

ابن خلدون هو أبو مسلم عمر بن أحمد بن خلدون الحضرمي، من أشراف أهل أشبيلية ومن جملة تلامذة أبي القاسم مسلمة بن أحمد أيضاً، وكان متصرفاً في علوم الفلسفة مشهوراً بعلم الهندسة والنجوم والطب مشبهاً بالفلاسفة في إصلاح أخلاقه وتعديل سيرته وتقويم طريقته. وتوفي في بلده سنة تسع وأربعين وأربعمائة. وكان من أشهر تلامذة أبي مسلم بن خلدون: أبو جعفر أحمد بن عبد الله المعروف بابن الصفار المتطبب.

أبوجعفر أحمد بن خميس بن عامر بن دميح من أهل طليطلة أحد المعتنين بعلم الهندسة والنجوم والطب، وله مشاركة في علوم اللسان، وحظ صالح من الشعر، وهو من أقران القاضي أبي الوليد هشام بن أحمد بن هشام.

حمدين بن أبان كان في أيام الأمير محمد بن عبد الرحمن الأوسط وكان طبيباً حاذقاَ مجرباً، وكان صهر بني خالد، وله بقرطبة أصول ومكاسب. وكان لا يركب الدواب إلا من نتاجه، ولا يأكل إلا من زرعه، ولا يلبس إلا من كتان ضيعته، ولا يستخدم إلا بتلاده من أبناء عبيده.
جواد الطبيب النصراني كان في أيام الأمير محمد أيضاً، وله اللعوق المنسوب إلى جواد، وله دواء الراهب والشرابات والسفوفات المنسوبة إليه وإلى حمدين، وبني حمدين كلها شجارية.

خالد بن يزيد بن رومان النصراني كان بارعأ في الطب، ناهضأ في زمانه فيه. وكان بقرطبه وسكنه عند بيعة سبت أخلج. وكانت داره الدار المعروفة بدار ابن السطخيري الشاعر. وكسب بالطب مبلغاً جليلاً من الأموال والعقار. وكان صانعاً بيده، عالماً بالأدوية الشجارية وظهرت منه في البلد منافع.

ابن ملوكة النصراني كان في أيام الأمير عبيد الله، وأول دولة الأمير عبد الرحمن الناصر وكان يصنع بيده ويفصد العروق. وكان على باب داره ثلاثون كرسياً لقعود الناس.

عمران بن أبي عمرو كان طبيباً نبيلاَ، خدم الأمير عبد الرحمن بالطب، وهو الذي ألف له حب الأنيسون، وكان عالماً فهماً.

ولعمران بن أبي عمرو من الكتب: كناش.

محمد بن فتح طملون كان مولى لعمران بن أبي عمرو، وبرع في الطب براعة علا بها من كان في زمانه. ولم يخدم بالطب، وطلب ليلحق فاستعفى من ذلك واستعان على الأمير حتى عفي، ولم يكن أحد من الأشراف في وقته إلا وهو يحتاج إليه.

الحراني الذي ورد من المشرق، كان في أيام الأمير محمد بن عبد الرحمن، وكانت عنده مجربات حسان بالطب، فاشتهر بقرطبة وحاز الذكر فيها.

أحمد وعمر ابنا يونس بن أحمد الحراني رحلا إلى المثسرق في دولة الناصر في سنة ثلاثين وثلاثمانة، وأقاما هنالك عشرة أعوام، ودخلا بغداد وقرأ فيها على ثابت بن سنان بن ثابت بن قرة الصابىء كتب جالينوس عرضاً، وخدما ابن وصيف في عمل علل العين، وانصرفا إلى الأندلس في دولة المستنصر بالله، وذلك في سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة. ومات عمر بعلة المعدة، ورمت له فلحقه ذبول من أجلها ومات، وبقي أحمد مستخلصاً. وأسكنه المستنصر في قصره بمدينة الزهراء وكان لطيف المحل عنده، أميناً مؤتمناً، لجلعه على العيال والكرائم. وكان بصيراً بالأدوية المفردة، وصانعاً للأشربة والمعجونات، ومعالجاً لما وقف عليه.

قال ابن جلجل: ورأيت له اثني عشر صبياً صقالبة، طباخين للأشربة، صناعين للمعجونات بين يديه. وكان قد استأذن أمير المؤمنين المستنصر أن يعطي منها من احتاج من المساكين والمرضى، فأباح له ذلك. وكان يداوي العين مداواة نفيسة. وله بقرطبة آثار في نلك.

إسحاق الطبيب والد الوزير ابن إسحاق، مسيحي النحلة، وكان مقيماً بقرطبة، وكان صانعاً بيده، مجرباً، يحكى له منافع عظيمة وآثار جيدة، وتحنك فاق به جميع أهل دهره. وكان في أيام الأمير عبد الله الأموي.

يحيي بن إسحاق كان طبيياً ذكياً عالماً بصيراً بالعلاج صانعاً بيده، وكان في صدر دولة عبد الرحمن الناصر لدين الله، واستوزره وولي الولايات والعمالات، وكان قائد بطليوس زماناً، وكان له من أمير المؤمنين الناصر محل كبير. وكان يحيى قد أسلم، وأما اْبوه إسحاق فكان نصرانياً كما تقدم ذكره.

وليحيى بن إسحاق من الكتب: كتاب كبير في الطب.

سليمان أبو بكر بن تاج كان في دولة الناصر، وخدمه بالطب. وكان طبيباً نبيلاً وعالج أمير المؤمنين الناصر من رمد عرض له من يومه بشيافه. وطلب منه نسخته بعد ذلك فأبى أن. يمليها وعالج سععاً صاحب البريد من ضيق النفس بلعوق فبرأ من يومه بعد أن أعيا علاجه الأطباء. وكان يعالج وجع الخاصرة بحب من حبه فيبرأ الوقت، وكان ضنيناً بنسخ الأدوية.

ابن أم، البنين سمي بالأعراف، وكان من أهل مدينة قرطبة، وخدم أمير المؤمنين الناصر بصناعة الطب. وكان ينادمه وكانت معه فطنة في الطب. وله نوادر أنذر بها. وكان معجباً بنفسه. وكان، الناصر ربما استثقله لذلك وربما اضطر إليه لجودة فطنته.

سعيد بن عبد ربه هو أبو عثمان سعيد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد ربه بن حبيب بن محمد بن سالم مولى الأمير هشام الرضي بن عبد الرحمن الداخل بالأندلس، وهو ابن أخي أبي عمرو وأحمد بن محمد بن عبد ربه الشاعر صاحب كتاب العقد.
ولسعيد بن عبد ربه من الكتب: كتاب الأقراباذين. تعاليق ومجريات في الطب. أرجوزة في الطب.

عمربن حفص بن برتق كان طبيباً فاضلاً قارئاً للقرآن مطرب الصوت، وكان له رحلة إلى القيروان إلى أبي جعفر بن الجزار لزمه ستة أشهر لا غير. وهو أدخل إلى الأندلس كتاب زاد المسافر، ونبل بالأندلس وخدم بالطب الناصر. وكان نجم بن طرفة صاحب البيارزة قد استخلصه لنفسه وقام به وأغناه وشاركه في كل دنياه ولم يطل عمره.

أصبغ بن يحيي كان متقدماً في صناعة لطب، وخدم بها الناصر، وألف له حب الأنيسون. وكان شيخاً وسيماً بهياً سرياً معظماً عند الرؤساء.
محمد بن تمليح كان رجلاً ذا وقار وسكينة ومعرفة بالطب والنحو واللغة والشعر والروايةء وخدم الناصر بصناعة الطب. وله في الطب تأليف حسن الأشكال. وأدرك صدراً من دولة الحكم المستنصر بالله وكان حظياً عنده وخدمة بصناعة الطب.

أبو الوليد بن الكتاني هو أبو الوليد محمد بن الحسين المعروف بابن الكتاني، كان عالماً بهياً سرياً حلو اللسان محبوباً من العامة والخاصة لسخائه بعلمه ومواساته بنفسه، ولم يكن يرغب في المال ولا جمعه، وكان لطيف المعاناة وخدم الناصر والمستنصر بصناعة الطب، ومات بعلة الاستسقاء.

أبو عبد الله بن الكتاني هو أبو عبد الله محمد بن الحسين المعروف بابن الكتاني، كان أخذ الطب عن عمه محمد بن الحسن وطبقته وخدم به المنصور بن أبي عامر وابنه المظفر. ثم انتقل في صدر الفتنة إلى مدينة سرقسطة واستوطنها، وكان بصيراً بالطب، متقدماً فيه، وتوفي قريباً من سنة عشرين وأربعمائة وهو قد قارب ثمانين سنة.

أحمد بن حكيم بن حفصون كان طبيباَعالماً جيد القريحة، حسن الفطنة، دقيق النظر، بصيراً بالمنطق، مشرفاً على كثير من علوم الفلسفة. وكان متصلاً بالحاجب جعفر الصقلبي ومستولياً على خاصته، فأوصله بالحكم المستنصر بالله وخدمه بالطب إلى أن توفي الحاجب جعفر فأسقط حينئذ من ديوان الأطباء وبقي مخمولاً إلى أن توفي ومات بعلة الإسهال.

أبو بكر أحمد بن جابر كان شيخاً فاضلاً في الطب، حليماً عفيفاً وخدم المستنصر بالله بالطب وأدرك صدراً من دولة المؤيد وكان أولاد الناصر جميعهم يعتممون على تعظيمه وتبجيله ومعرفة حقه. وكان وجيهاً عندهم مؤتمناً، وكذلك عند الرؤساء، وكان أديباً فهماً. وكتب بخطه كتباً كثيرة في الطب والمجامع والفلسفة. وعمر زماناً طويلاً.

أبو عبد الله الملك الثقفي كان طبيباً أديباً عالماً بكتاب إقليدس، وبصناعة المساحة. وخدم الناصر والمستنصر بصناعة الطب، وكان أعرج. وله في الطب نوادر. وولاه المستنصر أو الناصر خزانة السلاخ، وعمي في آخر عمره بماء نزل في عينيه، ومات بعلة الاستسقاء.

هارون بن موسي الأشبوني كان من شيوخ الأطباء وأخيارهم، مؤتمناً مشهوراً بأعمال اليد وخدم الناصر والمستنصر بصناعة الطب.

محمد بن عبدون الجبلي العذري رحل إلى المشرق سنة صبع وأربعين وثلاثمائة، ودخل البصرة ولم يدخل بغداد، وأتى مدينة فسطاط مصر ودبر مارستانها. ومهر بالطب ونبل فيه وأحكم كثيراً من أصوله، وعانى صناعة المنطق عناية صحيحة.

ولمحمد بن عبدون من الكتب: كتاب في التكسير.

عبد الرحمن بن إسحاق بن الهيثم من أعيان أطباء الأندلس وفضلائها، وكان من أهل قرطبة.

وله من الكتب: كتاب الكمال والتمام في الأدوية المسهلة والمقيئة. كتاب الاقتصار والإيجاد في خطا ابن الجزار في الاعتماد. كتاب الاكتفاء بالدواء من خواص الأشياء، صنفه للحاجب القائد أبي عامر محمد بن أبي عامر. كتاب السمائم.

ابن جلجل هو أبو داود سليمان بن حسان يعرف بابن جلجل، وكان طبيباً فاضلاً خبيراً بالمعالجات، جيد التصرت في صناعة الطب. وكان في أيام هشام المؤيد بالله. وخدمه بالطب وله بصيرة واعتناء بقوى الأدوية المفردة.

ولابن جلجل من الكتب: كتاب تفسير أسماء الأدوية المفردة من كتاب ديسقوريدس، مقالة في ذكر الأدوية التي لم يذكرها ديسقوريدس في كتابه. رسالة التبيين فيما غلط فيه بعض المتطببين. كتاب يتضمن ذكر شيء من أخبار الأطباء والفلاسفة ألفه في أيام المؤيد بالله.

أبو العرب يوسف بن محمد أحد المتحققين بصناعة الطب والراسخين في علمه. قال القاضي صاعد: حدثني الوزير أبو المطرف بن وافد وأبر عثمان سعيد بن محمد بن البغونش: إنه كان محكماً لأصول الطب نافذاً في فروعه حسن التصرف في أنواعه.

ابن البغونش هو أبو عثمان سعيد بن محمد بن البغونش. قال القاضي صاعد: كان من أهل طليطلة، ثم رحل إلى قرطبة لطلب العلم بها، فأخذ عن مسلمة بن أحمد علم العمد والهندسة، وعن محمد بن عبدون الجبلي وسليمان بن جلجل وأبن الشناعة ونظرائهم علم الطب. ولم تكن له دربة بعلاج المرض ولا طبيعة نافذة في فهم الأمراض. وتوفي عند صلاة الصبح من يوم الثلاثاء أول يوم من رجب سنة أربع وأربعين وأربعمائة.

ابن وافد هو الوزير أبو المطرف عبد الرحمن بن محمد بن عبد الكبير بن يحيى بن وافد بن مهند اللخمي أحد أشراف أهل الأندلس، وذوي السلف الصالح منهم، والسابقة القديمة فيهم. عنى عناية بالغة بقراءة كتب جالينوس وتفهمها، ومطالعة كتب أرسطوطاليس وغيره من الفلاسفة. قال القاضي صاعد: وتمهر بعلم الأدوية المفردة حتى ضبط منها ما لم يضبطه أحد في عصره، وألف فيها كتاباً جليلاً لا نظير له جمع فيه ما تضمن كتاب ديسقوريدس وكتاب جالينوس المؤلفان في الأدوية المفردة، ورتبة أحسن ترتيب.

ولابن وافد من الكتب: كتاب الأدوية المفرعة. كتاب الوساد في الطب. مجربات في الطب. كتاب تدقيق النظر في علل حاسة البصر. كتاب المغيث.

الرميلي هو وكان بالمرية في أيام ابن معن المعروف بابن صمادح، ويلقب لمعتصم بالله. وقال أبو يحيى اليسع بن عيسى بن حزم بن أليسع في كتاب "المعرب عن حاسن أهل المغرب": إن الرميلي صحبه توفيق يساعده ويصعده، ويقيم له الجاه ويقعده، ربما عالج في بعض أوقاته المستورين بماله أدوية وأغذية.

وللرميلي من الكتب: كتاب البستان في الطب.

ابن الذهبي هو أبو محمد عبد الله بن محمد الأزدي ويعرف بابن الذهبي، أحد المعتنين بصناعة الطب، ومطالعة كتب الفلاسفة، وكان كلفاً بصناعة الكيمياء مجتهداً في طلبها. وتوفي ببلنسية في جمادى الآخرة سنة ست وخمسين وأربعمائة.

ولابن الذهبي من الكتب: مقالة في أن الماء لا يغذو.
ابن النباش

هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن حايد البجائي ويعرف بابن النباش، معتن بصناعة الطب مواظب لعلاج المرضى، ذو معرفة جيدة!لعلم الطبيعي، وله أيضاً نظر ومشاركة في سائر العلوم الحكمية، وكالق مقيماً بجهة مرسية.

أبو جعفر بن خميس الطليطلي قرأ كتب جالينوس على مراتبها، وتناول صناعة الطب من طرقها، وكانت له رغبة كثيرة في معرفة العلم الرياضي والأشتغال به.

أبو الحسن عبد الرحمن بن خلف بن عساكر الدارمي اعتنى بكتب جالينوس عناية صحيحة، وقرأ كثيراً منها على أبي عثمان سعيد بن محمد بن بغونش، واشتغل أيضاً بصناعة الهندسة والمنطق وغير ذلك، وكانت له عبارة بالغة، وطبع فاضل في المعماناة، ومنزع حسن في العلاج، وله تصرف في دروب من الأعمال اللطيفة والصناعات الدقيقة.

ابن الخياط هو أبو بكر يحيى بن أحمد ويعرف بابن الخياط، كان أحد تلاميذ أبي القاسم مسلمة بن أحمد المرحيطي في علم العدد والهنمسة، وكان مع ذلك معتنياً بصناعة الطب، دقيق العلاج حصيفاً حليماً دمثاً حسن السيرة كريم المذهب، وتوفي بطليطلة سنة سبع وأربعين وأربعمائة وقد قارب ثمانين سنة.

منجم بن الفوال يهودي من سكان سرقسطة، وكان متقدماً في صناعة الطب متصرفاً مع ذلك في علم المنطق وسائر علوم الفلسفة.

ولمنجم بن الفوال من الكتب: كتاب كنز المقل، على طريق المسألة والجواب، وضمنه جملاً من قوانين المنطق وأصول البيعة.

مروان بن جناح كان أيضاً يهودياً وله عناية بصناعة المنطق والتوسع في علم لسان العرب واليهود، ومعرفة جيدة بصناعة الطب. وله من الكتب كتاب التلخيص وقد ضمنه ترجمة الأدوية المفرعة، وتحديد المقادير المستعملة في صناعة الطب من الأوزان والمكاييل.

إسحاق بن قسطار كان أيضاً يهودياً وخدم الموفق مجاهداً العامري وابنه إقبال الدولة عليا. وكان إسحاق بصيراً بأصول الطب، مشاركاً في علم المنطق، مشرفاً على آراء الفلاسفة. وكان وافر العقل، جميل الأخلاق. وله تقدم في علم اللغة العبرانية، بارعاً في فقه اليهود، حبراً من أحبارهم، ولم يتخذ قط امرأة. وتوفي بطليطلة سنة ثمان وأربعين وأربعمائة وله من العمر خمس وسبعون سنة.

حسادي بن إسحاق معتن بصناعة الطب، وخدم الحكم بن عبد الرحمن الناصر لدين الله، وكان حسداي بن إسحاق من أحبار اليهود متقدمِاً في علم شريعتهم.

أبو الفضل حسداي بن يوسف بن حسداي من ساكني مدينة سرقسطة، ومن بيت شرف اليهود بالأندلس، وكان له نظر في الطب، وكان في سنة ثمان وخمسين وأربعمائة في الحياة وهو في سن الشبيبة.

أبو جعفر يوسف بن أحمد بن حسداي من الفضلاء في صناعة الطب وله عناية بالغة في الاطلاع على كتب أبقراط وجالينوس وفهمها. وكان قد سافر من الأندلس إلى الديار المصرية. واشتهر ذكره بها وتميز في أيام الآمر بأحكام من الخلفاء المصريين. وكان المأمون في أيام وزارته له همة عالية، ورغبة في العلوم فكان قد أمر يوصف بن أحمد بن حسداي أن يشرح له كتب أبقراط إذ كانت أجل كتب هذه الصناعة وأعظمها جدوى وأكثرها غموضاً. وكان ابن حسداي قد شرع في ذلك، ووجدت له منه شرح كتاب الأيمان لأبقراط، وقد أجاد في شرحه لهذا الكتاب، واستقصى ذكر معانيه وتبيينها على أتم ما يكون، وأحسنه. ووجدت له أيضاً شرح بعض كتاب الفصول لأبقراط.

وليوسف بن أحمد بن حسداي من الكتب: الشرح المأموني لكتاب الأيمان لأبقراط المعروف بعهده إلى الأطباء. شرح المقالة الأولى من كتاب الفصول لأبقراط. تعاليق وجدت بخطه كتبها عند وروده على الإسكندرية من الأندلس. فوائد مستخرجة استخرجها وهذبها من شرح علي بن رضوان لكتاب جالينوس إلى أغلوقن، من القول على أول الصناعة الصغيرة لجالينوس. كتاب الإجمال في المنطق، شرح كتاب الإجمال.

ابن سمجون وهو أبو بكر حامد بن سمجون فاضل في صناعة الطب متميز في قوى الأدوية المفردة وأفعالها، متقن لما يجب من معرفتها.
ولابن سمجون من الكتب: كتاب الأدوية المفردة. كتاب الأقراباذين.

البكري هو أبو عبيد الله بن عبد العزيز البكري، من مرسيه، من أعيان أهل الأندلس وأكابرهم، فاضل في معرفة الأدوية المفردة وقواها ومنافعها وأسمائها ونعوتها وما يتعلق بها.

وله من الكتب: كتاب أعيان النبات والشجريات الأندلسية.
الغافقي

هو أبو جعفر أحمد بن محمد بن أحمد بن السيد الغافقي. إمام فاضل، وحكيم عالم ويعد من الأكابر في الأندلس. وكان أعرف أهك زمانه بقوى الأدوية المفردة ومنافعها وخواصها وأعيانها ومعرفة أسمائها. وكتابه في الأدوية المفردة لا نظير له قي الجودة ولا شبيه له فى معناه.
الشريف محمد بن محمد الحسني هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس الحسني ويلقب بالعالي بالله.كان فاضلاً عالماً بقوى الأدوية المفردة ومنافعها ومنابتها وأعيانها.

وله من الكتب. كتاب الأدوية المفردة.

خلف بن عباس الزهراوي كان طبيباً فاضلاً خبيراً بالأدوية المفردة والمركبة، جيد العلاج. وله تصانيف مشهورة في صناعة الطب، وأفضلها كتابه الكبير المعروف بالزهراوي.

ولخلف بن عباس الزهراوي من الكتب: كتاب التصريف لمن عجز عن التأليف، وهو أكبر تصانيفه وأشهرها، وهو كتاب تام في معناه.
ابن بكلارش كان يهودياً من كابر علماء الأندلس في صناعة الطب، وله خبرة واعتناء بالغ بالأدوية المفردة. وخدم بصناعة الطب بني هود.
ولابن بكلارش من الكتب: كتاب المجدولة في الأدوية المفردة، وضعه مجدولاً، وألفه بمدينة المرية للمستعين بالله أبي جعفر أحمد بن المؤتمن بالله بن هود.

أبو الصلت أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت من أكابر الفضلاء، في صناعة الطب وفي غيرها من العلوم، وله التصانيف المشهورة والمآثر المذكورة. قد بلغ في صناعة الطب مبلغاً لم يصل إليه غيره من الأطباء، وحصل من معرفة الأدب ما لم يحركه كثير من سائر الأدباء.

ولأبي الصلت أمية بن عبد العزيز من الكتب: كتاب الأدوية المفردة على ترتيب الأعضاء المتشابهة الأجزاء والآلية، وهو مختصر قد رتبه أحسن ترتيب. كتاب الانتصار لحنين بن إسحاق على ابن رضوان فى تتبعه لمسائله حنين وغيرها.

ابن باجة هو أبو بكر محمد بن يحيى بن الصائغ، ويعرف بابن باجة، من الأندلس. وكان العلوم الحكمية علامة وقته وأوحد زمانه. وبلي بمحن كثيرة وشناعات من العوام، وقصدوا هلاكه مرات وسلمه الله منهم. وكان متميزاً في العربية والأدب حافظاً للقرآن. ويعد من الأفاضل في صناعة الطب.

ولابن باجة من الكتب: شرح كتاب السمع الطبيعي لأرسطوطاليس. قول على بعض المقالات الأخيرة من كتاب الحيوان لأرسطوطاليس. كلام على بعض كتاب النبات لأرسطوطاليس. كتاب تدبير المتوحد. كلام على شيء من كتاب الأدوية المفردة لجالينوس. كتاب التجربتين على أدوية ابن وافد. كتاب اختصار الحاوي للرازي. كلام المزاج بما هو طبي. وكتب عديدة أخرى في الفلسفة والهندسة.

أبو مروان بن زهر هو أبو مروان عبد الملك بن الفقيه محمد بن مروان بن زهر الآيادي الأشبيلي، كان فاضلاً في صناعة الطب خبيراً بأعمالها مشهوراً بالحذق، وكان والده الفقيه محمد من جملة الفقهاء والمتميزين في علم الحديث بإشبيلية.

أقول: وانتقل أبو مروان بن زهر من دانية إلى مدينة إشبيلية، ولم يزل بها إلى أن توفي.

أبوالعلاء بن زهر هو أبو العلاء زهر بن أبي مروان عبد الملك بن محمد بن مروان، مشهور بالحذق والمعرفة، وله علاجات مختارة تدل على مَوته في صناعة الطب واطلاعه على دقائقها وكانت له نوادر في مداواته المرضى ومعرفته لأحوالهم، وما يجدونه من الآلام من غير أن يستخبرهم عن ذلك بل بنظره إلى قواريرهم، أو عندما يجس نبضهم.

ولأبي العلاء ابن زهر من الكتب: كتاب الخواص، كتاب الأدوية المفردة، كتاب االإيضاح بشواهد الافتضاح في الرد على ابن رضوان فيما رور على حنين بن إسحاق في كتاب المدخل إلى الطب. كتاب حل شكوك الرازي على كتب جالينوس، مجربات، مقالة في الرد على أبي علي بن سينا في مواضع من كتابه الأدوية المفردة. كتاب النكت الطبية، وأمثلة ذلك نسخ له ومجربات أمر بجمعها علي بن يوسف بن تاشفين بعد موت أبي العلاء.

أبو مروان بن أبي العلاء بن زهر هو أبو مروان عبد الملك بن أبي العلاء، زهر بن أبي مروان عبد الملك بن محمد بن مرران بن زهر، لحق بأبيه في صناعة الطب، وكان جيد الاستقصاء في الأدوية المفردة والمركبة، حسن المعالجة، فد ذاع ذكره في الأندلس وفي غيرها من البلاد، واشتغل الأطباء بمصنفاته. ولم يكن في زمانه من يماثله في مزاولة أعمال صناعة الطب. وله حكايات كثيرة في تأتيه لمعرفة الأمراض ومداواتها مما لم لِسبقه أحد من الأطباء إلى مثل ذلك.

ولأبي مروان بن أبي العلاء بن زهر من الكتب: كتاب التيسير في المداواة والتدبير.

كتاب الأغذية. كتاب الزينة تذكرة إلى ولده أبي بكر في أمر الدواء المسهل وكيفية أخذه. مقالة في علل الكلى. رسالة كتب بها إلى بعض الأطباء بإشبيلية في علتي البرص والبهق. كتاب تذكرة ذكر بها لابنه أبي بكر أول ما تعلق بعلاج الأمراض.

الحفيد أبو بكر بن زهر هو الوزير الحكيم الأديب الحسيب أبو بكر محمد بن أبي مروان بن أبي العلاء بن زهر، مولده بمدينة إشبيلية ونشأ بها وتميز في العلوم، وأخذ صناعة الطب عن أبيه، وباشر أعمالها، وكان معتدل القامة صحيح البنية، قوي الأعضاء. وصار في سن الشيخوخة ونضارة لونه وقوة حركاته لم يتبين فيها تغير، وإنما عرض له في أواخر عمره ثقل في، السمع. وكان حافظاً للقرآن، وسمع الحديث، واشتغل بعلم الأدب والعربية، ولم يكن في زمانه أعلم منه بمعرفة اللغة. ويوصف بأنه قد أكمل صناعة الطب والأدب، وعانى عمل الشعر وأجاد فيه. وله موشحات مشهورة ويغني بها، وهي من أجود ما قيل في ذلك.

أبو جعفر بن هارون الترجالي من أعيان أهل أشبيلية، وكان محققاً للعلوم الحكمية، متقناً لها معتنياً بكتب أرسطوطاليس وغيره من الحكماء المتقدمين؛ فاضلاً في صناعة الطب، متميزا فيها، خبيراً بأصولها وفروعها؛ حسن المعالجة، محمود الطريقة. وخدم لأبي يعقوب والد المنصور. وكان يطب الناس، وتوفي بأشبيلية.

أبو الوليد بن رشد هو القاضي أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشدة مولده ومنشؤه بقرطبة مشهور بالفضل معتن بتحصيل العلوم، أوحد في علم الفقه والخلاف، واشتغل على الفقيه الحافظ أبي محمد بن رزق. وكان أيضاً متميزاً في علم الطب، وهو جيد التصنيف حسن المعاني.

وله كتب كثيرة في مختلف العلوم، ومن كتبه الطبية: كتاب الكليات. شر الأرجوزة المنسوبة إلى الشيخ الرئيس ابن سينا في الطب. تلخيص كتاب المزاج لجالينوس. تلخيص كتاب القوى الطبيعية لجالينوس. تلخيص كتاب العلل والأعراض لجالينوس. تلخيص كتاب الحميات لجالينوس. تلخيص أول كتاب الأدوية المفرد لجالينوس. تلخيص النصف الثاني من كتاب حيلة البرء لجالينوس. مقالة في المزاج مسألة في نوائب الحمى. مقالة في حميات العفن. مقالة في الترياق.

أبو محمد بن رشد هو أبو محمد عبد الله بن أبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد، فاضل في صناعة الطب عالم بها مشكور في أفعالها، وكان يفد إلى الناصر ويطبه.

ولأبي محمد بن رشد من الكتب: مقالة في حيلة البرء.

أبو الحجاج يوسف بن موراطير من شرقي الأندلس، وموراطير قرية قريبة من بلنسية. كان فاضلاَ في صناعة الطب خبيراً بها، مزاولاً لأعمالها، محمود الطريقة، حسن الرأي، عالماً بالأمور الشرعية، وسمع الحديث وقرأ المدونة. وكان أديباً شاعراً محباً للمجون كثير النادرة.
أبو عبدالله بن يزيد هو ابن أخت أبي الحجاج يوسف بن موراطير كان طبيباً فاضلاً وأديباً شاعراً وشعره موصوف بالجودة.

أبو مروان عبد الملك بن قبلال مولده ومنشؤه بغرناطة. وكان جيد النظر في الطب، حسن العلاج، وخدم بصناعة الطب المنصور، ثم خدم بعده لولده الناصر.

أبو إسحاق إبراهيم الداني كانت له عناية بالغة في صناعة الطب، وأصله من بجاية، ونقل إلى الحضرة، وكان أمين البيمارستان وطبيبه بالحضرة، وكذلك ولداه.

أبو يحيي بن قاسم الأشبيلي كان فاضلاً في صناعة الطب، خبيراً بقوى الأدوية المفردة والمركبة، كثير العناية بها.
أبو الحكم بن غلندو مولده ومنشؤه بأشبيلية، وكان أديباً شاعراً حسن الشعر، متميزاً في صناعة الطب محمود الطريقة، وكان مفنناً وخدم بصناعة الطب المنصور.

أبو جعفر أحمد بن حسان هو الحاج أبو جعفر أحمد بن حسان الغرناطي. مولده ومنشؤه بغرناطة. واشتغل بصناعة الطب، وأجاد في علمها وعملها، وخدم المنصور بالطب.

ولأبي جعفر بن حسان من الكتب: كتاب تدبير الصحة ألفه للمنصور.

أبو العلاء بن أبي جعفرأحمد بن حسان من مدينة غرناطة، وأحد الأعيان بها والمتميزين من أهلها. قوي الذكاء الفطرة، مشتغل بالأدب، وعنده براعة وفضل، وهو طبيب وكاتب. وخدم بصناعة المستنصر.

أَبو محمد الشذوني مولده ومنشؤه بإشبيلية وكان ذكياً فطناً، وله معرفة جيدة بعلم الهيئة والحكمة قد اشتغل بصناعة الطب على أبي مروان عبد الملك بن زهر، ولازمه مدة وباشر أعمالها وكان مشهوراً بالعلم جيد العلاج.

المصدوم هو ابن الحسين ين أسدون، شهر بالمصدوم، وهو تلميذ أبي مروان عبد الملك بن زهر. وكان المصدوم ديناً كثير الخير معتنياً بصناعة الطب، مشهوراً بها، أديباً ومولده ومنشؤه بأشبيليةٍ . وكان مقيماً في البلد ويحضر عند المنصور.

عبد العزيز بن مسلمة الباجي أصله من باجة الغرب، كان من أعيان أهل الأندلس وأجلائها، ويعرف بابن الحفيد.

وكان فاضلاً في صناعة الطب، متميزاً في الأدب، وله شعر جيد. وكان تلميذ المصدوم.

أبو جعفر بن الغزال مولده بقنجيرة من أعمال المرية، وأتى إلى الحفيد أبي بكر بن زهر، ولازمه الملازمة، وقرأ عليه صناعة الطب وعلى غيره حتى أتقن الصناعة. وخدم المنصور وكان خبيراً بتركيب الأدوية ومعرفة مفرداتها. وكان المنصور يعتمد عليه في الأدوية والمعاجين ويتناولها منه. وتوفي أبو جعفر بن الغزال في أيام الناصر.

أبو بكر بن القاضي أبي الحسن الزهري هو أبو بكر بن الفقيه القاضي أبي الحسن الزهري القرشي قاضي أشبيلية مولده ومنشؤه بأشبيلية. وكان جواداً كريماً حسن الخلق شريف النفس، قد اشتغل بالأدب وتميز في العلم. وكان أحد الفضلاء في صناعة الطب والمتعينين في أعمالها. وخدم بالطب للسيد أي علي بن عبد المؤمن صاحب أشبيلية. وكان يطبب الناس من دون أجرة ويكتب النسخ لهم.

وعاش أبو بكر بن أبي الحسن الزهري خمساً وثمانين سنة، وتوفي في دولة المستنصر، ودفن بأشبيلية.

أبو عبد الله الندرومي هو أبو عبد الله محمد بن سحنون، ويعرف بالندرومي منسوباً إلى ندرومة من نظر مدينة تلمسان وهو كومي أيضاً ينسب إلى قبيلة، جليل القدر، فاضل النفس، محب للفضائل، حاد الذهن، مفرط الذكاء. ومولد، بقرطبة في نحو سنة ثمانين وخمسمائة، ونشأ بقرطبة، ثم انتقل إلى أشبيلية. وكان قد لحق القاضي أبا الوليد بن رشد واشتغل عليه بصناعة الطب، واشتغل أيضاً على أبى الحجاج يوسف بن موراطير.

ولأبي عبد الله الندرومي من الكتب: إختصار كتاب المستصفى للغزالي.

أبو جعفر أحمد بن سابق أصله من قرطبة، وكان فاضلاً ذكياً جيد النظر، حسن العلاج، موصوفاً بالعلم. وكان من طلبة القاضي أبي الوليد بن رشد، ومن جملة المشتغلين عليه بصناعة الطب. وخدم بالطب الناصر، وتوفي في درلة المستنصر.

ابنَ الحلاء المرسي من مرسية وكان موصوفاً بجودة المعرفة بصناعة الطب، وخدم المنصور لما أتى إليه خدمة وافد، وتوفي ببلده.

أبو إسحاق بن طملوس من جزيرة شقر من أعمال بلنسية، وهو من جملة الفضلاء في صناعة الطب، وأحد المتعينين من أهلها، وخدم الناصر بالطب وتوفي ببلده.

أبو جعفر الذهبي هو أبو جعفر أحمد بن جريج، كان فاضلاً عالماً بصناعة الطب، جيد المعرفة لها، حسن التأني في أعمالها. وخدم المنصور بالطب وكذلك أيضاً خدم بعده الناصر ولله. وكان يحضر مجلس المذاكرة في الأدب. وتوفي أبو جعفر الذهيي بتلمسان عند غزوة الناصر إلى أفريقية سنة ستمائة.

أبو العباس بن الرومية هو أبو العباس أحمد بن محمد بن مفرج النباتي المعروف بابن الرومية، من أهل أشبيلية وعن أعيان علمائها وأكابر فضلائها. وقد أتقن علم النبات ومعرفة أشخاص الأدوية وقواها ومنافعها، وأختلاف أوصافها، وتباين مواطنها.

ولأبي العباس بن الرومية من الكتب: تفسير أسماء الأدرية المفردة عن كتاب ديسقوريدس. مقالة في تركيب الأدوية.

أبو العباس الكنيناري هو أبو العباس أحمد بن أبي عبد الله محمد، من أهل أشبيلية، عارف بصناعة الطب، من فضلاء أهلها والمتميزين من أربابها. قرأ الطب في أول أمره على عبد العزيز بن مسلمة الباجي. ثم قرأ بعد ذلك على أبي الحجاج يوسف بن موراطير في مراكش وأقام بأشبيلية. وخدم لأبي النجاء بن هود صاحب أشبيلية وكان يطب أيضاً لأخيه أبي عبد الله بن هود. ابن الأصم هو من الأطباء المشهورين بأشبيلية، وله خبرة في صناعة الطب، وقوة نظر في الاستدلال على الأمراض ومداواتها. وله حكايات مشهورة، ونوادر كثيرة في معرفته بالقوارير وإخباره عندما يراها بجملة حال المريض، وما يشكوه وما كان قد تناوله من الأغذية.

الباب الرابع عشر.طبقات الأطباء. المشهورين من أطباء د يار مصر بليطيان كان طبيباً مشهوراً بديار مصر، نصرانياً عالماً بشريعة النصارى الملكية. قال سعيد. بن البطريق في كتاب "نظم الجوهر". لما كان في السنة الرابعة من خلافة المنصور من الخلفاء العباسيين صير بيلطيان بطريركاً على الإسكندرية وكان طبيباً أقام ستاً وأربعين سنة ومات.

إبراهيم بن عيسى كان طبيباً فاضلاً معروفاً في زمانه متميزاً في أوانه، صحب يوحنا بن ماسويه ببغداد وقرأ عليه وأخذ عنه. وخدم بصناعة الطب الأمير أحمد بن طولون، وتقدم عنده وسافر معه إلى الديار المصرية، واستمر في خدمته ولم يزل ابراهيم بن عيسى مقيماً في فسطاط مصر إلى إن توفي، وكانت وفاته في نحو سنة ستين ومائتين.

الحسن بن زيرك كان طبيباً في مصر أيام أحمد بن طولون يصحبه في الإقامة، فإذا سافر صحبه سعيد بن توفيل.

سعيد بن توفيل كان طبيباً نصرانياً متميزاً في صناعة الطب، وكان في خدمة أحمد بن طولون من أطباء الخاص يصحبه في السفر والحضر، وتغير عليه قبل موته.

خلف الطولوني هو أبو علي خلف الطولوني مولى أمير المؤمنين، كان مشتغلاً بصناعة الطب، وله معرفة جيدة في علم أمراض العين ومداواتها.

ولخلف الطرلوني من الكتب: كتاب النهاية والكفاية في تركيب العينين وخلقتهمما وعلاجهما وأدويتهما.

نسطاس بن جريج كان نصرانياً عالماً بصناعة الطب، وكان في دولة الأخشيد بن طغج. ولنسطاس بن جريج من الكتب: كناش. رسالة إلى يزيد بن رومان النصراني الأندلسي في البول.

إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس هو أبو يعقوب، إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس بن جريج، نصراني فاضل في صناعة الطب. وكان في خدمة الحاكم بأمر الله ويعتمد عليه في الطب وتوفي إسحاق بن إبراهيم، بن نسطاس بالقاهرة في أيام الحاكم، واستطب بعده أبا الحسن علي بن رضوان، واستمر في خدمته وجعله رئيساً على سائر الأطباء.

البالسي هو كان طبيباً فاضلاً متميزاً في معرفة الأدوية المفردة وأفعالها. وله من اتجه: كتاب التكميل في الأدوية المفردة ألفه لكافور الإخشيدي.

موسى بن ألعازار الإسرائيلي مشهور بالتقدم والحذق في صناعة الطب، وكان في خدمة المعز لدين الله، وكان في خدمته أيضاً ابنه إسحاق بن موسى، المتطبب.

ولموسى بن ألعازار من الكتب: الكتاب المعزي في الطبيخ، ألفه للمعز. مقالة في السعال. جواب مسألة سأله عنها أحد الباحثين عن حقائق العلوم الراغبين جني ثمارها، كتاب الأقراباذين.

يوسف النصراني كان طبيباً عارفاً بصناعة الطب فاضلاً في العلوم. وقال يحيى بن سعيد بن يحيى. في كتاب "تاريخ الذيل": إنه لما كان في السنة الخامسة من خلافة العزيز صير يوسف الطبيب بطريركاً على بيت المقدس. أقام في الرئاسة ثلاث سنين وثمانية أشهر، ومات بمصر ودفن في كنيسة مار ثوادرس مع آباء أخر منطودلا القيسراني.

سعيد بن البطريق من أهل فسطاط مصر، وكان طبيباً نصرانياً مشهوراً عارفاً بعلم صناعة الطب وعملها متقدماً في زمانه، وكانت له دراية بعلوم النصارى ومذاهبهم، ومولده في يوم الأحد لثلاث بقين من في الحجة سنة ثلاث وستين ومائتين للهجرة. وكان متميزاً في صناعة الطب، ومات يوم الاثنين سلخ رجب من سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة.

ولسعيد بن البطريق من الكتب: كتاب في الطب، علم وعمل. كناش.

عيسى بن البطريق كان طبيباً نصرانياً عالماً بصناعة الطب علمها وعملها، متميزاً في جزئيات المداواة والعلاج، مشكوراً فيها وكان مقامه بمدينة مصر القديمة، وكان هذا عيسى بن البطريق أخا سعيد بن البطريق المقدم ذكره ولم يزل عيسى بمدينة مصر طبيباً إلى أن توفي بها.

أعين بن أعين كان طبيباً متميزاً في الديار المصرية، وله ذكر جميل وحسن معالجة. وكان في أيام العزيز بالله وتوفي أعين بن أعين في شهر ذي القعدة سنة خمس وثمانين وثلاثمائة.

وله من الكتب: كناش. كتاب في أمراض العين ومداواتها.

التميمي هو أبو عبد الله محمد بن سعيد التميمي. كان مقامه أولاً بالقدس ونواحيها وله معرفة جيدة بالنبات وماهياته واالكلام فيه. وكان متميزاً أيضاً في أعمال صناعة الطب والاطلاع على دقائقها؛ وله خبرة فاضلة في تركيب المعاجين والأدوية المفردة؛ واستقصى أدوية الترياق الكبير الفاروق وتركيبه وركب منه شيئاً كثيراً على أتم ما يكون من حسن الصنعة. وانتقل إلى الديار المصرية وأقام بها إلى أن توفي رحمه ألله.

وللتميمي من الكتب: رسالة إلى ابنه علي بن محمد في صنعة الترياق والفاروق والتنبيه على ما يغلظ فيه من أدويته، ونعت أشجاره الصحيحة وأوقات جمعها وكيفية عجنه، وذكر منافعه وتجربته. كتاب مختصر في الترياق. كتاب في مادة البقاء بإصلاح فساد الهواء والتحرر من ضرر الأوباء. مقالة في ماهية الرمد وأنوأعه وأسبابه، وعلاجه. كتاب الفاحص والأخبار.

سهلان هو أبو الحسن سهلان بن عثمان بن كيسان، كان طبيباً نصرانياً من أهل مصر ينتحل رأي الفرقة الملكية، وخدم الخلفاء المصريين، وارتفع جاهه في الأيام العزيزية، ولم يزل مرتفع الذكر محروس الجانب مقتنياً للمال الجزيل إلى أن توفي بمصر في أيام العزيز بالله في يوم السبت لخمس بقين من ذي الحجة سنة ئمانين وثلاثمائة.
أبو الفتح منصور بن سهلان بن مقشر كان طبيباً نصرانياً مشهوراً، وله دراية وخبرة بصناعة الطب، وكان طبيب الحاكم بأمر الله، ومن الخواص عنده، وكان العزيز أيضاً يستطبه ويرى له ويحترمه. وكان متقدماً في الدولة، وتوفي في أيام الحاكم.
عمار بن علي الموصلي كان كحالاً مشهوراً، ومعالجاً مذكوراً. له خبرة بمداواة أمراض العين، ودربة بأعمال الحديد. وكان قد سافر إلى مصر وأقام بها وكان في أيام الحاكم ولعمار بن علي من الكتب: كتاب المنتخب في علم العين وعللها ومداواتها بالأدوية والحديد، ألفه للحاكم.

الحقير النافع كان هذا من أهل مصر، يهودي النحلة في زمن الحاكم. وكان طبيباً جرائحياً، حسن المعالجة. ومن ظريف أمره أنه كان يرتزق بصناعة مداواة الجراح، وهو في غاية الخمول واتفق أن عرض لرجل الحاكم عقر أزمن ولم يبرأ. وكان ابن مقشر طبيب الحاكم والحظي عنده، وغيره من أطباء الخاص المشاركين له يتولون علاجه فلا يؤثر ذلك إلا شراً في العقر فأحضر له هذا اليهودي المذكور، فلما رآه طرح عليه دواء يابساً فنشفه وشفاه في ثلاثة أيام فأطلق له ألف دينار، وخلع عليه، ولقبه بالحقير النافع؛ وجعله من أطباء الخاص.

أبو بشر طبيب العظيمية كان في أيام الحاكم. مشهوراً في الدولة، ويعد من الأفاضل في صناعة الطب.

ابن مقشر الطبيب كان من الأطباء المشهورين والعلماء المذكورين. مكيناَ في الدولة، حظياً عند الحاكم، وكان يعتمد عليه في صناعة الطب. ولما مرض ابن مقشر الطبيب عاده الحاكم بنفسه، ولما مات أطلق لمخلفيه مالاً وافراً.

علي بن سليمان كان طبيباً فاضلاً متقناً للحكمة والعلوم الرياضية، متميزاً في صناعة الطب، أوحد في أحكام النجوم. وكان في أيام العزيز بالله وولده الحاكم ولحق أيام الظاهر لإعزاز دين الله ولد الحاكم.

ولعلي بن سليمان من الكتب: اختصار كتاب الحلوى في الطب. كتاب الأمثلة والتجارب والأخبار والنكت والخواص الطبية المنتزعة من كتب أبقراط وجالينوس وغيرهما.

ابن الهيثم هو أبو علي محمد بن الحسن بن الهيثم أصله من البصرة، ثم انتقل إلى الديار المصرية وأقام بها إلى آخر عمره. وكان فاضل النفس قوي الذكاء متفنناً في العلوم. لم يماثله أحد من أهل زمانه في العلم الرياضي، وكان خبيراً بأصول صناعة الطب وقوانينها وأمورها الكلية إلا أنه لم يباشر أعمالها، ولم تكن له درية بالمداواة، وتصانيفه كثيرة الإفادة. وكان حسن الخط، جيد المعرفة بالعربية.

المبشر بن فاتك هو الأمير محمود الدولة أبو الوفاء المبشر بن فاتك الآمري من أعيان أمراء مصر وأفاضل علمائها. دائم الاشتغال، محب للفضائل، والاجتماع بأهلها وبماحثتهم، والانتفح بما يقتبسه من جهتهم وكان ممن اجتمع به منهم، وأخذ عنه كثيراً من علوم الهيئة والعلوم الرياضية أبو محمد بن الحسن بن الهيثم. وكذلك أيضاً اجتمع بالشيخ أبي الحسين المعروف بابن الآمدي، وأخذ عنه كثيراً من العلوم الحكمية، واشتغل أيضاً بصناعة الطب، ولازم أبا الحسن علي بن رضوان الطبيب.

وللمبشر بن فاتك من الكتب: كتاب الوصايا والأمثال والموجز من محكم الأقوال.

كتاب مختار الحكم ومحاسن الكلم. كتاب البداية في المنطق. كتاب في الطب.

إسحق بن يونس كان طبيباً عالماً بالصناعة الطبية، عارفاً بالعلوم الحكمية، جيد الدربة، حسن العلاج. قرأ الحكمة على ابن السمح، وكان مقيماً بمصر.

علي بن رضوان هو أبو الحسن علي بن رضوان بن علي بن جعفر، وكان مولده ومنشؤه بمصر، وبها تعلم الطب. وقد ذكر علي بن رضوان في سيرته من كيفية تعلمه صناعة الطب وأحواله ما هذا نصه. قال: إنه لما كان ينبغي لكل إنسان أن ينتحل أليق الصنائع به، وأوفقها له، وكانت صناعة الطب تتاخم الفلسفة طاعة لله عز رجل، وكانت دلالات النجوم في مولدي تدل على أن صناعتي الطب. وكان العيش عندي في الفضيلة ألذ من كل عيش، أخذت في تعلم صناعة الطب وأنا ابن خمس عشرة سنة، ولم يكن لي مال أنفق منه، فلذلك عرض لي في التعلم صعوبة ومشقة. فكنت مرة أتكسب بصناعة القضايا بالنجوم، ومرة بصناعة الطب، ومرة بالتعليم. ولم أزل كذلك وأنا في غاية الاجتهاد في التعليم، إلى السنة الثانية والثلاثين، فإني اشتهرت فيها بالطب وكفاني ما كنت أكسبه بالطب.

أفرائيم بن الزفان هو أبو كثير أفرائيم بن الحسن بن إسحاق بن إبراهيم بن يعقوب. إسرائيلي المذهب وهو من الأطباء المشهورين بديار مصر، وخدم الخلفاء الذين كان في زمانهم وحصل من جهتهم من الأموال والنعم شيئاً كثيراً جداً. وكان قد قرأ صناعة الطب على أبي الحسن علي بن رضوان وهو من أجل تلامذته، وخلف أفرائيم من الكتب ما يزيد على عشرين ألف مجلد، ومن الأموال النعم شيئاً كثيراً جداً.

سلامة بن رحمون هو أبو الخير سلامة بن مبارك بن رحمون بن موسى، من أطباء مصر وفضلائها، وكان يهودياً وله أعمال حسنة في صناعة الطب، واطلاع على كتب جالينوس والبحث عن غوامضها. وكان قد قرأ صناعة الطب على أفرائيم، واشتغل بها عليه مدة. وكان لابن رحمون أيضاً اشتغال جيد بالمنطق والعلوم الحكمية، وله تصانيف في ذلك، ولما وصل أبو الصلت أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت الأندلسه من المغرب إلى الديار المصرية اجتمع بسلامة بن رحمون وجرت بينهما مباحث ومشاغبات.

قال أبو الصلت: وأنشدت لجرجس وهو أحسن ما سمعته في هجو طبيب مشؤوم.وأنا متهم له فيه:

إن أبا الخير على جهـلـه يخف في كفته الفاضـل

عليله المسكين من شؤمـه في بحر هلك ما له ساحل

ثلاثة تدخـل فـي دفـعة طلعته والنعش والغاسـل

"السريع" ولبعضهم:

لأبي الخير في العلا ج يد ما تقـصـر

كل من يستطـبـه بعد يومين يقـبـر

والذي غاب عنكـم وشهدنـاه أكـثـر

"الخفيف" مبارك بن سلامة بن رحمون هو مبارك بن أي الخير سلامة بن مبارك بن رحمون، مولده ومنشؤه بمصر، وكان أيضاً طبيباً فاضلاً.
ولمبارك بن سلامة بن رحمون من الكتب: مقالة في الجمرة المسماة بالشففة والخزفة مختصرة.

ابن العيق زدبي هو الشيخ موفق الدين أبو نصر عدنان بن نصر بن منصور من أهل عين زربه، وأقام ببغداد مدة، واثشغل بصناعة الطب بالعلوم الحكمية ومهر فيها، وخوصاً في علم النجوم. ثم بعد ذلك انتقل من بغداد إلى الديار المصرية إلى حين وفاته وخدم الخلفاء المصريين، حظي في أيامهم، وتميز في دولتهم وكان من أجل المشايخ، وأكثرهم علماً في صناعة الطب.

ولابن العين زربي عن الكتب: كتاب الكافي في الطب. شرح كتاب الصناعة الصغيرة لجالينوس. مجربات في الطب على جهة الكناش جمعها ورتبها ظافر بن تميم بمصر بعد وفاة ابن العين زربي. مقالة في الحصى وعلاجه.

بلمظفر بن معرف هو بلمظفر نصر بن محمود كان ذكياً فطناً، كثير الاجتهاد والعناية والحرص في العلوم الحكمية، وله نظر أيضاً في صناعة الطب والأدب والشعر. وكان قد اشتغل على ابن العين زربي ولأزمه مدة وقرأ عليه كثيراً من العلوم الحكمية وغيرها.

أقول: ومن أعجب شيء منه أنه كان قد ملك ألوفاً كثيرة من الكتب في كل فن، وأن جميع كتبه لا يوجد شيء منها إلا وقد كتب على ظهره ملحاً ونوادر مما يتعلق بالعلم الذي قد صنف ذلك الكتاب فيه.

ولبلمظفر بن معرف من الكتب: تعاليق في الكيمياء. كتاب في علم النجوم. مختارات في الطب.

الشيخ السديد رئيس الطب هو القاضي الأجل السديد أبو المنصور عبد الله بن الشيخ السديد أبي الحسن علي، وكان لقب القاضي أبي المنصور شرف الدين، وإنما غلب عليه لقب أبيه وعرف به وصار له علماً بأن يقال الشيخ السديد، وكان عالماً بصناعة الطب خبيراً بأصولها وفروعها، جيد المعالجة، كثير الدربة، حسن الأعمال باليد. وخدم الخلفاء المصريين وحظي في أيامهم. وتوفي الشيخ السديد رحمه الله بالقاهرة في سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة.

ابن جميع هو الشيخ الموفق شمس الرياسة أبو العشائر هبة الله بن زين بن حسن بن أفرائيم بن يعقوب بن إسماعيل بن جميع الإسرائيلي، من الأطباء المشهورين، والعلماء المذكورين، والأكابر المتعينين. وكان متفنناً في العلوم، جيد المعرفة بها، كثير الاجتهاد في صناعة الطب، حسن المعالجة، جيد التصنيف. وقرأ صناعة الطب على الشيخ الموفق أبي نصر عدنان بن العين زربي ولزمه مدة. وكان مولد ابن جميع ومنشؤه بفسطاط مصر. وخدم الملك الناصر صلاح الذين يوسف بن أيوب وحظي في أيامه.

ولابن جميع من الكتب: كتاب الإرشاد لمصالح الأنفس والأجساد أربع مقالات.

كتاب التصريح بالمكنون في تنقَيح القانون. رسالة في طبع الإسكندرية وحال هوائهما ومياهها ونحو ذلك من أحوالها وأحوال أهلها. رسالة إلى القاضي المكين أبي القاسم علي بن انحسين فيما يعتمده حيث لا يجد طبيباً. مقالة في الليمون وشرابه ومنافعه. مقالة في الراوند ومنافعه. مقالة في الحلبة. مقالة في علاج القولنج، واسمها الرسالة السيفية في الأدوية الملوكية.

أبو البيان بن المدور لقب بالسديد، وكان يهودياً قراء عالماً بصناعة الطب، حسن المعرفه بأعمالها مجربات كثيرة، وآثار محمودة. وخدم الخلفاء المصريين في آخر دولتهم وبعد ذلك الملك الناصر صلاح الدين، وكان يرى له ويعتمد على معالجته، وله فيه حسن وكانت له منه الجامكية الكثيرة والافتقاد المتوفر. وعمر الشيخ أبو البيان بن الدمور، في آخر عمره في الكبر والضعف، من كثرة الحركة والتردد إلى الخدمة،.

ولأبي البيان بن الدمور من الكتب: مجرباته في الطب.

أبو الفضائل بن الناقد لقبه المهذب. كان طبيباَ مشهوراً، وعالماً مذكوراً. له العلم الوافر، والأعمال الحسنة، والمداواة الفاضلة. وكان يهودياً مشتهراً بالطب والكحل،، إلا أن الكحل أغلب عليه. وتوفي سنة أربع وثمانين وخمسمائة بالقاهرة، وأسلم ولده أبو الفرج، وكان طبيباً وكحالاً أيضاً.
ولأبي الفضائل بن الناقد من الكتب: مجرباته في الطب.
الرئيس هبة الله كان إسرائيلياً فاضلاً مشهوراً بالطب، جيد الأعمال، حسن المعالجة. وكان في آخر دولة الخلفاء المصريين، وكانت وفاته في سنة خمسمائة ونيف وثمانين.

الموفق بن شوعة كان من أعيان العلماء وأفاضل الأطباء، إسرائيلي مشهور بإتقان الصناعة وجودة المعرفة في علم الطب والكحل والجراح. كان دمثاً خفيف الروح كثير المجون، وكان يشعر ويلعب بالقيثارة، وحدم الملك الناصر صلاح الدين بالطب لما كان بمصر، وعلت منزلته عنده. أبو البركات بن القضاعي لقبه الموفق، وكان من جملة الأطباء المهرة والمتميزين في صناعة الطب. وخدم بصناعة الطب الملك الناصر صلاح الدين في الديار المصرية وتوفي بالقاهرة في سنة ثمان وتسعين وخمسمائة.

أبو المعالي بن تمام هو أبو المعالي تمام بن هبة الله بن تمام، يهودي، غزير العلم، وافر المعرفة. وكان مقيماً بفسطاط مصر. وأسلم جماعة من أولاده وكان أبو المعالي قد خدم بصناعة الطب الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، وحظي في أيامه؛ وخدم أيضاً بعد ذلك لأخيه الملك العادل أبي بكر بن أيوب.

ولأبي المعالي بن تمام من الكتب: تعاليق ومجربات في الطب.

الرئيس موسى هو الرئيس أبو عمران موسى بن ميمون القرطبي. يهودي، وكان السلطان الملك الناصر صلاح الدين يرى له ويستطبه، وقيل أن الرئيس موسى كان قد أسلم في المغرب وحفظ القرآن واشتغل بالفقه. ثم إنه لما توجه. إلى الديار المصرية وأقام بفسطاط مصر ارتد.

إبراهيم بن الرئيس موسى وكان طبيباً مشهوراً عالماً بصناعة الطب، جيداً في أعمالها. وكان في خدمة الملك الكامل محمد بن أبي بكر بن أيوب ويتردد أيضاً إلى البيمارستان الذي بالقاهرة من القصر، ويعالج المرضى فيه.

أبو البركات بن لشعيا ولقبه الموفق شيخ مشهور، كثير التجارب، مشكور الأعمال في صناعة الطب. وكان يهودياً قراء. عاش ستاً وثمانين سنة وتوفي بالقاهرة، وخلف ولداً يقال له سعيد الدولة أبو الفخر، وهو طبيب أيضاً، ومقامه بالقاهرة.

الأسعد المحلي هو أسعد الدين يعقوب بن إسحاق. يهودي من مدينة المحلة من أعمال ديار مصر، متميز في الفضائل، وله اشتغال بالحكمة، واطلاع على دقائقها، وهو من المشهورين في صناعة الطب، والخبيرين بالمداواة والعلاج.

الشيخ السديد بن أبي البيان هو سديد الدين أبو الفضل داوود بن أبي البيان سليمان بن أبي الفرج إسرائيل بن أبي الطيب سليمان بن مبارك إسرائيلي، قراء، مولده في سنة ست وخمسين وخمسمائة بالقاهرة. وكان شيخاً محققاً للصناعة الطبية، متقناً لها.

وعاش فوق الثمانين سنة، وكان قد ضعف بصره في آخره عمره.

وللشيخ السديد بن أبي البيان من الكتب: كتاب الأقراباذين.

جمال الدين بن أبي الحوافر هو الشيخ الإمام العالم أبو عمرو عثمان بن هبة الله بن أحمد بن عقل القيسي، ويعرف بابن أبي الحوافر. أفضل الأطباء، وسيد العلماء، وأوحد العصر، وفريد الدهر. قد أتقن الصناعة الطبية، وتميز في أقسامها العلمية والعملية.

أقول: واشتغل على الشيخ جمال الدين بن أبي الحوافر جماعة، وتميزوا في صناعة الطب، وأفضل من اشتغل عليه منهم، وكان أجل تلامذته وأعلمهم عمي الحكيم رشيد الدين على بن خليفة رحمه الله.

فتح اللين بن جمال الدين بن أبي الحوافر كان مثل أبيه جمال الدين في العلم والفضل والنباهة. نزيه النفس، صائب الحدس، أعلم الناس بمعرفة الأمراض، وتدقيق الأسباب والأعراض. وخدم بصناعة الطب الملك الكامل محمد بن أبي بكر بن أيوب، وبعد الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الملك الكامل محمد، وتوفي رحمه الله في أيامه بالقاهرة.

شهاب الدين بن فتح الدين هو سيد العلمماء ورئيس الأطباء؛ علامة زمانه، وأوحد أوانه. قد جمع الفضائل، وتميز على الأواخر والأوائل؛ وأتقن الصناعة الطبية علماً وعملاً، وحررها تفصيلاً وجملاً.

ومقامه في الديار المصرية، وخدم بصناعة الطب الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الملك الصالح صاحب الديار المصرية والشامية.

القاضي نفيس الدين بن الزبير هو القاضي الحكيم نفيس الدين أبو القاسم هبة الله بن صدقة بن عبد الله الكولمي، والكولم من بلاد الهند، وهو ينسب من جهة أمه إلى ابن الزبير الشاعر المشهور الذى كان بالديار المصرية.

أفضل الدين الخونجي هو أبو عبد الله محمد بن ناماوار الخونجي. قد تميز في العلوم الحكمية، وأتقن الأمور الشرعية. قوي الاشتغال كثر التحصيل. اجتمت به بالقاهرة في سنة اثنتين وثلاثين وستمائة فوجدته الغاية القصوى في سائر العلوم. وكانت وفاته رحمه الله بالقاهرة يوم الأربعاء خامس شهر رمضان سنة ست وأربعين وستمائة ودفن بالقرافة.

ولأفضل الدين الخونجي من الكتب: شرح ما قاله الرئيس ابن سينا في النبض. مقالة في الخمور والوروم. كتاب أدوار الحميات وكيرها. أبو سليمان داود بن أبي المنى بن أبي فانة كان طبيباً نصرانياً بمصر في زمن الخلفاء، وكان حظياً عندهم، فاضلاً في الصناعة الطبية، خبيراً بعلمها وعملها، متميزاً في العلوم. وكان من أهل القدس، ثم انتقل إلى الديار المصرية. وكانت له معرفة بالغة بأحكام النجوم.

أبو سعيد بن أبي سليمان هو الحكيم مهذب الدين أبو سعيد بن أبي سليمان بن أبي المنى بن أبي فانة. كان فاضلاً في صناعة الطب، عالماً بها، متميزاً في أعمالها، متقدماً في الدولة. وقرأ علم الطب على أبيه وعلى غيره. وتوفي في سنة ثلاث عشرة وستمائة، ودفن بدير الخندق عند القاهرة.

أبو شاكر بن أبي سليمان هو الحكيم موفق الدين أبو شاكر بن أبي سليمان داود، وكان متقناً لصناعة الطب متميزاً في علمها وعملها جيد العلاج مكيناً في الدولة وقرأ صناعة الطب على أخيه أبي سعيد بر أبي سليمان، وتميز بعد ذلك واشتهر ذكره. وكان السلطان الملك العادل قد جعله في خدمة ولده المنك الكامل فبقي في خدمته، وحظي عنده الحظوة العظيمة، وتمكن عنده التمكن الكثير. وتوفي أبو شاكر بن أبي سليمان في سنة ثلاث عشرة وستمائة، ودفن بدير الخندق عند القاهرة.
أبو نصر بن أبي سليمان كان طبيباً عارفاً بصناعة الطب، حسن المعالجة، جيد العلاج. وتوفي بالكرك.

أبو الفضل بن أبي سليمان كان طبيباً مشكوراً في صناعة الطب، عالماً بها، متميزاً في المعالجة والمداواة. وكان أصغر أخوته وعمر من دونهم. كان مولده فىِ سنة ستين وخمسمائة، ووفاته في سنة أربع وأربعين وستمائة.

رشيد الدين أبو حليقة هو الحكيم الأجل العالم رشيد العين أبو الوحش بن القارص أبي الخير بن أبي سليمان داود بن أبي المنى بن أبي فانة، ويعرف بأبي حليقة. كان أوحد زمانه في صناعة الطب والعلوم الحكمية، متفنناً قي العلوم والآداب، حسن المعالجة، لطيف المداواة، رؤوفاً بالمرضى، محباً لفعل الخير.

مهذب الدين أبو سعيد محمد أبي حليقة أوحد العلماء وأكمل الحكماء. مولده في القاهرة في سنة عشرين وستمائة، وسمي محمداً لما أسلم في أيام الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الملكه الصالحي وهو، فقد منحه الله من العقل أكمله، ومن الأدب أفضله، ومن الذكاء أغزره، ومن العلم أكثره، قد أتقن الصناعة الطبية، وعرف العلوم الحكمية فلا أحد يدانيه فيما يعانيه.

ولمهذب الدين محمد بن أبي حليقة من الكتب: كتاب في الطب.

رشيد الدين أبو سعيد هو الحكيم الأجل العالم، أبو سعيد بن موفق الدين يعقوب عن نصارى القدس.

وكان متميزاً في صناعة الطب، خبيراً بعلمها وعملها، حاد الذهن، بليغ اللسان، حسن اللفظ. واشتغل في العربية على شيخنا تقي الدين خزعل بن عسكر بن خليل. ثم اشتغل الحكيم رشيد الحين أبو سعيد بعد ذلك بعلم الطب على عمي الحكيم رشيد الحين علي بن خليفة، لما كان في خدمة السلطان الملك المعظم، وقرأ عليه.

ولرشيد الدين أبي سعيد من الكتب: كتاب عيون الطب، صنفه للملك الصالح نجم الدين أيوب وهو من أجل كتاب صنف في صناعة الطب، ويحتوي على علاجات مخلصة مختارة. تعاليق على كتاب الحاوي لأبي بكر محمد ين زكريا الرازي في الطب.

أسعد الدين بن ابي الحسن هو الحكيم الأوحد العالم أسعد الدين عبد العزيز بن أبي الحسن علي. من أفاضل العلماء، وأعيان الفضلاء، حاد الذهن، كثير الاعتناء بالعلم، قد أتقن الصناعة الطبية، وحصل العلوم الحكمية. وكان أيضاً عالمأ بأمور الشرع مسموع القول. وكان قد اشتغل بصناعة الطب على أبي زكريا يحيى البياسي في ديار مصر، وخدم الملك المسعود أقسيس بن الملك الكامل.

ولأسعد الدين بن أبي الحسن من الكتب: كتاب نوادر الألباء في امتحان الأطباء، صنفه للملك الكامل محمد بن أبي بكر بن أيوب.

ضياء الدين بن البيطار هو الحكيم الأجل العالم أبو محمد عبد الله بن أحمد المالقي النباتي، ويعرف بابن البيطار. أوحد زمانه، وعلامة وقته في معرفة النبات وتدقيقه واختياره، ومواضع نباته، ونعت أسمائه على اختلافها وتنوعها. سافر إلى بلاد الأغارقة وأقصى بلاد الروم، ولقي جماعة يعانون هذا الفن، وأخذ عنهم معرفة نبات كثير، وعاينه في مواضعه، واجتمع أيضاً في المغرب وغيره بكثير من الفضلاء في علم النبات، وعاين منابته، وتدقق ماهيته، وأتقن دراية كتاب ديقوريدس إتقاناً بلغ فيه إلى أن لا يكاد يوجد من يجاريه فيما هو فيه.

وكان في خدمة الملك الكامل محمد بن أبي بكر بن أيوب، وكان يعتمد عليه في الأدوية المفردة والحشائش، وجعله في الديار المصرية رئيساً على سائر العشابين وأصحاب البسطات.

الباب الخامس عشر.طبقات الأطباء المشهورين من أطباء الشام أبو نصر الفارابي هو أبو نصر محمد بن محمد بن أوزلغ بن طرخان، مدينته فاراب، وهي مدينة من بلاد الترك في أرض خراسان، وكان أبوه قائد جيش، وهو فارسي المنتسب. وكان ببغداد مدة ثم انتقل إلى الشام وأقام به إلى حين وفاته. وكان رحمه الله فيلسوفاً كاملاً وإماماً فاضلاً قد أتقن العلوم الحكممية، وبرع في العلوم الرياضية، زكي النفس، قوي الذكاء، متجنباً عن الدنيا، مقتنعاً منها بما يقوم بأوده، يسير سيرة الفلاسفة المتقدمين. وكانت له قوة في صناعة الطب، وعلم بالأمور الكلية منها. ولم يباشر أعمالها، ولا حاول جزئياتها.

عيسى الرقي كانس طبيباً مشهوراً في أيامه، عارفاً بالصناعة الطبية حق معرفتها. وله أعمال فاضلة ومعالجات بديعة، وكان في خدمة سيف الدولة بن حمدان ومن جملة أطبائه.

اليبرودي هو أبو الفرج جورجس بن يوحنا بن سهل بن إبراهيم، من النصارى اليعاقبة، وكان فاضلاً في صناعة الطب عالما بأصولها وفروعها معدوداً من جملة الاكابر من أهلها والمتمرنين من أربابها، دائم الاشتغال، محباً للعلم، مؤثراً للفضيلة.

وكانت لليبرودي مراسلات إلى ابن رضوان بمصر وإلى غيره من الأطبا المصريين، وله مسائل عدة إليهم طبية ومباحثات دقيقة. وكتب بخطه شيئاً كثيراً جداً من كتب الطب، ولا سيما من كتب جالينوس وشرحها وجوامعها.

ولليبرودي من الكتب: مقالة في أن الفرخ أبرد من الفروج. نقض كلام ابن الموفقي في مسائل ترددت فيما بينهم في النبض.

جابر بن منصور السكري من أهل موصل، وكان مسلماً ديناَ، عالماً بصناعة الطب، من أكبر المتميزين فيها.

وكان قد لحق أحمد بن أبي الأشعث وقرأ عليه. ثم لازم محمد بن ثواب تلميذ ابن أبي الأشعث وقرأ عليه، وذلك في نحو سنة ستين وثلاثمائة. واشتهر بصناعة الطب وأعمالها، وعمر وكان أكثر مقامه بمدينة الموصل، وإنما ابنه ظافر إنتقل إلى الشام وأقام بها.

ظافر بن جابر السكري هو أبو حكيم ظافر بن جابر بن منصور السكري، كان مسلماً فاضلاً في الصناعة الطبية، متقناً للعلوم الحكمية.

ولظافر بن جابر من الكتب: مقالة في أن الحيوان يموت مع أن الغذاء يخلف عوض مايتحلل منه.

موهوب بن الظافر هو أبو الفضل موهرب بن ظافر بن جابر بن منصور السكري. كان فاضلاً أيضاً في صناعة الطب، مشهوراً متميزاً. وكان مقيماً بمدينة حلب.

ولموهوب بن ظافر من الكتب: اختصار كتاب المسائل لحنين بن إسحاق.

جابر بن موهوب هو جابر بن موهوب بن ظافر بن جابر بن منصور السكري، كان أيضاً مشهوراً في صناعة الطب خبيراً بها. وأقام بحلب.

أبو الحكم هو الشيخ الأديب الحكيم أبو الحكم عبيد الله بن المظفر بن عبد الله الباهلي الأندلسي المربي. كان فاضلاً في العلوم الحكمية، متقناً للصناعة الطبية، متعيناً في الأدب، مشهوراً بالشعر.

وكان يعرف الموسيقى، ويلعب بالعود، ويجلس على دكان في جيرون للطب. ومسكنه في دار الحجارة باللبادين. وتوفي رحمه الله لساعتين خلتا من ليلة الأربعاء سادس ذي القعدة سنة تسع وأربعين وخمسمائة بدمشق.

أبو المجد بن أبي الحكم هو أفضل الدولة أبو المجد محمد بن أبي الحكم، عبيد الله بن المظفر بن عبد الله الباهلي. من الحكماء المشهورين، والعلماء المذكورين، والأفاضل في الصناعة الطبية، والأماثل في علم الهندسة والنجوم. وكان في دولة السلطان الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي رحمه الله. ولما أنشأ الملك العادل نور الدين البيمارستان الكبير جعل أمر الطب إليه فيه.

ابن البذوخ هو أبو جعفر عمر بن علي بن البذوخ القلعي المغربي. كان فاضلاً خبيراً بمعرفة الأدوية المفردة والمركبة، وله حسن نظر في الاطلاع على الأمراض ومداواتها. وأقام بدمشق سنيناً كثيرة، وكانت له دكان عطر باللبادين يجلس فيها، ويعالج من يأتي إليه أو يستوصف منه. وكان يهيىء عنده أدوية كثيرة مركبة يصنعها من سائر المعاجين والأقراص والسفوفات وغير ذلك، يبيع منها وينتفع الناس بها.

حكيم الزمان عبدالمنعم الجلياني هو حكيم الزمان أبو الفضل عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن حسان الغساني الأندلسي الجلياني. كان علامة زمانه في صناعة الطب والكحل وأعمالهما. أتى من الأندلس إلى الشام. وأقام بدمشق إلى حين وفاته، وكان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب يرى له ويحترمه، وصنف له كتباً وكان له منه الإحسان الكثير والإنعام الوافر.

أبو الفضل بن أبي الوقار هو الشيخ الأجل العالم أبو الفضل إسماعيل بن أبي الوقار، أصله من المعرة، بدمشق، وسافر إلى بغداد، وقرأ على أفاضل الأطباء من أهلها، واجتمع بجماعة من العلماء بها، وأخذ عنهم. ثم عاد إلى دمشق وكان متميزاً في صناعة الطب علمها وعملها. وكان خدمة السلطان الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي.

مهذب الدين بن النقاش هو الشيخ الإمام العالم أبو الحسن علي بن أبي عبد الله عيسى بن هبة الله النقاش،مولده ومنشؤه ببغداد. واشتغل بصناعة الطب على الأجل أمين الدولة هبة الله بن صاعد بن التلميذ. ولم يتخذ امرأة ولا خلف ولداً، وكانت وفاته رحمه الله بدمشق في يوم السبت عشر محرم سنة أربع رسبعين وخمسمائة ودفن بها في جبل قاسيون.

أبو زكريا يحيي البياسي هو أمين الدولة أبو زكريا يحيى بن إسماعيل الأندلسي البياسي من الفضلاء المشهورين والعلماء المذكورين، قد أتقن الصناعة الطبية،. وتميز في العلوم الرياضية. وصل من المغرب إلى ديار مصر، وأقام بالقاهرة مدة، ثم توجه إلى دمشق وقطن بها. وقرأ على مهذب الدين أبي الحسن علي بن عيسى بن هبة الله المعروف بابن النقاش البغدادي، ولازمه وكتب الستة عشر لجالينوس وقرأها عليه. وبقي مقيماً في دمشق إلى أن توفي رحمه الله.

سكرة الحلبي كان شيخاً قصيراً من يهود مدينة حلب. وكانت له دربة بالعلاج، وتصرف في المداواة.

عفيف بن سكرة هو عفيف بن عبد القاهر سكرة يهودي من أهل حلب، عارف بصناعة الطب، مشهور بأعمالها وجودة النظر فيها. له أولاد وأهل أكثرهم مشتغلون بصناعة الطب، ومقامهم بمدينة حلب.

ولعفيف بن سكرة من الكتب: مقالة في القولنج ألَفها للملك الناصر صلاخ الدين يوسف بن أيوب، وذلك في سنة أربع وثمانين وخمسمائة.
ابن الصلاح هو الشيخ العالم نجم الدين أبو الفتوح أحمد بن محمد بن السري، وكان يعرف بابن الصلاح متميز في علم صناعة الطب، وكان أعجمياً أصله من همدان، وقطن ببغداد واستدعاه حسام الدين تمرتاش بن الغازي بن أرتق إليه وأكرمه غاية الإكرام. وبقي في صحبته مدة. ثم توجه ابن الصلاح إلى دمشق. ولم يزل بها إلى أن توفي، وكانت وفاته رحمه الله بدمشق ليلة الأحد سنة نيف وأربعين وخمسمائة ودفن في مقابر الصوفية عند نهر بانياس بظاهر دمشق.

شهاب الدين السهروردي كان واحداً في العلوم الحكمية، جامعاً للفنون الفلسفية، بارعاً في الأصول الفلكية، مفرط الذكاء، جيد الفطرة، فصيح العبارة. لم يناظر أحداً إلا بزه، ولم يباحث محصلاً إلا أربى عليه. وكان علمه أكثر من عقله.

شمس الدين الخويي هو الصدر الإمام العالم الكامل قاضي القصاة شمس الدين، حجة الإسلام، سيد العلماء والحكام، أبو العباس أحمد بن الخليل بن سعادة بن جعفر بن عيسى من مدينة خوي كان أوحد زمانه في العلوم الحكمية، وعلامة وقته في الأمور الشرعية عارفاً بأصول الطب وغيره من أجزاء الحكمة.

رفيع الدين الجبلي هو القاضي الأجل، الإمام العالم، رفيع الدين أبو حامد عبد العزيز بن عبد الواحد بن اسماعيل بن عبد الهادي الجبلي، من أهل فيلمان شهر من الجيلان، وكاد من الأكابر المتميزين في العلوم الحكمية، وأصول الدين والفقه والعلم الطبيعي والطب. وكان مقيماَ بدمشق، وهو فقيه في المدرسة العذراوية داخل باب النصر. وله مجلس للمشتغلين عليه في أنواع العلوم والطب.

ولرفيع الدين الجبلي من الكتب: شرح الإشارات والتنبيهات. اختصار الكليات من كتاب القانون لابن سينا.

شمس الدين الخسروشاهي هو السيد الصدر الكبير، العالم شمس الدين عبد الحميد بن عيسى الخسروشاهي. وخسروشاه ضيعة قريبة من تبريز. إمام العلماء، سيد الحكماء، قدوة الأنام، شرف الإسلام. قد تميز في العلوم الحكمية، وحرر الأصول الطبية. وكان شيخة الإمام فخر الدين بن خطيب الري وهو من أجل تلامذته. ومن حيث وصل إلى الشام اتصل بخدمة السلطان الملك الناصر صلاح الدين داود بن الملك المعظم، وأقام عنده بالكرك، وهو عظيم المنزلة عنده وله منه الإحسان الكثير والإنعام الغزير. ثم توجه شمس الدين بعد ذلك إلى دمشق وأقام بها إلى أن توفي رحمه الله. وكانت وفاته في شهر شوال سنة اثنتين وخمسين وستمائة. ودفن بجبل قاسيون.

سيف الدين الآمدي هو الإمام الصدر العالم الكامل سيف الدين أبو الحسن علي بن أبي علي بن محمد بن سالم التغلبي الآمدي، أوحد الفضلاء، وسيد العلماء. كان أذكى أهل زمانه، وأكثرهم معرفة بالعلوم الحكمية، والمذاهب الشرعية، والمبادىء الطبية.

موفق الدين بن المطران هو الحكيم الإمام العالم الفاضل موفق الدين أبو نصر أسعد بن أبي الفتح الياس بن جرجس المطران. أمير أهل زمانه في علم صناعة الطب وعملها، وأكثرهم تحصيلاً لأصولها وجملها. جيد المداواة لطيف المداراة. وكان مولد موفق الدين بن المطران ومنشؤه بدمشق، وكان أبوه أيضاً طبيباً متقدماً جوالاً في البلاد لطلب الفضيلة. وسافر إلى بلاد الروم لإتقان الأصول التي يعتمد عليها في علم النصارى ومذاهبهم. ثم عدل بعد ذلك إلى العراق واجتمع بأمين الدولة بن التلميذ، واشتغل عليه بصناعة الطب ممد، وقرأ عليه كثيراً من الكتب الطبية، وصار موسوماً بالطب. ثم إنه عاد إلى دمشق وبقي طبيباً بها إلى حين وفاته.

أقول: وكان ابن المطران كثير المروءة كريم النفس، ويهب لتلامذته الكتب ويحسن إليهم وإذا جلس أحد منهم لمعالجة المرضى يخلع عليه. ولم يزل معتنياً بأمره، وكان أجل تلامذته شيخنا مهذب الدين بن عبد الرحيم بن علي رحمه الله. وكان كثير الملازمة له والاشتغال عليه وسافر معه مرات في غزوات صلاح الدين لما فتح الساحل.

ولموفق الدين بن المطران من الكتب: كتاب بستان الأطباء وروضة الألباء. كتاب الأدوية المفردة، لم يتم. كتاب آداب طب الملوك وغيرها.

مهذب الدين بن الحاجب كان طبيباً مشهوراً فاضلاً في الصناعة الطبية، متقناً للعلوم الرياضية، معتنياً بالأدب، متعيناً في علم النحو. موده بدمشق، ونشأ بها، واشتغل بصناعة الطب على مهذب الدين بن النقاش ولازمه مدة. وخدم الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بصناعة الطب، وبقي في خدمته إلى أن توفي صلاح الدين، ثم توجه إلى الملك المنصور صاحب حماة ابن تقي الدين، وأقام عندهم نحو سنتين، وتوفي بحماة بعلة الاستسقاء.

الشريف الكحال هو السيد برهان الدين أبو الفضل سليمان. أصليته من مصر، وانتقل إلى الشام. شريف الأعراق، وكان عالماً بصناعة الكحل، وخدم بصناعة الكحل السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، ولم يزل مستمراً في خدمته متقدماً في دولته إلى أن توفي رحمه الله.

أبو منصور النصراني كان طبيباً مشهوراً عالماً حسن المعالجة والمداواة وخدم بصناعة الطب الملك الناصر صلاح الدين بن أيوب وبقي سنين في خدمته.

أبو النجم النصراني هو أبو النجم بن أبي غالب بن فهد بن منصور بن وهب بن قيس بن مالك. كان طبيباً مشهوراً في زمانه، جيد المعرفة بصناعة الطب، محمود الطريقة فيها، مشكور المعالجة. وخدم أبو النجم بصناعة الطب الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب وحظي عنده. وله ولد طبيب وهو أمين الدولة أبو الفتح بن أبي النجم. وله من الكتب: كتاب الموجز في الطب، وهو يشتمل على علم وعمل.

أبو الفرج النصراني كان طبيباً فاضلاً عالماً بصناعة الطب، وخدم بصناعة الطب الملك صلاح الحين يوسف بن أيوب. وخدم أيضاً الملك الأفضل نور الدين علي بن صلاح الدين وكذلك أيضاً أولاد أبي الفرج اشتغلوا بصناعة الطب، وأقاموا بسميساط في خدمة أولاد الأفضل.

فخر الدين بن الساعاتي هو رضوان بن محمد بن علي بن رستم الخراساني الساعاتي. مولده ومنشؤه بدمشق. وكان أبوه محمد من خراسان وانتقل إلى الشام وأقام بدمشق إلى أن توفي. وكان أوحداً في معرفة الساعات وعلم النجوم. وهو الذي عمل الساعات عند باب الجامع بدمشق، صنعها في أيام الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي.

ولفخر الدين بن الساعاتي من الكتب: تكميل كتاب القولنج للرئيس ابن سيناء الحواشي على كتاب القانون لابن سينا. كتاب المختارات في الأشعار وغيرها.

شمس الدين بن اللبودي هو الحكيم الإمام العالم الكبير شمس الدين أبو عبد الله محمد بن عبدان بن عبد الواحد بن اللبودي. علامة وقته، وأفضل أهل زمانه فىٍ العلوم الحكمية وفي علم الطب. وخدم الملك الظاهر غياث الدين غازي بن الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، وبعد وفاته أتى إلى دمشق، وأقام بها يدرس صناعة الطب، ويطب في البيمارستان الكبير النوري إلى أن توفي رحمه الله. وكانت وفاته بدمشق في رابع ذي القعدة سنة إحدى وعشرين وستمائة، وله من العمر إحدى وخمسون سنة.

الصاحب نجم الدين بن اللبودي هو الحكيم السيد العالم الصاحب نجم الدين أبو زكريا يحيى بن الحكيم الإمام شمس الدين محمد بن عبدان بن عبدان بن عبد الواحد، أوحد في الصناعة الطبية،. مولده بحلب سنة سبع وستمائة. وقرأ على شيخنا الحكيم مهذب الدين عبد الرحيم بن علي، واشتغل عليه بصناعة الطب، وخدم الملك المنصور إبراهيم بن الملك المجاهد بن أسد الدين شيركوه بن شاذي صاحب حمص. ولما توفي الملك المنصور، رحمه الله، وذلك في سنة ثلاث وأربعين وستمائة وبعد كسره الخوارزمية، توجه الحكيم نجم الدين إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الملك الكامل، وهو بالديار المصرية فأكرمه غاية الإكرام، وجعله ناظراً على الديوان بالاسكندرية. ئم توجه إلى الشام وصار ناظراً على الديوان بجميع الأعمال الشامية.

وللصاحب نجم الدين بن اللبودي من الكتب: مختصر الكليات من كتاب القانون لابن سينا. مختصر كتاب المسائل لحنين بن إسحاق. مختصر كتاب الإشارات والتنبيهات لابن سينا. مختصر كتاب عيون الحكمة لابن سينا. مختصر كتاب الملخص لابن خطيب الري. تدقيق المباحث الطبية وغيرها.

زين الدين الحافظ هو الأمير زين الدين سليمان بن المؤيد علي بن خطيب عقرباء، اشتغل بصناعة الطب على شيخنا مهذب الدين عبد الرحيم بن علي رحمه الله فحصل علمها وعملها، وخدم بصناعة الطب الملك الحافظ نور الدين أرسلان شاه بن أبي بكَر بن أيوب، ولما ملك الناصر يوسف بن محمد دمشق وصل معه إلى دمشق، وصار مكيناً في دولته، وجيهاً في أيامه.

أبو الفضل بن عبد الكريم المهندس هو مؤيد الدين أبو الفضل محمد بن عبد الكريم بن عبد الرحمن الحارثي، مولده ومنشؤه بدمشق، وكان يعرف بالمهندس لجودة معرفته بالهندسة وشهرته بها قبل أن يتحلى بمعرفة صناعة الطب. وقرأ صناعة الطب على أبي المجد محمد بن أبي الحكم ولازمه حق الملازمة ونسخ بخطه كتباً كثيرة في العلوم الحكمية، وفي صناعة الطب.

ولأبي الفضل بن عبد الكريم المهندس من الكتب: رسالة في معرفة رمز التقويم.مقالة في رؤية الهلال. اختصار كتاب الأغاني الكبير لأبي الفرج الأصبهاني. كتاب في الحروب والسياسة. كتاب في الأدوية المفردة، على ترتيب حروف أبجد.

موفق الدين عبد العزيز

هو الشيخ الإمام العالم موفق الدين عبد العزيز بن عبد الجبار بن أبي محمد السلمي. كان كثير الخير محباً له مؤثراً للجميل، عزيز المروءة، وافر العربية، شديد الشفقة على المرضى. وكان له مجلس عام للمشتغلين عليه بالطب. وخدم بصناعة الطب في البيمارستان الكبير الذي أنشأه الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي. ثم خدم بعد ذلك الملك العادل أبا بكر بن أيوب، وبقى معه سنين، إلى أن توفي موفق الدين عبد العزيز رحمه الله بدمشق بعلة القولنج. وذلك في يوم الجمعة العشرين من ذي القعدة سنة أربع وستمائة، ودفن بجبل قاسيون وعمره نحو الستين سنة، ومولده في سنة خمسمائة ونيف وخمسين.

سعد الدين بن عبد العزيز هو الحكيم الأجل الإمام العالم سعد الدين أبو إسحاق إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الجبار بن أبي محمد السلمي. قد أشبه أباه في خَلقه وخُلقه ومعرفته وحذقه. مولده بدمشق في أوائل المحرم سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. وخدم بصناعة الطب في البيمارستان الكبير الذي أنشأه الملك العادل نور الدين بن زنكي.

وبعد ذلك خدم الملك الأشرف أبا الفتح موسى بن أبي بكر بن أيوب وأقام معه في بلاد الشرق. ولم يزل في خدمته إلى أن أتى الملك الأشرف إلى دمشق وتسلمها من ابن أخيه الملك الناصر داود بن الملك المعظم، ثم بعد ذلك لما ملك دمشق الملك الكامل محمد بن أبي بكر بن اْيوب في العشر الأولى من جمادى الأولى سنة خمس وثلاثين وستمائة أمر باستخدامه، وأن يقرر له جميع ما كان باسمه من أخيه الملك الأشرف، ولم يزل الحكيم سعد الدين مقيماً بدمشق، وله مجلس عام للمشتغلين عليه بصناعة الطب إلى أن توفي رحمه الله، في شهر جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وستمائة.

رضي الدين الرحبي هو الشيخ الحكيم الإمام العالم رضي الدين أبو الحجاج يوسف بن حيدرة بن الحسن الرحبي، من الأكابر في صناعة الطب، والمتعينين من أهلها، وكان والده من بلد الرحبة، وله أيضاً نظر في صناعة الطب، وكان مولد الشيخ رضي الدين بجزيرة ابن عمر. وكان وصوله مع أبيه إلى دمشق في سنة خمس وخمسين وخمسمائة.

واشتغل على مهذب الدين بن النقاش الطبيب ولازمه فنوه بذكره وقدمه، وتأدت به الحال إلى أن اجتمع بالملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب فحسن موقعه عنده، ثم عند أخيه الملك العادل أبي بكر بن أيوب وبعده عند الملك المعظم عيسى ابن الملك العادل.

واشتغل عليه بصناعة الطب خلق كثير ونبغ منهم جماعة عدة. وكان يرى أنه لا يقرىء أحداَ من أهل الذمة أصلاً صناعة الطب، ولا لمن لا يجده أهلاً لها، ووفاته رحمه الله بكرة يوم الأحد العاشر من المحرم سنة إحدى وثلاثين وستمائة بدمشق، ودفن بجبل قاسيون. فعاش نحو المائة سنة.

ولرضي الدين الرحبي من الكتب بتهذيب شرح ابن الطيب لكتاب الفصول لأبقراط. إختصار كتاب المسائل لحنين، كان قد شرع في ذلك ولم يكمله.

شرف الدين بن الرحبي هو الحكيم الإمام العالم الفاضل علامة عصره وفريد دهره، شرف الدين أبو الحسن علي بن يوسف بن حيدرة بن الحسن الرحبي. كان مولده بدمشق في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، وكان قد سلك حذو أبيه، واقتفى ما كان يقتفيه. وهو أشبه به خلقاً وخلقاً وطرائق. وله تدقيق في الصناعة الطبية وتدقيق لمباحثها الكلية والجزئية. واشتغل بصناعة الطب على أبيه، وقرأ أيضاً على الشيخ موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي.

جمال الدين بن الرحبي هو الحكيم الأجل العالم الفاضل جمال الدين عثمان بن يوسف بن حيدرة الرحبي. مولده ومنشؤه بدمشق من أكابر الفضلاء وسادة العلماء، أوحد زمانه وفريد أوانه. إشتغل بصناعة الطب على والده وعلى غيره، وخدم في البيمارستان الكبير، وبقي به سنين. ولما وصلت التتر إلى الشام وذلك في سنة سبع وخمسين وستمائة توجه الحكيم جمال الدين بن الرحبي إلى مصر، وأقام فيها ثم مرض وتوفي بالقاهرة، وذلك في العشرين من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وخمسين وستمائة.

كمال الدين الحمصي

هو أبو منصور المظفر بن علي بن ناصر القرشي من الفضلاء المشهورين، والعلماء المذكورين. وكان كثير الخير، وافر المروءة، كريم النفس محباً لاصطناع المعروف. واشتغل بصناعة الطب على الشيخ رضي الدين الرحبي، وعلى غيره، وبقي سنين يتردد إلى البيمارستان الكبير الذي أنشأه الملك العادل نور الدين بن زنكي، ويعالج المرضى فيه احتساباً. وكانت وفاته في يوم الثلاثاء تاسع شهر شعبان سنة اثنتي عشرة وستمائة.

ولكمال الدين الحمصي من الكتب: مقالة في الباه. شرح بعض كتاب العلل والأعراض لجالينوس. الرسالة الكاملة في الأدوية المسهلة. إختصار كتاب الحاوي للرازي لم يتم. مقالة في الاستسقاء. تعاليق على الكليات من كتاب القانون. تعاليق في الطب. تعاليق في البول. إختصار كتاب المسائل لحنين بن إسحاق وقد أجاد فيه.

موفق الدين عبداللطيف البغدادي هو الشيخ الإمام الفاضل موفق الدين أبو محمد عبداللطيف بن يوسف بن محمد بن علي بن أبي سعد ويعرف بابن اللباد. موصلي الأصل بغدادي المولد. وكان قد اعتنى كثيراً بصناعة الطب لما كان بدمشق واشتهر بعلمها.

ثم إن الشيخ موفق الدين أقام بالقاهرة بعد ذلك مدة، وله الرتب والجرايات من أولاد الملك الناصر صلاح الدين، وأتى إلى مصر ذلك الغلاء العظيم والموتان الذي لم يشاهد مثله. وألف الشيخ موفق الدين في ذلك كتاباً ذكر فيه أشياء شاهدها أو سمعها ممن عاينها تذهل العقل، وسمى ذلك الكتاب أكتاب الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر،. وأقام بدمشق مدة وانتفع الناس به. ثم إنه سافر إلى حلب، وأقام الشيخ موفق الدين بحلب والناس يشتغلون عليه، وكثرت تصانيفه. وكان له من شهاب الدين طغريل الخادم أتابك حلب جار حسن، وهو متنحل لتدريس صناعة الطب وغيرها، ويتردد إلى الجامع بحلب ليسمع الحديث ويقرىء العريية. وله كتب كثيرة ومجاميع وتعاليق ومصنفات في شتى أنواع العلوم.

أبو الحجاج يوسف الإسرائيلي مغربي الأصل من مدينة فاس، وأتى إلى الديار المصرية، واشتغل في مصر بالطب على الرئيس موسى بن ميمون القرطبي. وسافر بعد ذلك إلى الشام، وأقام بمدينة حلب وخدم الملك الظاهر غازي بن الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب.
عمران الإسرائيلي هو الحكيم عمران بن صدقة. مولده بدمشق فى سنة إحدى وستين وخمسمائة. وكان أبوه أيضاً طبيباً مشهوراً. واشتغل عمران على الشيخْ رضي الدين الرحبي بصناعة الطب، ولم يخدم أحداً من الملوك في الصحبة، ولا تقيد معهم في سفر، وتوفي الحكيم عمران في مدينة حمص في شهر جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين ومستمائة، وقد استدعاه صاحبها لمداواته.

موفق الدين يعقوب بن سقلاب نصراني، كان أعلم أهل زمانه بكتب جالينوس ومعرفتها والتدقيق لمعانيها، والدراية لها. وكان من كثرة اجتهاده في صناعة الطب وشدة حرصه ومواظبته على القراءة والمطالعة لكتب جالينوس، وجودة فطرته وقوة ذكائه، أن جمهور كتب جالينوس وأقواله فيها كانت مستحضرة له في خاطره.

وكان شديد البحث واستقراء الأعراض بحيث أنه كان إذا افتقد مريضاً لا يزال يستقصي منه عرضاً عرضاً، وما يشكوه مما يجده، من مرضه حالاً حالاً إلى أن لا يترك عرضاً يستدل به على تدقيق المرض إلا ويعتبره، فكانت أبداً معالجاته لا مزيد عليها في الجودة. ولما خدم الملك المعظم عيسى بن أبي بكر بن أيوب، وصار معه في الصحبة كان حسن الاعتقاد فيه، حتى إنه كان يعتمد عليه في كثير من الآراء الطبية، ثم توفي بدمشق في عيد الفصح للنصارى، وذلك في شهر ربيع الآخر سنْة خمس وعشرين وستمائة.

سديد الدين أبو منصور هو أبو منصور ابن الحكيم موفق الدين يعقوب بن سقلاب، من أفاضل الأطباء وأعيان العلماء، متميز في علم صناعة الطب وعملها، اشتغل على والده وعلى غيره بصناعة الطب، وخدم الحكيم سديد الدين أبو منصور الملك الناصر صلاح الدين داود ابن الملك المعظم عيسى بن أبي بكر بن أيوب. وأقام في صحبته بالكرك. ثم أتى أبو منصور إلى دمشق وتوفي بها.

رشيد الدين ابن الصوري هو أبو المنصور بن أبي الفضل بن علي الصوري، قد اشتمل على جمل الصناعة الطبية، واطلع على محاسنها الجلية والخفية. وكان أوحداً في معرفة الأدوية المفردة وماهياتها واختلاف أسمائها وصفاتها، وتدقيق خواصها وتأثيراتها، ومولده في سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة بمدينة صور ونشأ بها. ثم انتقل عنها واشتغل بصناعة الطب على الشيخ موفق الدين عبد العزيز، وقرأ أيضاً على الشيخ موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي. وتميز في صناعة الطب، وأقام بالقدس سنتين. وكان يطب في البيمارستان الذي كان فيه. وتوفي رشيد الدين بن الصوري رحمه الله يومالأحد أول شهر رجب سنة تسع وثلاثين وستمائة بدمشق.

ولرشيد الدين الصوري من الكتب: كتاب الأدوية المفردة. الرد على كتاب التاج للغاوي في الأدوية المفردة.

سديد الدين بن رقيقة هو أبو الثناء محمود بن عمر بن محمد بن إبراهيم بن شجاع الشيباني الحانوي ويعرف بابن رقيقة. وقد جمع من صناعة الطب ما تفرق من أقوال المتقدمين، وتميز على سائر نظرائه وأضرابه من الحكماء والمتطببين.

وأخبرني سديد الدين بن رقيقة أن مولده في سنة أربع وستين وخمسمائة بمدينة حيني ونشأ بها.

ولسديد الدين بن رقيقة من الكتب؛ كتاب لطف السائل وتحف المسائل، نظم فيه مسائل حنين. كليات القانون لابن سينا رجزاً. كتاب موضحة الاشتباه في أدوية الباه. كتاب الفريدة الشاهية، والقصيدة الباهية. كتاب قانون الحكماء وفردوس الندماء. كتاب الغرض المطلوب في تدبير المأكول والمشروب. مقالة مسائل وأجوبتها في الحميات. أرجوزة في الفصد.

صدقة السامري هو صدقة بن منجا بن صدقة السامري، من الأكابر في صناعة الطب، والمتميزين من أهلها، وخدم الملك الأشرف موسى ابن الملك العادل أبي بكر بن أيوب، وبقي معه سنين كثيرة في الشرق إلى أن توفي في الخدمة.

ولصدقة السامري من الكتب: تعاليق في الطب ذكر فيها الأمراض وعلاماتها. شرح كتاب الفصول لأبقراط لم يتم. مقالة في أسامي الأدوية المفردة.

مهذب الدين يوسف بن أبي سعيد هو الشيخ الإمام العالم الصاحب الوزير مهذب الدين يوسف بن أبي سعيد بن خلف السامري. قد أتقن الصناعة الطبية، وتميز في العلوم الحكمية، واشتغل بعلم الأدب، وبلغ في الفضائل أعلى الرتب. وقرأ صناعة الطب على الحكيم إبراهيم السامري المعروف بشمس الحكماء. وقرأ أيضا على الشيخ اسماعيل بن أبي الوقار الطبيب. وقرأ على مهذب الدين بن النقاش. وتميز في صناعة الطب، واشتهر بحسن العلاج والمداواة.

الصاحب أمين الدولة هو الصاحب الوزير العالم العامل، الرئيس الكامل، أفضل الوزراء، سيد الحكماء، إمام العلماء، أمين الدولة أبو الحسن بن غزال بن أبي سعيد. كان سامرياً وأسلم، ولقب بكمال الدين. وكان مهذب الدين السامري عمه. كان أولاً عند الملك الأمجد مجد الدين بهرام شاه بن عز الدين فرخشاه بن أيوب، معتمداً عليه في الصناعة الطبية وأعمالها.

وبعد ذلك استقل بالوزارة للملك الصالح عماد الدين أبي الفداء اسماعيل بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب.

وللصاحب أمين الدولة من الكتب: كتاب النهج الواضح في الطب.

مهذب الدين عبد الرحيم بن علي هو شيخنا الإمام الصدر الكبير، العالم الفاضل مهذب الدين أبو محمد عبد الرحيم بن علي بن حامد ويعرف بالدخوار. وكان أبوه علي بن حامد كحالاً مشهوراً، وكذلك كان أخوه وهو حامد بن علي كحالاً. وكان الحكيم مهذب الدين أيضاً في مبدأ أمره يكحل، وهو مع ذلك مواظب على الاشتغال والنسخ. ثم بعد ذلك لازم موفق الدين بن المطران وتتلمذ له، واشتغل عليه بصناعة الطب. واشتغل بعد ذلك أيضاً على فخر الدين المارديني وخدم الحكيم مهذب الدين الملك العادل أبا بكر بن أيوب بصناعة الطب.

ولما أقام الشيخ مهذب الدين بدمشق شرع في تدريس صناعة الطب، واجتمع إليه خلق كثير من أعيان الأطباء وغيرهم يقرأون عليه، وأقمت أنا بدمشق لأجل القراءة عليه. ولمهذب الدين عبد الرحيم بن علي من الكتب: إختصار كتاب الحاوي في الطب للرازي. مقالة في الإستفراغ. كتاب الجنينة في الطب. تعاليق ومسائل في الطب وشكوك طبية. كتاب الرد على شرح ابن صادق لمسائل حنين.

عمي رشيد الدين علي بن خليفة هو أبو الحسن علي بن خليفة بن يونس بن أبي القاسم بن خليفة، من الخزرج من ولد سعد بن عبادة. مولده بحلب في سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وكان مولد أبي قبله في سنة خمس وسبعين وخمسمائة بالقاهرة المعزية، ونشأ أيضاً بالقاهرة واشتغلا بها.

وأول اشتغال عمي بالعلم أنه كان عند تقي المعلم، وهو أبو التقي صالح بن أحمد إبراهيم بن الحسن بن سليمان العرشي المقدسي.
ثم باحث الأطباء ولازم مشاهدة المرضى بالبيمارستان، ومعرفة أمراضهم، وما يصف الأطباء لهم، وكان فيه جماعة من أعيان الأطباء. ثم قرأ في أثناء ذلك علم صناعة الكحل، وباشر أعمالها عند القاضي نفيس الدين الزبير، وكان المتولي للكحل في ذلك الوقت في البيمارستان. وكذلك أيضاً باشر معه في البيمارستان أعمال الجراح.

واشتغل أيضاً بالحكمة في ذلك الوقت على موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي، لأنه كان أيضاً قد عاد إلى الشام. ولما كان في يوم الجمعة خامس عشر شهر رمضان سنة خمس وستمائة، استدعاه السلطان الملك المعظم عيسى ابن الملك العادل أبي بكر بن أيوب وسمع كلامه، وحسن موقعه عنده وأنعم عليه، وأمر أن ينتظم في خدمته فاتفقت تعاويق من حركات السلطان.

وبعد ذلك بأيام سمع به صاحب بعلبك، وهو الملك الأمجد مجد الدين بهرام شاه بن عز الدين فرخشاه بن شاهان شاه بن أيوب فبعث إليه يستدعيه ويستدعي جدي لأنه كان يعرفه من عهد أبيه. فلما وصلا إليه تلقاهما وأحسن إليهما غاية الإحسان، وأطلق لهما الجامكية. والجراية والرتب. وكان له تردد إلى الدور السلطانية بالقلعة بدمشق وداوى بها جماعة كانت في أعينهم أمراض صعبة فصلحوا في أسرع وقت.

وعرف بذلك أيضاً الملك العادل وقال: مثل هذا يجب أن يكون معي في السفر والحضر، وطلبه للخدمة فسأل أن يعفى، وألق يكون مقيماً بدمشق فلم يجبه إلى ذلك، وأطلق له جامكية وجراية، ولما أقام بدمشق وجعل له مجلساً عاماً لتدريس صناعة الطب، واشتغل عليه جماعة، وكلهم تميزوا في الطب بدر الين ابن قاضي بعلبك هو الحكيم الأجل العالم الكامل بدر الدين المظفر ابن القاضي الإمام العالم مجد الدين عبد الرحمن بن إبراهيم. كان والده قاضياً ببعلبك، ونشأ هو بدمشق، واشتغل بها في صناعة الطب. قرأ صناعة الطب على شيخنا الحكيم مهذب الدين عبد الرحيم بن علي رحمه الله، خدم الشيخ مهذب الدين الأشرف موسى ابن الملك العادل، ثم خدم الحكيم بدر الدين بالرقة في البيمارستان الذي بها، وصنف مقالة حسنة في مزاج الرقة وأحوال أهويتها، وما يغلب عليها. وأقام بها سنين، واشتغل بها في الحكمة على زين الدين الأعمى رحمه الله. ثم أتى بدر الدين إلى دمشق. وخدم أيضاً الملك الصالح نجم الدين أيوب ابن الملك الكامل، لمداواة الأدر السعيدة بقلعة دمشق، ومن يلوذ بها والتردد إلى البيمارستان ومعالجة المرضى فيه. وكتب له منشوراً برئاسته أيضاً على جميع الأطباء، وذلك في سنة خمس وأربعين وستمائة.

شمس الدين محمد الكلي هو الحكيم الأجل الأوحد العالم أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن أبي المحاسن.

كان والده أندلسياً من أهل المغرب، وأتى إلى دمشق وأقام بها إلى أن توفي رحمه الله. ونشأ الحكيم شمس الدين محمد بدمشق، وقرأ صناعة الطب على شيخنا الحكيم مهذب الدين عبد الرحيم بن علي رحمه الله، وخدم بصناعة الطب الملك الأشرف موسى ابن الملك العادل بدمشق، ثم خدم بعد ذلك في البيمارستان الكبير الذي أنشأه الملك العادل نور الدين بن زنكي رحمه الله، وبقي مدة وهو يتردد إليه ويعالج المرضى فيه.

موفق الدين عبد السلام أصله من بلد حماة وأقام بدمشق واشتغل على شيخنا الحكيم مهذب الدين عبد الرحيم بن علي وعلى غيره. وتميز في صناعة الطب. ثم سافر إلى حلب وتزيد في العلم، وخدم الملك الناصر يوسف بن محمد بن غازي صاحب حلب، وأقام عنده، ولم يزل في خدمته إلى أن تملك الملك الناصر يوسف بن محمد لدمشق فأتى في صحبته، وكان معتمداً عليه، كثير الإحسان إليه.

موفق الدين المنفاخ هو الحكيم العالم الأوحد أبو الفضل أسعد بن حلوان، أصله من المزة، واشتغل بصناعة الطب وتمهر فيها وتميز في أعمالها. وخدم الملك الأشرف موسى بن أبي بكر بن أيوب في الشرق وبقي في خدمته سنين وانفصل عنه. وكانت وفاته في حماة سنة اثنتين وأربعين وستمائة.

نجم الدين بن المنفاخ هو الحكيم الأجل العالم الفاضل أبو العباس أحمد بن أبي الفضل أسعد بن حلوان، ويعرف بابن العالمة لأن أمه كانت عالمة دمشق، وتعرف ببنت دهين اللوز. ونجم الدين مولده بدمشق في سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة. واشتغل على شيخنا الحكيم مهذب الدين عبد الرحيم بن علي بصناعة الطب حتى أتقنها. وكان متميزاً في العلوم الحكمية، قوياً في علم المنطق، مليح التصنيف، جيد التأليف.

ولنجم الدين بن المنفاخ من الكتب: كتاب التدقيق في الجمع والتفريق، ذكر فيه الأمراض وما تتشابه فيه، والتفرقة بين كل واحد منها وبين الآخر مما تشابه في أكثر الأمر. كتاب المهملات في كتاب الكليات. كتاب المدخل إلى الطب. كتاب العلل والأعراض. كتاب الإشارات المرشدة في الأدوية المفردة.

عز الدين بن السويدي هو الحكيم الأجل الأوحد العالم أبو إسحاق إبراهيم بن محمد، من ولد سعد بن معاذ من الأوس مولده في سنة ستمائة بدمشق، ونشأ بها وهو علامة أوانه، وأوحد زمانه. وكان أبوه رحمه الله تاجراً من السويداء بحوران، والحكيم عز الدين من أجل الأطباء قدراً، وأفضلهم ذكراً. ولم يزل طبيباً في البيمارستان النوري يحصل به للمرضى نهاية الأعراض في إزالة الأمراض، وأفضل المنحة في اجتلاب الصحة.

وخدم أيضاً في البيمارستان بباب البريد، وتردد إلى قلعة دمشق، وكان مدرس الدخوارية. وكتب عز الدين بخطه كتباً كثيرة جداً في الطب وغيره.

ولعز الدين بن السويدي من الكتب: كتاب الباهر في الجواهر. كتاب التذكرة الهادية والذخيرة الكافية في الطب.

عماد الدين الدنيسري هو الحكيم العالم الأديب الأريب عماد الدين أبو عبد الله محمد بن القاضي الخطيب تقي الدين عباس بن أحمد بن عبيد الربعي، مولده بمدينة دنيسر في سنة خمس وستمائة. ونشأ بها واشتغل بصناعة الطب اشتغالاً برع به فيها. كان بدمشق في شهر ذي القعدة سنة سبع وستين وستمائة. ثم خدم في البيمارستان الكبير النوري بدمشق.

موفق الدين يعقوب السامري هو الحكيم الأجل الأوحد العالم رئيس زمانه وعلامة أوانه، أبو يوسف يعقوب بن غنائم. مولده ومنشأه بدمشق. بارع في الصناعة الطبية، جامع للعلوم الحكمية. قد أتقن صناعة الطب علماً وعملاً، واشتغل عليه جماعة من المتطببين، وانتفع به كثير من المتطلبين.

ولموفق الدين يعقوب السامري من الكتب: شرحالكليات من كتاب القانون لابن سينا. كتاب المدخل إلى علم المنطق والطبيعي والإلهي.
توفي في شهر رمضان سنة إحدى وثمانين وستمائة.

أبو الفرج بن القف هو الحكيم الأجل العالم أمين الدولة أبو الفرج ابن الشيخ الأوحد العالم موفق الدين بن إسحاق بن القف من نصارى الكرك. مولده بالكرك في يوم السبت ثالث عشر في القعدة سنة ثلاثين وستمائة. وقرأ علي بعد ذلك في العلاج من كتب أبي بكر محمد بن زكريا الرازي، ثم انتقل أبوه إلى دمشق المحروسة، وخدم بها في الديوان السامي، وسار ولده معه ولازم جماعة من الفضلاء. وقرأ في صناعة الطب على الحكيم نجم الدين بن المنفاخ، وعلى موفق الدين يعقوب السامري. وخدم أبو الفرج بن القف بصناعة الطب في قلعة عجلون وأقام بها عدة سنين. ثم عاد إلى دمشق وخدم في قلعتها المحروسة لمعالجة المرضى، وله من الكتب كتاب الشافي في الطب. شرح الكليات من كتاب القانون لابن سينا. شرح الفصول، مقالة في حفظ الصحة. كتاب العمل في صناعة الجراح عشرين مقالة علم وعمل يذكر فيه جميع ما يحتاج إليه الجرائحي بحيث لا يحتاج إلى غره. كتاب جامع الغرض توفي في جمادى الأولى سنة خمس وثمانين وستمائة والله أعلم.