مبتدأ الخلق

قال أبو محمد رحمه الله: قرأت في أول سفر من أسفار التوراة أن أول ما خلق الله تعالى من خليقته السماء والأرض، وكانت الأرض خربة خاوية وكانت الظلمة على الغمرة وكانت ريح الله تبارك وتعالى ترف على وجه الماء.

فقال الله عز وجل ليكن النور، فكان نوراً فرآه الله حسناً فميزه من الظلمة وسماه نهاراً وسمى الظلمة ليلاً فكان مساء وكان إصباح يوم الأحد.

وقال الله تعالى ليكن سقف وسط الماء فليحل بين الماء والماء فكان سقفه، وميز بين الماء الذي هو أسفل وبين الماء الذي هو أعلى فسمى الله السقف سماء، وكان مساء وكان إصباح يوم الاثنين.

قال أو محمد: حدثني أبو الخطاب، قال: حدثنا مالك بن سعيد، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح في قول الله عز وجل: "والبحر المسجور" الطور6 " قال: كان علي رضي الله عنه يقول: هو بحر تحت العرش وهذا شبيه بما ذكر في التوراة من أن السماء بين ماءين.

وعاد الخبر إلى التوراة: وقال الله عز وجل: ليجتمع الماء كله الذي تحت السماء إلى مكان واحد فليرَ اليبس، وكان كذلك فدعا الله عز وجل اليبس أرضاً، وسمى ما اجتمع من المياه البحور.

ثم قال الله تبارك وتعالى لتخرج الأرض زهرة العشب والشجر ذا الحمل كلاً لسوسه، فأخرجت الأرض ذلك فرآه الله حسناً، وكان مساء وكان إصباح يوم الثلاثاء.

وقال الله ليكن نوران في سقف السماء ليميزا بين الليل والنهار وليكونا آيات للأيام والسنين، فكان نوران الأكبر لسلطان النهار والأصغر والنجوم لسلطان الليل، فرآه الله حسناً وكان مساء وكان إصباح يوم الأربعاء.

وقال الله: ليحرك الماء كل نفس حية وليطر الطير على وجه الأرض في جو السقف، وخلق الله تنانين عظاماً، وحرك الماء كل نفس حية لجنسها وكل طائر لجنسه، فرأى الله ذلك حسناً فبركهن وقال: أثمروا وأكثروا، وكان مساء وكان إصباح يوم الخميس.

ثم قال الله تعالى: نخلق بشراً بصورتنا فخلق آدم من أدمة الأرض ونفخ في وجهه نسمة الحياة وقال: إن آدم لا يصلح أن يكون وحده ولكن أصنع له عيناً مثله، فألقى عليه السبات، فأخذ إحدى أضلاعه فلامها وسمي الضلع الذي أخذ امرأة لأنها من المرء أخذت، فقربها إلى آدم فقال آدم: عظم من عظامي ولحم من لحمي. ومن أجل ذلك يترك الرجل أباه وأمه ويتبع امرأته، ويكونان كلاهما جسماً واحداً وبركهما الله وقال: أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض وتسلطوا على أنوان البحور وطير السماء والأنعام والدواب وعشب الأرض وشجرها وثمرها ورأى كل ما خلق فإذا هو حسن جداً، وكان مساء وكان إصباح يوم السادس. فكمل كل أعمال الله التي عمل ثم استراح في اليوم السابع من خليقته فبركه وطهره. ونصب ربنا الفردوس في عدن، وبها نهر يسقي الفردوس فانقسم على أربعة رؤوس: فجيحون وهو محيط بأرض خويلا كلها، وثم يكون أجود الذهب وحجارة البللور والفيروزج. واسم النهر الثاني: سيحون وهو محيط بأرض كوش والحبش. واسم النهر الثالث: دجلة وهو الذي يذهب قبل أثور. والنهر الرابع: الفرات. ونصف شجرة الحياة وسط الفردوس وشجرة علم الخير والشر. وقال لآدم كل ما شئت من شجر الفردوس، ولا تأكل من شجرة علم الخير والشر، فإنك يوم تأكل منها تموت.

وقال أبو محمد: يريد أنك تتحول إلى حال من يموت، وكانت الحية أمكر دواب البر، فقالت للمرأة إنكما لا تموتان إن أكلتما منها ولكن أعينكما تنفتح وتكونان كالآلهة، تعلمان الخير والشر.

فأخذت المرأة من ثمرها فأكلت وأطعمت بعلها فانفتحت أبصارهما وعلما أنهما عريانان فوصلا من ورق التين واصطنعاه أزراً، ثم سمعا صوت الله في الجنة حين بورك النهار فاختبأ آدم وامرأته في شجر الجنة فدعاهما. فقال آدم: سمعت صوتك في الفردوس، ورأيتني عرياناً فاختبأت منك. فقال: ومن أراك أنك عريان؟ ها! لقد أكلت من الشجرة التي نهيتك عنها، فقالت: إن المرأة أطعمتني. وقالت المرأة: إن الحية أطعمتني! قال الله تعالى للحية: من أجل فعلك هذا فأنت ملعونة وعلى بطنك تمشين، وتأكلين التراب وسأغري بينك وبين المرأة وولدها فيكون يطأ رأسك، وتكونين أنت تلدغينه بعقبه.

وقال للمرأة: وأنت فأكثر أوجاعك وأحبالك وتلدين الأولاد بالألم، وتردين إلى بعلك فيكون مسلطاً عليك.

وقال لآدم ملعونة الأرض من أجلك وتنبت الحاج والشوك، وتأكل منها بالشقاء ورشح وجهك حتى تعود إلى التراب من أجل إنك تراب. وسمى الله امرأته حواء لأنها أم كل حي، وألبسها وإياه سرابيل من جلود، وقال إن آدم قد علم الخير والشر فلعله يقدم يده ويأخذ من شجرة الحياة فيأكل منها فيعيش الدهر، فأخرجه من مشرق جنة عدن إلى الأرض التي منها أخذ فهذا ما في التوراة!.

وأما وهب بن منبه: فذكر أن الجن كانت سكان الأرض قبل آدم فكفرت طائفة منهم فسفكوا الدماء، فأمر الله جنداً من الملائكة من أهل سماء الدنيا، منهم إبليس وكان رئيسهم فهبطوا إلى الأرض فاجلوا عنها الجان واستشهد على ذلك: بقول الله عز وجل: "والجان خلقناه من قبل من نار السموم" الحجر:27 أي من قبل أن نخلق آدم فألحقوهم بأطراف التخوم وجزائر البحر، وسكن إبليس والجند الذي معه عمران الأرض وأريافها.

وكان اسم إبليس عزازيل، ثم ذكر خلق الله آدم وقال: ثم كساه لباساً من ظفر يزداد جلده في كل يوم حسناً، فلما أكلا من الشجرة انكشط عنهما اللباس، وكان له مثل شعاع الشمس حتى صار في أطراف أصابعهما من أيديهما وأرجلهما.

قال وخلقه يوم الجمعة ومكنه في الجنة ستة أيام.

وكان أول شيء أكلا في الجنة العنب وكانت الشجرة التي نهيا عنها شجرة البر.

وكان الله أخدم آدم الحية في الجنة، وكانت أحسن خلق الله، لها قوائم كقوائم البعير، فعرض إبليس نفسه على دواب الأرض كلها أنها تدخله الجنة فكلها أبى ذلك عليه إلا الحية فإنها حملته بين نابين من أنيابها ثم أدخلته الجنة.

قال: ولما تاب الله على آدم أمره أن يسير إلى مكة فطوى له الأرض وقبض عنه المفاوز فلم يضع قدمه إلى شيء من الأرض إلا صار عمراناً حتى انتهى إلى مكة، وكان مهبطه حين أهبط من جنة عدن في شرقي أرض الهند وأهبط الله حواء بجدة والحية بالبرية وإبليس على ساحل بحر الإبلة.

وقال ابن إسحاق: يذكر أهل العلم أن مهبط آدم وحواء على جبل يقال له واسم، من أرض الهند وهو جبل بين قرى الهند واليوم به الدهنج والمندل.

قال أبو محمد: والعرب تنسب الطيب واليلنجوج إلى المندل. قال الشاعر يذكر امرأة:

إذا برزت نادى بها في ثيابها

 

ذكي الشذا والمندلي المطير

والمندلي العود والمطير المشقق. قال: وكان آدم صلى الله عليه وسلم أمرد وإنما نبتت اللحا لولده بعده، وكان طويلاً كثير الشعر جعداً. آدم أجمل البرية، ولما هبط إلى الأرض حرث وغزلت حواء الشعر وحاكته بيدها.

وقال أبو محمد: وقرأت في التوراة أن آدم عليه السلام جامع امرأته حواء فولدت له قابيل فقالت: استفدت لله رجلاً ثم ولدت هابيل أخاه فكان قابيل حراثاً وكان هابيل راعي غنم، فقربا قرباناً فتقبل من هابيل ولم يتقبل من قابيل فقتل أخاه هابيل. وقال وهب: إن آدم كان يولد له من كل بطن ذكر وأنثى وكان الرجل منهم يتزوج أي أخواته شاء إلا توأمته فأبى قابيل أن يزوج أخته التي هي توأمته هابيل فقال أنا أحق بها، فغضب آدم عليه السلام وقال اذهبا فتحاكما إلى الله تعالى بالقربان فأيكما قبل قربانه فهو أحق بها، فقربا القربان بمنى فمن ثم صار مذبح الناس إلى اليوم فنزلت نار فقبلت قربان هابيل فقتل قابيل هابيل ورضخ رأسه بحجر، واحتمل أخته حتى أتى وادياً من أودية اليمن في شرقي عدن فكمن فيه، فبلغ آدم ما صنع فوجد هابيل قتيلاً، وقد نشفت الأرض دمه فلعن الأرض فمن أجل لعنة آدم لا تنشف الأرض دماً وأنبتت الشوك.

قال أبو محمد: وفي التوراة أن آدم طاف على امرأته حواء فولدت له غلاماً سماء شيئاً من أجل أنه خلف من عند الله مكان هابيل، وولد لآدم أربعون ولداً في عشرين بطناً، وأنزل عليه تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وحروف المعجم في إحدى وعشرين ورقة، وهو أول كتاب كان في الدنيا حد الله عليه الألسنة كلها.

قال أبو محمد: حدثني زيد بن أخزم قال: حدثني يحيى بن كثير قال: حدثنا عثمان بن سعد الكاتب عن الحسن عن عتي عن أبي أن آدم لما احتضر اشتهى قطفاً من قطف الجنة، فانطلق بنوه ليطلبوه له فلقيتهم الملائكة، فقالوا أين تريدون يا بني آدم؟ قالوا: إن أبانا اشتهى قطفاً من قطف الجنة. فقالوا: ارجعوا فقد كفيتموه، فانتهوا إليه فقبضوا روحه وغسلوه وحنطوه وكفنوه وصلى عليه جبريل والملائكة صلى الله وسلم عليهم خلفه وبنوه خلف الملائكة، ودفنوه وقالوا هذه سنتكم في موتاكم يا بني آدم.

قال وهب: وحفر له في موضع من أبي قبيس يقال له غار الكنز، فلم يزل آدم في ذلك الغار حتى كان زمان الغرق فاستخرجه نوح وجعله في تابوت معه في السفينة، فلما نصب الماء وبدت الأرض لأهل السفينة رده نوح إلى مكانه.

قال أبو محمد: ووجدت في التوراة أن جميع ما عاش آدم تسعمائة سنة وثلاثون سنة. قال وهب: وعاش آدم ألف سنة.

شيث بن آدم

صلى الله وسلم عليهما:

قال وهب: كان شيث بن آدم أجل ولد آدم وأفضلهم وأشبههم بآدم وأحبهم إليه، وكان وصي أبيه وولي عهده، وهو الذي ولد البشر كلهم، إليه انتهى أنساب الناس، وهو الذي بنى الكعبة بالطين والحجارة، وكانت هناك خيمة لآدم وضعها الله له من الجنة وأنزل الله على شيث بن آدم خمسين صحيفة، وعاش شيث تسعمائة سنة واثنتي عشرة سنة وولد لشيث أنوش وبنون وبنات، وولد لأنوش قينان وولد لقينان مهلائيل وولد لمهلائيل اليارد وولد لليارد أخنوخ وهو إدريس.

إدريس

صلى الله عليه وسلم قال وهب: إن إدريس النبي صلى الله عليه وسلم كان رجلاً طويلاً ضخم البطن عريض الصدر قليل شعر الجسد، كثير شعر الرأس وكانت إحدى أذنيه أعظم من الأخرى، وكانت في جسده نكتة بيضاء من غير برص، وكان دقيق الصوت دقيق المنطق قريب الخطى إذا مشى، وإنما سمي إدريس لكثرة ما كان يدرس في كتب الله تعالى وسنن الإسلام، وأنزل عليه ثلاثون صحيفة، وهو أول من خط بالقلم، وأول من خاط الثياب ولبسها، وكانوا من قبله يلبسون الجلود، واستجاب له ألف إنسان ممن كان يدعوه، فلما رفعه الله اختلفوا بعده وأحدثوا الأحداث إلى زمن نوح. وهو أبو جد نوح ورفع وهو ابن ثلاثمائة وخمس وستين سنة، وفي التوراة أن أخنوخ أحسن قدام الله تعالى فرفعه إليه. وولد لإدريس متوشالخ على ثلثمائة سنة من عمره، وولد لمتوشالخ لمك وولك لمك غلام فسماه نوح.

نوح

النبي صلى الله عليه وسلم:

قال وهب: كان نوح أول نبي نبأه الله بعد إدريس، وكان نجاراً إلى الأدمة ما هو دقيق الوجه في رأسه طول، عظيم العينين غليظ الفصوص دقيق الساقين كثير لحم الفخذين دقيق الساعدين، ضخم السرة طويل اللحية عريضها طويلاً جسيماً وكان في غضبه وانتهاره شدة، فبعثه الله إلى قومه وهو ابن خمسين سنة فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، ثلاثة قرون في قومه عايشهم وعمر فيهم فلا يجيبونه ولا يتبعه منه إلا قليل، كما قال الله عز وجل في التوراة! وأوحى الله إليه أن اصنع الفلك وليكن طولها ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسين ذراعاً وارتفاعها ثلاثين ذراعاً وليكن بابها في عرضها، وادخل الفلك أنت وامرأتك وبنوك ونساء بنيك ومن كل شيء من اللحم اثنين ذكوراً وإناثاً، فإني منزل المطر على الأرض أربعين يوماً وأربعين ليلة فأتلف كل شيء خلقته على الأرض، وأن تعمل تابوتاً تحمل جسد آدم فيه وتجعل التابوت من خشب الشمشار الساسم وتحمل معك زاد سنة.

ففعل نوح وأرسل الله تعالى ماء الطوفان على الأرض في سنة ستمائة من عمر نوح في سبعة عشر يوماً من الشهر الثاني ولبثت في الماء مائة وخمسين يوماً.

ثم أرسل الله ريحاً فغشيت الأرض فسكن الماء وانسدت ينابيع الغوط الأكبر وميازيب السماء، واستقرت في الشهر السادس على جبل قردى. وفي الشهر العاشر بانت رؤوس الجبال فلما كان في سنة ستمائة سنة وستة في أول يوم من الشهر الأول نضب الماء على الأرض، فكشف نوح غطاء الفكل فرأى وجه الأرض. وفي سبعة عشر يوماً من الشهر الثاني جفت الأرض. هذا ما في التوراة.

قال وهب: ذكر لنا أن السفينة استقلت في عشر خلون من رجب، وكانت في الماء مائة وخمسين يوماً، ثم استقرت على الجودى، وهو جبل بأرض الجزيرة شهراً، وخرج إلى الأرض في عشر خلون من المحرم.

وفي التوراة أن الله أمر نوحاً أن يخرج من الفلك ومن معه، فخرجوا وابتنى نوح مذبحاً لله وقدم قرباناً على المذبح، فأنشأ الله على القربان ريح الراحة وبرك نوحاً وبنيه وقال لهم: أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض ولتكن هيبتكم على دواب الأرض وكل طير السماء وأنوان البحور، ولكن لا تأكلوا لحماً فيه نفسه، ومن يهريق دم البشر ففي البشر يهراق دمه من أجل آدم صلى الله عليه وسلم خلق على صورة الله عز وجل.

وقال لنوح: إن آية ميثاقي الذي أواثقكم به أن لا أفسد في الأرض بالطوفان قوسي الذي جعلت في الغمام فإذا رأيتم ذلك فاذكروا ميثاقي.

وذكر وهب أن نوحاً دخل الفلك وولده الثلاثة سام وحام ويافث ونساؤهم وأربعون رجلاً وأربعون امرأة، ولما خرجوا بنوا قرية بقردى سموها ثمانين لأنه كان فيها ثمانون بيتاً، لكل إنسان ممن آمن معه بيت، فهي إلى اليوم تسمى سوق ثمانين، وقرب قرباناً وصام شهر رمضان وهو أول من صامه. قال: وإنما سمي الماء طوفاناً لأنه طفا فوق كل شيء. قال: وكان بين موت آدم إلى غرق الأرض ألفا سنة ومائتا سنة واثنتان وأربعون سنة.

وفي التوراة أن نوحاً عاش بعد الطوفان ثلاثمائة سنة وخمسين سنة، فكان عمر نوح تسعمائة سنة وخمسين سنة.

وقال وهب: كان عمره ألف سنة لأنه بعث إلى قومه وهو ابن خمسين سنة، ولبث يدعوهم إلى أن مات تسعمائة وخمسين سنة.

ولد نوح

صلى الله عليه وسلم:

قال أبو محمد: وفي التوراة: أنه ولد لنوح سام وحام ويافث بعد خمسمائة سنة من عمره. وأما المختلف عنه الذي قال له يا بني اركب معنا فهو يام ولم أرَ له في التوراة ذكراً، فالناس جميعاً من هؤلاء الثلاثة. قال: حدثني سهل بن محمد، حدثنا الأصمعي عن مسلمة بن علقمة المازني، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لكعب: لأي ابني آدم كان النسل فقال ليس لواحد منهما نسل، أما المقتول فدرج، وأما القاتل فهلك نسله في الطوفان فالناس من بني نوح ونوح من بني شيث وشيث ابن آدم.


وفي التوراة أن نوحاً لما خرج من السفينة غرس كرماً، ثم عصر من خمره فشرب وانتشى، فتعرى في جوف قبته، فأبصر حام أبو كنعان عورة أبيه فأطلع على ذلك أخويه، فأخذ سام ويافث رداء فألقياه على عواتقهما ومشيا على أعقابهما يواريان عورة أبيهما وهما مدبران، فاستيقظ نوح من نشوته وعلم ما فعل به ابنه الأصغر فقال: ملعون أبو كنعان عبد عبيد يكون لأخويه، وقال مبارك سام، ويكثر الله يافث ويحل في مسكن سام ويكون أبو كنعان عبداً لهما. حام بن نوح عليه السلام: قال وهب بن منبه: إن حام بن نوح كان رجلاً أبيض حسن الوجه والصورة، فغير الله عز وجل لونه وألوان ذريته من أجل دعوة أبيه، وإنه انطلق وتبعه ولده فنزلوا على ساحل البحر فكثرهم الله وأنماهم فهم السودان، وكان طعامهم السمك فحددوا أسنانهم حتى تركوها مثل الأبر لأن السمك كان يلصق بها، ونزل بعض ولده المغرب فولد حام كوش بن حام وكنعان بن حام وفوط ابن حام. فأما فوط فسار فنزل أرض الهند والسند، فأهلها من ولده. وأما كوش وكنعان فأجناس السودان النوبة والزنج والقران والزغاوة والحبشة والقبط وبربر من أولادهما.

يافث بن نوح وأما يافث فمن ولده الصقالب وبرجان والأسبان، وكانت منازلهم أرض الروم، ومن ولده الترك والخزر ويأجوج ومأجوج.

سام بن نوح عليه السلام وأما سام بن نوح فسكن وسط الأرض الحرم وما حوله واليمن إلى حضرموت إلى عمان إلى البحرين إلى عالج ويبرين ووبار والدو والدهناء، فمن ولده أرم بن سام وأرفخشد بن سام فمن ولد أرفخشد قحطان بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، وابنه يعرب بن قحطان أول من تكلم بالعربية ونزل أرض اليمن، فهو أبو اليمن كلهم وهو أول من حياة ولده بتحية الملك أنعم صباحاً، وأبيت اللعن.

ومن ولد أرفخشد يقطن بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، ويقطن هو أبو جرهم بن يقطن، وجرهم هو ابن عم يعرب، وكانت جرهم ممن سكن اليمن وتكلم بالعربية، ثم نزلوا بمكة فكانوا بها وقطورا بنو عم لهم، ثم أسكنها الله عز وجل إسماعيل عليه السلام فنكح في جرهم فهم أخوال ولده.

ومن ولد إرم بن سام بن نوح عاد بن عوص بن أرم بن سام بن نوح وكانوا ينزلون الأحقاف من الرمل فأرسل الله إليهم أخاهم هود ومن ولد إرم بن سام بن نوح ثمود بن عابر ويقال ثمود بن جائر بن إرم بن سام بن نوح وهو ابن عم عاد وكانوا ينزلون الحجر فأرسل الله إليهم أخاهم صالحاً عليه السلام.

ومن ولد إرم بن سام بن نوح: طسم وجديس ابنا لاود بن إرم بن سام بن نوح، ونزلوا اليمامة وأخوهما عمليق بن لاود ابن إرم بن سام بن نوح نزل بعضهم بالحرم وبعضهم الشام، فمنهم العماليق أمم تفرقوا في البلاد، ومنهم فراعنة مصر والجبابرة، ومنهم ملوك فارس وأهل خراسان، وأخوهم أميم بن لاود بن إرم بن سام بن نوح نزل أرض فارس، فأجناس الفرس كلهم من ولده.

ومن ولد سام ماش بن رام بن سام بن نوح، نزل بابل فولد نمروذ بن حام سبعة عشر لساناً وفي ولد يافث ستة وثلاثين لساناً ويقال إن النبط من ولد ماش، وهو الذي بنى الصرح ببابل وملك خمسمائة سنة، وفي زمانه فرق الله عز وجل الألسنة فجعل في ولد سام تسعة عشر لساناً، وفي ولد ماش سموا نبطاً لإنباطهم المياه، ويقال أيضاً النبط من ولد شاروغ بن أرعو بن فالغ بن سالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، وإن النمروذ هو أخو شاروغ بن أرعو والأنبياء عليهم السلام كلها عجميها وعربيها، والعرب كلها يمينها ونزاريها من ولد سام بن نوح.

هود

صلى الله عليه وسلم

قال وهب: هو هود بن عبد الله بن رباح بن جاوب بن عاد بن عوص بن أرم بن سام بن نوح. وكان أشبه ولد آدم بآدم عليه السلام خلا يوسف عليه السلام، وكان رجلاً آدم كثير الشعر حسن الوجه. وكانت عاد ثلاث عشرة قبيلة ينزلون الرمل وبلادهم أخصب بلاد الله، وكثرتهم وديارهم بالدو والدهناء وعالج ويبرين ووبار إلى عمان إلى حضرموت إلى اليمن، فلما سخط الله عز وجل عليهم جعلها مفاوز وغيطاناً، فلما أهلك الله قومه لحق هود ومن آمن معه بمكة فلم يزالوا بها حتى ماتوا وكان هود رجلاً تاجراً.

صالح

صلى الله عليه وسلم

 قال وهب: إن الله عز وجل بعث صالحاً عليه السلام إلى قومه حين راهق الحلم، وكان رجلاً أحمر إلى البياض سناط الشعر، وكان يمشي حافياً ولا يتخذ حذاء كما يمشي المسيح، ولا يتخذ مسكناً ولا بيتاً، ولا يزال مع ناقة ربه حيث توجهت، وهو صالح بن عبيد بن عابر بن إرم بن سام بن نوح، وكانت منازل قومه بالحجر، وبين الحجر وبين قرح ثمانية عشر ميلاً، وقرح هي وادي القرى. ولما قال له قومه ائتنا بآية أتى بهم هضبة فلما رأته تمخصت كما تمخض الحامل وانشقت عن الناقة، وعاقر الناقة هو أحمر ثمود الذي يضرب به المثل في الشؤم، واسمه قدار بن سالف، وكان أحمر أشقر أزرق سناطاً قصيراً، والعاقر الآخر مصدع بن مهرج وكان رجلاً نحيفاً طويلاً أهوج مضطرباً، ولما عقرت الناقة صعد فصيلها جبلاً، ثم رغا فأتاهم العذاب.

وقال غير وهب: فلذلك تقول العرب رغا فوقهم سقب السماء إذا هلكوا.

قال وهب: فلما أهلكهم الله قال صالح لمن معه: يا قوم! إن هذه دار قد سخط الله على أهلها، فاظعنوا عنها والحقوا بحرم الله وأمنه فأهلوا من ساعتهم بالحج وأحرموا في العباء وارتحلوا قلائص حمراً مخطمة بحبال من ليف، ثم انطلقوا يلبون حتى وردوا مكة فلم يزالوا بها حتى ماتوا، فقبورهم في غربي الكعبة بين دار الندوة والحجر، وكان صالح عليه السلام رجلاً تاجراً.

قصة إبراهيم

صلى الله عليه وسلم

هو إبراهيم بن تارخ بن ناحور بن أشرع بن أرعو بن فالغ بن عابر بن شالخ ابن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام. هكذا قال وهب.

قال أبو محمد: وقابلت بهذه النسبة ما في التوراة، فوجدتها موافقة إلا أني وجدت مكان أشرغ شاروغ. قال وهب: كان إبراهيم عليه السلام أول من أضاف الضيف وأول من ثرد الثريد وأطعمه المساكين، وهو أول من قص شاربه واستحد واختتن وقلم أظفاره واستاك وفرق شعره وتمضمض واستنثر واستنجى بالماء. قال: وهو أول من شاب وهو ابن مائة وخمسين سنة، وذلك لأن سارة لما ولدت إسحاق قال الكنعانيون: أما تعجبون لهذا الشيخ والعجوز وجدا غلاماً لقيطاً فتبنياه، فصور الله عز وجل إسحاق على صورة إبراهيم، فلم يكن يفصل بينهما فوسم الله إبراهيم بالمشيب.

قال أبو محمد: ووجدت في التوراة أنه ولد لتارخ أبي إبراهيم: إبراهيم وناحور وهارون، فولد لهرون لوط وسارة وملكي، ومات هرون في حياة أبيه تارخ في أرضه التي ولد فيها فنكح إبراهيم سارة ابنة هارون ونكح ابنة هارون ملكي، وكانت سارة عاقراً لم تلد، فساق تارخ في أرض حران، قال وهب أن أول من نبى حران أخوان لإبراهيم يقال لهما هاران وبه سميت حران وناهر وهو أبو رفقا امرأة إسحاق.

قال وهب: بين نوح وإبراهيم ألفا سنة ومائتا سنة وأربعون سنة، والذي حاج إبراهيم في ربه هو نمروذ بن كنعان وهو أول من تجبر وقهر وغصب وسن سنن السوء، وأول من لبس التاج ووضع أمر النجوم ونظر فيه وعمل به، وأهلكه الله ببعوضة دخلت في خياشيمه فعذب بها أربعين سنة ثم مات.

قال وهب: ملك الأرض مؤمنان وكافران، فأما المؤمنان: فسليمان بن داود وذو القرنين عليهما السلام، وأما الكافران: فنمروذ وبختنصر. وسيملكها في هذه الأمة خامس، ولما نجى الله عز وجل إبراهيم من النار خرج من أرض بابل إلى الأرض المقدسة وسارة وابن أخيه لوط، وكان آمن له في رهطه معه من قومه واتبعوه حتى وردوا حران فأقاموا بها زماناً ثم خرجوا إلى الأردن، فدفعوا إلى مدينة فيها جبار من الجبابرة من القبط يقال له صادوف، وهو الذي عرض له في سارة حتى منعها الله عز وجل منه، ومتع سارة بهاجر أم إسماعيل وكانت قبطية.

قال وهب: وخرج ذلك الجبار من تلك المدينة، فورثها الله تبارك وتعالى إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فأثرى بها وأنمى الله ماله فقاسم لوطاً عليه السلام فأعطاه نصفها وأنزل الله على إبراهيم عشرين صحيفة.

قال أبو محمد: وفي التوراة: إن سارة زوجت إبراهيم هاجر، وقالت: إن الله عز وجل قد حرمني الولد فأدخل بأمتي لعلنا نتعزى منها.

وقال وهب: وهبتها له.

وفي التوراة أن هاجر ولدت إسماعيل وإبراهيم ابن ست وثمانين سنة، وولدت سارة إسحاق وإبراهيم ابن مائة سنة، وأن إبراهيم اختتن وهو ابن تسع وتسعين سنة، وختن إسماعيل وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وختن معه من أولاد الغرباء، وأن سارة عاشت مائة وسبعاً وعشرين سنة ثم ماتت في حبرون قرية الجبابرة في أرض كنعان.

قال وهب: وتزوج إبراهيم امرأة من الكنعانيين يقال لها قطوراً، فولدت له أربعة نفر، وتزوج أخرى يقال لها حجوراً فولدت له سبعة نفر، فكان جميع ولد إبراهيم ثلاثة عشر رجلاً، وعاش إبراهيم مائة وخمساً وسبعين سنة.

قال وهب: عاش مائتي سنة وقبر في مزرعة حبرون وكان اشتراها وفيها قبر سارة.

قصة إسماعيل

صلى الله عليه وسلم

وأمر الله إبراهيم بالمسير إلى مكة بإسماعيل وأمه، وأعلمه أنه قد بوأه البيت الحرام، وأنه يقضي على يديه عمارته، وينبط لإسماعيل سقايته، فسار به وبأمه وتركهما هناك، وجاءت رفقة من جرهم فنزلوا شعاب مكة وأعطوا إسماعيل سبع أعنز فكانت أصل ماله، فنشأ إسماعيل مع أولادهم وتعلم الرمي ونطق بلسانهم ثم خطب إليهم فزوجوه امرأة منهم.

قال ابن إسحاق: هي بنت مضاض بن عمرو الجرهمي، فولد لإسماعيل اثنا عشر عظيماً قيدار ونبت. والنساب يختلفون في نسب معد بن عدنان فبعضهم يقول: هو من ولد قيدار، وبعضهم يقول هو من ولد نبت. وكانت نبت بكر إسماعيل وهو ولي البيت بعده، ثم وليه نبت بعد مضاض بن عمرو والجرهمي، جد نبت لأمه، فلما كثر ولد إسماعيل صلى الله عليه وسلم ضاقت عليهم مكة فانتشروا في البلاد، فكانوا لا يدخلون بلداً إلا أظهرهم الله على أهلها، وهم نفوا العماليق. وعاش إسماعيل مائة وسبعاً وثلاثين سنة ودفن في الحجر وفيه دفنت أمه هاجر.

قصة إسحاق بن إبراهيم

صلى الله عليهم وسلم

قال: وإسحاق هو الذبيح على ذلك أكثر أهل العلم ووجدته في التوراة الذبيح.

قال: حدثني محمد بن خالد، قال: حدثنا مسلم بن قتيبة، قال: حدثنا مبارك، قال: حدثنا الحسن بن الأحنف عن العباس بن عبد المطلب، قال: الذبيح إسحاق. قال: حدثنا أبو الخطاب، قال: حدثنا أبو داود عن شعبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله، قال: الذبيح إسحاق. قال: حدثني أبو الخطاب، قال: حدثنا أبو داود عن يزيد بن عطاء عن سماك بن حرب عن محمد ابن المنتشر عن مسروق، قال: الذبيح إسحاق.

وروى عمرو بن حماد عن السباط عن السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قصة إبراهيم بطولها وتمامها: إن الذبيح إسحاق.

وروى عبد الله بن المبارك عن يونس عن الزهري وعن عمرو بن أبي سفيان، قال: سمعت كعباً يحدث أبا هريرة، قال: إن الذبيح إسحاق، وقال: ويقول قوم: إن الذبيح إسماعيل. قال: حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، قال: حدثني يحيى بن اليمان عن إسرائيل عن ثوير عن مجاهد عن ابن عمر، قال: الذبيح إسماعيل. قال: حدثني محمد بن عبيد، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم عن الحجاج عن الفرزدق الشاعر، قال: سمعت أبا هريرة على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الذبيح إسماعيل.

قال أبو محمد: وفي التوراة مكتوب أن إسحاق تزوج رفقا بنت ناحور بن تارخ وهي بنت عمه.

قال وهب: هي رفقا بنت ناهر بن آزر بنت عمه فولدت له عيصو ويعقوف توأمين في بطن واحد، خرج عيصو ثم خرج بعد يعقوف ويده عالقة بعقبه فسمي يعقوب. وعاش إسحاق مائة وثمانين سنة، ولما مات قبره ابناه في المزرعة التي اشتراها إبراهيم عند قبر إبراهيم صلى الله عليه وسلم.

قصة عيصو بن إسحاق

قال: وكان عيصو بن إسحاق أحمر أشعر الجلد كأن عليه خواتيم من شعر، صاحب صيد، وهو أبو الروم، وكان الروم رجلاً أصفر في بياض شديد الصفرة، ومن أجل ذلك سميت الروم بني الأصفر. وتزوج عيصو بنت عمه إسماعيل بن إبراهيم فولدت له الروم بن عيصو وخمسة آخرين، فكل من بأرض الروم اليوم فهم من نسل هؤلاء الرهط، وبعض الناس يزعمون أن الا....ن من ولده. وعمر عيصو مائة وسبعاً وأربعين سنة وكذلك عمر يعقوب ودفنا في المزرعة عند قبر إبراهيم عليهم السلام.

قصة يعقوب بن إسحاق

بن إبراهيم عليه السلام

قال: ويعقوب هو إسرائيل الذي ولد الأسباط كلهم وكان رجلاً أزعر نحيفاً رزيناً لا يكاد يبرح القبة، وكذلك قيل في التوراة: وكان إسحاق أمره أن لا ينكح امرأة من الكنعانين وأن ينكح امرأة من بنات خاله لابان ابن ناهر بن آزر، وكان مسكنه الفدان، فتوجه إليه يعقوب فأدركه الليل في بعض الطريق فبات متوسداً حجراً فرأى فيما يرى النائم أن سلماً منصوباً إلى باب من أبواب السماء عند رأسه والملائكة تنزل منه وتعرج فيه، وأوحى الله عز وجل إليه: إني أنا الله لا إله إلا أنا إلهك وإله آبائك، وقد ورثتك هذه الأرض المقدسة وذريتك من بعدك وباركت فيك وفيهم، وجعلت فيكم الكتاب والحكمة والنبوة، ثم أنا معك وأحفظك حتى أردك إلى هذا المكان وأجعله بيتاً تعبدني فيه وذريتك فهو بيت المقدس.

فصار إلى خاله فخطب إليه ابنته راحيل وكانت له ابنتان لايا وهي الكبرى وراحيل وهي الصغرى. فقال: ألك مال أزوجك عليه؟ قال يعقوب: لا، إلا أني أخدمك أجيراً حتى تستوفي صداق ابنتك. قال: صداقها أن تخدمني سبع حجج.

قال يعقوب: تزوجني راحيل وهو شرطي ولها أخدمك. قال له خاله ذلك بيني وبينك. فرعى له يعقوب سبع سنين، فلما وفاه شرطه دفع إليه ابنته الكبرى لايا وأدخلها عليه ليلاً، فلما أصبح وجد غير ما شرط فجاءه وهو في نادي قومه، فقال غررتني وخدعتني واستحللت عملي سبع سنين ودلست علي غير امرأتي. فقال له خاله: يا بن أختي أردت أن تدخل على خالك العار والسبة وهو خالك ووالدك، ومتى رأيت الناس يزوجون الصغرى قبل الكبرى! فهلم فاخدمني سبع حجج أخرى وأزوجك أختها.

وكان الناس يجمعون بين الأختين - إلى أن بعث الله موسى وأنزل عليه التوراة - فرعى له سبع سنين فدفع إليه راحيل، فولدت له لايا أربعة من الأسباط روبيل ويهوذا وسمعان ولاوى، وولدت له راحيل يوسف وأخاه بنيامين وأخوات لهما، وكان لابان دفع إلى ابنتيه حين جهزهما إلى يعقوب أمتين فوهبتا الأمتين ليعقوب، فولدت كل واحدة منهما ثلاثة رهط من الأسباط، ثم فارق يعقوب خاله وعاد حتى نازل أخاه عيصو وعاش يعقوب في أرض مصر سبع عشرة سنة وكان عمره مائة وسبعاً وأربعين سنة، ودفن عند قبر إبراهيم عليهما السلام.

يوسف بن يعقوب

عليهما السلام: وكان بين دخول يوسف مصر إلى أن دخلها موسى بن عمران أربعمائة عام وعاش يوسف عليه السلام بعد موت أبيه ثلاثاً وعشرين سنة.

وفي التوراة: إنه عاش مائة وعشر سنين، وولد ليوسف ابنان أفرائم وهو جد يوشع بن نون بن أفرائم والآخر منشا فولد منشا ابناً يقال له موسى، فنبئ قبل موسى بن عمران، ويزعم أهل التوراة أنه هو الذي طلب للخضر شعيباً وبلعم والخضر عليهم السلام. ذكر وهب أن شعيباً وبلعم كانا من ولد رهط، آمنوا لإبراهيم صلى الله عليه وسلم يوم أحرق وهاجروا معه إلى الشام فزوجهم بنات لوط فكل نبي كان قبل بني إسرائيل، وبعد إبراهيم من أولئك الرهط، وجدة شعيب هي بنت لوط.

قال وهب: ولم تكن مدين قبيلة شعيب، ولكنها أمة أمة بعث إليهم، ولما أصاب قوم شعيب ما أصابهم لحق شعيب والذين آمنوا معه بمكة فلم يزالوا بها حتى ماتوا.

قال: واسم الخضر بليا بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد ابن سام بن نوح وكان أبوه ملكاً.

قصة أيوب

عليه السلام

قال وهب: هو أيوب بن صوص بن رعويل وكان أبوه ممن آمن لإبراهيم يوم أحرق، وكان أيوب في زمن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، وكان صهره وكانت تحته بنت ليعقوب يقال لها اليا وهي التي ضربها بالضغث، وكانت أم أيوب بنت لوط صلى الله عليه وسلم وكانت لها البتنية وهي مدينة بالشام.

قصة موسى وهارون

عليهما السلام

قال وهب: هو عيسى بن عمران بن قاهث بن لاوى بن يعقوب ابن إسحاق بن إبراهيم، ولم يكن بين آل يعقوب وأيوب نبي حتى كان موسى، وكان موسى عليه السلام جعداً آدم طوالا كأنه من رجال شنوءة، وكان هارون عليه السلام أطول من موسى وأكثر لحماً وأبيض جسماً وأغلظ ألواحاً وأسن من موسى بثلاث سنين، وكانت في جبهة هارون عليه السلام شامة وفي أرنبة أنف موسى شامة وعلى طرف لسانه شامة، ولا يعرف أحد قبله ولا بعده كانت على طرف لسانه شامة وهي العقدة التي ذكرها الله عز وجل، وكانت أختهما مريم أسنّ منهما، وكانت تحب كالب بن يوفنا بن فارض بن يهوذا بن يعقوب، واسم أم موسى أبا حثة.

وفي التوراة: اسمها يوخابث بنت لاوى بن يعقوب. قال: وفرعون موسى هو فرعون يوسف، عمره أكثر من أربعمائة سنة واسمه الوليد بن مصعب، وغيره ينكر هذا ويزعم أن ذلك غيره، واسم امرأة فرعون آسية بنت مزاحم، وقارون هو ابن صاقر بن قاهث بن لاوى ابن عم موسى بن عمران عليه السلام، والسامري هو موسى بن ظفر ويقال إنه من أهل باجرمى، وكان من بني إسرائيل من بني عم موسى. قال: وقبض هارون وهو ابن مائة وسبع عشرة سنة وعمر موسى من بعده ثلاث سنين ومات وهو في سنة يوم مات، وخلفه يوشع بن نون، وهو يوشع بن نون بن أفرائم بن يوسف بن يعقوب عليهم السلام.

أشماويل بن هلقانا

عليه السلام

وهو إسماعيل بالعربية، واسم أمه حنة، وهو من بني إسرائيل ولم يكن بينه وبين يوشع بن نون نبي، وهو الذي ذكره الله جل ذكره في القرآن حين قال: "وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكاً" البقرة: 247

قصة طالوت

عليه السلام

قال وهب: هو من سبط بنيامين بن يعقوب، وكان مسكيناً راعي حمير، وخرج من قريته يطلب حمارين له فنزل بأشماويل فأعلمهم أنه ملكهم وأنه من سبط بنيامين، فقالوا: قد علمت أنه لم يكن من هذا السبط ملك ولا فيه نبوة، فقال لهم أشماويل: أعلم أنتم لذلك أم الله؟ ألم تعلموا أن الله عز وجل حين بعثه عليكم قد عرف نسبه.

قصة داود وسليمان وولده

صلى الله على داود وسليمان

قال وهب: ثم استخلف الله عز وجل بعد أشماويل داود بن إيشا وكان سابع سبعة إخوة له وهو أصغرهم، وكان يرعى على أبيه وكان فيه قصر وزرق وقرع في ناحية من رأسه، وكان تزوج بنت طالوت، وكان شرط ذلك على طالوت إن قتل جالوت، فولدت له أبشالوم وهو بكره وهو الذي خرج على أبيه وأراد نزعه من الملك، ثم تزوج امرأة أوريا بعد أن قتل، فولدت له سليمان بن داود، ولم يزل الملك والنبوة بعد سليمان في ولده وأولادهم إلى الأعرج من ولد ولده وكان عرجه من عرق النساء فطمعت الملوك في بيت المقدس لزمانته وضعفه وأنه لم يكن نبياً فسار إليه ملك الجزيرة وكان يقال له لنقر ويسكن برية الثرثار وهي برية سنجار في مدينة يقال لها الحضر مبنية بالحجارة، وكان لنقر يعبد الزهرة فنذر لئن ظفرت ببيت المقدس ليذبحن ابنه للزهرة، وكان بختنصر يومئذ كاتبه، فأرسل الله عز وجل ريحاً فأهلكت جيشه وأفلت هو وكاتبه حتى ورد الحضر فقتله ابنه وغضب له بختنصر فاغتره حتى قتله وملك بعده، فكان ذلك أول ملك بختنصر. وسار إليهم ملك الهند فأهلكه الله وانقرض ولد سليمان ونظراؤهم، وسار سنجاريب ملك الموصل وكان يسكن نيبوى وملك آذربيجان إليهم وكان اسمه سلما عاشر وهو بالعربية سليمان الأعشر فاختلفا ووقع الحرب بينهما حتى تفاؤوا، وغنم بنو إسرائيل ما كان معهما، وسار إليهم ملك الروم ومعه الأسبان والصقالب وملك الأندلس، وتشاجروا أيضاً واقتتلوا فأهلك الله بعضهم ببعض ثم أحدثوا وغيروا فرغب بعضهم عن بيت المقدس وضارعه بمسجد ضرار فزلزل بهم ذلك المسجد وشدخوا بخشبة، ثم غزاهم بعد ذلك بختنصر فرغبوا إلى الله عز وجل وتابوا، فرده الله عنهم بعد أن فتحوا المدينة وجالوا في أسواقها، فهذه المرة الأولى التي ذكرها الله عز وجل فقال: "فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً، ثم رددنا لكم الكرة عليهم" الإسراء:5،6 ثم أحدثوا بعد ذلك أيضاً، فبعث الله أرمياء النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرهم بغضب الله عليهم فقام فيهم بوحي الله فضربوه وقيدوه وسجنوه فابتعث الله عليهم عند ذلك بختنصر وهي الكرة الآخرة التي ذكرها الله عز وجل فقال: "فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيراً" الإسراء:7 فقتل منهم وصلب وأحرق وجدع وباع ذراريهم ونساءهم ومثل بهم كل مثلة، وسارت طائفة منهم إلى مصر ولجأوا إلى ملكها، فسار بختنصر إلى ملك مصر فاقتتلوا فظفر به بختنصر فأسره وأسر بني إسرائيل وقتل جنوده، ولحق بأرض بابل وأقام أرميا بأرض مصر واتخذ جنينة يزرع فيها بقلاً يعيش منه، فأوحى الله عز وجل إليه أن لك هماً وشغلاً من الزرع والمقام بأرض الكفر، وكيف تسعك أرض أو تحملك مع ما تعلم من سخطي على بني إسرائيل، فليحزنك هذا القضاء الذي قضيته على ايليا وأهلها وأنه ليس زمن العمران ولكنه زمن الخراب فاعمد إلى جنينتك هذه فاهدم جدرها وانتف بقلها وغوّر نهرها والحق بايليا فلتكن بلادك حتى يبلغ كتابي أجله. فخرج أرميا مذعوراً خائفاً وذلك في زمن الثمار فركب أتاناً له وتزود سلة فيها عنب وتين واتخذ سقاء جديداً فملأه ماء، وفتل حبلاً جديداً فرسن به أتانه، ثم انطلق حتى إذا رفع له شخص بيت المقدس رأى خراباً عظيماً لا يوصف فقال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام. ثم ابتعث ملكاً من ملوك فارس يقال له كورش فعمرها وأحياه الله وقيل له انظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه.

عزير ودانيال عليهما السلام: قال: وكان في الأسارى الذين في يد بختنصر دانيال وعزير، فأما دانيال فهو الذي عبر رؤياه فنزل منه بأفضل المنازل وكان قبره بناحية السوس ووجده أبو موسى الأشعري فأخرجه وكفنه وصلى عليه ثم قبره.

وأما عزير فأقام لبني إسرائيل التوراة بعد أن أحرقت يعرفونها حين عاد إلى الشام فقالت طائفة من اليهود هو ابن الله وهو الذي أكثر المناجاة في القدر فمحا الله اسمه من الأنبياء فلا يذكر فيهم وهو رسول.

شعيا النبي عليه السلام:  قال: ومكثت بنو إسرائيل يطيعون الله زماناً وابتعث الله شعيا بن أموص نبياً، ثم كثرت فيهم الأحداث والبدع، فابتعث الله سنجاريب ملك بابل، فأقبل إليهم حتى نزل بساحتهم فتابوا إلى الله وأنابوا فقبل الله عز وجل منهم، وسلط على عدوهم الطاعون، فأصبحوا موتى وغنمهم عسكرهم بجميع ما فيه ولم يفلت منهم إلا سنجاريب ملكهم وخمسة نفر معه. ثم أحدثوا بعد ذلك أحداثاً ونبذوا كتاب الله وتنافسوا الملك فأمر الله عز وجل شعيا أن يقوم فيهم مقاماً بوحيه، فلما فعله قتلوه، فسلط الله عز وجل عليه عدوهم فشرد بهم وأفناهم، فضربت عليهم الذلة والمسكنة ونزع منهم الملك والنبوة، فليسوا في أمة من الأمم إلا وعليهم ذل وصغار إلى يوم القيامة. وشعيا هو الذي بشر بالنبي صلى الله عليه وسلم ووصفه وبشر بعيسى عليه السلام.

قصة حزقيل

النبي عليه السلام:

هو حزقيل بن بوذى وهو الذي أصاب قومه الطاعون فخرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فأماتهم الله ثم أحياهم.

قصة إلياس

عليه السلام

وهو من سبط يوشع بن نون بعثه الله في أهل بعلبك وكانوا يعبدون صنماً يقال له بعل وملكهم اسمه أحب وامرأته إزبيل وكان يستخلفها على ملكه إذ غاب فتحكم بين الناس، وكانت قتالة الأنبياء قد قتلت منهم بشراً، وهي بنت ملك صيدا وعمرت عمراً طويلاً وتزوجها سبعة من ملوك بني إسرائيل وما ملك إلا وتقتله، وهي التي قتلت يحيى بن زكريا. وقال الله عز وجل لإلياس سلني أعطك! فقال: ترفعني إليك وتؤخر عني مذاقة الموت، فرفعه الله إليه بعد أن كساه الريش وجعله أرضياً سمائياً ملكياً يطير مع الملائكة صلى الله عليهم.

قصة اليسع

عليه السلام

وكان اليسع تلميذ إلياس فدعا له إلياس فنبأه الله عز وجل بعده وأيده بمثل روح إلياس وبعث الله تبارك وتعالى من بعد إلياس يونس بن متى عليه السلام إلى أهل نينوى.

قصة زكريا

عليه السلام

قال وهو زكريا بن أزم وكان زكريا بن أزن وعمران بن ماتان بن يعاقيم من ولد داود النبي عليه السلام من سبط يهوذا بن يعقوب، وكانا في زمان واحد، فتزوج زكريا إيساع ابنة عمران،اختا لمريم ابنة عمران واسم أم مريم حنة وكان يحيى وعيسى ابني خالة. وكان زكريا نجاراً، وأشاعت اليهود أنه ركب من مريم الفاحشة وقتلوه في جرف شجرة قطعوها وقطعوه معها.

قصة عيسى

عليه السلام

قال: فأما يحيى فإن أحب قتله بحيلة امرأته أزبيل في قتله، وأما عيسى فإن أمه لما ولدته هربت به من أحب صاحب ازبيل إلى مصر، وحمله وأمه إلى هناك يوسف النجار، وكان يوسف النجار هذا خطب مريم وتزوجها فيما يذكر في الإنجيل فلما صارت إليه وجدها حبلى قبل أن يباشرها وكان رجلاً صالحاً فكره أن يفشي عليها وائتمر أن يسرحها خفية فتراءى له ملك في النوم فقال يا يوسف بن داود إن امرأتك مريم سوف تلد ابناً يسمى عيسى وهو ينجي أمته من خطاياهم، وفي الإنجيل إن الملك الذي خافته مريم على عيسى هرادس وكان عيسى ولد في بيت لحم يهوذا وهو بيت بالشام، فلما مات هرادس رأى يوسف في النوم أن يذهب به وبأمه إلى أرض الخليل وهو موضع بالشام، فانطلق فسكن في قرية تدعى ناصرة فلذلك قيل نصارى.

قصة أصحاب الكهف

قال وهم فتية من الروم دخلوا الكهف قبل المسيح فضرب الله على آذانهم فيه، فلما بعث المسيح عليه السلام أخبر بخبرهم. ثم بعثهم الله بعد المسيح في الفترة بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم.

قصة ذي القرنين

ولم يكن نبياً

قال وهو رجل من الإسكندرية اسمه اسكندروس ودخوله في الظلمة غير صحيح. كذا قال ابن كثير وكان حلم حلماً فرأى أنه دنا من الشمس حتى أخذ بقرنيها في شرقها وغربها فقص رؤياه على قومه فسموه ذا القرنين وكان في الفترة بعد عيسى عليه السلام.

قصة جرجيس

عليه السلام

قال وجرجيس من أهل فلسطين وكان قد أدرك بعض الحواريين فبعث إلى ملك الموصل وهو بعد المسيح.

قصة لقمان

ولم يكن نبياً قال: وكان لقمان عبداً حبشياً لرجل من بني إسرائيل فأعتقه وأعطاه مالاً فكان في زمن داود النبي عليه السلام واسم ابنه ثاران ولم يكن نبياً في قول أكثر الناس وروى يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: كان لقمان النبي خياطاً. قال وهب: قرأت في حكمته نحواً من عشرة آلاف باب ولم يسمع الناس كلاماً أحسن منه: ثم نظرت فرأيت الناس قد أدخلوه في كلامهم واستعانوا به في خطبهم ورسائلهم ووصلوا به بلاغاتهم.

قصة ذي الكفل

عليه السلام

قال: وأما ذو الكفل فلم أجد له فيما نقله وهب ذكراً. وقال غيره هو من بني إسرائيل بعث إلى ملك كان فيهم يقال له كنعان، فدعاه إلى الإيمان وكفل له الجنة. وكتب له كتاباً ذكر حق على الله فآمن ذلك الملك فسمي ذا الكفل بالكفالة.

عدد الأنبياء والرسل

منهم صلى الله عليهم

قال: وذكر وهب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أول المرسلين آدم وآخرهم محمد صلى الله عليهما، وكانت الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرين ألف نبي، الرسل منهم ثلاثمائة نبي وخمسة عشر نبياً، منهم سريانيون خمسة وهم آدم وشيث وإدريس ونوح وإبراهيم صلى الله عليهم، وخمسة من العرب هود وصالح وإسماعيل وشعيب ومحمد صلوات الله عليهم، وأول أنبياء بني إسرائيل موسى وآخرهم عيسى صلى الله عليهما.

الكتب

قال: والكتب التي أنزلت على الأنبياء مائة كتاب وأربعة، كتب على شيث خمسون صحيفة، وعلى إدريس ثلاثون صحيفة، وعلى إبراهيم عشرون صحيفة وعلى موسى التوراة، وعلى داود الزبور، وعلى عيسى الإنجيل، وعلى محمد صلى الله عليه وسلم الفرقان.

التاريخ

قال: وعاش آدم صلى الله عليه وسلم ألف سنة، وفي التوراة ألف سنة إلا سبعين سنة، وكان بين آدم والطوفان ألفا سنة واثنتان وأربعون سنة، وبين الطوفان وبين موت نوح ثلاثمائة وخمسون سنة، وبين نوح وإبراهيم ألفا سنة ومائتا سنة وأربعون سنة، وبين إبراهيم وموسى سبعمائة عام، وبين موسى وداود خمسمائة عام، وبين داود وعيسى ألف ومائتا عام، وبين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم ستمائة عام، وعشرون عاماً، فهذا تاريخ على رواية وهب ابن منبه، قال: وكان بين نوح وآدم عشرة آباء. وقال عكرمة: كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام.

قال أبو محمد: وقرأت في الإنجيل أن عدد القرون من إبراهيم إلى داود أربعة عشر قرناً، ومن داود إلى جالية بابل أربعة عشر قرناً، ومن جالية بابل إلى المسيح أربعة عشر قرناً.

قال أبو محمد: ووجدت في كتب سير العجم أن بين الأسكندروس وبين أردشير مدة ملوك الطائف وهي أربعمائة وخمس وستون سنة، ثم ملك أردشير ومن بعده من ملوكهم إلى يزدجرد المقتول في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكانت مدتهم أربعمائة سنة ونيفاً وثلاثين سنة، وكان بين الأسكندروس وبين نبينا صلى الله عليه وسلم نحو من تسعمائة سنة والأسكندروس بعد المسيح فيما ذكر وهب وفي هذا مخالفة لقوله أن بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما ستمائة سنة وعشرين عاماً، وغيره يذكر أن الإسكندر قبل المسيح، والخبر في الإنجيل عن جالية بابل أنها كانت بعد داود بأربعة عشر قرناً وقبل المسيح بأربعة عشر قرناً، والنساب يذكرون أنها كانت قبل إبراهيم وفي هذا من الاختلاف والتفاوت ما قد ترى والله أعلم.